من جرائم العرض هتك العرض
جريمة هتك العرض
تدور أحكام جرائم العرض فى نطاق العلاقات الجنسية ، وتفترض بالضرورة خرقا للتنظيم القانونى لها ، ومن ثم فإنها تفترض فعلاً جنسياً مخالفا لهذا التنظيم. ولا تقتصر الأفعال الجنسية على العلاقة الجنسية الطبيعية ، بل أنها تمتد لتشمل كافة صور إشباع الرغبة الجنسية .
وتتسع هذه الفكرة لتشمل العلاقة الجنسية الجزئية التي قد لا يصل أى من طرفيها الى الأشباع العزيزى الجنسى الكامل ، بل قد يكون الغاية من ورائها مجرد اثارة الشهوة الجنسية. كما تشمل هذه الفكرة كل فعل يعتبر وفقا للمجرى العادى للأمور مجرد مقدمات للصلة الجنسية ، ومن ذلك مثلا المساس بعورات المجنى عليه ، أو اثاره شهوته عن طريق العناق او التقبيل ، ولذلك فإن العبرة فى هذا المقام بطبيعة الفعل واتجاهه الموضوعى ، وليس بما يهدف اليه الجانى.
ومن هنا ينبغى معرفه ما اذا كان الفاعل ينوى الوقوف عند هذه المقدمات ، أم أنه يرغب فى استمرار افعاله بما هو اكثر منها فحشا. ولا شك أن مدلول العرض فى القانون المصرى ينصرف بصورة أساسية الى الحرية الجنسية ، ومن ثم فإن كل فعل يمس هذه الحرية او يخرج على المعايير الموضوعية لها يعتبر اعتداء على العرض ، وتأسيسا على ذلك فقد جرم المشرع المصرى كل فعل لا يتضمن الاعتداء على الحرية الجنسية بصورة مباشرة ، ولكن التحليل الدقيق لطبيعته وآثاره يكشف عن انطوائه على هذا الأعتداء .
وعلى هذا فإننا سنعالج فى هذا الباب الموضوعات الآتية :
الفصل الأول : الأحكام العامة فى جريمة هتك العرض.
الفصل الثانى : جريمة هتك العرض بالقوه أو التهديد.
الفصل الثالث : جريمة هتك العرض بغير قوه أو تهديد.
تعريف هتك العرض :
يعرف الفقه هتك العرض بأنه “ كل تعد مناف للآداب يقع مباشرة على جسم شخص آخر “ (1) . ومن هذا التعريف يتضح أن فعل هتك العرض يتميز بخصيصتين أساسيتين هما: استطالة الفعل الى جسم المجنى عليه - وكونه خادش للحياء.
ــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر الدكتور محمود محمود مصطفى : شرح قانون العقوبات “ القسم الخاص” . القاهرة ، مطبعة جامعة القاهرة ، الطبعة السابعة ، بند 274 ، 308 .
جريمتا هتك العرض :
تتميز جريمة هتك العرض عن كل من جريمة الأغتصاب أو الفعل الفاضح العلنى ، وذلك لأنه لكل جريمة خصائص تميزها عن غيرها ، ومع ذلك فإن أفعال هتك العرض لا تشكل جريمة واحده أساسية ذات ظروف مخففة أو مشددة ، وانما هما جريمتان متميزتان كل منهما لها أركانها الخاصة بها، الأولى : هى جريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد ، وهى تتطلب بين أركانهـا القوة أو التهديد . والثانية : هتك العرض دون قوة أو تهديد وهى لا تفترض ركن القوة ، ولكنها تفترض ركن آخر هو صغر سن المجنى عليه ، بيد ان الجريمتان تتفقان فى الركن المادى المكون لكل منهما .
وعليه فإننا سوف نتناول هذا الموضوع على النحو التالى :
المبحث الأول : التمييز بين هتك العرض وغيره من جرائم العرض.
المبحث الثانى : الركن المادى فى جريمة هتك العرض.
المبحث الأول
التمييز بين هتك العرض وغيره من جرائم
الأحكام المشتركة بين جرائم الأعتداء على العرض :
أدرج المشرع المصرى جرائم العرض ضمن موضع واحد من القانون ، وأفرد لها نصوص متسلسلة تبدأ من المادة 267 عقوبات ، ولا شك أن مرجع خطة الشارع ترجع بصفة أساسية الى وجود أحكام مشتركة بين هذه الطائفة من الجرائم .
ويمكن القول بأن جرائم العرض تتميز بأنها جميعا تشترك فى كونها جرائم جنسية. بمعنى أنها تدور فى إطار العلاقات الجنسية ، وتفترض خرقا للتنظيم القانونى لها (2).
وذلك لأن ممارسه هذه العلاقة الجنسية فى إطارها الشرعى لا تقوم به جريمة ولا تقع به مسائلة قانونية. وتشترك جرائم الأعتداء على العرض فى كونها تمس جميعا الحق فى سلامة العرض ، ويتحدد مدلول العرض وفقا لمجموعة من القيم الأجتماعية ذات مصدر دينى واخلاقى ، وفى التشريع المصرى يعتبر الفعل ماسا بالعرض وأعتداء عليه اذا كان يؤدى الى الأعتداء على الحق فى الحرية الجنسية.
ــــــــــــــــــــــ
(2) أنظر
Goyet (F.) : Op . Cit. , No. 696. P. 495.
أوجه الأتفاق بين هتك العرض والإغتصاب :
إن الحق المعتدى عليه فى جريمة هتك العرض والإغتصاب هو الحرية الجنسية فالإغتصاب يفترض اتصالا جنسيا بين الرجل والمرأة بينما هتك العرض لا يفترض أكثر من فعل جنسى ، فهتك العرض فعل مخل بالحياء على نحو جسيم ، وهو يكشف فى غالبية الأحيان عن رغبة فى الاتصال الجنسى . كما انه ينطوى عادة - كالإغتصاب - على مساس بالشرف والحرية بوجه عام .
ولذلك فإن كل من الإغتصاب وهتك العرض يفترضان عدم مشروعية العلاقة بين الجانى والمجنى عليه .
أوجه الأختلاف بين هتك العرض والإغتصاب :
تختلف الجريمتان من وجوه متعدده أهمها :
أولاً : أن الإغتصاب لا يقع ألا من رجل على أنثى .
بينما هتك العرض يمكن أن يقع على أى أنسان ذكرا كان أو أنثى ، ومن أى أنسان ذكرا كان أو أنثى ، وبذلك يبين أن المشرع لم يشترط صفة معينة فى الفاعل فى جريمة هتك العـرض ، بينما يشترط أن يكون الفاعـل فى الإغتصاب ذكر والمجنى عليها أنثى (3).
ثانيا : يشترط فى الإغتصاب أن يكون فعل الوقاع قد حدث فى المحل المخصص لذلك من جسم الأنثى (فرج المرأة) .
فإذا لم يبلغ الجانى مقصده وتبين أن ما اتاه من أفعال لا يعتبر بدءا فى تنفيذ فعل الوقاع ، فإن ما ارتكبه الجانى يخرج عن جريمة الإغتصاب . اما هتك العرض فهو يشمل ما دون الوقاع من الأفعال المنافية للآداب ، وعليه فإن أتيان الأنثى فى غير الموضع الطبيعى لها ، والفسق بالذكور ، وكل ما يصل الى درجه من الفحش يدخل فى هتك العرض .
ولذلك فإذا كان من المستحيل أن يقع الإغتصاب من عنين ويقف فعله عند حد الشروع ، فإن هتك العرض يمكن أن يقع من عنين متى استطال الى جسم المجنى عليه بفعل يخدش عاطفه الحياء عنده (4).
كما يعتبر وقاع الصغيرات إذا لم يكن مصحوبا بقوة أو تهديد هتكا للعرض
ـــــــــــــــــــــــــــ
(3) أنظر الأستاذ أحمد أمين : المرجع السابق ، ص 446 .
(4) أنظر نقض 29 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 13 ص 58 .
المطلب الثانى
التمييز بين هتك العرض والفعل
أوجه الأختلاف بين هتك العرض والفعل الفاضح :
اتفق الفقه على أن أوجه الأختلاف بين هتك العرض والفعل الفاضح تكاد تكون واضحة، ويمكن أجمال ذلك فيما يلى :
أ - يقع هتك العرض على جسم المجنى عليه ، بينما لا يشترط فى الفعل الفاضح أن يقع على جسم شخص آخر ، فقد يتحقق الفعل بعمل على جسم الجانى ويكون من شأنه المساس بحياء الناس لا شخص معين بذاته.
ب - يشترط أن يكون فعل هتك العرض فاحشا لدرجة كبيرة ، وتصل هذه الدرجة لذروتها بأن تكون ماسة بالأعضاء التناسلية للمجنى عليه ، كما يتحقق بكل فعل يمس الحياء العرض للمجنى عليه سواء بإستعمال الجانى عضوا من جسمه يعتبر عورة يمس به جزءا من جسم المجنى عليه ولو لم يكن عورة فى حد ذاته ، أو بغير ذلك من الأفعال ذات المعانى الجنسية .
ضابط التمييز بين هتك العرض والفعل الفاضح لدى محكمة النقض :
ذهبت محكمة النقض فى بادئ الامر صوب اعتبار هتك العرض هو كل أعتداء يقع على أى جزء من أجزاء الجسم ، بينما الفعل الفاضح هو ما يؤذى حياء الغير سواء عن طريق حاسة السمع أو البصر لا عن طريق حاسة اللمس ، فقالت أنه عن طريق حاسة السمع أو البصر لا عن طريق حاسة اللمس ، فقالت أنه يمكن
تعريف الفعل الفاضح بأنه هو الفعل العمد المخل بالحياء الذى يخدش من المجنى عليها حياء العين والاذن ليس ألا ، أما بقية الأفعال العمدية المخلة بالحياء والتى تستطيل الى جسم المرء وعوراته وتخدش عاطفه الحياء عنده من هذه الناحية فمن قبيل هتك العرض(6).
بيد أن محكمة النقض عادت وقالت فى حكم لها أنه لا مرية فى أن المبدأ الذى قررته المحكمة لم يرد به حصر الحالات التى يصح أن تندرج تحت جريمة هتك العرض والقول بأن ما عداها خارج حتما عن الجريمة المذكورة وانما هو مبدأ جنائى تناولت فيه المحكمة جريمة هتك العرض من ناحيتها الأكثر وقوعا ، تلك الناحية التى يقع فيه المساس بجزء من جسم المجنى عليه يدخل عرفا فى حكم العورات . وظاهر أن هذا لا يفيد أن أفعال هتك العرض محصورة فى هذه الناحية أو أن الجريمة لا يتصور وقوعها ألا على هذا النحو(7).
ولعل الصحيح هو أنه مادام هتك العرض يتفق مع الفعل الفاضح فى احدى صورتيه فى أن كل منهما يتكون من فعل مادى مخل بالحياء يقع على غير ارادة المجنى عليه ، فإن التمييز بينهما فى العقاب لا يفسره ألا أن تكون أفعال هتك العرض من الجسامة فى الفحش بحيث تبرر العقوبة المغلظة . وتطبيقا لذلك فقد حكم بأن تطويق الجانى كتفى أمرأة بذراعيه وضمها اليه يعتبر هتك عرض لأن هذا الفعل يترتب عليه ملامسة جسم المتهم لجسم المجنى عليها ويمس منها جزءا هو لا ريب داخل فى حكم العورات ويترتب عليه الأخلال بحياء المجنى عليها العرضى(.
كما حكم بأنه إذا كانت الواقعة هى أن المجنى عليها استيقظت من نومها على صوت رجل يقف بجانب رأسها يهزها بيد ويمسك ثديها بيد اخرى ، فإخذ يراودها عن نفسها فلما أبت واستغاثت وضع يده على فمها ومزق قميصها من أعلاه ولمس بيده الأخرى ثديها ، فهذه الواقعة يتوافر فيها جميع العناصر القانونية لجريمة هتك العرض بالقوة (9)، كما حكم بأنه إذا جاء المتهم من خلف المجنى عليها وقرصها فى فخذها فهذا الفعل المخل بالحياء الى حد الفحش والذى فيه مساس بجزء من جسم المجنى عليها يعتبر عورة من عوراتها هو هتك عرض بالقوة (10).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) أنظر نقض 28 أكتوبر سنة 1911 المجموعة الرسمية س 13 رقم 7 ص 14 .
(7) أنظر نقض 30 ديسمبر سنة 1968 مجموعة أحكام محكمة النقض س 19 رقم 231 ص 1129 .
( أنظر نقض 4 يناير سنة 1932 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 317 ص 427 .
(9) أنظر نقض 22 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام محكمة النقض س 1 رقم 222 ص 682 .
(10) أنظر نقض 11 مايو سنة 1936 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 470 ص 602 .
المبحث الثانى
الركن المادى فى جريمة هتك
عناصر الركن المادى فى جريمة هتك العرض :
يتطلب الركن المادى فى جريمة هتك العرض أن يقع فعل مخل بالحياء ويكون ماسا بأية صورة بجسم المجنى عليه ، ذلك أن المشرع يهدف بالعقاب على هتك العرض الى حماية المناعة الأدبية التى يصون بها الرجل أو المرأة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء العرضى ، لا فرق فى ذلك بين أن تقع هذه الملامسة والاجسام عارية وبين أن تقع والاجسام مستورة بالملابس ، مادامت هذه الملامسة قد استطالت الى جزء من جسم المجنى عليه يعد عورة (11). وبذلك يبين أن السلوك المادى الذى تقوم به جريمة هتك العرض يتميز بخصيصتين : الأولى أنه يستطيل الى جسد المجنى عليه ، والثانية أنه يكون خادشا للحياء.
ـــــــــــــــــــــــــ
(11) أنظر
Garcon (Emile) : Op . Cit., Art 331 a 333 , No. 66.
(أولاً) استطالة الفعل الى جسد المجنى عليه :
وذلك بأن يمس الفعل أى جزء من أجزاء جسم المجنى عليه . ولا يشترط أن يتخلف عن ذلك أى أثر ، كما لا يشترط أن يكون متبوعا بالإيلاج. وتنقسم الأفعال التى تمس جسم المجنى عليه الى :
أ - أفعال تمس جزء يعد عورة فى جسم المجنى عليه.
ب - أفعال تمس جزء لا يعد عورة فى جسم المجنى عليه.
(أ) أفعال تستطيل الى جزء يعد عورة فى جسم المجنى عليه :
وهى تلك التى تتم عن طريق الكشف عن عورة الغير أو ملامستها ، أو بالأمرين معا . وقد استقرت محكمة النقض منذ أمد بعيد على أن كل مساس بجزء من جسم الأنسان داخل فيما يعبر عنه بالعورات يجب أن يعد من قبيل هتك العرض .
والمرجع فى اعتبار ما يعد عورة وما لا يعد كذلك إنما يكون الى العرف الجارى وأحوال البيئات الأجتماعية ، فالفتاة الريفية التى تمشى سافرة الوجه بين الرجال لا يخطر ببالها أن فى تقبيلها من وجنتيها أخلالا بحيائها العرضى واستطالة
على موضع فى جسمها تعده هى ومثيلاتها من العورات التى تحرص على سترها ، فتقبيلها فى وجنتيها لا يخرج عن أن يكون فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء(12). وعلى ذلك فإن المساس بعورات الغير أما أن يكون عن طريق ملامستها ، أو عن طريق الكشف عنها.
ـــــــــــــــــــــ
(12) أنظر نقض 22 يناير سنة 1934 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 190 ص 259 . ملامسة عورات الغير :
استقر قضاء النقض على أن كل مساس بعورات الغير يعد هتكا للعرض بغض النظر عن بساطته أو جسامته (13) ، يستوى فى ذلك أن يترك أثرا بجسم المجنى عليه أو ألا يترك أثرا ، وتأسيسا على ذلك فقد حكم بأنه يعتبر هتك عرض التصاق المتهم عمداً بجسم المجنى عليه من الخلف حتى يمس بقضيبه عجز الصبى (14). وبأنه إذا كان المتهم قد احتضن مخدومته كرها عنها ثم أطرحها أرضا واستلقى فوقها فذلك يكفى لتحقيق هتك العرض ولو لم يقع من الجانى أن كشف ملابسه أو ملابس المجنى عليها (15)، وبأنه إذا كانت الواقعة هى أن المتهم جثم على المجنى عليها عنوة وأدخل أصبعه فى دبرها فهذه الواقعة تكون جريمة هتك العرض بغض النظر عما جاء بالكشف الطبى الموقع على المجنى عليها من عدم وجود أثر بها(16).
كما حكم بأن الفخذ من المرأة عورة فلمسه وقرصه على سبيل المغازلة يعد هتك عرض (17)، وبأنه إذا كان المتهم قد وضع يده على ألية المجنى عليه واحتضنه ووضع قبلـه فى يده فإن ذلك يكفى لتوافر الركن المادى فى هتك العرض (18).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(13) أنظر نقض 16 مارس سنة 1970 مجموعة أحكام محكمة النقض س 21 رقم 95 ص382 .
(14) أنظر نقض 29 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 13 ص 58 .
(15) أنظر نقض 3 يونية سنة 1935 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 168 ص 513 .
(16) أنظر نقض 17 أبريل سنة 1950 مجموعة أحكام محكمة النقض س 6 رقم 168 ص 513 .
(17) أنظر نقض 13 ديسمبر سنة 1948 مجموعة القواعد القانونية ج 7 رقم 719 ص 674 .
(18) أنظر نقض 29 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 13 ص 58 .
الكشف عن عورات الغير :
استقر قضاء النقض فى مصر (19)، وفى فرنسا منذ أمد بعيد على أن الفعل المادى فى جريمة هتك العرض يكتمل بوقوع الفعل على جسم المجنى عليه
دون ملامسة (20)، وذلك بأن يكشف الجانى عن عورة المجنى عليه . وتأسيسا على ذلك فقد حكم بأنه إذا كشفت المتهمة عن عورة المجنى عليها بعد نزع سروالها فإن ذلك مما تتوافر معه جريمة هتك العرض(21)، وبأنه يعد هتك عرض بالقوة إخراج المجنى عليه من الماء الذى كان يسبح فيه عاريا وعدم تمكينه من ارتداء ملابسه واقتياده وهو عار فى الطريق العام (22).
كما قضى بأنه إذا مزق شخص لباس غلام من الخلف فقد أخل بحيائه العرض إذ كشف جزء من جسمه هو من العورات التى يحرص كل أنسان على صونها وحجبها عن أنظار الناس وكشف هذه العــورة على غير إرادة المجنى عليه بتمزيق اللباس الذى كان يسترها يعتبر فى حد ذاته جريمة هتك عرض تامـة(23).
ــــــــــــــــــــ
(19) قالت محكمة النقض “ أن عبارة هتك العرض تفيد كل تعدى يقع على عرض شخص آخر .. وأن الذى يميز هتك العرض عن الفعل الفاضح هو أن هتك العرض يقع دائما على جسد الغير وعرض الغير ولايشمل الأفعال التى تقع أخلالاً بالحياء العام بصفة عامة ، لأن هذه الأفعال عند وقوعها يعاقب عليها طبقاً لأحكام قانون العقوبات فى مادة الأفعال المخلة بالحياء .. وأنه أذا تتبعنا هذا التعريف يتبين لنا جلياً أن “الملامسة” وهى التى يبنى عليها حصول جريمة هتك العرض ليست ضرورية بمفردها، وحيث أن الواقعة تنحصر فى أن الفاعل لغرض قضاء شهوته وبواسطة التهديد والضرب قد اكره المجنى عليه على خلع ملابسه وكشف سوأته بالرغم منه فيكون بناء على ذلك قد تجارى دون شك على هتك العرض بالقوة . أى أن هذا الهتك واقع على جسم المجنى عليه شخصيا.
أنظر نقض 2 أكتوبر سنة 1911 المجموعة الرسمية س 12 ص 14 .
(20) أنظر
Crim 26 juil 1874 , S . 874. 1. 408.
(21) أنظر نقض 21 مارس سنة 1960 مجموعة أحكام محكمة النقض س 11 رقم 56 ص 286 .
(22) أنظر نقض 9 يونية سنة 1969 مجموعة أحكام محكمة النقض س 20 رقم 171 ص 853 .
(23) أنظر نقض 16 نوفمبر سنة 1931 مجموعة القواعد القانونية ج 2 رقم 288 ص 354 .
(ب) أفعال تستطيل الى جزء لا يعد عورة فى جسم المجنى عليه :
استقر قضاء النقض المصرى(24) ، والفرنسى(25) ، على أن فعل هتك العرض يمكن أن يقع على موضع فى جسم المجنى عليه لا يعتبر عورة ، ألا أنه يشكل فى ذاته درجة من الفحش تجرح الحياء ، وتهين الاحساس العرضى للمجنى عليه بدرجة بالغة.
وقد قالت محكمة النقض فى ذلك أنه لا مرية فى أن المبدأ الذى قررته المحكمة لم يرد به حصر الحالات التى يصح أن تندرج تحت جريمة هتك العرض ، والقول بأن ما عداها خارج حتما عن الجريمة المذكورة . وانما هو مبدأ جنائى تناولت فيه المحكمة جريمة هتك العرض من ناحيتها الأكثر وقوعا ، تلك الناحية التى يقع فيها المساس بجزء من جسم المجنى عليه يدخل عرفا فى حكم العورات ، وقطعت المحكمة بأن مثل هذا المساس يجب حتما وفى كل الأحوال أن يعد من قبيل هتك العرض لما فيه من الأخلال بحياء المجنى عليه العرضى ، وظاهر أن هذا لا يفيد أن أفعال هتك العرض محصورة فى هذه الناحية ، أو أن الجريمة لا يتصور وقوعها ألا على هذا النحو ، بل قد يتصور العقل - فى أحوال قد تكون فى ذاتها نادرة أو قليلة الوقوع أمكان الأخلال بحياء المجنى عليه العرضى بأفعال لا تصيب من جسمه موضعا يعد عورة ، ولا يجوز مع ذلك التردد فى اعتبارها من قبيل هتك العرض نظرا لمبلغ ما يصاحبها من فحش ، لأنها من ناحية أخرى أصابت جسم المجنى عليه فخدشت حياءه العرضى وأن لم يقع المساس فيها بشئ من عوراته ، كما لو وضع الجانى عضوه التناسلى فى يد المجنى عليه ، أو فى فمه ، أو فى جزء آخر من جسمه لا يعد عورة ، فهذه الأفعال ونظائرها لا يمكن أن يشك فى أنها من قبيل هتك العرض ، وكل ذلك مما ينبغى أن يبقى خاضعا لتقرير المحكمة ،
إذ من المعتذر - أن لم يكن من المستحيل - حصره فى نطاق واحد واخضاعه لقاعدة واحدة (26).
وتأسيسا على ذلك فقد حكــم بأن من التصق بالمجنى عليها أثناء جلوسها بسيارة الأتوبيس وأخرج عضوه وحكه فى كتفها وأمنى على ملابسها يتحقق بفعله جريمة هتك العرض ، وبأنه اذا كان الفعل المادى الذى قارفه المتهم هو مباغتة المجنى عليها بوضع يدها الممدودة لتناول القرش على قبله من خارج الملابس ، فإن هذا الفعل مما يخدش حياء المجنى عليها العرضى ، وقد استطال الى جسمها وبلغ درجة من الفحش يتوافر بها الركن المادى لجنايه هتك العــرض (27).
ـــــــــــــــــــ
(24) أنظر نقض 15 أكتوبر سنة 1934 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 172 ص 366 .
(25) أنظر
Crim 7 Avri 1835 , S . 35. 1. 936.
(26) أنظر نقض 15 أكتوبر سنة 1934 سالف الأشارة اليه .
(27) أنظر نقض 26 مارس سنة 1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 52 ص 254 .
(ثانيا) فعل يخدش الحياء :
يكاد يتفق الفقه على أن ضابط التمييز بين هتك العرض والفعل الفاضح يتمثل فى أن أفعال هتك العرض من الجسامة فى الفحش بحيث تبرر العقوبة المغلظة التى اختصها القانون بها(28).
وعلى ذلك فإن أفعال الفحش البسيطه تخرج من عداد هتك العرض ولو وقعت على عورة ، وعلى العكس فإن أفعال الفحش الكبيره تدخل فى عداد هتك العرض ولو وقعت على أجزاء فى الجسم لا تعد عورة .
ولا شك أن لقاضى الموضوع سلطه تقدير كل حالة على حده لتحديد ما إذا كان الفعل الذى ارتكبه الجانى مخلاً بالحياء العرض للمجنى عليه بدرجة جسيمة ترقى به لأن يكون جريمة هتك العرض ، أم أن الفعل يسير فيكون جريمة فعل فاضح. والمعيار الذى يمكن الأعتماد عليه فى تحديد مدى جسامة الفعل لا يرجع فيه الى الجانب الشخص للمجنى عليه ومبلغ فهمه لمعنى الأفعال الواقعة على جسمه ، بل الصحيح أن يعتمد فيه على أساس الشعور العام ، فيعد الفعل هتك عرض ولو وقع على من لا يصون عرضه (29)، ويرجع فى تحديد ذلك الى الظروف التى تسهم فى تحديد مدى جسامة الفعل ومنها طبيعة الفعل الذى وقع وسن الجانى والمجنى عليه ومدى رضاء المجنى عليه ، والوقت الذى استغرقه الفعل.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(29) أنظر
Garcon (Emile) : Op . Cit., Art 331 a 333 , No. 67.
تطبيقات من أحكام النقض:
أولاً - التمييز بين جريمة هتك العرض وغيرها من الجرائم الأخري :
* إن الفارق بين جريمتي هتك العرض و الفعل الفاضح لا يمكن وجوده لا في مجرد مادية الفعل و لا في جسامته ، و لا في العنصر المعنوي و هو العمد ، و لا في كون الفعل بطبيعته واضح الإخلال بالحياء . إنما يقوم الفارق بين الجريمتين علي أساس ما إذا كان الفعل الذي وقع يخدش عاطفة الحياء العرضي للمجني عليه
من ناحية المساس بعوراته - تلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها و التي لا يدخر أي إمرئ وسعاً في صونها عما قل أو جل من الأفعال التي تمسها . فإن كان الفعل كذلك إعتبر هتك عرض و إلا فلا يعتبر . و بناء علي هذا يكون من قبيل هتك العرض كل فعل عمد مخل بالحياء يستطيل إلي جسم المرء و عوراته و يخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية . أما الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش في المجني عليه حياء العين و الأذن ليس إلا فهو فعل فاضح .
( نقض 22 نوفمبر سنة 1928 طعن رقم 1737 سنة 45 قضائية "قديم" )
* إن واقعة هتك العرض تكون واحدة و لو تعددت الأفعال المكونة لها . فلا يصح إذن أن توصف بوصفين مختلفين بل يتعين وصفها بالوصف الذي فيه مصلحة للمتهم . فإذا كان هتك العرض قد وقع بسلسلة أفعال متتالية ، و كان وقوع أولها مباغتة و لكن المجني عليه سكت و لم يعترض علي الأفعال التالية التي وقعت عليه فإن ذلك ينسحب علي الفعل الأول فيجعله أيضاً حاصلاً بالرضاء و تكون هذه الواقعة لا عقاب عليها . إلا إذا كانت قد وقعت علناً في محل مفتوح للجمهور " معبد أبو الهول " و كان هناك وقت الواقعة أشخاص يمكنهم هم و غيرهم ممن يتصادف دخولهم المعبد أن يشاهدوا الواقعة ، فإن وقوعها في هذا الظرف يجعل منها جنحة فعل فاضح علني معاقب عليه بالمادة 278ع .
( نقض 22 يونية سنة 1942 طعن رقم 1471 سنة 21 قضائية )
* كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلي جسم المجني عليه و عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية فهو هتك عرض .
أما الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش في المرء حياء العين و الأذن ليس إلا فهو فعل فاضح 0 فإذا كان الحكم قد أثبت علي المتهم أنه عندما كانت المجني عليها تتهيأ للنوم سمعت طرقاً علي باب غرفتها فإعتقدت أن الطارق زوجها ففتحت الباب فوجدت المتهم فدخل الغرفة ، ثم لما حاولت طرده وضع يده علي فمها وإحتضنها بأن ضم صدرها إلي صدره ثم ألقاها علي السرير فإستغاثت فركلها بقدمه في بطنها و خرج ، ثم أدانه في جناية هتك العرض بالقوة - فأنه يكون سليماً لتوافر أركان هذه الجريمة في حقه .
( نقض 8 أكتوبر سنة 1951 طعن رقم 894 سنة 21 قضائية )
* جريمة هتك العرض - المادة 32 من قانون العقوبات متي كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أن الأفعال المنافية للأداب العامة التي أتاها علي جسم المجني عليه قد صدرت منه في الترام و في الطريق و في إحدي المنتزهات ، و هي أماكن عامة بطبيعتها و يحتمل مشاهدة ما يقع فيها ، فإن ذلك يتحقق به ركن العلانية . علي أن مصلحة الطاعن من التمسك بعدم توافر ركن العلانية في تهمة الفعل الفاضح المسندة إليه ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات و قضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد و هي المقررة لجريمة هتك العرض التي أثبتها في حقه ، و من ثم فإن النعي علي الحكم من هذه الناحية يكون في غير محله .
( نقض 29 يناير سنة 1963 طعن رقم 2169 سنة 32 قضائية )
* تختلف جريمة هتك العرض بالقوة المنصوص عليها في المادة 268 /1 ، 2 من قانون العقوبات في أركانها و عناصرها عن جريمة دخول بيت مسكون ليلاً بقصد إرتكاب جريمة فيه المعاقب عليها بمقتضي المادتين 370 ، 372 من
القانون المذكور . و لما كان التغيير الذي أجرته محكمة الجنايات في التهمة - من الجريمة الأولي التي رفعت بها الدعوي الجنائية علي الطاعن و جرت المحاكمة علي أساسها إلي الجريمة الثانية التي أدين بها - ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلي الطاعن في أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراءه في حكمها بغير سبق تعديل في التهمة ، و إنما هو تعديل في التهمة نفسها لا تملك المحكمة إجراءه إلا في أثناء المحاكمة و قبل الحكم في الدعوي ، و بشرط تنبيه المتهم إليه و منحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء علي التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وكان يبين من الاطلاع علي محاضر جلسات المحاكمة أن مرافعة الدفاع عن الطاعن دارت حول الوصف الذي رفعت به الدعوي الجنائية بداءة دون أن تعدل المحكمة التهمة في مواجهته أو تلفت نظر الدفاع كي يعد دفاعه علي أساسه ، فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع ويكون حكمها معيباً بما يستوجب نقضه و الإحالة .
( نقض 25 نوفمبر سنة 1968 طعن رقم 1730 سنة 38 قضائية )
* إنه و إن كان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلي جسمه فيصيب عورة من عوراته و يخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ، إلا أنه متي إرتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام ، فإن ذلك يقتضي تقصي قصد الجاني من إرتكابها ، فإذا كان قصده قد إنصرف إلي ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح ، أما إذا كانت تلك الأفعال قد إرتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءاً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة و لو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للأداب . و إذ كان لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لإعتباره شارعاً في إرتكاب جريمة أن يأتي فعلاً سابقاً علي تنفيذ الركن المادي لها و مؤدياً إليه حالاً ، و كان الثابت في الحكم أن المطعون ضده الأول قد إستدرج الغلام المجني عليه إلي منزل المطعون ضده الثاني و أنهما راوداه عن نفسه فلم يستجب لتحقيق رغبتهما ، و عندئذ أمسك المطعون ضده الأول بلباسه محاولاً عبثاً إنزاله - بعد أن خلع هو " بنطلونه " - و أقبل المطعون ضده الثاني الذي كان متوارياً في حجرة أخري يرقب ما يحدث و أمسك بالمجني عليه و قبله في وجهه ، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعن بالبحث في مقصد المطعون ضدهما من إتيان هذه الأفعال و هل كان من شأنها أن تؤدي بهما حالاً و مباشرة إلي تحقيق قصدهما من العبث يعرض المجني عليه ، يكون فضلاً من خطئه في تطبيق القانون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه و الإحالة .
( نقض 5 أبريل سنة 1970 طعن رقم 205 سنة 40 قضائية )
* إن لكل من جريمة هتك العرض بالقوة و جريمة النصب ، أركانها المستقلة تماماً عن الأخري ، و من ثم فإن القول بأن إنتفاء إحداهما يحول دون قيام الأخري ، يكون علي غير أساس .
( نقض 4 يناير سنة 1971 طعن رقم 1697 سنة 40 قضائية )
* هتك عرض أنثي بالقوة والتهديد - أركان قانونية من المقرر أن جريمتي الشروع في وقاع أنثي بغير رضاها وهتك عرض أنثي بالقوة والتهديد، يلزم لقيام كل منهما عناصر وأركان قانونية ذاتية تتغاير في إحداها عن الأخري.
( نقض 9 يولية سنة 1997 طعن رقم 10201 سنة 65 قضائية )
* هتك عرض أنثي بالقوة - حق الدفاع لما كان التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة الأولي من شروع في وقاع أنثي بغير رضاها إلي هتك عرض أنثي بالقوة والتهديد برغم إختلاف العناصر القانونية لكل من هاتين الجريمتين عن الأخري يوجب عليها لفت نظر الدفاع إلي ذلك التعديل ، والذي قد يثير الطاعن جدلاً بشأنه ، فإن هي لم تفعل ، فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان القانون لا يخول المحكمة أن تعاقب المتهم علي أساس واقعة شملتها التحقيقات - لم تكون مرفوعة بها الدعوي عليه. دون أن تلفت نظر المدافع عنه إلي ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مبنياً علي إجراء باطل مما يعيبه ويوجب نقضه والاعادة بالنسبة للطاعن المحكوم عليه الأول - الذي لم يقبل طعنه شكلاً - لاتصال وجه الطعن به، وذلك عملاً بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
( نقض 9 يولية سنة 1997 طعن رقم 10201 سنة 65 قضائية )
ثانياً – الركن المادي:
* جريمة هتك عرض صبي تتم بمجرد الإتصال أو الملامسة بقطع النظر عن حصول إدخال تام أو ناقص في جسم الصبي .
( نقض 7 مارس سنة 1929 طعن رقم 944 سنة 46 قضائية " قديم" )
* يعتبر هتك عرض بحسب المادة 231 عقوبات أي فعل وقع من الجاني علي جسم الغير مخدش للحياء بقطع النظر عن بساطته أو جسامته .
( نقض 27 فبراير سنة 1930 طعن رقم 636 سنة47 قضائية " قديم" )
* قرص إمرأة في عجزها يعتبر جناية هتك عرض لوقوعه علي ما يعد عورة من جسم المجني عليها . و للمحكمة نظر هذه الجريمة بجلسة سرية محافظة علي الآداب .
( نقض 17 أبريل سنة 1930 طعن رقم 1067 سنة 47 قضائية " قديم" )
* إذا مزق شخص لباس غلام من الخلف فقد أخل بحيائه العرضي إذ كشف جزءاً من جسمه هو من العورات التي يحرص كل إنسان علي صونها و حجبها عن أنظار الناس . و كشف هذه العورة علي غير إرادة المجني عليه بتمزيق اللباس الذي كان يسترها يعتبر في حد ذاته جريمة هتك عرض تامة و لو لم تصاحب هذا الفعل أية ملامسة مخلة بالحياء .
( نقض 16 نوفمبر سنة 1931 طعن رقم 6 سنة 47 قضائية " قديم" )
* كل مساس بما في جسم المجني عليه مما يعبر عنه بالعورات يعتبر في نظر القانون هتكاً للعرض . فمن يطوق كتفي إمرأة بذراعيه و يضمها إليه يكون مرتكباً لجناية هتك العرض . لأن هذا الفعل يترتب عليه ملامسة جسم المتهم لجسم المجني عليها و يمس منه جزءاً هو لا ريب داخل في حكم العورات . وفي هذا ما يكفي لإدخال الفعل المنسوب إلي المتهم في عداد جرائم هتك العرض لأنه يترتب عليه الإخلال بحياء المجني عليه العرضي .
( نقض 4 يناير سنة 1932 طعن رقم 976 سنة 2 قضائية )
* كل مساس بجزء من جسم الإنسان داخل فيما يعبر عنه بالعورات يجب أن يعد من قبيل هتك العرض . و المرجع في إعتبار ما يعد عورة و ما لا يعد كذلك
إنما يكون إلي العرف الجاري و أحوال البيئات الإجتماعية . فالفتاة الريفية التي تمشي سافرة الوجه بين الرجال لا يخطر ببالها أن في تقبيلها في وجنتيها إخلالاً بحيائها العرضي و إستطالة علي موضع من جسمها تعده هي و مثيلاتها من العورات التي تحرص علي سترها ، فتقبيلها في وجنتيها لا يخرج عن أن يكون فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء منطبقاً علي المادة 240 من قانون العقوبات .
( نقض 22 يناير سنة 1934 طعن رقم 356 سنة 4 قضائية )
* لا يعتبر هتك عرض إلا المساس بجزء من جسم المجني عليه يدخل عرفاً في حكم العورات ، و كذلك الأفعال الأخري التي تصيب جسمه فتخدش حياءه العرضي لمبلغ ما يصاحبها من فحش . فإذا قاد المجني عليه شخصان إلي غرفة مقفلة الأبواب و النوافذ ، و قبله أحدهما في وجهه ، و قبله الثاني علي غرة منه في قفاه و عضه في موضع التقبيل ، فهذا الفعل لا يعتبر إذن هتك عرض و لا شروعاً فيه ، كما أنه لا يدخل تحت حكم أية جريمة أخري من جرائم إفساد الأخلاق .
( نقض 15 أكتوبر سنة 1934 طعن رقم 1518 سنة 4 قضائية )
* إن الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يستلزم الكشف عن عورة المجني عليه ، بل يكفي في توفر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع علي جسم المعتدي علي عرضه قد بلغ من الفحش و الإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ إعتباره هتك عرض ، سواء أكان بلوغ هذه الدرجة قد تحقق من طريق الكشف عن عورة من عورات المجني عليه أم من غير هذا الطريق . فإذا كان الثابت بالحكم أن المتهم إحتضن مخدومته كرهاً عنها ثم طرحها أرضاً و إستلقي فوقها ، فذلك يكفي لتحقيق جريمة هتك العرض ، و لو لم يقع من الجاني أن كشف ملابسه أو ملابس المجني عليها .
( نقض 22 أكتوبر سنة 1934 طعن رقم 1934 سنة 4 قضائية )
* إن كل مساس بما في جسم المجني عليها من عورات يعد هتك عرض ، لما يترتب عليه من الإخلال بالحياء العرضي . و ثدي المرأة هو من العورات التي تحرص دائماً علي عدم المساس بها ، فإمساكه بالرغم منها و بغير إرادتها يعتبر هتك عرض .
( نقض 3 يونية سنة 1935 طعن رقم 1336 سنة 5 قضائية )
* إن الشارع قصد بالعقاب علي جريمة هتك العرض حماية المناعة الأدبية التي يصون بها الرجل أو المرأة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء العرضي ، لا فرق في ذلك بين أن تقع هذه الملامسة و الأجسام عارية ، و بين أن تقع والأجسام مستورة بالملابس ، ما دامت قد إستطالت إلي جزء من جسم المجني عليه يعد عورة فإلتصاق المتهم عمداً بجسم الصبي المجني عليه من الخلف حتي مس بقضيبه عجز الصبي يعتبر هتك عرض معاقباً عليه بالمادة 231 عقوبات و مفاجأة المتهم للصبي المجني عليه و مباغتته له علي غير رضاء مكون لركن القوة و الإكراه المنصوص عنه في تلك المادة .
( نقض 3 يونية سنة 1935 طعن رقم 1347 سنة 5 قضائية )
* إن جريمة هتك العرض تتم بوقوع فعل مناف للآداب مباشرة علي جسم المجني عليه و لو لم يحصل إيلاج أو إحتكاك يتخلف عنه أي أثر كان .
( نقض 2 ديسمبر سنة 1935 طعن رقم 10 سنة 6 قضائية )
* ملامسة المتهم بعضو تناسله دبر المجني عليها تعتبر هتك عرض ، ولو كان عنيناً ، لأن هذه الملامسة فيها من الفحش و الخدش بالحياء العرضي ما يكفي لتوافر الركن المادي للجريمة .
( نقض 2 نوفمبر سنة 1936 طعن رقم 2098 سنة 6 قضائية )
* إن الفخذ من المرأة عورة فلمسه و قرصه علي سبيل المغازلة يعد هتك عرض .
( نقض 13 ديسمبر سنة 1948 طعن رقم 1963 سنة 18 قضائية )
جريمة هتك العرض
تدور أحكام جرائم العرض فى نطاق العلاقات الجنسية ، وتفترض بالضرورة خرقا للتنظيم القانونى لها ، ومن ثم فإنها تفترض فعلاً جنسياً مخالفا لهذا التنظيم. ولا تقتصر الأفعال الجنسية على العلاقة الجنسية الطبيعية ، بل أنها تمتد لتشمل كافة صور إشباع الرغبة الجنسية .
وتتسع هذه الفكرة لتشمل العلاقة الجنسية الجزئية التي قد لا يصل أى من طرفيها الى الأشباع العزيزى الجنسى الكامل ، بل قد يكون الغاية من ورائها مجرد اثارة الشهوة الجنسية. كما تشمل هذه الفكرة كل فعل يعتبر وفقا للمجرى العادى للأمور مجرد مقدمات للصلة الجنسية ، ومن ذلك مثلا المساس بعورات المجنى عليه ، أو اثاره شهوته عن طريق العناق او التقبيل ، ولذلك فإن العبرة فى هذا المقام بطبيعة الفعل واتجاهه الموضوعى ، وليس بما يهدف اليه الجانى.
ومن هنا ينبغى معرفه ما اذا كان الفاعل ينوى الوقوف عند هذه المقدمات ، أم أنه يرغب فى استمرار افعاله بما هو اكثر منها فحشا. ولا شك أن مدلول العرض فى القانون المصرى ينصرف بصورة أساسية الى الحرية الجنسية ، ومن ثم فإن كل فعل يمس هذه الحرية او يخرج على المعايير الموضوعية لها يعتبر اعتداء على العرض ، وتأسيسا على ذلك فقد جرم المشرع المصرى كل فعل لا يتضمن الاعتداء على الحرية الجنسية بصورة مباشرة ، ولكن التحليل الدقيق لطبيعته وآثاره يكشف عن انطوائه على هذا الأعتداء .
وعلى هذا فإننا سنعالج فى هذا الباب الموضوعات الآتية :
الفصل الأول : الأحكام العامة فى جريمة هتك العرض.
الفصل الثانى : جريمة هتك العرض بالقوه أو التهديد.
الفصل الثالث : جريمة هتك العرض بغير قوه أو تهديد.
تعريف هتك العرض :
يعرف الفقه هتك العرض بأنه “ كل تعد مناف للآداب يقع مباشرة على جسم شخص آخر “ (1) . ومن هذا التعريف يتضح أن فعل هتك العرض يتميز بخصيصتين أساسيتين هما: استطالة الفعل الى جسم المجنى عليه - وكونه خادش للحياء.
ــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر الدكتور محمود محمود مصطفى : شرح قانون العقوبات “ القسم الخاص” . القاهرة ، مطبعة جامعة القاهرة ، الطبعة السابعة ، بند 274 ، 308 .
جريمتا هتك العرض :
تتميز جريمة هتك العرض عن كل من جريمة الأغتصاب أو الفعل الفاضح العلنى ، وذلك لأنه لكل جريمة خصائص تميزها عن غيرها ، ومع ذلك فإن أفعال هتك العرض لا تشكل جريمة واحده أساسية ذات ظروف مخففة أو مشددة ، وانما هما جريمتان متميزتان كل منهما لها أركانها الخاصة بها، الأولى : هى جريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد ، وهى تتطلب بين أركانهـا القوة أو التهديد . والثانية : هتك العرض دون قوة أو تهديد وهى لا تفترض ركن القوة ، ولكنها تفترض ركن آخر هو صغر سن المجنى عليه ، بيد ان الجريمتان تتفقان فى الركن المادى المكون لكل منهما .
وعليه فإننا سوف نتناول هذا الموضوع على النحو التالى :
المبحث الأول : التمييز بين هتك العرض وغيره من جرائم العرض.
المبحث الثانى : الركن المادى فى جريمة هتك العرض.
المبحث الأول
التمييز بين هتك العرض وغيره من جرائم
الأحكام المشتركة بين جرائم الأعتداء على العرض :
أدرج المشرع المصرى جرائم العرض ضمن موضع واحد من القانون ، وأفرد لها نصوص متسلسلة تبدأ من المادة 267 عقوبات ، ولا شك أن مرجع خطة الشارع ترجع بصفة أساسية الى وجود أحكام مشتركة بين هذه الطائفة من الجرائم .
ويمكن القول بأن جرائم العرض تتميز بأنها جميعا تشترك فى كونها جرائم جنسية. بمعنى أنها تدور فى إطار العلاقات الجنسية ، وتفترض خرقا للتنظيم القانونى لها (2).
وذلك لأن ممارسه هذه العلاقة الجنسية فى إطارها الشرعى لا تقوم به جريمة ولا تقع به مسائلة قانونية. وتشترك جرائم الأعتداء على العرض فى كونها تمس جميعا الحق فى سلامة العرض ، ويتحدد مدلول العرض وفقا لمجموعة من القيم الأجتماعية ذات مصدر دينى واخلاقى ، وفى التشريع المصرى يعتبر الفعل ماسا بالعرض وأعتداء عليه اذا كان يؤدى الى الأعتداء على الحق فى الحرية الجنسية.
ــــــــــــــــــــــ
(2) أنظر
Goyet (F.) : Op . Cit. , No. 696. P. 495.
أوجه الأتفاق بين هتك العرض والإغتصاب :
إن الحق المعتدى عليه فى جريمة هتك العرض والإغتصاب هو الحرية الجنسية فالإغتصاب يفترض اتصالا جنسيا بين الرجل والمرأة بينما هتك العرض لا يفترض أكثر من فعل جنسى ، فهتك العرض فعل مخل بالحياء على نحو جسيم ، وهو يكشف فى غالبية الأحيان عن رغبة فى الاتصال الجنسى . كما انه ينطوى عادة - كالإغتصاب - على مساس بالشرف والحرية بوجه عام .
ولذلك فإن كل من الإغتصاب وهتك العرض يفترضان عدم مشروعية العلاقة بين الجانى والمجنى عليه .
أوجه الأختلاف بين هتك العرض والإغتصاب :
تختلف الجريمتان من وجوه متعدده أهمها :
أولاً : أن الإغتصاب لا يقع ألا من رجل على أنثى .
بينما هتك العرض يمكن أن يقع على أى أنسان ذكرا كان أو أنثى ، ومن أى أنسان ذكرا كان أو أنثى ، وبذلك يبين أن المشرع لم يشترط صفة معينة فى الفاعل فى جريمة هتك العـرض ، بينما يشترط أن يكون الفاعـل فى الإغتصاب ذكر والمجنى عليها أنثى (3).
ثانيا : يشترط فى الإغتصاب أن يكون فعل الوقاع قد حدث فى المحل المخصص لذلك من جسم الأنثى (فرج المرأة) .
فإذا لم يبلغ الجانى مقصده وتبين أن ما اتاه من أفعال لا يعتبر بدءا فى تنفيذ فعل الوقاع ، فإن ما ارتكبه الجانى يخرج عن جريمة الإغتصاب . اما هتك العرض فهو يشمل ما دون الوقاع من الأفعال المنافية للآداب ، وعليه فإن أتيان الأنثى فى غير الموضع الطبيعى لها ، والفسق بالذكور ، وكل ما يصل الى درجه من الفحش يدخل فى هتك العرض .
ولذلك فإذا كان من المستحيل أن يقع الإغتصاب من عنين ويقف فعله عند حد الشروع ، فإن هتك العرض يمكن أن يقع من عنين متى استطال الى جسم المجنى عليه بفعل يخدش عاطفه الحياء عنده (4).
كما يعتبر وقاع الصغيرات إذا لم يكن مصحوبا بقوة أو تهديد هتكا للعرض
ـــــــــــــــــــــــــــ
(3) أنظر الأستاذ أحمد أمين : المرجع السابق ، ص 446 .
(4) أنظر نقض 29 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 13 ص 58 .
المطلب الثانى
التمييز بين هتك العرض والفعل
أوجه الأختلاف بين هتك العرض والفعل الفاضح :
اتفق الفقه على أن أوجه الأختلاف بين هتك العرض والفعل الفاضح تكاد تكون واضحة، ويمكن أجمال ذلك فيما يلى :
أ - يقع هتك العرض على جسم المجنى عليه ، بينما لا يشترط فى الفعل الفاضح أن يقع على جسم شخص آخر ، فقد يتحقق الفعل بعمل على جسم الجانى ويكون من شأنه المساس بحياء الناس لا شخص معين بذاته.
ب - يشترط أن يكون فعل هتك العرض فاحشا لدرجة كبيرة ، وتصل هذه الدرجة لذروتها بأن تكون ماسة بالأعضاء التناسلية للمجنى عليه ، كما يتحقق بكل فعل يمس الحياء العرض للمجنى عليه سواء بإستعمال الجانى عضوا من جسمه يعتبر عورة يمس به جزءا من جسم المجنى عليه ولو لم يكن عورة فى حد ذاته ، أو بغير ذلك من الأفعال ذات المعانى الجنسية .
ضابط التمييز بين هتك العرض والفعل الفاضح لدى محكمة النقض :
ذهبت محكمة النقض فى بادئ الامر صوب اعتبار هتك العرض هو كل أعتداء يقع على أى جزء من أجزاء الجسم ، بينما الفعل الفاضح هو ما يؤذى حياء الغير سواء عن طريق حاسة السمع أو البصر لا عن طريق حاسة اللمس ، فقالت أنه عن طريق حاسة السمع أو البصر لا عن طريق حاسة اللمس ، فقالت أنه يمكن
تعريف الفعل الفاضح بأنه هو الفعل العمد المخل بالحياء الذى يخدش من المجنى عليها حياء العين والاذن ليس ألا ، أما بقية الأفعال العمدية المخلة بالحياء والتى تستطيل الى جسم المرء وعوراته وتخدش عاطفه الحياء عنده من هذه الناحية فمن قبيل هتك العرض(6).
بيد أن محكمة النقض عادت وقالت فى حكم لها أنه لا مرية فى أن المبدأ الذى قررته المحكمة لم يرد به حصر الحالات التى يصح أن تندرج تحت جريمة هتك العرض والقول بأن ما عداها خارج حتما عن الجريمة المذكورة وانما هو مبدأ جنائى تناولت فيه المحكمة جريمة هتك العرض من ناحيتها الأكثر وقوعا ، تلك الناحية التى يقع فيه المساس بجزء من جسم المجنى عليه يدخل عرفا فى حكم العورات . وظاهر أن هذا لا يفيد أن أفعال هتك العرض محصورة فى هذه الناحية أو أن الجريمة لا يتصور وقوعها ألا على هذا النحو(7).
ولعل الصحيح هو أنه مادام هتك العرض يتفق مع الفعل الفاضح فى احدى صورتيه فى أن كل منهما يتكون من فعل مادى مخل بالحياء يقع على غير ارادة المجنى عليه ، فإن التمييز بينهما فى العقاب لا يفسره ألا أن تكون أفعال هتك العرض من الجسامة فى الفحش بحيث تبرر العقوبة المغلظة . وتطبيقا لذلك فقد حكم بأن تطويق الجانى كتفى أمرأة بذراعيه وضمها اليه يعتبر هتك عرض لأن هذا الفعل يترتب عليه ملامسة جسم المتهم لجسم المجنى عليها ويمس منها جزءا هو لا ريب داخل فى حكم العورات ويترتب عليه الأخلال بحياء المجنى عليها العرضى(.
كما حكم بأنه إذا كانت الواقعة هى أن المجنى عليها استيقظت من نومها على صوت رجل يقف بجانب رأسها يهزها بيد ويمسك ثديها بيد اخرى ، فإخذ يراودها عن نفسها فلما أبت واستغاثت وضع يده على فمها ومزق قميصها من أعلاه ولمس بيده الأخرى ثديها ، فهذه الواقعة يتوافر فيها جميع العناصر القانونية لجريمة هتك العرض بالقوة (9)، كما حكم بأنه إذا جاء المتهم من خلف المجنى عليها وقرصها فى فخذها فهذا الفعل المخل بالحياء الى حد الفحش والذى فيه مساس بجزء من جسم المجنى عليها يعتبر عورة من عوراتها هو هتك عرض بالقوة (10).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) أنظر نقض 28 أكتوبر سنة 1911 المجموعة الرسمية س 13 رقم 7 ص 14 .
(7) أنظر نقض 30 ديسمبر سنة 1968 مجموعة أحكام محكمة النقض س 19 رقم 231 ص 1129 .
( أنظر نقض 4 يناير سنة 1932 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 317 ص 427 .
(9) أنظر نقض 22 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام محكمة النقض س 1 رقم 222 ص 682 .
(10) أنظر نقض 11 مايو سنة 1936 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 470 ص 602 .
المبحث الثانى
الركن المادى فى جريمة هتك
عناصر الركن المادى فى جريمة هتك العرض :
يتطلب الركن المادى فى جريمة هتك العرض أن يقع فعل مخل بالحياء ويكون ماسا بأية صورة بجسم المجنى عليه ، ذلك أن المشرع يهدف بالعقاب على هتك العرض الى حماية المناعة الأدبية التى يصون بها الرجل أو المرأة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء العرضى ، لا فرق فى ذلك بين أن تقع هذه الملامسة والاجسام عارية وبين أن تقع والاجسام مستورة بالملابس ، مادامت هذه الملامسة قد استطالت الى جزء من جسم المجنى عليه يعد عورة (11). وبذلك يبين أن السلوك المادى الذى تقوم به جريمة هتك العرض يتميز بخصيصتين : الأولى أنه يستطيل الى جسد المجنى عليه ، والثانية أنه يكون خادشا للحياء.
ـــــــــــــــــــــــــ
(11) أنظر
Garcon (Emile) : Op . Cit., Art 331 a 333 , No. 66.
(أولاً) استطالة الفعل الى جسد المجنى عليه :
وذلك بأن يمس الفعل أى جزء من أجزاء جسم المجنى عليه . ولا يشترط أن يتخلف عن ذلك أى أثر ، كما لا يشترط أن يكون متبوعا بالإيلاج. وتنقسم الأفعال التى تمس جسم المجنى عليه الى :
أ - أفعال تمس جزء يعد عورة فى جسم المجنى عليه.
ب - أفعال تمس جزء لا يعد عورة فى جسم المجنى عليه.
(أ) أفعال تستطيل الى جزء يعد عورة فى جسم المجنى عليه :
وهى تلك التى تتم عن طريق الكشف عن عورة الغير أو ملامستها ، أو بالأمرين معا . وقد استقرت محكمة النقض منذ أمد بعيد على أن كل مساس بجزء من جسم الأنسان داخل فيما يعبر عنه بالعورات يجب أن يعد من قبيل هتك العرض .
والمرجع فى اعتبار ما يعد عورة وما لا يعد كذلك إنما يكون الى العرف الجارى وأحوال البيئات الأجتماعية ، فالفتاة الريفية التى تمشى سافرة الوجه بين الرجال لا يخطر ببالها أن فى تقبيلها من وجنتيها أخلالا بحيائها العرضى واستطالة
على موضع فى جسمها تعده هى ومثيلاتها من العورات التى تحرص على سترها ، فتقبيلها فى وجنتيها لا يخرج عن أن يكون فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء(12). وعلى ذلك فإن المساس بعورات الغير أما أن يكون عن طريق ملامستها ، أو عن طريق الكشف عنها.
ـــــــــــــــــــــ
(12) أنظر نقض 22 يناير سنة 1934 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 190 ص 259 . ملامسة عورات الغير :
استقر قضاء النقض على أن كل مساس بعورات الغير يعد هتكا للعرض بغض النظر عن بساطته أو جسامته (13) ، يستوى فى ذلك أن يترك أثرا بجسم المجنى عليه أو ألا يترك أثرا ، وتأسيسا على ذلك فقد حكم بأنه يعتبر هتك عرض التصاق المتهم عمداً بجسم المجنى عليه من الخلف حتى يمس بقضيبه عجز الصبى (14). وبأنه إذا كان المتهم قد احتضن مخدومته كرها عنها ثم أطرحها أرضا واستلقى فوقها فذلك يكفى لتحقيق هتك العرض ولو لم يقع من الجانى أن كشف ملابسه أو ملابس المجنى عليها (15)، وبأنه إذا كانت الواقعة هى أن المتهم جثم على المجنى عليها عنوة وأدخل أصبعه فى دبرها فهذه الواقعة تكون جريمة هتك العرض بغض النظر عما جاء بالكشف الطبى الموقع على المجنى عليها من عدم وجود أثر بها(16).
كما حكم بأن الفخذ من المرأة عورة فلمسه وقرصه على سبيل المغازلة يعد هتك عرض (17)، وبأنه إذا كان المتهم قد وضع يده على ألية المجنى عليه واحتضنه ووضع قبلـه فى يده فإن ذلك يكفى لتوافر الركن المادى فى هتك العرض (18).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(13) أنظر نقض 16 مارس سنة 1970 مجموعة أحكام محكمة النقض س 21 رقم 95 ص382 .
(14) أنظر نقض 29 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 13 ص 58 .
(15) أنظر نقض 3 يونية سنة 1935 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 168 ص 513 .
(16) أنظر نقض 17 أبريل سنة 1950 مجموعة أحكام محكمة النقض س 6 رقم 168 ص 513 .
(17) أنظر نقض 13 ديسمبر سنة 1948 مجموعة القواعد القانونية ج 7 رقم 719 ص 674 .
(18) أنظر نقض 29 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 13 ص 58 .
الكشف عن عورات الغير :
استقر قضاء النقض فى مصر (19)، وفى فرنسا منذ أمد بعيد على أن الفعل المادى فى جريمة هتك العرض يكتمل بوقوع الفعل على جسم المجنى عليه
دون ملامسة (20)، وذلك بأن يكشف الجانى عن عورة المجنى عليه . وتأسيسا على ذلك فقد حكم بأنه إذا كشفت المتهمة عن عورة المجنى عليها بعد نزع سروالها فإن ذلك مما تتوافر معه جريمة هتك العرض(21)، وبأنه يعد هتك عرض بالقوة إخراج المجنى عليه من الماء الذى كان يسبح فيه عاريا وعدم تمكينه من ارتداء ملابسه واقتياده وهو عار فى الطريق العام (22).
كما قضى بأنه إذا مزق شخص لباس غلام من الخلف فقد أخل بحيائه العرض إذ كشف جزء من جسمه هو من العورات التى يحرص كل أنسان على صونها وحجبها عن أنظار الناس وكشف هذه العــورة على غير إرادة المجنى عليه بتمزيق اللباس الذى كان يسترها يعتبر فى حد ذاته جريمة هتك عرض تامـة(23).
ــــــــــــــــــــ
(19) قالت محكمة النقض “ أن عبارة هتك العرض تفيد كل تعدى يقع على عرض شخص آخر .. وأن الذى يميز هتك العرض عن الفعل الفاضح هو أن هتك العرض يقع دائما على جسد الغير وعرض الغير ولايشمل الأفعال التى تقع أخلالاً بالحياء العام بصفة عامة ، لأن هذه الأفعال عند وقوعها يعاقب عليها طبقاً لأحكام قانون العقوبات فى مادة الأفعال المخلة بالحياء .. وأنه أذا تتبعنا هذا التعريف يتبين لنا جلياً أن “الملامسة” وهى التى يبنى عليها حصول جريمة هتك العرض ليست ضرورية بمفردها، وحيث أن الواقعة تنحصر فى أن الفاعل لغرض قضاء شهوته وبواسطة التهديد والضرب قد اكره المجنى عليه على خلع ملابسه وكشف سوأته بالرغم منه فيكون بناء على ذلك قد تجارى دون شك على هتك العرض بالقوة . أى أن هذا الهتك واقع على جسم المجنى عليه شخصيا.
أنظر نقض 2 أكتوبر سنة 1911 المجموعة الرسمية س 12 ص 14 .
(20) أنظر
Crim 26 juil 1874 , S . 874. 1. 408.
(21) أنظر نقض 21 مارس سنة 1960 مجموعة أحكام محكمة النقض س 11 رقم 56 ص 286 .
(22) أنظر نقض 9 يونية سنة 1969 مجموعة أحكام محكمة النقض س 20 رقم 171 ص 853 .
(23) أنظر نقض 16 نوفمبر سنة 1931 مجموعة القواعد القانونية ج 2 رقم 288 ص 354 .
(ب) أفعال تستطيل الى جزء لا يعد عورة فى جسم المجنى عليه :
استقر قضاء النقض المصرى(24) ، والفرنسى(25) ، على أن فعل هتك العرض يمكن أن يقع على موضع فى جسم المجنى عليه لا يعتبر عورة ، ألا أنه يشكل فى ذاته درجة من الفحش تجرح الحياء ، وتهين الاحساس العرضى للمجنى عليه بدرجة بالغة.
وقد قالت محكمة النقض فى ذلك أنه لا مرية فى أن المبدأ الذى قررته المحكمة لم يرد به حصر الحالات التى يصح أن تندرج تحت جريمة هتك العرض ، والقول بأن ما عداها خارج حتما عن الجريمة المذكورة . وانما هو مبدأ جنائى تناولت فيه المحكمة جريمة هتك العرض من ناحيتها الأكثر وقوعا ، تلك الناحية التى يقع فيها المساس بجزء من جسم المجنى عليه يدخل عرفا فى حكم العورات ، وقطعت المحكمة بأن مثل هذا المساس يجب حتما وفى كل الأحوال أن يعد من قبيل هتك العرض لما فيه من الأخلال بحياء المجنى عليه العرضى ، وظاهر أن هذا لا يفيد أن أفعال هتك العرض محصورة فى هذه الناحية ، أو أن الجريمة لا يتصور وقوعها ألا على هذا النحو ، بل قد يتصور العقل - فى أحوال قد تكون فى ذاتها نادرة أو قليلة الوقوع أمكان الأخلال بحياء المجنى عليه العرضى بأفعال لا تصيب من جسمه موضعا يعد عورة ، ولا يجوز مع ذلك التردد فى اعتبارها من قبيل هتك العرض نظرا لمبلغ ما يصاحبها من فحش ، لأنها من ناحية أخرى أصابت جسم المجنى عليه فخدشت حياءه العرضى وأن لم يقع المساس فيها بشئ من عوراته ، كما لو وضع الجانى عضوه التناسلى فى يد المجنى عليه ، أو فى فمه ، أو فى جزء آخر من جسمه لا يعد عورة ، فهذه الأفعال ونظائرها لا يمكن أن يشك فى أنها من قبيل هتك العرض ، وكل ذلك مما ينبغى أن يبقى خاضعا لتقرير المحكمة ،
إذ من المعتذر - أن لم يكن من المستحيل - حصره فى نطاق واحد واخضاعه لقاعدة واحدة (26).
وتأسيسا على ذلك فقد حكــم بأن من التصق بالمجنى عليها أثناء جلوسها بسيارة الأتوبيس وأخرج عضوه وحكه فى كتفها وأمنى على ملابسها يتحقق بفعله جريمة هتك العرض ، وبأنه اذا كان الفعل المادى الذى قارفه المتهم هو مباغتة المجنى عليها بوضع يدها الممدودة لتناول القرش على قبله من خارج الملابس ، فإن هذا الفعل مما يخدش حياء المجنى عليها العرضى ، وقد استطال الى جسمها وبلغ درجة من الفحش يتوافر بها الركن المادى لجنايه هتك العــرض (27).
ـــــــــــــــــــ
(24) أنظر نقض 15 أكتوبر سنة 1934 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 172 ص 366 .
(25) أنظر
Crim 7 Avri 1835 , S . 35. 1. 936.
(26) أنظر نقض 15 أكتوبر سنة 1934 سالف الأشارة اليه .
(27) أنظر نقض 26 مارس سنة 1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 52 ص 254 .
(ثانيا) فعل يخدش الحياء :
يكاد يتفق الفقه على أن ضابط التمييز بين هتك العرض والفعل الفاضح يتمثل فى أن أفعال هتك العرض من الجسامة فى الفحش بحيث تبرر العقوبة المغلظة التى اختصها القانون بها(28).
وعلى ذلك فإن أفعال الفحش البسيطه تخرج من عداد هتك العرض ولو وقعت على عورة ، وعلى العكس فإن أفعال الفحش الكبيره تدخل فى عداد هتك العرض ولو وقعت على أجزاء فى الجسم لا تعد عورة .
ولا شك أن لقاضى الموضوع سلطه تقدير كل حالة على حده لتحديد ما إذا كان الفعل الذى ارتكبه الجانى مخلاً بالحياء العرض للمجنى عليه بدرجة جسيمة ترقى به لأن يكون جريمة هتك العرض ، أم أن الفعل يسير فيكون جريمة فعل فاضح. والمعيار الذى يمكن الأعتماد عليه فى تحديد مدى جسامة الفعل لا يرجع فيه الى الجانب الشخص للمجنى عليه ومبلغ فهمه لمعنى الأفعال الواقعة على جسمه ، بل الصحيح أن يعتمد فيه على أساس الشعور العام ، فيعد الفعل هتك عرض ولو وقع على من لا يصون عرضه (29)، ويرجع فى تحديد ذلك الى الظروف التى تسهم فى تحديد مدى جسامة الفعل ومنها طبيعة الفعل الذى وقع وسن الجانى والمجنى عليه ومدى رضاء المجنى عليه ، والوقت الذى استغرقه الفعل.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(29) أنظر
Garcon (Emile) : Op . Cit., Art 331 a 333 , No. 67.
تطبيقات من أحكام النقض:
أولاً - التمييز بين جريمة هتك العرض وغيرها من الجرائم الأخري :
* إن الفارق بين جريمتي هتك العرض و الفعل الفاضح لا يمكن وجوده لا في مجرد مادية الفعل و لا في جسامته ، و لا في العنصر المعنوي و هو العمد ، و لا في كون الفعل بطبيعته واضح الإخلال بالحياء . إنما يقوم الفارق بين الجريمتين علي أساس ما إذا كان الفعل الذي وقع يخدش عاطفة الحياء العرضي للمجني عليه
من ناحية المساس بعوراته - تلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها و التي لا يدخر أي إمرئ وسعاً في صونها عما قل أو جل من الأفعال التي تمسها . فإن كان الفعل كذلك إعتبر هتك عرض و إلا فلا يعتبر . و بناء علي هذا يكون من قبيل هتك العرض كل فعل عمد مخل بالحياء يستطيل إلي جسم المرء و عوراته و يخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية . أما الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش في المجني عليه حياء العين و الأذن ليس إلا فهو فعل فاضح .
( نقض 22 نوفمبر سنة 1928 طعن رقم 1737 سنة 45 قضائية "قديم" )
* إن واقعة هتك العرض تكون واحدة و لو تعددت الأفعال المكونة لها . فلا يصح إذن أن توصف بوصفين مختلفين بل يتعين وصفها بالوصف الذي فيه مصلحة للمتهم . فإذا كان هتك العرض قد وقع بسلسلة أفعال متتالية ، و كان وقوع أولها مباغتة و لكن المجني عليه سكت و لم يعترض علي الأفعال التالية التي وقعت عليه فإن ذلك ينسحب علي الفعل الأول فيجعله أيضاً حاصلاً بالرضاء و تكون هذه الواقعة لا عقاب عليها . إلا إذا كانت قد وقعت علناً في محل مفتوح للجمهور " معبد أبو الهول " و كان هناك وقت الواقعة أشخاص يمكنهم هم و غيرهم ممن يتصادف دخولهم المعبد أن يشاهدوا الواقعة ، فإن وقوعها في هذا الظرف يجعل منها جنحة فعل فاضح علني معاقب عليه بالمادة 278ع .
( نقض 22 يونية سنة 1942 طعن رقم 1471 سنة 21 قضائية )
* كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلي جسم المجني عليه و عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية فهو هتك عرض .
أما الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش في المرء حياء العين و الأذن ليس إلا فهو فعل فاضح 0 فإذا كان الحكم قد أثبت علي المتهم أنه عندما كانت المجني عليها تتهيأ للنوم سمعت طرقاً علي باب غرفتها فإعتقدت أن الطارق زوجها ففتحت الباب فوجدت المتهم فدخل الغرفة ، ثم لما حاولت طرده وضع يده علي فمها وإحتضنها بأن ضم صدرها إلي صدره ثم ألقاها علي السرير فإستغاثت فركلها بقدمه في بطنها و خرج ، ثم أدانه في جناية هتك العرض بالقوة - فأنه يكون سليماً لتوافر أركان هذه الجريمة في حقه .
( نقض 8 أكتوبر سنة 1951 طعن رقم 894 سنة 21 قضائية )
* جريمة هتك العرض - المادة 32 من قانون العقوبات متي كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أن الأفعال المنافية للأداب العامة التي أتاها علي جسم المجني عليه قد صدرت منه في الترام و في الطريق و في إحدي المنتزهات ، و هي أماكن عامة بطبيعتها و يحتمل مشاهدة ما يقع فيها ، فإن ذلك يتحقق به ركن العلانية . علي أن مصلحة الطاعن من التمسك بعدم توافر ركن العلانية في تهمة الفعل الفاضح المسندة إليه ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات و قضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد و هي المقررة لجريمة هتك العرض التي أثبتها في حقه ، و من ثم فإن النعي علي الحكم من هذه الناحية يكون في غير محله .
( نقض 29 يناير سنة 1963 طعن رقم 2169 سنة 32 قضائية )
* تختلف جريمة هتك العرض بالقوة المنصوص عليها في المادة 268 /1 ، 2 من قانون العقوبات في أركانها و عناصرها عن جريمة دخول بيت مسكون ليلاً بقصد إرتكاب جريمة فيه المعاقب عليها بمقتضي المادتين 370 ، 372 من
القانون المذكور . و لما كان التغيير الذي أجرته محكمة الجنايات في التهمة - من الجريمة الأولي التي رفعت بها الدعوي الجنائية علي الطاعن و جرت المحاكمة علي أساسها إلي الجريمة الثانية التي أدين بها - ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلي الطاعن في أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراءه في حكمها بغير سبق تعديل في التهمة ، و إنما هو تعديل في التهمة نفسها لا تملك المحكمة إجراءه إلا في أثناء المحاكمة و قبل الحكم في الدعوي ، و بشرط تنبيه المتهم إليه و منحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء علي التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وكان يبين من الاطلاع علي محاضر جلسات المحاكمة أن مرافعة الدفاع عن الطاعن دارت حول الوصف الذي رفعت به الدعوي الجنائية بداءة دون أن تعدل المحكمة التهمة في مواجهته أو تلفت نظر الدفاع كي يعد دفاعه علي أساسه ، فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع ويكون حكمها معيباً بما يستوجب نقضه و الإحالة .
( نقض 25 نوفمبر سنة 1968 طعن رقم 1730 سنة 38 قضائية )
* إنه و إن كان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلي جسمه فيصيب عورة من عوراته و يخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ، إلا أنه متي إرتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام ، فإن ذلك يقتضي تقصي قصد الجاني من إرتكابها ، فإذا كان قصده قد إنصرف إلي ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح ، أما إذا كانت تلك الأفعال قد إرتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءاً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة و لو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للأداب . و إذ كان لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لإعتباره شارعاً في إرتكاب جريمة أن يأتي فعلاً سابقاً علي تنفيذ الركن المادي لها و مؤدياً إليه حالاً ، و كان الثابت في الحكم أن المطعون ضده الأول قد إستدرج الغلام المجني عليه إلي منزل المطعون ضده الثاني و أنهما راوداه عن نفسه فلم يستجب لتحقيق رغبتهما ، و عندئذ أمسك المطعون ضده الأول بلباسه محاولاً عبثاً إنزاله - بعد أن خلع هو " بنطلونه " - و أقبل المطعون ضده الثاني الذي كان متوارياً في حجرة أخري يرقب ما يحدث و أمسك بالمجني عليه و قبله في وجهه ، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعن بالبحث في مقصد المطعون ضدهما من إتيان هذه الأفعال و هل كان من شأنها أن تؤدي بهما حالاً و مباشرة إلي تحقيق قصدهما من العبث يعرض المجني عليه ، يكون فضلاً من خطئه في تطبيق القانون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه و الإحالة .
( نقض 5 أبريل سنة 1970 طعن رقم 205 سنة 40 قضائية )
* إن لكل من جريمة هتك العرض بالقوة و جريمة النصب ، أركانها المستقلة تماماً عن الأخري ، و من ثم فإن القول بأن إنتفاء إحداهما يحول دون قيام الأخري ، يكون علي غير أساس .
( نقض 4 يناير سنة 1971 طعن رقم 1697 سنة 40 قضائية )
* هتك عرض أنثي بالقوة والتهديد - أركان قانونية من المقرر أن جريمتي الشروع في وقاع أنثي بغير رضاها وهتك عرض أنثي بالقوة والتهديد، يلزم لقيام كل منهما عناصر وأركان قانونية ذاتية تتغاير في إحداها عن الأخري.
( نقض 9 يولية سنة 1997 طعن رقم 10201 سنة 65 قضائية )
* هتك عرض أنثي بالقوة - حق الدفاع لما كان التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة الأولي من شروع في وقاع أنثي بغير رضاها إلي هتك عرض أنثي بالقوة والتهديد برغم إختلاف العناصر القانونية لكل من هاتين الجريمتين عن الأخري يوجب عليها لفت نظر الدفاع إلي ذلك التعديل ، والذي قد يثير الطاعن جدلاً بشأنه ، فإن هي لم تفعل ، فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان القانون لا يخول المحكمة أن تعاقب المتهم علي أساس واقعة شملتها التحقيقات - لم تكون مرفوعة بها الدعوي عليه. دون أن تلفت نظر المدافع عنه إلي ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مبنياً علي إجراء باطل مما يعيبه ويوجب نقضه والاعادة بالنسبة للطاعن المحكوم عليه الأول - الذي لم يقبل طعنه شكلاً - لاتصال وجه الطعن به، وذلك عملاً بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
( نقض 9 يولية سنة 1997 طعن رقم 10201 سنة 65 قضائية )
ثانياً – الركن المادي:
* جريمة هتك عرض صبي تتم بمجرد الإتصال أو الملامسة بقطع النظر عن حصول إدخال تام أو ناقص في جسم الصبي .
( نقض 7 مارس سنة 1929 طعن رقم 944 سنة 46 قضائية " قديم" )
* يعتبر هتك عرض بحسب المادة 231 عقوبات أي فعل وقع من الجاني علي جسم الغير مخدش للحياء بقطع النظر عن بساطته أو جسامته .
( نقض 27 فبراير سنة 1930 طعن رقم 636 سنة47 قضائية " قديم" )
* قرص إمرأة في عجزها يعتبر جناية هتك عرض لوقوعه علي ما يعد عورة من جسم المجني عليها . و للمحكمة نظر هذه الجريمة بجلسة سرية محافظة علي الآداب .
( نقض 17 أبريل سنة 1930 طعن رقم 1067 سنة 47 قضائية " قديم" )
* إذا مزق شخص لباس غلام من الخلف فقد أخل بحيائه العرضي إذ كشف جزءاً من جسمه هو من العورات التي يحرص كل إنسان علي صونها و حجبها عن أنظار الناس . و كشف هذه العورة علي غير إرادة المجني عليه بتمزيق اللباس الذي كان يسترها يعتبر في حد ذاته جريمة هتك عرض تامة و لو لم تصاحب هذا الفعل أية ملامسة مخلة بالحياء .
( نقض 16 نوفمبر سنة 1931 طعن رقم 6 سنة 47 قضائية " قديم" )
* كل مساس بما في جسم المجني عليه مما يعبر عنه بالعورات يعتبر في نظر القانون هتكاً للعرض . فمن يطوق كتفي إمرأة بذراعيه و يضمها إليه يكون مرتكباً لجناية هتك العرض . لأن هذا الفعل يترتب عليه ملامسة جسم المتهم لجسم المجني عليها و يمس منه جزءاً هو لا ريب داخل في حكم العورات . وفي هذا ما يكفي لإدخال الفعل المنسوب إلي المتهم في عداد جرائم هتك العرض لأنه يترتب عليه الإخلال بحياء المجني عليه العرضي .
( نقض 4 يناير سنة 1932 طعن رقم 976 سنة 2 قضائية )
* كل مساس بجزء من جسم الإنسان داخل فيما يعبر عنه بالعورات يجب أن يعد من قبيل هتك العرض . و المرجع في إعتبار ما يعد عورة و ما لا يعد كذلك
إنما يكون إلي العرف الجاري و أحوال البيئات الإجتماعية . فالفتاة الريفية التي تمشي سافرة الوجه بين الرجال لا يخطر ببالها أن في تقبيلها في وجنتيها إخلالاً بحيائها العرضي و إستطالة علي موضع من جسمها تعده هي و مثيلاتها من العورات التي تحرص علي سترها ، فتقبيلها في وجنتيها لا يخرج عن أن يكون فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء منطبقاً علي المادة 240 من قانون العقوبات .
( نقض 22 يناير سنة 1934 طعن رقم 356 سنة 4 قضائية )
* لا يعتبر هتك عرض إلا المساس بجزء من جسم المجني عليه يدخل عرفاً في حكم العورات ، و كذلك الأفعال الأخري التي تصيب جسمه فتخدش حياءه العرضي لمبلغ ما يصاحبها من فحش . فإذا قاد المجني عليه شخصان إلي غرفة مقفلة الأبواب و النوافذ ، و قبله أحدهما في وجهه ، و قبله الثاني علي غرة منه في قفاه و عضه في موضع التقبيل ، فهذا الفعل لا يعتبر إذن هتك عرض و لا شروعاً فيه ، كما أنه لا يدخل تحت حكم أية جريمة أخري من جرائم إفساد الأخلاق .
( نقض 15 أكتوبر سنة 1934 طعن رقم 1518 سنة 4 قضائية )
* إن الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يستلزم الكشف عن عورة المجني عليه ، بل يكفي في توفر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع علي جسم المعتدي علي عرضه قد بلغ من الفحش و الإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ إعتباره هتك عرض ، سواء أكان بلوغ هذه الدرجة قد تحقق من طريق الكشف عن عورة من عورات المجني عليه أم من غير هذا الطريق . فإذا كان الثابت بالحكم أن المتهم إحتضن مخدومته كرهاً عنها ثم طرحها أرضاً و إستلقي فوقها ، فذلك يكفي لتحقيق جريمة هتك العرض ، و لو لم يقع من الجاني أن كشف ملابسه أو ملابس المجني عليها .
( نقض 22 أكتوبر سنة 1934 طعن رقم 1934 سنة 4 قضائية )
* إن كل مساس بما في جسم المجني عليها من عورات يعد هتك عرض ، لما يترتب عليه من الإخلال بالحياء العرضي . و ثدي المرأة هو من العورات التي تحرص دائماً علي عدم المساس بها ، فإمساكه بالرغم منها و بغير إرادتها يعتبر هتك عرض .
( نقض 3 يونية سنة 1935 طعن رقم 1336 سنة 5 قضائية )
* إن الشارع قصد بالعقاب علي جريمة هتك العرض حماية المناعة الأدبية التي يصون بها الرجل أو المرأة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء العرضي ، لا فرق في ذلك بين أن تقع هذه الملامسة و الأجسام عارية ، و بين أن تقع والأجسام مستورة بالملابس ، ما دامت قد إستطالت إلي جزء من جسم المجني عليه يعد عورة فإلتصاق المتهم عمداً بجسم الصبي المجني عليه من الخلف حتي مس بقضيبه عجز الصبي يعتبر هتك عرض معاقباً عليه بالمادة 231 عقوبات و مفاجأة المتهم للصبي المجني عليه و مباغتته له علي غير رضاء مكون لركن القوة و الإكراه المنصوص عنه في تلك المادة .
( نقض 3 يونية سنة 1935 طعن رقم 1347 سنة 5 قضائية )
* إن جريمة هتك العرض تتم بوقوع فعل مناف للآداب مباشرة علي جسم المجني عليه و لو لم يحصل إيلاج أو إحتكاك يتخلف عنه أي أثر كان .
( نقض 2 ديسمبر سنة 1935 طعن رقم 10 سنة 6 قضائية )
* ملامسة المتهم بعضو تناسله دبر المجني عليها تعتبر هتك عرض ، ولو كان عنيناً ، لأن هذه الملامسة فيها من الفحش و الخدش بالحياء العرضي ما يكفي لتوافر الركن المادي للجريمة .
( نقض 2 نوفمبر سنة 1936 طعن رقم 2098 سنة 6 قضائية )
* إن الفخذ من المرأة عورة فلمسه و قرصه علي سبيل المغازلة يعد هتك عرض .
( نقض 13 ديسمبر سنة 1948 طعن رقم 1963 سنة 18 قضائية )