·        الدفــع بالتقـــادم :
في حالة إذا كون الفعل المنسوب الى الموظف العام جريمة جنائية ، فإن المشرع قد ربط بين مدة التقادم المسقط للدعوى التأديبية عن هذا الفعل وبين التقادم المسقط للدعوى الجنائية ، بحيث أنه طالما أن الدعوى الجنائية لم تسقط بمضى المدة فإن الدعوى التأديبية تتبعها في هذا الشأن وتظل قائمة ولا تسقط إلا باكتمال التقادم المسقط للدعوى الجنائية . في حالة الجرائم المنصوص عليها في المادة 116 مكررا من قانون العقوبات فإن المشرع لم يجعل سريان مدة التقادم المسقط للدعوى الجنائية عنها من تاريخ وقوعها كما هو الحال في باقي الجرائم وإنما قضى بأن بدء سريان  مدة التقادم المسقط عنها يبدأ من تاريخ انتهاء خدمة الموظف أو زوال الصفة الوظيفية عنه ، وذلك ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك . التحقيق في هذه الحالة هو بطبيعة الحال التحقيق الجنائي ويترتب عليه بدء مدة التقادم من تاريخ إجراءه وليس من تاريخ ارتكاب الفعل ، وإلا لأفرغ قانون الإجراءات من مضمونه ، ولما كانت مدة التقادم المسقط للدعاوى التأديبية عن الفعل الذي يكون جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ترتبط بمدة التقادم المسقط لتلك الدعاوى الجنائية وهى لا تبدأ إلا من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة على النحو المتقدم . لذلك فإن مدة التقادم المسقط للدعوى التأديبية عن هذه الأفعال لا تكتمل إلا باكتمال التقادم المسقط للدعوى الجنائية والذي لا يبدأ إلا من تاريخ انتهاء خدمة الموظف أو زوال صفنه الوظيفية. (طعن رقم 1033 لسنة 43ق "إدارية عليا" جلسة 23/6/2001)
فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن "المواد 374 ، 381 ، 382 ، 383 ، 385 من القانون المدني - الأصل العام في التقادم المسقط هو خمسة عشر عاما ولا يتحول عنها الى مدة أخرى إلا بنص خاص - يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء - وقفه - وجود مانع يتعذر معه على الدائن المطالبة بحقه في الوقت المناسب - لا يعد مانعا كل سبب ينشأ عن خطأ الدائن أو جهة أو تقصيره في المطالبة - أثر الوقف - عدم حساب المدة التي وقف سريان التقادم خلالها ضمن مدة التقادم - انقطاعه - ينقطع التقادم بأسباب عدة من بينها المطالبة القضائية وأى عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى - أثر ذلك - بقاء الانقطاع قائما مادامت الدعوى قائمة - انتهاء الدعوى بحكم نهائي للدائن بطلباته يبدأ سريان تقادم جديد من وقت صدور الحكم - انتهاء الدعوى برفض طلبات الدائن يعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن " (طعن رقم 3826 لسنة 43ق "إدارية عليا" جلسة 30/1/2001) وبأنه "وإن كانت قواعد القانون المدني قد وضعت أصلا لتحكم روابط القانون الخاص ولا تسري وجوبا على روابط القانون العام - إلا أن القضاء الإداري له أن يطبق من تلك القواعد ما يتلاءم من هذه الضوابط وله أن يطورها بما يتفق مع طبيعة هذه الروابط - إلا إذا وجه نص في مسألة معينة فيجب عندئذ التزام هذا النص - تتركز مدة التقادم المسقط على اعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة إذ الحرص على استقرار المعاملات وتوفير الطمأنينة في المراكز القانونية يتطلب دائما العمل على سرعة البت فيما يثور في المنازعات - التطور القانوني قد وصل الى حد الإقرار للأفراد بحق منازعة السلطات العامة فيما تجريه من تصرفات - أثر ذلك - وجوب تنظيم وسائل هذه  المنازعة بما لا يكون من شأنه تعليقها أمد لا نهاية له - إذا كان للتقادم المسقط للمطالبة بالحقوق في روابط القانون الخاص حكمته التشريعية المتصلة بالمعاملات فإن حكمه هذا التقادم في مجال روابط القانون العام تجد تبريرها على نحو ادعى وأوجب في استقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية لعمال المرافق العامة تحقيقا للمصلحة العامة وحسن سير المرفق - قانون مجلس الدولة لم يحدد مددا لرفع الدعاوى في المنازعات الإدارية التي يختص بنظرها بهيئة قضاء إداري إلا ما يتعلق بطلبات الإلغاء إذ نص على أن ميعاد رفعها هو ستون يوما - مقتضى ذلك - أن الطلبات الأخرى يجوز رفعها متى كان الحق المطالب به لم يسقط بالتقادم طبقا لقواعد القانون المدني مادام لم يوجد نص خاص في قانون مجلس الدولة يخالف هذه القواعد " (طعن رقم 2113 لسنة 44ق "إدارية عليا" جلسة 10/12/2000) وبأنه "إحالة الموظف الى المعاش لا يسقط عنه التزامه بالدين الذي شغل ذمته لجهة الإدارة حال كونه موظفا عاما طالما ظل قائما لم ينقض بأى طريق من طرق القضاء الالتزامات المالية المقررة قانونا - مطالبة الجهة الإدارية بحقها بالطرق الإدارية تقطع التقادم - نتيجة ذلك - لا محل للتمسك بالتقادم المسقط لحق الجعة الإدارية والذي يجد سنده في المواد 45 ، 348 ، 349 من لائحة المخازن" (طعن رقم 1388 لسنة 33ق "إدارية عليا" جلسة 14/3/1992) وبأنه "الدفع بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم يشترط لإبدائه بيان المقومات التي يستند عليها - أهيم هذه المقومات بيان حساب المدة التي بانقضائها سقطت الدعوى - إغفال هذا البيان ينحدر بالدفع الى عدم الجدية ويصمه بالمشاكسة - المعول عليه في مجال حساب مدة التقادم المسقط للدعوى التأديبية ليس هو تاريخ إحالة المتهم الى المحكمة التأديبية وإنما هو التاريخ الذي نشطت فيه الجهة المختصة الى اتخاذ إجراءات التحقيق " (طعن رقم 1420 لسنة 31ق "إدارية عليا" جلسة 1/3/1986) وبأنه "تقادم - الحق في التعويض الناشئ عن الإخلال بالالتزام هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا الالتزام لأنه المقابل له - تسري بالنسبة للحق في التعويض مدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصيل - التعويض عن الأضرار المادية التي تتحصل في حرمان الطاعن من راتبه بسب فصله من الخدمة تسقط دعوى المطالبة به بمضى مدة التقادم المسقط للحق في المرتب وهى خمس سنوات - سريان مدة التقادم من التاريخ الذي يستطيع فيه ذو الشأن اتخاذ الإجراءات للمحافظة على حقه - انقطاع مدة التقادم بأى إجراء من إجراءات المطالبة القضائية " (طعن رقم 980 لسنة 25ق "إدارية عليا" جلسة 23/3/1985) وبأنه "المادة 375 من القانون المدني تقضي بأن يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين كالأجور والمعاشات والمهايا والإيرادات المرتبة - دعوى تعويض مقابل الحرمان من المرتب وملحقاته بسبب التخطي في الترقية استنادا الى عدم مشروعية قرار الإدارة المتضمن تخطي العامل في الترقية - سريان مدة التقادم المسقطة للحق الأصلي ذاته في المرتب والأجور على هذا التعويض سقوط دعوى التعويض بسقوط الحق الأصلي من تاريخ علم المدعى علما يقينيا بنشوء الحق " (طعن رقم 1144 لسنة 26ق "إدارية عليا" جلسة 19/2/1983) وبأنه "التعويض عن الأضرار المترتبة على قرار فصل الموظف بدون وجه حق هو مقابل حرمان الموظف من مرتبه - هذا الحق في التعويض يسقط بمضى مدة التقادم المسقط للمرتب ذاته " (طعن رقم 237 لسنة 24ق "إدارية عليا" جلسة 4/12/1982) وبأنه "التعويض عن الأضرار المترتبة على قرار فصل الموظف بدون وجه حق هو مقابل حرمان الموظف من مرتبه - هذا الحق في التعويض يسقط بمضى مدة التقادم المسقط للمرتب ذاته " (طعن رقم 188 لسنة 24ق "إدارية عليا" جلسة 4/12/1982) وبأنه "أنه وإن كانت المادة 187 من القانون المدني تنص في صدرها على أن تسقط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد . وإن المدعى لم يقم هذه الدعوى للمطالبة باسترداد ما دفع بغير حق لمورث المدعى عليهم إلا في 12 من أبريل سنة 1961 أى بعد مضى أكثر من ثلاث سنوات على تحقق علمه بحقه في الاسترداد إلا أن هذه المحكمة سبق أن قضيت بأن الأصل في التقادم المسقط أنه لا يترتب على اكتمال مدة السقوط من تلقاء ذاته بل لابد أن يتمسك به المدين لأنه لا يعتبر من النظام العام فهو وإن كان مبنيا على اعتبارات تمت الى المصلحة العامة لضمان استقرار الأوضاع إلا أنه يتصل مباشرة بمصلحة المدين الخاصة فإذا كان يعلم أن ذمته مشغولة بالدين وتخرج عن التذرع بالتقادم كان له النزول عنه عن طريق عدم التمسك به فلا تستطيع المحكمة أن تقضي بالسقوط من تلقاء نفسها كل ذلك ما لم يرد نص على خلاف هذا الأصل ، ومن حيث أنه ثابت من أوراق الدعوى أن أحدا من المدعى عليهم لم يتمسك بالتقادم المسقط أو يدفعه به فإنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد جانب الصواب ويكون الطعن عليه بهذه المثابة قد بنى على أساس سليم من القانون ويتعين من ثم القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه " (طعن رقم 270 لسنة 16ق "إدارية عليا" جلسة 13/1/1974) وبأنه "يلزم التمسك بالدفع بالتقادم الطويل لسقوط الحق للحكم به ، فالمحكمة لا تحكم به من تلقائها ، كما لا يغني عنه أى طلب برفض الدعوى أو التمسك بتقادم آخر " (طعن رقم 663 لسنة 27ق "إدارية عليا" جلسة 18/3/1984) وبأنه "ومن حيث أنه باستقرار أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 الخاص بضم مدد الخدمة بالتعليم الحر يتبين أنه لم يحدد ميعادا يتعين خلاله تقديم طلب حساب مد الخدمة السابقة على مقتضى أحكامه وإلا كان الطلب غير مقبول ومن ثم فإنه بصدور ذلك القرار ينشأ للمدعية حق في أن تضم مدة خدمتها السابقة بالتعليم الحر من 7 من سبتمبر سنة 1932 الى 13 من يونيو سنة 1938 كاملة بما يترتب على ذلك من آثار دون أن يكون ذلك متوقفا على تقديم طلب خلال مدة معينة ولا محل للقول بأن حق المدعية في هذا الشأن سقط بالتقادم بمضى خمس عشرة سنة من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء سالف الذكر أنشأ لها هذا الحق طالما كان الثابت من الرجوع لملف خدمة المدعية طبقا لما سبق توضيحه في معرض تحصيل الوقائع أنها قدمت طلبات الى الجهة الإدارية متمسكة بحقها ثم أقامت دعواها قبل أن تكتمل مدة التقادم المشار إليها ومن ثم يكون الدفع المبدي من الجهة الإدارية بسقوط حق المدعية بالتقادم غير قائم على أساس سليم من القانون " (طعن رقم 1498 لسنة 13ق "إدارية عليا" جلسة 18/2/1973) وبأنه "إن القانون رقم 37 لسنة 1929 ينص في المادة 62 منه على أن " كل مبلغ مستحق كمعاش لم يطالب صاحبه به في ميعاد سنة واحدة من تاريخ استحقاقه يصبح حقا للحكومة إلا إذا ثبت أن عدم المطالبة به كان ناشئا عن حادث قهري ، وسقوط الحق في المعاش الذي أضارت إليه هذه المادة لا يعدو أن يكون نوعا من التقادم المسقط للحق تناوله المشرع بنص خاص وحدد له مدة خاصة ، ولما كانت المدعية لم تطالب بصرف المعاش المستحق لها عن زوجها منذ أن توقف صرفه إليها في نوفمبر سنة 1950 إلا في مايو سنة 1962 فإنه إعمالا للحكم الذي أوردته المادة 62 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 يكون حق المدعية في المطالبة بمبالغ المعاش التي لم تصرف لها من تاريخ قطع صرف المعاش إليها في نوفمبر سنة 50 حتى تاريخ إعادة صرفه إليها اعتبارا من شهر أبريل سنة 1962 قد سقط بالنسبة الى كل مبلغ لم تطالب به في ميعاد سنة واحدة من تاريخ استحقاقه طبقا لما تقضي به المادة المشار إليها أو طالبت به ثم انقصت سنه من تاريخ هذه المطالبة دون أن تقوم بتجديدها وغني عن البيان أن فهم وزارة الخزانة الخاطئ لنص من نصوص القانون رقم 37 لسنة 1929 وامتناعها استنادا الى هذا الفهم - عن الاستمرار في صرف معاش المدعية من نوفمبر سنة 1950 لا يعتبر حادثا قهريا يحول دون مطالبة المدعية بحقها في صرف ذلك المعاش واللجوء في شأنه عند الاقتضاء لساحة القضاء " (طعن رقم 500 لسنة 14ق "إدارية عليا" جلسة 21/1/1973) وبأنه "إن مدة السنوات الثلاث المحددة بالمادة 654 من القانون المدني هى مدة تقادم مسقط لا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولا تسقط بانقضائها الدعوى تلقائيا ، وإنما يسوغ أن تثار كدفع من جانب المدين أو أحد دائنيه أو كل ذي شأن أساسه المصلحة في إثارة هذا الدفع ، وبغير أن يدفع به لا تكون المحكمة في حل من القضاء بعدم قبول الدعوى ويكون تصديها لإسقاط الدعوى بانقضاء بعدم قبولها من تلقاء نفسها مخالفا للقانون طالما لمي قدم لها دفع من شي شأن ممن عينتهم المادة 654 من القانون المدني المشار إليها ، ويؤكد هذا التفسير لنص المادة ما ورد من تعليقات بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني حيث يقول " وقد ترتب على عدم وجود نص في التقنين الحال (تقصد التقنين المدني السابق) ... أن محكمة الاستئناف المختلطة قررت أن دعوى المسئولية قبل المقاول بناء على نص المادة 500 من التقنين المختلط يجوز رفعها بعد مضى عشر السنين المقررة بالنص ولا يسقط الحق في إقامتها إلا بمضى عشر سنوات من يوم وقوع الحادث ، ويترتب على ذلك أنه لو حدث الخلل في السنة العاشرة ، فإن الدعوى تبقى جائزة حتى تمر 24 سنة من تاريخ تسلم العمل .. على أن هذه النتيجة تتعارض تماما مع ما رأيناه من ميل التقنينات الحديثة الى تقصير المدة التي يكون فيها كل من المقاول والمهندس مسئولا . لذلك يكتفي المشروع بتحديد مدة ..." ، وحاصل ذلك ومفهومه أن الاتجاه عند استحداث هذا النص لم يكن الى تغيير طبيعة التقادم والخروج به الى السقوط وإنما كان القصد هو جعل التقادم قصيرا في مدته فحسب " (طعن رقم 544 لسنة 14ق "إدارية عليا" جلسة 25/12/1971)