الفعل الفاضح غير العلنى
 
تنص المادة 279 من قانون العقوبات علي أن " يعاقب بالعقوبة السابقة كل من ارتكب مع أمرأة أمراً مخلا بالحياء ولو في غير علانية". وقد أضيفت هذه الجريمة الي قانون العقوبات المصري عند تعديله سنة 1904 ، وذلك للمعاقبة علي من يرتكب الفعل الفاضح مع أمرأة ولو في غير علانية ، والعلة في تجريم هذا الفعل المحافظة علي كرامة المرأة وصيانة شعورها بالحياء من الأفعال الفاضحة التي تقع عليها أو في حضضتها دون رضاها وفي غير علانية.  وعلي ذلك فإن جريمة الفعل الفاضح غير العلني تؤدي دورا تكميليا واحتياطيا للأفعال المنافية للآداب التي تفلت من نطاق العقاب في كل من جريمتي هتك العرض والفعل الفاضح العلني. 
ونظرا لأنه لا يجوز إقامة الدعوي العمومية علي الجاني في هذه الجريمة التي تدخل ضمن طائفة الجرائم التي تقيد الدعوي الناشئة عنها دون تقديم شكوي من الأنثي المجني عليها ، لذا فإن هذه الجريمة لاتتحرك ألا بالشكوي. 
أركان جريمة الفعل الفاضح غير العلنى
علي الرغم من الصلة الوثيقة بين جريمة الفعل الفاضح غير العلني ، وكل من جريمتي هتك العرض والفعل الفاضح العلني وذلك لإتحاد هذه الجرائم في كونها تتجه بالأعتداء علي عرض الأنسان ، بيد أن جريمة الفعل الفاضح غير العلني تستقل بأركانها ، فهي ليس صورة مخففة من الفعل الفاضح العلني أو جريمة هتك العرض. 
وتقوم هذه الجريمة علي ركن مادي يتمثل في الفعل المخل بحياء أنثي ، وركن معنوي يتمثل في القصد الجنائي ، ويضاف الي ذلك ركن انعدام رضاء الأنثي المجني عليها ، والذي يمكن استنتاجه بالضروره من حكمة وضع النص.
الركن المادى (الفعل المخل بحياء الانثى
طبيعة الفعل المخل بحياء الأنثي :
وهو كل فعل بدني أو عضوي يقع من الجاني في صورة عمل أو حركة أو أشارة ويكون من شأنه الأخلال بحياء الأنثي . وبذلك فأنه يخرج من نطاق الجريمة القول المجرد والكتابة. ويقع الفعل المادي علي جسم الأنثي المجني عليها فيخل بحيائها دون مساس بما فيه مما يعد من العورات ، وذلك كتقبيلها أو لمس زراعيها. أو قد يقع علي جسم المتهم نفسه مثل كشفه عن عوراته أو الاشارة اليها ، أو كمن يخلع ملابسه الداخلية أمام المرأة المجني عليها. 
وتطبيقا لذلك فقد قضي بأنه إذا دخل شخص منزل أمرأة يعرفها وطلب منها أمرا منافيا للآداب فلا يعتبر مرتكبا أمرا مخلاً بالحياء بالمعني الوارد في المادة 279 عقوبات ، إذ أن هذه المادة مثل المادة 278 عقوبات لا تنطبق ألا في حالة ما إذا تعدي الفعل الفاضح حد الكلام واقترن بفعل مادي(1). 
وبوجه عام فإن عناصر الفعل المخل بالحياء تكاد تكون هي بعينها التي سبق لنا تفصيلها في الفعل الفاضح العلني ، والفعل الفاضح غير العلني.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر حكم محكمة أسوان الجزئية فى 10 مارس سنة 1913 - المجموعة الرسمية س 14 رقم 911 .
صفه المجني عليه (أمرأة) : 
اشترط الشارع في جريمة الفعل الفاضح غير العلني أن تكون المجني عليها "أمرأة" ويشمل هذا اللفظ المرأة البكر أو الثيب ، ويستوي أن تكون بالغة أم غير بالغة (2) ، وأن كان من المتعين أن تكون الصغيرة التي وقع عليها الفعل ممن يفهمن دلالة ما حدث حتي يمكن أن يخدش حياءها ، فوقوع الفعل علي من لا تفهم دلالته يحول دون توافر صفة المجني عليه ، ومن ثم فإنه لا يترتب علي الفعل قيام جريمة الفعل الفاضـح غير العلني(3). 
كما أن وقوع الفعل علي أمرأة مجنونة لا تعي مدلول الفعل الذي وقع عليها ، يؤدي الي عدم اكتمال أركان الجريمة. وتطبيقا لذلك فقد محكمة النقض بأنه إذا قاد المجني عليه شخصان الي غرفة مقفلة الابواب والنوافذ وقبله أحدهما في وجهه وقبله الثاني علي حين غرة في قفاه وعضه في موضع التقبيل ، فهذا الفعل لا يعتبر اذن هتك عرض ولا شروعا فيه ، كما أنه لا يدخل تحت حكم أية جريمة
أخري من جرائم افساد الأخلاق (4). 
وقد ذهب جانب من الفقه - وبحق - صوب انتقاد نص المادة 279 عقوبات ، وذلك لقصر الحماية علي الانثي دون الذكر ، وذلك لأن الرجل - شأن الانثي - يخدش حيائه ، ومن ثم فقد كان أحري بالمشرع أن ينص علي وقوع هذا الفعل علي "شخص" لا علي" "أمرأة" (5).
ـــــــــــــــــــــــــ
(2) أنظر نقض 20 يناير سنة 1906 - الأستقلال  س 6 رقم 74 .
(3) أنظر  الدكتور محمود محمود مصطفى : المرجع السابق ، بند 296 ، ص 333  .
(4) أنظر نقض 15 أكتوبر سنة 1934 مجموعة القواعد القانونية  ج 3 رقم 272 ص 366 .
(5) أنظر  الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ، ص 592 ، هامش 4 .
انعدام رضاء الأنثى المجنى
علة ركن انعدام الرضاء :
إن محل الحماية الجنائية في جريمة الفعل الفاضح غير العلني هو حماية شعور المجني عليها وصيانة كرامتها مما قد يقع علي جسمها أو بحضورها من أمور مخلة بالحياء علي الرغم منها(6). 
وبالتالي فإذا وقعت هذه الأفعال دون توافر إرادة المرأة أصبحت ارادتها منتفية ، ومن ثم جاز معاقبه الجاني عن هذا الفعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) أنظر نقض 3 نوفمبر سنة 1952 مجموعة أحكام محكمة النقض س 10 رقم 178 ص 834 .
مفهوم انعدام رضاء الانثي :
يتوافر انعدام رضاء الأنثي في كل حالة لا يصدر فيها من المجني عليها رضاء يعتد به قانونا ، ومن ذلك وقوع الفعل المخل بالحياء علي جسد الجاني وأجبار المرأة علي مشاهدة ذلك ، أو تقبيل الأنثي أو لمس زراعها بالإكراه عنها ، أو وقوع هذه الأفعال علي جسد الانثي إذا كانت سكرانة أو مجنونة أو نائمة ، أو وقوع الأفعال المخلة بالحياء سواء علي جسم الجاني أو جسم المرأة بغتة بحيث لا يمكن القول بأنه قد صدر عنها رضاء صحيح بوقوع الفعل (7). 
كما لا يعتد في هذا الصدد بوقوع الفعل المخل بالحياء في غير علانية مع أمرأة لم تبلغ من العمر ثماني عشره سنة ، إذا أنه لا عبرة برضاء الأنثي في هذه الحالة اتباعا للخطة التي أخذ بها الشارع في جرائم العرض المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات بدءا من المادة 267 ، وهو
عدم اضفاء القيمة القانونية الكاملة علي من رضي بوقوع فعل ولم يكن يبلغ من العمر الثامنة عشرة(Cool.
 وتقدير توافر رضاء المجني عليها أو عدم رضائها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلا نهائيا وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي الي ما انتهي اليه الحكم(9).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(7) أنظر  الدكتور أدوارد غالى الذهبى : المرجع السابق ، بند 244 ، ص 348  .
(Cool أنظر  الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ، بند 806 ، ص 593  .
(9) أنظر نقض 2 نوفمبر سنة 1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س 10 رقم 178 ص 834 .
صورة الركن المعنوي في جريمة الفعل الفاضح غير العلني :
ان هذه الجريمة عمدية ، ومن ثم فإنه لابد من توافر القصد الجنائي لدي الجاني . ويقوم القصد الجنائي في هذه الجريمة علي عنصرين العلم والإرادة.
أولاً- العلم : 
يتعين أن يعلم الجاني بعناصر النشاط المادي المؤثم في جريمة الفعل الفاضح غير العلني ، ومن ذلك أن يحيط علم الجاني بأن الفعل الذي قارفه يخدش الحياء العام ، أي يخدش حياء العين والاذن. وتأسيسا علي ذلك فإن القصد الجنائي لا يتوافر إذا وقع الفعـل عرضا ، واذا كان مصدر الفعل مجرد الألفه وسقوط الكلفة (10). 
كما يتعين أن يعلم الجاني بأن المرأة المجني عليها غير راضية بما وقع منه من أفعال سواء علي جسده هو ، أو علي جسدها وبحيث لا يصل الي مساس بعورة من عوراتها.
ـــــــــــــــــــــ
(10) أنظر نقض 22 نوفمبر سنة 1928 مجموعة القواعد القانونية  ج 1 رقم 17 ص 32 .
                                ثانيا - الإرادة : 
يجب أن تكون إرادة الجاني معتبرة قانونا ، وأن تتجه صوب مقارفة النشاط المادي المكون لجريمة الفعل غير العلني ، ولا عبرة بعد ذلك بالبواعث علي ارتكاب الجريمة ، فهي ليست عنصرا من عناصر القصد ، فإذا كان الباعث نزوة المت بالجاني فإراد أن يخلع ثيابه أمام أمرأة يرغب في الزواج منها ، أو كان الباعث استعرض قدراته الجسدية لجذب أمرأة اليه ، فإنه لا يصح الأعتماد علي
عقوبة الجريمة
نوع ومقدار العقوبة : 
أحال المشرع في المادة 279 عقوبات الي عقوبة الفعل الفاضح العلني ، أي الحبس مدة لا تزيد علي سنة أو بغرامة لا تتجاوز ثلاثمائه جنيه. ولم ينص المشرع علي ظروف مشدده لهذه الجريمة ، كما أنه لا عقاب علي الشروع فيها.
تعدد الجرائم : 
قد تقع هذه الجريمة وحدها ، وقد تتعدد مع غيرها من الجرائم أما تعددا حقيقا أو صوريا ، وفي هذه الحالة تطبق القواعد المقررة في المادة 32 عقوبات. ويستوعب نص جريمة هتك العرض جريمة الفعل الفاضح غير العلني ، ولذلك فلا يمكن أن تتعدد هاتان الجريمتان ، ولكن من الممكن أن تعدد هذه الجريمة مع السب غير العلني (المادة 378/9 من قانون العقوبات) ، وذلك إذا ما اشتمل الفعل المخل بالحياء علي ما يخدش شرف المجني عليها(11). 
ـــــــــــــــــــــــــ
  (11) أنظر  الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ، بند 807 ، ص 593  .
قيود تحريك الدعوى الجنائية  فى جريمة الفعل الفاضح غير العلنى
علة الشكوي في جريمة الفعل الفاضح غير العلني :
يقدر الشارع أن المجني عليه - في بعض الجرائم - أقدر من النيابة العامة علي تقدير ملائمه اتخاذ الإجراءات الجنائية . وترجع علة التجريم في جريمة الفعل الفاضح غير العلني الي حماية شعور المرأة المجني عليها الذي تأثر من جراء الفعل الذي ارتكبه الجاني ، فالشارع يخشي أن يكون في اتخاذ الإجراءات وما تفترضه من سرد لوقائع الدعوي ما يزيد من إيلامها ، بالإضافة الي أن المرأة المجني عليها هي فقط التي نالها الأذي من الفعل المخل بالحياء ، فترك لها الشارع تقدير مدي ملاءمة رفع الدعوي الجنائية من عدمه.
أحوال الشكوي في جريمة الفعل الفاضح غير العلني : 
تقدم الشكوي في هذه الجريمة شفاهة أو كتابة من المجني عليها أو وكيلها الي النيابة العامة أو الي أحد مأموري الضبط القضائي ، وذلك طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة الثالثة وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية. وتخضع الشكوي في الجريمة لكافة القواعد المقررة للشكوي بصفة عامة ، ويمكن الرجوع لما سبق أن تكلمنا عنه في جريمة الزنا بصدد الشكوي حرصاً علي عدم التكرار. ولمن قدم الشكوي أن يتنازل عنها في أية مرحلة كانت عليها الدعوي الي أن يصدر الحكم النهائي .
****تطبيقات من أحكام النقض علي جريمة الفعل الفاضح غير العلني: 
* يشترط لتوافر جريمة الفعل الفاضح غير العلني المنصوص عليها في المادة 279 من قانون العقوبات أن تتم بغير رضاء المجني عليها - حماية لشعورها و صيانة لكرامتها مما قد يقع علي جسمها أو بحضورها من أمور مخلة بالحياء علي الرغم منها . 
( نقض 2  نوفمبر  سنة 1959  طعن رقم 726 سنة  29  قضائية ) 
*  مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها - في جريمة المادة 279 من قانون العقوبات - مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً ، و ليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة و الإعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلي ما إنتهي إليه الحكم - فإذا إستند
الحكم في براءة المتهم إلي قوله : " ... إن الثابت من وقائع الدعوي أن ركن إنعدام رضاء المجني عليها غير متوافر ، ذلك أن الظاهر للمتهم هو أن المجني عليها راضية عن الواقعة ، فضلاً عن أنها سمحت له برضائها الدخول لمسكنها و الجلوس بصحبتها ... و من ناحية أخري فإن المحكمة تستخلص رضاء المجني عليها من قولها بمحضر جمع الإستدلالات أن زوجها قد لفق الواقعة للإيقاع بالمتهم، أي إنها كانت راضية عن الفعل الذي قام به المتهم و ذلك حتي توقع به لكي يستفيد زوجها حسب الخطة التي كان يرمي إليها ... " فإن ما أثبته الحكم ينطوي علي رضاء المجني عليها بجميع مظاهره و كامل معالمه . 
( نقض 2  نوفمبر  سنة 1959  طعن رقم 726 سنة  29  قضائية )
*  من المقرر أن الركن المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بوقوع أي فعل مخل بالحياء العرضي للغير و يستطيل إلي جسمه ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية و كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن أمسك بالمجني عليها عنوة و إحتضنها و قبلها ، و لما قاومته ضربها علي عينها و أحدث إصابتها ، و كان هذا الفعل من جانب الطاعن فيه من الفحش و الخدش بالحياء العرضي ما يكفي لتوافر الركن المادي للجريمة فإن الحكم إذ دانه بهذه الجريمة يكون قد أصاب صحيح القانون و إذ كان ما أورده الحكم - فيما تقدم يستقيم به الرد علي دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإن النعي عليه بدعوي القصور في التسبيب يكون غير سديد هذا فضلاً علي أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من أن الواقعة تعتبر جنحة فعل فاضح غير علني طالما أن العقوبة المقضي بها عليه - و هي الحبس لمدة ستة أشهر - تدخل في حدود العقوبة المقررة لهذه الجريمة . 
( نقض 16  أكتوبر  سنة 1988  طعن رقم 4497 سنة  57  قضائية )