·        الفرق بين التظلم الوجوبي والتظلم الاختياري :
إن التظلم الوجوبي هو الذي يفرض المشرع على المتضرر من القرار أو الإجراء الإداري تقديمه إلى جهة الإدارة قبل إقامة دعواه كإجراء شكلي جوهري ينبغي مراعاة اتخاذه قبل ولوج طريق الدعوى القضائية ويترتب على عدم تقديمه قبل إقامة الدعوى وجوب الحكم بعدم قبولها شكلاً لعدم سابقة التظلم إلى الجهة الإدارية التي حددها القانون .
أما التظلم الجوازي أو الاختياري وهو الذي ترك الشارع لذوي الشأن تقدير مدى تحقيق هذا التظلم لغايته من الطعن على قرار إداري قبل إقامة دعواه أمام المحكمة المختصة بمجلس الدولة وهذا النوع من التظلمات مرده ومرجعه إلى تقجير المتظلم حيث يتقدم به اختيارا إلى الجهة الإدارية المختصة إذا ما قرر أن يلجأ إليه قبل ولوج سبيل الدعوى القضائية أى إذا وجد أن له مصلحة تحقق غاياته من تعديل أو إلغاء القرار الإداري بواسطة هذا الأسلوب من التظلم الاختياري لمصدر القرار أو إلى السلطة الرئاسية المختصة قبل انقضاء مواعيد الطعن القضائي بالإلغاء في ذات القرار المتظلم فيه وهذا التظلم الاختياري يرتب قانونا ذات أثر التظلم الوجوبي فيما يتعلق بقطع الميعاد المحدد قانونا لإقامة الدعوى القضائية إلا أن هذا التظلم الاختياري لا يترتب على عدم تقديمه عدم قبول الدعوى القضائية ومعنى ذلك أن كلا من التظلم الوجوبي والتظلم الاختياري يشترك مع الآخر في الأثر الإيجابي أى أثر قطع الميعاد المقرر لرفع الدعوى ولكنهما لا يشتركان في الأثر السلبي أى ترتيب عدم قبول الدعوى على عدم تقديم التظلم ذلك أن الأثر السلبي المشار إليه إنما يترتب على عدم تقديم التظلم الوجوبي دون عدم تقديم التظلم الجوازي أو الاختياري . (الطعن رقم 3099 لسنة 33ق جلسة 6/7/1991 مجموعة المبادئ القانونية السنة 36 رقم 156 س1544)
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن "ومن حيث إن القرار الصادر بالترقية ينشئ المركز القانوني فيها بآثاره في نواح عدة سواء من ناحية تقدم الموظف إلى الوظيفة الأعلى أو من ناحية التاريخ الذي تبدأ فيه هذه الترقية أو من ناحية الموازنة في ترتيب الأقدمية بين ذوي الشأن ، فيجب أن يكون القرار الإداري في هذه النواحي المتعددة للمركز القانوني موزوناً بميزان القانون فيها جميعا وإلا كان مخالفا للقانون ، كما يجب ، طبقا لنصوص المواد (10-ثالثاً) ، 12 ، 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، لقبول الطعن بالإلغاء من ذوي المصلحة على القرار المذكور لمخالفته للقانون في أية ناحية من تلك النواحي ، أولاً : أن يتقدم ذوو الشأن بتظلم منه خلال الميعاد المقرر لدعوى الإلغاء إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئة الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في التظلم ، وهذا التظلم ليس مقصوداً لذاته ، وإنما الغرض منه هو تقليل الوارد من القضايا بقدر المستطاع وتحقيق العدالة بطريق أيسر للناس ، بإنهاء تلك المنازعات في مراحلها الأولى ، إن رأت الإدارة أن التظلم على حق في تظلمه ، فإن رفضته أو لم تبت فيه خلال الميعاد المقرر فله أن يلجأ إلى طريق التقاضي ، ومفاد هذا أن التظلم الوجوبي السابق الذي جعله المشرع شرطا لقبول طلب إلغاء لقرارات الترقية ، وقرنه بوجوب انتظار المواعيد المقررة للبت فيه لا يصدق إلا بالنسبة إلى ما كان قابلا للسحب من هذه القرارات للحكمة التي قام عليها استلزام هذا التظلم ، فإذا امتنع على الإدارة إعادة النظر في القرار لاستنفاد ولايتها بإصداره أو بعدم وجود سلطة رئاسية تملك التعقيب على مصدره ، أو إذا لم يكن هناك جدوى من التظلم ، بأن يتبين أن الجهة الإدارية متمسكة برأيها في عدم إجابة صاحب الشأن إلى طلبه الأول المطروح على القضاء ، والخاص بتحديد ترتيب أقدمية بين زملائه المراقبين إلى الدرجة الأولى وإذ لا جدوى من التظلم في هذه الحالة من قرار الترقية إلى وظيفة من درجة مدير عام ، إذا كان التخطي فيها قد بنى من ضمن ما بنى عليه على وضع الطاعن في أقدمية الدرجة الأولى التي لم تستجب الجهة الإدارية إلى طلب تعديلها ، ثانياً : أن يقام الطعن بالإلغاء خلال الميعاد المقرر ، وهو يسري طبقا للمادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 من تاريخ إعلان صاحب الشأن بالقرار أو علمه به علما يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا ، ويشترط لكى ينتج الطعن بالإلغاء أثره في قطع الميعاد أن يقام طبقا للإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة ، وإذا قدم في صورة طلب عارض أن يقدم طبقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 123 من قانون المرافعات ، ولا يعد كذلك مجرد تقديم مذكرة بهذه الطلبات أمام مفوض الدولة أثناء تحضيره الدعوى ، إذ لا يقوم مفوض الدولة ، وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ، مقام المحكمة في اختصاصها وممارسة ولايتها ، لأنه ليس له من السلطات والاختصاصات غير ما خوله إياها القانون ، وقانون مجلس الدولة لم يخول له تلقى أو الإذن في تقديم الطلبات العارضة ، ومن حيث إن المدعى قد ذهب في مذكرات دفاعه سواء أمام محكمة القضاء الإداري أو أقام هذه المحكمة أنه قد علم بالقرار رقم 45 لسنة 1981 ، وذلك بتاريخ 2/11/1985 وأنه تظلم منه بتاريخ 11/12/1985 برقم 4070 إلى مصدره ، وقدم إثباتاً لذلك صورة ضوئية من هذا التظلم ، جحدتها الجهة الإدارية المدعى عليها ، وأنكرت على المدعى تقديم مثل هذا التظلم ، وإذا خلت الصورة التي قدمها المدعى من خاتم شعار الجمهورية الخاص الجهة الإدارية المدعى عليها ، ولم يقدم المدعى ما يثبت صحة رقم القيد المذكور على هذه الصورة كما أنها خلت من توقيع الموظف المسئول بالجهة المدعى عليها الذي تسلم أصل التظلم فمن ثم فإنه يتعين اطراح الدليل الذي قدمه المدعى لإثبات أنه تظلم في الميعاد هذا ومع افترتض أن المدعى قدم تظلما بتاريخ 11/12/1985 من القرار المذكور فإنه لم يقم الطعن عليه بالإجراءات المقررة قانونا إلا بصحيفة تعديل الطلبات التي أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 28/3/1987 ، أى بعد الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء ، مما يكون معه طلبه إلغاء القرار رقم 45 لسنة 1981 غير مقبول شكلا ، ومن حيث إنه عن طلب إلغاء القرار رقم 282 لسنة 1986 ، فإنه ولئن كانت المنازعة بين المدعى والجهة الإدارية المدعى عليها حول ترتيب أقدمية المدعى والمطعون على ترقيته السيد ........ في الدرجة الأولى من شأنها ، إزاء إصرار الجهة الإدارية على موقفها برفض طلب المدعى ، أن يجعل تظلم المدعى من القرار رقم 282 لسنة 1986 غير مجد ، إلا أن الثابت أن المدعى قد ذكر هذا القرار في مذكرة دفاعه المقدمة بجلسة المرافعة التي عقدت بتاريخ 23/6/1998 ولم يطلب إلغاء هذا القرار إلا بطلبه العارض بتاريخ 6/7/1989 ، فمن ثم فإن هذا الطلب يكون قد أقيم بعد الميعاد ، ويغدو غير مقبول شكلاً "(الطعن رقم 1239 لسنة 36ق جلسة 21/1/1994)