قيود استعمال الرأفة
في جرائم العرض والشرف
بحث مقدم من المستشار الدكتور/ شكري الدقاق
استاذ القانون الجنائي ورئيس محكمة الجنايات
تمهيد:
لا شك ان جرائم
العرض والشرف هي من اشد الجرائم خطر في المجتمع واكثرها أثراً في نفس المجني عليها
واسرتها والحقيقة أن هذه الجرائم تنتمي الى ما يعرف في
الفقه الجنائي وعلم الاجرام ـ بالجرائم الواقعية او الطبيعية أي الجرائم التي
تتنافي ـ بطبيعتها ـ مع الاخلاق والاديان وإثارة ضمير الجماعة. لذلك وضعها المشرع
في معظم النظم الجنائية في درجة الجرائم الكبرى وهي الجنايات ـ وتتدرج هذه الجرائم
من حيث الشدة من جرائم الخطف المقترن بالاغتصاب وعقوبتها الاعدام الى جرائم هتك
العرض والفعل الفاضح.
ولقد درج المشرع الجنائي عند تقرير التجريم أن يضع
العقوبة التي تناسب فداحة الجرم المرتكب.
ولقد شكلت المادة (17) من قانون العقوبات المصري مشكلة
حقيقية في شأن هذا النوع من الجرائم لأنها تعطي القاضي سلطة استعمال الرأفة في
اقصى درجاتها عندما ينزل القاضي بالعقوبة درجتين عن العقوبة المقررة اصلا حيث تنص
على أنه: "يجوز في مواد الجنايات ـ اذا اقتضت احوال الجريمة ـ المقامة من
اجلها الدعوى العمومية ـ رأفة القضاة، تبديل العقوبة على الوجه الاتي:
·
عقوبة الاعدام
بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد.
·
عقوبة السجن
المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن.
·
عقوبة السجن
المشدد بعقوبة السجن او الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور.
·
عقوبة السجن
بعقوبة الحبس الذي لا يجوز ان ينقص عن ثلاثة شهور.
والظروف المخففة هي اسباب متروكة
لتقدير القاضي تخوله حق تخفيض العقوبة في الحدود التي عينها القانون
.وهي تتناول كل ما يتعلق بمادية العمل الاجرامي في ذاته وبشخص المجرم الذي ارتكب
هذا العمل وبمن وقعت عليه الجريمة وكذلك كل ما احاط ذلك العمل ومرتكبه والمجني
عليه من الملابسات والظروف بلا استثناء وهو ما اصطلح علي
تسميته بالظروف المادية والظروف الشخصية, وهذه المجموعة المكونة من تلك الملابسات
والظروف التي ليس في الاستطاعة بيانها ولا حصرها هي التي تترك لمطلق تقدير القاضي
ان ياخذ منها ما يراه هو موجبا للرأفة وهي تشبه الأعذار
المخففة لانها تؤدي مثلها الي تخفيض العقوبة.
وضع
المشكلة:
قبل ان نعرض لموقفنا من مشكلة التوسع في استخدام المادة
17 من جرائم العرض والشرف ينبغي بداءة ان نعرض للحقائق الاتية:
أولاً: ضرورة احترام مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه في المادة (66)
من الدستور ولن يتحقق ذلك الا بعدم التوسع في الالتجاء الى القياس في مجال القانون
الجنائي، ومن ثم فإن القاضي له مطلق السلطان في استخدام الرأفة في الحدود المقررة
بالمادة 17 إلا إذا وجد نص تشريعي يقيد هذا الحق في بعض الجرائم.
ثانياً: أن القاضي الجنائي عليه ان ينزل حكم الواقع المستمد من جوهر القاعدة
الجنائية ذاتها والذي يلتمس الحقائق الواقعية التي تحكم ماديات الواقعة المطروحة
عليه في الدعوى الجنائية ذلك لأن القاضي الجنائي في حالة استخدامه للمادة (17)لا
يكون ملزما بابداء الأسباب التي دعته الي استخدامها وانما تقدير العقوبة وتقدير
موجبات الرأفة هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون ان تسأل حسابا عن
الاسباب التي من اجلها اوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . ولذلك فقد استقر قضاء
النقض على ان الأصل هو اقتناع القاضي بناء على الادلة المطروحة عليه ، وعليه في سبيل الوصول إلى الحقيقة، ان يمحص
الادلة المطروحة عليه بجميع كيوفها وأوصافها وأن يطبق نصوص القانون تطبيقا صحيحاً
وأن يبني حكمه على اسباب سائغة لا يشوبها التناقض او التضارب او القصور.
ثالثاً: لا تملك النيابة العامة او المدعي بالحق المدني (وهو المجني عليه أو ذويه)
والمسئول بها ان يطعن على الحكم الصادر بإدانة المتهم مهما كان مقدار العقوبة
المحكوم بها ولو كانت مشمولة بوقف التنفيذ إلا اذا كان الحكم مبنياً على مخالفة
القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو إذا شابه ثمة بطلان.
وتكمن المشكلة إذن في
اختلاف التقدير لدى القضاة في مدى استعمال الحق المقرر لهم بالمادة (17) سيما وأن
هذه المادة تسمح بالنزول بالعقوبة درجتين فمن الممكن ان ينزل احد القضاه بالعقوبة
في واقعة معاقب بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاما فيصل بها الى الحبس لمدة ستة
اشهر فقط. وفي هذه الحالة يستطيع القاضي فوق ذلك ان يحكم بوقف تنفيذ العقوبة ويطلق
سراح المتهم فوراً ـ بينما قد يرى قاضي آخر في واقعة مشابهة عدم استخدام هذا الحق
ـ بل ويقضي بأقصى العقوبة المقررة وهي السجن المشدد لمدة خمسة عشر عاما. وفى كلتا
الحالتين لا يمكن الطعن على أى من الحكمين بأى طعن قانوني .
ومما يزيد هذه المشكلة
عمقا ان القاضي الذي يستعمل الرأفة في اقصى درجاتها لا يذكرغالبا اسباب سائغة
وكافية لاستعمال الرأفة في مدونات حكمه سوى عبارة مقتضبه لا تسمن ولا تغني من جوع درجت
الاحكام الجنائية على ذكرها في هذه الحالة وهي "حيث أن المحكمة ترى من ظروف
وملابسات الواقعة ما يدعوها الى استعمال الرأفة في حق المتهم ومن ثم فإنها تنزل
بالعقوبة الى الحد المبين بالمنطوق".
ومع ذلك لا تملك
النيابة العامة الطعن على هذا الحكم مهما كانت العقوبة متدنية ولا تتناسب مع فداحة
وجسامة الجرم ولو كانت مشمولة بوقف التنفيذ ما دام الحكم ـ من الناحية القانونية ـ
قد صدر بادانة المتهم.
إن جوهر المشكلة يكمن
في الذوق القضائي ـ وهو أمر لا يحكمه نص تشريعي بل يترك على اطلاقه لتقدير القاضي
وهو ما يثير في الواقع العملي كثيرا من المشاكل خصوصا عندما يستخدم هذا الحق بصورة
تتجافى مع مقتضيات العدالة سيما اذا أدى استعمال الرأفة الى التهاون مع متهمين يرتكبون جرائم فادحة ضد العرض والشرف
كالخطف والاغتصاب وهتك العرض وهي جرائم تصدم ضمير الجماعة وتثير الاشمئزاز من
الجناة والرغبة فى الثأر منهم ومن ثم يكون الحكم بالعقوبة المخففة بمثابة تحد
للشعور العام كماتمثل حيفا بحقوق المجني عليهم. خاصة عندما تحرم النيابة العامة
والمجني عليهم من الطعن على هذه الاحكام لمجرد انها قضت بالادانة.
وسوف نسوق أمثلة لبعض الاحكام التي قضت
بعقوبات مخففة على الجناة في جرائم فادحة ارتكبوها ضد اعراض المجني عليهن.
أ ـ في الحكم في الدعوى
رقم 4415 لسنة 1990 جنايات قسم اول الزقازيق والصادر بجلسة 2/12/1990 انتهت
المحكمة الى ادانة الجاني وهو زوج خالة المجني عليها وهي طفلة لم تتجاوز ثماني
سنوات وتكرر وقاعها بل أولج فيها على فترات متفاوتة وثبتت الجريمة بشهادة الشهود
والقرائن واطمأنت المحكمة الى أدلة الثبوت ومع ذلك قضت بحبسه سنتين فقط عن هذا
الجرم الشديد والمعاقب عليه بالمادتين 267/2 و 269 وعقوبتها السجن المشدد الذي يصل
الى خمسة عشر عاما مستخدمة الرأفة فى أقصى درجاتها دون أى مبرر ومع ذلك جاء بأسباب
حكمها أن المحكمة ترى من ظروف وملابسات الدعوى،ما يدعوها الى استعمال الرأفة؟؟!!
ب- وفى حكم اخر
فى الدعوى رقم 16314 لسنة 2004 جنايات قسم ثان طنطا قام المتهم بخطف المجنى عليها بالتحايل وتوجه
بها الى شقة أحد أصدقاء السوء واقتادها كرها عنها الى أحد غرف النوم وقام
بمواقعتها كرها عنها رغم بكائها واستعطفاها له أن يتركها ولا يغتال شرفها ورغم ذلك
قام باغتصابها كرها عنها وفض بكارتها فأصاب المجنى عليها من جراء هذه الصدمة
بانفعال شديد أدى الى فشل فى القلب وفاضت روحها – وبالرغم من اطمئنان المحكمة الى ادانة المتهم طبقا للماده 290 /1 ،2عقوبات
والتى تقضى بمعاقبة المتهم بالإعدام عن هذا الجرم الجسيم وبالرغم من ثبوت التهمة
قبل المتهم ثبوتا يقينيا واطمئنان المحكمة الى إدانته فإنها مع ذلك نصت بمعاقبته
بالسجن المشدد
لمدة ثلاثة سنوات فقط بعد استعمالها الرأفة طبقا للمادة (17) عقوبات ونزلت بالعقوبة درجتين واكتفت أيضا
بقولها " حيث أنه نظرا لظروف الدعوى وملابساتها فإن المحكمة تأخذ المتهم بقسط
من الرأفة فى حدود المادة (17) عقوبات " بالرغم من أن الواقعة – حسب ظروفها
وملابساتها لا تدعو مطلقاً لاستخدام أى قدر من الرأفة مع هذا المتهم الذي تجرد من
كل مشاعر الإنسانية ونشأ عن جريمته وفاة المجني عليها .
جرائم اخري علي سبيل المثال لا الحصر:
1. في
قضية النيابة العامة رقم( 14351لسنة 99ج عين شمس ورقم 943ك)الضحية بنت تعاني من ضعف في قدرتها الذهنية ومرتكبي
الجريمة ستة أشخاص استغلوا مرضهاوقاموباحتجازها
وتم اغتصابها بالتناوب من قبلهم وفض غشاء بكارتها وهددوها بالأسلحة البيضاء وقد
تأكد للمحكمة حجم الجريمة وأكد الطب الشرعي ذلك وخاصة أن الضحية عندما تم اختطافها
كانت تنتابها حالة
صرع , ورغم ذلك رأت المحكمة نظرا لظروف
الدعوى وملابساتها أخذ المتهمين بقسط من
الرأفة عملا بما خولته لها المادة (17)؟!!!!! .
فقضت بمعاقبة كل من الثالث
والرابع والخامس بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لما نسب إليهم وكل من الأول
والسادس بالسجن لمدة سبع سنوات لما نسب
آلية ألزمتهم المصاريف الجنائية وبإحالة الدعوى المدنية ألي المحكمة المدنية المختصة
بلا مصاريف .
2. في الجناية رقم
1398لسنة 1998الهرم ( المقيدة بالجدول الكلي برقم 142لسنه 1998 .
تتلخص وقائع الدعوي في ان
المتهم
خطف بطريق التحايل
المجني عليها وذلك بأن اصطحبها في سيارته
بحجة توصيلها لمسكن شقيقتها واعطائها أسئلة امتحان مادته العلمية التي تدرسها علي
يديه في كلية آداب القاهرة وقد تمكن من الوصول ألي مكان خالي من المارة بطريق مصر
إسكندرية .
ثم شرع في
مواقعه المجني عليها سالفة الذكر بغير رضاها وجردها من ملابسها عنوة وخلع عنها
ملابسها ثم جثم فوقها بالقوة قاصدا
مواقعتها وخاب اثر جريمته لسبب لا دخل في ارادتة فيه هو مقاومتها حال كونه ممن لهم
سلطة عليها .
وقد قضت المحكمة حضوريا مع
تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات .
3-القضية رقم
71777 لسنة 2004 جنايات المعادي .
المقيدة برقم 3435 لسنة 2004 كلي جنوب القاهرة .
كانت الضحية
تسير برفقة شقيق زوجها وطفلها وقام كلا من المتهمين باشهار السلاح الابيض في وجهها
واجبارها علي السير معهم تحت تهديد السلاح وتم احتجازها بمنزل المتهم الثاني
واغتصابها من قبل المتهمين وبالاضافة الي ذلك قيام المتهمين بسرقة احد المارة في الطريق
وذلك باشهار السلاح الابيض في وجهه وسرقة مبلغ من المال أي ان المتهمين كانوا
يحرزون ا لسلاح بدون ضرورة شخصية او حرفية .
وقد جاء حكم المحكمة
كالاتي :
وحيث انة نظرا لظروف
الدعوي وملابساتها تري المحكمة اخذ المتهمين بقسط من الرأفة في نطاق ما خولتة
المادة 17 ؟؟
حكمت المحكمة بمعاقبة كلا من المتهمين بالسجن
المشدد عشرسنوات
4- قضية
النيابة العامة رقم 468لسنة 1997 ورقم4 لسنة 97 كلي .الضحية في هذه القضية مصابة
بحالةمرضية وهي انفصام عقلي مزمن وهذا ما اثبتة تقرير الطبيب الشرعي حيث انها قبل
حدوث الواقعة واثناء وجودها بمنزلها طرأ علي فكرها طارئ هو النزول الي الطريق
العام والتنزه علي كورنيش النيل واثناء سيرها بهذا الطريق وعند كوبري امبابة تقابل
معها المتهم الاول وبعد الحديث معها تبين له انها في حالة نفسية مضطربة فاخبرها
علي غير الحقيقة انة من رجال الشرطة وسوف يقوم بتوصيلها الي المنزل نتيجة للوقت
المتاخر من الليل وصحبها ثم تقابل مع المتهم الثاني ثم قام الاثنان بتهديدها
بالسلاح الابيض واجبراها علي النزول معهم في منطقة علي كورنيش النيل مليئه
بالاشجار وتحت تهديد السلاح ووضع المطواة فوق رقبتها قام المتهم
الاول بمواقعاتها وفض غشاء بكاراتها ثم واقعها المتهم
الثاني وتناوبا بعد ذلك مواقعتها .
وجاء
حكم المحكمة كالاتي وحيث انة ولظروف الواقعة تري المحكمة اخذ
المتهمين بقسط من الرأفة عملا بالمادة 17 عقوبات؟؟؟؟؟
حكمت المحكمة حضوريا
بمعاقبة كلا منهما با لاشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنه عما اسند اليهما .
هذا هو وضع المشكلة لذلك تعين مواجهاتها
بوضع قيود على سلطات القاضي باستعمال الرأفة فى هذا النوع من الجرائم وسوف نسوق
المبررات التى تدعو المشرع الى وضع هذه القيود :-
مبررات تقييد سلطة القاضي فى استعمال الرأفة فى جرائم
العرض :
أولا : إن جرائم الشرف
لا تقتصر آثارها على المجنى عليها فقط وإنما تنصرف الى عائلتها وأقربائها فيلتصق
العار بها وبذويها ويصيبهم جميعا بأثار نفسية ومعنوية سيئة بسبب نظرة المجتمع لهم
وما يترتب على ذلك من احساس الضحية وأهلها بالعزلة والاحتقار – أو حتى الاشفاق – وما
يؤدي ذلك إلى عزوف الناس عن مصاهرتهم أو الارتباط بهم .
ثانيا : غالبا ما تؤدي
جرائم العرض الى جرائم أخرى نتيجة لها فقد تكون الجريمة الاخرى مرتبطة ومعاصرة مع
جريمة العرض كان يقوم الجانى بقتل ضحيته بعد اغتصابها خشية قيامها بالابلاغ عنه
وافتضاح امره – وقد تكون المجنى عليها نفسها ضحية لجريمتين الاولى اغتصابها وهتك
عرضها والثانية جريمة الاجهاض التى قد تفضي الى موتها وقد يصل الأمر ايضا الى حد
قتلها على يد ذويها بدافع تخلصهم من العار .
- ولقد أتيح لى نظر
الدعوى رقم 1300 لسنة 2001 جنايات المحمودية (258 ك دمنهور ) وكانت المجنى عليها
ضحية علاقة جنسية غير مشروعة وأسرت بذلك الى أمها ( المتهمة الثانية ) وأشارت الى
الفاعل وهو احد فتيان القرية فأبلغت الأم أحد أعمامها الذى تصرف بحكمة وذهب الى
والد الفاعل واتفقا على تزويجه من المجنى عليها سترا للعار واصلاحا للخطأ وتم
بالفعل عقد القران على يد مأذون القرية إلا أن ذلك كله لم يصادف قبولا لدى عمها
الاخر ( المتهم الأول ) فأفتى بضرورة قتلها والتخلص منها رغم تمام زواجها رسميا ،
فاتفق مع زوجته ( المتهمة الثالثة ) وزوجة اخيه( المتهمة الثانية والدة المجنى
عليها ) والتى تجردت من مشاعر الأمومة فقام المتهم الأول بشراء كبسولات مخدرة
وقامت المتهمة الثانية بدورها باعطائها لابنتها المجنى عليها موهمة انها حبوب
للتخلص من أى حمل محتمل – وما ان تناولتها حتى غابت عن الوعى فقام ثلاثتهم بخنقها
حتى فاضت روحها ثم قامت الأم من ذلك بنقل ابنتها الضحية الى المستشفى زاعمة أنها
تناولت مادة سامة أدت الى وفاتها .
فأصدرت الحكم بجلسة
21/10/2001 بمعاقبة كل من المتهمين الأول الثانية بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر
عاما والمتهمة الثالثة بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات .
ثالثا : ان جرائم العرض
التى تكون ضحيتها الاناث قد تؤدى الى ظهور نماذج من العاهرات السيكوباتيات المعاديات
للمجتمع واللاتى يعمدن الى نشر الفسق بين الشباب وقد تزداد خطورتهن اذا كانت
العاهرة تحمل فيروسات لأمراض خطيرة ومميته كالايدز او الزهرى فتقوم عمدا بمضاجعة ضحايا لنقل هذه الأمراض الفتاكة اليهم
انتقاما لنفسها من المجتمع فى أشخاص ضحاياها.
رابعا : من أهم اغراض
العقوبة هو تحقيق العدالة من ناحية وتحقيق الردع العام من ناحية اخرى فإذا اغفلت
العدالة بأن كان العقاب اقل كثيرا من جسامة الجريمة فان ذلك يخلق احساسا لدى
المجنى عليها او ذويها بعدم جدوى القانون فى الانتقام من الجاني ومن ثم قد يقوم باستئداء حقه بيده
وهو ما يخلق نوعا من الفوضى الاجتماعية والشعور بعدم احترام القانون أوجدوى أحكام
القضاء .
ومن ناحية أخرى فان
استعمال الرأفة فى جرائم العرض- رغم ثبوتها فى حق المتهم لن يؤدى الى الردع العام –
وهو من أهم أغراض العقوبة إذ أن التساهل مع الجناة فى هذا النوع من الجرائم
باستعمال الرأفة فى حقهم – قد يغرى غيرهم على ارتكاب هذه الجرائم مع ضحايا اخريات
اعتمادا على استعمال الرأفة معهم و تدنى العقوبة المقضي بها رغم فداحة الجريمة .
خامسا : إن الله سبحانه
وتعالى - وهو أحكم الحاكمين – قد أمر أولى الأمر فى كتابه الكريم بعدم استعمال
الرأفة فى هذا النوع من الجرائم بقوله تعالى فى سورة النور : " الزانية
والزاني فاجلدو كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر
" ( آية 2 )
سادسا : ان جرائم الشرف
تدخل غالبا فى نطاق ما يعرف بالمنطقة المظلمة أو الرقم الأسود بمعنى أنه بالرغم من
وقوع الجريمة بالفعل فإن المجنى عليها أو ذويها يمتنعون عن الابلاغ عنها فى الغالب
حرصا على سمعتهم وخشية الفضيحة ومن ثم فان هذا النموذج من الجرائم لا يسجل فى
الاحصائيات الرسمية للجرائم ولا يحرر عنها محاضر بالشرطة ولا يرفع بشانها قضايا
بالمحاكم بالرغم من وقوعها بالفعل ومن ثم تدخل فيما تعرف بالرقم الاسود . ومن ثم
فإن الضحية التي تجازف وتقوم بالإبلاغ تعرض نفسها للمخاطرة بسمعتها وبالتالي يجب
على المحكمة أن تضع ذلك فى الاعتبارفاذا ما ثبتت الجريمة لا يجب مكافاة الجاني
باستعمال الرأفة .
سابعا : ان اثبات هذه
الجرائم يتسم بالصعوبة البالغة وذلك لحرص الجناة على ارتكابها خفية أو فى أماكن
منعزلة ومن ثم يندر فيها الاثبات بشهود الرؤية
ويعتمد الإثبات فى الغالب على القرائن والشهادة النقلية التى تكون غالبا محل طعن
من الدفاع وفوق ذلك فان جرائم العرض قد لا تترك آثارا تدل على ارتكابها فغالبا ما
يأتى تقرير الطب الشرعى خاليا من آثار الاكراه أويقرر ان غشاء البكارة من النوع
اللحمى القابل للتمدد بحيث يمكن الايلاج دون احداث تمزقات به . وبالتالي يجب
الاعتداد بأى دليل تطمئن له المحكمة فى ثبوت الجريمة فى حق المتهم .
ثامنا : غالبا ما يدفع
محامو المتهمين فى جرائم العرض برضاء المجنى عليها وقبولها الوقاع الجنسي
واستسلامها له كدليل على انتفاء الاكراه فى جريمة الاغتصاب المنصوص عليها فى
المادة 267 عقوبات
وللرد على مثل هذه
الدفوع يتعين التفرقة بين حالة الاكراه التى تسبق الوقاع الجنسي مباشرة وبين
الوقاع ذاته فمما لا شك فيه أن اى درجة من الاكراه قبل الوقاع الجنسى تؤثر فى
الرضا وتنفيه اما فى حالة الوقاع ذاته فلا يمكن الادعاء بوجود الرضا اذ ان الامر
فى هذه الحالة تحكمه مقتضيات الغريزة وحدها بعيدا عن الرضا الذى كان قد انعدم
ابتداء بالاكراه الذى سبق الوقاع الجنسى
ذاته " اذ ان المجني عليها في هذه الحالة تكون قد خارت قواها تماما
فلا يكون امامها غير الاستسلام وهذا الوضع ابعد ما يكون عن الرضا.
تاسعا : ان المجنى عليه
فى جرائم العرض هى الانثى غالبا – وهى دائما الطرف الاضعف فتكوينها الجسماني لا
يمكنها من المقاومة طويلا امام الجانى الذي تمكنه قوته الجسمانية من ارتكاب جريمته
كما أنه من السهل ايقاع الرعب فى نفسها عند أى قدر من التهديد فضلا عن أن تكوينها
العضوي يؤدى الى ظهور أعراض هذه الجريمة عليها كالحمل وتمزق غشاء البكارة – اما
الرجل فلا تظهر عليه هذه الاعراض وهو ما يمكنه من الانكار والافلات من العقاب .
مقترحاتنا
لمعالجة مشكلة استعمال الرأفة فى جرائم العرض
اولا : يجدر بالمشرع
النص صراحة على تقييد سلطات القاضي فى استخدام الرأفة من جرائم العرض – لا سيما جرائم
الجنايات منها وليس ذلك بدعا من القول فقد سلك المشرع ذات المسلك فى قانون مكافحة
المخدرات رقم 162 سنة 1960 المعدل بالقانون 122 سنة 1989 حيث نص صراحة فى المادة
36 على انه .
" استثناء من
أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز فى تطبيق المواد السابقة ( وهى
الجنايات المنصوص عليها فى المواد 33 ، 34 ، 35 ) والمادة 38 والنزول عن العقوبة
التابعة مباشرة للعضوية المقررة للجريمة "
فإذا كان المشرع قد قيد
سلطة القاضي فى استعمال الرأفة فى جرائم المخدرات باعتبارها خطرا على المجتمع
وتستحق التشدد مع الجناة الذين يحوزون المواد المخدرة أو يتاجرون فيها أو
يزرعونها او يجلبونها فان هذا التشدد
مطلوب ايضا فى جرائم العرض للاسباب التى سبق ذكرها ؟
وقد ذهب المشرع الجنائي
المصري الي ابعد من ذلك فنص علي حرمان المحكمة كلية من اعمال المادة 17 – وليس فقط
تقييدها – وذلك في جرائم الجنايات والجنح المضرة بالحكومةمن جهة الداخل والمنصوص
عليها في القسم الاول من الباب الثاني من قانون العقوبات . فنص في المادة88مكرر(ج)
علي انه :-
(لا يجوز تطبيق احكام
المادة 17 من هذا القانون عند الحكم بالادانة في جريمة من الجرائم المنصوص عليها
في هذا القسم عدا الاحوال التي يقرر فيها القانون عقوبة الاعدام او السجن المؤبد
فيجوز النزول بعقوبة الاعدام الي السجن المؤبد والنزول بعقوبة السجن المؤبد الي
السجن المشدد التي لا تقل عن عشر سنوات ) ومعني ذلك ان جميع الجنايات المنصوص
عليها بعقوبة السجن المشدد او السجن – فلا يجوز للمحكمة مطلقا استخدام المادة17 في
حق المتهم الذي يرتكب هذا النوع من الجرائم – والا اعتبر الحكم مخالفا للقانون
ويتعين نقضه .
ثانيا : يسرى القيد فى استعمال الرأفة ايضا على الجرائم
المترتبة على جرائم العرض كقتل الضحية المجنى عليها سواء من جانب الفاعل او من
جانب شخص آخر من ذو ى المجنى عليها ويمتد القيد ايضا الى من يرتكب جريمة اجهاض
للمجنى عليها إذا أفضى الإجهاض الى الوفاة "
ثالثا : يتعين على
القاضي عند استخدام الرأفة ( لدرجة واحدة فقط ) أن يبين فى مدونات حكمه الاسباب
التى دعته الى استعمال الرافة بحيث تكون هذه الاسباب محل طعن من النيابة العامة او
المدعى بالحق المدنى اذا اتسمت بالقصور او التضارب فلا يكفى أن يذكر القاضي فى
مدونات حكمه " إن المحكمة ترى من ظروف وملابسات
الدعوى ما يدعوها الى استعمال الرأفة " فعليه ان يبين بالتفصيل هذه
الظروف وتلك الملابسات التى دعته لاستعمال الرأفة فان كانت أسباب استعمال الرأفة
فى غير موضعها أوغير +
سائغة أو كانت متناقضة
مع ماديات الدعوى وما انتهى إليه حكمه فإن الحكم يكون مشوبا بعيب القصور أو
التناقض فى الاسباب مما يستوجب إلغاؤه أو تعديله .
وبهذه الوسائل
يتحقق الذوق القضائي فى الاحكام الصادرة
بالادانة فى جرائم العرض بما يحقق التوزان المطلوب بين فداحة الجريمة والعقوبة
المقضي بها بصورة لا تتنافى مع مقتضيات العدالة أو مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات .
المستشار
الدكتور
شكرى
الدقاق
استاذ القانون الجنائي
في جرائم العرض والشرف
بحث مقدم من المستشار الدكتور/ شكري الدقاق
استاذ القانون الجنائي ورئيس محكمة الجنايات
تمهيد:
لا شك ان جرائم
العرض والشرف هي من اشد الجرائم خطر في المجتمع واكثرها أثراً في نفس المجني عليها
واسرتها والحقيقة أن هذه الجرائم تنتمي الى ما يعرف في
الفقه الجنائي وعلم الاجرام ـ بالجرائم الواقعية او الطبيعية أي الجرائم التي
تتنافي ـ بطبيعتها ـ مع الاخلاق والاديان وإثارة ضمير الجماعة. لذلك وضعها المشرع
في معظم النظم الجنائية في درجة الجرائم الكبرى وهي الجنايات ـ وتتدرج هذه الجرائم
من حيث الشدة من جرائم الخطف المقترن بالاغتصاب وعقوبتها الاعدام الى جرائم هتك
العرض والفعل الفاضح.
ولقد درج المشرع الجنائي عند تقرير التجريم أن يضع
العقوبة التي تناسب فداحة الجرم المرتكب.
ولقد شكلت المادة (17) من قانون العقوبات المصري مشكلة
حقيقية في شأن هذا النوع من الجرائم لأنها تعطي القاضي سلطة استعمال الرأفة في
اقصى درجاتها عندما ينزل القاضي بالعقوبة درجتين عن العقوبة المقررة اصلا حيث تنص
على أنه: "يجوز في مواد الجنايات ـ اذا اقتضت احوال الجريمة ـ المقامة من
اجلها الدعوى العمومية ـ رأفة القضاة، تبديل العقوبة على الوجه الاتي:
·
عقوبة الاعدام
بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد.
·
عقوبة السجن
المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن.
·
عقوبة السجن
المشدد بعقوبة السجن او الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور.
·
عقوبة السجن
بعقوبة الحبس الذي لا يجوز ان ينقص عن ثلاثة شهور.
والظروف المخففة هي اسباب متروكة
لتقدير القاضي تخوله حق تخفيض العقوبة في الحدود التي عينها القانون
.وهي تتناول كل ما يتعلق بمادية العمل الاجرامي في ذاته وبشخص المجرم الذي ارتكب
هذا العمل وبمن وقعت عليه الجريمة وكذلك كل ما احاط ذلك العمل ومرتكبه والمجني
عليه من الملابسات والظروف بلا استثناء وهو ما اصطلح علي
تسميته بالظروف المادية والظروف الشخصية, وهذه المجموعة المكونة من تلك الملابسات
والظروف التي ليس في الاستطاعة بيانها ولا حصرها هي التي تترك لمطلق تقدير القاضي
ان ياخذ منها ما يراه هو موجبا للرأفة وهي تشبه الأعذار
المخففة لانها تؤدي مثلها الي تخفيض العقوبة.
وضع
المشكلة:
قبل ان نعرض لموقفنا من مشكلة التوسع في استخدام المادة
17 من جرائم العرض والشرف ينبغي بداءة ان نعرض للحقائق الاتية:
أولاً: ضرورة احترام مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه في المادة (66)
من الدستور ولن يتحقق ذلك الا بعدم التوسع في الالتجاء الى القياس في مجال القانون
الجنائي، ومن ثم فإن القاضي له مطلق السلطان في استخدام الرأفة في الحدود المقررة
بالمادة 17 إلا إذا وجد نص تشريعي يقيد هذا الحق في بعض الجرائم.
ثانياً: أن القاضي الجنائي عليه ان ينزل حكم الواقع المستمد من جوهر القاعدة
الجنائية ذاتها والذي يلتمس الحقائق الواقعية التي تحكم ماديات الواقعة المطروحة
عليه في الدعوى الجنائية ذلك لأن القاضي الجنائي في حالة استخدامه للمادة (17)لا
يكون ملزما بابداء الأسباب التي دعته الي استخدامها وانما تقدير العقوبة وتقدير
موجبات الرأفة هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون ان تسأل حسابا عن
الاسباب التي من اجلها اوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . ولذلك فقد استقر قضاء
النقض على ان الأصل هو اقتناع القاضي بناء على الادلة المطروحة عليه ، وعليه في سبيل الوصول إلى الحقيقة، ان يمحص
الادلة المطروحة عليه بجميع كيوفها وأوصافها وأن يطبق نصوص القانون تطبيقا صحيحاً
وأن يبني حكمه على اسباب سائغة لا يشوبها التناقض او التضارب او القصور.
ثالثاً: لا تملك النيابة العامة او المدعي بالحق المدني (وهو المجني عليه أو ذويه)
والمسئول بها ان يطعن على الحكم الصادر بإدانة المتهم مهما كان مقدار العقوبة
المحكوم بها ولو كانت مشمولة بوقف التنفيذ إلا اذا كان الحكم مبنياً على مخالفة
القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو إذا شابه ثمة بطلان.
وتكمن المشكلة إذن في
اختلاف التقدير لدى القضاة في مدى استعمال الحق المقرر لهم بالمادة (17) سيما وأن
هذه المادة تسمح بالنزول بالعقوبة درجتين فمن الممكن ان ينزل احد القضاه بالعقوبة
في واقعة معاقب بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاما فيصل بها الى الحبس لمدة ستة
اشهر فقط. وفي هذه الحالة يستطيع القاضي فوق ذلك ان يحكم بوقف تنفيذ العقوبة ويطلق
سراح المتهم فوراً ـ بينما قد يرى قاضي آخر في واقعة مشابهة عدم استخدام هذا الحق
ـ بل ويقضي بأقصى العقوبة المقررة وهي السجن المشدد لمدة خمسة عشر عاما. وفى كلتا
الحالتين لا يمكن الطعن على أى من الحكمين بأى طعن قانوني .
ومما يزيد هذه المشكلة
عمقا ان القاضي الذي يستعمل الرأفة في اقصى درجاتها لا يذكرغالبا اسباب سائغة
وكافية لاستعمال الرأفة في مدونات حكمه سوى عبارة مقتضبه لا تسمن ولا تغني من جوع درجت
الاحكام الجنائية على ذكرها في هذه الحالة وهي "حيث أن المحكمة ترى من ظروف
وملابسات الواقعة ما يدعوها الى استعمال الرأفة في حق المتهم ومن ثم فإنها تنزل
بالعقوبة الى الحد المبين بالمنطوق".
ومع ذلك لا تملك
النيابة العامة الطعن على هذا الحكم مهما كانت العقوبة متدنية ولا تتناسب مع فداحة
وجسامة الجرم ولو كانت مشمولة بوقف التنفيذ ما دام الحكم ـ من الناحية القانونية ـ
قد صدر بادانة المتهم.
إن جوهر المشكلة يكمن
في الذوق القضائي ـ وهو أمر لا يحكمه نص تشريعي بل يترك على اطلاقه لتقدير القاضي
وهو ما يثير في الواقع العملي كثيرا من المشاكل خصوصا عندما يستخدم هذا الحق بصورة
تتجافى مع مقتضيات العدالة سيما اذا أدى استعمال الرأفة الى التهاون مع متهمين يرتكبون جرائم فادحة ضد العرض والشرف
كالخطف والاغتصاب وهتك العرض وهي جرائم تصدم ضمير الجماعة وتثير الاشمئزاز من
الجناة والرغبة فى الثأر منهم ومن ثم يكون الحكم بالعقوبة المخففة بمثابة تحد
للشعور العام كماتمثل حيفا بحقوق المجني عليهم. خاصة عندما تحرم النيابة العامة
والمجني عليهم من الطعن على هذه الاحكام لمجرد انها قضت بالادانة.
وسوف نسوق أمثلة لبعض الاحكام التي قضت
بعقوبات مخففة على الجناة في جرائم فادحة ارتكبوها ضد اعراض المجني عليهن.
أ ـ في الحكم في الدعوى
رقم 4415 لسنة 1990 جنايات قسم اول الزقازيق والصادر بجلسة 2/12/1990 انتهت
المحكمة الى ادانة الجاني وهو زوج خالة المجني عليها وهي طفلة لم تتجاوز ثماني
سنوات وتكرر وقاعها بل أولج فيها على فترات متفاوتة وثبتت الجريمة بشهادة الشهود
والقرائن واطمأنت المحكمة الى أدلة الثبوت ومع ذلك قضت بحبسه سنتين فقط عن هذا
الجرم الشديد والمعاقب عليه بالمادتين 267/2 و 269 وعقوبتها السجن المشدد الذي يصل
الى خمسة عشر عاما مستخدمة الرأفة فى أقصى درجاتها دون أى مبرر ومع ذلك جاء بأسباب
حكمها أن المحكمة ترى من ظروف وملابسات الدعوى،ما يدعوها الى استعمال الرأفة؟؟!!
ب- وفى حكم اخر
فى الدعوى رقم 16314 لسنة 2004 جنايات قسم ثان طنطا قام المتهم بخطف المجنى عليها بالتحايل وتوجه
بها الى شقة أحد أصدقاء السوء واقتادها كرها عنها الى أحد غرف النوم وقام
بمواقعتها كرها عنها رغم بكائها واستعطفاها له أن يتركها ولا يغتال شرفها ورغم ذلك
قام باغتصابها كرها عنها وفض بكارتها فأصاب المجنى عليها من جراء هذه الصدمة
بانفعال شديد أدى الى فشل فى القلب وفاضت روحها – وبالرغم من اطمئنان المحكمة الى ادانة المتهم طبقا للماده 290 /1 ،2عقوبات
والتى تقضى بمعاقبة المتهم بالإعدام عن هذا الجرم الجسيم وبالرغم من ثبوت التهمة
قبل المتهم ثبوتا يقينيا واطمئنان المحكمة الى إدانته فإنها مع ذلك نصت بمعاقبته
بالسجن المشدد
لمدة ثلاثة سنوات فقط بعد استعمالها الرأفة طبقا للمادة (17) عقوبات ونزلت بالعقوبة درجتين واكتفت أيضا
بقولها " حيث أنه نظرا لظروف الدعوى وملابساتها فإن المحكمة تأخذ المتهم بقسط
من الرأفة فى حدود المادة (17) عقوبات " بالرغم من أن الواقعة – حسب ظروفها
وملابساتها لا تدعو مطلقاً لاستخدام أى قدر من الرأفة مع هذا المتهم الذي تجرد من
كل مشاعر الإنسانية ونشأ عن جريمته وفاة المجني عليها .
جرائم اخري علي سبيل المثال لا الحصر:
1. في
قضية النيابة العامة رقم( 14351لسنة 99ج عين شمس ورقم 943ك)الضحية بنت تعاني من ضعف في قدرتها الذهنية ومرتكبي
الجريمة ستة أشخاص استغلوا مرضهاوقاموباحتجازها
وتم اغتصابها بالتناوب من قبلهم وفض غشاء بكارتها وهددوها بالأسلحة البيضاء وقد
تأكد للمحكمة حجم الجريمة وأكد الطب الشرعي ذلك وخاصة أن الضحية عندما تم اختطافها
كانت تنتابها حالة
صرع , ورغم ذلك رأت المحكمة نظرا لظروف
الدعوى وملابساتها أخذ المتهمين بقسط من
الرأفة عملا بما خولته لها المادة (17)؟!!!!! .
فقضت بمعاقبة كل من الثالث
والرابع والخامس بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لما نسب إليهم وكل من الأول
والسادس بالسجن لمدة سبع سنوات لما نسب
آلية ألزمتهم المصاريف الجنائية وبإحالة الدعوى المدنية ألي المحكمة المدنية المختصة
بلا مصاريف .
2. في الجناية رقم
1398لسنة 1998الهرم ( المقيدة بالجدول الكلي برقم 142لسنه 1998 .
تتلخص وقائع الدعوي في ان
المتهم
خطف بطريق التحايل
المجني عليها وذلك بأن اصطحبها في سيارته
بحجة توصيلها لمسكن شقيقتها واعطائها أسئلة امتحان مادته العلمية التي تدرسها علي
يديه في كلية آداب القاهرة وقد تمكن من الوصول ألي مكان خالي من المارة بطريق مصر
إسكندرية .
ثم شرع في
مواقعه المجني عليها سالفة الذكر بغير رضاها وجردها من ملابسها عنوة وخلع عنها
ملابسها ثم جثم فوقها بالقوة قاصدا
مواقعتها وخاب اثر جريمته لسبب لا دخل في ارادتة فيه هو مقاومتها حال كونه ممن لهم
سلطة عليها .
وقد قضت المحكمة حضوريا مع
تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات .
3-القضية رقم
71777 لسنة 2004 جنايات المعادي .
المقيدة برقم 3435 لسنة 2004 كلي جنوب القاهرة .
كانت الضحية
تسير برفقة شقيق زوجها وطفلها وقام كلا من المتهمين باشهار السلاح الابيض في وجهها
واجبارها علي السير معهم تحت تهديد السلاح وتم احتجازها بمنزل المتهم الثاني
واغتصابها من قبل المتهمين وبالاضافة الي ذلك قيام المتهمين بسرقة احد المارة في الطريق
وذلك باشهار السلاح الابيض في وجهه وسرقة مبلغ من المال أي ان المتهمين كانوا
يحرزون ا لسلاح بدون ضرورة شخصية او حرفية .
وقد جاء حكم المحكمة
كالاتي :
وحيث انة نظرا لظروف
الدعوي وملابساتها تري المحكمة اخذ المتهمين بقسط من الرأفة في نطاق ما خولتة
المادة 17 ؟؟
حكمت المحكمة بمعاقبة كلا من المتهمين بالسجن
المشدد عشرسنوات
4- قضية
النيابة العامة رقم 468لسنة 1997 ورقم4 لسنة 97 كلي .الضحية في هذه القضية مصابة
بحالةمرضية وهي انفصام عقلي مزمن وهذا ما اثبتة تقرير الطبيب الشرعي حيث انها قبل
حدوث الواقعة واثناء وجودها بمنزلها طرأ علي فكرها طارئ هو النزول الي الطريق
العام والتنزه علي كورنيش النيل واثناء سيرها بهذا الطريق وعند كوبري امبابة تقابل
معها المتهم الاول وبعد الحديث معها تبين له انها في حالة نفسية مضطربة فاخبرها
علي غير الحقيقة انة من رجال الشرطة وسوف يقوم بتوصيلها الي المنزل نتيجة للوقت
المتاخر من الليل وصحبها ثم تقابل مع المتهم الثاني ثم قام الاثنان بتهديدها
بالسلاح الابيض واجبراها علي النزول معهم في منطقة علي كورنيش النيل مليئه
بالاشجار وتحت تهديد السلاح ووضع المطواة فوق رقبتها قام المتهم
الاول بمواقعاتها وفض غشاء بكاراتها ثم واقعها المتهم
الثاني وتناوبا بعد ذلك مواقعتها .
وجاء
حكم المحكمة كالاتي وحيث انة ولظروف الواقعة تري المحكمة اخذ
المتهمين بقسط من الرأفة عملا بالمادة 17 عقوبات؟؟؟؟؟
حكمت المحكمة حضوريا
بمعاقبة كلا منهما با لاشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنه عما اسند اليهما .
هذا هو وضع المشكلة لذلك تعين مواجهاتها
بوضع قيود على سلطات القاضي باستعمال الرأفة فى هذا النوع من الجرائم وسوف نسوق
المبررات التى تدعو المشرع الى وضع هذه القيود :-
مبررات تقييد سلطة القاضي فى استعمال الرأفة فى جرائم
العرض :
أولا : إن جرائم الشرف
لا تقتصر آثارها على المجنى عليها فقط وإنما تنصرف الى عائلتها وأقربائها فيلتصق
العار بها وبذويها ويصيبهم جميعا بأثار نفسية ومعنوية سيئة بسبب نظرة المجتمع لهم
وما يترتب على ذلك من احساس الضحية وأهلها بالعزلة والاحتقار – أو حتى الاشفاق – وما
يؤدي ذلك إلى عزوف الناس عن مصاهرتهم أو الارتباط بهم .
ثانيا : غالبا ما تؤدي
جرائم العرض الى جرائم أخرى نتيجة لها فقد تكون الجريمة الاخرى مرتبطة ومعاصرة مع
جريمة العرض كان يقوم الجانى بقتل ضحيته بعد اغتصابها خشية قيامها بالابلاغ عنه
وافتضاح امره – وقد تكون المجنى عليها نفسها ضحية لجريمتين الاولى اغتصابها وهتك
عرضها والثانية جريمة الاجهاض التى قد تفضي الى موتها وقد يصل الأمر ايضا الى حد
قتلها على يد ذويها بدافع تخلصهم من العار .
- ولقد أتيح لى نظر
الدعوى رقم 1300 لسنة 2001 جنايات المحمودية (258 ك دمنهور ) وكانت المجنى عليها
ضحية علاقة جنسية غير مشروعة وأسرت بذلك الى أمها ( المتهمة الثانية ) وأشارت الى
الفاعل وهو احد فتيان القرية فأبلغت الأم أحد أعمامها الذى تصرف بحكمة وذهب الى
والد الفاعل واتفقا على تزويجه من المجنى عليها سترا للعار واصلاحا للخطأ وتم
بالفعل عقد القران على يد مأذون القرية إلا أن ذلك كله لم يصادف قبولا لدى عمها
الاخر ( المتهم الأول ) فأفتى بضرورة قتلها والتخلص منها رغم تمام زواجها رسميا ،
فاتفق مع زوجته ( المتهمة الثالثة ) وزوجة اخيه( المتهمة الثانية والدة المجنى
عليها ) والتى تجردت من مشاعر الأمومة فقام المتهم الأول بشراء كبسولات مخدرة
وقامت المتهمة الثانية بدورها باعطائها لابنتها المجنى عليها موهمة انها حبوب
للتخلص من أى حمل محتمل – وما ان تناولتها حتى غابت عن الوعى فقام ثلاثتهم بخنقها
حتى فاضت روحها ثم قامت الأم من ذلك بنقل ابنتها الضحية الى المستشفى زاعمة أنها
تناولت مادة سامة أدت الى وفاتها .
فأصدرت الحكم بجلسة
21/10/2001 بمعاقبة كل من المتهمين الأول الثانية بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر
عاما والمتهمة الثالثة بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات .
ثالثا : ان جرائم العرض
التى تكون ضحيتها الاناث قد تؤدى الى ظهور نماذج من العاهرات السيكوباتيات المعاديات
للمجتمع واللاتى يعمدن الى نشر الفسق بين الشباب وقد تزداد خطورتهن اذا كانت
العاهرة تحمل فيروسات لأمراض خطيرة ومميته كالايدز او الزهرى فتقوم عمدا بمضاجعة ضحايا لنقل هذه الأمراض الفتاكة اليهم
انتقاما لنفسها من المجتمع فى أشخاص ضحاياها.
رابعا : من أهم اغراض
العقوبة هو تحقيق العدالة من ناحية وتحقيق الردع العام من ناحية اخرى فإذا اغفلت
العدالة بأن كان العقاب اقل كثيرا من جسامة الجريمة فان ذلك يخلق احساسا لدى
المجنى عليها او ذويها بعدم جدوى القانون فى الانتقام من الجاني ومن ثم قد يقوم باستئداء حقه بيده
وهو ما يخلق نوعا من الفوضى الاجتماعية والشعور بعدم احترام القانون أوجدوى أحكام
القضاء .
ومن ناحية أخرى فان
استعمال الرأفة فى جرائم العرض- رغم ثبوتها فى حق المتهم لن يؤدى الى الردع العام –
وهو من أهم أغراض العقوبة إذ أن التساهل مع الجناة فى هذا النوع من الجرائم
باستعمال الرأفة فى حقهم – قد يغرى غيرهم على ارتكاب هذه الجرائم مع ضحايا اخريات
اعتمادا على استعمال الرأفة معهم و تدنى العقوبة المقضي بها رغم فداحة الجريمة .
خامسا : إن الله سبحانه
وتعالى - وهو أحكم الحاكمين – قد أمر أولى الأمر فى كتابه الكريم بعدم استعمال
الرأفة فى هذا النوع من الجرائم بقوله تعالى فى سورة النور : " الزانية
والزاني فاجلدو كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر
" ( آية 2 )
سادسا : ان جرائم الشرف
تدخل غالبا فى نطاق ما يعرف بالمنطقة المظلمة أو الرقم الأسود بمعنى أنه بالرغم من
وقوع الجريمة بالفعل فإن المجنى عليها أو ذويها يمتنعون عن الابلاغ عنها فى الغالب
حرصا على سمعتهم وخشية الفضيحة ومن ثم فان هذا النموذج من الجرائم لا يسجل فى
الاحصائيات الرسمية للجرائم ولا يحرر عنها محاضر بالشرطة ولا يرفع بشانها قضايا
بالمحاكم بالرغم من وقوعها بالفعل ومن ثم تدخل فيما تعرف بالرقم الاسود . ومن ثم
فإن الضحية التي تجازف وتقوم بالإبلاغ تعرض نفسها للمخاطرة بسمعتها وبالتالي يجب
على المحكمة أن تضع ذلك فى الاعتبارفاذا ما ثبتت الجريمة لا يجب مكافاة الجاني
باستعمال الرأفة .
سابعا : ان اثبات هذه
الجرائم يتسم بالصعوبة البالغة وذلك لحرص الجناة على ارتكابها خفية أو فى أماكن
منعزلة ومن ثم يندر فيها الاثبات بشهود الرؤية
ويعتمد الإثبات فى الغالب على القرائن والشهادة النقلية التى تكون غالبا محل طعن
من الدفاع وفوق ذلك فان جرائم العرض قد لا تترك آثارا تدل على ارتكابها فغالبا ما
يأتى تقرير الطب الشرعى خاليا من آثار الاكراه أويقرر ان غشاء البكارة من النوع
اللحمى القابل للتمدد بحيث يمكن الايلاج دون احداث تمزقات به . وبالتالي يجب
الاعتداد بأى دليل تطمئن له المحكمة فى ثبوت الجريمة فى حق المتهم .
ثامنا : غالبا ما يدفع
محامو المتهمين فى جرائم العرض برضاء المجنى عليها وقبولها الوقاع الجنسي
واستسلامها له كدليل على انتفاء الاكراه فى جريمة الاغتصاب المنصوص عليها فى
المادة 267 عقوبات
وللرد على مثل هذه
الدفوع يتعين التفرقة بين حالة الاكراه التى تسبق الوقاع الجنسي مباشرة وبين
الوقاع ذاته فمما لا شك فيه أن اى درجة من الاكراه قبل الوقاع الجنسى تؤثر فى
الرضا وتنفيه اما فى حالة الوقاع ذاته فلا يمكن الادعاء بوجود الرضا اذ ان الامر
فى هذه الحالة تحكمه مقتضيات الغريزة وحدها بعيدا عن الرضا الذى كان قد انعدم
ابتداء بالاكراه الذى سبق الوقاع الجنسى
ذاته " اذ ان المجني عليها في هذه الحالة تكون قد خارت قواها تماما
فلا يكون امامها غير الاستسلام وهذا الوضع ابعد ما يكون عن الرضا.
تاسعا : ان المجنى عليه
فى جرائم العرض هى الانثى غالبا – وهى دائما الطرف الاضعف فتكوينها الجسماني لا
يمكنها من المقاومة طويلا امام الجانى الذي تمكنه قوته الجسمانية من ارتكاب جريمته
كما أنه من السهل ايقاع الرعب فى نفسها عند أى قدر من التهديد فضلا عن أن تكوينها
العضوي يؤدى الى ظهور أعراض هذه الجريمة عليها كالحمل وتمزق غشاء البكارة – اما
الرجل فلا تظهر عليه هذه الاعراض وهو ما يمكنه من الانكار والافلات من العقاب .
مقترحاتنا
لمعالجة مشكلة استعمال الرأفة فى جرائم العرض
اولا : يجدر بالمشرع
النص صراحة على تقييد سلطات القاضي فى استخدام الرأفة من جرائم العرض – لا سيما جرائم
الجنايات منها وليس ذلك بدعا من القول فقد سلك المشرع ذات المسلك فى قانون مكافحة
المخدرات رقم 162 سنة 1960 المعدل بالقانون 122 سنة 1989 حيث نص صراحة فى المادة
36 على انه .
" استثناء من
أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز فى تطبيق المواد السابقة ( وهى
الجنايات المنصوص عليها فى المواد 33 ، 34 ، 35 ) والمادة 38 والنزول عن العقوبة
التابعة مباشرة للعضوية المقررة للجريمة "
فإذا كان المشرع قد قيد
سلطة القاضي فى استعمال الرأفة فى جرائم المخدرات باعتبارها خطرا على المجتمع
وتستحق التشدد مع الجناة الذين يحوزون المواد المخدرة أو يتاجرون فيها أو
يزرعونها او يجلبونها فان هذا التشدد
مطلوب ايضا فى جرائم العرض للاسباب التى سبق ذكرها ؟
وقد ذهب المشرع الجنائي
المصري الي ابعد من ذلك فنص علي حرمان المحكمة كلية من اعمال المادة 17 – وليس فقط
تقييدها – وذلك في جرائم الجنايات والجنح المضرة بالحكومةمن جهة الداخل والمنصوص
عليها في القسم الاول من الباب الثاني من قانون العقوبات . فنص في المادة88مكرر(ج)
علي انه :-
(لا يجوز تطبيق احكام
المادة 17 من هذا القانون عند الحكم بالادانة في جريمة من الجرائم المنصوص عليها
في هذا القسم عدا الاحوال التي يقرر فيها القانون عقوبة الاعدام او السجن المؤبد
فيجوز النزول بعقوبة الاعدام الي السجن المؤبد والنزول بعقوبة السجن المؤبد الي
السجن المشدد التي لا تقل عن عشر سنوات ) ومعني ذلك ان جميع الجنايات المنصوص
عليها بعقوبة السجن المشدد او السجن – فلا يجوز للمحكمة مطلقا استخدام المادة17 في
حق المتهم الذي يرتكب هذا النوع من الجرائم – والا اعتبر الحكم مخالفا للقانون
ويتعين نقضه .
ثانيا : يسرى القيد فى استعمال الرأفة ايضا على الجرائم
المترتبة على جرائم العرض كقتل الضحية المجنى عليها سواء من جانب الفاعل او من
جانب شخص آخر من ذو ى المجنى عليها ويمتد القيد ايضا الى من يرتكب جريمة اجهاض
للمجنى عليها إذا أفضى الإجهاض الى الوفاة "
ثالثا : يتعين على
القاضي عند استخدام الرأفة ( لدرجة واحدة فقط ) أن يبين فى مدونات حكمه الاسباب
التى دعته الى استعمال الرافة بحيث تكون هذه الاسباب محل طعن من النيابة العامة او
المدعى بالحق المدنى اذا اتسمت بالقصور او التضارب فلا يكفى أن يذكر القاضي فى
مدونات حكمه " إن المحكمة ترى من ظروف وملابسات
الدعوى ما يدعوها الى استعمال الرأفة " فعليه ان يبين بالتفصيل هذه
الظروف وتلك الملابسات التى دعته لاستعمال الرأفة فان كانت أسباب استعمال الرأفة
فى غير موضعها أوغير +
سائغة أو كانت متناقضة
مع ماديات الدعوى وما انتهى إليه حكمه فإن الحكم يكون مشوبا بعيب القصور أو
التناقض فى الاسباب مما يستوجب إلغاؤه أو تعديله .
وبهذه الوسائل
يتحقق الذوق القضائي فى الاحكام الصادرة
بالادانة فى جرائم العرض بما يحقق التوزان المطلوب بين فداحة الجريمة والعقوبة
المقضي بها بصورة لا تتنافى مع مقتضيات العدالة أو مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات .
المستشار
الدكتور
شكرى
الدقاق
استاذ القانون الجنائي