التهديد بالكتابه
يستلزم فى التهديد أن يقع بالكتابة أو أن يقع شفوياً مع توسيط وسيط :
 فالتهديد بالكتابة هو الصورة الأولى منه وتنقسم بدورها إلى عدة صور فرعية ، فيكون بعضها جناية والبعض الآخر جنحة بحسب جسامة الأمور المهدد بارتكابها ، وبحسب ما إذا كان مقترنا بطلب أو بتكليف بأمر أم غير مقترن بشئ من ذلك على التفصيل الذى سيرد فيما بعد أما التهديد الشفوى فهو - متى توافرت له شروطه - جنحة دائما .
 
التهديد بالكتابة
 
يعاقب القانون على التهديد بالكتابة فى جميع صوره لأنه يتم فى هدوء وترو ، فهو أدل على النفسية الشريرة لدى الجانى وأبعث إلى الخوف والقلق لدى المجنى عليه ، وقد تحدثت عن التهديد بالكتابة الفقرات الأولى والثانية والرابعة من المادة 327 ، وأولاها تجعل الواقعة جناية ، أم الفقرتان الأخريان فتجعلان منها جنحة .
 
المطلب الأول : جناية التهديد
 
التهديد بالكتابة يكون جناية إذا توافر له ، عدا أركانه العامة ركنان آخران هما أن يكون التهديد بارتكاب جرائم على درجة معينة من الجسامة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف ، وأن يكون مصحوبا بطب أو بتكليف بأمر .
أولا : الجرائم أو الأمور المهدد بارتكابها
تستلزم الفقرة الأولى من المادة 327 أن يكون الجريمة المهدد بارتكابها معاقبا عليها بالإعدام أو السجن المشددة أو المؤقتة كالتهديد بالقتل العمد أو الاختطاف أو الحريق العمد أو هتك العرض بالقوة أو التهديد ، أو أن يكون التهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف أو نسبتها ، فخرج بذلك التهديد بارتكاب جريمة معاقب عليها بالسجن أو بما دون ذلك
ثانيا : كون التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر
يستوى أن يكون الطلب أو الأمر إيجابيا كالتنازل عن دعوى أو التبليغ عن جريمة ، أم سلبيا كعدم التنازل عن الأولى أو عدم التبليغ عن الثانية ، كما يستوى أن يكون للجانى مصلحة شخصية فيما طلبه أو أمر به لم تكن له مصلحة فيه (1) أو حتى أن يعمل متطوعا لمصلحة فئة من الناس ، أو لما يعتقده من المصلحة العامة ، كمن يهدد سياسيا بالقتل إذا أبرم أمرا عاما أو امتنع عن إبرامه ويستوى كذلك أن يكون الطلب متعلقا بالمجنى عليه شخصيا ، أم متعلقا بشخص يعرفه ( 2 ) .
ولا يلزم أبدا أن تكون عبارة التهديد دالة بذاتها على أن الجانى سوف يقوم بنفسه بارتكاب الجريمة إذا لم يجب إلى طلبه ، بل يكفى أن يكون الجانى قد وجه التهديد كتابة إلى المجنى عليه وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب فى نفسه وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن المجنى عليه راغما إلى إجابة الطلب بغض النظر عما إذا كان الجانى قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلا .
ولا عبرة بعد ذلك بالأسلوب أو بالقالب الذى تصاغ فيه عبارات التهديد متى كان المفهوم أن الجانى قصد ترويع المجنى عليه وحمله على أداء ما هو مطلوب فإذا كانت المحكمة قد استخلصت أن الطاعن رمى إلى إثارة الرعب والفزع فى نفس المجنى عليهما بارتكاب جريمة خطف ثلاث من الطائرات التابعة لشركتيهما وتدمير اثنتين منها ، وأنه هو المهدد فعلا بارتكاب هذه الجريمة رغم أن عبارات التهديد قد صيغت غامضة وأفرغت فى قالب يوهم بأن الطاعن مجرد وسيط ومحذر من جرائم سوف يرتكبها آخرون فلا يصح مصادرتها فيما استنبطته طالما كان استخلاصها سائغا لا يخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقى ( 3 ) .
وسيان أن يكون الطلب أو الأمر مشروعا فى حد ذاته كطلب الزواج من امرأة معينة أو إخلاء منزل ، أو سداد دين ولو كان مستحق السداد ( 4 ) أم غير مشروع يأباه الخلق أو القانون كتطليق زوجة ، أو المساهمة فى جريمة أو التستر عليها ، إنما إذا كان الطلب مشروعا صار من قبيل الباعث المشروع الذى يصح أن يعد ظرفا قضائيا مخففا العقاب ( 5 ) .
العقوبة : طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 327 يكون التهديد - إذا توافرت له شروطه السالفة - جناية عقوبتها السجن .
والشروع معاقب عليه فى هذه الصورة من التهديد دون صوره الأخرى ، لأن هذه الأخيرة جنح ولم ينص القانون على عقاب الشروع فيها ، ويكون عقاب الشروع فيها ، طبقا لنص المادة 46ع ، بالسجن مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى أو الحبس أو الغرامة التى لا تزيد على خمسين جنيها .
ويتحقق الشروع فى رأينا بمجرد إلقاء خطاب التهديد فى صندوق البريد أو تسليمه إلى من يوصله إلى المجنى عليه ، إذا ضبط قبل وصوله إليه ، أو إذا حال حائل دون وصوله ، ويتحقق فى صورة جريمة خائبة إذا وصل خطأ إلى غير الشخص المقصود ، أو إذا توفى الشخص المهدد قبل وصول الخطاب إليه ، وتتم الجريمة بإطلاع المجنى عليه على خطاب التهديد .
أما مجرد تحرير الخطاب فهو عمل تحضيرى لا عقاب عليه ، إذ أن احتمال عدول الجانى عن إرساله يكون لا يزال قائما .
 
المطلب الثانى : جنحة التهديد
 
يكون التهديد بالكتابة جنحة إذ لم يتوافر له الشرطان آنفا الذكر معا ، ولا يغنى أحدهما عن الآخر ، وتفصيل ذلك :
أولا : الجرائم المهدد بارتكابها
طبقا لنص المادة 327/4 " كل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهيا بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ درجة الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهـر أو بغرامة لا تزيد على مائتى جنيه " ( 6) .
فهذه الفقرة تطبق إذا كانت الجريمة المهدد بارتكابها لا تتجاوز عقوبتها السجن أو الحبس أو الغرامة ، وسواء أكانت من جرائم الاعتداء على الشخص أم المال .
العقوبة : العقوبة فى هذه الحالة الأولى هى الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو الغرامة التى لا تزيد على مائتى جنيه ، كما نصت الفقرة الرابعة من المادة 327 .
ثانيا : كون التهديد غير مصحوب بطلب ولا بتكليف بأمر
حينئذ تكون الواقعة جنحة أيا كان نوع الجريمة المهدد بارتكابها ، ومهما وصلت درجتها من الجسامة ، أى ولو كانت عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة .
العقوبة : طبقا لنص الفقرة الثانية مـن المادة 327 العقوبة هى الحبس
ويلاحظ أنه إذا كان التهديد غير مصحوب بطلب ولا بتكليف بأمر وكان فى نفس الوقت " لا يبلغ درجة الجسامة المتقدمة " فإنه يخضع لحكم الفقرة الرابعة من المادة 327 فلا يجب حينئذ أن تتجاوز العقوبة الحبس لستة أشهر أو الغرامة التى لا تزيد على مائتى جنيه .
_____________________________
 (1)نقض 16/1/1915 مج س 17 رقم 4 ص6
( 2 ) نقض 30/10/1930 رقم 1716 س 47 ق مج س 31 عدد 139 .
( 3 )  نقض 17/11/1974 أحكام النقض س 25 رقم 161 ص 746  .
( 4 ) نقض 31/1/1929 المحاماة س 10 رقم 64 .
( 5 ) د/ رؤوف عبيد ــ المرجع السابق ص 432 .
( 6)  معدلة بالقانون 29 لسنة 1982