مقدمة



الصورية مفهوم يستدل عليه من الأحكام القانونية النافذة
حيث لم ترد عبارة
الصورية في
القانون بوصفها المجرد كما أن بعض الباحثين قدموا لها تعريفاً فقهيا كما
ورد في معجم لغة الفقهاء- محمد قلعجي ص 278 (من صور الشئ: أبرز له صورة -
أي شكلا
- والصوري: نسبة إلى
الصورة. إظهار تصرف قصدا وإبطان غيره، مع إرادة ذلك المبطن, "وهى
على نوعين:

صورية مطلقة: وهى
صورية تتضمن افتعالا كاملا لتصرف لا وجود له
في
الحقيقة
.
الصورية النسبية بالتستر: وهى
إخفاء تصرف في صورة تصرف آخر، كإخفاء
هبة
في صورة بيع
. "(1)

كما أن فقهاء المسلمين بينوا بأن نظرية الصورية في الشريعة الإسلامية تدور حول مسائل التلجئة والهزل والحيل الشرعية.


ولكن الفقه الإسلامي لم يضع نظرية جامعة مانعة للصورية وإنما تعامل معها في نصوص
واجتهادات
متناثرة في جهات مختلفة، وتتمحور
جميعها حول الضمان العام للدائنين
.












(1) جلال علي عدوي ،
اصول احكام الالتزام و الاثبات ، منشأة المعارف الاسكندرية 1996 ص 116 و مابعدها .



حيث ان الفقه القانوني
يبين نوعين من الصورية وهما الصورية المطلقة والتي نقصد بها
المفهوم
الذي يقوم على مجرد خلق مظهر خادع بإنشاء عقد ظاهر ليس له وجود في حقيقة
الأمر على الواقع، والمفهوم الآخر هو الصورية النسبية أو الجزئية الذي يقوم
على
وجود عقدين، أحدهم ظاهر غير حقيقي،
وآخر مستتر حقيقي ( عقد الضد ) والعقدان ينصبان
على
ذات الموضوع إلا أن العقد الباطن يتناول العقد الظاهر بالتعديل سواء لجهة
الشروط أو الوصف أو الشخص أو أي عنصر من عناصره، ويجب أن يكون هذا التعديل
ممكنا في
القانون، و إلا لأصبح العقد الظاهر
هو الساري والملزم ، إلا ان هذا الاعتقاد واقع
الحال
لم يكن له محل في التصرف القانوني من ان نعدها من أسباب بطلان العقد ، حيث أن
العقد هو كيان مستقل لذاته.


و لكن يثور التساؤل في مدى جوازية الطعن
بالصورية في التصرفات الواردة على عقار بعد تسجيلها في دائرة تسجيل الاراضي و
المساحة ؟



























و على هذا سوف يكون
مدار بحثنا و الذي سوف نقوم به على مبحثين :






المبحث الاول : في عدم صحة التصرفات الواردة على العقارات المسجلة


المبحث الثاني : في الشفعة كاستثناء على القاعدة الاصلية .





* الخلاصة و رأي الكاتب



* قائمة المراجع









































المبحث الاول : في عدم
صحة التصرفات الواردة على العقارات المسجلة



ان التصرفات الواقعة
على عقار انما هي تصرفات تمتاز بالشكلية المتمثلة بالتسجيل فان أي تصرف قانوني من
رهن او بيع او هبة او غيرها يقع على عقار انما يتوجب العمل على تسجيله في صحيفة
العقار الاصليه لدى دائرة التسجيل المختصة و لما كان من المتوجب العمل على ذلك
فانه بالنسبة للتصرفات الواقعة على عقارات بالتالي فان أي تصرف يقع خارج هذه
الشكلية المتمثلة بالتسجيل يكون باطلا ، و بالتالي فانه و حسب احكام الصورية فان
وجود عقد اخر "ورقة الضد" تخالف ما جاء في العقد الاصلي و المسجل لدى
دائرة التسجيل العقاري المختصة انما يكون اتفاقا باطلا ، ذلك انه قد تم توثيق
العقد الاصلي "الظاهر" فيما بين المتعاقدين لدى دائرة السجل العقاري و
بالتالي أي ادعاء اخر يعارض هذه الشكلية و يعارض في هذه الملكية انما هو اتفاق و/او
ادعاء يعد باطلا و لا تسمع الدعوى بشانه و هذا ما وافقه قانون تسوية الاراضي و
المياه رقم 40 لسنة 1952 و قانون التصرف في الاموال غير المنقولة رقم 49 لسنة 1953
و الذي جاء بالمادة الخامسة منه
" لاتسمع دعوى المواضعة و الاسم المستعار في الملك و سائر الاموال غير
المنقولة الموثقة بسندات تسجيل "












الا ان القانون المدني
الاردني لم ينص على هذه الحالة بالتحديد " الا ان واقع التصرف المسجل ينفي
جواز ذلك ، و السبب هو ان نظام التسجيل العقاري ينطوي على اجراءات اشهار و قوة
اثبات تتاسس على كتابة و شهود و اقرار ، تتضائل مع كل تلك القوة أي الصورية ، اذ ان الاصل في التصرفات العقارية هو
عدم جواز الطعن فيها بالصورية "
(1)





و هذا ما ايدته محكمة
التمييز الموقرة بقرارها رقم 904/2006 بقولها




" 1. اذا
كان الادعاء يتعلق بأرض تمت فيها التسوية ومسجلة باسم المدعى عليها الثانية بموجب
سند تسجيل رسمي صادر عن دائرة التسجيل المختصة وهو ادعاء غير مسموع استناداً
للمادة الخامسة من قانون التصرف في الأموال غير المنقولة رقم 49 لسنة 1953 التي
نصت صراحة على انه لا تسمع دعاوى المعارضة والاسم المستعار في الملك وسائر الأموال
غير المنقولة كما يشمل دعوى التعويض عنه نقداً (انظر تمييز حقوق رقم 252/76 تاريخ
7/6/1976 ، والقرار رقم 273/81 تاريخ 6/5/1981 ، والقرار رقم 18/72 تاريخ
11/3/1972) مما يجعل طلب المدعي بإعادة تسجيل نصف العقار المسجل رسمياً باسم
المدعى عليها بوران غير قائم على سند قانوني سليم . ...... "
(2) .








(1) ياسين محمد الجبوري
، الوجيز في شرح القانون المدني الاردني ، الجزء الثاني احكام الالتزامات ، دار
الثقافة – عمان ، الطبعة الاولى الاصدار الاول 2003 ، الفقرة رقم 378 صفحة 324 و
ما بعدها .



(2) قرار رقم 604/2006
تاريخ 6/11/2006 هيئة خماسية



المبحث الثاني : في
الشفعة كاستثناء على القاعدة الاصلية



لقد ورد ضمن القانون
الاردني حكما خاصا يشكل استثناءا على القاعدة العامة فيما اذا اثبت الطرف الاخر ان
هناك عقدا صوريا غير العقد المبرم امام دائرة التسجيل قد تم فيما بين البائع و
المشتري اسبعادا للشفعة مما يتيح للشفيع اثبات ان العقد "الثمن" الواقع
امام دائرة التسجيل انما هو اعلى من الثمن الحقيقي فيما بين البائع و المشتري ، و
يشكل استئناءا اخذ به القانون الاردني اذ نصت المادة رقم 2 من القانون المعدل
للاحكام المتعلقة بالاموال غير المنقولة و تعديلاته رقم 51 لسنة 1985 على :



" 1. على الرغم مما ورد في المواد (41 ) و( 44 ) و ( 45 ) من قانون
الاراضي العثماني والمادة (1660) من مجلة الاحكام العدلية والفقرتين (2) و (
3 ) من المادة (1151) والمادة (1152 ) والفقرة (2) من المادة (1153) والمادة
(1162) والفقرتين (2) و ( 3 ) من المادة (1168) من القانون المدني :
أ . لا يمارس حق الاولوية او الشفعة بمقتضى أي من المواد المذكورة في مطلع الفقرة
(1) من هذه المادة الا من الشريك في المال غير المنقول .
ب. على من يريد الاخذ بحق الاولوية او الشفعة ان يرفع الدعوى خلال ثلاثين يوما من
تاريخ علمه بتسجيل عقد الفراغ او البيع واذا تاخر في رفعها بدون عذر شرعي
يسقط حقه في الاولوية او الشفعة .
ج. وفي جميع الاحوال لا تسمع دعوى الاولوية او الشفعة بعد مرور ستة اشهر من
تاريخ تسجيل الفراغ القطعي او تسجيل البيع في سجلات دوائر تسجيل الاراضي .
د. لا تسري احكام البندين (أ ) و ( ج ) من هذه الفقرة على الدعاوى المقامة لدى
المحاكم قبل سريان احكام هذا القانون .
هـ. على مدعي الشفعة او الاولوية عند تقديم دعواه ان يودع في صندوق المحكمة الثمن
المذكور في عقد البيع او ان يقدم كفالة مصرفية بمقداره وفي حال الادعاء بان
الثمن المذكور في العقد يزيد على الثمن الحقيقي او بدل المثل فعلى المحكمة تقدير
المبلغ الواجب ايداعه او تقديم الكفالة على ان لا يؤثر ذلك في حقه في
استرداد ما زاد عن الثمن الحقيقي او بدل المثل المقدر .
و. تقبل دعوى الشفعة دون التقيد باجراءات المواثبة والتقرير والاشهاد .
ز. تختص محكمة البداية دون غيرها بدعوى الاولوية والشفعة مهما كانت قيمتها .




2. اذا تبين بنتيجة الحكم ان الثمن او بدل المثل الواجب دفعه يزيد عن المبلغ
المودع في صندوق المحكمة او المقدم به كفالة فعلى المدعي ان يدفع الزيادة
خلال شهرين من تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية والا سقط حقه في تنفيذ
الحكم.
3. لا يمارس حق الاولوية او الشفعة اذا :
أ . حصل البيع او الفراغ بالمزاد العلني وفقاً لاجراءات رسمها القانون .
ب. حصل البيع او الفراغ بين الاصول والفروع او بين الزوجين او بين الاقارب لغاية
الدرجة الرابعة او بين الاصهار لغاية الدرجة الثانية .
ج. كان العقار قد بيع او افرغ ليجعل منه محل عبادة او ليلحق بمحل عبادة .
د . حصل التفويض من جانب الدولة .
هـ. اذا حصل البيع او الفراغ من مؤسسة الاسكان الى احد المنتفعين من مشاريعها او
من جمعية اسكان الى احد اعضائها او من الجمعية الخيرية للقوات المسلحة الى
احد ضباط او افراد القوات المسلحة .
و. تسري احكام الفقرة (هـ) على الدعاوى التي لم تقترن بحكم قطعي ."






الا ان الطعن أو الدفع
بالصورية احيانا لا يعتد به " وفقا للقانون العراقي"
(1) إذا كان يوجد ما يمنع هذا الدفع لا يجوز الطعن بالصورية
في التصرفات الواقعة على العقار بعد تسجيلها في
دائرة
التسجيل العقاري
.



وفي تطبيقات القضاء
العراقي قرار محكمة استئناف بغداد
(2) الذي ورد فيه ( لدى عطف
النظر على موضوعه وجد أن (المدعي) المميز عليه قد استند في دعواه
إلى العقد الابتدائي المؤرخ في 12-5-1971 المعقود بين الطرفين بخصوص بيع
المدعى
عليه (المميز) إلى المدعي المميز
عليه الدار المرقمة 14/142 بموجب الشروط الواردة
فيه
وطلب الحكم بتملكه الدار موضوعها استنادا إلى قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل
) رقم
1198 وتاريخ 2-11-1977






(1) اذ نصت المادة 149
من القانون المدني العراقي على : "
لا يجوز الطعن
بالصورية في التصرفات
الواقعة على العقار بعد تسجيلها في دائرة الطابو فيكون عقد
الرهن
هو الأصل والذي يقرره القانون "



(2) قرار محكمة استئناف
بغداد رقم
14 الصادر بتاريخ 22/11/1979





ورد المميز الدعوى بأنه
لم يبع الدار موضوع الدعوى وإنما
رهنها
لدي المميز عليه بموجب عقد رهن سجل لدي دائرة التسجيل العقاري وقد تأيد تسجيل
هذا العقد لدى الدائرة المختصة حسب الأصول ووفق الشكل الذي عينه القانون
إلا أن
المحكمة اعتبرت عقد البيع الابتدائي
هو العقد الحقيقي وعقد الرهن هو العقد الصوري
وكلفت
المميز بإثبات صورية عقد البيع على النحو الوارد في محضر الجلسة المؤرخة
17-10-1979 دون أن تلاحظ نص المادة 149 مدني التي نصت على انه لا يجوز الطعن بالصورية في التصرفات الواقعة على العقار بعد تسجيلها في دائرة الطابو
فيكون عقد
الرهن هو الأصل والذي يقرره القانون
وبالتالي يكون على المدعي إثبات جدية عقد البيع
وانه
هو العقد الذي انصرفت إليه نية المتعاقدين دون عقد الرهن و حيث أن المحكمة
سارت في الدعوى خلافا لما تقدم مما أخل بصحة حكمها المميز فقرر استنادا لنص
الفقرة
(1) من المادة 203 مرافعات نقضه وإعادة
أوراق الدعوى إلى محكمتها للسير فيها على
النحو
المتقدم على أن يبقى رسم التمييز للنتيجة
. "


بالتالي فقد جاء حكم
القانون المدني العراقي مطابقا لما جاء بالقانون المدني الاردني حيث جعل من حكم
جميع التصرفات الواقعة على العقار باطلة .









الخلاصة





وفقا لما تم البحث حوله
على الرغم من قله المراجع المتوفرة بخصوص الموضوع الا انه ووفقا للقانون الاردني
ووفقا لاجتهادات محكمة التمييز الموقرة فانه تقع جميع الطعون في التصرفات الواقعة
على العقار بعد تسجيلها باطلة مالم تكن بقصد الاحتيال على حق الشفيع بالشفعة لرفع
الثمن ، و قد استندت المحكمة الموقرة على اعتبار ان العقد المحرر امام دائرة
التسجيل انما هو يشكل سند رسمي لا يطعن به الا بالتزوير و أي ادعاء اخر انما يعتبر
ادعاءا غير مقبولا قانونا .







































قائمة المراجع





1. القانون المدني الاردني رقم 43 لعام 1976


2. قانون التصرف في الاموال غير المنقولة رقم 49 لسنة 1953


3. قانون تسوية الاراضي والمياه وتعديلاته رقم 40 لسنة 1952



4.
ياسين محمد
الجبوري ، الوجيز في شرح القانون المدني الاردني ، الجزء الثاني احكام الالتزامات
، دار الثقافة – عمان ، الطبعة الاولى الاصدار الاول 2003 ، الفقرة رقم 378 صفحة
324 و ما بعدها .



5. جلال علي عدوي ، اصول احكام الالتزام و الاثبات ، منشأة
المعارف الاسكندرية 1996 .



6. مجموعة السعيد القانونية " مجموعة تشريعات و قرارات
محكمة التمييز الاردنية حتى عام 2009 " .






تم بحمد الله و رعايته
،،،