الطعن رقم 486 لسنة 26 بتاريخ 28/05/1956
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بوصفه موظفا عموميا ومن الأمناء على الودائع "موزع بريد" اختلس الرسالة المبينة محتوياتها بالمحضر والمسلمة إليه بسبب وظفيته. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 112/1 ـ 2 و118 و119 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 سنة 1953 فقررت بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 154 و341/1 و32/1 من قانون العقوبات بمعاقبة .............. بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنين وبالعزل من وظيفته وذلك على اعتبار أن المتهم المذكور في الزمان والمكان المذكورين أولا ـ اختلس رسالة مسلمة إليه من مصلحة البريد على سبيل الوديعة لتسليمها إلى صاحبها ............ وذلك إضرار بمالكها وثانيا ـ أخفى وفتح الرسالة سالفة الذكر. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
وحيث إن الطعن يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون من أربعة وجوه الأول - إذ طبق المادة 154 من قانون العقوبات مع أنها لا تنطبق إلا في خصوص التلغرافات. والثاني - إذ طبق المادة 341/1 من قانون العقوبات مع أن الرسالة - بعد استبعاد تذكرة النقل الواردة بها ليست ذات قيمة مالية ولا تشمل التزاما قانونيا ولم يحصل تسليم بمقتضي عقد من العقود المنصوص عنها في تلك المادة. الثالث - إذ أخذ في قواعد الإثبات على خلاف مقتضى قواعد القانون المدني. الرابع - إذ قضى بالعزل مع أن المادة 341 من قانون العقوبات لا تنص عليه ويضيف الطاعن أن المحكمة أخلت بحق الدفاع وشاب حكمها البطلان والقصور إذ تمسك المحامي عنه بأن الرسالة لم تسلم للطاعن كما طلب استعمال الرأفة نظرا لصغر سنه فلم تشر المحكمة إلى ذلك في حكمها وحكمت بأقصى العقوبة دون أن تبين سبب ذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنها تخلص في أن المجني عليه......... طلب من والده أن يرسل له بعض أواني نحاسية ومهمات منزلية لحاجته هو وأخيه........ إليها وقد أرسل إليه والده قبل الحادث بعشرة أيام خطابا بأنه سيحقق له طلبه ويرسل هذه المهمات عن طريق شركة سيارات جرجا وقد ترقب المجني عليه وصول الطرد الذي يحوي المهمات حتى يوم 27 من نوفمبر سنة 1954 تاريخ الحادث وقد أرسل والد المجني عليه تذكرة نقل الطرد داخل خطاب عادة باسم المجني عليه وكان المتهم.............(الطاعن) منوطا إليه معاونة ساعي البريد............... في توزيع الخطابات العادية على المرسل إليهم في المنطقة التي بها مسكن المجني عليه فتبادر إلى ذهنه أن الخطاب المرسل إلى المجني عليه والمؤرخ في 26 من نوفمبر سنة 1954 يحوي شيئا ذا قيمة وفتحه في غفلة من زميله.............. واستولى على تذكرة النقل وسلمها إلى......... ليتسلم بها الطرد من شركة سيارات جرجا ومقرها شارع الأزهر واتفق معه على أن يحضر إليه الطرد عند المنزل رقم 77 شارع جزيرة بدران وتسلم........ الطرد من الشركة بمقتضى حرفته وبحث عن المتهم في المكان المحدد فلم يجد له منزلا بالعنوان سالف الذكر وترقب حضوره فترة ثم طلب منه المتهم أن يقصد منزلا آخر له بشارع أبن الرشيد وقصدا سويا إلى المنزل الذي يخفره........ المعروف للطرفين وضمن هذا الخفير المتهم في أجر.......... الذي عجز المتهم عن دفعه واستبقى........... الطرد في حيازته حتى يحضر إليه المتهم في الساعة التاسعة من مساء يوم 27 من نوفمبر سنة 1954 ولما لم يحضر المتهم في الوقت المحدد ساورت الشكوك خفير المنزل وتبادر إلى ذهنه أن يكون الطرد غير مملوك للمتهم الذي يعمل ساعي بريد والذي يحتمل أن يكون قد فتح خطابا يحوي تذكرة نقل خاصة بهذا المتاع واتصل..................... الذي زاد من شكوكه نحو المتهم وقصدا سويا منزله واستعانا بأحد الجنود على توصيله إلى مقر البوليس ليفصح عن حقيقة ملكيته للطرد وهناك اعتراف المتهم صراحة بأنه فتح الخطاب الخاص بالمجني عليه والذي يحوي تذكرة النقل وسلمها................ الذي أحضر له الطرد .. ولما سئل المجني عليه قال إنه لا يعرف المتهم من قبل وأنه كان يترقب وصول الطرد إليه حتى يوم الحادث وذكر محتوياته تفصيلا وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها وهي أقوال الشهود واعتراف المتهم في التحقيق ثم خلص إلى أن الرسالة المختلسة موضوع التهمة بصرف النظر عن تذكرة النقل التي تحويها والتي لم يشملها الاتهام لا يعدو اختلاسها أن يكون جريمة تبديد تنطبق على المادة 341/1 من قانون العقوبات وأنه تنطبق عليها أيضا المادة 154 من القانون المذكور وانتهى الحكم إلى معاقبة الطاعن وفقا لهاتين المادتين والمادة 32/1 منه بالحبس لمدة ثلاث سنين وبالعزل, لما كان ذلك وكانت المادة 154 من قانون العقوبات خلافا لما جاء بأسباب الطعن تتناول المكاتيب والتلغرافات على السواء وتنص على أن كل من أخفى من موظفي الحكومة أو البوستة أو مأموريهما أو فتح مكتوبا من المكاتيب المسلمة للبوستة أو سهل ذلك لغيره يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على عشرين جنيها مصريا وبالعزل في الحالتين وكذلك كل من أخفى من موظفي الحكومة أو مصلحة التلغرافات أو مأموريهما تلغرافا من التلغرافات المسلمة إلى المصلحة المذكورة أو أفشاه أو سهل ذلك لغيره يعاقب بالعقوبتين المذكورتين" وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه العناصر القانونية للجريمة المنصوص عليها في المادة 154 المذكورة وأورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن وهي تؤدي إلى ما رتبه عليها, وكان لا جدوى للطاعن من التحدث في انطباق أو عدم انطباق المادة 341 من قانون العقوبات على واقعة الدعوى ما دام أن العقوبة الموقعة على الطاعن تدخل في نطاق المادة 154 من نفس القانون المنطبق, وكانت المحكمة غير ملزمة عند توقيعها أقصى العقوبة أن تبين سببا لذلك ما دامت تمارس حقا خوله لها القانون. لما كان كل ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه