الطعن رقم 3813 لسنة 56 بتاريخ 10/11/1986
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم الطاعن الأول:- بصفته موظفاً عاما "كاتب بقسم المنافستو ..... بمصلحة الجمارك بالإسكندرية: أضر عمداً بأموال الجهة التي يعمل بها وبأموال مصلحة الضرائب التي يتصل بها بحكم عمله بأن أثبت على خلاف الحقيقة - قرين بعض سندات الشحن "البوالص" المدرجة بقوائم الشحن المنافستات والخاصة بالسفن التي وصلت إلى ميناء الإسكندرية والمحملة برسائل أخشاب لحساب متهم آخر ما يفيد سداد الأخير للضرائب الجمركية المستحقة عليها ولم يبلغ المختصين بمصلحة الجمارك عن الرسائل الأخرى التي لم يسدد عنها المتهم المذكور أي ضرائب رغم اختصاصه بذلك فمكنه من التهرب من أداء الضرائب الجمركية البالغ قدرها 1759141 جنيه و930 مليم، 1552786 جنيه و780 مليم رسوم جمركية + 206355 جنيه و160 مليم ضرائب الأرباح التجارية "مليون سبعمائة وتسع وخمسين ألفا ومائة وواحد وأربعين جنيهاً وتسعمائة وثلاثين مليماً" على النحو المبين بالأوراق مما ترتب عليه ضرر جسيم أصاب الجهتين المذكورتين. ثانياً: بصفته سالفة الذكر ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محررات اكتسبت الصفة الرسمية - بتوقيع موظف الجمارك المختص عليها هي قوائم الشحن لرسائل الأخشاب الخاصة بالمتهم الرابع بأن أثبت على خلاف الحقيقة ما يفيد سداد الأخير للضرائب الجمركية المستحقة عليها ودون قرينها أرقاماً لقسائم سداد وشهادات إجراءات وهمية وغير خاصة بها فمكنه بذلك من التهرب من أداء الضرائب الجمركية على تلك الرسائل وأضر عمداً بأموال الجهتين المبينتين بوصف التهمة الأولى على النحو السالف الذكر. ثالثا: استعمل المحررات الرسمية المزورة سالفة الذكر بأن قدمها إلى قسم الحفظ والدفتر خانه بجمرك المحمودية مع علمه بتزويرها. الطاعن الثاني وآخرون:- (أولاً): اشتركوا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في ارتكاب جرائم الإضرار العمدي والتزوير والاستعمال موضوع التهمة الأولى والثانية والثالثة - المسندة إلى المتهم المذكور بأن حرضوه واتفقوا معه على ارتكابها وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات المتعلقة برسائل الأخشاب الخاصة بمتهم آخر فتمت الجرائم - على النحو المبين بوصف التهم سالفة الذكر - بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. (ثانياً):- اشتركوا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخرين من موظفي مصلحة الجمارك المتواجدين على الباب المخصص لخروج الأخشاب من الدائرة الجمركية على ارتكاب جريمة الإضرار العمدي المسندة للمتهم المذكور بأن حرضوه واتفقوا معه على ارتكابها وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات المتعلقة برسائل الأخشاب الخاصة بآخر على النحو المبين بوصف التهمة المسندة لمتهم آخر كما اتفقوا مع المتهمين المجهولين على تسهيل خروج كميات الأخشاب سالفة البيان دون سداد الضرائب الجمركية المستحقة عليها بأن اتفقوا معهم على ذلك وساعدوهم بأن أرشدوهم إلى السيارات التي قاموا بتحميلها كميات الأخشاب المهربة مع الكميات الأخرى المسدد عنها الضرائب الجمركية المستحقة ليسمحوا لها بالخروج من الدائرة الجمركية فأغفلوا عمداً ضبطها وتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. الطاعنان معا وآخرون:- اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر في تهريب البضائع الأجنبية سالفة البيان بأن اتفقوا معه على ذلك وساعدوه فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمرها. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للمتهم الرابع وحضوريا لباقي المتهمين عملا بالمواد 40/1، 2، 3، 41، 115، 116/1 مكرراً، 118، 118 مكرراً، 119/أ، 119/أ،هـ مكرراً، 211، 214 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 5، 121، 124/1 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وبعزل ...... من وظيفته وبإلزامهم متضامنين بدفع مبلغ 21173415جنيه و360 مليم واحد وعشرون مليوناً ومائة وثلاثة وسبعين ألفا وأربعمائة وخمسة عشر جنيهاً وثلاثمائة وسبعين مليما تعويضاً لمصلحة الجمارك وذلك عن التهم المسندة إليهم (ثانياً): ببراءة ........ من تهمة الاشتراك مع المتهم الأول ...... في جريمة الإضرار العمدي.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه - إذ دانه بجرائم الاشتراك في ارتكاب جنايات إضرار عمدي, وتزوير محررات رسمية, واستعمالها, وبجريمة الاشتراك في تهريب بضائع أجنبية بقصد الاتجار - قد شابه البطلان ذلك أنه لم يشر في مدوناته إلى أن الدعوى الجنائية - بالنسبة إلى جريمة الاشتراك في التهريب قد رفعت بناء على طلب كتابي من الجهة المختصة, وهو بيان جوهري يترتب على إغفاله البطلان, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم الإضرار العمدي بأموال مصلحة الجمارك التي يعمل بها وبأموال مصلحة الضرائب التي يتصل بها بحكم عمله, وتزوير محررات رسمية, واستعمالها, كما دان الطاعن الثاني بالاشتراك في ارتكاب هذه الجرائم, ودان الطاعنين معاً بجريمة الاشتراك في تهريب بضائع أجنبية بقصد الاتجار. وبعد أن أشار الحكم إلى ما بين هذه الجرائم من ارتباط يقتضي إعمال المادة 32 من قانون العقوبات، قضى بمعاقبة كل من الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامهما والمحكوم عليه غيابياً - متضامنين - بأن يؤدوا إلى مصلحة الجمارك تعويضاً قدره 21173415جنيه و360 مليم. وبعزل الطاعن الأول من وظيفته. لما كان ذلك, وكانت المادة 124 مكرراً من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 والمعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 تنص في فقرتها الأولى على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار ...... بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه, وتطبق سائل العقوبات والأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادة 122..........." كما تنص في فقرتها الثانية على أنه "استثناء من أحكام المادة 124 من هذا القانون لا يجوز رفع الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة السابقة إلا بناء على طلب وزير المالية أو من ينيبه". وكان مؤدى هذا النص هو عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية في جريمة تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار إلا بناء على طلب من وزير المالية أو من ينيبه، فإن الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجريمة يجب أن يشير في مدوناته إلى صدور هذا الطلب, إذ كان هذا البيان جوهرياً لاتصاله بسلامة إجراءات تحريك الدعوى الجنائية فإن إغفاله يترتب عليه بطلان الحكم, ولا يغني عن النص عليه أن يكون الطلب موجوداً بالفعل ضمن أوراق الدعوى. لما كان ما تقدم, وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة الاشتراك في تهريب بضائع أجنبية بقصد الاتجار وقضى عليهما بالتعويض المنصوص عليه في المادة 122 من قانون الجمارك بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة, وكان الحكم - على الرغم من ذلك - قد خلا من الإشارة إلى أن الدعوى الجنائية قد رفعت عن جريمة الاشتراك في التهريب بناء على طلب من وزير المالية أو ممن أنابه الوزير في ذلك مقتصراً على القول بأن مصلحة الجمارك قد أذنت بالسير في إجراءات دعوى التهريب الجمركي, وهي عبارة غامضة لا تفصح عمن صدر منه طلب رفع الدعوى وعن صفته في إصدار هذا الطلب, فإن الحكم يكون مشوباً بالبطلان مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة في شأن جريمة التهريب وسائر الجرائم التي اعتبرها الحكم مرتبطة بها وذلك بالنسبة لكلا الطاعنين لوحدة الواقعة ولاتصال العيب الذي شاب الحكم بالطاعن الأول، دون حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعنان من أوجه الطعن