الطعن رقم 3808 لسنة 56 بتاريخ 09/11/1986
 الوقائع                             
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم المتهم الأول: 1- بصفته موظفاً عمومياً "مندوب صرف مساعد مندوبية سنورس اختلس مستلزمات الإنتاج والمبيدات المملوكة لبنك التنمية والائتمان الزراعي والموضحة الوصف بالأوراق والبالغ قيمتها 49631 جنيه و746 مليم تسعة وأربعون ألف وستمائة وواحد وثلاثون جنيهاً وسبعمائة وستة وأربعون مليماً" والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وقد ارتبطت تلك الجناية بجنايتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر:- أ- ارتكب تزويراً في مستندات 5، 7 بنك قرية ويوميات ودفاتر المندوبية والشئون بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها حالة تحريرها المختص بوظيفته بأن أثبت على خلاف الحقيقة ورود كميات الأسمدة والمبيدات إلى المندوبية وصرفها للعملاء ووقع بإمضاءات وأختام وبصمات نسبها زوراً إلى العملاء. ب:- استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن قدمها للمختصين ببنك القرية لمراجعتها. 2- بصفته سالفة الذكر استولى بغير حق على مبلغ 1214.00 جنيه ألف ومائتين وأربعة عشر جنيهاً من أموال تحت يد جهة عامة هي بنك قرية سنورس وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزويرا واستعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر أ:- ارتكب تزويرا في مستندي الصرف رقم 42 حسابات وذلك بأن وقع عليها بتوقيعين نسبهما زوراً إلى صاحب الحساب ..... و...... ب:- استعمل المحررين المزورين سالفي الذكر بأن قدمهما إلى المتهم السابع مندوب الصرف وحصل على المبالغ الثابتة بهما دون وجه حق (ثانياً): المتهمون من الثاني إلى السادس: 1- بصفتهم موظفين عموميين "من الثاني إلى الخامس أمناء شونة تابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعي والسادس كاتب مبيدات الفرع" حصلوا لأنفسهم بدون حق على ربح من أعمال وظائفهم بأن سهلوا للمتهم الأول استلام مستلزمات إنتاج من أسمدة ومبيدات على خلاف تعليمات الصرف المقررة وعاونوه على بيعها في السوق السوداء مقابل الحصول على جزء من أثمانها دون وجه حق. 2- بصفتهم سالفة الذكر حصلوا لغيرهم هو المتهم الأول بدون وجه حق على ربح من أعمال وظيفته على النحو المبين في التهمة السابقة. 3- بصفتهم موظفين عموميين ارتكبوا تزويراً في محررات رسمية هي مستندات صرف مستلزمات الإنتاج بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبتوا على غير الحقيقة تسلم المتهم الأول لتلك المستلزمات على ذمة صرفها لعملاء الزراعة والحصول على توقيعه بذلك وتسليمه بدلا منها ثمنها بالسعر المدعم ثم بيعها بمعرفتهم في السوق السوداء (ثالثا): المتهم السابع 1- بصفته موظفاً عمومياً "صراف ببنك القرية سنورس" سهل للمتهم الأول الاستيلاء على مبلغ 1214 جنيه من أموال تحت يد الجهة التي يعمل بها. وقد ارتبطت هذه الجناية بجريمة تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطا لا يقبل التجزئة بأن اتفق مع المتهم المذكور على تحرير مستندي صرف 42 حسابات باسم العميلين صاحبي الحق والتوقيع بدلاً منهما زوراً وصرف له المبلغ دون وجه حق. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالفيوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملا بالمواد 112/أ، ب، 113/أ، ب، 115، 118، 119، 119 مكرراً، 213 من قانون العقوبات المعدل بالقانونين رقمي 120 لسنة 1962، 63 لسنة 1975 مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات. (أولاً):- بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة خمس سنوات وبمعاقبة كل من المتهمين من الثاني إلى السادس بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبمعاقبة المتهم السابع بالسجن لمدة ثلاث سنوات (ثانيا):- بعزل المتهمين جميعاً من وظائفهم. (ثالثا): بتغريم المتهمين من الأول إلى السادس متضامنين 42362 جنيه و330 مليم اثنين وأربعين ألفا وثلاثمائة واثنين وستين جنيهاً وثلاثمائة وثلاثين مليماً وبتغريم المتهم الأول والسابع متضامنين مبلغ 1214 جنيه ألف ومائتين وأربعة عشر جنيهاً.
فطعن المحكوم عليهم الستة الأول وطعن الأستاذ .... عن الأستاذ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه السابع كما قرر المحكوم عليه السابع بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه, ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً وعملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي الطاعنين استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بالجرائم المسندة إليهم قد شابه القصور في التسبيب, والفساد في الاستدلال, والخطأ في تطبيق القانون, والخطأ في الإسناد, والبطلان ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً تتوافر به أركان الجرائم المسندة للطاعنين. وعول في إدانتهم على أقوال شهود الإثبات رغم تناقض أقوالهم وإنها لا تكفي لإثبات جريمة التزوير لعدم وجود تقرير خبير فني. ومسخ الحكم أقوال الشاهد الأول فأوردها في صيغة الجزم رغم أنها استنتاجية. كما استند الحكم إلى اعتراف المحكوم عليه الأول رغم أنه لا يمتد إلى الطاعنين ولم يعن الحكم بالتحدث عن طبيعة المبلغ المنسوب للطاعن الأخير تسهيل الاستيلاء عليه وكيف اعتبره من الأموال العامة في حين أنه خاص بعميلين لبنك القرية, ولم يبين أساس اعتبار المحرر المزور الخاص بهذا المبلغ من المحررات الرسمية. ورغم أن دفاع الطاعنين قام على أن ما وقع منهم كان تنفيذاً لأوامر رؤسائهم وأن الطاعن السادس يعمل كاتباً للمبيدات وما وقع منه لا يعدو أن يكون مجرد إهمال, إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع رغم أهميته. هذا إلى أن الحكم أحال في بيان شهادة الشاهد الثالث إلى شهادة كل من الشاهدين الأول والثاني رغم أن الأول لم يشهد بما شهد به الأخيران بشأن واقعة بين مستلزمات الإنتاج المختلسة في السوق. فضلاً عن أن المحكمة لم تطلع على الأوراق المزورة في حضرة الخصوم مما يعيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله أنه "بتاريخ 2/10/1984 أبلغ مدير فرع التنمية والائتمان الزراعي بسنورس أن .......... - المتهم الأول - وهو مندوب مساعد مندوبية سنورس ثان التابعة للبنك لم يقم بتوريد مبلغ 3671 جنيهاً و380 مليماً قيمة أثمان مبيعات الأسمدة يوم 24/9/1984 وإنه اختلس ذلك المبلغ لنفسه وإنه تبين وجود عجز قدره 300 لتر في مادة مبيد التمارون ثمنه 3538.5 جنيهاً وأنهى بلاغه أن المتهم الأول من الأمناء على الودائع وثبت أن المتهم الأول يتلاعب في مستندات صرف مستلزمات الإنتاج الزراعي للعملاء بالأجل والنقد بأن حرر مستندات الصرف بالأجل على النموذج رقم 5 بنك بأسماء عملاء نسب إليهم استلام مقررات زراعية وثبت أنهم لم يتسلموا تلك المقررات وأقر بتزوير توقيعات على تلك النماذج وثبت أن من بينهم تسعة عملاء توفوا في تواريخ سابقة على تحرير استمارتهم وخمسة عملاء غير مقيمين بالبلاد وأقر الباقون بعدم تسلمهم لأي مقررات وقام المتهمون من الثاني إلى الخامس وهم أمناء الشونة التابعة للبنك بدائرة سنورس بتسهيل استيلاء المتهم على كميات من الأسمدة والبذور والمبيدات الحشرية بأن اتفقوا معه على تسليمه كميات منها من الشونة دون تصريح أو إذن من فرع البنك وذلك مقابل حصولهم على الفرق بين سعرها الأساسي وسعر بيعها للتجار وبناء على الاستمارات الوهمية التي حررها المتهم الأول باستلام العملاء للمقررات، كما قام المتهم السادس وهو كاتب المبيدات بفرع البنك بسنورس بتسهيل استيلاء المتهم الأول على كميات من المبيدات باستعمال ذات الطريقة سالفة البيان, وقد بلغت قيمة ما استولى عليه المتهمون من الأول إلى السادس من الأسمدة مبلغ 33307 جنيه و 985 مليم ومن المبيدات مبلغ 9052 جنيه و535 مليم ومن التقاوي مبلغ 810 و1 ومجموع ذلك مبلغ 42362 جنيه و330 مليم - أما المتهم السابع وهو صراف خزينة بنك القرينة بسنورس فقد سهل للمتهم الأول الاستيلاء على مبلغ 1214 جنيه من أموال بنك عملاء القرية التي تحت يده بأن اتفق معه على تحرير مستندي صرف ذلك المبلغ من حساب دفتري التوفير الخاصين بالعميلين ........ و......... بما يفيد طلبهما ذلك المبلغ من دفتري توفيرهما بالبنك ووقع المتهم الأول باسميهما على مستندي الصرف بتوقيع نسبة زوراً إلى صاحب الحساب وقام المتهم السابع بصرف المبالغ المطلوبة سالفة الذكر إلى المتهم الأول بناء على ذلك الطلب المزور". وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعنين أدلة استقاها من أقوال أعضاء اللجنة المشكلة لمراجعة أعمالهم ومدير بنك القرية وعملاء البنك, ومن اعتراف المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة في حق نفسه وفي حق الطاعنين. لما كان ذلك. وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهم. وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الحصول بغير حق على ربح من أعمال الوظيفة وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال للدولة والتزوير في أوراق رسمية واستعمالها التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية من أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه و ما دام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكون عقيدته, وكان للمحكمة أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها. كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ومن ثم فإن منعى الطاعنين في شأن القوة التدليلية لأقوال الشهود وأقوال المحكوم عليه الأول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التحدث استقلالاً عن ملكية المال ليس شرطاً لازماً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 عقوبات ما دامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك بما يتحقق به سلامة التطبيق القانوني الذي خلص إليه, وما دامت تلك الملكية على ما هو حاصل في الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلزم الحكم بمواجهتها. لما كان ذلك, وكان الحكم قد دان الطاعنين عدا الطاعن السابع بجناية الحصول بدون حق على ربح من أعمال وظيفتهم وجريمة التزوير في المحررات الرسمية, ودان الطاعن السابع بجناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال للدولة وجريمتي التزوير في المحررات الرسمية واستعمالها, وأوقع على كل منهم العقوبة المقررة في القانون للجناية الأولى التي ارتكبها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط, فإنه لا يجدي الطاعنين منعاهم في صدد بعض جرائم التزوير والاستعمال من عدم ثبوت التزوير عن طريق خبير فني, أو عدم استظهار رسمية بعض الأوراق المزورة, أو عدم اطلاع المحكمة على الأوراق المثبتة لها مما يشكل بطلاناً في الإجراءات. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين القائم على إنهم ينفذون أوامر رؤسائهم وأن ما وقع مجرد إهمال فأطرحه اطمئناناً منه لأدلة الثبوت السائغة التي أوردها, فهذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه طالما أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهمين, ولا عليه أن يتعقبهم في كل جزئية من جزئيات دفاعهم لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. فإنه لا يجدي الطاعنين منعاهم على الحكم بقالة أنه أحال في بيان أقوال الشاهد الثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهدين الأول والثاني رغم أن الأول لم يشهد بما شهد بن الأخيران من بيع مستلزمات الإنتاج المختلسة في السوق, إذ أن هذه الواقعة الفرعية - بفرض ثبوت خطأ الحكم فيها. ليست بذي أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم, وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه عامل الطاعنين من الثاني إلى السادس بالرأفة فحكم عليهم بالحبس. فقد كان من المتعين عليه عملاً بنص المادة 27 من قانون العقوبات أن يؤقت عقوبة العزل بالنسبة لهم, أما ولم يفعل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يوجب تصحيحه بالنسبة لهم بتوقيت عقوبة العزل وجعلها لمدة أربع سنين, عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يحدد هذا الوجه في أسباب الطعن