بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة
الأساتذة المستشارين/ محمد أمين العباسي المهدي ومحمود عبد المنعم موافي ود. محمود
صفوت عثمان واحمد شمس الدين خفاجي .
المستشارين
* إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق
25/8/1984 أودع الأستاذ / محمد عبد القوي عبد الجليل المحامي وكيلا عن صاحب
الفضيلة الأمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا
تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3068 لسنة 30 ق عليا بجلسة 26/6/1984 في الشق
العاجل من الدعوي رقم 725 لسنة 35 ق والقاضي : أولاً بقبول الدعوي شكلا وفي الطلب
المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب
، ثانياً : باحالة الدعوي بحالتها إلي السيد الأستاذ الدكتور مهدي ليقدم تقريراً
في مدي سلامة الترجمة موضوع الدعوي وصلاحيتها للنشر وله أن يستعين بمن يراه من
المختصين في الشئون الدينية واللغتين الإنجليزية والعربية وعلي المدعي عليه الثاني
إيداع أمانة قدرها خمسة آلاف جنيه لحساب مصروفات الخبرة وأتعابها ، وعلي أن يقدم
التقرير خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع الأمانة ، وحددت لنظر الدعوي جلسة
11/9/1984 في حالة عدم إيداع الأمانة أو جلسة 11/12/1984 في حال ايداعها وطلب
الطاعن استنادا إلي الأسباب الواردة في تقرير الطعن الأمر بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجددا -
أصليا بعدم قبول الدعوي ، واحتياطيا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائيا بنظر
الدعوى ، ومن باب الاحتياط الكلي برفض طلبات المطعون ضده الأول في الشق المستعجل
والموضوعي دون إحالة الدعوي للخبرة مع إلزامه المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن
درجتي التقاضي .
وفي يوم الأربعاء الموافق
8/5/1985 أودع الأستاذ أحمد نبيل حسنين المحامي بصفته وكيلا عن صاحب الفضيلة
الأمام الأكبر الجامع الأزهر بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن
قيد بجدولها العام تحت رقم 2104 لسنة 31 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء
الإداري ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 12/3/1985 في الشق الموضوعي من
ذات الدعوي والقاضي بعدم قبول الدعوي بالنسبة إلي المدعي عليهم الأول والثالث
والرابع وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام المدعي عليه الثاني
بالمصروفات ، وطلب الطاعن استنادا للأسباب التي أوردها في تقرير الطعن الأمر بضم
هذا الطعن إلي الطلب السابق رقم 3068 لسنة 30 ق عليا ، والحكم بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه ، وبقبول الطعن شكلا ، وبإلغاء الحكم المطعون فيه ، والحكم أصليا بعدم
قبول الدعوي، واحتياطيا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيا بنظر الدعوي ،
ومن باب الاحتياط الكلي برفض طلبات المطعون ضده الأول مع إلزامه بالمصروفات ومقابل
أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة
تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم أولاً : بضم الطعن رقم
2104 لسنة 31 ق عليا إلي الطعن 3068 لسنة 30 ق ليصدر فيهما حكم واحد ، ثانيا :
بقبول الطعن رقم 3068 لسنة 30ق عليا شكلا وباعتبار الخصومة فيه منتهيه ، مع إلزام
الجهة الإدارية الطاعنة بمصروفات هذا الطعن ، ثالثاً : بقبول الطعن رقم 2104 لسنة
31 ق عليا شكلا وبرفضه موضوعا مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة مصروفاته .
وقد عرض الطعن علي دائرة فحص
الطعون بجلسة 3/4/1989 حيث قررت الدائرة ضم الطعن رقم 2104 لسنة 31 ق عليا إلي
الطعن رقم 3068 لسنة 30ق عليا للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ، وتدول الطعنان
أمام الدائرة علي النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت الدائرة بجلسة
5/2/1990إحالة الطعن إلي هذه المحكمة وحددت لنظره جلسة 31/3/1990 ، وقد نظرت
المحكمة الطعن علي نحو ما هو ثابت بالأوراق والمحاضر وقررت إصدار الحكم بجلسة
24/11/1990 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 1/12/1990 حيث صدر فيها هذا الحكم
وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق
وسماع المرافعة وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن قد استوفي
أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر المنازعة
تخلص علي ما يبين من الأوراق في أن المدعي (المطعون ضده الأول) أقام الدعوي رقم
752 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة
بتاريخ 8 من يناير سنة 1981 طلب فيها الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي
بالامتناع عن سحب صك الشرعية الصادر من الأزهر في 21/5/1973 لدار الكتاب اللبناني
ببيروت بصلاحية ترجمة معاني القرآن الكريم لمرمدوك بكتال ، وعن عدم مصادرة تلك
الترجمة في مصر ، وفي الموضوع بإلغاء ذلك القرار مع ما يترتب علي ذلك من أثار ،
وقال المدعي شرحا لدعواه أنه عكف علي دراسة اللغات الأجنبية حقبة من الزمن فاجاد
اللغتين الإنجليزية والفرنسية وأضحي علي وعي وإدراك افحواهما ثم هداه الله لتدارس
أيات القرآن الكريم وتدبر معاينة الجليلة ، وشرع في ترجمة معانية إلي اللغتين
الإنجليزية والفرنسية ، وتوصلا للإجادة تدارس كتب التفسير والسنة والتراجم التي
صدرت ومنها ترجمة لمعاني القرآن الكريم كتبها المستشرق الصهيوني ( مرمدوك بكتال )
الذي تبين للمدعي أنه ترجم القرآن الكريم ترجمة حرفيه بعيده عن التعبير عن معني
المنطوق العربي الكريم، ثم تصرف في بعض المواضع تصرفات تنم عن التعمد في إهدار
حقيقة معني الكلمات العربية المباركة، حيث لجأ إلي ترجمتها ترجمة ملتوية ليقارب
بينها وبين بعض الذي جاء في التوارة الصهيونية ، كما لجأ إلي الاستشهاد بالتوارة
في صلب ترجمته لتفسير بعض الآيات الكريمة إلي درجة أن الأمر قد يلتبس علي القارئ
المسلم بطريقة تدعو إلي دق ناقوس الخطر من تلك الترجمة التي حشر فيها المترجم
الصهيوني العبارات التي وردت أصلا في التوراه اليهودية والانجليزية وعرفت بأنها من
مكونات تلك التوراه وقد لاحظ المدعي علي ترجمة بكتال أنه أخطأ في كثير من المواضع
في حين أن السلف ممن ترجموا معاني القرآن الكريم إلي الإنجليزية لم يخطئوا مثل
خطئه ، ومن هنا يبرز عنصر التعمد في التحرف ، واستطرد المدعي قائلا أن الأمر كان
يهون لو أن ترجمة بكتال وجدت معروضة في المكتبات الأجنبية شأنها في ذلك شأن بقية
الترجمات دون أن تتحلي بصك الشرعية الإسلامية الذي أصدره لها الأزهر الشريف ، وما
دام الأمر كذلك فإن الأمر يحتاج إلي وقفه ليقول القضاء كلمته ، ذلك أن ترجمة بكتال
المشار إليها قد صدرت بكتاب موجه من إدارة الأزهر الشريف بتاريخ 21/2/1973 إلي
مدير دار الكتاب اللبناني ببيروت ( ناشر كتاب بكتال) جاء فيه أنه تبين من فحص
الترجمة المذكورة أنها صحيحة وليس لدي إدارة البحوث والنشر ما يمنع من نشرها
وتداولها ولا ريب ما تضمنه هذا الكتاب هو شهادة رسمية بصلاحية الترجمة المشار
إليها للنشر والتداول ، في حين أنه استبان للمدعي من استقراء مقدمة تلك الترجمة أن
المستشرق اليهودي حاول منذ الاربعينات الحصول علي موافقة الأزهر الشريف بصلاحية
ترجمته للنشر ، وكانت محاولاته تبؤ بالفشل دائماً إلي أن نجح الناشر اللبناني في
التحصل علي صك الشرعية سالف البيان في عام 1973 علي الرغم من أن الدراسة المتأنية
لهذه الترجمة تكشف عن حقيقتها كمخطط صهيوني استهدف تحريف كتاب الله والنيل من
الإسلام ورفع شأن اليهود والصهيونية والتوراه المحرفه ، إذ هي زاخرة بمواضع الكفر
والزيف ، واستعرض المدعي المواضع المختلفة التي رأي فيها أن الترجمة جاءت فيها
محرفة عن معناها الأصلي لما ورد في القرآن الكريم، واختتم المدعي صحيفة دعواه
موضحا أن كتاب إدارة البحوث والنشر بالأزهر الذي ورد فيه أن الترجمة صحيحة وأنه
ليس ثمة ما يمنع من نشرها وتداولها قد جاء مخالفا لحكم المادة 15 من قانون إعادة
تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961 التي أوجبت علي مجمع البحوث الإسلامية تجريد
الثقافة الإسلامية من الشوائب وآثار التعصب السياسي والمذهبي وتجليتها في جوهرها
الأصيل الخالص فإذا كانت جهة الإدارة المدعي عليها قد انحرفت عن التزام أن تكون
ترجمة بكتال مطابقة لرأي أهل السنة والجماعة في تفسير القرآن الكريم وبعدها عما
يفسد العقيدة ، فمن ثم يكون اقرارها لهذه الترجمة مخالفا للقانون وهذا ما دفع
بالمدعي إلي إرسال طلب بتاريخ 3/11/1980 إلي المدعي عليه الثاني يطلب إليه سحب صك
الشرعية عن الناشر اللبناني ومصادرة الترجمة في مصر ، وإذ لم يستجب إلي هذا الطلب
فقد اضطر المدعي إلي إقامة الدعوي طالبا الحكم بما سبق بيانه من طلبات .
ومن حيث إن إدارة الشئون
القانونية بالأزهر قد ردت علي الدعوي بمذكرة جاء فيها إنه طبقا لأحكام القانون رقم
103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يمثلها ولائحته التنفيذية
الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 فإن إدارة الثقافة والبحوث
الإسلامية تختص بكل ما يتصل بالنشر وترجمة المؤلفات والدراسات التي تكتب في الخارج
عن الإسلام، وكذلك مراجعة الترجمات التي تصدر لمعاني القرآن الكريم واختيار احسنها
ولفت أنظار المسلمين إلي الانتفاع بها ، وفي حدود تلك الواجبات والاختصاصات عهد
إلي الإدارة المشار إليها بمجمع البحوث الإسلامية بفحص كتاب ( ترجمة معاني القرآن الكريم)
لمرمدوك بكتال ، وتولي هذه المهمة الأستاذ الدكتور أحمد عبد الواحد إبراهيم الذي
قدم تقريراً جاء فيه " أن هذه الترجمة من أصح الترجمات التي ظهرت لمعاني
القرآن الكريم، وفي نشرها نفع كبير وتيسير لفهم كتاب الله لقراء الإنجليزية من
المسلمين والراغبين في معرفة الإسلام ولقد وافق مدير إدارة البحوث الإسلامية في
28/8/1972 علي السماح بتداول الكتاب معقباً بأن المؤلف وفق إلي حد كبير ، وأن كانت
تعوزه كثير من الإيضاحات في بعض المواضع ، وهذا غير قادح في عمل كهذا ، وقد اتبع
ذلك موافقة وكيل الوزارة والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في 30/9/1972 وبناء
علي ذلك فقد أرسلت إدارة البحوث الإسلامية والنشر كتابها المؤرخ 21/2/1973 إلي دار
الكتاب اللبناني في بيروت متضمناً أنه تبين من فحص الترجمة المذكورة أنها صحيحة
وأنه ليس لدى إدارة البحوث مانع من نشرها وتداولها وأضافت المذكرة أن اعتراضات
المدعى على المؤلف وعلى التصريح به قد أحيلت إلى الأستاذ عبد الجليل شلبي الأمين
العام لمجمع البحوث الإسلامية وانتهى فيها الى أن الكتاب به بعض الأخطأ مما لا
تخلو منه ترجمة قرآنية ولكنها لا تمنع من تداوله، ثم قدم فضيلته تقريرا آخر انتهى
فيه إلى أنه باستقراء ما حرره المدعى من ترجمة بكتال تبين له أن المدعى(المطعون
ضده) قد أخطأ في نقده لهذه الترجمة وأخيراً فقد تقدم فضيلته بتقرير ثالث جاء فيه
أن المدعى أحمد عبد اللطيف العباد سبق له التقدم بترجمة لمعانى القرآن الكريم وأنه
لا يرشحها للنشر نظرا لما شابها من أخطاء وأضافت المذكرة أنه يتضح مما تقدم أن
الأزهر قد أولى الموضوع عناية واهتماما حرصا منه على الإسلام وأنه قد انتهى في
حدود الاختصاصات المخولة له قانونا وبعد الرجوع إلى الأساتذة المتخصصين في هذا
المجال الى التصريح بنشر هذه الترجمة لمعاني القرآن الكريم، كما أولى الأزهر
اهتمامه بالاعتراضات التى أبداها المدعى على الترجمة وبحثها وانتهى فيها إلى خطأ
المدعى فيما أبداه، وبناء على ذلك فقد أيد قراره الأول بنشر الكتاب وتداوله ولا
ريب أن الأزهر بما يتوافر لديه من رصيد فقهي فقد رد على جميع هذه الاعتراضات وهو
مطمئن الى سلامة موقفه عندما صرح بنشر وتداول الكتاب، وأودعت إدارة الأزهر حافظة
مستندات انطوت على تقرير مؤرخ 28/8/1972 مقدم من الدكتور أحمد عبد الواحد إبراهيم
عن الكتاب موضع النزاع وجاء فيه أن هذه الترجمة من أصح الترجمات التى ظهرت لمعاني
القرآن الكريم، وأن في نشرها نفع كبير وتفسير لفهم كلام الله من قراء الإنجليزية
من المسلمين ومن الراغبين في معرفة الإسلام، وكلك صورة ضوئية من التقرير التفصيلي
الذى قدمه الدكتور عبد الجليل شلبي بالتعقيب على الاعتراضات التى أبداها المدعى
على ترجمة بكتال،كما عقب المدعى على ما تقدم بإيداع مذكرتين بدفاعه وسبع حوافظ
مستندات تدور جميعها حول المواضيع التي يرى فيها أن يروى فيها أن الترجمة قد شابها
أخطاء تحرف معنى القرآن الكريم وذلك على التفصيل اللغوى الذى حوته هذه المذكرات
جميعاً وقد عقبت إدارة الأزهر على ما تقدم بمذكرة أوضحت فيها أنه بالنسبة للترجمة
محل الطعن فان الأزهر يرى أنها كغيرها من الترجمات مجرد عمل إنساني مهما بلغ
المترجم له من القوة والدقة والحرص على عمله،فانه لا يسلم مما يؤخذ عليه من شخص
آخر يختلف معه في الفهم والتعبير عما يفهم، وأن هذه الترجمة لا تخلو من هنات
ولكنها أفضل من غيرها في هذا المضمار وأن ما بها من هنات لا يحول دون تداولها
والانتفاع بها حيث لا يبعد بها عن المعنى الذى يمكن أن يتحمله النص القرآني ولا
يتعارض معه، ومن هذا المنطلق فقد أصدر الأزهر التصريح بتداول هذه الترجمة.
ومن حيث أن المحكمة قد خلصت
من جماع ما تقدم الى أن موضوع الدعوى هو الطعن في القرار السلبي للأزهر الشريف
بالامتناع عن سحب قراره باعتماد ترجمة مرمدوك بكتال لمعانى القرآن الكريم وتصريحه
بنشر هذه الترجمة وتداولها، وأن المدعى يطالب بوقف تنفيذ هذا القرار وإلغائه مع ما
يترتب على ذلك من آثار، وخلصت المحكمة إلى أن الطعن في القرارات السلبية لا يتقيد
بميعاد وأنه بذلك تكون الدعوى مقبولة شكلا، واستطردت المحكمة إلى القول أنه
بمطالعة الترجمة موضوع الدعوى يبين أنها ليست في حقيقتها ترجمة لمعاني القران
الكريم كما أطلق عليها من قام بها، وانما هى ترجمة حرفية لسور القرآن وآياته، ومن
ثم فقد أضحى من الضروري ان تكون هذه الترجمة على أكبر قدر من الدقة
ومن حيث أن المحكمة قد خلصت
من جماع ما تقدم الى أن موضوع الدعوى هو الطعن في القرار السلبي للأزهر الشريف
بالامتناع عن سحب قراره باعتماد ترجمة مرمدوك بكتال لمعاني القرآن الكريم وتصريحه
بنشر هذه الترجمة وتداولها، وأن المدعى يطالب بوقف تنفيذ هذا القرار وإلغائه مع ما
يترتب من آثار، وخلصت المحكمة الى أن الطعن في القرارات السلبية لا يتقيد بميعاد
وأنه بذلك تكون الدعوى مقبولة شكلا، واستطردت المحكمة الى القول أنه بمطالعة
الترجمة موضوع الدعوى يبين أنها ليست في حقيقتها ترجمة لمعاني القرآن الكريم كما
أطلق عليها من قام بها، وانما هى ترجمة حرفية لسور القرآن وآياته، ومن ثم فقد أضحى
من الضروري أن تكون هذه الترجمة على أكبر قدر من الدقة بحيث لا تعطى لآيات القرآن
الكريم معنى أو مدلولا غير ذلك الذى قصده الله تعالى في كتابه العزيز، وأنه لما
كان البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى والأزهر الشريف قد اتفقا على أن الترجمة
موضوع الدعوى قد تضمنت عدة أخطاء تعرض لها الدكتور عبد الجليل شلبي في تقريره
المودع حافظة مستندات الأزهر المقدمة بجلست 23/6/1981 وأنه بناء على ذلك فإن مجرد
ترجيح مظنه وقوع هذه الأخطاء كاف بذاته لتحقيق ركنى الجدية والاستعجال في طلب وقف
تنفيذ القرار المطعون فيه، إذ لا محل للاستمرار في التصريح بنشر وتداول موضوع
الدعوى رغم ما تستظهره المحكمة من بادى الأوراق من أنها انطوت على العديد من
الأخطاء، وهذا أمر لا يقدح فيه ما تذهب إليه إدارة الأزهر من أن هذه الأخطاء ليست
بذات أهمية، ذلك أن مجرد وقوع خطأ في ترجمة ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه توجب
المبادرة إلى حجب أي ترخيص صادر من جهة رسمية بنشر وتداول الترجمة درءا لأضرار
بالغة قد تلحق بالإسلام والمسلمين من جراء هذا الترخيص بما يسبغه عليها من صبغة
السلامة والصحة، ولا ريب في أن الامر يصبح أدق أثر وأعظم خطرا إذا كانت الجهة التى
أصدرت هذا الترخيص هى الأزهر الشريف ، وهو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التى
تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره وحمل رسالة الأمانة الإسلامية
إلى كل شعوب…… وأنه لما كان قد توافر بذلك في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه
الركنان المتطلبن قانونا لاجابته، فمن ثم فقد انتهت المحكمة الى القضاء بوقف تنفيذ
هذا القرار مع إلزام الأزهر بمصروفات هذا الطلب.
ومن حيث إن عن طلب الإلغاء
فقد رأت المحكمة أن موضوع النزاع ينحصر في التحقق مما إذا كانت الترجمة موضوع
المنازعة هى ترجمة دقيقة وصحيحة جاءت مطابقة لألفاظ القران الكريم والتزمت معانيه
أم أن ثمة خطأ قد شابها يما يخرج بها عما استهدفه القرار الصادر بالتصريح بنشرها
وتداولها من تحقيق خير الإسلام والمسلمين حيث يتم التعريف بكتاب الله العزيز
الحكيم لغير المتحدثين باللغة العربية، ورأت المحكمة قبل الفصل في هذا الطلب أن
تعهد إلى أحد الأساتذة المختصصين في علوم اللغة والدين بمراجعة الترجمة التى أعدها
المستشرق مرمدوك بكتال، وبين ما يكون قد اعتورها من أوجه نقص أو قصور أو شابها من
خطأ ينأى بها عن الفهم الصحيح لآيات القرآن الكريم وذلك بغيه التحقق من سلامته
وصلاحيتها للنشر والتداول، واختارت لأداء هذه المهمة الأستاذ الدكتور مهدى علام
على أن يكون له أن يستعين فيما عهد إليه به بمن يراه من الأساتذة المختصصين في
الشئون الدينية واللغتين الإنجليزية والعربية، وانتهت المحكمة الى القضاء بقبول
الدعوى شكلا وفى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى
الأستاذ الدكتور مهدى علام ليقدم تقريرا في مدى سلامة الترجمة موضوع الدعوى
وصلاحيتها للنشر على أن يكون له أن يستعين بمن يراه من المختصصين، وعلى المدعى
عليه الثاني (شيخ الأزهر) إيداع أمانة قدرها خمسة آلاف جنيه لحساب مصروفات الخبرة
وأتعابها على أن يقدم التقرير خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع الأمانة، وحددت لنظر
الدعوى جلسة 11/9/1984 في حالة إيداع الأمانة، وجلسة 11/12/1984 في حالة إيداعها.
ومن حيث إنه بتاريخ 4من
يوليو سنة 1984 أودع المدعى أحمد عبد اللطيف العبار قلم كتاب محكمة القضاء الإداري
طلبا برد الخبير، وجاء بطلبه أن الدكتور مهدى علام يتعاون مع الأزهر الشريف وله
مصلحة مادية مع مجمع البحوث الإسلامية في إخراج التفسير الوسيط للقرآن الكريم
الصادر من المجمع، فضلا عن أنه عضو في المجمع المذكور الذى قرر صلاحية الترجمة
المطعون في صحتها، كما أودع المذكور مذكرة جاء بها أنه اطلع مؤخرا على حديث
الدكتور مهدى علام في عدد جريدة الأهرام الصادر بتاريخ 26/11/1976 أبدى فيه رأيه
في ترجمة مرمدوك بكتال مع ترجمات أخرى، وقدم في هذا الحديث الأعذار لبكتال عن
الأخطاء التى تضمنتها ترجمته وبناء على ذلك فإنه يطلب برد هذا الخبير.
ومن حيث إنه بجلسة
30/10/1984 حكمت المحكمة برفض طلب تغيير الخبير المعين في الدعوى مع تغريم طالب
الرد مبلغ عشرة جنيهات، وأقامت المحكمة قضاءها هذا على أن الأسباب التى أوردها
طالب الرد لا تنهض مبررا لرد الخبير وفقا لحكم المادة 141 من قانون الإثبات رقم 25
لسنة 1968 التى عدد على سبيل الحصر الحالات التى يجوز فيها رد الخبير، وليس من
بينها الأسباب التى ساقها طالب الرد من قيام تعاون علمي أو ثقافي بين الخبير
والأزهر الشريف، وحددت المحكمة جلسة 11 من ديسمبر سنة 1984 لنظر طلب الإلغاء حيث
تداولت الدعوى أمامها على النحو الثابت بالمحاضر، وقد أودع الحاضر عن الأزهر
الشريف مذكرة بدفاعه عرض فيها لمسألة تحميله وهو المدعى عليه بأمانة الخبير وأوضح
أنه الخبير وأوضح أنه يعفى من أداء هذه الأمانة طبقا لنص المادة 50 من القانون رقم
90 لسنة 1944 والمادة الثالثة من القرار الجمهوري رقم 549لسنة 1959 بشأن الرسوم
أمام مجلس الدولة ذلك أنه طعنا لهذين النصين فان الهيئات العامة تعفى من أداء
الرسوم القضائية وأمانة الخبير تأخذ حكم هذه الرسوم، وفضلا عما تقدم فان القضاء
جرى في الأغلب الأعم من أحكامه التمهيدي على أنه إحالة الدعوى إلى الخبرة فان
المدعى هو الذى يلزم بدفع الأمانة التى تحددها المحكمة دون المدعى عليه، ودفع
الأزهر بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، كما دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها
من غير ذى صفة لان القرار المطعون فيه لا يمس مركزا ذاتيا للمدعى، وأخيرا فقد دفع
بعدم قبول طلب الإلغاء لانتفاء القرار السلبي، وأساس ذلك أن رأى إدارة البحوث
والنشر بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في شأن صلاحية كتاب معاني القرآن الكريم
لمرمدوك بكتال للنشر والتداول لا يعدو أن يكون من قبيل التوصيات ولا يعتبر قرارا
إداريا، وعرض الأزهر أوجه دفاعه عن القرار المطعون فيه فأوضح أن ترجمة القرآن
الكريم لا تكون إلا بالمعنى لا بالفظ، حيث تستعصي ترجمة القرآن ترجمة لفظية أو
حرفية، وأن ترجمة معاني القرآن لا تعتبر في حقيقتها قرآنا لأنها مجرد بيان للمعاني
المستفادة من آيات القرآن وهذه المعاني اجتهادية، وإذا كان الأمر كذلك فان مناط
الفهم الشرعي المطابق للواقع هو مهمة العلماء، وهم في قيامهم بهذه المهمة لا
يقومون بها كوظيفة بأجر وإنما هى مهمة عقائدية أساسها تقوى الله في أمر الدين
الإسلامي الحنيف وما يستشف من كتاب الله العلى القدير من معاني ودلالات، وهم فوق
ذلك الاعتبار العقائدي من العلماء المتخصصين في العلوم الإسلامية والعربية واللغات
الأجنبية، وقولهم في الشأن هو القول الفصل، ولا يمكن أن يكون للقضاء بما لديه من
قدره مراجعة هؤلاء العلماء فيما انتهوا إليه، خصوصا وأن الرأى الذى تصل إليه إدارة
البحوث والنشر بمجمع البحوث الإسلامية لا تنتج عن جهد فرد عادى، وإنما عن جهد عالم
متخصص يقوم بالفحص ويعرض تقريره في هذا الشأن على لجنة من العلماء المتخصصين
يناقشون كل ما وصل إليه ثم ينتهى الأمر بالوصول الى النتيجة التى تعبر عن تلك
الإرادة وأودع الأزهر تأييدا لدعواه حافظة مستندات تضمنت تقريرا خطيا من صفحتين مؤرخ
في مايو سنة 1982 مرفوع من الأستاذ على حسن عبد القادر الى صاحب الفضيلة الأمام
الأكبر شيخ الجامع الأزهر ضمنه رأيه في ثلاث تراجم للقرآن الكريم، ومن بينها ترجمة
القرآن للإنجليزي المسلم مرمدوك بكتال، وهى الترجمة المطعون في صحتها، ويقول فيها
كاتب التقرير أن هذه الترجمة في مستوى ترجمة يوسف على وهى ليست ترجمة لفظية، وهى
تؤدى معاني القران في سهولة ويسر وفي لغة إنجليزية مقبولة صحيحة لدى قراء
الإنجليزية وفي سهولة من غير تعقيد، وليس في هذه الترجمة تعليقات مثل الترجمة
الأولى ولكنها أكثر إيجازا وتبسيطا، وقد روجعت هذه الترجمة من العلماء في مصر، كما
أنها طبعت كثيرا وانتشرت شرقا وغربا ووجدت قبولا عند الناس .
ومن حيث إنه بجلسة 13/3/1985
قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعى عليه الأول والثالث والرابع وفي
الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت المدعى عليه الثاني(الأزهر الشريف)
بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أسباب حاصلها أنها إذ قضت في حكمها الصادر
بجلسة 26 من يونيو سنة 1984 بقبول الدعوى شكلا وفي اطلب المستعجل بوقف تنفيذ
القرار المطعون فيه، فمن ثم يصبح من المتعين أعمالا لحجة هذا الحكم الالتفات عما
آثاره الأزهر الشريف من دفوع تتعلق بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى أو عدم
قبول الدعوى لانتفاء القرار المطعون فيه أو لرفعها من غير ذى صفه، واستطردت
المحكمة في موضوع الدعوى الى القول أنها كانت قد أقامت قضاءها بوقف تنفيذ هذا
القرار على أسباب حاصلها أنه بمطالعة الترجمة موضوع الدعوى يبين أنها ليست في
حقيقتها ترجمة لمعاني القرآن الكريم كما أطلق عليها من قام بها وسايره في ذلك
المدعى عليه الثاني، وإنما هى في حقيقتها ترجمة حرفية لسور القرآن، ومن ثم فقد
أضحى من الضروري أن تكون هذه الترجمة على أكبر قدر من الدقة حتى لا تعطى لآيات
القرآن الكريم معنى أو مدلولاً غير الذى قصده الله تعالى في كتابه العزيز، ولقد
ثبت لدى المحكمة أن الأزهر الشريف والمدعى اتفقا على أن هذه الترجمة تضمنت جملة
أخطاء عدد بعضها الدكتور عبد الجليل شلبي في تقريره المودع حافظة مستندات الحكومة
المقدمة بجلسة 23/6/1981،وأن مجرد ترجيح مظنه وقوع هذه الأخطاء كاف بذاته لتحقيق
ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إذ لا محل للاستمرار في التصريح
بنشر وتداول الترجمة موضوع الدعوى رغم ما تستظهره المحكمة من بادئ الأوراق من أنها
انطوت على العديد من الأخطأ، ولا يقدح في ذلك ما ذهب إليه الأزهر الشريف من هذه
الأخطاء ليست بذات أهمية، إذ أن مجرد وقوع خطأ في ترجمة ألفاظ القرآن الكريم
ومعانيه توجب المبادرة إلى حجب المبادرة أي ترخيص يصدر من جهة رسمية بنشر أو تداول
هذه الترجمة درءا للأضرار البالغة التى قد تلحق بالإسلام والمسلمين من جراء صدور
هذا الترخيص بما يسبغه عليها من صفه السلامة والصحة، ولا ريب فى أن الأمر يصبح أدق
أثرا وأعظم خطرا إذا كانت الجهة التى أصدرت هذا الترخيص هى الأزهر الشريف وهو
الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التى تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته
وتجليته وحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب…… وفقهيه من اطلاقات هذه
الإدارة تصدره بعد الرجوع الى العلماء المتخصصين في العلوم الإسلامية والعربية
باعتبارهم أقدر من غيرهم على الوصول إلى صحيح حكم الشرع الإسلامي واستطرد الطعن
إلى القول بأن منع النشر والتداول في مصر مخول لغير الأزهر في ظل قانون المطبوعات
المعمول به حاليا، فهو من اختصاص مجلس الوزراء وفقا لحكم المادتين 9،10 من القانون
رقم 20 لسنة 1936 في شأن المطبوعات، والبادى من الدعوى التى صدر فيها الحكم
المطعون عليه إنها لم ترفع طعنا على القرار إيجابي أو سلبي صادر من مجلس الوزراء
الأمر الذى كان يتعين معه عدم قبول الدعوى شكلا فضلا عن عدم اختصاص المحكمة ولائيا
بهذه المنازعة ولهذا فإن الطاعن مازال متمسكا بهذا الدفع يطرحه على محكمة الطعن،
وأضاف الطاعن بافتراض أن رأى إدارة البحوث والنشر بمجمع البحوث الاسلامية يعتبر من
القرارات الادارية، فان هذا القرار لا يمس مركزا من المراكز القانونية المقررة
للمطعون ضده، ومن ثم فان دعواه تكون مرفوعة من غير ذى صفة ولا مصلحة له في إقامتها
وتكون بالتالي غير مقبولة، وإذا كان الثابت أن رأى إدارة البحوث والنشر قد صدر
بتاريخ 21/2/1973 ولم يرفع المطعون ضده دعواه ألا بتاريخ 18/1/1981 أي بعد ميعاد
الطعن بالإلغاء، فقد كان من المتعين الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا لإقامتها بعد
الميعاد، ولا يشفع له أنه أقام دعواه بعد تقديم شكواه إلى الأزهر بمناسبة رفض
ترجمته لمعاني القرآن تقدم بها للادارة وذلك لان المواعيد المشار اليها من النظام
العام وتقضى بها المحكمة من تلقاء نفسها.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن
فقد أفاد الطاعن بأن الله سبحانه وتعالى قد أنزل القرآن الكريم على رسوله "
محمد صلى الله عليه وسلم" معجزة نظما ومعنى وهو مستعصى على أي مخلوق، وقد
أختلف علماء المسلمين في تحديد بعض المعاني المقصودة في العديد من الآيات عند
تفسيره منذ نزوله حتى الآن، وقد استقر لدى علماء المسلمين أن ترجمة القرآن الكريم
تكون بالمعنى لا باللفظ لأن ترجمة القرآن لا يجوز اعتبارها قرآنا، وإنما هى تقريب
لمعانيه واجتهاد في تفصيل هذه المعاني إلى غير الناطقين باللغة العربية، وأنه
يستعصى ترجمة القرآن ترجمه حرفيه أو لفظيه،ولا تخلو أي ترجمة لمعاني القرآن من
أخطاء اتساقا مع بشرية هؤلاء المترجمين ولصعوبة هذه المهمة ونظرا للخلاف في تحديد
المعاني من قبل علماء المسلمين عند تفسير القرآن الكريم فانه يسمح بنشر وتداول
أقرب تلك الترجمات إلى المعاني المقصودة من الآيات الدعوة والتعريف بالإسلام من
خلال ترجمه معاني القرآن الكريم، وأن في استحالة العصمة من الخطأ نظرا لان الخلاف
البشري في الفهم يتسع ليشمل جميع جوانب الحياة بما فيها التفسير والترجمة لهو أمر
يحول دون القول بحجب الجهد الفكري البشرى عن النشر على ضوء ما يقره العلماء
المتخصصون أو يسمحوا بنشره وتداوله، ومن هنا فان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه
يتنافى مع تحقيق مناط الفهم الشرعي المطابق للواقع، وهذا الامر يتماثل مع منح
الدرجات العلمية من ماجيستير ودكتوراه بل وأكثر جهدا في المراجعة والبحث للوصول
الى النتيجة، بديهى أن الدرجات العلمية التى يتم الحصول عليها على ضوء النتائج
العلمية التى توصل اليها الباحث قد لا تخلو من أخطاء أو مع ذلك يقدر العلماء عدم
خطورتها ويتم مع قيامها التصريح بالنشر والتداول شأنها شان أبحاث الترقيات
الجامعية خاصة ما يتعلق منها بالدراسات الإسلامية والعربية بما فى ذلك أحيانا
تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة وسائر علوم القرآن والسنة وترجمة
معانى القرآن والسنة وترجمة معانى القرىن ومن هذا يتضح أن وجود بعض الأخطاء أو
الهنات التى يرى العلماء المتخصصين أنه لا مانع معها من النشر والتداول لا يستلزم
أى خطر على مسلكهم في هذا الشأن بأحكام تصدر عن القضاء والتبعه في ذلك تقع على
هؤلاء العلماء بما يحملون من أمانة العلم وحسابهم فى ذلك عند الله علام الغيوب،
وخلص الطاعن الى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه واصليا بعدم قبول الدعوى
واحتياطيا بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائيا بنظر الدعوى ورفض طلب المطعون ضده
الأول مع الزامه بالمصروفات عن درجتى التقاضى.
ومن حيث أن الأزهر وفقاً
لاحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة الأزهر والهيئات التى يشملها هو
الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التى تقوم على حفظ التراث الاسلامى ودراسته
وتجليته ونشره وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار
حقيقة الاسلام وأثره في تقدم البشر ورقى الحضارة….
كما تهتم ببعث الحضارة
العربية والتراث العلمى والفكرى للأمة العربية… وشيخ الازهر هو الأمام الأكبر
وصاحب الرأى في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام وله
الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية وقد عددت المادة 8 من القانون
هيئات الازهر ومن بينها مجمع البحوث الإسلامية وإدارة الثقافة والبعوث الإسلامية،
وحددت المادة 25 من القانون اختصاصات إدارة الثقافة والبعوث الإسلامية بحيث تختص
بكل ما يتصل بالنشر والترجمة والعلاقات الاسلامية من البعوث والدعاة واستقبال طلاب
المنح وغيرهم من ذوى العلاقة فى نطاق أغراض الأزهر على أن تبين اللائحة التنفيذية
لهذا القانون تفصيل ذلك ووسائل تنفيذه، وإعمالا لما تقدم فقد صدر القرار الجمهورى
رقم 250 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 المشار إليه ونصت
المادة 38 منها على أن إدارة الثقافة والبعوث الإسلامية هى الجهاز الفنى لمجمع
البحوث الإسلامية، كما نصت المادة 39 من ذات اللائحة على أن تباشر هذه الإدارة
اختصاصاتها
1- إدارة البحوث
والنشر. 2- إدارة البعوث الإسلامية. 3- إدارة الدعوى والإرشاد، وعددت المادة40 من
اللائحة المشار إليها اختصاصات إدارة البعوث والنشر ومن بينها مراجعة المصحف
الشريف والتصريح بطبعه وتداوله، فحص المؤلفات والمصنفات الإسلامية أو التى تتعرض
للإسلام وإبداء رأيها فيما يتعلق بنشرها أو تداولها أو عرضها مراجعة الترجمات
الموجودة لمعانى القرآن الكريم واختيار أحسنها ولفت أنظار المسلمين إلى الانتفاع
بها.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم
أن الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى يرأسه الأمام الأكبر شيخ الجامع
الأزهر صاحب الرأى في كل ما يتصل بشئون الإسلام وعلومه، وهو يمارس صلاحيته المشار
إليها عن طريق هيئاته المختلفة وإدارته المتعددة ومن بينها مجمع البحوث الإسلامية
الذي يقوم بتنقية الثقافة الإسلامية من الشوائب وآثار التعصب السياسي والمذهبي
وتجليه مبادئ الإسلام وأحكامه وتراثه الفقهي والفكري في جوهرها الأصيل الخالص،
ولقد حددت اللائحة التنفيذية علي سبيل الحصر الحالات التي يختص فيها الأزهر بإصدار
قرارات بالتصريح بالطبع كما هو الحال في طباعة المصاحف وكذلك الحالات الأخرى التي
يتعين عليه أن يبدي رأيه فيها بالموافقة أو القبول علي النشر أو التداول أو العرض
، ويشمل ذلك المؤلفات التي تتعرض للإسلام بالإضافة إلي مراجعة الترجمات القائمة
لمعاني القرآن الكريم واختيار أحسنها . ولفت أنظار المسلمين للانتفاع بها، وفى غير
ذلك فان ما يصدر من الأزهر من أراء فتاوى وتوجيه لا يعدو فى كل الأحوال أن يكون
رأيا فقهيا يبديه في مجال الدعوة والإرشاد والتوجيه ونشر الثقافة الاسلامية
والتعريف بها، وهذه مهمة فنية وعلمية وفقيية من اطلاقات هيئات الازهر تقوم بها
وتنتهى فيها الى رأى بعد الرجوع الى العلماء المتخصصين فى العلوم الاسلامية
والعربية باعتبارهم أقدر من غيرهم على الوصول الى صحيح حكم الشرع الإسلامي، وغنى
عن البيان أن مثل هذا العمل الفكرى لا سبيل الى الاعتراض عليه إلا بعمل فكرى مماثل
يكون لكل مسلم وصاحب رأى أو اجتهاد أن يدلى بدلوه فى الموافقة أو الرفض أو
التعقيب، فباب الاجتهاد والعمل الفكرى والابداعى فى هذا الشأن مفتوح لكل مسلم دون
قيد لا يحده إلا أن يجئ عملاً خالصا لوجه الدين والشريعة يناقش الحجة بالحجة يقيم
وينقد ويتعرض فى حدود الاصول والقواعد وأدب الحوار، ومن هنا فليس صحيحا ما خلص
إليه الحكم المطعون فيه من أن موضوع الدعوى هو الطعن فى القرار السلبى للأزهر
بالامتناع عن سحب قراره باعتماد ترجمة مرمدوك بكتال لمعانى القرآن الكريم وتصريحه
بنشر هذه الترجمة وتداولها وأن المدعى(المطعون ضده) يطالب بوقف تنفيذ هذا القرار
وإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبذلك فان الطعن يكون مقبولا شكلا لأن الطعن
فى القرارات السلبية لا يتقيد بميعاد، فالقرار السلبى لا يقوم وفقا لصريح نص
المادة 10/14 من قانون مجلس الدولة إلا إذا رفضت السلطة الإدارية أو امتنعت عن
اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح والحال هنا أن
اختصاص إدارة البحوث والنشر بوصفها الجهاز الفنى لمجمع البحوث الإسلامية بإصدار
قرارات إدارية سواء بالتصريح بطبع المصاحف أو الموافقة على نشر أو تداول أو عرض
المؤلفات الإسلامية هو اختصاص صريح ورد النص عليه على سبيل الحصر، أما باقى
الاختصاصات سواء ما كان منها منصوصا عليها بشكل عام فى القانون أو بطريقة تفصيلية
فى اللائحة التنفيذية فهى مجرد تعداد للمهام والأغراض التى يقوم بها الأزهر
وهيئاته عن طريق البحوث الفقهية وتحديد السياسات التى تتبع لتحقيق مهام الحفاظ على
التراث الإسلامي وتطويره وتنقيته وتجليته والتعريف به، فلا يهدف بها الى إنشاء
مراكز قانونية بموجب قرارات إدارية صريحة أو ضمنية بحيث يعتبر امتناعها عن ترجيح
رأى على رأى أو اختيارها لتفسير ما تراه اقرب إلى الصواب،هو امتناع عن اتخاذ قرار
كان من الواجب اتخاذه قانونا، فمثل هذا القول ينبنى على مجرد افتراض وخطأ قانونى
لانعدام السند الذى يقوم عليه من وجود نص يجعل المهمة الجليلة للإدارة المذكورة في
البحث والمراجعة والترجيح على أساس من العلم الصحيح فى مجال تخصصها محل الزام حتمى
بإصدارها قرار ومحدد المحل فيما اناطه بها المشروع من عمل قومى ودينى وعلمى جليل القدر
وسامى الغايات يؤديه العاملون فيها والمعاونون لها تحت الأشراف الأعلى للأمام
الأكبر شيخ الجامع الأزهر وصاحب الرأى الأول فى كل ما يتصل بشئون الإسلام وعلومه،
كما أن هذا الزعم يشكل قيدا على حرية التأصيل بالبحث والاجتهاد ويؤدى اعاقه لعمل
هذا المجمع العلمى الإسلامى وينظم للقضاء فى نطاقه العمل الفكرى والإبداع العقلى
الذى يتعين أن يحاط بأكبر قدر من ضمانات الحرية للعلماء الباحثين الفاقهين
والمتخصصين ذوى الضمائر الاسلامية النزيهه المتعلقة بالجانب العقائدى والدينى كما
أن ذلك لا يشكل مصادره حق الأفراد فى نقد هذه الآراء بعد دراستها ومناقشتها أو
الاعتراض عليها فسبيلهم إلى ذلك الدراسة العميقة المتأنية والتفكير المنهجى السليم
وإبداء الرأى بجميع وسائل التعبير دينيا بالكتابة والقول وهذا مجال مفتوح لكل عالم
ناقد جاء حريصا على صالح الدعوة الإسلامية وأحكام الشرع والدين.
ومن حيث إنه متى كان الأمر
كذلك فإن طعن المدعى من البداية يكون في حقيقة الأمر منصبا على القرار الايجابى
الصادر من الأزهر الشريف بالموافقة على الترجمة محل النزاع وعلى تداولها ومن ثم
فقد كان يتعين على الحكم الطعين تبعا لذلك وقبل التصدى للموضوع بالبحث فى مدى قبول
هذه الدعوى شكلا وما إذا كانت مقامه في المواعيد المقررة قانونا لإقامة دعوي
الإلغاء .
ومن حيث إنه بالاطلاع على
القرار المطعون فيه يبين أنه قد صدر فى تاريخ 21 من فبراير 1973، وإذ كان لا يبين
من الأوراق متى اتصل هذا القرار بعلم المدعى(المطعون ضده) علما يقينيا شاملا لكل مكوناته إلا الثابت أن القدر المتعين
والذى يتعين مراعاة احتساب بدء سريان مواعيد دعوى الإلغاء ابتداء منه هو ذلك
التاريخ الذى يثبت بما لا يدع مجالا لأى شك أن المذكور قد علم علم يقينيا بالقرار
ناف للجهالة بمحله وأسبابه وسنده وأنه تظلم من صدوره وأن الأزهر قد أخذ شكواه
واعتراضاته مأخذ الجدية وعكف على دراسة كل ما أثاره المذكور من أخطاء ونسبتها
للترجمة موضوع الطعن، ثم أخطره الأزهر برفض اعتراضاته صراحة وبناء على ذلك فانه اعتبارا من هذا
التاريخ يبدأ حساب مواعيد دعوى الالغاء توصلا الى تحديد مدى كونها مقامة فى
المواعيد التى حددها القانون.
ومن حيث أنه بالاطلاع على
حافظة مستندات المدعى(المطعون ضده) المودعه أمام محكمة القضاء الادارى
بتاريخ4/7/1984 فانه يبين أن المذكور كان قد اطلع على الترجمة المنشورة المرفق بها
صورة من القار المطعون فيه فى مقدمه الطبعة وأنه بادر بالاعتراض عليها وتقدم بشكوى
الى مجمع اللغة العربية بتاريخ 6/12/1976، وعرضت هذه الشكوى على مجلس المجمع
بجلسته المنعقدة بتاريخ2/5/1977 فقرر أن هذا الموضوع يدخل فى اختصاص مجمع البحوث
الإسلامية وطلب أمين مجمع اللغة العربية فى كتابه رقم 557 المؤرخ 8/5/1977 من
السيد/أحمد عبد اللطيف العباد المطعون ضده أن يتصل بمجمع البحوث الاسلامية فى هذا
الشأن.
كما إن الثابت من كتاب لجان
الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب رقم 121 بتاريخ 9/5/1978 والموجه الى المطعون ضده
أن العريضة المقدمة منه الى مجلس الشعب قد أحيلت الى مكتب السيد رئيس الوزراء الذى
أفاد مجلس الشعب بكتابه رقم 2703 بتاريخ 3/5/1978 أنه بمخابرة وزارة الأوقاف وشئون
الأزهر فقد أفادت بأن فضيلة شيخ الأزهر بأن مجمع البحوث الاسلامية لاحظ أن الأخطاء
التى أحصاها المدعى (المطعون ضده) على الترجمة لا تستحق مصادرة هذه الترجمة، كما
أنه سبق للمطعون ضده أن تقدم للأزهر بترجمة للقرآن الكريم للترخيص له بنشرها وقد
رفض الأزهر التصريح بنشرها.
ومن حيث أن بناء على ما سلف
بيانه من أن حقيقة تكييف الدعوى التى أقامها المطعون ضده أمام محكمة القضاء
الإدارى وفيها طعن الإلغاء فى قرار التصريح بطبع الترجمة محل النزاع ولا يوجد ثمه
قرار سلبى بالمعنى القانونى الصحيح هو موضوع الطعن فى تلك الدعوى من حيث إن الثابت
من الأوراق أن المطعون ضده كان قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 8
من يناير سنة 1981 بعد أن كان قد أخطر برفض شكواه بتاريخ 9/5/1978، ومن ثم فإن
دعواه تكون قد أقيمت بعد الميعاد الذى حدده القانون مما كان يتعين معه الحكم بعدم
قبولها شكلا لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إنه وقد قضى الحكم
المطعون فيه بخلاف ما تقدم فقد جانب الصواب وأخطأ فى تطبيق صحيح أحكام القانون ومن
ثم يتعين القضاء بإلغائه وبعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد القانونى
والزم المطعون ضده بالمصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول طعن شكلا
وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد
والزمت المطعون ضده بالمصروفات.
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة
الأساتذة المستشارين/ محمد أمين العباسي المهدي ومحمود عبد المنعم موافي ود. محمود
صفوت عثمان واحمد شمس الدين خفاجي .
المستشارين
* إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق
25/8/1984 أودع الأستاذ / محمد عبد القوي عبد الجليل المحامي وكيلا عن صاحب
الفضيلة الأمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا
تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3068 لسنة 30 ق عليا بجلسة 26/6/1984 في الشق
العاجل من الدعوي رقم 725 لسنة 35 ق والقاضي : أولاً بقبول الدعوي شكلا وفي الطلب
المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب
، ثانياً : باحالة الدعوي بحالتها إلي السيد الأستاذ الدكتور مهدي ليقدم تقريراً
في مدي سلامة الترجمة موضوع الدعوي وصلاحيتها للنشر وله أن يستعين بمن يراه من
المختصين في الشئون الدينية واللغتين الإنجليزية والعربية وعلي المدعي عليه الثاني
إيداع أمانة قدرها خمسة آلاف جنيه لحساب مصروفات الخبرة وأتعابها ، وعلي أن يقدم
التقرير خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع الأمانة ، وحددت لنظر الدعوي جلسة
11/9/1984 في حالة عدم إيداع الأمانة أو جلسة 11/12/1984 في حال ايداعها وطلب
الطاعن استنادا إلي الأسباب الواردة في تقرير الطعن الأمر بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجددا -
أصليا بعدم قبول الدعوي ، واحتياطيا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائيا بنظر
الدعوى ، ومن باب الاحتياط الكلي برفض طلبات المطعون ضده الأول في الشق المستعجل
والموضوعي دون إحالة الدعوي للخبرة مع إلزامه المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن
درجتي التقاضي .
وفي يوم الأربعاء الموافق
8/5/1985 أودع الأستاذ أحمد نبيل حسنين المحامي بصفته وكيلا عن صاحب الفضيلة
الأمام الأكبر الجامع الأزهر بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن
قيد بجدولها العام تحت رقم 2104 لسنة 31 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء
الإداري ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 12/3/1985 في الشق الموضوعي من
ذات الدعوي والقاضي بعدم قبول الدعوي بالنسبة إلي المدعي عليهم الأول والثالث
والرابع وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام المدعي عليه الثاني
بالمصروفات ، وطلب الطاعن استنادا للأسباب التي أوردها في تقرير الطعن الأمر بضم
هذا الطعن إلي الطلب السابق رقم 3068 لسنة 30 ق عليا ، والحكم بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه ، وبقبول الطعن شكلا ، وبإلغاء الحكم المطعون فيه ، والحكم أصليا بعدم
قبول الدعوي، واحتياطيا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيا بنظر الدعوي ،
ومن باب الاحتياط الكلي برفض طلبات المطعون ضده الأول مع إلزامه بالمصروفات ومقابل
أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة
تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم أولاً : بضم الطعن رقم
2104 لسنة 31 ق عليا إلي الطعن 3068 لسنة 30 ق ليصدر فيهما حكم واحد ، ثانيا :
بقبول الطعن رقم 3068 لسنة 30ق عليا شكلا وباعتبار الخصومة فيه منتهيه ، مع إلزام
الجهة الإدارية الطاعنة بمصروفات هذا الطعن ، ثالثاً : بقبول الطعن رقم 2104 لسنة
31 ق عليا شكلا وبرفضه موضوعا مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة مصروفاته .
وقد عرض الطعن علي دائرة فحص
الطعون بجلسة 3/4/1989 حيث قررت الدائرة ضم الطعن رقم 2104 لسنة 31 ق عليا إلي
الطعن رقم 3068 لسنة 30ق عليا للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ، وتدول الطعنان
أمام الدائرة علي النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت الدائرة بجلسة
5/2/1990إحالة الطعن إلي هذه المحكمة وحددت لنظره جلسة 31/3/1990 ، وقد نظرت
المحكمة الطعن علي نحو ما هو ثابت بالأوراق والمحاضر وقررت إصدار الحكم بجلسة
24/11/1990 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 1/12/1990 حيث صدر فيها هذا الحكم
وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق
وسماع المرافعة وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن قد استوفي
أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر المنازعة
تخلص علي ما يبين من الأوراق في أن المدعي (المطعون ضده الأول) أقام الدعوي رقم
752 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة
بتاريخ 8 من يناير سنة 1981 طلب فيها الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي
بالامتناع عن سحب صك الشرعية الصادر من الأزهر في 21/5/1973 لدار الكتاب اللبناني
ببيروت بصلاحية ترجمة معاني القرآن الكريم لمرمدوك بكتال ، وعن عدم مصادرة تلك
الترجمة في مصر ، وفي الموضوع بإلغاء ذلك القرار مع ما يترتب علي ذلك من أثار ،
وقال المدعي شرحا لدعواه أنه عكف علي دراسة اللغات الأجنبية حقبة من الزمن فاجاد
اللغتين الإنجليزية والفرنسية وأضحي علي وعي وإدراك افحواهما ثم هداه الله لتدارس
أيات القرآن الكريم وتدبر معاينة الجليلة ، وشرع في ترجمة معانية إلي اللغتين
الإنجليزية والفرنسية ، وتوصلا للإجادة تدارس كتب التفسير والسنة والتراجم التي
صدرت ومنها ترجمة لمعاني القرآن الكريم كتبها المستشرق الصهيوني ( مرمدوك بكتال )
الذي تبين للمدعي أنه ترجم القرآن الكريم ترجمة حرفيه بعيده عن التعبير عن معني
المنطوق العربي الكريم، ثم تصرف في بعض المواضع تصرفات تنم عن التعمد في إهدار
حقيقة معني الكلمات العربية المباركة، حيث لجأ إلي ترجمتها ترجمة ملتوية ليقارب
بينها وبين بعض الذي جاء في التوارة الصهيونية ، كما لجأ إلي الاستشهاد بالتوارة
في صلب ترجمته لتفسير بعض الآيات الكريمة إلي درجة أن الأمر قد يلتبس علي القارئ
المسلم بطريقة تدعو إلي دق ناقوس الخطر من تلك الترجمة التي حشر فيها المترجم
الصهيوني العبارات التي وردت أصلا في التوراه اليهودية والانجليزية وعرفت بأنها من
مكونات تلك التوراه وقد لاحظ المدعي علي ترجمة بكتال أنه أخطأ في كثير من المواضع
في حين أن السلف ممن ترجموا معاني القرآن الكريم إلي الإنجليزية لم يخطئوا مثل
خطئه ، ومن هنا يبرز عنصر التعمد في التحرف ، واستطرد المدعي قائلا أن الأمر كان
يهون لو أن ترجمة بكتال وجدت معروضة في المكتبات الأجنبية شأنها في ذلك شأن بقية
الترجمات دون أن تتحلي بصك الشرعية الإسلامية الذي أصدره لها الأزهر الشريف ، وما
دام الأمر كذلك فإن الأمر يحتاج إلي وقفه ليقول القضاء كلمته ، ذلك أن ترجمة بكتال
المشار إليها قد صدرت بكتاب موجه من إدارة الأزهر الشريف بتاريخ 21/2/1973 إلي
مدير دار الكتاب اللبناني ببيروت ( ناشر كتاب بكتال) جاء فيه أنه تبين من فحص
الترجمة المذكورة أنها صحيحة وليس لدي إدارة البحوث والنشر ما يمنع من نشرها
وتداولها ولا ريب ما تضمنه هذا الكتاب هو شهادة رسمية بصلاحية الترجمة المشار
إليها للنشر والتداول ، في حين أنه استبان للمدعي من استقراء مقدمة تلك الترجمة أن
المستشرق اليهودي حاول منذ الاربعينات الحصول علي موافقة الأزهر الشريف بصلاحية
ترجمته للنشر ، وكانت محاولاته تبؤ بالفشل دائماً إلي أن نجح الناشر اللبناني في
التحصل علي صك الشرعية سالف البيان في عام 1973 علي الرغم من أن الدراسة المتأنية
لهذه الترجمة تكشف عن حقيقتها كمخطط صهيوني استهدف تحريف كتاب الله والنيل من
الإسلام ورفع شأن اليهود والصهيونية والتوراه المحرفه ، إذ هي زاخرة بمواضع الكفر
والزيف ، واستعرض المدعي المواضع المختلفة التي رأي فيها أن الترجمة جاءت فيها
محرفة عن معناها الأصلي لما ورد في القرآن الكريم، واختتم المدعي صحيفة دعواه
موضحا أن كتاب إدارة البحوث والنشر بالأزهر الذي ورد فيه أن الترجمة صحيحة وأنه
ليس ثمة ما يمنع من نشرها وتداولها قد جاء مخالفا لحكم المادة 15 من قانون إعادة
تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961 التي أوجبت علي مجمع البحوث الإسلامية تجريد
الثقافة الإسلامية من الشوائب وآثار التعصب السياسي والمذهبي وتجليتها في جوهرها
الأصيل الخالص فإذا كانت جهة الإدارة المدعي عليها قد انحرفت عن التزام أن تكون
ترجمة بكتال مطابقة لرأي أهل السنة والجماعة في تفسير القرآن الكريم وبعدها عما
يفسد العقيدة ، فمن ثم يكون اقرارها لهذه الترجمة مخالفا للقانون وهذا ما دفع
بالمدعي إلي إرسال طلب بتاريخ 3/11/1980 إلي المدعي عليه الثاني يطلب إليه سحب صك
الشرعية عن الناشر اللبناني ومصادرة الترجمة في مصر ، وإذ لم يستجب إلي هذا الطلب
فقد اضطر المدعي إلي إقامة الدعوي طالبا الحكم بما سبق بيانه من طلبات .
ومن حيث إن إدارة الشئون
القانونية بالأزهر قد ردت علي الدعوي بمذكرة جاء فيها إنه طبقا لأحكام القانون رقم
103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يمثلها ولائحته التنفيذية
الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 فإن إدارة الثقافة والبحوث
الإسلامية تختص بكل ما يتصل بالنشر وترجمة المؤلفات والدراسات التي تكتب في الخارج
عن الإسلام، وكذلك مراجعة الترجمات التي تصدر لمعاني القرآن الكريم واختيار احسنها
ولفت أنظار المسلمين إلي الانتفاع بها ، وفي حدود تلك الواجبات والاختصاصات عهد
إلي الإدارة المشار إليها بمجمع البحوث الإسلامية بفحص كتاب ( ترجمة معاني القرآن الكريم)
لمرمدوك بكتال ، وتولي هذه المهمة الأستاذ الدكتور أحمد عبد الواحد إبراهيم الذي
قدم تقريراً جاء فيه " أن هذه الترجمة من أصح الترجمات التي ظهرت لمعاني
القرآن الكريم، وفي نشرها نفع كبير وتيسير لفهم كتاب الله لقراء الإنجليزية من
المسلمين والراغبين في معرفة الإسلام ولقد وافق مدير إدارة البحوث الإسلامية في
28/8/1972 علي السماح بتداول الكتاب معقباً بأن المؤلف وفق إلي حد كبير ، وأن كانت
تعوزه كثير من الإيضاحات في بعض المواضع ، وهذا غير قادح في عمل كهذا ، وقد اتبع
ذلك موافقة وكيل الوزارة والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في 30/9/1972 وبناء
علي ذلك فقد أرسلت إدارة البحوث الإسلامية والنشر كتابها المؤرخ 21/2/1973 إلي دار
الكتاب اللبناني في بيروت متضمناً أنه تبين من فحص الترجمة المذكورة أنها صحيحة
وأنه ليس لدى إدارة البحوث مانع من نشرها وتداولها وأضافت المذكرة أن اعتراضات
المدعى على المؤلف وعلى التصريح به قد أحيلت إلى الأستاذ عبد الجليل شلبي الأمين
العام لمجمع البحوث الإسلامية وانتهى فيها الى أن الكتاب به بعض الأخطأ مما لا
تخلو منه ترجمة قرآنية ولكنها لا تمنع من تداوله، ثم قدم فضيلته تقريرا آخر انتهى
فيه إلى أنه باستقراء ما حرره المدعى من ترجمة بكتال تبين له أن المدعى(المطعون
ضده) قد أخطأ في نقده لهذه الترجمة وأخيراً فقد تقدم فضيلته بتقرير ثالث جاء فيه
أن المدعى أحمد عبد اللطيف العباد سبق له التقدم بترجمة لمعانى القرآن الكريم وأنه
لا يرشحها للنشر نظرا لما شابها من أخطاء وأضافت المذكرة أنه يتضح مما تقدم أن
الأزهر قد أولى الموضوع عناية واهتماما حرصا منه على الإسلام وأنه قد انتهى في
حدود الاختصاصات المخولة له قانونا وبعد الرجوع إلى الأساتذة المتخصصين في هذا
المجال الى التصريح بنشر هذه الترجمة لمعاني القرآن الكريم، كما أولى الأزهر
اهتمامه بالاعتراضات التى أبداها المدعى على الترجمة وبحثها وانتهى فيها إلى خطأ
المدعى فيما أبداه، وبناء على ذلك فقد أيد قراره الأول بنشر الكتاب وتداوله ولا
ريب أن الأزهر بما يتوافر لديه من رصيد فقهي فقد رد على جميع هذه الاعتراضات وهو
مطمئن الى سلامة موقفه عندما صرح بنشر وتداول الكتاب، وأودعت إدارة الأزهر حافظة
مستندات انطوت على تقرير مؤرخ 28/8/1972 مقدم من الدكتور أحمد عبد الواحد إبراهيم
عن الكتاب موضع النزاع وجاء فيه أن هذه الترجمة من أصح الترجمات التى ظهرت لمعاني
القرآن الكريم، وأن في نشرها نفع كبير وتفسير لفهم كلام الله من قراء الإنجليزية
من المسلمين ومن الراغبين في معرفة الإسلام، وكلك صورة ضوئية من التقرير التفصيلي
الذى قدمه الدكتور عبد الجليل شلبي بالتعقيب على الاعتراضات التى أبداها المدعى
على ترجمة بكتال،كما عقب المدعى على ما تقدم بإيداع مذكرتين بدفاعه وسبع حوافظ
مستندات تدور جميعها حول المواضيع التي يرى فيها أن يروى فيها أن الترجمة قد شابها
أخطاء تحرف معنى القرآن الكريم وذلك على التفصيل اللغوى الذى حوته هذه المذكرات
جميعاً وقد عقبت إدارة الأزهر على ما تقدم بمذكرة أوضحت فيها أنه بالنسبة للترجمة
محل الطعن فان الأزهر يرى أنها كغيرها من الترجمات مجرد عمل إنساني مهما بلغ
المترجم له من القوة والدقة والحرص على عمله،فانه لا يسلم مما يؤخذ عليه من شخص
آخر يختلف معه في الفهم والتعبير عما يفهم، وأن هذه الترجمة لا تخلو من هنات
ولكنها أفضل من غيرها في هذا المضمار وأن ما بها من هنات لا يحول دون تداولها
والانتفاع بها حيث لا يبعد بها عن المعنى الذى يمكن أن يتحمله النص القرآني ولا
يتعارض معه، ومن هذا المنطلق فقد أصدر الأزهر التصريح بتداول هذه الترجمة.
ومن حيث أن المحكمة قد خلصت
من جماع ما تقدم الى أن موضوع الدعوى هو الطعن في القرار السلبي للأزهر الشريف
بالامتناع عن سحب قراره باعتماد ترجمة مرمدوك بكتال لمعانى القرآن الكريم وتصريحه
بنشر هذه الترجمة وتداولها، وأن المدعى يطالب بوقف تنفيذ هذا القرار وإلغائه مع ما
يترتب على ذلك من آثار، وخلصت المحكمة إلى أن الطعن في القرارات السلبية لا يتقيد
بميعاد وأنه بذلك تكون الدعوى مقبولة شكلا، واستطردت المحكمة إلى القول أنه
بمطالعة الترجمة موضوع الدعوى يبين أنها ليست في حقيقتها ترجمة لمعاني القران
الكريم كما أطلق عليها من قام بها، وانما هى ترجمة حرفية لسور القرآن وآياته، ومن
ثم فقد أضحى من الضروري ان تكون هذه الترجمة على أكبر قدر من الدقة
ومن حيث أن المحكمة قد خلصت
من جماع ما تقدم الى أن موضوع الدعوى هو الطعن في القرار السلبي للأزهر الشريف
بالامتناع عن سحب قراره باعتماد ترجمة مرمدوك بكتال لمعاني القرآن الكريم وتصريحه
بنشر هذه الترجمة وتداولها، وأن المدعى يطالب بوقف تنفيذ هذا القرار وإلغائه مع ما
يترتب من آثار، وخلصت المحكمة الى أن الطعن في القرارات السلبية لا يتقيد بميعاد
وأنه بذلك تكون الدعوى مقبولة شكلا، واستطردت المحكمة الى القول أنه بمطالعة
الترجمة موضوع الدعوى يبين أنها ليست في حقيقتها ترجمة لمعاني القرآن الكريم كما
أطلق عليها من قام بها، وانما هى ترجمة حرفية لسور القرآن وآياته، ومن ثم فقد أضحى
من الضروري أن تكون هذه الترجمة على أكبر قدر من الدقة بحيث لا تعطى لآيات القرآن
الكريم معنى أو مدلولا غير ذلك الذى قصده الله تعالى في كتابه العزيز، وأنه لما
كان البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى والأزهر الشريف قد اتفقا على أن الترجمة
موضوع الدعوى قد تضمنت عدة أخطاء تعرض لها الدكتور عبد الجليل شلبي في تقريره
المودع حافظة مستندات الأزهر المقدمة بجلست 23/6/1981 وأنه بناء على ذلك فإن مجرد
ترجيح مظنه وقوع هذه الأخطاء كاف بذاته لتحقيق ركنى الجدية والاستعجال في طلب وقف
تنفيذ القرار المطعون فيه، إذ لا محل للاستمرار في التصريح بنشر وتداول موضوع
الدعوى رغم ما تستظهره المحكمة من بادى الأوراق من أنها انطوت على العديد من
الأخطاء، وهذا أمر لا يقدح فيه ما تذهب إليه إدارة الأزهر من أن هذه الأخطاء ليست
بذات أهمية، ذلك أن مجرد وقوع خطأ في ترجمة ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه توجب
المبادرة إلى حجب أي ترخيص صادر من جهة رسمية بنشر وتداول الترجمة درءا لأضرار
بالغة قد تلحق بالإسلام والمسلمين من جراء هذا الترخيص بما يسبغه عليها من صبغة
السلامة والصحة، ولا ريب في أن الامر يصبح أدق أثر وأعظم خطرا إذا كانت الجهة التى
أصدرت هذا الترخيص هى الأزهر الشريف ، وهو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التى
تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره وحمل رسالة الأمانة الإسلامية
إلى كل شعوب…… وأنه لما كان قد توافر بذلك في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه
الركنان المتطلبن قانونا لاجابته، فمن ثم فقد انتهت المحكمة الى القضاء بوقف تنفيذ
هذا القرار مع إلزام الأزهر بمصروفات هذا الطلب.
ومن حيث إن عن طلب الإلغاء
فقد رأت المحكمة أن موضوع النزاع ينحصر في التحقق مما إذا كانت الترجمة موضوع
المنازعة هى ترجمة دقيقة وصحيحة جاءت مطابقة لألفاظ القران الكريم والتزمت معانيه
أم أن ثمة خطأ قد شابها يما يخرج بها عما استهدفه القرار الصادر بالتصريح بنشرها
وتداولها من تحقيق خير الإسلام والمسلمين حيث يتم التعريف بكتاب الله العزيز
الحكيم لغير المتحدثين باللغة العربية، ورأت المحكمة قبل الفصل في هذا الطلب أن
تعهد إلى أحد الأساتذة المختصصين في علوم اللغة والدين بمراجعة الترجمة التى أعدها
المستشرق مرمدوك بكتال، وبين ما يكون قد اعتورها من أوجه نقص أو قصور أو شابها من
خطأ ينأى بها عن الفهم الصحيح لآيات القرآن الكريم وذلك بغيه التحقق من سلامته
وصلاحيتها للنشر والتداول، واختارت لأداء هذه المهمة الأستاذ الدكتور مهدى علام
على أن يكون له أن يستعين فيما عهد إليه به بمن يراه من الأساتذة المختصصين في
الشئون الدينية واللغتين الإنجليزية والعربية، وانتهت المحكمة الى القضاء بقبول
الدعوى شكلا وفى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى
الأستاذ الدكتور مهدى علام ليقدم تقريرا في مدى سلامة الترجمة موضوع الدعوى
وصلاحيتها للنشر على أن يكون له أن يستعين بمن يراه من المختصصين، وعلى المدعى
عليه الثاني (شيخ الأزهر) إيداع أمانة قدرها خمسة آلاف جنيه لحساب مصروفات الخبرة
وأتعابها على أن يقدم التقرير خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع الأمانة، وحددت لنظر
الدعوى جلسة 11/9/1984 في حالة إيداع الأمانة، وجلسة 11/12/1984 في حالة إيداعها.
ومن حيث إنه بتاريخ 4من
يوليو سنة 1984 أودع المدعى أحمد عبد اللطيف العبار قلم كتاب محكمة القضاء الإداري
طلبا برد الخبير، وجاء بطلبه أن الدكتور مهدى علام يتعاون مع الأزهر الشريف وله
مصلحة مادية مع مجمع البحوث الإسلامية في إخراج التفسير الوسيط للقرآن الكريم
الصادر من المجمع، فضلا عن أنه عضو في المجمع المذكور الذى قرر صلاحية الترجمة
المطعون في صحتها، كما أودع المذكور مذكرة جاء بها أنه اطلع مؤخرا على حديث
الدكتور مهدى علام في عدد جريدة الأهرام الصادر بتاريخ 26/11/1976 أبدى فيه رأيه
في ترجمة مرمدوك بكتال مع ترجمات أخرى، وقدم في هذا الحديث الأعذار لبكتال عن
الأخطاء التى تضمنتها ترجمته وبناء على ذلك فإنه يطلب برد هذا الخبير.
ومن حيث إنه بجلسة
30/10/1984 حكمت المحكمة برفض طلب تغيير الخبير المعين في الدعوى مع تغريم طالب
الرد مبلغ عشرة جنيهات، وأقامت المحكمة قضاءها هذا على أن الأسباب التى أوردها
طالب الرد لا تنهض مبررا لرد الخبير وفقا لحكم المادة 141 من قانون الإثبات رقم 25
لسنة 1968 التى عدد على سبيل الحصر الحالات التى يجوز فيها رد الخبير، وليس من
بينها الأسباب التى ساقها طالب الرد من قيام تعاون علمي أو ثقافي بين الخبير
والأزهر الشريف، وحددت المحكمة جلسة 11 من ديسمبر سنة 1984 لنظر طلب الإلغاء حيث
تداولت الدعوى أمامها على النحو الثابت بالمحاضر، وقد أودع الحاضر عن الأزهر
الشريف مذكرة بدفاعه عرض فيها لمسألة تحميله وهو المدعى عليه بأمانة الخبير وأوضح
أنه الخبير وأوضح أنه يعفى من أداء هذه الأمانة طبقا لنص المادة 50 من القانون رقم
90 لسنة 1944 والمادة الثالثة من القرار الجمهوري رقم 549لسنة 1959 بشأن الرسوم
أمام مجلس الدولة ذلك أنه طعنا لهذين النصين فان الهيئات العامة تعفى من أداء
الرسوم القضائية وأمانة الخبير تأخذ حكم هذه الرسوم، وفضلا عما تقدم فان القضاء
جرى في الأغلب الأعم من أحكامه التمهيدي على أنه إحالة الدعوى إلى الخبرة فان
المدعى هو الذى يلزم بدفع الأمانة التى تحددها المحكمة دون المدعى عليه، ودفع
الأزهر بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، كما دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها
من غير ذى صفة لان القرار المطعون فيه لا يمس مركزا ذاتيا للمدعى، وأخيرا فقد دفع
بعدم قبول طلب الإلغاء لانتفاء القرار السلبي، وأساس ذلك أن رأى إدارة البحوث
والنشر بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في شأن صلاحية كتاب معاني القرآن الكريم
لمرمدوك بكتال للنشر والتداول لا يعدو أن يكون من قبيل التوصيات ولا يعتبر قرارا
إداريا، وعرض الأزهر أوجه دفاعه عن القرار المطعون فيه فأوضح أن ترجمة القرآن
الكريم لا تكون إلا بالمعنى لا بالفظ، حيث تستعصي ترجمة القرآن ترجمة لفظية أو
حرفية، وأن ترجمة معاني القرآن لا تعتبر في حقيقتها قرآنا لأنها مجرد بيان للمعاني
المستفادة من آيات القرآن وهذه المعاني اجتهادية، وإذا كان الأمر كذلك فان مناط
الفهم الشرعي المطابق للواقع هو مهمة العلماء، وهم في قيامهم بهذه المهمة لا
يقومون بها كوظيفة بأجر وإنما هى مهمة عقائدية أساسها تقوى الله في أمر الدين
الإسلامي الحنيف وما يستشف من كتاب الله العلى القدير من معاني ودلالات، وهم فوق
ذلك الاعتبار العقائدي من العلماء المتخصصين في العلوم الإسلامية والعربية واللغات
الأجنبية، وقولهم في الشأن هو القول الفصل، ولا يمكن أن يكون للقضاء بما لديه من
قدره مراجعة هؤلاء العلماء فيما انتهوا إليه، خصوصا وأن الرأى الذى تصل إليه إدارة
البحوث والنشر بمجمع البحوث الإسلامية لا تنتج عن جهد فرد عادى، وإنما عن جهد عالم
متخصص يقوم بالفحص ويعرض تقريره في هذا الشأن على لجنة من العلماء المتخصصين
يناقشون كل ما وصل إليه ثم ينتهى الأمر بالوصول الى النتيجة التى تعبر عن تلك
الإرادة وأودع الأزهر تأييدا لدعواه حافظة مستندات تضمنت تقريرا خطيا من صفحتين مؤرخ
في مايو سنة 1982 مرفوع من الأستاذ على حسن عبد القادر الى صاحب الفضيلة الأمام
الأكبر شيخ الجامع الأزهر ضمنه رأيه في ثلاث تراجم للقرآن الكريم، ومن بينها ترجمة
القرآن للإنجليزي المسلم مرمدوك بكتال، وهى الترجمة المطعون في صحتها، ويقول فيها
كاتب التقرير أن هذه الترجمة في مستوى ترجمة يوسف على وهى ليست ترجمة لفظية، وهى
تؤدى معاني القران في سهولة ويسر وفي لغة إنجليزية مقبولة صحيحة لدى قراء
الإنجليزية وفي سهولة من غير تعقيد، وليس في هذه الترجمة تعليقات مثل الترجمة
الأولى ولكنها أكثر إيجازا وتبسيطا، وقد روجعت هذه الترجمة من العلماء في مصر، كما
أنها طبعت كثيرا وانتشرت شرقا وغربا ووجدت قبولا عند الناس .
ومن حيث إنه بجلسة 13/3/1985
قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعى عليه الأول والثالث والرابع وفي
الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت المدعى عليه الثاني(الأزهر الشريف)
بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أسباب حاصلها أنها إذ قضت في حكمها الصادر
بجلسة 26 من يونيو سنة 1984 بقبول الدعوى شكلا وفي اطلب المستعجل بوقف تنفيذ
القرار المطعون فيه، فمن ثم يصبح من المتعين أعمالا لحجة هذا الحكم الالتفات عما
آثاره الأزهر الشريف من دفوع تتعلق بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى أو عدم
قبول الدعوى لانتفاء القرار المطعون فيه أو لرفعها من غير ذى صفه، واستطردت
المحكمة في موضوع الدعوى الى القول أنها كانت قد أقامت قضاءها بوقف تنفيذ هذا
القرار على أسباب حاصلها أنه بمطالعة الترجمة موضوع الدعوى يبين أنها ليست في
حقيقتها ترجمة لمعاني القرآن الكريم كما أطلق عليها من قام بها وسايره في ذلك
المدعى عليه الثاني، وإنما هى في حقيقتها ترجمة حرفية لسور القرآن، ومن ثم فقد
أضحى من الضروري أن تكون هذه الترجمة على أكبر قدر من الدقة حتى لا تعطى لآيات
القرآن الكريم معنى أو مدلولاً غير الذى قصده الله تعالى في كتابه العزيز، ولقد
ثبت لدى المحكمة أن الأزهر الشريف والمدعى اتفقا على أن هذه الترجمة تضمنت جملة
أخطاء عدد بعضها الدكتور عبد الجليل شلبي في تقريره المودع حافظة مستندات الحكومة
المقدمة بجلسة 23/6/1981،وأن مجرد ترجيح مظنه وقوع هذه الأخطاء كاف بذاته لتحقيق
ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إذ لا محل للاستمرار في التصريح
بنشر وتداول الترجمة موضوع الدعوى رغم ما تستظهره المحكمة من بادئ الأوراق من أنها
انطوت على العديد من الأخطأ، ولا يقدح في ذلك ما ذهب إليه الأزهر الشريف من هذه
الأخطاء ليست بذات أهمية، إذ أن مجرد وقوع خطأ في ترجمة ألفاظ القرآن الكريم
ومعانيه توجب المبادرة إلى حجب المبادرة أي ترخيص يصدر من جهة رسمية بنشر أو تداول
هذه الترجمة درءا للأضرار البالغة التى قد تلحق بالإسلام والمسلمين من جراء صدور
هذا الترخيص بما يسبغه عليها من صفه السلامة والصحة، ولا ريب فى أن الأمر يصبح أدق
أثرا وأعظم خطرا إذا كانت الجهة التى أصدرت هذا الترخيص هى الأزهر الشريف وهو
الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التى تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته
وتجليته وحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب…… وفقهيه من اطلاقات هذه
الإدارة تصدره بعد الرجوع الى العلماء المتخصصين في العلوم الإسلامية والعربية
باعتبارهم أقدر من غيرهم على الوصول إلى صحيح حكم الشرع الإسلامي واستطرد الطعن
إلى القول بأن منع النشر والتداول في مصر مخول لغير الأزهر في ظل قانون المطبوعات
المعمول به حاليا، فهو من اختصاص مجلس الوزراء وفقا لحكم المادتين 9،10 من القانون
رقم 20 لسنة 1936 في شأن المطبوعات، والبادى من الدعوى التى صدر فيها الحكم
المطعون عليه إنها لم ترفع طعنا على القرار إيجابي أو سلبي صادر من مجلس الوزراء
الأمر الذى كان يتعين معه عدم قبول الدعوى شكلا فضلا عن عدم اختصاص المحكمة ولائيا
بهذه المنازعة ولهذا فإن الطاعن مازال متمسكا بهذا الدفع يطرحه على محكمة الطعن،
وأضاف الطاعن بافتراض أن رأى إدارة البحوث والنشر بمجمع البحوث الاسلامية يعتبر من
القرارات الادارية، فان هذا القرار لا يمس مركزا من المراكز القانونية المقررة
للمطعون ضده، ومن ثم فان دعواه تكون مرفوعة من غير ذى صفة ولا مصلحة له في إقامتها
وتكون بالتالي غير مقبولة، وإذا كان الثابت أن رأى إدارة البحوث والنشر قد صدر
بتاريخ 21/2/1973 ولم يرفع المطعون ضده دعواه ألا بتاريخ 18/1/1981 أي بعد ميعاد
الطعن بالإلغاء، فقد كان من المتعين الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا لإقامتها بعد
الميعاد، ولا يشفع له أنه أقام دعواه بعد تقديم شكواه إلى الأزهر بمناسبة رفض
ترجمته لمعاني القرآن تقدم بها للادارة وذلك لان المواعيد المشار اليها من النظام
العام وتقضى بها المحكمة من تلقاء نفسها.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن
فقد أفاد الطاعن بأن الله سبحانه وتعالى قد أنزل القرآن الكريم على رسوله "
محمد صلى الله عليه وسلم" معجزة نظما ومعنى وهو مستعصى على أي مخلوق، وقد
أختلف علماء المسلمين في تحديد بعض المعاني المقصودة في العديد من الآيات عند
تفسيره منذ نزوله حتى الآن، وقد استقر لدى علماء المسلمين أن ترجمة القرآن الكريم
تكون بالمعنى لا باللفظ لأن ترجمة القرآن لا يجوز اعتبارها قرآنا، وإنما هى تقريب
لمعانيه واجتهاد في تفصيل هذه المعاني إلى غير الناطقين باللغة العربية، وأنه
يستعصى ترجمة القرآن ترجمه حرفيه أو لفظيه،ولا تخلو أي ترجمة لمعاني القرآن من
أخطاء اتساقا مع بشرية هؤلاء المترجمين ولصعوبة هذه المهمة ونظرا للخلاف في تحديد
المعاني من قبل علماء المسلمين عند تفسير القرآن الكريم فانه يسمح بنشر وتداول
أقرب تلك الترجمات إلى المعاني المقصودة من الآيات الدعوة والتعريف بالإسلام من
خلال ترجمه معاني القرآن الكريم، وأن في استحالة العصمة من الخطأ نظرا لان الخلاف
البشري في الفهم يتسع ليشمل جميع جوانب الحياة بما فيها التفسير والترجمة لهو أمر
يحول دون القول بحجب الجهد الفكري البشرى عن النشر على ضوء ما يقره العلماء
المتخصصون أو يسمحوا بنشره وتداوله، ومن هنا فان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه
يتنافى مع تحقيق مناط الفهم الشرعي المطابق للواقع، وهذا الامر يتماثل مع منح
الدرجات العلمية من ماجيستير ودكتوراه بل وأكثر جهدا في المراجعة والبحث للوصول
الى النتيجة، بديهى أن الدرجات العلمية التى يتم الحصول عليها على ضوء النتائج
العلمية التى توصل اليها الباحث قد لا تخلو من أخطاء أو مع ذلك يقدر العلماء عدم
خطورتها ويتم مع قيامها التصريح بالنشر والتداول شأنها شان أبحاث الترقيات
الجامعية خاصة ما يتعلق منها بالدراسات الإسلامية والعربية بما فى ذلك أحيانا
تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة وسائر علوم القرآن والسنة وترجمة
معانى القرآن والسنة وترجمة معانى القرىن ومن هذا يتضح أن وجود بعض الأخطاء أو
الهنات التى يرى العلماء المتخصصين أنه لا مانع معها من النشر والتداول لا يستلزم
أى خطر على مسلكهم في هذا الشأن بأحكام تصدر عن القضاء والتبعه في ذلك تقع على
هؤلاء العلماء بما يحملون من أمانة العلم وحسابهم فى ذلك عند الله علام الغيوب،
وخلص الطاعن الى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه واصليا بعدم قبول الدعوى
واحتياطيا بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائيا بنظر الدعوى ورفض طلب المطعون ضده
الأول مع الزامه بالمصروفات عن درجتى التقاضى.
ومن حيث أن الأزهر وفقاً
لاحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة الأزهر والهيئات التى يشملها هو
الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التى تقوم على حفظ التراث الاسلامى ودراسته
وتجليته ونشره وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار
حقيقة الاسلام وأثره في تقدم البشر ورقى الحضارة….
كما تهتم ببعث الحضارة
العربية والتراث العلمى والفكرى للأمة العربية… وشيخ الازهر هو الأمام الأكبر
وصاحب الرأى في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام وله
الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية وقد عددت المادة 8 من القانون
هيئات الازهر ومن بينها مجمع البحوث الإسلامية وإدارة الثقافة والبعوث الإسلامية،
وحددت المادة 25 من القانون اختصاصات إدارة الثقافة والبعوث الإسلامية بحيث تختص
بكل ما يتصل بالنشر والترجمة والعلاقات الاسلامية من البعوث والدعاة واستقبال طلاب
المنح وغيرهم من ذوى العلاقة فى نطاق أغراض الأزهر على أن تبين اللائحة التنفيذية
لهذا القانون تفصيل ذلك ووسائل تنفيذه، وإعمالا لما تقدم فقد صدر القرار الجمهورى
رقم 250 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 المشار إليه ونصت
المادة 38 منها على أن إدارة الثقافة والبعوث الإسلامية هى الجهاز الفنى لمجمع
البحوث الإسلامية، كما نصت المادة 39 من ذات اللائحة على أن تباشر هذه الإدارة
اختصاصاتها
1- إدارة البحوث
والنشر. 2- إدارة البعوث الإسلامية. 3- إدارة الدعوى والإرشاد، وعددت المادة40 من
اللائحة المشار إليها اختصاصات إدارة البعوث والنشر ومن بينها مراجعة المصحف
الشريف والتصريح بطبعه وتداوله، فحص المؤلفات والمصنفات الإسلامية أو التى تتعرض
للإسلام وإبداء رأيها فيما يتعلق بنشرها أو تداولها أو عرضها مراجعة الترجمات
الموجودة لمعانى القرآن الكريم واختيار أحسنها ولفت أنظار المسلمين إلى الانتفاع
بها.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم
أن الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى يرأسه الأمام الأكبر شيخ الجامع
الأزهر صاحب الرأى في كل ما يتصل بشئون الإسلام وعلومه، وهو يمارس صلاحيته المشار
إليها عن طريق هيئاته المختلفة وإدارته المتعددة ومن بينها مجمع البحوث الإسلامية
الذي يقوم بتنقية الثقافة الإسلامية من الشوائب وآثار التعصب السياسي والمذهبي
وتجليه مبادئ الإسلام وأحكامه وتراثه الفقهي والفكري في جوهرها الأصيل الخالص،
ولقد حددت اللائحة التنفيذية علي سبيل الحصر الحالات التي يختص فيها الأزهر بإصدار
قرارات بالتصريح بالطبع كما هو الحال في طباعة المصاحف وكذلك الحالات الأخرى التي
يتعين عليه أن يبدي رأيه فيها بالموافقة أو القبول علي النشر أو التداول أو العرض
، ويشمل ذلك المؤلفات التي تتعرض للإسلام بالإضافة إلي مراجعة الترجمات القائمة
لمعاني القرآن الكريم واختيار أحسنها . ولفت أنظار المسلمين للانتفاع بها، وفى غير
ذلك فان ما يصدر من الأزهر من أراء فتاوى وتوجيه لا يعدو فى كل الأحوال أن يكون
رأيا فقهيا يبديه في مجال الدعوة والإرشاد والتوجيه ونشر الثقافة الاسلامية
والتعريف بها، وهذه مهمة فنية وعلمية وفقيية من اطلاقات هيئات الازهر تقوم بها
وتنتهى فيها الى رأى بعد الرجوع الى العلماء المتخصصين فى العلوم الاسلامية
والعربية باعتبارهم أقدر من غيرهم على الوصول الى صحيح حكم الشرع الإسلامي، وغنى
عن البيان أن مثل هذا العمل الفكرى لا سبيل الى الاعتراض عليه إلا بعمل فكرى مماثل
يكون لكل مسلم وصاحب رأى أو اجتهاد أن يدلى بدلوه فى الموافقة أو الرفض أو
التعقيب، فباب الاجتهاد والعمل الفكرى والابداعى فى هذا الشأن مفتوح لكل مسلم دون
قيد لا يحده إلا أن يجئ عملاً خالصا لوجه الدين والشريعة يناقش الحجة بالحجة يقيم
وينقد ويتعرض فى حدود الاصول والقواعد وأدب الحوار، ومن هنا فليس صحيحا ما خلص
إليه الحكم المطعون فيه من أن موضوع الدعوى هو الطعن فى القرار السلبى للأزهر
بالامتناع عن سحب قراره باعتماد ترجمة مرمدوك بكتال لمعانى القرآن الكريم وتصريحه
بنشر هذه الترجمة وتداولها وأن المدعى(المطعون ضده) يطالب بوقف تنفيذ هذا القرار
وإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبذلك فان الطعن يكون مقبولا شكلا لأن الطعن
فى القرارات السلبية لا يتقيد بميعاد، فالقرار السلبى لا يقوم وفقا لصريح نص
المادة 10/14 من قانون مجلس الدولة إلا إذا رفضت السلطة الإدارية أو امتنعت عن
اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح والحال هنا أن
اختصاص إدارة البحوث والنشر بوصفها الجهاز الفنى لمجمع البحوث الإسلامية بإصدار
قرارات إدارية سواء بالتصريح بطبع المصاحف أو الموافقة على نشر أو تداول أو عرض
المؤلفات الإسلامية هو اختصاص صريح ورد النص عليه على سبيل الحصر، أما باقى
الاختصاصات سواء ما كان منها منصوصا عليها بشكل عام فى القانون أو بطريقة تفصيلية
فى اللائحة التنفيذية فهى مجرد تعداد للمهام والأغراض التى يقوم بها الأزهر
وهيئاته عن طريق البحوث الفقهية وتحديد السياسات التى تتبع لتحقيق مهام الحفاظ على
التراث الإسلامي وتطويره وتنقيته وتجليته والتعريف به، فلا يهدف بها الى إنشاء
مراكز قانونية بموجب قرارات إدارية صريحة أو ضمنية بحيث يعتبر امتناعها عن ترجيح
رأى على رأى أو اختيارها لتفسير ما تراه اقرب إلى الصواب،هو امتناع عن اتخاذ قرار
كان من الواجب اتخاذه قانونا، فمثل هذا القول ينبنى على مجرد افتراض وخطأ قانونى
لانعدام السند الذى يقوم عليه من وجود نص يجعل المهمة الجليلة للإدارة المذكورة في
البحث والمراجعة والترجيح على أساس من العلم الصحيح فى مجال تخصصها محل الزام حتمى
بإصدارها قرار ومحدد المحل فيما اناطه بها المشروع من عمل قومى ودينى وعلمى جليل القدر
وسامى الغايات يؤديه العاملون فيها والمعاونون لها تحت الأشراف الأعلى للأمام
الأكبر شيخ الجامع الأزهر وصاحب الرأى الأول فى كل ما يتصل بشئون الإسلام وعلومه،
كما أن هذا الزعم يشكل قيدا على حرية التأصيل بالبحث والاجتهاد ويؤدى اعاقه لعمل
هذا المجمع العلمى الإسلامى وينظم للقضاء فى نطاقه العمل الفكرى والإبداع العقلى
الذى يتعين أن يحاط بأكبر قدر من ضمانات الحرية للعلماء الباحثين الفاقهين
والمتخصصين ذوى الضمائر الاسلامية النزيهه المتعلقة بالجانب العقائدى والدينى كما
أن ذلك لا يشكل مصادره حق الأفراد فى نقد هذه الآراء بعد دراستها ومناقشتها أو
الاعتراض عليها فسبيلهم إلى ذلك الدراسة العميقة المتأنية والتفكير المنهجى السليم
وإبداء الرأى بجميع وسائل التعبير دينيا بالكتابة والقول وهذا مجال مفتوح لكل عالم
ناقد جاء حريصا على صالح الدعوة الإسلامية وأحكام الشرع والدين.
ومن حيث إنه متى كان الأمر
كذلك فإن طعن المدعى من البداية يكون في حقيقة الأمر منصبا على القرار الايجابى
الصادر من الأزهر الشريف بالموافقة على الترجمة محل النزاع وعلى تداولها ومن ثم
فقد كان يتعين على الحكم الطعين تبعا لذلك وقبل التصدى للموضوع بالبحث فى مدى قبول
هذه الدعوى شكلا وما إذا كانت مقامه في المواعيد المقررة قانونا لإقامة دعوي
الإلغاء .
ومن حيث إنه بالاطلاع على
القرار المطعون فيه يبين أنه قد صدر فى تاريخ 21 من فبراير 1973، وإذ كان لا يبين
من الأوراق متى اتصل هذا القرار بعلم المدعى(المطعون ضده) علما يقينيا شاملا لكل مكوناته إلا الثابت أن القدر المتعين
والذى يتعين مراعاة احتساب بدء سريان مواعيد دعوى الإلغاء ابتداء منه هو ذلك
التاريخ الذى يثبت بما لا يدع مجالا لأى شك أن المذكور قد علم علم يقينيا بالقرار
ناف للجهالة بمحله وأسبابه وسنده وأنه تظلم من صدوره وأن الأزهر قد أخذ شكواه
واعتراضاته مأخذ الجدية وعكف على دراسة كل ما أثاره المذكور من أخطاء ونسبتها
للترجمة موضوع الطعن، ثم أخطره الأزهر برفض اعتراضاته صراحة وبناء على ذلك فانه اعتبارا من هذا
التاريخ يبدأ حساب مواعيد دعوى الالغاء توصلا الى تحديد مدى كونها مقامة فى
المواعيد التى حددها القانون.
ومن حيث أنه بالاطلاع على
حافظة مستندات المدعى(المطعون ضده) المودعه أمام محكمة القضاء الادارى
بتاريخ4/7/1984 فانه يبين أن المذكور كان قد اطلع على الترجمة المنشورة المرفق بها
صورة من القار المطعون فيه فى مقدمه الطبعة وأنه بادر بالاعتراض عليها وتقدم بشكوى
الى مجمع اللغة العربية بتاريخ 6/12/1976، وعرضت هذه الشكوى على مجلس المجمع
بجلسته المنعقدة بتاريخ2/5/1977 فقرر أن هذا الموضوع يدخل فى اختصاص مجمع البحوث
الإسلامية وطلب أمين مجمع اللغة العربية فى كتابه رقم 557 المؤرخ 8/5/1977 من
السيد/أحمد عبد اللطيف العباد المطعون ضده أن يتصل بمجمع البحوث الاسلامية فى هذا
الشأن.
كما إن الثابت من كتاب لجان
الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب رقم 121 بتاريخ 9/5/1978 والموجه الى المطعون ضده
أن العريضة المقدمة منه الى مجلس الشعب قد أحيلت الى مكتب السيد رئيس الوزراء الذى
أفاد مجلس الشعب بكتابه رقم 2703 بتاريخ 3/5/1978 أنه بمخابرة وزارة الأوقاف وشئون
الأزهر فقد أفادت بأن فضيلة شيخ الأزهر بأن مجمع البحوث الاسلامية لاحظ أن الأخطاء
التى أحصاها المدعى (المطعون ضده) على الترجمة لا تستحق مصادرة هذه الترجمة، كما
أنه سبق للمطعون ضده أن تقدم للأزهر بترجمة للقرآن الكريم للترخيص له بنشرها وقد
رفض الأزهر التصريح بنشرها.
ومن حيث أن بناء على ما سلف
بيانه من أن حقيقة تكييف الدعوى التى أقامها المطعون ضده أمام محكمة القضاء
الإدارى وفيها طعن الإلغاء فى قرار التصريح بطبع الترجمة محل النزاع ولا يوجد ثمه
قرار سلبى بالمعنى القانونى الصحيح هو موضوع الطعن فى تلك الدعوى من حيث إن الثابت
من الأوراق أن المطعون ضده كان قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 8
من يناير سنة 1981 بعد أن كان قد أخطر برفض شكواه بتاريخ 9/5/1978، ومن ثم فإن
دعواه تكون قد أقيمت بعد الميعاد الذى حدده القانون مما كان يتعين معه الحكم بعدم
قبولها شكلا لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إنه وقد قضى الحكم
المطعون فيه بخلاف ما تقدم فقد جانب الصواب وأخطأ فى تطبيق صحيح أحكام القانون ومن
ثم يتعين القضاء بإلغائه وبعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد القانونى
والزم المطعون ضده بالمصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول طعن شكلا
وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد
والزمت المطعون ضده بالمصروفات.