الطعن رقم 3966 لسنة 56 بتاريخ 18/12/1986
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين بأنهم: المتهم الأول (الطاعن) أولاً: بصفته موظفا عمومياً (أمين مخازن ............ بدمياط) اختلس كميات الأسمنت المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 4621 جنيه و400 مليم المملوكة لبنك ......... فرع ....... والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وسلمت إليه بهذه الصفة. ثانياً: بصفته سالفة الذكر سهل لمتهم آخر الاستيلاء بغير حق على 400 طن أسمنت مخلوط والبالغ قيمتها 2222 جنيهاً والمملوكة لبنك ناصر الاجتماعي فرع دمياط بأن سلمه كميات الأسمنت المذكورة دون توريد قيمتها للبنك سالف الذكر. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا ... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/2-3، 41، 112/أ، 113/1، 118 مكرراً، 119/د، 119 مكرراً هـ من قانون العقوبات مع تطبيق المواد 32/2، 17، 55/1، 56/1 من ذات القانون بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ 4621 جنيه و400 مليم وبعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الاختلاس وأخذه بحكم المادة 112 من قانون العقوبات قد شابه القصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد ذلك بأنه رد على دفاع الطاعن القائم على انطباق المادة 116 من قانون العقوبات على الواقعة بما لا يصلح ردا, كما لم يعمل في حقه الإعفاء المقرر بالمادة 118 من القانون المذكور على الرغم من توافر موجبه, ودانه عن التهمة الثانية - تسهيل الاستيلاء - رغم عدم توافر القصد الجنائي لدى المتهم الثالث....................بدلالة استلامه كمية الأسمنت المقال باختلاسه لها بموجب إيصال مؤقت وفقا للنظام المتبع وسداده الثمن كاملا مما ينفي عنه نية التملك, وأخيرا فقد أورد الحكم في مدوناته أن الأسمنت المختلس مملوك لبنك ناصر الاجتماعي حال كونه مملوكا للجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم مما نصت عليهم المادة 119 من ذات القانون يختلس ما لا تحت يده متى كان قد وجد في حيازته بسبب وظيفته، ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية على اعتبار أنه مملوك له, فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان. وهذه الصورة من الاختلاس هي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة - أما الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 من قانون العقوبات فيقوم ركنها المادي على مجرد الإخلال العمدي من الموظف العام بنظام توزيع السلع كما حددته الجهة المختصة بأن ينتهج أسلوبا معينا خلافا لنظام توزيع السلع فيحرم طائفة من الناس من بعض السلع أو يعلق التوزيع بوجه عام أو بالنسبة لبعض الأشخاص على شروط معينة مخالفة للنظام. لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه أثبت في تدليل سائغ أن الطاعن وهو أمين مخازن الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بمحافظة دمياط قد قام في الفترة من أول يناير سنة 1984 حتى 31 ديسمبر سنة 1984 باختلاس كميات من الأسمنت الذي كان في عهدته بسبب وظيفته بلغت قيمتها 4621.400 جنيه بأن قام ببيعها والاحتفاظ بقيمتها لنفسه وهو ما يتحقق به جناية الاختلاس بكافة أركانها القانونية فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان البين من استقراء نص المادة 118 مكررا "ب" أن الشارع قصر حق التمتع بالإعفاء من العقوبات المقررة لجرائم اختلاس المال العام على الشركاء في الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها متى تحققت موجباته فلا يستفيد منه الفاعل الأصلي أو الشريك بالتحريض, وكان مؤدى ما ساقه الحكم في بيان واقعة الدعوى يصدق به اعتبار الطاعن فاعلا أصليا في جريمة الاختلاس التي دين بها فإنه لا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك, وكان لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حقه مقارفته جريمة تسهيل استيلاء المتهم الثالث على كمية الأسمنت البالغ قيمتها 2222 جنيه بغير حق ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها الحكم في حقه. لما كان ذلك, وكان خطأ الحكم في تحديد شخص المالك للأسمنت المختلس وبفرض إنه ليس بنك ناصر الاجتماعي وإنما الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير لا ينال من سلامته إذ لم يكن له أثر في عقيدة المحكمة أو النتيجة التي انتهى إليها الحكم. ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا يكون لها وجه - لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا