أهـمية تحرير الأحكام :
إن استلزام تسبيب الأحكام بإيراد بيانات معينة فيها ضمان لاغني عنه لحسن سير العدالة ، فهو يعطي لصاحب الشأن رقابة مباشرة علي أن المحكمة قد ألمت بوجهة نظره في الدعوي الإلمـام الكافي الذي مكنها من أن تفصل فيها ، سواء بما يتفق مع وجهة النظر هذه أم بما يتعارض معها. وهو مدعاة لتريث القاضي في تمحيص موضوع الدعوي واعمال حكم القانون فيها في تبصر وحكمة. وقد لخصت محكمة النقض في أحد أحكامها أهمية ذلك فقالت " أن تسبيب الأحكام من أعظم الضمانات التي فرضها القانون علي القضاة ، إذ هو مظهر قيامهم بما عليهم من واجب تدقيق البحث وامعان
النظر لتعرف الحقيقة التي يعلنونها فيما يفصلون فيه من الأقضية ، وبه وحده يسلمون من مظنة التحكم والاستبداد ، لأنه كالعذر فيما يرتأونه يقدمونه بين يدي الخصوم والجمهور ، وبه يرفعون ماقد يرين علي الاذهان من الشكوك والريب فيدعون الجميع إلي عدلهم مطمئنين ، ولا تنفع الأسباب إذا كانت عبارتها مجملة لا تقنع أحداً ، ولا تجد محكمة النقض فيها مجالا لتبين صحة الحكم من فساده " (2).
وقد اضطرد قضاء محكمة النقض علي ضرورة بيان الأدلة التي اعتمدها الحكم - اثباتا أو نفيا - ورسم حدوداً معينة يراقب فيها امكان بنيان النتائج التي رتبها الحكم علي مقدماته ، بحيث تكون الأدلة التي يسوقها مسوغة مارتب عليها من نتائج في غير تعسف ولا تنافر.
كما فرض علي محكمة الموضوع ان ترد رداً صحيحاً سائغاً له أصله في أوراق الدعوي علي كافة مايقدم لها من دفوع جوهرية أو طلبات هامة ، وإلا كان رفض اجابة الطلب الجوهري اخلالاً بحق الدفاع ، وكذلك يعتبر اغفال الرد عليه كلية في الأسباب قصوراً يعيب الحكم ويبطله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) أنظر نقض 21 فبراير سنة1929مجموعة القواعد القانونية ج 1 رقم 170 ص 1780 .