بسم الله
الرحمن الرحيم
مقدمة
يعتبر تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء عامة من أسمى الغايات التي كرسها
المشرع لحماية حق اللجوء للقضاء المكرس دستوريا .
إذ للمحكوم عليه أن ينفذ إختياريا ما هو ملزم
به قضاءا. و في حالة إمتناعه فإن القانون كفل للمحكوم له حق إتباع إجراءات التنفيذ
الجبري إما مباشرة أو عن طريق الحجز.
و في كل الحالات فإن الموازنة بين حقوق و إلتزامات أطراف التنفيذ أدرجت
قواعد من خلالها يتمكن المحكوم له ( الدائن- الدولة بمفهومها الواسع ) أن يطلب – إذا ما توافرت شروط حددها القانون -تهديد المحكوم عليه ( المدين –
الملزم بسداد الغرامة و/أو المصاريف القضائية ) في جسمه نتيجة لعدم الوفاء .أو ما يصطلح عليه ب " الإكراه البدني".(1) و الذي يمكن تعريفه بأنه
"طريق من طرق التنفيذ يلجأ فيها إلى تهديد المحكوم عليه في جسمه بتحقيق
حبسه إرغاما له على الوفاء بما هو ملزم به قضاءا بموجب أمر أو حكم أو قرار."
أو هو "وسيلة
ضغط لإجبار المحكوم عليه على الوفاء بما في ذمته من إلتزام".
و أمام هذا التعريف وجب تحديد الطبيعة
القانونية للإكراه البدني لما لها من أهمية بالغة في فهم العديد من المسائل
القانونية المرتبطة بالموضوع.
فالمشرع الجزائري مثله مثل التشريعات المقارنة(2)إعتبر أن الإكراه البدني
وسيلة تنفيذ و ليس عقوبة. تماشيا مع المبادئ العامة المجسدة لفكرة أن العقوبة (الحبس)
ترتبط بمفهوم الذنب الجزائي (الجريمة) أكثر من (الذنب المدني) و
المكره بدنيا يقهر في جسمه بالحبس لإرغامه على الوفاء و ليس لعقابه كونه لم
يسدد ما عليه.
و تاريخ الإكراه البدني يثبت صحة ذلك. كون أن جل الدراسات المنصبة حول
الموضوع تؤكد على أنه قديم قدم العلاقات القانونية بين الناس، إذ أجازت الشرائع
السماوية(3) بما فيها الشريعة
الإسلامية اللجوء إلى الإكراه البدني بحبس المدين إرغاما له على الوفاء بالدين(4)، و تتفق في
ذلك المذاهب الأربعة (5)
و تقر بأن :
1)-الإكراه البدني جائز
إذا ما ثبت للقاضي دين الدائن و يسار المدين مع تأخره في الوفاء مستشهدين بقوله –صلى
الله عليه و سلم- " مطل الغني ظلم".(6)
2)- لا يجوز حبس المدين
الفقير لأن فكرة الحبس شرعت للتوصل إلى آداء الدين لا لعينه، فهو ليس غاية في ذاته
بل وسيلة إكراه ضد المدين المماطل على دفع الدين إستنادا لقوله تعالى"و إن
كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة" و قوله-صلى الله عليه و سلم- لغرماء المدين
الذي كثر دينه " خذوا ما وجدتم و ليس لكم إلا ذلك".
أما القانون الروماني فقد أجاز الحبس كوسيلة لإرغام المدين الموسر الممتنع
عن الوفاء إذ يجوز للدائن بعد مضي 30 يوما من تاريخ حصوله على حكم قضائي بدينه أو إلتزامه الحق في القبض على مدينه(7) و إسترقاقه بعد 60 يوما من القبض إذا ما إستمر في عدم الوفاء.
و تطورت بعد ذلك المفاهيم التي تحكم الإكراه البدني مع تطور المجتمعات و
التشريعات .إلى حد الوصول لفكرة الإستمرارفي الأخذ به أو إلغاءه سيما في بعض
المجالات. نظرا لإعتبارات قانونية أساسها أن الوفاء يضمنه مال المدين لا جسمه
و إعتبارات إقتصادية محصلتها أن حبس المدين فيه تعطيل
لنشاطه الإقتصادي الذي يعد سببا للوفاء بالدين.وإعتبارات أدبية لما في الإكراه
البدني من هدر للكرامة الإنسانية كون أن المدين لا يسند له أي ذنب جزائي (جريمة) و
يسجن مع من إرتكبوا جرائم.
انطلاقا من المعطيات سالفة الذكر طرح التساؤل التالي:
ما هو الواقع القانوني و القضائي الذي يحكم موضوع الإكراه البدني في
الجزائر. سيما بعد إنضمامها إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية ؟
يمكن لنا معالجة هذه الإشكالية بناءا على الخطة المقترحة، و التي إعتمدت في
شرح عناصرها على المنهج التحليلي المدعم بالأراء الفقهية و التطبيقات القضائية.
مقدما في كل مرة الإجابة عن بعض التساؤلات المتعلقة بالموضوع.
هوامش المقدمة
(1)
نظم
المشرع الجزائري موضوع الإكراه البدني في كل من :
- قانون الإجراءات المدنية : الباب الثامن ( في
الإكراه البدني ) من الكتاب السادس (في تنفيذ أحكام القضاء ) المواد من 407 إلى
412 .
- قانون الإجراءات الجزائية :الباب
الثالث ( في الإكراه البدني ) من الكتاب السادس ( في بعض إجراءات التنفيذ) المواد
من 597 إلى 611 .
(2)
-
التشريع المصري لا يجيز الإكراه البدني في المواد المدنية إلا في حكم النفقة
وملحقاتها أما المواد الجزائية فهو جائز في المبالغ المستحقة للحكومة من غرامة وما
يجب رده والتعويضات والمصاريف ( المادة
519 قانون الإجراءات الجنائية المصري )
- في القانون الإنجليزي يحبس المدين إذا
امتنع بسوء نية عن الوفاء بالدين المحكوم
به لما في ذلك من ازدراء للمحكمة( contempt of court )
- في التشريع
الفرنسي كان الإكراه البدني جائز في المواد المدنية والجزائية إلى غاية صدور قانون
23 جويلية 1867 وألغي الإكراه البدني في المواد المدنية .
انظر – د/
محمد حسنين. التنفيذ القضائي وتوزيع حصيلته في قانون الإجراءات المدنية الجزائري .
مكتبة الفلاح.الطبعة الأولى 1984 ص : 43/46/47
- في القانون
اللبناني ألغي الإكراه البدني في الديون التجارية والمدنية بموجب قانون أصول
المحاكمات المدنية الصادر في 11 تشرين الأول ( أكتوبر ) 1934 وبقي جائزا فقط في :
دين النفقة وملحقاتها. عدم تسليم قاصر. العطل والضرر الناجم عن جرم جزائي أو جرم
مدني. الرسوم القضائية والغرامات.
انظر – د/
أحمد أبو الوفا . إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية . ط 03 الدار
الجامعية .ص : 21/22/23 .
- يوسف نجم جبرن . طرق الاحتياط والتنفيذ. ط
02 عام 1981 د.م.ج. ص : 436/438/439/440 .
(3)
أجازت
الشريعة اليهودية الحبس بالإكراه البدني ودليل ذلك ما ورد في الإصحاح الخامس من سفر
متى (( كن راضيا لخصمك ما دمت في الطريق لئلا يسلمك إلى القاضي فيلقي بك في السجن
ولا تخرج من هناك حتى توفي الفلس الأخير...))
انظر – د/
أحمد مليجي. التنفيذ وفقا لنصوص قانون المرافعات معلقا عليها بآراء الفقه وأحام
النقض .ط01 عام 1994 . دار الفكر العربي .ص : 19
(4)
الحبس
بسبب الدين في الفقه الإسلامي ثلاثة أضرب وهي :
- حبس تلوم واختبار في حق المدين المجهول
الحال. إذ للقاضي أن يحبس المدين الذي لا تعرف عسرته من يسرته بقدر ما يستبرأ أمره
ويكشف عن حالته المادية.
- حبس
تضييق وتنكيل في حق المدين القادر على الأداء والذي يدعي العدم ثم يثبت أنه
كاذب في ادعائه.
- حبس
تعزير وتأديب في حق المدين المماطل المتهم بإخفاء ماله. إذ يحبس حتى يقوم
بالوفاء أو يثبت فقره .
انظر – د/
أحمد مليجي .المرجع السابق .ص : 24 .
(5)
لمزيد
من التوسع في موقف المذاهب الأربعة ( المالكي. الحنفي . الشافعي . الحنبلي ). راجع
– د/ أحمد مليجي . المرجع السابق . ص : 25 إلى 28 .
(6)
المطل
من المماطلة ومعناه الامتناع عن الوفاء. وفي امتناع الغني عن الوفاء ظلم والظلم لا
يواجه إلا بالقهر والحبس صورة من صور القهر.
(7)
تقول
القاعدة الرومانية : - manus injectio وتعني القبض على المدين.
- duci
jubere وتعني حبس المدين في سجن
خاص .
جاء في
المدونة الكبرى للإمام مالك – الجزء
الرابع –
الصفحة : 105.
"...لا يحبس الحر
ولا العبد في الدين، ولكن يستبرىء أمره، فإن أتهم أنه قد أخفى مالا وغيّبه حبسه،
وإن لم يجد له شيئًا لم يحبسه وخلى سبيله فإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ((وإن
كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة)). إلا أن يحبسه قدر ما يتلوم له من اختباره
ومعرفة ما له وما عليه..."
مستخرجة من
كتاب
للدكتور أحمد مليجي بعنوان "التنفيذ وفقًا
لنصوص قانون المرافعات معلقًا عليها بآراء الفقه وأحكام النقض ". دار الفكر
العربي – الطبعة الأولى – عام 1994 الصفحة :25
الفصل الأول: الإكراه البدني في التشريع الجزائري:
ونتعرض فيه إلى موضوع الإكراه البدني في كل من قانوني
الإجراءات المدنية و الجزائية من خلال بيان أهم العناصر المرتبطة بذلك. مبرزين
الأحكام العامة لـ: مجال التطبيق .
الشروط وكذا التنفيذ تبعا لما هو موجود من نصوص قانونية وتطبيقات قضائية.
المبحث
الأول: الإكراه البدني في قانون الإجراءات المدنية
) المواد المدنية ( :
المطلب
الأول: مجال تطبيق الإكراه البدني و الشروط المتعلقة به:
الفرع الأول: مجال تطبيق الإكراه البدني
في المواد المدنية (1):
نصت المادة 407
من ق.إ.م على أنه " يجوز في المواد التجارية وقروض النقود أن تنفذ الأوامر و
الأحكام(2) الحائزة
لقوة الشيء المقضي فيه و التي تتضمن الحكم بدفع مبلغ أصلي يزيد عن خمسمائة دينار
بطريق الإكراه البدني …"
وعليه فإن مجال تطبيق إجراءات التنفيذ
بطريق الإكراه البدني في المواد المدنية محصور في فرعين هما :
1-المواد التجارية :
ونعني بها كل الأوامر أو الأحكام أو
القرارات التي تصدر نتيجة نزاع ما يتعلق
بمسألة تجارية هذه الأخيرة التي تتحدد طبيعتها بالرجوع إلى أحكام المواد 02/03/04من ق.ت.
و الأمثلة على ذلك عديدة نذكر منها:
شراء
العقارات لإعادة بيعها -مقاولات البناء –مقاولات التأمين- عمليات التوسط لشراء و
بيع العقارات أو المحلات التجارية و القيم المنقولة – الرحلات البحرية – التعامل
بالسفتجة –الشركات التجارية- الالتزامات ما بين التجار …الخ.
2-قروض النقود:
وهي قروض مدنية تنشأ عن عقد اعتراف بدين يلتزم
من خلالها المدين بأن يوفي للدائن بحلول الأجل مبلغ من النقود يكون قد أخذه منه
على وجه الاقتراض.
وأمام الواقع الذي يثبت غالبية تحرير
عقود الاعتراف بالدين ( قروض النقود ) في شكل رسمي، هل يمكن اللجوء إلى طلب مباشرة
إجراءات التنفيذ بواسطة الإكراه البدني بناءا على العقد الرسمي طالما و أنه سند
تنفيذي يمهر بالصيغة التنفيذية ؟
الإجابة تكون بالنفي كون أن محتوى المادة 407 من
ق. إ.م نصت على تنفيذ الأوامر و الأحكام (القرارات) القضائية، وما على حامل عقد
اعتراف بدين المحرر في شكل رسمي إلا اللجوء إلى القضاء لتكريس مضمون العقد في شكل
أمر أو حكم (قرار ) قضائي يمكنه من مباشرة التنفيذ بطريق الإكراه البدني ضد مدينه. (3)
الفرع الثاني: شروط تطبيق الإكراه
البدني :
من أجل مباشرة
إجراءات التنفيذ بطريق الإكراه البدني ( أو القول بأن طلب الإكراه البدني له ما
يؤسسه من حيث الاستجابة إليه ) لا بد من توافر شروط حددها المشرع من خلال المواد 407-408-409
من ق.إ .م يمكن لنا شرحها على النحو التالي:
1/ -ضرورة وجود أمر أو حكم (قرار )قضائي
حائز لقوة الشيء المقضي فيه: و تحليل هذا الشرط ينصب على نقطتين هاتين هما:
- استبعاد تنفيذ محتوى السندات التنفيذية (
العقد الرسمي, الشيك(4) , أحكام المحكمين )
بطريق الإكراه البدني ما لم تجسد في شكل
أمر أو حكم (قرار) قضائي .
- حيازة الأمر أو الحكم ( القرار )
القضائي لقوة الشيء المقضي فيه ويتحقق هذا الشرط بتوافر عنصرين هما :
أ / أن يكون الأمر أو
الحكم ( القرار ) القضائي نهائي ومعناه :
- أن
يصدر ابتدائي نهائي مثل الحالات المنصوص عنها في المواد : 02
من ق.ا.م , 57
من ق.أ
21
من القانون 90/04
المتعلق بالمنازعات الفردية للعمل.
- واما أن يصدر ابتدائي ولكنه يستنفذ طرق
الطعن العادية ( المعارضة والاستئناف ) سواء بممارستها أو فوات اجلها
ب / القابلية للتنفيذ
ومعناها أن يمهر الأمر أو الحكم ( القرار ) القضائي بالصيغة التنفيذية لاجل أن
يكون نافذا في جميع أراضي الجمهورية الجزائرية وفي خلال مدة ثلاثين سنة ( 30 )
من صدوره(5)
( المواد 320
/344
من ق.أ.م ) والمثال على ذلك يكون بـ :
"
أ" يرفع دعوى قضائية ضد " ب " يطالبه من خلالها بأن يدفع له 100.000
د ج الذي يمثل قيمة الدين الذي في ذمته بموجب عقد اعتراف بدين ،
فتنتهي الدعوى القضائية بصدور حكم ابتدائي ( حضوري أو غيابي ) يلزم فيه " ب
" بأن يدفع لـ" أ" مبلغ 100.000
د ج ، الحكم هنا حتى وإن كان يحوز لحجية
الشيء المقضي فيه ، فإنه لا يحوز لقوة الشيء المقضي فيه كونه لا يزال قابلا
للمراجعة بواسطة المعارضة فيه إذا كان غيابيا أو استئنافه إذا كان حضوري . وفي مثل
هذه الحالة فإن عدم تغير مضمون الفصل في النزاع بعد المعارضة أو الاستئناف أو أن مواعيد
هما قد انقضت من شأنه أن يوفر في الحكم أو القرار شرط قوة الشيء المقضي فيه.
2/ أن يكون الأمر أو الحكم ( القرار )
القضائي يتضمن دفع مبلغ أصلي يزيد عن خمسمائة 500
د ج
3/ أن يستنفذ طالب الإكراه البدني طرق
التنفيذ الأخرى المحددة في قانون الإجراءات المدنية
ومعناه أن يكون طالب التنفيذ قد باشر إجراءات التنفيذ الجبري(6) (الحجز
التنفيذي على المنقول ثم على العقار ) المنصوص عنها في المواد 320
إلى 399
من ق. إ . م. والعبرة من ذلك هو أن ذمة المدين المالية أسبق من نفسه(7) وضامنة
للوفاء بالتزامه كما لا يجوز الاحتجاج بمباشرة إجراءات التنفيذ ضد المنقول فقط
لأجل طلب الإكراه البدني بل من الواجب استنفاذ جميع طرق التنفيذ على المنقول
والعقار معا.
4/ إثبات طالب التنفيذ أن له موطن حقيقي في
الأراضي الجزائرية ( المادة 408
من ق. إ.م ) بحيث يجب أن يكون مقيم بصفة حقيقية وفعلية في الجزائر(.( انظر- المواد 36/37/38/39
من ق.م )
5/ أن يكون التنفيذ بطريق الإكراه
البدني في خلال ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة
الحكم حائز لقوة الشيء المقضي فيه ومفاد هذا الشرط أن دعوى الإكراه البدني التي
تأتي بعد مضي المدة القانونية المحددة في نص المادة 409
من ق.إ .م يجعل الحق فيه يسقط بالتقادم، وهذا ما أكدته الغرفة المدنية لمجلس
القضاء بشار وكذا المحكمة العليا(9)
كل
هذه الشروط السالفة الذكر يجب توافرها مجتمعة لأجل القول بالتنفيذ عن طريق
إتباع إجراءات الإكراه البدني.
المطلب الثاني: الأحكام المنظمة
لإجراءات التنفيذ بطريق الإكراه البدني في المواد المدنية:
نتناول في هذا المطلب إجراءات التنفيذ
بطريق الإكراه البدني من خلال دراسة محتوى المواد410، 411،
412
من ق.إ م.
الفرع الأول: دعوى مباشرة التنفيذ عن
طريق الإكراه البدني(10):
نظمت
المادة 410
من ق. إ .م في محتواها إجراءات مباشرة التنفيذ بطريق الإكراه البدني بإقرارها أن
ذلك يكون بتقديم طلب ( دعوى ) لرئيس الجهة القضائية ( رئيس المحكمة ) وفقا للأحكام
التالية:
1/
من حيث الاختصاص النوعي والمحلي فدعوى
الإكراه البدني تدخل ضمن اختصاص رئيس الجهة القضائية ( رئيس المحكمة ) باعتباره
قاضي الأمور المستعجلة ( دعوى إستعجالية ) والذي يكون محل التنفيذ يدخل ضمن
دائرة اختصاصه المحلي ( راجع المادة الثامنة فقرة 02
السطر الأخير من ق.إ.م ).
2
/ من حيث الشروط العامة لرفع الدعوى فإن دعوى الإكراه البدني مثلها مثل أي
دعوى إستعجالية أخرى ترفع ويفصل فيها وفقا لمقتضى أحكام المواد: 12. 13..189.187.185،459.410
من ق .إ.م بحيث:
- تودع العريضة
الافتتاحية مدعمة بالمستندات المثبتة لشروط صحة المطالبة بالإكراه البدني ( محضر
إثبات الدين في قروض النقود، أو ما يثبت الالتزام التجاري ، الأمر أو الحكم أو
القرار الحائز لقوة الشيء المقضي فيه محاضر إجراءات الحجز - على المنقول والعقار -
محاضر عدم الوجود ...الخ )
- يتم تبليغ الخصم (
المدعى عليه ) مع تكليفه بالحضور تكليفا صحيحا
( المادة 23 من ق. إ .م )
- ليتولى بعد ذلك
رئيس الجهة القضائية ( رئيس المحكمة ) الفصل في الدعوى بعد فحصه مستندات المدعي
والمدعى عليه والتحقق من توافر الشروط السالفة الذكر سيما ما تعلق باستنفاذ طرق
التنفيذ الأخرى.
وليأمر إستعجاليا إما:
بالتنفيذ عن طريق الإكراه البدني بحبس المدعى
عليه ( ... الهوية الكاملة ...) لمدة ( ... مدة الحبس ...) تنفيذا لـ ( ... مبلغ الالتزام ومصدره ...) (11)
و
إما بعدم قبول الدعوى أو رفضها في حالة عدم استنفاذ الطلب القضائي الشروط القانونية(12) ( الشكـلية
و/
أو الموضوعية ) كعدم مباشرة إجراءات التنفيذ على العقار أو وقوع الدعوى خارج الأجل
القانوني المحدد في المادة 409 من ق.إ م.أو
أن الالتزام المراد تنفيذه بالإكراه البدني لا هو ضمن المواد التجارية ولا من قروض
النقود....الخ(13)
ملاحظة ( مدة الحبس
) : أمام عدم
صراحة قانون الإجراءات المدنية فيما يتعلق بمسألة تحديد مدة الحبس المحكوم بها ضد
المدعى عليه، فإنه العمل القضائي أثبت صدور الأوامر الإستعجالية في دعاوى الإكراه
البدني خالية من تحديد المدة التي من الواجب حبس المدعى عليه فيها مما فتح المجال
أمام جهات التنفيذ( وكيل الجمهورية ) لأجل تحديدها وغالبا ما تكون الحد الأقصى
المقرر في الفقرة التي تقابل المبلغ المالي طبقا لأحكام المادة 602
من ق.إ ج.
ومثال ذلك:
إذا كان الأمر الاستعجالي اتخذ تنفيذا لالتزام
قيمته 3000
د ج فإن مدة الإكراه البدني عادة ما تحدد من طرف وكيل الجمهورية بثمانية ( 08 )
أشهر على الرغم من أن المادة 602 الفقرة 07
من ق. إ .ج تضمنت مجالا ما بين 04 إلى 08
أشهر إذا كانت قيمة الغرامة أو الأحكام المالية ما بين 2000
إلى 4000
د ج
كل هذا يستدعي بنا التأكد على أن رئيس
المحكمة مختص في تحديد فترة الإكراه البدني في الأمر الاستعجالي الذي يصدره
هو والذي يجب أن يكون شاملا على كل عناصر تنفيذه.
حتى أن المادة 412
من ق. إ .م أقرت بأنه من الواجب تطبيق النصوص الواردة في قانون الإجراءات الجزائية
عن الإكراه البدني غير المخالفة لنصوص قانون الإجراءات المدنية.
ý
حكم
المدين البائس حسن النية(14):
بموجب
أحكام المادة 411
من ق. إ .م فإن لرئيس الجهة القضائية أن يمنح للمدين البائس حسن النية بناءا على
طلبه(15) المدعم بشهادة الفقر أو شهادة إعفائه من
الضريبة ( انضر نفس الحالة فيما يتعلق بالقيود الواردة على حبس المدين ) مهلة لأجل
أن يتدارك التنفيذ عليه بالإكراه البدني ويسدد ما عليه من التزام
باستثناء قضايا السفاتج – الكمبيالة – ودون أن
تتجاوز المهلة الممنوحة سنة كاملة، ولكن من الناحية العملية من هو المدين
البائس حسن النية، وكيف تمنح هذه المهلة ؟
التعريف الذي يمكن
إلحاقه بالمدين البائس حسن النية يبين بأنه ذلك المدين المعسر غير قادر على سداد
ما في ذمته من التزامات وتكون عدم القدرة هذه خارجة عن إرادته أولم يتسبب فيها بطريقة مباشرة وللقاضي في ذلك سلطة
تقديرية واسعة لاستنباط العناصر التي يمكن من خلالها القول بأن المدين بائس
حسن النية أم لا.
أما
عن منح المهلة ( نظرة الميسرة ) من الناحية العملية فالراجح أن – رئيس المحكمة – يصدر أمره الاستعجالي في نفس
الدعوى – بعد التحقق من أن المدين بائس حسن النية – يأمر فيها:
بمنح
المدعى عليه – ... فلان ... - مهلة
-... كذا ...- لأجل سداد مبلغ –...كذا ... - .
وإذا لم يسدد فيما بعد فوات المهلة
المعطاة له، أتبعت في حقه إجراءات التنفيذ بطريق الإكراه البدني.
الفرع الثاني: عرض الملف على جهة
التنفيذ وإجراءات حبس المدين:
بعد صدور الأمر القاضي بمباشرة إجراءات
التنفيذ بطريق الإكراه البدني تعين عرض الملف على وكيل الجمهورية، لأجل إتباع
إجراءات حبس المدين، وطالما أن المادة 412
من ق. إ .م تحيلنا على مواد قانون الإجراءات الجزائية فيما يتعلق بالإكراه البدني،
فمن الضروري الرجوع إلى المواد: 603. 604. 605 . 609 . 610 .611 من ق. إ. ج ،
التي تحدد لنا الأحكام العامة التالية
:
طبقا لنص المادة 604 من ق.إ .ج
فإن مرحلة التنفيذ تبدأ وجوبا بـ:
01- تقديم الطلب(16) لوكيل
الجمهورية الذي يقع في دائرة اختصاصه موطن المطلوب التنفيذ عليه.
02-
دراسة الطلب وكذا الوثائق المرفقة به والتأكد من أن الأمر الاستعجالي
القاضي بتطبيق الإكراه البدني حائز لقوة الشيء المقضي فيه(17) وبالتالي
وجب عدم تنفيذه في :
-
المدة المقررة لاستئنافه ( 15 يوم من
تاريخ التبليغ طبقا لنص المادة 190 من ق.إ.م )
- و إلى حين صدور قرار المجلس المؤيد له في
حالة وقوع استئناف ( لأننا أمام احتمال أن يلغي المجلس الأمر الاستعجالي
القاضي بالإكراه البدني استنادا لنص المادة 11
من العهد كون أن الالتزام المراد تنفيذه تعاقدي أو أن شروط تطبيقه غير متوفرة إذا
كان الالتزام المراد تنفيذه تعاقدي أو غير تعاقدي )
وان كان هذا الحكم يتعارض
مع القواعد العامة المتعلقة بالأوامر الاستعجالية في كونها معجلة النفاذ بقوة
القانون وليس للاستئناف فيها اثر موقف ولا تقبل الاعتراض عن النفاذ المعجل (المادة
188
من ق.إ.م )
إلا أن ضرورة توافر
الشرط سالف الذكر يستند لمبررات نرى من الضروري الرجوع إليها في مثل هذه الحالة,
ألا وهي :
- المسألة تتعلق بالحريات
وعليه من الواجب إيجاد قواعد خاصة بها.
-تطبيق الإكراه
البدني بأمر استعجالي قرر بقوة القانون ( المادة 410
من ق.إ.م )وفقا لقواعد خاصة (18)
03-وإذا
ما تحقق وكيل الجمهورية من توافر الشروط السالفة الذكر وجب أن يحرر تنبيه
بالوفاء(19) يوجه
ويبلغ للمدين المحكوم عليه يلزمه من خلاله بسداد ما عليه .
04- بقاء التنبيه بالوفاء من غير جدوى ولمدة
عشرة ( 10
) أيام - يبدأ حسابها من تاريخ استلام المدين لمحضر التنبيه بالوفاء - يشكل
قريـــنة على عدم استجابته لمحتوى التنبيه ويجعل في شروط المادة 604
من ق. إ.ج متوافرة مما يلزم على وكيل الجمهورية إصدار أمر للقوة
العمومية ( الضبطية القضائية ) لأجل القبض على المحكوم عليه ( المنفذ عليه
بالإكراه البدني ) وحبسه. وتتبع في ذلك
الإجراءات المنصوص عنها في تنفيذ الأوامر بالقبض ( المواد 119
إلى122
من ق. إ.ج )
05- أما إذا تعلق الأمر بالمدين المحبوس لسبب
ما فإن الدائن يكفيه أن يقدم اعتراض في الإفراج عنه لكي يستصدر وكيل
الجمهورية أمرا يوجه لمدير المؤسسة العقابية بإبقاء المحبوس المدين رهن
الحبس طبقا لنص المادة 605 من ق. إ.ج .