بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الإمام إدريس الأول (مؤسس الدولة الإدريسية)
"أيها الناس لا تمدن الأعناق إلى غيرنا، فإن الذي تجدونه من الحق عندنا لا تجدونه عند غيرنا".
الإمام إدريس الأول، بن عبد الله، مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب الأقصى، وبه سميت الدولة. وينسب إدريس إلى الفرع الحسني، فوالده هو عبد الله الكامل بن الحسن المثنى ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان عالما جليلا، وقد احتل منزلة مرموقة في مجتمعه، وهو شيخ بني هاشم ورئيس العلويين في ذلك الوقت، وقد نشأ على جانب من اليسر. وبعد مقتل الإمام علي بن أبي طالب، أخذ البيت العلوي يصارع في سبيل الوصول إلى مقعد الخلافة. واستمر هذا الصراع في عهد الدولتين: الأموية والعباسية؛ لأنهم كانوا يرون أنهم أصحاب الحق الشرعي في منصب الخلافة لذلك اندلعت عدة ثورات منها:
ثورة أحد زعماء البيت العلوي وهو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في المدينة 169هـ/786م واشترك فيها الإمام إدريس بن عبد الله ثم انتقل الثوار إلى فخ وهو مكان قريب من مكة وكان اللقاء بين الثوار والعباسيين وانتهى بمقتل الحسين ومائة من أهل بيته ومن بقي من أهل البيت اختلط بالحجاج.
أما الإمام إدريس بن عبد الله ففر إلى مصر ومنها إلى بلاد المغرب الأقصى حيث توجه إلى مدينة (وليلي) وهناك نزل على قبيلة أَوْرَبة أكبر القبائل البربرية، حيث رحبوا به وأكرموه ثم بايعوه، ثم بايعته بقية القبائل سنة 172هـ/789م وبذلك قامت دولة الأدارسة. يقول الناصري : "لما استقر إدريس بن عبد الله بمدينة وليلي عند كبيرها إسحاق بن محمد بن عبد الحميد الأَوْرَبي أقام عنده ستة أشهر. فلما دخل شهر رمضان من السنة جمع ابن عبد الحميد عشيرته من اوربة وعرفهم بنسب إدريس وقرابته من رسول الله صلى عليه وسلم، وقرر لهم فضله ودينه وعلمه واجتماع خصال الخير فيه، فقالوا الحمد لله الذي أكرمنا به وشرفنا بجواره وهو سيدنا ونحن العبيد، فما تريد منا؟ قال: "تبايعونه" قالوا: "ما منا من يتوقف عن بيعته" فبايعوه بمدينة وليلي يوم الجمعة رابع رمضان المعظم سنة اثنتين وسبعين ومائة". وكان أول من بايعه قبيلة أَوْرَبة على السمع والطاعة والقيام بأمره، والاقتداء به في صلواتهم وغزواتهم وسائر أحكامهم. ولما بويع إدريس رحمه الله خطب الناس فقال بعد حمد الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس لا تُمدّن الأعناق إلى غيرنا، فإن الذي تجدونه من الحق عندنا لا تجدونه عند غيرنا". ثم بعد ذلك وفدت عليه قبائل زناتة والبربر مثل زواغة وزواوة وسدراتة وغياثة ومكناسة وغمارة وكافة البربر بالمغرب الأقصى، فبايعوه أيضا، ودخلوا في طاعته فاستتب أمره وتمكن من سلطانه وقويت شوكته. وقد تضافرت عدة عوامل شجعت تلك القبائل على مبايعة الإمام إدريس بن عبد الله منها معرفة البربر بأحداث المشرق، وتطلع قبائل البربر إلى زعامة دينية وسياسية.
هكذا وما أن استقرت الأمور في (وليلي) عاصمة الدولة حتى خرج الإمام إدريس بن عبد الله على رأس جيشه لإخضاع بقية مناطق المغرب. وقد خرج في ثلاث حملات الأولى إلى الجنوب والغرب، والثانية إلى الجنوب وذلك للقضاء على الفرق الضالة المنتشرة في تلك المناط، أما الثالثة فكانت إلى الشرق حيث استولى على مدينة تلسمان.
تلك الإنجازات الكبيرة التي حققها إدريس الأول أقلقت الخليفة هارون الرشيد في بغداد، لذلك دبر مؤامرة لاغتياله على يد أحد أتباعه وهو سليمان بن جرير المعروف بالشماخ. حيث نجح في تنفيذ مهمته، وقتل الإمام إدريس بن عبد الله بسم مدسوس في طعام سنة (177هـ/793م)، على أرجح الروايات، بعد أن نجح في تحدي الصعوبات، وأقام دولة عُرفت باسمه "دولة الأدارسة". يقول الناصري حول وفاة إدريس الأول: "لما حصل لإدريس رحمه الله ما حصل من التمكن والظهور اتصل خبر ذلك بالخليفة ببغداد وهو هارون الرشيد العباسي، وبلغه أن إدريس قد استقام له أمر المغرب وأنه قد استفحل أمره وكثرت جنوده... وأنه عازم على غزو أفريقية فخاف الرشيد عاقبة ذلك وأنه إن لم يتدارك أمره الآن ربما عجز عنه في المستقبل مع ما يعلم من فضل إدريس خصوصا ومحبة الناس في آل البيت عموما. فقلق الرشيد من ذلك واستشار وزيره يحيى البرمكي وقال: "إن الرجل قد فتح تلمسان وهي باب إفريقية ومن ملك الباب يوشك ان يدخل الدار وقد هممت أن أبعث إليه جيشا ثم فكرت في بعد الشقة وعظم المشقة فرجعت عن ذلك". فقال يحيى: "الرأي يا أمير المؤمنين أن تبعث إليه برجل داهية يحتال عليه ويغتاله وتستريح منه".. ففعل ذلك، وبعث إليه رجلا اسمه سليمان بن جرير ويعرف بالشماخ فتمكن من ذلك.
يعتبر إدريس بن عبد الله من كبار رجال التاريخ، فالمغرب مدين له في نشر الإسلام في أماكن لم يكن قد وصل إليها من قبل.
جزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الإمام إدريس الأول (مؤسس الدولة الإدريسية)
"أيها الناس لا تمدن الأعناق إلى غيرنا، فإن الذي تجدونه من الحق عندنا لا تجدونه عند غيرنا".
الإمام إدريس الأول، بن عبد الله، مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب الأقصى، وبه سميت الدولة. وينسب إدريس إلى الفرع الحسني، فوالده هو عبد الله الكامل بن الحسن المثنى ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان عالما جليلا، وقد احتل منزلة مرموقة في مجتمعه، وهو شيخ بني هاشم ورئيس العلويين في ذلك الوقت، وقد نشأ على جانب من اليسر. وبعد مقتل الإمام علي بن أبي طالب، أخذ البيت العلوي يصارع في سبيل الوصول إلى مقعد الخلافة. واستمر هذا الصراع في عهد الدولتين: الأموية والعباسية؛ لأنهم كانوا يرون أنهم أصحاب الحق الشرعي في منصب الخلافة لذلك اندلعت عدة ثورات منها:
ثورة أحد زعماء البيت العلوي وهو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في المدينة 169هـ/786م واشترك فيها الإمام إدريس بن عبد الله ثم انتقل الثوار إلى فخ وهو مكان قريب من مكة وكان اللقاء بين الثوار والعباسيين وانتهى بمقتل الحسين ومائة من أهل بيته ومن بقي من أهل البيت اختلط بالحجاج.
أما الإمام إدريس بن عبد الله ففر إلى مصر ومنها إلى بلاد المغرب الأقصى حيث توجه إلى مدينة (وليلي) وهناك نزل على قبيلة أَوْرَبة أكبر القبائل البربرية، حيث رحبوا به وأكرموه ثم بايعوه، ثم بايعته بقية القبائل سنة 172هـ/789م وبذلك قامت دولة الأدارسة. يقول الناصري : "لما استقر إدريس بن عبد الله بمدينة وليلي عند كبيرها إسحاق بن محمد بن عبد الحميد الأَوْرَبي أقام عنده ستة أشهر. فلما دخل شهر رمضان من السنة جمع ابن عبد الحميد عشيرته من اوربة وعرفهم بنسب إدريس وقرابته من رسول الله صلى عليه وسلم، وقرر لهم فضله ودينه وعلمه واجتماع خصال الخير فيه، فقالوا الحمد لله الذي أكرمنا به وشرفنا بجواره وهو سيدنا ونحن العبيد، فما تريد منا؟ قال: "تبايعونه" قالوا: "ما منا من يتوقف عن بيعته" فبايعوه بمدينة وليلي يوم الجمعة رابع رمضان المعظم سنة اثنتين وسبعين ومائة". وكان أول من بايعه قبيلة أَوْرَبة على السمع والطاعة والقيام بأمره، والاقتداء به في صلواتهم وغزواتهم وسائر أحكامهم. ولما بويع إدريس رحمه الله خطب الناس فقال بعد حمد الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس لا تُمدّن الأعناق إلى غيرنا، فإن الذي تجدونه من الحق عندنا لا تجدونه عند غيرنا". ثم بعد ذلك وفدت عليه قبائل زناتة والبربر مثل زواغة وزواوة وسدراتة وغياثة ومكناسة وغمارة وكافة البربر بالمغرب الأقصى، فبايعوه أيضا، ودخلوا في طاعته فاستتب أمره وتمكن من سلطانه وقويت شوكته. وقد تضافرت عدة عوامل شجعت تلك القبائل على مبايعة الإمام إدريس بن عبد الله منها معرفة البربر بأحداث المشرق، وتطلع قبائل البربر إلى زعامة دينية وسياسية.
هكذا وما أن استقرت الأمور في (وليلي) عاصمة الدولة حتى خرج الإمام إدريس بن عبد الله على رأس جيشه لإخضاع بقية مناطق المغرب. وقد خرج في ثلاث حملات الأولى إلى الجنوب والغرب، والثانية إلى الجنوب وذلك للقضاء على الفرق الضالة المنتشرة في تلك المناط، أما الثالثة فكانت إلى الشرق حيث استولى على مدينة تلسمان.
تلك الإنجازات الكبيرة التي حققها إدريس الأول أقلقت الخليفة هارون الرشيد في بغداد، لذلك دبر مؤامرة لاغتياله على يد أحد أتباعه وهو سليمان بن جرير المعروف بالشماخ. حيث نجح في تنفيذ مهمته، وقتل الإمام إدريس بن عبد الله بسم مدسوس في طعام سنة (177هـ/793م)، على أرجح الروايات، بعد أن نجح في تحدي الصعوبات، وأقام دولة عُرفت باسمه "دولة الأدارسة". يقول الناصري حول وفاة إدريس الأول: "لما حصل لإدريس رحمه الله ما حصل من التمكن والظهور اتصل خبر ذلك بالخليفة ببغداد وهو هارون الرشيد العباسي، وبلغه أن إدريس قد استقام له أمر المغرب وأنه قد استفحل أمره وكثرت جنوده... وأنه عازم على غزو أفريقية فخاف الرشيد عاقبة ذلك وأنه إن لم يتدارك أمره الآن ربما عجز عنه في المستقبل مع ما يعلم من فضل إدريس خصوصا ومحبة الناس في آل البيت عموما. فقلق الرشيد من ذلك واستشار وزيره يحيى البرمكي وقال: "إن الرجل قد فتح تلمسان وهي باب إفريقية ومن ملك الباب يوشك ان يدخل الدار وقد هممت أن أبعث إليه جيشا ثم فكرت في بعد الشقة وعظم المشقة فرجعت عن ذلك". فقال يحيى: "الرأي يا أمير المؤمنين أن تبعث إليه برجل داهية يحتال عليه ويغتاله وتستريح منه".. ففعل ذلك، وبعث إليه رجلا اسمه سليمان بن جرير ويعرف بالشماخ فتمكن من ذلك.
يعتبر إدريس بن عبد الله من كبار رجال التاريخ، فالمغرب مدين له في نشر الإسلام في أماكن لم يكن قد وصل إليها من قبل.
جزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله.