حــالات الاعفــاء مــن العقــوبة
 
تنص المادة (88 مكرراً "هـ") من قانون العقوبات على أنه " تقضى المحكمة بالاعفاء من العقوبة لمن بادر من الجناة بإبلاغ السلطات المختصة بالجريمة قبل البدء فى تنفيذها وقبل علم السلطات بها، وذلك من العقوبات الأصلية والتبعية المقررة لها .
ويجوز للمحكمة أن تقضى بهذا الإعفاء إذا حصل الإبلاغ بعد تنفيذ الجريمة وعلم السلطات بها إذا مكن الجانى السلطات من القبض على باقى الجناة ، أو على مرتكبى جريمة إرهاب أخرى" .
•        الحكمة من النص :
الحكمة من وضع هذا النص هي تشجيع مرتكبي هذه الجرائم على التراجع عن غيهم وإبلاغ أمرها إلى السلطات العامة رغبة في التوصل لمعاقبة فاعليها ومكافحة لهذا النوع من الجرائم لأن في ذلك مصلحة محققة للدولة ولأن تبليغ المتهم يدل على توبته وعلى نزعته الطيبة ويلاحظ أن هذا السبب يعتبر عذرا معفيا من العقاب وليس سببا لامتناع المسئولية .
•        نوعا الإعفاء :
والإعفاء من العقاب هنا على نوعين أو لهما يكون فيها الإعفاء وجوبيا وثانيهما يكون فيها الإعفاء جوازيا للمحكمة .
1 – الإعفاء الوجوبي :
عملا بنص الفقرة الأولى من المادة 88 مكررا (هـ) فإنه يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المشار إليها في هذا القسم كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطة المختصة بالجريمة قبل البدء فى تنفيذها وقبل علم السلطات بها، وذلك من العقوبات الأصلية والتبعية المقررة لها .
وتفترض هذه الحالة أن الجاني قد أبلغ عن الجريمة قبل أن تكتشف فيكون للإبلاغ عنها فضل كشفها للسلطات . ويلاحظ هنا أن حكمة الإعفاء من سياق النص تفيد أن الجريمة قد ساهم فيها عدد من الجناة سواء فاعلين أو شركاء فجاء الإبلاغ عن الجريمة ابتداء من أحدهم بحيث فتح ذلك الطريق أمام السلطات لملاحقة باقي الجناة ويستوي في نظر المشرع الباعث الذي دفع الجاني إلى المبادرة إلى الإبلاغ فقد يكون الخوف من العقاب أو يقظة الضمير أو الرغبة من الانتقام من باقي المساهمين .
ويجب أن يكون افبلاغ للجهة المختصة فيقع العقاب إذا الإبلاغ لجهة غير مختصة فقد يكون الابلاغ مثلا للوحدة المحلية وهى جهة غير مختصة ومن ثم يقع العقاب .
2 – الإعفاء الجوازي :
يكون الإعفاء جوازيا للمحكمة بصفة عامة إذا كان قد تم تنفيذ الجريمة وذلك في إحدى حالتين هما :
الحالة الأولى : إذا حصل البلاغ بعد تنفيذ الجريمة وعلم السلطات بها .
الحالة الثانية : إذا مكن الجاني السلطات القبض على مرتكبي باقي الجناة أو مرتكبي جريمة إرهابية أخرى .
ويلاحظ هنا أنه لا يجوز الإعفاء من العقوبة إلا إذا كان تبليغ الجاني هو السبب في القبض على الجناة .
كما يشترط أن يكون التبليغ عن الجناة الآخرين وعن الجريمة التي وقعت مستكملا عناصره من جهة بيان نوع الجريمة وزمان ومكان ارتكابها وأسماء مرتكبيها وعناوينهم وما يعرفه المتهم عنهم لكي يأتي التبليغ بالنتيجة المرجوة منه أو بالهدف منه ومن ثم يخرج عن نطاق الإعفاء التبليغ المبهم أو الغامض وتقدير مدى جدية الإبلاغ واتساقه مع نص المادة 88 مكررا (هـ) وكذا مدى أحقية المبلغ في استفادته من السبب المعفى من العقاب المنصوص عليه بالمادة سالفة الذكر يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع تستخلصه من جماع أوراق الدعوى ومستنداتها .
ويخرج عن الإعفاء من باب أولى إذا كان الابلاغ لسلطة غير مختصة أو غير معترف بها من الدولة .
والإعفاء الجوازي يكون للمحكمة أيضا إذا مكن إبلاغ الجاني في التحقيق السلطات من القبض على مرتكبي جريمة أخرى . ومن ثم فإن المعيار هنا ليس قدر العقوبة وإنما هو محدد بالنص على جريمة إرهاب أخرى .