أنواع الخطأ الطبى
أنواع الخطأ الطبى :
تتعدد الاخطاء التى يقع بها الطبيب وسنذكر منها فقط فى هذا الفصل بعض الانواع ومنها الاهمال والرعونه وعدم الاحتراز كما يلى :
أولا : الاهمال
يجب على الجراح قبل اجراء العملية ان يفحص المريض من كافة النواحى دون الاقتصار على فحصه من ناحية المرض الذى يشكو منه ،فاذا ما أدانت محكمة الموضوع الجراح الذى تسبب باهماله وعدم احتياطه فى كسر ساق مريض أثناء تحريك ترابيزة العمليات التى كان يرقد عليها وهو مخدر وذلك بسبب عدم ملاحظته ان الساق كانت مربوطة فيها وبها مرض معين يقتضى عدم تحريكها فان حكمها يكون صحيحا لا طعن فيه .
وإذا ما اخطأ الطبيب فى علاج المريض بالاشعة مما ترتب عليه احتقان باطن القدم فيجب ان يتحمل نتيجة خطئه ولايقلل من مسئوليته أن تكون مضاعفات المرض قد نتجت عن تداخل مجمل الاظافر إذ أن الطبيب المختص كان عليه ان ينبه المريض الى طول فترة شفائه وضرورة تجنب كل تهيج للبشرة فى المنطقة المصابة واما وهو لم يفعل يكون قد اضاف الى خطئه عنصرا اخر من عناصر الخطأ وهو عدم الاحتياط .
ويكون مسئولا الجراح الذى يترك فى جوف طفل فى اثناء عملية جراحية إحدى ضمادات ثلاثة استعملها فى العملية وذلك لانه لم يتخذ اقل احتياط لتفادى نسيانه فى جوف المريض فلم يربطهما بخيوط ويشبكها بملقط ، كما يفعل الجراحون عادة ، ولم يثبت ان ترك الضمادة فى جوف المريض قد دعت اليه ظروف قاهرة ،فعدد الضمادات المستعمله فى العملية ثلاثة فقط كما ان البحث عنها لم يكن يحتاج الى زمن طويل يعرض حياة المريض للخطر ، ثم ان الطبيب قد تمادى فى خطئه عندما اخفى عن الوالدين حقيقة ما حدث فلما ارتفعت درجة حرارة المريض بسبب الضمادة التى تركها فى جوفه او همهم ان حالته تحتاج لعملية اخرى واجرى العملية لا لان حاله العلاج تقتضيها بل لمجرد البحث عن الضمادة ومع ذلك لم يجدها حتى خرجت من نفسها عن طريق الشرج .
وقد قضت محكمة النقض بأن : إذا عرض الحكم لبيان ركن الخطأ المسند الى المتهم الثانى (طبيب) بقوله:"أنه طلب الى الممرض والتمرجى ان يقدما له بنجا موضوعيا بنسبة 1% دون أن يصيق هذا المخدر ودون ان يطلع على الزجاجة التى وضع فيها ليتحقق مما إذا كان هو المخدر الذى يريده أم غيره ، ومن ان الكمية التى حقنت بها المجنى عليها تفوق الى اكثر من ضعف الكمية المسموح بها ، ومن أنه قبل أن يجرى عملية جراحية قد تستغرق ساعة فأكثر دون يستعين بطبيب خاص بالمخدر ليفرغ هو إلى مباشرة العملية ، ومن ان الحادث وقع نتيجة مباشرة لاهماله وعدم تحرزه بأن حقن المجنى عليها بمحلول "البونتوكايين" بنسبة 1%وهى تزيد عشر مرات عن النسبة المسموح بها فتسممت وماتت " – فإن ما اورده الحكم من ادلة على ثبوت خطأ الطاعن من شأنه ان يؤدى الى ما رتبه عليها – اما ما يقوله المتهم من ان عمله فى مستشفى عام قائم على نظام التقسيم والتخصص يعفيه من ان يستوثق من نوع المخدر وصلاحيته وانه مادام ذلك المخدر قد اعد من موظف فنى مختص واودع غرفة العمليات – فإنه فى حل من استعماله دون اى بحث- هذا الدفاع من جانب المتهم هو دفاع موضوعى لاتلتزم المحكمة بالرد عليه . بل أن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التى اوردتها المحكمة على خطأ المتهم واسست عليها ادانته ، وهو ما اولته – بحق – على انه خطأ طبى وتقصير من جانب المتهم لايقع من طبيب يقظ فى نفس الظروف الخارجية التى احاطت بالطبيب المسئول بما يفيد انه وقد حل محل اخصائى التخدير ،فإنه يتحمل التزاماته ومنه الاستثياق من نوع المخدر"(نقض جنائى 26/1/1959الطعن رقم 1332س38ق) . وبأنه" متى كان الحكم وقد انتهى الى تبرئة المطعون ضده من جريمتى القتل والاصابة الخطأ والتماس العذر له واسقاط الخطأ عنه نظرا لزحمة العمل ولانه لايوجد بالوحده الطبية سوى إناء واحد يقطر فيه الماء او يحضر فيه الطرطير مما أوقعه فى الغلط ، والى أن من مات من الاطفال كان فى حالة مرضية متقدمة تكفى وحدها للوفاة الا ان الحقن عجل بوفاتهم مما يقطع رابطة السبية بين الخطأ- بغرض ثبوته فى حقه – وبين الموت الذى حدث . وما ذكره الحكم من ذلك سواء فى نفية الخطأ او فى القول بانقطاع رابطة السببية خطأ فى القانون ذلك بأنه مادام ان المطعون ضده وهو – طبيب مزج الدواء بمحلول الطرطير بدلا من الماء المقطر الذى كان يتعين مزجه فقد اخطأ سواء كان قد وقع فى هذا الخطأ وحده او اشترك معه الممرض فيه ، وبالتالى وجبت مساءلته فى الحالتين لان الخطأ المشترك لايجب مسئولية اى من المشاركين فيه ولان استثياق الطبيب من كنه الدواء الذى يتناوله المريض او فى ما يطلب منه ، فى مقام بذل العناية فى شفائه وبالتالى فان التقاعس عن تحريد والتحرز فيه والاحتياط له ، إهمال يخالف كل قواعد المهنة وتعاليمها وعليه ان يتحمل وزره ، كما ان التعجيل بالموت مرادف لاحداثه فى توافر علاقة السببية واستجاب المسئولية ، ولايصح الاستناد الى ارهاق الطبيب بكثرة العمل مبررا لاعفائه من العقوبة وان صلح ظرفا لتخفيفها " (نقض جنائى 20/4/1970 مجموعة احكام محكمة النقض س21-ص26) . وبأنه " إذا كان الحكم الصادر بادانه المتهم – فى جريمة القتل الخطأ – قد اثبت خطأ المتهم الاول ( صيدلى ) فيما قاله : من انه حضر محلول "البونتوكابيبن " كمخدر موضعى بنسبة 1% وهى تزيد على النسبة المسموح بها طبيا وهى 1/800% ومن انه طلب اليه تحضير "نوفوكايين"بنسبة 1% فكان يجب عليه ان يحضر "البونتوكايين " بما يوازى فى قوته هذه النسبة وهى 1/1000 أو 8001 ولا يعفيه من المسئولية قوله ان رئيسه طلب معه تحضيره بنسبة 1% طالما انه ثبت له من مناقشة هذا الرئيس فى التليفون انه لايدرى شيئا من كنه هذا المخدر ومدى سميته ، هذا الى جانب انه موظف مختص بتحضير الادوية ومنها المخدر ، ومسئول عن كل خطأ يصدر منه ،ومن انه لجأ فى الاستفسار عن نسبة تحضير هذا المخدر الى زميل له قد يخطئ وقد يصيب . وكان لزاما عليه ان يتصل بذوى الشأن فى المصلحة التى يتبعها أو الاستعانة فى ذلك بالرجوع الى الكتب الفنية الموثوق بها " كالفارماكوبيا"ومن إقراره صراحة بانة ما كان يعرف شيئا عن هذا المخدر قبل تحضيرة فكان حسن التصرف يقتضية ان يتاكد من النسب الصحية التى يحضر بها ، فلا ينساق فى ذلك وراء نصيحة زميل له ، ومن انة لم ينبة المتهم للتأنى وغيرة من الاطباء ممن قد يستعملون هذا المحلول بانة استعاض بة عن "النو فو كايين "فإن ما أثبته الحكم من اخطاء وقع فيها المتهم يكفى لحمل مسؤليتة جائيا ومدنيا"(الطعن رقم 1332-نقض جنائى –26/1/1959-28ق) . وبأنه "وبما أن محصل الاتهام فى هذة القضية هو أن الدكتور المتهم اجرى للفتاة عملية استخراج حصوة من المثانة وانة بسبب خطئة وعدم احتياطه وعدم عمل الدرنقة اللازمة سهل امتداد التقيح من المثانة الى البريتون وحصل التهاب بريتونى نشأت عنه الوفاة وبعد ان فرقت المحكمة بين خطأ الطبيب الفنى وخطئه المادى واوجبت عقابه على الثانى فى كافة الاحوال انتهت الى ادانة الطبيب عن خطئه واهماله اللذان كانا لهما الاثر المباشر فى الالتهاب البريتونى الذى نشأت عنه الوفاة وذلك لانه : - أولا – لم يضع ورنقة داخلية والحاله توجب ذلك ولاوضع قسطرة لنحل محل الدرنقة المذكورة وليراقب بها البول – ثانيا – واذا سلم بأنه وضع القسطرة فانه لم يراقب البول وكان واجبا عليه مادام يرى اتخاذ القسطرة وسيلة الدرنقة الداخلية اما ان يبقى المريضة فى عيادته وتحت ملاحظته المستمرة واما ان يتردد عليها يوميا لمراقبة تطورات البول( وقد تبين من اقوال حضرة الدكتور سرور أنه لا يسمح فى حالة كهذه بانتقال المريض قبل سبعة أيام وأنه يأخذ على أهل المريض اقرار بمسئوليتهم اذا حتموا نقل مريضهم ) ولا يصح ان يرد على هذا بعدم القدرة المالية لان الطبيب كان يجب عليه ان يبحث هذه الوجهة قبل اجراء العملية لابعدها فاما ان يقبل – العملية تحت مسئوليته ويؤدى واجبه كاملا فيها بما يعرض عليه واما ان يرفض ذلك فيتحمل اهل المريض المسئوليه ويرسلوه الى مستشفى او يتركوه يموت ميتة أخرى لا مسئولية عليه فيها . كما ان الطبيب المتهم لم يتوجه للمريضة فى هذه القضية إلا بعد اليومين وبناء على طلب اهلها فوجد ارتفاعا فى حرارتها كان سببه بلا شك عدم مراقبة البول منذ العملية وعدم اجراء الدرنقة الداخلية ثالثا – كان واجبا عليه ساعة أن زارها ورأى الحرارة مرتفعة ان يشق ثانية المثانة ويدرنفها ولكنه لم يفعل ذلك وقد اجمع الاطباء بضرورته وقالوا انه كان اجراء مفيد للمريضة وانه اجراء حتمى على كل حال رابعا – مع عدم صلاحية الدرنقة الخارجية كوسيلة فى حالة المجنى عليها للتصرف ، فانه وضع الدرنقة فى اعلى الجرح بطريقة غير اصولية باجماع حضرات الاطباء – خامسا – على فرض انه وضعها بأسفل الجرح حسب الاصول فانه لم يبرز المريضة الا مرة واحدة وبعد يومين من تاريخ نقلها فأهمل بذلك تغيير الدرنقة الخارجية التى يلزم حسب رايه هو تغييرها كل 24 ساعة مما يجعلها مشبعة بالسائل ولا فائدة فيها وهذا يساعد على امتداد الالتهاب الذى ظهرت اثاره يوم زيارته لها بارتفاع الحرارة وبعد ارتفاع الحرارة لم تكن الدرنقة الخارجية وسيلة صالحة لانه كان يجب على المثانة ودرنقتها ودنفة داخلية كاجماع الاطباء . سادسا – انه وصل الى البريتون اثناء خياطة الجرح بغرزة ، وهذه الغرزة ان لم تكن سببا مستقلا كافيا لاحداث التهاب بريتونى فانها لاشك من الاسباب التى ساعدت على امتداد عدوى المثانة الى البريتونى كما قرر الدكتور عبد العزيز حلمى وعبد الوهاب سورو - سابعا - ان هذه الاسباب مجتمعه كافيه فى نظر المحكمة لاعتبار ان الالتهاب البريتونى ناتج عن التهاب العدوى المثانية الناتجة عن عدم درنقة مثانة ودرنقة داخلية وعدم مراقبة البول لمعرفة ما اذا كان به صديد أم لا وعدم الشق على المثانة وقت حصول ارتفاع الحرارة فورا مما يجعل الصديد يتراكم ويمتد الى الانسجة الخلويه على الوجه المبين بالصفة التشريحية وان الالتهاب البريتونى الناشئ عن امتداد هذه العدوى الى البريتون وقد نشأت عند الوفاة مباشرة فالمادة 302ع (قديم) منطبقة ومتوفرة الاركان القانونية "
( محكمة الجيزة26/1/1935 محامان س15-ص471) .
ثانيا : الرعونة
إذا ما اصيب المريض بحروق جلدية بسبب حدوث ماس فى اسلاك التيار الكهربائى الموصل الى ( ترابيزة )العمليات بسبب خطأ الممرضة ،فان المسئولية تشمل ايضا كل من مدير المستشفى والجراح الذى اجرى العملية ، اذ ان الاشراف على الاجهزة وصيانتها واعادتها الى حالتها الطبيعية باصلاحها هو واجب مفروض على المستشفى ومن ثم فان الاخلال به يعتبر من قبيل الخطأ الذى يمكن لبسته الى القائمين والمشرفين على العمل بالمستشفى – وخصوصا الجراح الذى كان عليه ان يحتاط ويحرص على سلامة الاجهزة – حتى لا تحدث بالمريض اية اصابات وهو تحت تأثير المخدر .
ويكون مسئولا الجراح عن اهماله ورعونته حينما يجرى عملية جراحية فى الفخذ الايمن بدلا من الايسر بينما لو رجع الى الدوسيه الخاص بالمريض لو وجد ان صورة الاشعة والبيانات المدونة بالكارت الخاص به تشير الى موضع العملية الصحيح . ومن ثم كان فى استطاعته تجنب الوقوع فى هذا الخطأ لو تذرع بالحيطة والعناية ، لذلك يصح عقابه عن جنحة – الاصابة الخطأ .
وتعتبر الممرضة قد ارتكبت خطأ واضحا يستوجب مساءلتها عندما تعطى المريض من تلقاء نفسها حقنة فى العرق بدون استشارة الطبيب او بناء على امره . وتكون المستشفى مسئولة عن التعويض وفقا للقواعد العامة فى المسئولية المدنية . كما يكون الجراح مسئولا اذا ما امر الممرضة بأن تعطى للمريض دواء معينا دون ان يخدرها من عدم اعطائه عن طريق العرق .
وقد قضت محكمة النقض بأن : الآثار الحيوية الموجودة برأس الجنين الذى عثر عليه الطبيب الشرعى بالتجويف البطنى تشير الى انه وقت اجراء عملية الاجهاض كان الجنين مازال حيا وغير متعفن كما يقرر المتهم ، وانه يفسر تشخيص المتهم لوفاة الجنين نتيجة لعدم سماعه ضربات قلب الجنين ، وانه فى مثل هذه المدة من الحمل التى وصلت اليها المجنى عليها ما كان ينبغى استعمال جفت البويضة لاستخراج الجنين على عدة اجزاء كما قرر المتهم ، فضلا عما ظهر من وجود تمزيق كبير بالرحم ، وان ذلك مفاده ان المتهم قد اخطأ فى الطريقة التى اتبعها فى انزال الجنين الامر الذى ادى الى حدوث الوفاة نتيجة تمزق الرحم وما صحبه من نزيف وصدمه عصبية . وانتهى الطبيب الشرعى فى تقريره الى ان ذلك فى رايه يعتبر خطأ مهنيا جسيما . وانه عما يزيد من مسئولية الطبيب المتهم انه قد فوت على المجنى عليها فرصة علاجها على يد اخصائى بعدم تحويلها الى احدى المستشفيات ثم خلص الحكم الى ثبوت الاتهام المسند الى الطاعن فى قوله : " ومن حيث انه يبين مما تقدم ان التهمة الاولى ثابته فى حق المتهم من اقوال الشهود سالفة الذكر . وقد جاءت قاطعة الدلالة على ان المتهم اجرى عملية اجهاض للمجنى عليها أودت بحياتها ومن اقوال المتهم نفسه ، وقد اعترف باجرائه تلك العملية مستعملا جفت البويضة ، ومن التقرير الطبى الشرعى . وقد ثبت منه انه ما كان ينبغى للمتهم استعمال ذلك الجفت وهو يدرك ان المجنى عليها فى الشهر الخامس الرحمى ، كما ان استعمال تلك الالة قد ادى الى احداث تمزيق كبير بالرحم ، وان ذلك يعتبر خطأ مهنيا جسيما من المتهم . ولما كان ذلك ، وكانت القاعدة ان الطبيب او الجراح المرخص له بتعاطى اعمال مهنية لايسأل عن الجريمة العمدية وانما يسأل عن خطئه الجسيم ، وكان المتهم قد اخطأ فى اجراء تلك العملية خطأ جسيما فأهمل ولم يتبع الاصول الطبية ولا ادل على جسامة خطئه من تركه رأس الجنين وقد وجدها الطبيب الشرعى بالتجويف البطنى عند تشريح جثة المجنى عليها . ولما كان ذلك قد أدى مباشرة الى وفاة المجنى عليها فإنه يتعين ادانة المتهم طبقا للمادة 238 من قانون العقوبات "( نقض جنائى 8/1/1968رقم 1920-27ق) .
قد قضت محكمة جنح مصر المستأنفة بأن : " …. وحيث ان الذى ثبت للمحكمة من التحقيق واقوال المتهم بالبوليس واجابته على اسئلة جناب الطبيب الشرعى ان المتوفاه عرضت على حضرة الدكتور اسماعيل بك صدقى قبل الوفاه وكشف عليها ووجد عندها ضيقا فى الحوض ولم يتمكن من تحديد قياس الحوض بالضبط بسبب وجود امساك عندها فأعطاها مسهلا وطلب منها ان تحضر له فى الصباح بغير فطور لاعادة فحصها جيدا فحضرت واعاد الكشف عليها وتاكد من ضيق الحوض فأخبر والدتها بذلك واشار عليها بعدم توليدها بالمنزل اذ يتقرر اجراء العملية اللازمة لها وافهمها انه لو دعى لتوليدها بالمنزل لرفض ذلك وان الاحسن هو البحث من الآن على مستشفى او منزل صحى والانفاق على توليدها وانه بعد ذلك عرضت المتوفاة على المتهم وكان ذلك قبل الولادة بشهر تقريبا فتبين من الفحص انها حامل فى الثامن وان عندها زلال فى البول وان وضع الجنين مستعرض فى البطن فنيه عليها بتعاطى اللبن فقط والمشى ساعتين كل يوم وطلب حضورها بعد ذلك لإعادة الكشف فحضرت له بعد عشرين يوما تقريبا فوجد ان الجنين لايزال مستعرضا وعلم من المتوفاه انها لاتتبع ما اشار عليها به ، فأكد عليها بضرورة اتباع ارشاداته المذكورة والا فلا لزوم لطلبه لانه مصمم على عدم المجئ فى هذه الحالة . وقد دعى للولادة فى 12/11/1925الساعه الثامنه والربع صباحا فوجد ان المجنى بالقاعدة وجيب المياه متفجر وعنق الرحم مفتحة تسمح بدخول اليد والقاعدة منحشرة فى الحوض وحالة الدم جيدة والانقباضات الرحمية قوية ومتتابعة فعمل حقنة كافور للولادة لتقوية القلب وقد أمكنه فى الساعة الثالثة والنصف افرنكى صباحا ان ينزل الساقين والذراعين ثم احس ان الراس كبيرة واسوه حالة المجنى عليها اجتهد فى اخراج الجنين بواسطة الجذب لانهاء الوضع لان الدم كان ينزف واستمر على ذلك حتى الساعة الخامسة والنصف صباحا حيث انفصل الجذع عن الراس التى بقيت داخل الرحم ثم حضر الدكتور ايلى الذى طلبه المتهم بعد أن ساءت الحالة فرأى هذا الاخير ان الحالة خطيرة جدا واشار بنقل المجنى عليها للمستشفى وهناك توفيت والراس داخل الرحم قبل ان يعمل لها العملية.
وقد تبين من التحقيق أيضا أن المتهم عندما رأى صعوبة فى إخراج الجنين طلب معونة زوج المتوفاة وخالتها فى جذب الجنين فأخذا يجذبانه معه وثبت انه استعمل عنفا شديدا فى هذا الجذب حتى انفصلت الدماغ عن الجذع داخل الرحم ثم تبين ايضا ان المتوفاه كانت نزفت كثيرا حتى اغمى عليها وان الدكتور لم يطلب استدعاء طبيب الا للمعاونه بعد ان ساءت الحالة واغمى على المتوفاة مع أن أهلها استشاروه فى احضار طبيب اخر قبل ان تسوء الحالة لهذة الدرجة فرفض . وتبين ان المتهم كان يجذب ساقى الجنين وكان يستعمل الجفت وطلب من الزوج مساعدته فى استعماله باحكام المسمار حتى لايلفت وثبت من اقوال الدكتور ابلى تجار بمحضر البوليس (شاهد نفى) انه عندما دعى للذهاب للوالدة طلب منه اخذ اللازم معه لاخراج الراس فذهب وهناك اخبره المتهم ان الراس كبيره وأنها بقيت فى داخل الرحم اثناء جذب الجنين واخبره ان عددا ولكن لايمكن اخراج الراس بها لان الراس كبيرة ونظرا لانه راى الحالة خطيرة جدا ان الدكتور ايلى تجار اشار بنقل الوالدة للمستشفى فنقلت وتوقف هناك كما سبق بيانه . وحيث انه يرى من الوقائع المتقدمة ومما ذكره جناب الطبيب الشرعى تفصيلا فى تقريره بمحضر الجلسة ان المتهم ارتكب عدة غلطات كانت سببا فى حصول نزيف تسببت عنه الوفاة وهى . أولا : عدم اتخاذه اى حيطه لمنع الخطر فى بادئ الامر مع ما شاهده من حالة المتوفاه قبل الولادة بشهر ثم بعشرة ايام من وضع الجنين فى البطن بالحالة السابقة الذكر وضيق الحوض وكان الواجب عليه ان يتوقع تعسر الولادة وتفهيمه آل المتوفاة حقيقة الأمر والإشارة عليهم بضرورة اجراء الولادة بالمستشفى او عمل الترتيب اللا زم اذ راى انهم صمموا على ان تكون الولاده بالمنزل كما حصل مع الدكتور … … لا ان يذهب و حده طمعا فى الاجر الذى اتفق عليه ودون ان يتخذ اى حيطه حتى انه اهمل فى اخذ العدد الكافية التى يمكن ان يحتاج ايها فى مثل هذه الحالة غير الاعتيادية كما هو ثابت من التحقيق واقوال الدكتور ايلى تجار شاهد النفى بمحضر البوليس . ثانيا: انه عندما باشر الولادة فعلا ووجد ان الحالة صعبة كما تقدم لم يبادر بارسال الوالدة الى المستشفى أو طلب طبيبا آخر لمعونته فى الوقت المناسب قبل ان يستفحل الخطر مع ان ال المتوفاة عرضوا عليه ذلك فرفض ، ولم يطلب استدعاء طبيب اخر الا بعد ان ساءت الحالة وحصل نزيف شديد واغمى على المتوفاة. ثالثا: الاستمرار فى جذب الجنين مدة من الزمن واستعمال العنف فى الجذب مع ما تبين من كبر حجم رأس الجنين ومع علم المتهم بوجود ضيق فى الحوض خصوصا بعد أن جرب أن طريقة الجذب لم تفده فى انزال الراس لوجود عائق ميكانيكى يمنع من مرور الراس من الحوض فلا معنى لاستمرار الجذب بالكيفية المذكورة بعد ذلك مدة عشر دقائق او ربع ساعة او نصف ساعة مع وجود العائق المذكور ومع علم المتهم أن كل دقيقة تمر تؤثر على الوالدة وتقربها من الخطر شيئا فشيئا مع ان المسموح به ان الطبيب يستعمل طريقة الجذب لحد محدود بقدره الفنيون بمدة لايصح ان تزيد على خمس دقائق ويقولون انه بعد ذلك من المؤكد ان الجنين يموت . وفى هذه الاحوال تكون السرعة واجبة جدا ويجب على كل حال ان يكون الجذب فنيا بحيث يجذب الجنين فى اتجاه معين مع اتخاذ الحيطة لجعل الراس تدخل فى الحوض بأقصر اقطارها فإذا ما اتخذ الطبيب هذه الاجراءات مرة ومع علمه بأن الحوض ضيق والرأس كبيرة فكان يجب عليه ان يوقف هذه الاجراءات ويتخذ غيرها وهى ثقب الراس بثاقب الرأس ليصغر حجمها ويسهل نزولها … رابعا : ان طلب المتهم معاونة ال المتوفاة له فى جذب الجنين مع ان الجذب يجب ان يكون فنيا كما تقدم وما كان له ان يستعين بمثلهما فى هذا العمل الفنى الخطير وهمالا يدريان فيه شيئا . اما ما ذكره الدفاع بالقاء مسئولية فصل الراس عن الجسم على ال المتوفاة فلا يمكن الاخذ به لأن المتهم هو الذى طلب هذه المعاونة منهم فهو المسئول عن ذلك وما كان فى استطاعتهم فى هذا الوقت الحرج عدم معاونته فيما يطلب وكان الواجب يقضى عليه فى مثل هذه الحالة بسرعة طلب طبيب اخصائى لمعاونته فى هذا الأمر أو يأمر فورا بإرسال الوالدة للمستشفى كما اشار بذلك الدكتور ايلى بمجرد ان حضر ورأى الحالة سيئة . وحيث انه لا شك أن كل هذه أخطأ جسيمة يجب ان يسأل المتهم عنها" (جنح مستأنف مصر – 2/1/1927 المجموعة الرسمية رقم 11 –28ص2) .
وقد قضى بأن" الطبيب الذى يعمل عملية جراحية بعضد مريضة فينشأ عنها نزيف غزير يستدعى علاج خمسين يوما يكون قد ارتكب خطأ جسيما اذا اتضح ان حدوث النزيف تسبب عن قطع شرايين صغيرة فى محل العملية وعدم ربطها ثانية مع ان الاصول الطبية كانت تقضى بذلك ومن ثم يكون مسئولا جنائيا ومدنيا" (استئناف مصر 19/4/1904 الاستقلال س3 ص105) .
إذا ما اعطى الطبيب المريض حقنة فى العرق فنتج عنها خراج بذراعه وتبين من اقوال الخبراء ان الخراج قديكون نجم اما عن اهمال الطبيب فى تنظيف الحقنة تنظيفا كافيا وتعقيمها كما يقضى بذلك الواجب، واهمل فى إدخال ابرة الحقنة فى العرق ادخالا محكما فتسرب من جراء ذلك جزء من مادة الطرطير خارج العرق مع ان واجب كل طبيب ان يجرى التجربة اللازمة كى يتأكد من دخول الابرة فى العرق تماما وهى ان يجذب الحقنة فاذا ظهر دم بها كان ذلك دليلا على نجاح الحقنة ، فأنه يكون مسئولا فى كل من الحالتين. (محكمة شفاء الجزيئة – مشار اليه فى رساله الدكتوراه للدكتور محمد فائق الجوهرى – ص366) .
ثالثا : عدم الاحتراز
يكون الجراح مسئولا عندما يعالج مرضا فى حلق سيدة باجراء عملية جراحية خطيرة ترتب عليها قطع الشريان السبائى فأصيبت بنزيف انتهى الى وفاتها وذلك لانه لجأ الى عملية خطيرة لا لزوم لها فى منطقة تؤدى اقل حركة خاطئة فيها الى موت المريضة ، خصوصا وانها كانت مصابة بتهيج عصبى شديد كان يقتضى تأجيل العملية . وقد جازف باجراء العملية رغم كل ذلك ولغير ضرورة عاجلة فى الوقت الذى كان يمكن فيه ان يقتصر على بتر جزء من اللوزة ليس غير .
وطبيب أمراض النساء الذى يهمل فى القيام بالعلاج الوقائى اللازم اجراؤه مادة بالنسبة للاطفال حديثى الولادة وذلك بوضع نترات الفضة فى عينى الطفل يكون مسئولا عن الالتهابات الخطيرة التىحدثت فى عينيه للاخلال بهذا الواجب مما ترتب عليه فقدان الطفل لبصره . ولايدرأ عنه المسئولية الادعاء بأن هذه الالتهابات كان سببها فى الاصل امراض ميكروبية اخذها الطفل عن والداته اذا ان هذا المرض يمكن اكتشافه بسهولة كما ان تحصين الطفل ضده بوضع نترات الفضة فى العينين يعتبر من الاحتياطات العادية الواجب اتخاذها .
وقد قضت محكمة النقض بأن : حيث أنه يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه انه حصل واقعة الدعوى بما موجزء ان المجنى عليه مورث المطعون ضدهم ) كان يعمل حدادا بشركة مصر للبترول (الطاعنة الاخرى) وفوجئ أثناء عمله بدخول جسم غريب فى عينيه اليسرى فأخرجه ، ولما توجه الى طبيب الشركه احاله الى الطاعن بوصفه اخصائيا فى الرمد تعاقدت معه الشركة على علاج العاملين بها ، وبعد ان اوقع الكشف الطبى عليه حقنه فى عينيه واجرى له جراحة فى عينيه معا ثم صرفه بعد ساعة من اجرائها وظل يتردد على الطاعن بسبب تورم عينيه ووجهه حوالى اربعين يوما للعلاج الى ان تحقق فيما بعد انه فقد ابصاره مع انه كان سليم البصر قبل الجراحة التى لم يستأذن الطاعن فى اجرائها ولم يجرى مخصوصا قبلها وقد تخلفت لديه بسبب الطاعن عاهة مستديمة وهى فقد بصره كلية وبعد أن عرض الحكم لبيان مختلف التقارير الطبية الفنية المقدمة فى الدعوى واقوال واضعها اثبت ان المجنى عليه لم يكن فى حاجة الى الجراحة بالسرعة التى اجراها له الطاعن ، عول فى ثبوت خطأ الطاعن على ما اورده من تقرير اخصائى مصلحة الطب الشرعى الدموى من انه كان يتعين على الطاعن اجراء الفحوص الباطنية والمعملية اللازمة التى توجبها الاصول الفنية للمريض قبل الجراحة ، وان اجراء الجراحة فى العين معا قد يعرض المريض الى مضاعفات اذا أصابت العينين معا بسبب بؤرة مستكنه او عدوى خارجية او اثناء الجراحة قد تفقدهما الابصار معا وهو ما حدث فى حالة المجنى عليه وان الجراحه لو اجريت على عين واحده فقط لامكن اتخاذ الاجراءات الواقيه ضد الحساسيه عند اجراء الجراحه على العين الاخرى ، ولما حدثت المضاعفات فى العينين معا مما ادى الى فقدهما الابصار كلية ، فضلا عن ان الطاعن لم يستبق المريض فى سريره لبضعة ايام بعد الجراحه واضاف الحكم ان الطاعن اخصائى فإنه يطالب ببذل عناية اكبر من التى يطالب بها غيره من الاطباء العموميين ويجب ان يتوخى غاية الحذر فى علاجه كما يبين من الحكم المطعون فيه ان المحكمة الاستئنافية بعد ان اخذت بأسباب الحكم المستأنف أضافت اليها ما أورده تقرير الطبي الشرعى الاخير تعليقا على – تقارير رؤساء اقسام الرمد فى جامعات اسكندرية وعين شمس واسيوط – الذين ندبتهم المحكمة من أن "المريض كان يشكو من حالة مرضية بعينيه هى اعتام بعدسة كل منهما مضاعف لحالة التهاب قيحى قديم ( كتراكتا مضاعفة ) وان هذه الحالة كانت تستلزم علاجا جراحيا لاستخراج العدستين – المعتمتين وقد قام المتهم باجراء العملية الجراحية اللازمة بعيادته الخاصة على العينين معا وفى جلسة واحدة دون ان يقوم بتحضير الحالة على الوجه الأكمل باجراء المزيد من التحاليل والابحاث المعملية اللازمة استبعاد الوجود بؤرة عفنه بالجسم وتأكدا من نظافة الملتحمة من الجراثيم الضارة ، اكتفاء بتحليل عينه من بول المريض عن السكر وقياس ضغط دمه علما بأن الاجراء الجراحى ما كان عاجلا فى الوقت الذى اجرى فيه وما كان ليضار لو استغرق فترة اجراء هذه الابحاث والتحليلات ثم سمح للمريض بمغادرة العيادة بعد الساعة من اجراء العملية دون ان يوفره له راحة بالفراش اكتفاء بثقته فى تأمين جرح العملية بالغرز اللازمة ، على ان الحالة قد تضاعفت بالتهاب قيحى داخل العينين أدى إلى ضمورها وفقد ابصارهما بصفه كلية على الرغم من محاولة تدارك الحالة المضاعفة بالعلاج المناسب وأن ما قام به المتهم على نحو ما سلف هى أمور يجيزها الفن الطبى ولا تعد كل منها على حده خطأ مهنيا من جانبه إلا أنه يتفق مع الخبراء الثلاثة السابق ندبهم فى أن اختيار المتهم لهذا الاسلوب العلاجى وقيامه باجراء العملية للمريض فى العينين معا فى جلسة واحدة تحت كل هذه الظروف دون اتخاذ الاحتياطات التامه لتأمين نتيجتها كان اختيارا وليد شعور زائد عن المألوف بالثقة بالنفس حجب عنه التزام الحيطة الواجبة التى تتناسب مع طبيعة الاسلوب الذى اختاره فى مثل هذه الحالات تأمينا لنتيجة العملية التى قصده المريض من اجلها وهى الحفاظ على نور من ابصاره وبذلك يكون قد عرضة لحدوث المضاعفات السيئة فى العينين معا فى وقت واحد الامر الذى انتهى الى فقد ابصارهما كلية وبذلك يكون المتهم مسئولا عن النتيجة التى انتهت اليها حالة المريض وهى فقد ابصاره لا بسبب خطأ علمى وانما كان نتيجة عدم تبصر شخصى منه وهو أمر معنوى تقديرى ليس له ميزان خاص ". لما كان ذلك . وكان من المقرر ان ايراد الحكم الاستئنافى اسبابا مكمله لأسباب حكم محكمة اول درجة - الذى اعتنقه – مقتضاه ان يأخذ بهذه الاسباب فيما لايتعارض مع الأسباب التى اضافها , وكانت محكمة الموضوع - بما لها من سلطة فى تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبة جنائيا او مدنيا – وقد قررت ان الطاعن قد أخطأ بقيامه باجراء الجراحه فى العينين معا وفى وقت واحد مع عدم الحاجة أو الإسراع فى إجراء الجراحة وفى كل الظروف – والملابسات المشار اليها فى القارير الفنية – وهو اخصائى – دون اتخاذ الاحتياطات التامة كافة لتامين نتيجتها والتزام الحيطة الواجبة التى تتناسب وطبيعة الاسلوب الذى اختاره فعرض المريض بذلك – لحدوث المضاعفات السيئة فى العينين معا فى وقت واحد ، الامر الذى انتهى الى فقد ابصارهما بصفة كلية ، فإن هذا القدر الثابت من الخطأ يكفى وحده لحمل مسئولية الطاعن جنائيا ومدنيا ذلك انه من المقرر ان اباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للاصول العلمية القرره ، فإذا فرط فى اتباع هذه الاصول او خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه فى اداء عمله ، واذا كان يكفى للعقاب على جريمة الاصابة الخطأ ان تتوافر صورة واحدة من صور الخطأ التى اوردتها المادة 244من قانون العقوبات ، فإن النفس على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون فى هذا الخصوص يكون غير سديد " ( نقض جنائى
11/2/1973 – الطعن رقم 1566 42ق) وبأن " حيث أن الحكم المطعون فيه فى سياق بيانه لواقعة الدعوى قد أورد العناصر التى يتوافر فيها ركن الخطأ فيما نسب الى الطاعن ، فقال أن المصاب عرض على المتهم الثانى المفتش للصحة فأثبت ان به اصابات من عقر كلب وظل يعالجه فترة ادعى بعدها انه شفى فى حين كانت تبدو منه حركات غريبة لاحظها اقارب المجنى عليه بعد خروجه من عيادة المتهم الثاثى فذهب خال المجنى عليه يرجوه فى ان يرسله لمستشفى الكلب لمعالجته فرفض الطاعن ، ثم ذكر الحكم ان الخطأ الذى وقع من الطاعن هو امتناعه عن ارسال المصاب الى مستشفى الكلب ليعطى المصل الواقى اخذا بما جاه بتقرير الطبيب الشرعى من ان الاصابات كما وصفت بتقرير الطبيب الكشاف تقع بالانف والجبهة مما كان يتحتم معه ارسال المصاب فورا لاجراء العلاج بالحقن دون انتظار ملاحظة الحيوان العاقر . وقال الحكم ان تصرف الطبيب على النحو الذى تصرف به كان سببا فى وفاة المصاب . وفيما أثبته الحكم من ذلك ما يدل على ان المحكمة قد استظهرت وقوع الخطأ من الطاعن الذى ادى الى وفاة المجنى عليه . لما كان ذلك وكانت المادة 238 من قانون العقوبات التى طبقتها المحكمة على جريمة الطاعن لاتستلزم توافر جميع مظاهر الخطأ الواردة بها . واذن فمتى كان الحكم قد اثبت توافر عنصر الاهمال فى حق المتهم " مفتش الصحة "بعدم اتباعه ما يقضى به منشور وزارة الداخلية رقم 23لسنة 1927الذى يقضى بارسال المعقورين الى مستشفى الكلب ، ولوقوعه فى خطأ يتعين على كل طبيب ان يدركه ويراعيه بغض النظر عن تعليمات وزارة الصحة – فان ما يثيره الطاعن من عدم العلم بهذا المنشور لصدوره قبل التحاقه بالخدمة لايكون له اساس ، وذلك ان الطبيب الذى يعمل مفتشا للصحة يجب عليه ان يلم بكافة التعليمات الصادرة لامثاله وينفذها سواء أكانت قد صدرت قبل تعينية ، ام بعد ذلك " (نقض جنائى 3/1/1953 مجموعة احكام محكمة النقض ، س4 ع3ص133) .
أنواع الخطأ الطبى :
تتعدد الاخطاء التى يقع بها الطبيب وسنذكر منها فقط فى هذا الفصل بعض الانواع ومنها الاهمال والرعونه وعدم الاحتراز كما يلى :
أولا : الاهمال
يجب على الجراح قبل اجراء العملية ان يفحص المريض من كافة النواحى دون الاقتصار على فحصه من ناحية المرض الذى يشكو منه ،فاذا ما أدانت محكمة الموضوع الجراح الذى تسبب باهماله وعدم احتياطه فى كسر ساق مريض أثناء تحريك ترابيزة العمليات التى كان يرقد عليها وهو مخدر وذلك بسبب عدم ملاحظته ان الساق كانت مربوطة فيها وبها مرض معين يقتضى عدم تحريكها فان حكمها يكون صحيحا لا طعن فيه .
وإذا ما اخطأ الطبيب فى علاج المريض بالاشعة مما ترتب عليه احتقان باطن القدم فيجب ان يتحمل نتيجة خطئه ولايقلل من مسئوليته أن تكون مضاعفات المرض قد نتجت عن تداخل مجمل الاظافر إذ أن الطبيب المختص كان عليه ان ينبه المريض الى طول فترة شفائه وضرورة تجنب كل تهيج للبشرة فى المنطقة المصابة واما وهو لم يفعل يكون قد اضاف الى خطئه عنصرا اخر من عناصر الخطأ وهو عدم الاحتياط .
ويكون مسئولا الجراح الذى يترك فى جوف طفل فى اثناء عملية جراحية إحدى ضمادات ثلاثة استعملها فى العملية وذلك لانه لم يتخذ اقل احتياط لتفادى نسيانه فى جوف المريض فلم يربطهما بخيوط ويشبكها بملقط ، كما يفعل الجراحون عادة ، ولم يثبت ان ترك الضمادة فى جوف المريض قد دعت اليه ظروف قاهرة ،فعدد الضمادات المستعمله فى العملية ثلاثة فقط كما ان البحث عنها لم يكن يحتاج الى زمن طويل يعرض حياة المريض للخطر ، ثم ان الطبيب قد تمادى فى خطئه عندما اخفى عن الوالدين حقيقة ما حدث فلما ارتفعت درجة حرارة المريض بسبب الضمادة التى تركها فى جوفه او همهم ان حالته تحتاج لعملية اخرى واجرى العملية لا لان حاله العلاج تقتضيها بل لمجرد البحث عن الضمادة ومع ذلك لم يجدها حتى خرجت من نفسها عن طريق الشرج .
وقد قضت محكمة النقض بأن : إذا عرض الحكم لبيان ركن الخطأ المسند الى المتهم الثانى (طبيب) بقوله:"أنه طلب الى الممرض والتمرجى ان يقدما له بنجا موضوعيا بنسبة 1% دون أن يصيق هذا المخدر ودون ان يطلع على الزجاجة التى وضع فيها ليتحقق مما إذا كان هو المخدر الذى يريده أم غيره ، ومن ان الكمية التى حقنت بها المجنى عليها تفوق الى اكثر من ضعف الكمية المسموح بها ، ومن أنه قبل أن يجرى عملية جراحية قد تستغرق ساعة فأكثر دون يستعين بطبيب خاص بالمخدر ليفرغ هو إلى مباشرة العملية ، ومن ان الحادث وقع نتيجة مباشرة لاهماله وعدم تحرزه بأن حقن المجنى عليها بمحلول "البونتوكايين" بنسبة 1%وهى تزيد عشر مرات عن النسبة المسموح بها فتسممت وماتت " – فإن ما اورده الحكم من ادلة على ثبوت خطأ الطاعن من شأنه ان يؤدى الى ما رتبه عليها – اما ما يقوله المتهم من ان عمله فى مستشفى عام قائم على نظام التقسيم والتخصص يعفيه من ان يستوثق من نوع المخدر وصلاحيته وانه مادام ذلك المخدر قد اعد من موظف فنى مختص واودع غرفة العمليات – فإنه فى حل من استعماله دون اى بحث- هذا الدفاع من جانب المتهم هو دفاع موضوعى لاتلتزم المحكمة بالرد عليه . بل أن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التى اوردتها المحكمة على خطأ المتهم واسست عليها ادانته ، وهو ما اولته – بحق – على انه خطأ طبى وتقصير من جانب المتهم لايقع من طبيب يقظ فى نفس الظروف الخارجية التى احاطت بالطبيب المسئول بما يفيد انه وقد حل محل اخصائى التخدير ،فإنه يتحمل التزاماته ومنه الاستثياق من نوع المخدر"(نقض جنائى 26/1/1959الطعن رقم 1332س38ق) . وبأنه" متى كان الحكم وقد انتهى الى تبرئة المطعون ضده من جريمتى القتل والاصابة الخطأ والتماس العذر له واسقاط الخطأ عنه نظرا لزحمة العمل ولانه لايوجد بالوحده الطبية سوى إناء واحد يقطر فيه الماء او يحضر فيه الطرطير مما أوقعه فى الغلط ، والى أن من مات من الاطفال كان فى حالة مرضية متقدمة تكفى وحدها للوفاة الا ان الحقن عجل بوفاتهم مما يقطع رابطة السبية بين الخطأ- بغرض ثبوته فى حقه – وبين الموت الذى حدث . وما ذكره الحكم من ذلك سواء فى نفية الخطأ او فى القول بانقطاع رابطة السببية خطأ فى القانون ذلك بأنه مادام ان المطعون ضده وهو – طبيب مزج الدواء بمحلول الطرطير بدلا من الماء المقطر الذى كان يتعين مزجه فقد اخطأ سواء كان قد وقع فى هذا الخطأ وحده او اشترك معه الممرض فيه ، وبالتالى وجبت مساءلته فى الحالتين لان الخطأ المشترك لايجب مسئولية اى من المشاركين فيه ولان استثياق الطبيب من كنه الدواء الذى يتناوله المريض او فى ما يطلب منه ، فى مقام بذل العناية فى شفائه وبالتالى فان التقاعس عن تحريد والتحرز فيه والاحتياط له ، إهمال يخالف كل قواعد المهنة وتعاليمها وعليه ان يتحمل وزره ، كما ان التعجيل بالموت مرادف لاحداثه فى توافر علاقة السببية واستجاب المسئولية ، ولايصح الاستناد الى ارهاق الطبيب بكثرة العمل مبررا لاعفائه من العقوبة وان صلح ظرفا لتخفيفها " (نقض جنائى 20/4/1970 مجموعة احكام محكمة النقض س21-ص26) . وبأنه " إذا كان الحكم الصادر بادانه المتهم – فى جريمة القتل الخطأ – قد اثبت خطأ المتهم الاول ( صيدلى ) فيما قاله : من انه حضر محلول "البونتوكابيبن " كمخدر موضعى بنسبة 1% وهى تزيد على النسبة المسموح بها طبيا وهى 1/800% ومن انه طلب اليه تحضير "نوفوكايين"بنسبة 1% فكان يجب عليه ان يحضر "البونتوكايين " بما يوازى فى قوته هذه النسبة وهى 1/1000 أو 8001 ولا يعفيه من المسئولية قوله ان رئيسه طلب معه تحضيره بنسبة 1% طالما انه ثبت له من مناقشة هذا الرئيس فى التليفون انه لايدرى شيئا من كنه هذا المخدر ومدى سميته ، هذا الى جانب انه موظف مختص بتحضير الادوية ومنها المخدر ، ومسئول عن كل خطأ يصدر منه ،ومن انه لجأ فى الاستفسار عن نسبة تحضير هذا المخدر الى زميل له قد يخطئ وقد يصيب . وكان لزاما عليه ان يتصل بذوى الشأن فى المصلحة التى يتبعها أو الاستعانة فى ذلك بالرجوع الى الكتب الفنية الموثوق بها " كالفارماكوبيا"ومن إقراره صراحة بانة ما كان يعرف شيئا عن هذا المخدر قبل تحضيرة فكان حسن التصرف يقتضية ان يتاكد من النسب الصحية التى يحضر بها ، فلا ينساق فى ذلك وراء نصيحة زميل له ، ومن انة لم ينبة المتهم للتأنى وغيرة من الاطباء ممن قد يستعملون هذا المحلول بانة استعاض بة عن "النو فو كايين "فإن ما أثبته الحكم من اخطاء وقع فيها المتهم يكفى لحمل مسؤليتة جائيا ومدنيا"(الطعن رقم 1332-نقض جنائى –26/1/1959-28ق) . وبأنه "وبما أن محصل الاتهام فى هذة القضية هو أن الدكتور المتهم اجرى للفتاة عملية استخراج حصوة من المثانة وانة بسبب خطئة وعدم احتياطه وعدم عمل الدرنقة اللازمة سهل امتداد التقيح من المثانة الى البريتون وحصل التهاب بريتونى نشأت عنه الوفاة وبعد ان فرقت المحكمة بين خطأ الطبيب الفنى وخطئه المادى واوجبت عقابه على الثانى فى كافة الاحوال انتهت الى ادانة الطبيب عن خطئه واهماله اللذان كانا لهما الاثر المباشر فى الالتهاب البريتونى الذى نشأت عنه الوفاة وذلك لانه : - أولا – لم يضع ورنقة داخلية والحاله توجب ذلك ولاوضع قسطرة لنحل محل الدرنقة المذكورة وليراقب بها البول – ثانيا – واذا سلم بأنه وضع القسطرة فانه لم يراقب البول وكان واجبا عليه مادام يرى اتخاذ القسطرة وسيلة الدرنقة الداخلية اما ان يبقى المريضة فى عيادته وتحت ملاحظته المستمرة واما ان يتردد عليها يوميا لمراقبة تطورات البول( وقد تبين من اقوال حضرة الدكتور سرور أنه لا يسمح فى حالة كهذه بانتقال المريض قبل سبعة أيام وأنه يأخذ على أهل المريض اقرار بمسئوليتهم اذا حتموا نقل مريضهم ) ولا يصح ان يرد على هذا بعدم القدرة المالية لان الطبيب كان يجب عليه ان يبحث هذه الوجهة قبل اجراء العملية لابعدها فاما ان يقبل – العملية تحت مسئوليته ويؤدى واجبه كاملا فيها بما يعرض عليه واما ان يرفض ذلك فيتحمل اهل المريض المسئوليه ويرسلوه الى مستشفى او يتركوه يموت ميتة أخرى لا مسئولية عليه فيها . كما ان الطبيب المتهم لم يتوجه للمريضة فى هذه القضية إلا بعد اليومين وبناء على طلب اهلها فوجد ارتفاعا فى حرارتها كان سببه بلا شك عدم مراقبة البول منذ العملية وعدم اجراء الدرنقة الداخلية ثالثا – كان واجبا عليه ساعة أن زارها ورأى الحرارة مرتفعة ان يشق ثانية المثانة ويدرنفها ولكنه لم يفعل ذلك وقد اجمع الاطباء بضرورته وقالوا انه كان اجراء مفيد للمريضة وانه اجراء حتمى على كل حال رابعا – مع عدم صلاحية الدرنقة الخارجية كوسيلة فى حالة المجنى عليها للتصرف ، فانه وضع الدرنقة فى اعلى الجرح بطريقة غير اصولية باجماع حضرات الاطباء – خامسا – على فرض انه وضعها بأسفل الجرح حسب الاصول فانه لم يبرز المريضة الا مرة واحدة وبعد يومين من تاريخ نقلها فأهمل بذلك تغيير الدرنقة الخارجية التى يلزم حسب رايه هو تغييرها كل 24 ساعة مما يجعلها مشبعة بالسائل ولا فائدة فيها وهذا يساعد على امتداد الالتهاب الذى ظهرت اثاره يوم زيارته لها بارتفاع الحرارة وبعد ارتفاع الحرارة لم تكن الدرنقة الخارجية وسيلة صالحة لانه كان يجب على المثانة ودرنقتها ودنفة داخلية كاجماع الاطباء . سادسا – انه وصل الى البريتون اثناء خياطة الجرح بغرزة ، وهذه الغرزة ان لم تكن سببا مستقلا كافيا لاحداث التهاب بريتونى فانها لاشك من الاسباب التى ساعدت على امتداد عدوى المثانة الى البريتونى كما قرر الدكتور عبد العزيز حلمى وعبد الوهاب سورو - سابعا - ان هذه الاسباب مجتمعه كافيه فى نظر المحكمة لاعتبار ان الالتهاب البريتونى ناتج عن التهاب العدوى المثانية الناتجة عن عدم درنقة مثانة ودرنقة داخلية وعدم مراقبة البول لمعرفة ما اذا كان به صديد أم لا وعدم الشق على المثانة وقت حصول ارتفاع الحرارة فورا مما يجعل الصديد يتراكم ويمتد الى الانسجة الخلويه على الوجه المبين بالصفة التشريحية وان الالتهاب البريتونى الناشئ عن امتداد هذه العدوى الى البريتون وقد نشأت عند الوفاة مباشرة فالمادة 302ع (قديم) منطبقة ومتوفرة الاركان القانونية "
( محكمة الجيزة26/1/1935 محامان س15-ص471) .
ثانيا : الرعونة
إذا ما اصيب المريض بحروق جلدية بسبب حدوث ماس فى اسلاك التيار الكهربائى الموصل الى ( ترابيزة )العمليات بسبب خطأ الممرضة ،فان المسئولية تشمل ايضا كل من مدير المستشفى والجراح الذى اجرى العملية ، اذ ان الاشراف على الاجهزة وصيانتها واعادتها الى حالتها الطبيعية باصلاحها هو واجب مفروض على المستشفى ومن ثم فان الاخلال به يعتبر من قبيل الخطأ الذى يمكن لبسته الى القائمين والمشرفين على العمل بالمستشفى – وخصوصا الجراح الذى كان عليه ان يحتاط ويحرص على سلامة الاجهزة – حتى لا تحدث بالمريض اية اصابات وهو تحت تأثير المخدر .
ويكون مسئولا الجراح عن اهماله ورعونته حينما يجرى عملية جراحية فى الفخذ الايمن بدلا من الايسر بينما لو رجع الى الدوسيه الخاص بالمريض لو وجد ان صورة الاشعة والبيانات المدونة بالكارت الخاص به تشير الى موضع العملية الصحيح . ومن ثم كان فى استطاعته تجنب الوقوع فى هذا الخطأ لو تذرع بالحيطة والعناية ، لذلك يصح عقابه عن جنحة – الاصابة الخطأ .
وتعتبر الممرضة قد ارتكبت خطأ واضحا يستوجب مساءلتها عندما تعطى المريض من تلقاء نفسها حقنة فى العرق بدون استشارة الطبيب او بناء على امره . وتكون المستشفى مسئولة عن التعويض وفقا للقواعد العامة فى المسئولية المدنية . كما يكون الجراح مسئولا اذا ما امر الممرضة بأن تعطى للمريض دواء معينا دون ان يخدرها من عدم اعطائه عن طريق العرق .
وقد قضت محكمة النقض بأن : الآثار الحيوية الموجودة برأس الجنين الذى عثر عليه الطبيب الشرعى بالتجويف البطنى تشير الى انه وقت اجراء عملية الاجهاض كان الجنين مازال حيا وغير متعفن كما يقرر المتهم ، وانه يفسر تشخيص المتهم لوفاة الجنين نتيجة لعدم سماعه ضربات قلب الجنين ، وانه فى مثل هذه المدة من الحمل التى وصلت اليها المجنى عليها ما كان ينبغى استعمال جفت البويضة لاستخراج الجنين على عدة اجزاء كما قرر المتهم ، فضلا عما ظهر من وجود تمزيق كبير بالرحم ، وان ذلك مفاده ان المتهم قد اخطأ فى الطريقة التى اتبعها فى انزال الجنين الامر الذى ادى الى حدوث الوفاة نتيجة تمزق الرحم وما صحبه من نزيف وصدمه عصبية . وانتهى الطبيب الشرعى فى تقريره الى ان ذلك فى رايه يعتبر خطأ مهنيا جسيما . وانه عما يزيد من مسئولية الطبيب المتهم انه قد فوت على المجنى عليها فرصة علاجها على يد اخصائى بعدم تحويلها الى احدى المستشفيات ثم خلص الحكم الى ثبوت الاتهام المسند الى الطاعن فى قوله : " ومن حيث انه يبين مما تقدم ان التهمة الاولى ثابته فى حق المتهم من اقوال الشهود سالفة الذكر . وقد جاءت قاطعة الدلالة على ان المتهم اجرى عملية اجهاض للمجنى عليها أودت بحياتها ومن اقوال المتهم نفسه ، وقد اعترف باجرائه تلك العملية مستعملا جفت البويضة ، ومن التقرير الطبى الشرعى . وقد ثبت منه انه ما كان ينبغى للمتهم استعمال ذلك الجفت وهو يدرك ان المجنى عليها فى الشهر الخامس الرحمى ، كما ان استعمال تلك الالة قد ادى الى احداث تمزيق كبير بالرحم ، وان ذلك يعتبر خطأ مهنيا جسيما من المتهم . ولما كان ذلك ، وكانت القاعدة ان الطبيب او الجراح المرخص له بتعاطى اعمال مهنية لايسأل عن الجريمة العمدية وانما يسأل عن خطئه الجسيم ، وكان المتهم قد اخطأ فى اجراء تلك العملية خطأ جسيما فأهمل ولم يتبع الاصول الطبية ولا ادل على جسامة خطئه من تركه رأس الجنين وقد وجدها الطبيب الشرعى بالتجويف البطنى عند تشريح جثة المجنى عليها . ولما كان ذلك قد أدى مباشرة الى وفاة المجنى عليها فإنه يتعين ادانة المتهم طبقا للمادة 238 من قانون العقوبات "( نقض جنائى 8/1/1968رقم 1920-27ق) .
قد قضت محكمة جنح مصر المستأنفة بأن : " …. وحيث ان الذى ثبت للمحكمة من التحقيق واقوال المتهم بالبوليس واجابته على اسئلة جناب الطبيب الشرعى ان المتوفاه عرضت على حضرة الدكتور اسماعيل بك صدقى قبل الوفاه وكشف عليها ووجد عندها ضيقا فى الحوض ولم يتمكن من تحديد قياس الحوض بالضبط بسبب وجود امساك عندها فأعطاها مسهلا وطلب منها ان تحضر له فى الصباح بغير فطور لاعادة فحصها جيدا فحضرت واعاد الكشف عليها وتاكد من ضيق الحوض فأخبر والدتها بذلك واشار عليها بعدم توليدها بالمنزل اذ يتقرر اجراء العملية اللازمة لها وافهمها انه لو دعى لتوليدها بالمنزل لرفض ذلك وان الاحسن هو البحث من الآن على مستشفى او منزل صحى والانفاق على توليدها وانه بعد ذلك عرضت المتوفاة على المتهم وكان ذلك قبل الولادة بشهر تقريبا فتبين من الفحص انها حامل فى الثامن وان عندها زلال فى البول وان وضع الجنين مستعرض فى البطن فنيه عليها بتعاطى اللبن فقط والمشى ساعتين كل يوم وطلب حضورها بعد ذلك لإعادة الكشف فحضرت له بعد عشرين يوما تقريبا فوجد ان الجنين لايزال مستعرضا وعلم من المتوفاه انها لاتتبع ما اشار عليها به ، فأكد عليها بضرورة اتباع ارشاداته المذكورة والا فلا لزوم لطلبه لانه مصمم على عدم المجئ فى هذه الحالة . وقد دعى للولادة فى 12/11/1925الساعه الثامنه والربع صباحا فوجد ان المجنى بالقاعدة وجيب المياه متفجر وعنق الرحم مفتحة تسمح بدخول اليد والقاعدة منحشرة فى الحوض وحالة الدم جيدة والانقباضات الرحمية قوية ومتتابعة فعمل حقنة كافور للولادة لتقوية القلب وقد أمكنه فى الساعة الثالثة والنصف افرنكى صباحا ان ينزل الساقين والذراعين ثم احس ان الراس كبيرة واسوه حالة المجنى عليها اجتهد فى اخراج الجنين بواسطة الجذب لانهاء الوضع لان الدم كان ينزف واستمر على ذلك حتى الساعة الخامسة والنصف صباحا حيث انفصل الجذع عن الراس التى بقيت داخل الرحم ثم حضر الدكتور ايلى الذى طلبه المتهم بعد أن ساءت الحالة فرأى هذا الاخير ان الحالة خطيرة جدا واشار بنقل المجنى عليها للمستشفى وهناك توفيت والراس داخل الرحم قبل ان يعمل لها العملية.
وقد تبين من التحقيق أيضا أن المتهم عندما رأى صعوبة فى إخراج الجنين طلب معونة زوج المتوفاة وخالتها فى جذب الجنين فأخذا يجذبانه معه وثبت انه استعمل عنفا شديدا فى هذا الجذب حتى انفصلت الدماغ عن الجذع داخل الرحم ثم تبين ايضا ان المتوفاه كانت نزفت كثيرا حتى اغمى عليها وان الدكتور لم يطلب استدعاء طبيب الا للمعاونه بعد ان ساءت الحالة واغمى على المتوفاة مع أن أهلها استشاروه فى احضار طبيب اخر قبل ان تسوء الحالة لهذة الدرجة فرفض . وتبين ان المتهم كان يجذب ساقى الجنين وكان يستعمل الجفت وطلب من الزوج مساعدته فى استعماله باحكام المسمار حتى لايلفت وثبت من اقوال الدكتور ابلى تجار بمحضر البوليس (شاهد نفى) انه عندما دعى للذهاب للوالدة طلب منه اخذ اللازم معه لاخراج الراس فذهب وهناك اخبره المتهم ان الراس كبيره وأنها بقيت فى داخل الرحم اثناء جذب الجنين واخبره ان عددا ولكن لايمكن اخراج الراس بها لان الراس كبيرة ونظرا لانه راى الحالة خطيرة جدا ان الدكتور ايلى تجار اشار بنقل الوالدة للمستشفى فنقلت وتوقف هناك كما سبق بيانه . وحيث انه يرى من الوقائع المتقدمة ومما ذكره جناب الطبيب الشرعى تفصيلا فى تقريره بمحضر الجلسة ان المتهم ارتكب عدة غلطات كانت سببا فى حصول نزيف تسببت عنه الوفاة وهى . أولا : عدم اتخاذه اى حيطه لمنع الخطر فى بادئ الامر مع ما شاهده من حالة المتوفاه قبل الولادة بشهر ثم بعشرة ايام من وضع الجنين فى البطن بالحالة السابقة الذكر وضيق الحوض وكان الواجب عليه ان يتوقع تعسر الولادة وتفهيمه آل المتوفاة حقيقة الأمر والإشارة عليهم بضرورة اجراء الولادة بالمستشفى او عمل الترتيب اللا زم اذ راى انهم صمموا على ان تكون الولاده بالمنزل كما حصل مع الدكتور … … لا ان يذهب و حده طمعا فى الاجر الذى اتفق عليه ودون ان يتخذ اى حيطه حتى انه اهمل فى اخذ العدد الكافية التى يمكن ان يحتاج ايها فى مثل هذه الحالة غير الاعتيادية كما هو ثابت من التحقيق واقوال الدكتور ايلى تجار شاهد النفى بمحضر البوليس . ثانيا: انه عندما باشر الولادة فعلا ووجد ان الحالة صعبة كما تقدم لم يبادر بارسال الوالدة الى المستشفى أو طلب طبيبا آخر لمعونته فى الوقت المناسب قبل ان يستفحل الخطر مع ان ال المتوفاة عرضوا عليه ذلك فرفض ، ولم يطلب استدعاء طبيب اخر الا بعد ان ساءت الحالة وحصل نزيف شديد واغمى على المتوفاة. ثالثا: الاستمرار فى جذب الجنين مدة من الزمن واستعمال العنف فى الجذب مع ما تبين من كبر حجم رأس الجنين ومع علم المتهم بوجود ضيق فى الحوض خصوصا بعد أن جرب أن طريقة الجذب لم تفده فى انزال الراس لوجود عائق ميكانيكى يمنع من مرور الراس من الحوض فلا معنى لاستمرار الجذب بالكيفية المذكورة بعد ذلك مدة عشر دقائق او ربع ساعة او نصف ساعة مع وجود العائق المذكور ومع علم المتهم أن كل دقيقة تمر تؤثر على الوالدة وتقربها من الخطر شيئا فشيئا مع ان المسموح به ان الطبيب يستعمل طريقة الجذب لحد محدود بقدره الفنيون بمدة لايصح ان تزيد على خمس دقائق ويقولون انه بعد ذلك من المؤكد ان الجنين يموت . وفى هذه الاحوال تكون السرعة واجبة جدا ويجب على كل حال ان يكون الجذب فنيا بحيث يجذب الجنين فى اتجاه معين مع اتخاذ الحيطة لجعل الراس تدخل فى الحوض بأقصر اقطارها فإذا ما اتخذ الطبيب هذه الاجراءات مرة ومع علمه بأن الحوض ضيق والرأس كبيرة فكان يجب عليه ان يوقف هذه الاجراءات ويتخذ غيرها وهى ثقب الراس بثاقب الرأس ليصغر حجمها ويسهل نزولها … رابعا : ان طلب المتهم معاونة ال المتوفاة له فى جذب الجنين مع ان الجذب يجب ان يكون فنيا كما تقدم وما كان له ان يستعين بمثلهما فى هذا العمل الفنى الخطير وهمالا يدريان فيه شيئا . اما ما ذكره الدفاع بالقاء مسئولية فصل الراس عن الجسم على ال المتوفاة فلا يمكن الاخذ به لأن المتهم هو الذى طلب هذه المعاونة منهم فهو المسئول عن ذلك وما كان فى استطاعتهم فى هذا الوقت الحرج عدم معاونته فيما يطلب وكان الواجب يقضى عليه فى مثل هذه الحالة بسرعة طلب طبيب اخصائى لمعاونته فى هذا الأمر أو يأمر فورا بإرسال الوالدة للمستشفى كما اشار بذلك الدكتور ايلى بمجرد ان حضر ورأى الحالة سيئة . وحيث انه لا شك أن كل هذه أخطأ جسيمة يجب ان يسأل المتهم عنها" (جنح مستأنف مصر – 2/1/1927 المجموعة الرسمية رقم 11 –28ص2) .
وقد قضى بأن" الطبيب الذى يعمل عملية جراحية بعضد مريضة فينشأ عنها نزيف غزير يستدعى علاج خمسين يوما يكون قد ارتكب خطأ جسيما اذا اتضح ان حدوث النزيف تسبب عن قطع شرايين صغيرة فى محل العملية وعدم ربطها ثانية مع ان الاصول الطبية كانت تقضى بذلك ومن ثم يكون مسئولا جنائيا ومدنيا" (استئناف مصر 19/4/1904 الاستقلال س3 ص105) .
إذا ما اعطى الطبيب المريض حقنة فى العرق فنتج عنها خراج بذراعه وتبين من اقوال الخبراء ان الخراج قديكون نجم اما عن اهمال الطبيب فى تنظيف الحقنة تنظيفا كافيا وتعقيمها كما يقضى بذلك الواجب، واهمل فى إدخال ابرة الحقنة فى العرق ادخالا محكما فتسرب من جراء ذلك جزء من مادة الطرطير خارج العرق مع ان واجب كل طبيب ان يجرى التجربة اللازمة كى يتأكد من دخول الابرة فى العرق تماما وهى ان يجذب الحقنة فاذا ظهر دم بها كان ذلك دليلا على نجاح الحقنة ، فأنه يكون مسئولا فى كل من الحالتين. (محكمة شفاء الجزيئة – مشار اليه فى رساله الدكتوراه للدكتور محمد فائق الجوهرى – ص366) .
ثالثا : عدم الاحتراز
يكون الجراح مسئولا عندما يعالج مرضا فى حلق سيدة باجراء عملية جراحية خطيرة ترتب عليها قطع الشريان السبائى فأصيبت بنزيف انتهى الى وفاتها وذلك لانه لجأ الى عملية خطيرة لا لزوم لها فى منطقة تؤدى اقل حركة خاطئة فيها الى موت المريضة ، خصوصا وانها كانت مصابة بتهيج عصبى شديد كان يقتضى تأجيل العملية . وقد جازف باجراء العملية رغم كل ذلك ولغير ضرورة عاجلة فى الوقت الذى كان يمكن فيه ان يقتصر على بتر جزء من اللوزة ليس غير .
وطبيب أمراض النساء الذى يهمل فى القيام بالعلاج الوقائى اللازم اجراؤه مادة بالنسبة للاطفال حديثى الولادة وذلك بوضع نترات الفضة فى عينى الطفل يكون مسئولا عن الالتهابات الخطيرة التىحدثت فى عينيه للاخلال بهذا الواجب مما ترتب عليه فقدان الطفل لبصره . ولايدرأ عنه المسئولية الادعاء بأن هذه الالتهابات كان سببها فى الاصل امراض ميكروبية اخذها الطفل عن والداته اذا ان هذا المرض يمكن اكتشافه بسهولة كما ان تحصين الطفل ضده بوضع نترات الفضة فى العينين يعتبر من الاحتياطات العادية الواجب اتخاذها .
وقد قضت محكمة النقض بأن : حيث أنه يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه انه حصل واقعة الدعوى بما موجزء ان المجنى عليه مورث المطعون ضدهم ) كان يعمل حدادا بشركة مصر للبترول (الطاعنة الاخرى) وفوجئ أثناء عمله بدخول جسم غريب فى عينيه اليسرى فأخرجه ، ولما توجه الى طبيب الشركه احاله الى الطاعن بوصفه اخصائيا فى الرمد تعاقدت معه الشركة على علاج العاملين بها ، وبعد ان اوقع الكشف الطبى عليه حقنه فى عينيه واجرى له جراحة فى عينيه معا ثم صرفه بعد ساعة من اجرائها وظل يتردد على الطاعن بسبب تورم عينيه ووجهه حوالى اربعين يوما للعلاج الى ان تحقق فيما بعد انه فقد ابصاره مع انه كان سليم البصر قبل الجراحة التى لم يستأذن الطاعن فى اجرائها ولم يجرى مخصوصا قبلها وقد تخلفت لديه بسبب الطاعن عاهة مستديمة وهى فقد بصره كلية وبعد أن عرض الحكم لبيان مختلف التقارير الطبية الفنية المقدمة فى الدعوى واقوال واضعها اثبت ان المجنى عليه لم يكن فى حاجة الى الجراحة بالسرعة التى اجراها له الطاعن ، عول فى ثبوت خطأ الطاعن على ما اورده من تقرير اخصائى مصلحة الطب الشرعى الدموى من انه كان يتعين على الطاعن اجراء الفحوص الباطنية والمعملية اللازمة التى توجبها الاصول الفنية للمريض قبل الجراحة ، وان اجراء الجراحة فى العين معا قد يعرض المريض الى مضاعفات اذا أصابت العينين معا بسبب بؤرة مستكنه او عدوى خارجية او اثناء الجراحة قد تفقدهما الابصار معا وهو ما حدث فى حالة المجنى عليه وان الجراحه لو اجريت على عين واحده فقط لامكن اتخاذ الاجراءات الواقيه ضد الحساسيه عند اجراء الجراحه على العين الاخرى ، ولما حدثت المضاعفات فى العينين معا مما ادى الى فقدهما الابصار كلية ، فضلا عن ان الطاعن لم يستبق المريض فى سريره لبضعة ايام بعد الجراحه واضاف الحكم ان الطاعن اخصائى فإنه يطالب ببذل عناية اكبر من التى يطالب بها غيره من الاطباء العموميين ويجب ان يتوخى غاية الحذر فى علاجه كما يبين من الحكم المطعون فيه ان المحكمة الاستئنافية بعد ان اخذت بأسباب الحكم المستأنف أضافت اليها ما أورده تقرير الطبي الشرعى الاخير تعليقا على – تقارير رؤساء اقسام الرمد فى جامعات اسكندرية وعين شمس واسيوط – الذين ندبتهم المحكمة من أن "المريض كان يشكو من حالة مرضية بعينيه هى اعتام بعدسة كل منهما مضاعف لحالة التهاب قيحى قديم ( كتراكتا مضاعفة ) وان هذه الحالة كانت تستلزم علاجا جراحيا لاستخراج العدستين – المعتمتين وقد قام المتهم باجراء العملية الجراحية اللازمة بعيادته الخاصة على العينين معا وفى جلسة واحدة دون ان يقوم بتحضير الحالة على الوجه الأكمل باجراء المزيد من التحاليل والابحاث المعملية اللازمة استبعاد الوجود بؤرة عفنه بالجسم وتأكدا من نظافة الملتحمة من الجراثيم الضارة ، اكتفاء بتحليل عينه من بول المريض عن السكر وقياس ضغط دمه علما بأن الاجراء الجراحى ما كان عاجلا فى الوقت الذى اجرى فيه وما كان ليضار لو استغرق فترة اجراء هذه الابحاث والتحليلات ثم سمح للمريض بمغادرة العيادة بعد الساعة من اجراء العملية دون ان يوفره له راحة بالفراش اكتفاء بثقته فى تأمين جرح العملية بالغرز اللازمة ، على ان الحالة قد تضاعفت بالتهاب قيحى داخل العينين أدى إلى ضمورها وفقد ابصارهما بصفه كلية على الرغم من محاولة تدارك الحالة المضاعفة بالعلاج المناسب وأن ما قام به المتهم على نحو ما سلف هى أمور يجيزها الفن الطبى ولا تعد كل منها على حده خطأ مهنيا من جانبه إلا أنه يتفق مع الخبراء الثلاثة السابق ندبهم فى أن اختيار المتهم لهذا الاسلوب العلاجى وقيامه باجراء العملية للمريض فى العينين معا فى جلسة واحدة تحت كل هذه الظروف دون اتخاذ الاحتياطات التامه لتأمين نتيجتها كان اختيارا وليد شعور زائد عن المألوف بالثقة بالنفس حجب عنه التزام الحيطة الواجبة التى تتناسب مع طبيعة الاسلوب الذى اختاره فى مثل هذه الحالات تأمينا لنتيجة العملية التى قصده المريض من اجلها وهى الحفاظ على نور من ابصاره وبذلك يكون قد عرضة لحدوث المضاعفات السيئة فى العينين معا فى وقت واحد الامر الذى انتهى الى فقد ابصارهما كلية وبذلك يكون المتهم مسئولا عن النتيجة التى انتهت اليها حالة المريض وهى فقد ابصاره لا بسبب خطأ علمى وانما كان نتيجة عدم تبصر شخصى منه وهو أمر معنوى تقديرى ليس له ميزان خاص ". لما كان ذلك . وكان من المقرر ان ايراد الحكم الاستئنافى اسبابا مكمله لأسباب حكم محكمة اول درجة - الذى اعتنقه – مقتضاه ان يأخذ بهذه الاسباب فيما لايتعارض مع الأسباب التى اضافها , وكانت محكمة الموضوع - بما لها من سلطة فى تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبة جنائيا او مدنيا – وقد قررت ان الطاعن قد أخطأ بقيامه باجراء الجراحه فى العينين معا وفى وقت واحد مع عدم الحاجة أو الإسراع فى إجراء الجراحة وفى كل الظروف – والملابسات المشار اليها فى القارير الفنية – وهو اخصائى – دون اتخاذ الاحتياطات التامة كافة لتامين نتيجتها والتزام الحيطة الواجبة التى تتناسب وطبيعة الاسلوب الذى اختاره فعرض المريض بذلك – لحدوث المضاعفات السيئة فى العينين معا فى وقت واحد ، الامر الذى انتهى الى فقد ابصارهما بصفة كلية ، فإن هذا القدر الثابت من الخطأ يكفى وحده لحمل مسئولية الطاعن جنائيا ومدنيا ذلك انه من المقرر ان اباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للاصول العلمية القرره ، فإذا فرط فى اتباع هذه الاصول او خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه فى اداء عمله ، واذا كان يكفى للعقاب على جريمة الاصابة الخطأ ان تتوافر صورة واحدة من صور الخطأ التى اوردتها المادة 244من قانون العقوبات ، فإن النفس على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون فى هذا الخصوص يكون غير سديد " ( نقض جنائى
11/2/1973 – الطعن رقم 1566 42ق) وبأن " حيث أن الحكم المطعون فيه فى سياق بيانه لواقعة الدعوى قد أورد العناصر التى يتوافر فيها ركن الخطأ فيما نسب الى الطاعن ، فقال أن المصاب عرض على المتهم الثانى المفتش للصحة فأثبت ان به اصابات من عقر كلب وظل يعالجه فترة ادعى بعدها انه شفى فى حين كانت تبدو منه حركات غريبة لاحظها اقارب المجنى عليه بعد خروجه من عيادة المتهم الثاثى فذهب خال المجنى عليه يرجوه فى ان يرسله لمستشفى الكلب لمعالجته فرفض الطاعن ، ثم ذكر الحكم ان الخطأ الذى وقع من الطاعن هو امتناعه عن ارسال المصاب الى مستشفى الكلب ليعطى المصل الواقى اخذا بما جاه بتقرير الطبيب الشرعى من ان الاصابات كما وصفت بتقرير الطبيب الكشاف تقع بالانف والجبهة مما كان يتحتم معه ارسال المصاب فورا لاجراء العلاج بالحقن دون انتظار ملاحظة الحيوان العاقر . وقال الحكم ان تصرف الطبيب على النحو الذى تصرف به كان سببا فى وفاة المصاب . وفيما أثبته الحكم من ذلك ما يدل على ان المحكمة قد استظهرت وقوع الخطأ من الطاعن الذى ادى الى وفاة المجنى عليه . لما كان ذلك وكانت المادة 238 من قانون العقوبات التى طبقتها المحكمة على جريمة الطاعن لاتستلزم توافر جميع مظاهر الخطأ الواردة بها . واذن فمتى كان الحكم قد اثبت توافر عنصر الاهمال فى حق المتهم " مفتش الصحة "بعدم اتباعه ما يقضى به منشور وزارة الداخلية رقم 23لسنة 1927الذى يقضى بارسال المعقورين الى مستشفى الكلب ، ولوقوعه فى خطأ يتعين على كل طبيب ان يدركه ويراعيه بغض النظر عن تعليمات وزارة الصحة – فان ما يثيره الطاعن من عدم العلم بهذا المنشور لصدوره قبل التحاقه بالخدمة لايكون له اساس ، وذلك ان الطبيب الذى يعمل مفتشا للصحة يجب عليه ان يلم بكافة التعليمات الصادرة لامثاله وينفذها سواء أكانت قد صدرت قبل تعينية ، ام بعد ذلك " (نقض جنائى 3/1/1953 مجموعة احكام محكمة النقض ، س4 ع3ص133) .