انتفاء الخطأ الجسيم :
----------------------
يعتبر مرتكبا خطأ جسيما ، المؤمن له أو المدين الذي تراخى ف ي تنفيذ التزاماته وينول عن يقظته العادية ، اعتمادا منه على الحماية التي يوفرها له عقد التأمين أو الحصانة التي يهيئها له شرط الإعفاء من المسئولية أو تخفيفها .
والخطأ قد يعتبر تافها إذا صدر من الشخص لأول مرة لكن إذا تكرر حدوث هذا الخطأ من نفس الشخص يعد خطأ جسيما وقد يكون الخطأ في ذاته تافها لكن إذا اقترن بأخطاء أخرى يصبح جسيما .
ويعتبر خطأ جسيما كل ضرر يكون ماسا بمصالح حيوية للإنسان .
كذلك الإخلال إذا كان حاصلا بالتزام علف عليه الدائن أهمية خاصة أو على الأقل إذا كان المدين عالما بهذه الأهمية .
وكذلك في حالة ما إذا كان تحت تصرف المدين من الوسائل الفعالة ما يضمن له حسن التنفيذ ومع ذلك أخطأ في التنفيذ فمسئولية أرباب المهن أشد من مسئولية للشخص العادي .
والخطأ الجسيم بهذا المعنى ، هو ذلك الخطأ الذي يصدر عن أصحاب المهن في ممارستهم لمهنهم وتقديم الخدمات المطلوبة الى عملائهم . كخطأ المحامي أو الطبيب المتميز ، فهو الفعل أو الترك الذي ينم عن خرق أكيد للقواعد المهنية والقانونية بانعقاد الرأى بين أرباب المهنة الواحدة ، ولا يعد المهني مسئولا عن أى فعل أو ترك غيره ، فالشك في كون الفعل أو الترك يشكل خرقا للقواعد المهنية ، بأن تكون صحته موضع خلاف بين أبناء المهنة الواحدة ، أو يوجد له بعض المبررات المعقولة ، ينفي عنه صفة الخطأ الجسيم  ، فالقضاء في مساءلته لصاحب المهنة ينظر الى اعتبارين: الاعتبار الأول : فسخ المجال لاجتهاد مهني لأداء الخدمة بأفضل طريقة وبأجدى نتيجة ، الاعتبار الثاني : التشديد مع المهني في كل خطأ يثبت أنه خرق أكيد للقواعد القانونية والمهنية واعتبار هذا الخطأ جسيما ومعاملة مرتكبه معاملة المخطئ عمدا صونا وحماية لحقوق ومصالح الأفراد المتعاملين مع المهنيين ، والخلاصة أن سوء التقدير المهني وإن أدى الى الإضرار بالمتعاقد غير المهني لا يكون داعيا للمساءلة إذا كان سوء التقدير هذا يمكن أن يبدر من معظم هؤلاء الذين يمارسون مهنة معينة فهو مما لا يمكن التحرز عنه ولا يعد خطأ قانونيا ، أما سوء التقدير الناجم عن نقص في المهارة والكفاءة وكما تشهد بذلك أغلبية القائمين بمهنة مهينة فهو الذي يطلق على الخطأ المتميز .
ومما يؤكد فكرة قصر المسئولية بالنسبة الى المهنيين على الخطأ الجسيم وحده ، وما ورد في قانون المحاماة " على المحامي أن يدافع عن موكله بكل أمانة وإخلاص ويكون مسئولا في حالة تجاوزه الوكالة أو خطئه الجسيم " ، فالخطأ الجسيم في هذه الحالة هو الخطأ الذي يتفق الرأى بين المهنة الواحدة على مخالفته لقواعد المهنة ، لذلك فإن مرجع الحكم ما إذا وجد خطأ جسيم في جانب المحامي هو أهل الخبرة من المحامين أنفسهم . فإذا قرروا مؤاخذة مسلك المحامي ، فإن للقاضي تبعا لذلك أن ينسب الخطأ الجسيم له ويرتب عليه المسئولية ، وقد عبرت محكمة النقض عن خطأ المحامي ، الجسيم ، بالوقائع التالية : " كان لزاما على الطاعينن (المحامين) وقد تسلموا من المطعون ضدهم عقد الحلول - الحلول في الرهن - والشهادات الدالة على صفاتهم وحقهم في اتخاذ إجراءات البيع (وتعنى المحكمة بيع عقار كان مرهونا للبنك العقاري رهنا أول ولإحدى الشركات رهنا ثانيا فدفع مورث المطعون ضدهم دين البنك وحل محله في الرهن وباشرت الشركة في بيع العقار المطلوب لاستيفاء دينها ، وقد أهمل محامو المطعون ضدهم في تجديد الرهن لصالح المورث ، فكانت النتيجة أن بيع العقار فاستوفت الشركة دينها كاملا . بينما لم يحصل مورث المطعون ضدهم من دينه شيئا) أن يقدموا بإجراء التجديد في الميعاد القانوني حتى لا يسقط حق موكليهم . أما وهم لم يفعلوا فقد قصروا في واجبهم تقصيرا جسيما يجعلهم مسئولين عن الضرر الذي نشأ وفقا للمادة 521 مدني .... " .
وقد قضت محكمة النقض بأنه " عدم حضور المحامي المرافعات ، دون عذر مشروع ، يعد خطأ ثابتا (جسيما) .