مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك


مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماهدخول

القانون المصرى

محمد جمعه موسى للمحاماه *جمهوريه مصر العربيه - محافظه البحيره - رشيد *01005599621- 002-01227080958-002

كتاب الحق في العقاب

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد

descriptionجديدكتاب الحق في العقاب

more_horiz
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

1-
تمهيد وتقسيم :


تمثل مكافحة الظاهرة الإجرامية والحد منها
الهدف الأسمى الذي يرمي إليه كافة المهتمين بتلك الظاهرة ، وبلوغ تلك الغاية أو
الفشل في
ه مقياس على مدى نجاح السياسة الجنائية المتبعة
داخل المجتمع.






وللسياسة الجنائية - بحسبانها
العلم الذي يهدف إلى استقصاء حقائق الظاهرة الإجرامية للوصول إلى أفضل السبل إلى
مكافحتها - مراتب تبدأ بالمستوى القاعدي المتعلق بشق التجريم من القاعدة الجنائية
، فتبحث في مدى تلائم التجريم المقرر من قبل المشرع الداخلي مع قيم وعادات المجتمع
، ومدى الحاجة إلى هذا التجريم في الفترة المقرر فيها
، حيث تتباين المجتمعات في هذا
بحسب مستواها من التطور الاجتماع
ى والخلقى والروحي. وكذلك تبحث في طبيعة
الوقائع المجرمة لتحديد أ
ى الوقائع يجب أن تظل مجرمة ، وأيها يجب إباحته ، وأيها يجب أن يصبغ عليها وصف
التجريم[1].
وتنتقل
السياسة الجنائية إلى الشق الجزائي من القاعدة الجنائية ، كي تقيم العقوبات
المقررة وحالات التخفيف والتشديد والإعفاء وسبل التفريد التشريعي المقررة في مدونة
العقوبات[2]
. ثم تنتهي السياسة الجنائية إلى
مرتبتها الثالثة المتعلقة بتحديد أساليب المعاملة العقابية حال التنفيذ الفعلي
للجزاء الجنائي داخل المؤسسات العقابية ، خاصة ما يتعلق بالتفريد التنفيذي للعقوبة
والتدابير الجنائية ، وكفالة إتباع أسلوب علمي في تنفيذ الجزاء على المجرم بما
يضمن تأهيله وإصلاحه وتهذيبه وإعادة اندماجه في المجتمع مرة أخرى.






وعلى ذلك فإن هدف السياسة
الجنائية لا يقتصر على الحصول على أفضل صياغة لقواعد قانون العقوبات وإنما يمتد
إلى إرشاد القاضي الذي يضطلع بتطبيق هذه الأخيرة وإلى الإدارة العقابية المكلفة
بتطبيق ما قد يحكم به القاضي[3].
وهذا الشق الأخير للسياسة
الجنائية
- والمسمى بالسياسة العقابية - هو الذي يضمه علم العقاب موضوع
هذا الكتاب
، والذي يرمي بالتالي إلى الوقوف على الكيفية
التي ينبغي بها مواجهة الظاهرة الإجرامية في مرحلة التنفيذ العقابي
، بما يكفل تحقيق أهداف المجتمع في
منع الجريمة أو تقليصها إلى أبعد مدى[4]
. فكأن علم العقاب علم يسلم بحقيقة
الظاهرة الإجرامية ، ويتلقفها بالدراسة والتحليل في أعقاب وقوع الجريمة وثبوتها
على جان أو أكثر ، ثم يبدأ التعامل معها في مرحلة تنفيذ الجزاء الجنائي كي يباعد
بين الجاني - وكذا بقية أفراد المجتمع - وبين تكرار وقوعها.
من هنا تظهر أهمية دراسات علم
العقاب حيث يتوقف على هذا العلم نجاح المجتمع في مواجهة الظاهرة الإجرامية[5]
. وكان لزامًا علينا والحال كذلك
أن نكشف في مهد مؤلفنا عن بعض الأوليات
والعموميات حول الحق في
العقاب
التي تعين على إدراك مبادئ هذا
العلم وتفهم مشكلة الجزاء الجنائي
، كل ذلك من خلال الباب التمهيدي من هذه الدراسة.





ومن الحقائق الثابتة أن أي علم من
العلوم ، طبيعياً كان أم إنسانياً ، ينمو ويتطور بقدر نمو وتطور موضوع هذا العلم
والمحل الذي يعني بدراسته. وإذا كانت العقوبة قديماً ، بحسبانها نوعاُ من الألم
يعادل ويكافئ ما قد وقع من جرم ، هي الصورة الأولى للجزاء الجنائي إلا أنه سرعان
ما تبين أن هذا النمط يظل قاصراً عن تحقيق أغراض المجتمع من توقيع العقاب والمتمثل
في منع ومكافحة الجريمة ، لذا فقد كشف التطور عن نمط آخر من أنماط الجزاء الجنائي
ألا وهو التدابير
، سواء أكانت وقائية أو عقابية أم علاجية ،
والتي ظهرت أواخر القرن التاسع عشر على يد المدرسة الوضعية الإيطالية
حين قالت
ب
فكرة
الخطورة الإجرامية. فك
أن هناك تطوراً قد أصاب ما يمكن أن
نطلق عليه
صور رد الفعل
العقابي
، وهو ما سوف نوضحه من خلال الباب الثاني من المؤلف.





ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن نجاح
سياسة المكافحة للظاهرة الإجرامية على مستوى التنفيذ العقابي يتوقف في نهاية الأمر
على أساليب وطرق المعاملة العقابية المتبعة داخل وخارج المؤسسة العقابية وقدرتها
على إعادة تأهيل المجرم و
تحقيق كلاً من الردع العام والخاص والحد من معدلات الجريمة في المجتمع.
من هنا فقد خصصنا الباب
الثالث والأخير من هذا المؤلف لبيان الكيفية
التي يتم بها
اقتضاء الحق في العقاب ، أي بيان أساليب المعاملة العقابية ، سواء أكانت داخلية كالتصنيف
والرعاية الصحية والاجتماعية والعمل ، أو خارجية كالوضع تحت الاختبار وإيقاف
التنفيذ والإفراج الشرطي والعمل للمصلحة العامة والرعاية اللاحقة.






بيد أن التطور الذي
أصاب
نوع
العقاب
وأساليب المعاملة العقابية (صور رد الفعل العقابي وكيفية
اقتضاء الحق في العقاب)
ما كان ليتم لولا التطور
الذي طرأ على
فلسفة وأساس حق العقاب ذاته ؛ هذا التطور الذي
نجم عن

تبدل وتنوع المدارس الفكرية في مجال الدراسات الجنائية.
من هنا كان ولابد قبل بيان
صور رد الفعل العقابي وكيفية اقتضاء الحق في العقاب
أن تبدأ الدراسة بتسليط
الضوء على
فلسفة الحق
في العقاب
، وهو ما خصصنا له الباب الأول
من الدراسة.






وعلى هذا فسوف تنقسم الدراسة على
النحو التالي
:


الباب التمهيدي
: عموميات حول الحق في العقاب


الباب الأول :
فلسفة الحق في العقاب



الباب
الثاني : صور رد الفعل العقابي



الباب الثالث :
اقتضاء الحق في العقاب










































الباب التمهيدي


عموميات
حول الحق في العقاب

























































2-
أولاً : موضع القانون الجنائي من القانون
عامة
:


إذا كان يمكن تعريف القانون بأنه مجموعة
القواعد القانونية التي لها
صفة الإلزام والتي تقرها الجماعة الإنسانية في
مجتمع ما من المجتمعات من
أجل تنظيم العلاقات والمبادلات
والظواهر التي تسوده
، فإننا بهذا ندرك أن القانون هو أمر قديم قدم
المجتمع الإنساني ذاته. فتلاحم الجماعة الإنسانية يؤدي وبالضرورة إلى نشوء علاقات
متبادلة بعضها قد يتوافق وبعضها قد يتنافر بحكم توافق وتنافر الرغبات والمصالح ،
مما يوجب في النهاية وضع إطار تنظيمي يضمن منع العدوان واستقرار الحقوق لأصحابها.
وبالجملة فإن القانون والمجتمع وجهان لعملة واحدة يتواجدان سوياً ولا غنى لأحدهم
عن الآخر[6].






وبقدر تنوع العلاقات والمعاملات
فإن القواعد القانونية الحاكمة لها تتنوع ، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء ما نسميه
الأفرع القانونية. فمن القواعد ما يهدف إلى تنظيم العلاقات المالية التجارية بين
الأفراد كالقانون المدني والتجاري ، ومن القواعد ما يهدف إلى تنظيم علاقات الأفراد
بالسلطة أو تلك الأخيرة بغيرها من السلطات داخل المجتمع كالقانون الإداري أو
القانون العام ، ومن القواعد ما يهدف إلى تنظيم الإطار الأمني الذي تتحرك فيه كافة
العلاقات السابقة من أجل درء أي عدوان أو عصيان أو خرق يقع على النظام الذي ارتضاه
المجتمع ، وتلك هي رسالة القانون الجنائي.






فالقانون الجنائي يهدف إلى تحقيق
الأمن في المجتمع عن طريق وضع القواعد التجريمية التي تحظر أنماط السلوك التي من
شأنها أن تهدد المجتمع بالضرر أو تعرض أمنه للخطر، مع تفريد الجزاء المناسب
والمكافئ لما وقع من اعتداء.






3-
ثانياً : علم العقاب وموضعه من القانون
الجنائي
:


إذا أردنا أن نتخير من شتات التعريفات التي
قيلت بشأن علم العقاب فإننا يمكننا أن نوجز الأمر بقولنا أنه العلم "الذي
يعكف على دراسة
الحق في العقاب فيبحث في أسسه ويبين القواعد الخاصة بتنظيم الجزاء
الجنائي
(رد الفعل العقابي) وسبل اقتضاء
هذا الحق
على النحو الذي يكون من شأنه أن يحقق الجزاء الجنائي أغراضه حال التنفيذ الفعلي داخل
المؤسسة العقابية[7]".
وأول ما يستلفت نظرنا في هذا
التعريف هو أن علم العقاب يظهر في ثوب علم المكافحة اللاحق ، أي ذلك الذي لا تظهر
قواعده إلا بعد وقوع الجريمة بالفعل[8].






على أنه لا ينبغي أن نفهم أن علم
العقاب هو مجرد شرح لنصوص القانون الوضعي في معاملة المجرمين ، إنما هو علم كلي
مجرد يهدف إلى استخلاص القواعد العامة والكلية التي تحكم تنفيذ الجزاء الجنائي كي
يحقق الأغراض التي ترسمها له مصلحة المجتمع في مواجهة الظاهرة الإجرامية. وبالتالي
فإن دراسات علم العقاب تهدف بالدرجة الأولى إلى توجيه المشرع في اختيار أفضل
القواعد والأحكام التي يجب أن يراعيها في تنظيم الجزاء الجنائي وطرق تنفيذه[9].
ومن ثم يظهر لنا أن موضع علم
العقاب من القانون الجنائي هو الجزء المتعلق بشق الجزاء من القاعدة الجنائية.






فالمعلوم أن قواعد قانون العقوبات
لها شقين ، الأول منها يتعلق بشق التكليف ، أي الشق الذي يحدد صور السلوك الأفعال
المحظورة. وهذا الشق يحكمه ما يسمى مبدأ الشرعي
ة الجنائية (م5 عقوبات ، م 66 من الدستور
المصري) القائل بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، وبمعنى أخر أنه لا
يعد سلوكاً ما جريمة ما لم يكن هذا السلوك محظوراً صراحاً بنص القانون عند ارتكابه
، إذ لا رجعية لنصوص قانون العقوبات.
والهدف من تلك القاعدة هو تحقيق
الاستقرار في العلاقات الاجتماعية ، كي لا يعاقب الأفراد على أفعال هي مباحة لحظة
القيام بها لمجرد أن تشريعاً ما اعتبرها جرماً في أعقاب وقوعها[10].






أما الشق الثاني من أقسام القاعدة
الجنائية فهو شق الجزاء
، أي الشق الذي يحدد الآثار
القانونية المترتبة على مخالفة الأوامر والنواهي الواردة في شق التكليف
، أي أنه رد الفعل تجاه الخروج على
أحكام قانون العقوبات. وهذا الشق قديم قدم الجريمة ، وإن تنوع رد الفعل تجاه
الجريمة بتطور المجتمعات ، حيث انتقل هذا الشق من صورة الانتقام الفردي والجماعي
في المجتمعات القبلية في صورة اعتداءات مستمرة من قبل المجني عليه أو عشيرته. إلى
أن وصلنا إلى صورة أكثر تهذيباً توكل أمر تنظيم رد الفعل تجاه الجريمة إلى يد سلطة
عليا ، أخذت في العصر الحديث شكل الدولة ، وبدأت بالتالي معالم علم العقاب وعلم
السياسة العقابية من أجل التنظيم الفعال الذي يجمع بين وجوب مكافحة الجريمة وبين
إعادة تأهيل الجاني مرة أخرى ليصبح عضواً نافعاً في المجتمع.






واتصال علم العقاب بشق الجزاء من
القاعدة الجنائية يفرض عليه من أجل مكافحة الظاهرة الإجرامية
القيام بتفعيل الجزاء الجنائي في
مرحلة الاختيار ، وكذا تفعيل أغراض الجزاء الجنائي والمعاملة العقابية ، وذلك على التفصيل التالي :






4-
أ : تفعيل الجزاء الجنائي
في مرحلة الاختيار :



بعد قيام المشرع بتحديد أنماط
السلوك التي يعتبرها جريمة تمس الهيئة الاجتماعية عليه أن يتخير أفضل الأجزية التي
تتناسب مع جسامة الفعل والأضرار الناشئة عنه. وهذا الاختيار لا يتم بصورة عشوائية
إنما بعد دراسة مختلف الأجزية الجنائية المتاحة وفق تطور المجتمع ومفاهيمه
السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخلقية.






وهذه الدراسة تقع موقع القلب من
علم العقاب ، فهي جوهره. وكان لهذا العلم دوره في تفعيل الجزاء الجنائي ، حيث لم
يعد هذا الأخير يقتصر على العقوبات باعتبارها الألم الذي يتناسب مع جسامة الجريمة
المرتكبة والذي يصيب المحكوم عليه في حياته أو حريته أو ذمته المالية ، وإنما اتسع
الأمر ليشمل سلسلة من التدابير الاحترازية التي تطبق على طائفة معينة من الجناة
الذين وفق قياسات معينة ينبئ وضعهم الجنائي عن عدم صلاحية العقوبة التقليدية في
إصلاحهم وتقويمهم. وهكذا اتسعت فرصة الاختيار أمام القاضي الجنائي حال القيام
بدورة في مكافحة الجريمة ، وما هذا إلا نتيجة للتطور الذي شهدته أبحاث علم العقاب
والسياسة العقابية.






5-
ب : تفعيل أغراض الجزاء الجنائي والمعاملة
العقابية
:


كان لدراسات علم العقاب أثرها في تطوير أغراض
الجزاء الجنائي وأساليب المعاملة العقابية
. ففي الوقت الذي كانت فيه العقوبة
هي الجزاء الأساسي بدأ علماء القانون الجنائي في القرن الثامن عشر في الانتقال
بالعقوبة من مرحلة اعتبارها مجرد قصاص تستوجبه قواعد الأخلاق أو مجرد اعتبارها
تعويضاً عادلاً ومستحقاً للمجتمع إلى مرحلة الوظيفة الوقائية للعقوبة. إذ يجب على
العقوبة أن تلعب دوراً في حماية المجتمع بمنع تكرار الجريمة سواء من غير المحكوم
عليه وهو ما يسمى بالردع العام
Prévention générale ، وسواء من
المحكوم
عليه ذاته وهو ما يسمى بالردع الخاص Prévention spéciale.





وفي المرحلة التي كان ينظر فيها
للعقوبة على أساس أن لها طابع القصاص والانتقام اصطبغت بما يسمى بالوظيفة
الاستبعادية للعقوبة
Fonction
d’élimination
، والتي ترى أن كفاح المجتمع ضد الجريمة لا يكون
إلا بإقصاء المجرم عن المجتمع ككل. من هنا ازدادت أهمية عقوبة الإعدام وكذلك
العقوبات السالبة للحرية (خاصة طويلة المدة أو المؤبدة) لأنها تؤدي في النهاية إلى
إبعاد المحكوم عليه عن المجتمع. لذا فإن الدراسات العقابية في هذه المرحلة كانت
تسمى " بعلم السجون
"Science Pénitentiaire".





وإزاء العيوب التي ظهرت للوظيفة
الاستبعادية للعقوبة ، لما لها من نتائج سلبية على المحكوم عليه ذاته وعلى أسرته
وعدم تناسبها مع الجرائم القليلة الجسامة من وجهة النظر الاجتماعية ، بدأ الاهتمام
بغرض عقابي آخر للجزاء الجنائي ألا وهو غرض الردع الذي قد يتحقق بطريق التخويف
La dissuasion par
l’intimidation
أو بطريق الإصلاح La dissuasion par l’amendement .





والطريق الأول له قسمان : الأول
هو الردع العام الموجه للكافة من الناس
لما يحدثه الجزاء الجنائي الواقع
على عاتق المحكوم عليه من ترهيب لبقية أفراد المجتمع وإحباط الإرادة الإجرامية
لديهم[11].
وهذا الردع يتفاوت فيه الناس بحسب نوع الجريمة المرتكبة ، فالعقوبات المقررة
لجرائم التهرب الضريبي والجمركي وللمخالفات عموماً لا تحدث درجة التخويف بذات
القدر الذي تحدثه العقوبات في الجرائم الأخرى
. كما أن الردع يتفاوت حسب نوع
العقوبة ودرجة جسامتها ، فالإعدام أشد من الحبس في درجة الردع كما أن هذا الأخير
له أثر رادع أشد من الغرامة. ويتوقف أخيراً غرض الردع العام على نوعية المجرم ،
فالمجرم العاطفي مثلاً لا يتمثل العقاب في ذهنه قبل الإقدام على فعله الآثم ، كما
أن هناك طوائف أخرى تقل لديها حدة الردع لما يثور لديهم من باعث الأمل من الإفلات
من العقاب[12].






أما القسم الثاني فهو التخويف الذي ينصرف إلى المحكوم
عليه وحده ، أو ما يسمى بالردع الخاص. وهذا التخويف ينصرف أثره للمستقبل بعد تنفيذ
العقوبة ، بمعنى أن
ه يستهدف الحيلولة بين المحكوم عليه وبين العودة إلى
سلوك سبيل الجريمة مرة أخرى.
غير أن هذا التخويف الخاص في
حالات العقوبة القاسية السالبة للحرية ، وأحيانا المغالي فيها ، من شأنه أن يجعل
المحكوم عليه أكثر عدوانية وكراهية للهيئة الاجتماعية لما للسجن من أثر سلبي على
صحة ونفسية وجسد وأسرة المحكوم عليه.






ولقصور وظيفة الردع بشقيقها العام
والخاص عن مكافحة الجريمة كان لابد أن تنهج الدراسات العقابية نهجاً حديثاً في
النظرة إلى أغراض الجزاء الجنائي وأساليب المعاملة العقابية
، الأمر الذي تم على يد أنصار
المدرسة الوضعية الإيطالية ، التي لا تنظر للجسامة الذاتية للواقعة الإجرامية
كأساس للعقاب وإنما للخطورة الإجرامية للفاعل واحتمال وقوع الجريمة منه في
المستقبل.






من هنا ظهر الطريق الثاني ألا وهو
الردع بطريقة الإصلاح ، أي العمل بأساليب مختلفة على دفع المحكوم عليه في المستقبل
وبعد انتهاء مرحلة التنفيذ العقابي إلى التوافق في سلوكه مع القواعد الاجتماعية
السائدة في المجتمع ، وبالجملة تحوله إلى رجل شريف.
وهذا الهدف - كما ترى المدارس
العقابية في فرنسا خاصة مدرسة الدفاع الاجتماعي - هو من مهام الإدارة العقابية
التي يجب أن تعمل على خلق وتنمية الإرادة داخل المحكوم عليه وتهذيبه وتأهيله كي
يعتاد على العمل الشريف في أعقاب خروجه من المؤسسة العقابية.
وهذا يلقى على هذه الإدارة عبء
تثقيفي وعبء القيام بالرعاية الصحية والاجتماعية للمحكوم عليه ، سواء أكان ذلك
أثناء مرحلة التنفيذ العقابي أو بعد ذلك في إطار ما يسمى بالرعاية اللاحقة للمحكوم
عليه بهدف ضمان تأهيله وانخراطه عضوا نافعاً في المجتمع. وقد أصبح تحقيق هذا الهدف
أهم ما يشغل الباحثين في علم العقاب[13].






هذا
التطور
دفع
البعض
- ومع سيادة هذه المفاهيم الحديثة في المعاملة العقابية - إلى إطلاق اصطلاح "علم
معاملة المجرمين"
Science de traitement des délinquants على ذلك
العلم الذي يعكف على دراسة القواعد التنفيذية لمختلف الجزاءات الجنائية (عقوبات
وتدابير) ودراسة وسائل المكافحة العامة للجريمة والوقاية منها. هذا الأمر الذي
تهتم به منظمة الأمم المتحدة في إطار دعوتها المتكررة للعديد من المؤتمرات الدورية
والتي تنعقد كل خمس سنوات حول "الوقاية من الجريمة ومعاملة المذنبين"
ومنها المؤتمر الأول الذي انعقد بمدينة جنيف بسويسرا عام 1955. وفى هذا المؤتمر تم
عرض المشروع الذي أعدته سكرتارية الأمم المتحدة حول قواعد الحد الأدنى لمعاملة المذنبين
وتم إقراره واعتماده من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في 31
يوليو 1957 ليمثل جملة القواعد التي أجمع الخبراء في المجال العقابي على قبوله
بوجه عام كمبادئ وأساليب صالحة في مجال معاملة المسجونين وإدارة المؤسسات العقابية
، وليعد بمثابة دليل العمل في مجال الإصلاح العقابي[14].






جملة القول أن الدراسات العقابية
الحديثة لم تعد تقتصر على دراسة كيفية تنفيذ العقوبات والتدابير الاحترازية
Mesures de sûreté أياً كان نوعها ، بل أصبحت تتناول فوق ذلك أساليب
المعاملة العقابية التي تجري داخل المؤسسة العقابية أو التي تجري خارجها (الإفراج
الشرطي ونظام الرعاية اللاحقة…الخ) على النحو الذي سيظهر في ثنايا هذا المؤلف.






6-
ثالثاً : طبيعة التنفيذ العقابي :


من بين الأسئلة التقليدية التي
تحاول دراسات علم العقاب الإجابة عليها التساؤل حول طبيعة التنفيذ العقابي. وفي
الإجابة على هذا التساؤل يمكنا القول أن هناك سمات ثلاث تحكم طبيعة التنفيذ
العقابي نتولاها بالإيضاح على النحو التالي
:





7-
أ : الطبيعة الإدارية لقواعد التنفيذ
العقابي :



غالباً ما يكون سند التنفيذ العقابي هو الحكم
الجنائي النهائي الذي يصدر من القاضي المختص بعد إحالة الدعوى إليه من السلطة
المختصة بذلك وفق القانون
، متضمناً هذا الحكم توقيع عقوبة
جنائية أو تدبير يحدده التشريع على متهم ثبتت إدانته. وقد يكون سند التنفيذ
العقابي أمراً جنائياً
يصدره قاضي أو أحد أعضاء النيابة من
درجة معينة وفي أحوال
تعينها النصوص القانونية. والأمر الجنائي
له طبيعة قضائية
، إذ هو في حقيقة الأمر حكماً واجب التنفيذ متى
صار نهائياً يتضمن توقيع عقوبة دون اتخاذ الإجراءات العادية للدعوى الجنائية من
تحقيق ومحاكمة
، وبه تنقضي سلطة الدولة في العقاب قِبل المتهم (المواد 323 إلى 330
إجراءات جنائية مصري)[15].



وبمجرد صيرورة الحكم الجنائي
حكماً باتاً لا يجوز الطعن فيه
، إما باستنفاذ طرق الطعن أو بسبب
انقضاء مواعيده المقررة
، فإن الرابطة القانونية العقابية
التي تترتب على وقوع الجريمة بين الدولة صاحبة الحق في العقاب وبين مرتكب الجريمة
تكون واجبة التنفيذ. وفي هذه المرحلة (مرحلة التنفيذ العقابي) تكون الدعوى قد خرجت
من حوزة المحكمة ويصبح أطراف الرابطة الإجرائية هما المحكوم عليه محل التنفيذ
والسلطات الإدارية في الدولة التي
يوكل إليها أمر تنفيذ ما جاء في الحكم الجنائي.






من أجل هذا فإن القواعد التي
يشملها علم العقاب وتحكم مرحلة التنفيذ العقابي هي قواعد
ذات طبيعة إدارية وليست قضائية.
ويترتب على ذلك أن السلطة القضائية تغل يدها عن التدخل في هذه المرحلة إلا في
الحالات الاستثنائية التي قد يقررها المشرع[16].






8-
ب : الطابع الاستقلالي لقواعد علم
العقاب :



ونقصد بالطابع الاستقلالي لقواعد تنفيذ الجزاء
الجنائي هو استقلال هذه الأخيرة عن التشريع الوضعي باعتباره التجسيد الحي
للقواعد القانونية التي تحكم تنفيذ
الجزاء. فقواعد علم العقاب هي قواعد ودراسات إرشادية تهدف إلى توجيه المشرع إلى
الوسائل العلمية والفنية الحديثة التي يمكن أن تتلافى عيوب الأساليب العقابية
المأخوذ بها بالفعل في التشريع القائم.






وعلم العقاب في وصوله لهذه
المبادئ الحديثة التي يوجها إلى المشرع لا يعتمد على تشريع وضعي معين
، ولا يتقيد بإدارة شارع بعينة.
فهو علم ت
وجيهى تجريبي يدرس الأصول والمبادئ
الكلية المجردة التي تكفل تحقيق الأغراض المبتغاة من تنفيذ الجزاء الجنائي
. إذاً لا تعني دراسات علم العقاب
بتحليل النصوص القانونية القائمة وشرحها
، ولكن الدور الرئيسي هو تقيمها
بهدف الوصول إلى أفضل النظم التي تحكم التنفيذ العقابي.
ويعتمد علم العقاب في تحقيق
ذلك

- شأنه شأن بقية العلوم الاجتماعية - على أسلوب الدراسة المقارنة ، فهو يفاضل ويقارن بين التشريعات
الأجنبية من أجل توجيه المشرع الوطني إلى النظم التي ارتقت بأساليب التنفيذ
العقابي بغية التطوير على المستوى الوطني أو الداخلي[17].






9-
ج : الطابع العلمي لقواعد التنفيذ
العقابي :



دائماً ما يطرح الفقه التساؤل حول ما إذا كان
العقاب يعد علماً
Science أم أنه يعتبر مجرد فن Technique.


ولكي نجيب على هذا التساؤل نبادر
إلى القول أنه إذا كانت الدراسات العقابية تعني ب
استقراء الواقع العملي للتنفيذ العقابي ، كي تفاضل بين الأنظمة العقابية
الواجب إتباعها
، محاولة من ناحية استخلاص مجموعة من القوانين
العلمية تحدد علاقة السببية بين وسائل تنفيذ العقوبات والتدابير المختلفة على نحو
معين وتحقيق غرض معين من ناحية أخرى
، وتضع بذلك للمشرع الخطط التي يجب
إتباعها حال التنفيذ العقابي
، فإن هذه الدراسات يكون لها
الصبغة العلمية
، ويكون العقاب علماً بالمعنى الفني الدقيق
للكلمة. ذلك أن العلم ما هو إلا مجموعة من القوانين التي تحدد صلة سببية بين
ظاهرتين أو أكثر من ظواهر الدراسة[18].
وهذه الصلة قد تكون حتمية وقد تكون احتمالية حسب نوع العلم (علم طبيعي ـ علم
إنساني
أو اجتماعي)[19].
وإلى هذه الأخيرة ينتمي علم العقاب ، فهو لا يعطي قوانين عامة ويقينية كتلك
المعروفة في العلوم الطبيعة.






ورغم الطابع العلمي للعقاب فإن
الأخير له شق فني
كجزء أساسي من مستلزمات علم العقاب، ذلك لأن القواعد التي تخص
التنفيذ هي قواعد عامة ومجردة ويوكل تنفيذها إلى أشخاص
متخصصين عليهم واجب العلم بوسائل وأدوات
التنفيذ التي تصلح
لكل مجرم على حدة حتى يمكن تطبيق كافة القواعد
التي توصل إليها علم العقاب في مجال التنفيذ العقابي. ففن العقاب هو الأداة
اللازمة لتطبيق علم العقاب
، وهو السلاح في يد رجال الإدارة
العقابية يمكنهم من
إعمال قواعد التفريد العقابي[20].





جملة القول أنه إذا العقاب في
المقام الأول هو علم ي
ستهدف الوصول للقواعد المثلى للتنفيذ العقابي من
خلال مقارنة النظم العقابية بعضها ببعض
، إلا أن هذا العلم لن يكون له
القيمة الفعلية إلا بالاهتمام بفن العقاب
، أي الاهتمام بالكيفية التي بها
يتم تطبيق قواعد هذا العلم على المستوى العملي داخل وخارج المؤسسات العقابية.
وهذا التركيز على جانب فن العقاب
هو تمسك بحقيقة تاريخية مؤداها أن فن العقاب كان أسبق في الظهور من قواعد علم
العقاب[21].






10-
رابعاً : علم العقاب وأفرع العلوم الجنائية
الأخرى :



لعلم العقاب طبيعة ذاتية تجعله
مستقلا ع
ن فروع القانون الجنائي الأخرى. هذه الذاتية تنشأ من اختلاف
موضوعه وأغراضه عن موضوع وأغراض العلوم الأخرى ، مما يؤكد من جديد الطابع العلمي
الخاص لهذا العلم. ورغم تلك الذاتية إلا أنه تظل لهذا العلم صلة وثيقة بغيره من
العلوم الجنائية
، كقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية
وعلم الإجرام وعلم السياسة الجنائية.
وهو ما سنوضحه بإيجاز في النقاط
التالية.






11-
أ : علم العقاب وقانون العقوبات :


من المعلوم أن قانون العقوبات هو مجموعة
القواعد القانونية التي تنظم التجريم والعقاب
. بمعنى أن المشرع من خلال هذا
القانون يحدد أنماط السلوك (السلبي
أوالإيجابي) التي توصف بأنها جريمة ، ويحدد لهذه الأنماط الأجزية
(عقوبات وتدابير) المناسبة. وبهذا المعنى فإن قانون العقوبات هو علم قاعدي يهدف
إلى دراسة القواعد التي تحكم التجريم والعقاب بقصد تفسيرها وبيان مضمونها ثم
استخلاص النظريات التي تحكم الأشكال القانونية لنماذج السلوك محل التجريم
والجزاءات المنصوص عليها كأثر لوقوع الجريمة وثبوت مسئولية مرتكبيها.






أما علم العقاب ، ورغم أنه هو
أيضاً علم قاعدي
يهتم بتنظيم الجزاءات الجنائية المختلفة
وأساليب المعاملة العقابية بهدف الوصول إلى
الغايات المرجوة من التنفيذ العقابي , إلا أنه علم مستقل عن قانون
العقوبات
. إذ أن هذا العلم – علم
العقاب -
كما قلنا لا يعتمد في دراساته على تشريع وضعي معين أو على ما هو مطبق بالفعل
في دولة ما من الدول ، ولكنه يهتم بدراسة الأصول والقواعد الكلية التي تحكم
التنفيذ العقابي
، أو بمعنى أدق يرسم
الصورة
لما
يجب أن يكون عليه بالفعل تنفيذ
الجزاء الجنائي. فجوهر دراساته هو تحديد أثر
جزاء معين بنوع وقدر معين وكيفية تطبيق معينة في تحقيق الغايات المبتغاة من توقيع
الجزاء من الناحية الفعلية[22].






وبالجملة فإن دراسات قانون
العقوبات تعتمد على تحليل ما هو كائن بالفعل من تجر
يم وعقاب، أما دراسات علم العقاب فهي تبحث فيما يجب أن يكون عليه
الحال في مرحلة التنفيذ العقاب
ي.





ورغم هذه الاستقلالية إلا أنه يظل
بين الفرعين صلة وثيقة تنشأ لعدة أسباب منها
:


*- أن دراسات علم العقاب هي التي
تقدم للمشرع الجزاء الجنائي المناسب عند محاولة المشرع الجنائي التدخل لتجريم سلوك
ما. وعند إفراغ هذا الجزاء في قاعدة قانونية مضافاً إلى شق التجريم تبدأ قواعد
قانون العقوبات في التشكيل والتكوين.



*- أن لكل من قواعد قانون العقوبات وعلم العقاب طابع
م
عياري مشترك. فالأولى تبين ما ينبغي أن يكون
عليه نشاط الأفراد حتى لا يقعوا تحت
طائلته ، أما الثانية فتبين ما ينبغي أن يكون عليه نشاط
الإدارة العقابي
ة حتى تتحقق الأهداف المرجوة من توقيع الجزاء
الجنائي[23].



*- أن الباحث في علم العقاب لايسعه للتعرف على النظام القانوني الذي يحكم التنفيذ العقابي في دولة ما
من أجل تحليله ونقده ومعرفة مزاياه وعيوبه إلا التوجه إلى القواعد المدونة في
قانون العقوبات لهذا البلد. فهي التي تبين للباحث في علم العقاب ما إذا كان
التشريع القائم في بلد ما يأخذ بأساليب المعاملة العقابية المتطورة أم لا.






12-
ب : علم العقاب وقانون الإجراءات
الجنائية :



قانون الإجراءات الجنائية هو مجموعة القواعد
القانونية التي تنظم
السبيل الإجرائي لاقتضاء الدولة حقها في العقاب. فهو جملة قواعد إجرائية تنظم إثبات الواقعة الجنائية
قبل متهم معين
، بدءاً من التحري والاتهام والتحقيق
والمحاكمة
، انتهاءً بتنفيذ الجزاء المقضي به. فلا يكفي أن ينشأ للدولة حق في العقاب كحق موضوعي ينظمه قانون العقوبات ،
بل يجب أن يتوافر أيضاً حق
أخر يكفل وضع الحق الأول موضع
التنفيذ
. هذا الحق هو حق إجرائي يرسم كيفية ممارسة الدولة
لسلطتها في العقاب
وتحديد السلطة المنوط بها هذا الأمر. وكلها أمور يعالجها قانون الإجراءات
الجنائية.






من هنا يظهر أن قانون الإجراءات الجنائية هو
الأداة القانونية لتوقيع الجزاء الجنائي. فبعد المراحل المختلفة للدعوى الجنائية
وبمجرد صدور الحكم النهائي تنتهي مرحلة الإجراءات الجنائية لتبدأ مرحلة التنفيذ
العقابي كما يحددها علم العقاب. ومن هنا تبدو ال
صلة بين كلا الفرعين ، فمن ناحية ساهم
علم العقاب بتطوير قواعد الإجراءات الجنائية من أجل كفالة أفضل الضمانات للمتهم
، ومن قبيل ذلك استحداث نظام قاضي
تنفيذ العقوبات في بعض الدول. ومن ناحية أخرى تأثر قانون الإجراءات الجنائية بما
وصل إليه علم العقاب من نتائج في مجال شخصية المتهم ووجوب فحصه طبيعياً ونفسياً
واجتماعياً ووجوب إعداد ما يسمى بملف الشخصية الذي ينتقل مع المتهم خلال كافة
مراحل الدعوى الجنائية.






كذلك تكشف دراسات وبحوث علم العقاب عن ضرورة
تقسيم مراحل الدعوى الجنائية إلى مرحلتين
: الأولى هي مرحلة الإدانة ، وفيها
تبحث المحكمة حول ثبوت وقوع الجريمة وإسنادها إلى المتهم
، والثانية هي مرحلة الحكم وفيها
تبحث المحكمة في شخصية المتهم ووضعه الاجتماعي والعائلي والمادي من أجل تحديد
الجزاء الجنائي الذي يلائم ظروفه وحالته[24].






13-
ج : علم العقاب وعلم الإجرام :


علم الإجرام هو فرع من العلوم الجنائية يهتم
ببحث كافة العوامل الدافعة للسلوك الإجرامي. ومن هنا يبدو الفارق بين العلمين
، فبينما تهتم دراسات علم العقاب بدراسة
الإجراءات التي يمكن اتخاذها بعد وق
وع الجريمة ، فإننا نجد أن أبحاث علم الإجرام تهتم
بدراسة الأسباب المختلفة للظاهرة الإجرامية قبل وقوع الجريمة ذاتها. علاوة على ذلك
فإن علم العقاب كما سبق القول هو علم قاعدي يتناول بالدراسة الجزاء الجنائي –
عقوبة أم تدبير – من أجل استخلاص أغراضه وبيان مجموعة القواعد والمبادئ العامة
التي يجب أن تحكم تنفيذه
. أما علم الإجرام فهو علم من
العلوم السببية
التفسيرية ، التي تعني بتفسير الظاهرة الإجرامية بهدف الوصول
إلى قوانين عامة تحكم السلوك الإجرامي من حيث دوافعه وأسبابه الفردية والاجتماعية.






وعلى الرغم من هذا الاختلاف ، إلا
أن بين العلمين
صله هي أقرب إلى التصاهر والاندماج. فكلا
العلمين ي
جعل من الظاهرة الإجرامية موضوعاً لأبحاثه ، ومن المنهج العلمي القائم على
الملاحظة والتجريب أسلوباً ومنهجاً للدراسة. كما أن كلا الفرعين يلتقيان عند هدف
واحد هو العمل على مكافحة الجريمة ، وأن كلاهما
يعد منطلق للأخر ، فلا يمكن دراسة الجزاء
الجنائي
- كمحور اهتمام علم العقاب - إلا بعد التعرف على أسباب
الإجرام ذاته. وبالتالي فإن علم الإجرام
- أو علم أسباب الظاهرة الإجرامية - هو مقدمه أولية وضرورية لعلم
العقاب
، الذي يرمى إلى إصلاح المجرم وإعادته إلى
حظيرة المجتمع الشريف مرة أخرى. لذا يصدق قول البعض أن علم العقاب ما هو إلا
"علم الإجرام التطبيقي"[25].



فبناء على ما تسفر عنه أبحاث علم الإجرام من
نتائج حول
أسباب الظاهرة الإجرامية والعوامل الدافعة إليها يمكن
تحديد أفضل الأساليب ف
ي مجال المعاملة العقابية ، كي يؤتي الجزاء الجنائي ثماره ويحدث
أثره في نفس الجاني وبقية أفراد المجتمع.










[1] في هذا المعنى د. يسر أنور علي و د. آمال عثمان ، أصول علمي الإجرام
والعقاب ، ج1 ، علم العقاب ، دار النهضة العربية ، 1993، ص295 ، د. رءوف عبيد ،
أصول علمي الإجرام والعقاب ، ط4
، 1977 ، الكتاب الثاني ، ص 450 ،
د. محمد عيد الغريب ، أصول علم العقاب
، 1999 – 2000 ، ص 13.






[2] يؤكد البعض أن للسياسة الجنائية دور في مجال إجراءات الخصومة
الجنائية
، الأمر الذي تأكد في سنوات الماضي
وبعد الثورة العلمية ، التي دعت إلى ضرورة البحث في العوامل الدافعة للسلوك
الإجرامي وتباعد بين الفرد وتكيفه مع الوسط الاجتماعي فتجعله مناهضاً للمجتمع
Antisocial. وذلك من أجل تحديد أنسب السبل للإعادة الفرد إلى حظيرة
المجتمع وجعله عضواً نافعا
ً فيه. ويظهر دور السياسة الجنائية
جلياً في هذه المرحلة من خلال تحديد بعض الإجراءات الخاصة التي يلزم إتباعها مع
فئات معينة من المجرمين ، كما هو الشأن في مجال الأحداث والمجرمين الشواذ
والمجرمين السياسيين والإجرام الناشئ عن اعتناق مذاهب فكرية معينة
Criminalité sectaire . راجع في ذات المعنى ، د.يسر أنور علي و د.
آمال عثمان ،
المرجع السابق ، ص295– 296.






[url=https://mousalawyer.yoo7.com/#_ftnref3][

descriptionجديدرد: كتاب الحق في العقاب

more_horiz
281-
المراسلات Les correspondances:



لقد أصبح
حق المحكوم عليه في التراسل أحد الحقوق المستقرة في النظم العقابية الحديثة، وإن خضع هذا الحق لقيود معينة. ولقد تطورت النظرة إلى هذا الحق في
السياسة العقابية الحديثة عنه في السياسة العقابية القديمة ، فقد كان هذا الحق
مقيداً بعدد معين من الرسائل و
قاصر على أفراد أسرة المحكوم عليه
والمدافع عنه فحسب
. أما في السياسة العقابية الحديثة فإن هذا
الحق بدأ يقترب من حد الإطلاق ولا يقيده
قيد سواء من حيث عدد المراسلات
أو
من حيث الأشخاص[1]
. وأصبح يكتفي فقط بالرقابة على هذه الرسائل من قبل
إدارة السجن في الأحوال التي يخشى فيها أن تكون هذه المراسلات
سبباً لمعاونة السجين على الهرب
أو إخلاله بالنظام
داخل المؤسسة[2] ،
أو حينما يساهم الإطلاع على مراسلات المحكوم عليه في تأهيله ، كأن
يمكن الإطلاع
من
كشف
المشاكل
الشخصية أو الأسرية للنزيل فيحاول رجال
الإدارة العقابية حلها كي يتسنى الإسراع ب
تأهيل المحكوم عليه[3].





وقد أكد
قانون
تنظيم السجون المصري
حق ا
لمحكوم
عليه
في التراسل38). وأجازت المادة 60 من اللائحة الداخلية للسجون
للمحبوسين احتياطياً و
للمحكوم عليهم بالحبس البسيط التراسل في أي وقت
، ولباقي المحكوم عليهم بمعدل خطابين كل شهر وتلقي ما
يرد إليهم من خطابات[4].
وفى سبيل تيسير حق المراسلة
للسجناء والمعتقلين نصت المادة 67 من اللائحة التنفيذية
لقانون
السجون
على
أن تصرف
إدارة السجن للمسجونين الورق والأدوات اللازمة
لكتابة خطاباتهم.






282-
الزيارات :


تتيح غالبية
الأنظمة
العقابية الفرصة أمام المحكوم عليه لتلقي الزيارات Les
visites
داخل
المؤسسة العقابية
، سواء من أفراد أسرته ، أو من أفراد آخرين ، إذا كان ذلك يفيد في تأهيله.
وتكون الزيارات في مواعيد دورية ولفترة محدودة
، على أن تتم الزيارات بحضور أحد
العاملين في المؤسسة العقابية ليراقب
الحديث ويمنع تسليم أي شئ غير
مسموح به للمحكوم عليه
. ولرجال الإدارة أن تنهي الزيارة في أي وقت إذا وجدت أن الحديث الذي يدور بين الزائر والمحكوم عليه فيه ما يهدد نظام المؤسسة.





وغالباً ما يتم الفصل بين المحكوم عليهم
والزوار
سواء عن طريق حاجز من الأسلاك الحديدية المتشابكة التي
تمنع تصافحهم
أو بجلوس المحكوم عليه وزائريه متقابلين على منضدة مستطيلة يفصل بينهم حاجز مثبت في منتصف
المائدة
. وفي المؤسسات المفتوحة تتخذ الزيارة صورة الجلسة العائلية. وعادة
ما يخضع المحكوم عليه وزواره للتفتيش الذاتي قبل وبعد الزيارة
[5].





ونظمت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم
السجون ر
قم 396 لسنة 1956 موضوع الزيارة في المواد من 60 حتى المادة 80. فتنص المادة 60 على انه "للمحكوم عليه بالسجن البسيط
والمحبوسين احتياطيا الحق في التراسل في أي وقت ولذويهم أن يزروهم مرة واحدة كل
أسبوع في أي يوما من أيام الأسبوع عدا أيام الجمع والعطلات الرسمية ما لم تمنع
النيابة أو قاضي التحقيق ذلك بالنسبة إلي المحبوسين احتياطيا طبقا للمادة 141 من
قانون الإجراءات الجنائية
. كما نصت المادة 64 على
أن يكون للمحكوم علي
ه بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن
والحبس مع الشغل الحق في التراسل ولذويهم أن يزروهم بعد م
ضي شهر من تاريخ تنفيذ العقوبة ثم
تكون زيارتهم وتراسلهم ما دام سلوكهم حسنا علي الوجه الأتي :



*- تكون الزيارة مرة واحدة شهريا للمحكوم عليه
بالسجن المؤبد أو المشدد المنفذ عليهم
باليمانات.


*- تكون الزيارة مرة كل ثلاثة أسابيع للمحكوم
عليهم بالسجن أو الحبس مع الشغل أو المحكوم عليهم بالسجن المؤبد أو المشدد
المنقولين من الليمانات للسجون العمومية
[6].





كما نصت المادة 66 على أن للمسجون عند نقله إلى سجن في بلد
أخر الحق في التراسل ول
ذويه أن يزوروه مرة واحدة قبل أو
بعد نقله ولو لم يحل ميعاد المراسلة أو الزيارة العادية المستحق له ولا تحسب هذه
الزيارة والمراسلة من الزيارات أو المراسلات المقررة للمسجون.
ويستثني من ذلك المسجون المنقول
إلى سجن أخر لصالح الضبط أو المسجون المجازي بالنقل إلى اليمان.






أما عن مدة الزيارة العامة فقد أوضحتها المادة 71 من اللائحة التنفيذية
لقانون تنظيم السجون بقولها "تكون مدة الزيارة العادية ربع ساعة ، ويجوز لمدير السجن أو المأمور إطالة المدة إذا دعت لذلك ضرورة. وأجازت المادة 40 من قانون السجون للنائب العام أو
لمدير عام السجون أو من ينيبه أن يأذنوا
لذوي المسجون بزيارته في غير
مواعيد الزيارة العادية إذا دعت
الضرورة ذلك. ومدة
تلك
الزيارة
الخاصة
– وفقاً للمادة 71 من اللائحة التنفيذية - يجوز أن تزيد على هذه الربع ساعة
ع
لى
ألا تجاوز نصف ساعة
".





283-
الصلة الأسرية للمحكوم
عليه :




لا شك أن
إبعاد المحكوم عليه عن أسرته يؤثر كثيراً على حالته النفسية
مما يؤدي إلى عرقلة البرامج التي تهدف إلى تأهيله
. لأجل
ذلك
يجب
المحافظة على الصلات الأسرية
Les relations
familiales
بين النزيل وأفراد أسرته. ويتحقق هذا
الاتصال -
فضلاً عما تقدم - بالسماح للنزيل بتلقي الإعانات
المالية ذات الطابع الغذائي وتمكين النزيل من الإطلاع على ما يهمه من أخبار في
نطاق عائلته وجعل عائلته على دراية مستمرة بأحواله[7]
.





وقد نص البند رقم 79 من قواعد الحد الأدنى على هذا
الأسلوب من أساليب الرعاية الاجتماعية بقوله "
يجب أن يوجه اهتمام خاص نحو
المحافظة على صلات المسجون بأسرته ، وتحسين هذه الصلات وفق ما تقتضيه مصلحة
الطرفين
".





284-
تصاريح الخروج المؤقت :


يقصد بتصاريح
الخروج المؤقت
Permissions de
sortir
السماح
للمحكوم عليه بالخروج من المؤسسة العقابية لمدة قصيرة تستدعيها ظروف طارئة. و
تمنح هذه
التصاريح
في الغالب لاعتبارات إنسانية كالسماح للمحكوم عليه برؤية
عزيز لديه
مريض أو مشرف على الموت أو الاشتراك في
جنازته[8]
. و لا
شك أن هذا النظام يساعد على تأهيل المحكوم عليه وحفظ صلاته بالعالم الخارجي.






وقد نصت المادة 85 من اللائحة الداخلية للسجون على جواز السماح للمحكوم عليه في فترة
الانتقال
– أي الفترة التي تسبق الإفراج عنه – بأجازة لا تجاوز ثمانية وأربعين ساعة
خلاف مواعيد المسافة إذا دعت إلى ذلك ضرورة قصوى أو ظروف قهرية.
ويبين
من تلك المادة أن النظام المصري لا يعرف نظام التصاريح المؤقتة للخروج من المؤسسة
العقابية في غير فترة الانتقال ، وهو أمر لا بد من مراجعته تأسياً بالنظم العقابية
الحديثة التي بدأت
توسع من حالات منح هذه التصاريح فأجازتها في حالات البحث عن عمل أو لحضور
اختبار معين
[9].





المطلب
الخامس



تعــليم المحكوم
عليه





285-
أولاً : مضمون تعليم
المحكوم عليه :





لقد أصبح لتعليم المحكوم عليه La pédagogie du détenu في النظام العقابي الحديث دوراً أساسياً لا يقل بحال من الأحوال عن دوره
في المجتمع الحر
. فهو وسيلة لمحو الأمية والجهل وهما
عاملان إجراميان دون شك
. وبالتالي فهو وسيلة لاستئصال عوامل
الجريمة وإزالة أسباب ا
لعودة إلى الإجرام في
المستقبل
. كما أن التعليم يساهم في تأهيل المحكوم عليه. فالمفرج عنه المتعلم يستطيع أن
يحصل على فرصة للكسب الشريف
. وهو وسيلة لتنمية الإمكانيات
الذهنية والملكات الفكرية
للمحكوم عليه مما يودي بدوره إلى تغيير في
أسلوب تفكير
ه وطريقة حكمه على الأشياء ومنهجه في التصرف. وبالتالي
يمكن التعليم
المحكوم عليه من الانتقال من فئة تفتقر إلى التفكير السليم وتقف على
حافة الجريمة
إلى فئة أخرى من ذوي التفكير المستنكر
ل
لإجرام والسلوك
المنحرف[10].






وقد اعترفت غالبية التشريعات بأهمية تعليم
المسجونين
[11] وجعلته جزءً من خطتها العقابية الهادفة إلى التأهيل[12]. وقد
أكد على ذلك البند رقم 77/1 ، 2 من
قواعد الحد الأدنى بقوله تتخذ إجراءات لمواصلة تعليم جميع
السجناء القادرين علي الاستفادة منه بما في ذلك التعليم الديني في البلدان التي
يمكن فيها ذلك ، ويجب أن يكون تعليم الأميين والأحداث إلزاميا ، وأن توجه إليه
الإدارة عناية خاصة .
ويجعل تعليم السجناء في حدود
المستطاع عمليا متناسقا مع نظام التعليم العام في البلد ، بحيث يكون في مقدورهم
بعد إطلاق سراحهم أن يواصلوا الدراسة دون عناء.






وقبل صدور قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنه 1956 لم يكن للتعليم دور في
عملية الإصلاح والتأهيل
إلا في حالات قليلة جداً. وكان تقرير التعليم للسجون أول الأمر
بالقانون الصادر رقم 128 لسنة 1946 الذي
أدخل بعض التعديلات على القانون
رقم 110 لسنة 1944 والخاص بمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية في الدولة والذي نص
في مادته الحادية عشر على وجوب تعليم المسجونين
. وتبع ذلك صدور المرسوم بقانون رقم
180 لسنة 1949 بلائحة السجون التي نصت على ضرورة تعليم المحكوم عليهم نظرا لأهمية
التعليم في الإصلاح والتأهيل
. كما نص على ضرورة تيسير مواصلة
السجناء لتعليمهم وأداء الامتحانات.






وبالرغم من ذلك ظلت الإدارة العقابية في مصر تتخذ السجن كأداة للعقاب وسلب
الحرية
واقتصر
تعليم السجناء علي محو أميتهم في بعض الحالات.






وبصدور المرسوم بقانون رقم 396 لسنة 1956 الخاص
بتنظيم السجون
أصبح للتعليم في السجون بعض الجدية. وقد أبرزت المذكرة الإيضاحية لهذا
القانون
دور التعليم في الإصلاح والتأهيل بقولها
" لوحظ أن المسجون لو ترك وشأنه داخل السجن دون إشراف أو توجيه لأتجه
بكليته إلى التفكير في الجريمة وتقليد غيره من المجرمين ؛ ومنعا
ً لذلك رؤى أن تقوم إدارة السجن
بتعليم المسجونين وتهيئة سبل الثقافة لهم حتى يشغلوا وقت فراغهم بما يعود عليهم
بالفائدة الذهنية ويباعد بينهم وبين استيعاب عوامل ا
لإجرام"


وعلى هذا تنص المادة 28 من قانون تنظيم السجون
على أن "تقوم إدارة السجن بتعليم المسجونين مع مراعاة السن ومدى الاستعداد
ومدة العقوبة". وأناطت المادة 29 من ذات القانون بوزير الداخلية بالاتفاق مع
وزير التربية والتعليم بوضع منهج الدراسة للرجال والنساء وذلك بعد أخذ رأي مدير
عام السجون[13].






286-
ثانياً : تنظيم تعليم المحكوم عليهم :


يثير تنظيم التعليم تحديد الكيفية
التي تقدم بها إلى المحكوم عليهم
. ولا شك أن هذه الكيفية تتمثل في
الدروس والمحاضرات وهي المستخدمة في التعليم الأول
ي. بيد
أنه لا يجب أن
يقتصر أسلوب التعليم على هذه الطريقة ، بل يجب أن يمتد
ليشمل
طريقة
المناقشات ا
لجماعية بحيث يجتمع المدرسين بالمحكوم عليهم
لمناقشة موضوع معين ويستم
عون لأرائهم في هذا الموضوع و يرشدونهم إلى الخطأ والصواب بشأنه.
و
لا
شك
أن هذه الطريقة من شأنها
أن
تشعر المحكوم عليهم بكيانهم واحترام شخصياتهم
.





ويوجب التنظيم الجيد للتعليم في السجون إعداد هيئة تدريس تتولى
القيام بالعملية التعليمية داخل المؤسسة العقابية[14].
وتقرر المادتان 1131 و 1132
من دليل العمل بالسجون أن
يستعان في القيام بأعمال التدريس
بأقسام محو
الأمية بالمؤسسات العقابية
عدد من المدرسين يندبون لذلك من بين مدرسي مديريات
التربية والتعليم أو من العاملين المدنيين والعسكريين بمصلحة السجون الذين تتوافر
فيهم شروط القيام بهذا العمل الفني من حيث المؤهل الدراسي والكفاءة الفنية.
ويجوز الاستعانة بالمتطوعين من المحكوم عليهم إذا كانوا على درجة
من التعليم إذا كانت إمكانيات الإدارة العقابية لا تسمح بتعيين أعداد كافية من
المدرسين.
أما القائمين على التدريس بالقسم الثاني للتعليم
العام فلابد أن يكونوا مدرسون فنيون معينون لذلك يعاونهم عدد من المحكوم عليهم
الذين يحملون مؤهلات داخل المؤسسة العقابية
.





287-
ثالثاً : مستوى تعليم المحكوم عليهم :



يثور التساؤل حول مستوى التعليم الذي يجب أن يتلقاه المحكوم عليه. هل يجب
أن ي
تقيد
التعليم في السجون بمستوى معين لا يجوز أن يرتفع المحكوم
عليه
فوقه ؟ في هذا
الصدد
ذهب البعض إلى أن مستوى تعليم المحكوم
عليه
يجب
أن ي
قف عند الحد الذي هو عليه في بيئته
الطبيعية قبل دخوله المؤسسة العقابية ؛ كي
لا يشعر المحكوم عليه أنه أصبح
أعلى
تعليماً وثقافةً من مستوى أبناء بيئته فيصبح من العسير اندماجه فيهم حين
الإفراج عنه
. والواقع أن هذا الرأي تعوزه الدقة ذلك لأن المحكوم عليه إذا ارتفع
مستوى تعليمه فإن ذلك يعزز من مكانته في البيئة التي كان يعيش فيها ويحظى باحترام
لم يكن يحظى به من قبل
. وحتى لو لم يستطع الاندماج في
بيئته فإنه يستطيع
الاندماج في بيئة أرفع مستوى وأكثر
استقامة.
وعلى ذلك فلا يجوز الوقوف عند حد معين من التعليم في المؤسسة العقابية ، وذلك
في حدود
الإمكانيات المتاحة للمؤسسة العقابية. فقد تسمح قدرات
المؤسسة بتيسير التعليم الجامعي والدراسات العليا للمحكوم عليهم عن طريق المراسلة
أو الانتساب[15].
وإلى هذا
ألمح المشرع المصري حينما أوجب في
المادة 31 من قانون تنظيم
السجون
على
إدارة السجن أن تشجع المسجونين على الإطلاع والتعليم وأن تيسر الاستذكار للمسجونين
الذين على درجة من الثقافة ولديهم الرغبة في مواصلة الدراسة و
أن تسمح لهم بتأدية الامتحانات
الخاصة به
م في مقار اللجان[16]. على أنه
لا يجب أن يقل مستوى التعليم في السجون عن الحد الذي يستلزمه محو أمية المحكوم
عليه ، أو ما يسمى بالتعليم الأولي. ويجب أن يكون هذا التعليم إلزامياً (البند 77
من قواعد الحد الأدنى).
وتنفيذا لهذا صدر القرار الوزاري رقم 1026 لسنة
1972 بشأن منهج تعليم وتثقيف المسجونين والذي جاء وفقا
ً لما جاء بمناهج وزارة التربية
والتعليم تنفيذا
ً للقانون رقم 67 لسنة 1970 في شأن تعليم
الكبار ومحو الأمية.
ووفقاً لهذا قسم المشرع المصري التعليم العام في السجون المصرية
إلى مستويين
هما المستوى الأساسي الإجباري والمستوى
الاختياري. ويجري الامتحان لمنهج المستوي
بمعرفة إدارة التعليم والوعظ بمصلحة السجون وتقوم إدارة المؤسسة العقابية بتنفيذ
منهج التعليم بمستوييه
. وتشترط
المادة 58
من قانون تنظيم السجون والمادة 1137 من دليل
العمل بالسجون
فيمن يلحق بمدرسة السجن وهي :


*- ألا يزيد سن المحكوم
عليه
على
45 سنه.



*- ألا تقل المدة الباقية من حكمه عن ستة أشهر.


*- ألا يكون مصاباً بعاهة عقلية أو جسمية تمنعه من
التعليم.



كما
يجب على الإدارة العقابية أن تيسر سبل التعليم الفني
Formation technique ou
professionnelle
للمحكوم عليهم من أجل المعاونة على تأهيلهم مهنياً ومن أجل
مساعدتهم على الكسب الحلال بعد انقضاء مدة العقوبة. وعلى هذا أكدت المادة 71/5 من
قواعد الحد الأدنى بقولها "يوفر تدريب مهني نافع للسجناء القادرين على
الانتفاع به".






وينظم
التعليم
الفني بالمؤسسات العقابية المصرية القانون رقم 75 لسنة 1970 في شأن
التعليم الفني
. وينقسم هذا
التعليم
إلى تعليم فني صناعي وزراعي وتجاري. ويشترط لالتحاق المحكوم
عليه بهذا النوع من التعليم
عدة شروط منها:


*- أن يكون الطالب حاصل على
الإعدادية أو ما يعادلها
.


*- ألا يزيد سن الطالب على
ثماني عشر سنه[17]
.


288-
رابعاً : وسائل تعليم المحكوم
عليهم
:


289-
أ: المكتبة :



تعد ا
لمكتبة La librairie من أهم وسائل التعليم داخل المؤسسة العقابية ؛ ففيها
يجد
المحكوم عليه السبيل
لاستكمال ثقافته ورفع الملل المصاحب
لسلب الحرية. و
يجب أن تعد المكتبة وتنتقي كتبها حتى يكون لها التأثير الذي تقتضيه
اعتبارات التأهيل
. ومن الملائم تخصيص أوقات للقراء في المكتبة
تحت
إشراف الإدارة العقابية ، مع إتاحة الفرصة للنزلاء
باستعارة
الكتب لقراءتها في محبسهم[18].





وقد اعترف النظام العقابي المصري بأهمية مكتبه السجن ، فأوجب
بالمادة 30
من قانون تنظيم السجون أن تنشأ في كل سجن مكتبة
للمسجونين تحوي كتباً دينية وعلمية وأخلاقية تشجع المسجونين على الانتفاع بها في
أوقات فراغهم
. وتردد ذات الأمر المادة 40 من قواعد الحد
الأدنى بقولها "يزود كل سجن بمكتبة مخصصة لمختلف فئات السجناء تضم قدراً
وافياً من الكتب الترفيهية والتثقيفية على السواء ، ويشجع السجناء على الإفادة
منها إلى أبعد حد ممكن".






290-
ب : الصحف :



تعد الصحف
Les journaux من وسائل التعليم غير المباشر. ويتجه الرأي الغالب
في الفقه
إلى إجازة دخول الصحف العامة إلى المؤسسة العقابية. والحجة في ذلك هي الإبقاء على الصلة بين المحكوم عليه والمجتمع الخارجي.
فضلاً
عن ذلك فإن
الحق في العلم هو حق لكل شخص باعتباره
إنساناً ، ومن ثم ينبغي أن يظل للمحكوم عليه هذا الحق
لا تجرده العقوبة منه. وإلى
هذا أشارت المادة 30 من قانون تنظيم السجون بقولها " يجوز للمسجونين أن
يستحضروا على نفقتهم الكتب والصحف من جرائد ومجلات وذلك وفق ما تقرره اللائحة
الداخلية"[19].






كما يتجه الرأي الراجح في الفقه إلى تحبيذ إصدار صحيفة خاصة بالمؤسسة
العقابية
، يتولى تحريرها السجناء بأنفسهم تحت إشراف
الإدارة العقابية ، باعتبار أن ذلك يمثل نافذة لهذه الأخيرة على مشاكل وميول
المحكوم عليهم[20].



















[1] تنص المادة 45 من الدستور المصري على أن
"للمراسلات البريدية والبرقية...وغيرها من وسائل الاتصال حرمة ، وسريتها
مكفولة ولا يجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة
محددة وفقاً لأحكام القانون.







[2] أعطت المادة م61 من اللائحة الداخلية لقانون السجون لمدير السجن أو مأموره حق عدم
تسليم الخطابات إلى أصحابها إذا تضمنت ما يثير الشبهة أو يخل بالأمن
.






[3] د. فوزية عبد الستار ، المرجع السابق ، ص162 وما بعدها ، د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص220 ، د.
غنام محمد غنام ، المرجع السابق ، ص110 وما بعدها.







[4] واستثنى القانون المصري الخطابات التي يحررها
المسجون لأهله وأصدقائه بطلب نقود لشراء ملابس داخلية أو ما شابه ذلك من مواعيد
المراسلة العادية المستحقة له
( م62 من
اللائحة الداخلية). إلا أنه يجوز حرمان المحكوم عليه من التراسل تأديبياً وفقاً
لما تقرره المادة 43 من قانون تنظيم السجون ، التي تنص على "الحرمان من كل أو
بعض الامتيازات المقررة لدرجة المسجون أو فئته لمدة لا تزيد على ثلاثين
يوماً". راجع د. غنام محمد غنام ، المرجع السابق ، ص 111 وما بعدها.







[5] د. أحمد شوقي أبو خطوة ، المرجع السابق ،
ص594.







[6] وهي تفرقه في رأينا
غير
منطقية
رغم وحدة العقوبة وإن اختلف مكان التنفيذ.






[7] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص220.






[8] أجازت المادة 723-3 إجراءات جنائية فرنسي
التصريح للمحكوم عليه بالخروج المؤقت من المؤسسة العقابية لمدة لا تزيد على ثلاثة
أيام إذا استدعت ظرف عائلية خطيرة ذلك
Sortir pour des circonstances familiales graves شريطة ألا تزيد العقوبة على
خمس سنوات وأن يكون المحكوم عليه قد قضى نصف مدتها.







[9] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص222. تسمح
المادة 723-3 إجراءات جنائية فرنسي بمنح المحكوم عليه بعقوبة لا تزيد على خمس
سنوات أو تزيد على ذلك إذا ما نفذ نصف تصريحاً لمدة يوماً واحد لأجل التقدم لوظيفة
أو استكمال إجراءات التقدم للخدمة العسكرية أو الخضوع لاختبارات معينة.







[10] د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص312 وما بعدها.






[11] لمزيد من التفصيل حول واقع التعليم في
المؤسسات العقابية المصرية ، راجع تقارير منظمة حقوق الإنسان المصرية على الانترنت
http://www.eohr.org.






[12] راجع لمزيد من التفصيل د. غنام محمد غنام ،
المرجع السابق ، ص 164 وما بعدها ،
فادية أبو شهبه ، تطور التنفيذ العقابي في مصر ،
التعليم بالمؤسسات العقابية
، المجلة
الجنائية ال
قومية ، ع2 ، 3 ،
يوليو-
نوفمبر 1992 ،
ص 7 وما بعدها
.






[13] حرص الدستور المصري على أن يكون التعليم حقا لكل مواطن وتكفله
الدولة وذلك طبقا لنص المادة 18 من
الدستور الدائم
لسنة 1971.
بل ولقد توسع المشرع الدستوري المصري بأن
جعله بالمجان في المراحل التعليمية المختلفة
21 من
الدستور
).
راجع في ذات المعنى المادة 26 من الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان والمادتين 13 و14 من
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية التي صدقت عليها الأمم المتحدة في ديسمبر 1966
.






[14] وفقاً للمادة 1120 من دليل العمل في
السجون
تشكل لجنة عليا تشرف على رسم وتنفيذ برامج التعليم
بالسجون برئاسة مدير مصلحة السجون وعضوية وكيل المصلحة ومدير إدارة الإصلاح ورئيس
قسم التعليم والوعظ
. ويتولى سكرتارية اللجنة أحد العاملين بقسم
التعليم والوعظ
. ويشرف على أقسام محو الأمية مشرفون عامون
ومفتشون إداريون وفنيون للإشراف والتفتيش
. ويحدد عددهم بعدد المناطق
التعليمية بالمصلحة ويتم اعتمادها بموافقة وزارة الداخلية بعد أخذ رأي الإدارة
العامة
. ويقوم المشرفون بزيارة الأقسام التعليمية بالسجون
بحد أدني أربع زيارات في السنة بالنسبة للمشرفين وخمس زيارات للمفتشين للتأكد من
حسن سير العمل بها.







[15] د. فوزية عبد الستار ، المرجع السابق ، ص131 ، د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص313 ، د. محمد عيد الغريب ،
المرجع السابق ، ص209. وراجع في ذات المعنى
art. D. 454 من قانون الإجراءات الجنائية
الفرنسي.







[16] وكانت المادة 31 من قانون السجون قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1973 تخطر
خروج المحكوم عليهم من المؤسسة العقابية لتأدية
الامتحانات. وقد استجاب المشرع لتلك الأصوات
التي انتقدت منع الانتقال إلى مقار
اللجان خارج المؤسسة العقابية
وعلى ذلك
فأصبح من حق السجناء الانتساب إلى الجامعات والمعاهد والانتقال إلى مقار الجامعات والمعاهد لأداء الامتحان. أما صفوف الثانوية العامة أو الإعدادية وغيرها فيتم عقد لجان الامتحان داخل المؤسسة العقابية بمعرفة وزارة التربية والتعليم. وفي عام 1986 صدر قرار وزير
الداخلية بان تتحمل مصلحة السجون الرسوم الدراسية في جميع مراحل التعليم لنزلاء
السجون الذين يواصلون دراستهم تحقيقا لتخفيف الأعباء المالية عليهم وتشجيعا لهم
علي مواصلة الدراسة
.






[17] وكان قد صدر القرار رقم 183 لسنة 1973 الذي نص
على
إنشاء
المدرسة الثانوية الصناعية بسجن القناطر للرجال والذي أستثن
ى المحكوم عليهم المودعون
بهذا السجن من
شرط السن. وتسمى هذه المدرسة باسم مدرسة الشهيد
يوسف عباس الثانوية الصناعية
. ويجوز للخريجين استكمال دراستهم
بالكليات أو المعاهد العليا.
وفي نهاية السنة الدراسية تعقد
وزارة التربية والتعليم امتحانا
ً عاماً تحريرياً وعملياً على مستوى الجمهورية من دور واحد يمنح
الناجحون فيه شهادات دبلوم الثلاث سنوات أو الخمس سنوات.







[18] د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص315 وما بعدها ، د. مأمون سلامة ، أصول علم الإجرام والعقاب
،
دار
الفكر العربي
، 1979 ، ص349.






[19] إلا أن المادة 30 تمنع من الاستفادة من هذه
الميزة المحكوم عليهم تطبيقاً للمواد 98 "أ" و98 "ب" مكرراً
و98 "ج" و98 "د" و98 "هـ" و174 من قانون العقوبات.
وهي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الثاني من قانون العقوبات الذي يعالج الجنايات
والجنح المضرة بالحومة من جهة الداخل.







[20] د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص316 وما بعدها.

descriptionجديدرد: كتاب الحق في العقاب

more_horiz
المطلب
السادس


تهذيب
المحكوم عليه





281-
تقسيم :



لا يكتمل للتعليم - كأحد أساليب المعاملة العقابية الداخلية - دوره في
التأهيل إلا بالاهتمام بتهذيب المحكوم عليهم L’éducation des détenus. فالتعليم والتهذيب
وجهان لعملة واحدة ولا يقوم أحدهما بدون الأخر. والتهذيب نوعان : إما تهذيب ديني وإما تهذيب خلقي.





282-
أولاً : التهذيب الديني :


لقد عرف التهذيب الديني L’éducation
religieuse
أول ما عرف مع النشأة
الأولى للسجون. فقد كان رجال الدين المسيحي يقومون بزيارة
السجون لحض النزلاء على الندم والتوبة والتقرب إلى الله.
فالقائمين على الإدارة العقابية في ذاك الوقت كانوا من رجال الدين[1]. ورغم
إسناد مهمة الإدارة العقابية حالياً في غالبية التشريعات إلى المدنيين إلا أنه يظل
رغم ذلك لرجال الدين دور كبير في تهذيب وتأهيل المحكوم عليهم. إذ تستعين بهم
المؤسسات العقابية في تنمية الوازع الديني لدى المذنبين ، الذين يكون أكثر تضرعاً
إلى الله وهم في مرحلة سلب الحرية أكثر مما كانوا عليه قبلها ؛ مما يسهل عملية
التأهيل وكبح جماح عوامل الجريمة المتأصلة في النفس. وقد أكدت على هذه الأهمية
المادة 42 من قواعد الحد الأدنى بقولها "يجب أن يسمح لكل مسجون بإشباع
متطلبات حياته الدينية على قدر المستطاع عملياً وذلك عن طريق حضور الخدمات الدنية
التي تنظم في المؤسسة وحيازته لكتب التعليم والإرشاد الديني الخاصة بمذهبه".





ولحسن أداء الوظيفة التهذيبية يتعين اختيار رجل الدين بعناية فائقة. فيجب أن يكون على علم بقواعد دينه
، ويقتضي ذلك حصوله على مؤهل دراسي يثبت ذلك. ويفضل
أن يلحق رجل الدين قبل أداءه لمهامه داخل المؤسسة العقابية بدورات تدريبية للتعرف
على مجتمع السجن وطبيعة المشاكل التي تواجه المسجون داخلة وعلى الدوافع المختلفة
للجريمة. يضاف
إلى ذلك ضرورة اختيار رجل الدين ممن يعرف عنه صلاح السلوك ونزوعه للاهتمام بمشاكل الآخرين والرغبة
في المساعدة على حلها (م21 من اللائحة الداخلية)[2].





ويناط برجال الدين العاملين بالمؤسسات
العقابية إدارة الشعائر الدينية وإلقاء المحاضرات والوعظ
والإفتاء. ويمكن لرجل الدين – بعد موافقة الإدارة العقابية - أن يقوم بتنظيم مناقشات جماعية
لإتاحة الفرصة أمام المحكوم عليهم لعرض استفساراتهم وبيان حكم الدين فيها. وعليه أن يجتمع بالمحكوم عليه
الذي يطلب ذلك أو يقدر رجل الدين أنه في حاجة إلى هذا الاجتماع[3]. وتوجب
المادة 32 من قانون السجون أن يكون لكل ليمان أو سجن عمومي واعظ أو أكثر لترغيب
المسجونين في الفضيلة وحثهم على أداء الفرائض الدينية[4]. وتلزم المادة 21 من اللائحة الداخلية للسجون الواعظ بأن "يزور كل مسجون يغلب
عليه الشذوذ وعدم الاستقامة باذلاً جهده في إصلاحه".











283-
ثانياً : التهذيب الخلقي :


يقصد بالتهذيب الخلقي L’éducation moralisatrice بث الفضيلة الأخلاقية والقيم
السامية في نفس المحكوم عليه. وتبرز أهمية التهذيب الخلقي في
محاولة التغلب على القيم الفاسدة التي دفعت النزيل إلى السلوك الإجرامي ، وإبدالها
بقيم ومثل أخلاقية قويمة. ولكي يؤدي التهذيب الخلقي دوره
المنشود يجب أن يكون القائمون عليه ممن تتوافر لديهم معرفة خاصة بقواعد علم النفس
والاجتماع والأخلاق والقانون والعلوم الاجتماعية بصفة عامة ، حتى يمكنهم فهم شخصية
المحكوم عليه واكتساب ثقته وتوجيهه في تصرفاته بما يتفق
ومعايير السلوك العام في المجتمع[5]. ولا
شك أن أيسر السبل لتحقيق أغراض التهذيب الخلقي هي اللقاء
الفردي بين الأخصائي الاجتماعي والمحكوم
عليه ؛ حيث
يتاح للأخصائي التعرف على شخصية النزيل الذي يتقابل معه ، ويسهل عليه مناقشته
وإقناعه بعدم سلامة أفكاره ومسار معتقداته وقيمه التي دفعته إلى سلوك الجريمة. ويمكن
من أجل بلوغ هذا التهذيب أن تعقد مناقشات جماعية يحضرها الأخصائي ويقوم بمناقشة موضوع
معين مع النزلاء وسماع وجهة نظرهم فيه[6].








المطلب السابع


الجزاءات
التأديبية والمكافأت







284-
تمهيد :




يستمد نظام الجزاءات التأديبية والمكافآت Sanctions disciplinaires et récompenses أهميته من وجوب سيادة النظام في
المؤسسة العقابية كوسط تتعاظم فيه احتمالات التمرد بالنظر إلى
طبيعة الأشخاص الذين يجمعهم هذا المكان. وإذا عدت الجزاءات التأديبية هي الوسيلة
الأصلية لتدعيم النظام في المؤسسات العقابية ، فإن ثمة وسيلة أخرى أثبتت
فعاليتها هي وسيلة المكافأة التي تمنح للمحكوم
عليه عن حسن سلوكه. وكلاً من الوسيلتين السابقتين تعتمدان على شعورين
إنسانيين هما الخوف والأمل. فالجزاءات التأديبية تستغل
الخوف من الإيلام وفقد المزايا ، أما المكافآت فتستغل الطموح والأمل في الحصول على
المزايا والتطلع إلى أسلوب أفضل للمعيشة
داخل المؤسسة العقابية[7].








285-
أولاً : الجزاءات التأديبية:



يستوجب الخروج على النظام الداخلي للمؤسسة العقابية فرض عدد
من الجزارات التأديبية Sanctions
disciplinaires
تمثل في
جوهرها إيلام إضافي يكمل الإيلام الناشئ عن سلب الحرية. وهذا الإيلام يستهدف بصفة أساسية
المساهمة في تهذيب وتأهيل المحكوم
عليه. لذا فقد بدأت تتجرد هذه الجزاءات حديثاً من طابع الانتقام وتتصف بالاعتدال[8]. ويعلل هذا التطور بالحرص على صيانة قدرات المحكوم عليه البدنية والنفسية
وصيانة كرامته وكون المغالاة في الجزاء
التأديبي قد يعرقل جهود التأهيل بما يتركه من عداوة بين المحكوم عليه
والإدارة العقابية. ويتجه النظام العقابي
المصري إلى
حصر المخالفات التأديبية في السجن. وهذه تبدأ من عدم الطاعة إلى
إحداث حريق عمداً بالسجن أو إثبات أمراً مخالف لنظام السجن أو
مخل بأمنه. وإذا شكل الفعل الواحد الذي يرتكبه النزيل
جريمة تأديبية وجريمة جنائية في ذات الوقت كالتعدي على أ حد حراس أو أحد الزملاء
أو سرقة كمال مملوك للغير فإن المادة 78 من قانون تنظيم
السجون ألزمت مدير السجن أو مأموره بإبلاغ النيابة العامة عن كل جناية تقع من المسجونين أو
عليهم وعن الجنح التي تقع منهم أو عليهم إذا كانت خطيرة أو كانت ظروف المهنة من
شأنها أن تجعل الجزاء لتأديبي غير كاف.





وقد حددت المادة 43 من قانون تنظيم السجون
الجزاءات التأديبية التي يمكن أن توقع على النزيل
عند ارتكابه لمخالفة تأديبية في : الإنذار ، أو الحرمان من كل أو بعض الامتيازات
المقررة لدرجة المسجون أو فئته لمدة لا تقل عن ثلاثين يوماً ، أو تأخير نقل المسجون إلى درجة أعلى من درجته ، أو تنزيل المسجون إلى درجة أقل من
درجته ، أو الحبس الانفرادي لمدة لا تزيد عن خمسة عشر يوماً ، أو
وضع
المحكوم عليه بغرفة التأديب المخصوصة التي تعنيها اللائحة الداخلية لمدة لا تزيد
عن ستة أشهر. وللمحكوم عليه – شأنه شأن الإنسان العادي –
الحق في محاكمة عادلة عند مسائلته تأديبياً وفق المتعارف عليه في المحاكمات
الجنائية. فله الحق في العلم بالتهمة (م44/4 من قانون السجون) والحق في الدفاع
(م30/2 من قواعد الحد الأدنى) وما يتفرع عنه كحقه في الاستعانة بمحام ومناقشة
الشهود[9].
ونرى استكمالاً لأوجه المحاكمة العادلة في المجال التأديبي داخل السجون أن يجري
التأديب بمعرفة قضاة متخصصين وليس من قبل مجالس تأديب خاصة مشكلة من ضباط السجن
إعمالاً للمادة 68 من الدستور التي تقضي "بأن لكل مواطن الحق في اللجوء إلى
قاضيه الطبيعي" ؛ دون أن تفرق في ذلك بين مسجون وشخص عادي أو بين محاكمة
جنائية وغيرها من المحاكمات.





286-
ثانياً : المكافآت :


تعد المكافآت Récompenses أحد الوسائل الهامة في المحافظة على النظام الداخلي
للمؤسسة
العقابية ؛ فضلاً عن كونها وسيلة لتشجيع المحكوم
عليه على انتهاج السلوك القويم. ومن ثم يمكن اعتبارها في ذاتها
نظاماً تهذيبياً يفوق الدور النوط بالجزاءات لتأديبية في هذا
الصدد[10].
وتتخذ
المكافآت صور متعددة من أهمها السماح بزيادة المراسلات والزيارات العائلية
وزيادة الوجبات الغذائية ، وتغيير نظام الزيارة بحيث لا توجد فواصل بين
النزيل وزواره. ومنها أيضاً السماح للمحكوم
عليه بالاشتراك
في الأنشطة الترفيهية على نحو مكثف أو إطالة مدة النزهة اليومية ، أو التخفيف في
العمل وتغييره. وقد تأخذ المكافأة صورة المنح المالية التي
يكون لها قيمة معنوية كبيرة وتبث الثقة في نفس المحكوم عليه وتدفع
أقرانه بالمؤسسة للإقتداء به. ومن أمثلة المكافآت في النظام العقابي المصري السماح
بنقل
المحكوم عليه من درجة إلى أخرى داخل السجن أو منحه
– وفق شروط معينة - إفراجاً شرطياً قبل انتهاء مدة العقوبة.





المبحث الثاني


أساليب المعاملة العقابية الخارجية




287-
تمهيد وتقسيم :




لا تقتصر المعاملة العقابية على ما تطبقه
الإدارة العقابية من أساليب داخل السجون ، وإنما تمتد هذه المعاملة إلى ما تأخذ به
التشريعات المعاصرة من نظم تطبق في الوسط الحرMilieu libre خارج المؤسسة العقابية. ولقد سبق لنا من قبل استعراض بعض هذه
النظم في معرض الحديث عن بدائل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة[11]
، كنظام الوضع تحت الاختبار وإيقاف التنفيذ مع الوضع تحت الاختبار والإعفاء من
العقوبة وتأجيل النطق بها ونظام شبه الحرية. لأجل هذا سوف يقتصر حديثنا في هذا المبحث
على بعض أساليب المعاملة العقابية الخارجية الأخرى ، كنظام الإفراج تحت شرط
(الإفراج الشرطي) ، الذي لا يتطلب سلب الحرية وإنما مجرد تقيدها ، ونظام الرعاية
اللاحقة للمفرج عنهم.








المطلب الأول


الإفراج تحت شرط





288-
أولاً : مضمون الإفراج تحت شرط
وحكمته :






الإفراج تحت شرط - أو الإفراج الشرطي La libération conditionnelle - أحد أساليب المعاملة العقابية بمقتضاه يفرج
عن المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية قبل انقضاء مدتها وذلك لفترة معينة للتأكد من
حسن سلوكه واستقامته. فإذا انقضت تلك المدة دون أن يخل المفرج عنه بشروط الإفراج
صار هذا الإفراج نهائياً ، أما إذا ثبت خروجه على تلك الشروط أعيد من أفرج عنه مرة
أخري للمؤسسة العقابية لاستكمال مدة العقوبة السالبة للحرية[12].





وقد ظهرت الدعوة لهذا النظام على يد القاضي دي
مارساني De Marsangy في منتصف القرن
التاسع عشر ، وأخذ به المشرع الفرنسي لأول مرة بالقانون الصادر في 4 أغسطس 1885 ،
ومنه انتقل النظام إلى دول أخرى في أوروبا وخارجها. ولا شك أن الأخذ بهذا الطريق
من طرق المعاملة العقابية قد جاء على أثر التطور الذي شهدته العقوبة وغلبة دورها
في التأهيل على وظيفتها في تحقيق العدالة والردع العام. فإذا كانت اعتبارات
العدالة والردع العام توجب أن تحدد مدة العقوبة السالبة للحرية بحيث تتناسب مع
الجسامة الموضوعية والشخصية للجريمة ، فإن اعتبارات التأهيل توجب ألا تطول هذه
المدة إلى ما يجاوز المدى المتطلب لتحقيق هذا التأهيل. فإن جاوزت العقوبة تلك
المدة وجب اختصارها عن طريق الإفراج المؤقت عن المحكوم عليه، على أن يخضع هذا
الأخير خلال فترة الإفراج إلى عدد من الشروط والالتزامات تمهد – إن التزم بها –
للإفراج النهائي عنه[13].
فالسياسة العقابية الحديثة – التي تعلي من الوظيفة التأهيلية للعقوبة – تسلم بوجوب
أن يسبق كل إفراج نهائي إفراج مؤقت حتى يمكن التأكد من اندماج المحكوم عليه من
جديد في مجتمعة وأنه صار يسلك طريقاً سوياً في الحياة.





وتبدو الحكمة من هذا النظام جلية واضحة والتي
تتمثل في تشجيع المحكوم عليه على سلوك مسكاً قويماً خلال مدة تنفيذ العقوبة كي
يتسنى له الاستفادة من نظام الإفراج تحت شرط. كما يهدف هذا النظام إلى التدرج
بمعاملة المحكوم عليه من مرحلة سلب الحرية الكاملة إلى مرحلة تقيد الحرية بالإفراج
المؤقت عنه تمهيداً للإفراج النهائي عنه فيتجنب بذلك مساوئ الإفراج المفاجئ عنه.





289-
ثانياً : شروط الإفراج تحت
شرط :



يبين من مطالعة المواد من 52 إلى 64 التي يضمها الفصل الحادي عشر من قانون
تنظيم السجون أن المشرع المصري قد وضع عدة شروط لتقرير الإفراج الشرطي عن المحكوم
عليه[14].
وبعض تلك الشروط يتعلق إما بالمحكوم عليه ، وإما بمدة العقوبة ، وإما بالالتزامات
المالية في ذمة المحكوم عليه ، وإما بمقتضيات الأمن العام. ولا يتطلب المشرع
شروطاً متعلقة بالجريمة أو بالعقوبة. فكل محكوم عليه من أجل جريمة أياً كانت –
جناية أو جنحة - ، وبأية عقوبة سالبة للحرية – سجن مؤبد أو سجن مشدد أو سجن أو حبس
- يمكن أن يمنح الإفراج الشرطي.





فتوجب المادة 52 من قانون السجون أن يكون سلوك
المحكوم عليه خلال مدة وجودة في السجن يدعو إلى الثقة لتقويم نفسه. وهكذا يكون
الإفراج الشرطي مكافأة للمحكوم علية على سلوكه القويم أثناء مدة تنفيذ العقوبة
السالبة للحرية. ويقصد بحسن السلوك هنا أن ينبئ وضع المحكوم عليه في المؤسسة عن احتمالية
استمراره هكذا أثناء الإفراج المؤقت عنه. فتقدير سلوك المحكوم عليه يجب أن يكون
متجهاً نحو المستقبل[15].





ومن حيث مدة العقوبة توجب المادة سالفة الذكر
أن يمضي المحكوم عليه ثلاثة أرباع مدة العقوبة المحكوم بها بما لا يقل عن تسعة
أشهر. كما يجب أن لا تقل المدة اللازمة للإفراج الشرطي عن عقوبة السجن المؤبد عن
عشرين سنة. والحكمة من اشتراط حد أدنى للعقوبة مقداره تسعة أشهر لتقرير الإفراج
الشرطي هو استبعاد هذا النظام في حالة الحكم بعقوبة قصيرة المدة ؛ لأن ابتسار
العقوبة أقل من ذلك يصعب معه تحقيق أغراضها ويصعب معه كذلك تقدير الجدارة
بالإفراج. أما علة اشتراط مرور عشرين سنة من بدء تنفيذ عقوبة السجن المؤبد لتقرير
الاستفادة من الإفراج الشرطي فيعود إلى كونها في الأصل غير محددة المدة وتستغرق
حياة المحكوم عليه فوجب أن يحدد لها المشرع قدراً جزافياً يرتبط غالباً بالمدة
التي ينتظر أن تمتد خلالها حياة الشخص متوسط العمر[16].





ولا مشكلة في حساب المدة إذا كانت العقوبة
واحدة. أما إذا تعددت العقوبات ، فإن المادة 54 من قانون تنظيم السجون تنص على أنه
إذا تعددت العقوبات المحكوم بها لجرائم وقعت قبل دخول المحكوم عليه السجن يكون
الإفراج على أساس مجموع مدد هذه العقوبات. فإذا كانت العقوبات من نوع واحد ضمت
مددها وتعين أن يمضي المحكوم عليه ثلاثة أرباع المدد مجتمعة. أما إذا كانت
العقوبات من أنواع مختلفة ضمت مددها وتعين البدء في استفاء ثلاثة أرباعها من أشد
العقوبات المحكوم بها ثم من العقوبة التي تليها شدة. ويترتب على هذا الضم أنه إذا
كانت مدة إحدى العقوبات أقل من تسعة أشهر بحيث لا يجوز تقرير الإفراج الشرطي
بشأنها ، فإنه بضم مدة هذه العقوبة إلى مدد عقوبات أخرى قد تزيد مدتها على تسعة
أشهر ويكون الإفراج الشرطي حينئذ ممكناً ، شريطة أن تكون تلك العقوبات قد حكم بها
قبل دخول المؤسسة العقابيةً[17].





وتنص المادة 54 من قانون تنظيم السجون في
فقرتها الثانية على أنه "إذا ارتكب المحكوم عليه أثناء وجوده في السجن جريمة
فيكون الإفراج على أساس المدة الباقية عليه وقت ارتكاب هذه الجريمة مضافاً إليها
مدة العقوبة المحكوم بها عليه من أجل ارتكابها".





وتقضي المادة 55 من قانون تنظيم السجون في
فقرتها الأولى على أنه "إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية قد قضى في
الحبس الاحتياطي مدة واجباً خصمها من مدة العقوبة فيكون الإفراج عنه تحت شرط على
أساس كل المدة المحكوم بها".





وتتطلب المادة 52 أيضاً ألا يكون في الإفراج
عن المحكوم عليه خطورة على الأمن العام. ونرى أنه ليس هناك ارتباط بين حسن سلوك
الشخص المزمع الإفراج عنه وبين تأثيره على الأمن العام. فقد يكون سلوك المحكوم
عليه حسناً داخل المؤسسة العقابية إلا أن خروجه يشكل خطورة معينة على الوسط
الخارجي ، كأن يترتب على خروج النزيل تجديد النزاع بين أسرته وأسرة المجني عليه.
ويترك للسلطة العامة أمر تقدير تلك الخطورة بلا معقب عليها ، الأمر الذي قد يكشف
عن بعض صور التعسف في منح الإفراج الشرطي بحجة المساس بالأمن.





وأخيراً تستوجب المادة 56 من قانون تنظيم
السجون لمنح الإفراج الشرطي أن يكون المحكوم عليه قد أوفى بالالتزامات المالية
المحكوم بها عليه من المحكمة الجنائية في الجريمة وذلك ما لم يكن من المستحيل
الوفاء بها. وعلة تطلب ذلك أن عدم وفاء المحكوم عليه بتلك الالتزامات – رغم
استطاعته - يكشف عن عدم ندمه على جريمته وعدم جدارته بالإفراج ، والعكس إن هو
أوفى. كما أن عدم الوفاء قد يعزز من المخاطر التي تهدد الأمن العام إذا ما أفرج عن
المحكوم عليه فيسقط بذلك أحد الشروط المتطلبة لتقرير الإفراج.





والالتزامات التي يتعين الوفاء بها هي الغرامة
والتعويضات والمصاريف المقضي بها فقط من المحكمة الجنائية دون المحكمة الجنائية.
ونرى أن الوفاء بتلك المبالغ واجب حتى ولو كانت ناشئة عن جريمة غير التي دخل
بسببها المؤسسة العقابية.






290-
ثالثاً : طبيعة الإفراج تحت
شرط :


تتعدد طبيعة الإفراج لشرطي وفقاً
للغرض المرجو منه : فيمكن اعتباره منحة ومكافأة للمحكوم عليه على حسن سلوكه داخل المؤسسة العقابية ، كما يمكن اعتباره مرحلة من مراحل
تنفيذ العقوبة السالبة للحرية حين يكون من الملائم
إخضاع
المفرج عنه لعدد من الالتزامات في الوسط
الحر للتحقق من التأهيل الذي بدت بوادره داخل المؤسسة
العقابية. وأخيراً يمكن اعتبار الإفراج الشرطي تدبيراً مستقلاً للتأهيل الاجتماعي[18].





291-
أ : الإفراج تحت شرط
كمنحة :



لقد نظر إلى الإفراج الشرطي في بداية تطبيقه على أنه منحة تهذيبية الهدف منه
مكافأة المحكوم عليه على حسن مسلكه أثناء تنفيذ العقوبة. وبالتالي كان قضاء المحكوم عليه
فترة معينة داخل المؤسسة العقابية كافياً للإفراج عنه قبل انقضاء كل مدة العقوبة
بصرف النظر عن التحقق من إصلاحه بالفعل ، ومدى توافر إمكانية التأهيل الاجتماعي[19].





وقد ترتب على هذه النظرة عدة نتائج منها[20] :


*- أن حسن سلوك المحكوم
عليه داخل
المؤسسة العقابية يعد شرطاً جوهرياً لإمكان الإفراج عنه قبل انتهاء مدة العقوبة التي
حددها الحكم. فلم يكن المزمع
الإفراج عنه يخضع لأي شروط أو التزامات. وكانت الحجة التي تقال لتبرير
ذلك أن
التهديد بإلغاء الإفراج الشرطي إذا خالف المفرج عنه القانون بارتكابه
جريمة لاحقة كافي لأن يدفعه إلى تقويم نفسه.


*- أنه لا محل لتطلب رضاء المحكوم عليه لمنح
الإفراج الشرطي ، والحجة في ذلك أن الإفراج الشرطي نظام عقابي تطبقه السلطة التي
يخولها القانون ذلك ، ولا محل لتدخل المحكوم عليه في تطبيق هذا النظام ، فضلاً عن
أن المحكوم عليه قد يجهل الطريق الصحيح إلى تأهيله.


*- أنه لا تأثير للإفراج الشرطي على
الحكم القضائي الصادر بالعقوبة ، فالمفرج عنه يعد قي الواقع في
مرحلة من مراحل التنفيذ العقابي. ويستتبع ذلك أن حظر الإقامة لا يبدأ في السريان إلا
بعد أن تنقضي المدة المتبقية من العقوبة المحكوم
بها. كما أن الفترة التي يجوز اعتبار المتهم خلالها
عائداً إذا ارتكب جريمة تالية (م49/2عقوبات) لا تبدأ من
تاريخ الإفراج الشرطي ولكن من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة. وكذلك فإن الحرمان من أداء
الشهادة أمام المحاكم إلا على سبيل الاستدلال (م25/3عقوبات) تلحق بالمفرج عنه
شرطياُ ولا تنقضي إلا إذا انتهت المدة المتبقية من العقوبة. وأخيراً
فإن المدة
المطلوب سريانها من أجل رد الاعتبار القضائي أو القانوني لا تبدأ إلا من يوم الانقضاء التام للعقوبة.





ولا يداخلنا الشك في أن اعتبار الإفراج تحت شرط بمثابة مكافأة للمحكوم عليه على
حسن سلوكه داخل المؤسسة العقابية يعد انعكاس للأفكار الكلاسيكية في السياسة
العقابية ، التي كانت تقدر العقوبة بقدر الجسامة
الموضوعية للواقعة الإجرامية لا وفقاً لشخصيته مرتكبها
وظروفه ؛ ولم تكن ترى في العقوبة إلا
وسيلة للردع
العام وإرضاء العدالة لا وسيلة للتأهيل والإصلاح.
وبالجملة كانت النظرة إلى العقوبة على أنها سداد لدين
أخلاقي يدين به المجرم نحو المجتمع بارتكاب جريمته. تلك
النظرة التي نأسف لاستمرارها في التشريع المصري إلى الآن.





292-
ب : الإفراج تحت شرط
كمرحلة للتنفيذ العقابي :



لقد تطور الإفراج الشرطي في ظل السياسة العقابية الحديثة إلى أن أصبح وسيلة تفريد للمعاملة
التهذيبية للمحكوم عليهم. ولقد كان المشرع الفرنسي سباقاً
في ذلك بإصداره مرسوماً في أول إبريل من عام 1952 حدد فيه الشروط الخاصة التي
يمكن أن يخضع لها المفرج عنه شرطياًُ ونص لأول مرة على لجان مساعدة المفرج عنه
شرطياًُ. وبذلك أقر
هذا المرسوم الدور التهذيبي لنظام الإفراج الشرطي.





وقد ترتب على هذه النظرة عدة نتائج منها[21] :


*- وجوب ارتباط الإفراج الشرطي برضاء
المحكوم عليه. وعلة ذلك أن هذا النظام أصبح يهدف إلى التأهيل والتقويم ، الأمر
الذي لا يتحقق إلا إذا توافرت بالفعل لدى المحكوم عليه الإرادة
الكاملة للاستفادة من المعاملة العقابية التي ينطوي عليها هذا
النظام.


*- وجوب خضوع المفرج عنه لتدابير رقابة وإشراف ومساعدة التي تكفل تحقيق التأهيل الاجتماعي للمفرج عنه. وينبغي أن تكون مدة الإفراج
الشرطي مناسبة بحيث تسمح بمتابعة جهود إعادة التأهيل والإصلاح عن طريق
تلك التدابير.





وبالرغم من أن الإفراج لشرطي أصبح ذا مضمون تربوي وتهذيبي إلا
أنه لم يقم بما كان مرجواً منه في تأهيل وإصلاح المحكوم
عليهم ، وذلك يعود بصفة أساسية إلى
استمرار ارتباط الإفراج الشرطي بالعقوبة المحكوم بها. والدليل على ذلك أن مدة الإفراج
الشرطي والالتزامات الخاصة التي يمكن أن يخضع لها المفرج عنه كانت تستمد تحديدها من
حكم الإدانة ، وكذلك فإن تدابير الرقابة والإشراف كانت تنتهي بانقضاء مدة العقوبة
المحكوم بها ، حتى ولم يكن قد تحقق تأهيل وإصلاح المفرج عنه ، وهو ما يحدث في الغالب عندما تكون مدة الإفراج
الشرطي قصيرة جداً. وكذلك فإن الجزاء الذي كان يوقع على المفرج
عنه عند مخالفته للالتزامات والقيود التي تفرض عليه كان مستمد أيضاً من حكم الإدانة. فهذا
الجزاء لم يكن إلا إلغاء الإفراج الشرطي وعودة المفرج عنه إلى المؤسسة العقابية ليستوفي
المدة المتبقية من العقوبة.





293-
ج : الإفراج تحت شرط كتدبير مستقل للتأهيل الاجتماعي :


كانت لأفكار مدرسة الدفاع الاجتماعي
الفضل
في التنبيه إلى ضرورة فصم الصلة التي تربط الإفراج الشرطي
بالعقوبة ، بحيث ينظر إلى الإفراج الشرطي كتدبير مستقل لتأهيل والإصلاح الاجتماعي
، ولم يعد ينظر إليه كأسلوب لتنفيذ العقوبة.





ولقد قطع المشرع الفرنسي في هذا السبيل شوطاً كبيراً
بعد التعديلات التي أدخلها في قانون الإجراءات الجنائية سنة 1958 على نظام الإفراج
الشرطي. فقد سمح المشرع الفرنسي بأن تتجاوز مدة الإفراج
الشرطي مدة العقوبة المحددة في الحكم ،
حيث أجازت المادة 732 من قانون الإجراءات الفرنسي للوزير المختص إطالة تدابير
المساعدة والرقابة إلى ما بعد انقضاء العقوبة المحكوم بها ، لمدة لا تزيد عن سنة. وتظهر فائدة هذا النص عندما لا
تكون مدة الإفراج الشرطي كافية لاستفادة المفرج عنهم من برامج التأهيل والإصلاح[22].





كما جعل المشرع الفرنسي تدبير حظر الإقامة يسري من تاريخ
الإفراج الشرطي وليس عقب انقضاء تنفيذ العقوبة الملحق بها. كما تبدأ المدة التي
يتعين انقضائها لرد الاعتبار من تاريخ الإفراج الشرطي إلا إذا
كان المفرج عنه عائد فإن المدة تسري من تاريخ تمام
تنفيذ[23].





وقد أوجب المشرع الفرنسي خضوع المفرج عنهم
إفراجاً شرطياً لعدد من تدابير الرقابة والمساعدة يحددها قاضي تطبيق العقوبات
ويشرف على تنفيذها. ومثال ذلك الإلزام بالإقامة في مركز إيواء أو استقبال
يعد للمفرج عنهم ، أو حظر التردد على بعض الأشخاص أوالأماكن ، أو الامتناع عن ممارسة بعض المهن التي تسهل للمفرج
عنه ارتكاب الجريمة ، أو الإلزام بالخضوع لعلاج طبي معين.





294-
رابعاً : السلطة المختصة
بالإفراج تحت شرط :


لا تنهج التشريعات نهجاً
واحداً في تحديد السلطة المختصة بتقرير الإفراج الشرطي. فهناك من التشريعات من
أوكل هذا الأمر إلى السلطة التنفيذية ممثلة في القائمين على التنفيذ العقابي.
وبهذا أخذ المشرع المصري الذي أناط الاختصاص بالإفراج الشرطي لمدير عام السجون (م53 من قانون
تنظيم السجون). وأعطت المادة 63/3 من القانون الأخير للنائب العام سلطة النظر في
الشكاوى التي تقدم بشأن الإفراج تحت شرط واتخاذ ما يراه كفيلاً برفع أسبابها.
فللإفراج الشرطي في القانون المصري طابع إداري.





بينما ذهبت تشريعات أخرى إلى تخويل جهة قضائية
الاختصاص بمنح وإلغاء الإفراج الشرطي ، سواء
كانت تلك الجهة القضائية قضاء تنفيذ أو كانت قضاء حكم.


فبعض الدول ذهبت إلى تخويل قاضي متخصص بالتنفيذ
سلطة إصدار قرار الإفراج الشرطي. مثال ذلك قانون الإجراءات
الجنائية البرازيلي الذي أعطى هذا الاختصاص إلى قاضي تنفيذ العقوبات بناء على اقتراح المجلس العقابي أو طلب المحكوم عليه ،
وبعد أخذ رأي النيابة العامة[24]. وفي ألمانيا نص قانون محاكم
الأحداث على اختصاص القاضي الذي يقع عليه عبء الإشراف على تنفيذ العقوبات بإصدار
قرار منح الإفراج الشرطي بالنسبة للمحكوم عليهم الأحداث (المادتان 88 ، 89 من قانون محاكم الأحداث)[25].





.

descriptionجديدرد: كتاب الحق في العقاب

more_horiz
وهناك من التشريعات من لم يخول قاضي التنفيذ سوى سلطة
إبداء
الرأي بمنح الإفراج الشرطي مع جعل سلطة إصدار القرار في يد
الإدارة العقابية. وهذا ما ذهب إليه
المشرع الإيطالي
بالنسبة لقاضي الإشراف (م.176 عقوبات إيطالي – م.144 إجراءات جنائية.
وأخذ به أيضاً المشرع الجزائري (م180 وما بعدها من قانون تنظيم السجون)[26].





وكان التشريع الفرنسي يخول في السابق قاضي تنفيذ
العقوبات حق تقرير الإفراج الشرطي إذا لم تتجاوز مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها ثلاث سنوات
(م. 730 إجراءات جنائية المعدلة بالقانون رقم
72-1226 الصادر في 29 ديسمبر 1972) ، فإذا ذادت المدة المحكوم بها عن ذلك فكان يرفع
الأمر إلى وزير العدل ، الذي له سلطة إصدار الأمر بالإفراج الشرطي
بعد أخذ رأي اللجنة الاستشارية للإفراج الشرطي في وزارة العدل[27].





وبصدور القانون رقم 516-2000 الصادر في 15
يونيو 2000 ، والمسمى قانون تدعيم قرينة البراءة La loi renforçant la présomption
d’innocence
المعدل للكثير من
النصوص الواردة في قانون الإجراءات الجنائية ، حرص المشرع الفرنسي على تأكيد
الطبيعة القضائية للإفراج الشرطي. فقد جعل تقرير الإفراج الشرطي أو إلغاءه من
اختصاص قاضي تطبيق العقوبات إذا كانت العقوبة السالبة للحرية المنطوق بها أقل من
عشر سنوات ، أو إذا كانت المدة المتبقية منها أقل من ثلاث سنوات (م. 722-1 مضافة
بقانون الإجراءات الجنائية) ؛ وفي غير هاتين الحالتين تختص المحكمة الإقليمية
للإفراج الشرطي Juridiction
régionale
- كجهة قضائية بديلة عما كان مخولاً في السابق
من سلطة لوزير العدل - بطلبات منح أو إلغاء الإفراج الشرطي.





وتلك المحكمة الإقليمية تنشأ في دائرة كل محكمة استئناف ، برئاسة أحد قضاة
الاستئناف وعضوية اثنين من قضاة تطبيق العقوبة. وتختص بفحص طلبات منح أو إلغاء
الإفراج الشرطي المقدمة سواء من المدعي العام أو المحكوم عليه ، وتصدر حكمها
مسبباً بعد مرافعة في جلسة حضورية (م. 730 فقرة 1 ، 2 معدلة إجراءات جنائية).
وتقبل أحكام تلك المحكمة الطعن عليها بالاستئناف خلال عشرة أيام من تاريخ الإعلان
بالحكم أمام المحكمة الوطنية للإفراج الشرطي Juridiction nationale ، المشكلة
برئاسة رئيس محكمة النقض أو أحد مستشاري النقض وعضوية اثنين من قضاة النقض ، وممثل
عن الجمعيات الوطنية لاندماج المحكوم عليهم وممثل عن الجمعيات الوطنية لمساعدة
المجني عليهم. وهكذا يكون المشرع الفرنسي في حقيقة الأمر قد أنشأ بالقانون الجديد
سالف الذكر قضاءً من درجتين متخصصاً في الإفراج الشرطي Juridiction spécialisée en
matière de libération conditionnelle
.





والحق أن بعض الدول وإن جعلت الاختصاص بمنح
وإلغاء الإفراج الشرطي لجهة قضائية إلا أنها لم تفرد لذلك قضاءً متخصصاً ؛ بل جعلت
الأمر منوط بقضاء الحكم فيها. هذا الاتجاه نجد له صدى
في قانون
العقوبات اليوناني حيث تختص بمنح الإفراج الشرطي محكمة الجنح التي تقع في دائرة
اختصاصها المؤسسة العقابية منعقدة في غرفة المشورة (م. 10/2عقوبات). وفي بولونيا
خول القانون الصادر في 29 مايو 1975 محكمة الدرجة الأولى منعقدة في غرفة المشورة
الاختصاص بمنح الإفراج الشرطي[28]. وتنفرد المجر بحكم خاص في هذا الشأن. فوفقاً لقانون عقوباتها الصادر
سنة 1961 والمعمول به في أول يونيو 1962 فإن المحكمة المختصة
بنظر الدعوى هي التي تقرر – بحكم نهائي غير قابل
للطعن عليه إلا للخطأ في تطبيق القانون - مدى إمكانية منح الإفراج الشرطي في
المستقبل من عدمه (م.39 عقوبات)[29].





295-
خامساً : آثار الإفراج تحت شرط :


يترتب على الإفراج الشرطي تقرير الإعفاء
المؤقت من تنفيذ العقوبة مدة معينة. وتلك المدة تسمى مدة الاختبار أو التجربة
وتتفاوت التشريعات في تحديدها. ففي التشريع المصري فإن تلك المدة هي خمس سنوات في
حالة السجن المؤبد محسوبة من تاريخ الإفراج المؤقت أو بقية مدة العقوبة في حالة
العقوبات السالبة للحرية الأخرى. أما في التشريع الفرنسي فإنه وفقاً للمادة 732/2
، 3 فإن فترة التجربة تكون هى المدة المتبقية من العقوبة إذا كانت هذه الأخيرة
مؤقتة ، ويمكن زيادة تلك المدة بحد أقصى سنة. أما إن كانت العقوبة مؤبدة فإن فترة
التجربة تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات.





ولعل أهم
الآثار التي يمكن أن تترتب على منح الإفراج الشرطي إمكانية إخضاع المفرج عنه لعدد
من تدابير المساعدة والرقابة ولعدد من الالتزامات التي تعين على تأهيل المفرج عنه.





غير أن التشريعات قد
تباينت في هذا نتيجة اختلاف كل منها في النظرة إلى الإفراج الشرطي. فالبعض من التشريعات يرى عدم فرض
التزامات على المفرج عنه على اعتبار أن حسن سلوك المحكوم عليه داخل المؤسسة العقابية
كافي لتوقع استمرار المحكوم عليه في احترام القانون بعد الإفراج عنه ، فضلاً على أن التهديد بإلغاء
الإفراج الشرطي إذا وقعت من المفرج عنه جريمة في
المستقبل كافي لأن سلوك الطريق القويم. وهذا
الاتجاه يتفق مع النظرة التقليدية للإفراج الشرطي باعتباره منحة تهذيبية الهدف منه
مكافأة المحكوم عليه على حسن سلوكه أثناء تنفيذ العقوبة المحكوم بها. وبهذا
أخذ القانون
الروماني الذي لم يفرض أي التزامات على المفرج عنه شرطياً ، سوى عدم ارتكاب جريمة
جديدة قبل انتهاء المدة المتبقية من العقوبة المحكوم بها[30].


بيد أن المفهوم الحديث للإفراج الشرطي ، باعتباره أسلوباً للمعاملة
التهذيبية في الوسط الحر يهدف إلى تأهيل المحكوم عليه
اجتماعياً ، يوجب إخضاع المفرج
عنه لمجموعة
من الالتزامات يتعين عليه احترامها حتى لا يتعرض
للإلغاء الإفراج الشرطي. وفي ظل هذا المفهوم فإن كثير من التشريعات تذهب إلى
فرض التزامات على المفرج عنه شرطياً لمساعدته على التقويم والتأهيل. وداخل هذا
الاتجاه تذهب بعض التشريعات - كالقانون الألماني والسويسري - إلى إخضاع المفرج عنه لذات
الالتزامات التي يجوز فرضها على من يحكم عليه بالعقوبة مع إيقاف التنفيذ والوضع
تحت الاختبار. بينما يفرق البعض الآخر - كالتشريع الفرنسي - بين التزامات عامة يخضع لها كل
مفرج عنهم ، لا يجوز تعديلها وتشبه إلى حد كبير الالتزامات
العامة التي تفرض على الخاضع للاختبار القضائي ، وبين التزامات أخرى خاصة يحددها القرار
الصادر بمنح الإفراج الشرطي بالنظر إلى شخصية المفرج عنه ويكون من الجائز التعديل
فيها (م 731 من قانون الإجراءات الفرنسي)[31].





أما بالنسبة للتشريع المصري ، فقد نصت المادة
57 من قانون تنظيم السجون على أنه "يصدر بالشروط التي يرى إلزام المفرج عنهم
تحت شرط بمراعاتها قرار من وزير العدل...". وتنفيذاً لذلك صدر قرار وزير
العدل في 11 يناير عام 1958 والذي فرض على المفرج عنه عدد من
الالتزامات التي تهدف إلى إخضاعه لرقابة الدولة والتزامه سلوكاً
يباعد بينه وبين ارتكاب الجرائم. وتتحصل
تلك الالتزامات في وجوب أن يسعى المفرج عنه بصفة جدية للتعيش من عمل مشروع ، وأن
يكون حسن السير والسلوك وألا يتصل بذوي السيرة السيئة ، وأن يقيم في الجهة التي
يختارها ما لم تعترض جهة الإدارة وألا يغير محل إقامته بغير إخطار جهة الإدارة ،
وأن يقدم نفسه مرة واحدة كل شهر لجهة الإدارة التابع لها محل إقامته[32].





ويعاب على خطة المشرع في تنظيمه لالتزامات
الإفراج الشرطي أنها لم تقرن ذلك بتنظيم تدابير مساعدة تضمن للمحكوم عليه إمكانيات
التأهيل والإصلاح وأنها وضعت بصورة مجردة بحيث لا يمكن تفريد الإفراج الشرطي بحسب شخصية المفرج
عنه. بمعنى أنها جعلت كل الالتزامات من قبيل الالتزامات العامة
التي تفرض
على كافة المحكوم عليهم المزمع الإفراج عنهم. يضاف
إلى ذلك أن المشرع المصري لم يسمح بتعديل هذه الالتزامات بما يجعلها تتفق مع التطور الذي يطرأ على شخصية المفرج عنه
ومقتضيات تأهيله.





296-
سادساً : إلغاء الإفراج تحت شرط
:



تنتهج التشريعات فيما يتعلق بإلغاء الإفراج الشرطي أحد مذهبين
، إما تقرير الإلغاء كجزاء على مخالفة المفرج عنه شرطياً للالتزامات المفروضة عليه ، وإما تقرير الإلغاء في حالة فشل المعاملة
التأهيلية التي ينطوي عليها الإفراج الشرطي في تأهيل وإصلاح المفرج عنه.


والاتجاه الأول يتطابق مع المفهوم الكلاسيكي
للإفراج الشرطي كمنحة معلقة على شرط هو عدم إخلال المفرج
عنه بالالتزامات
المفروضة عليه في قرار الإفراج ، بحيث إذا ما تحقق الشرط ألغيت هذه
المنحة (الإفراج الشرطي). وبهذا أخذ التشريع المصري إذ صرحت المادة 59 من قانون تنظيم
السجون بأنه "إذا خالف المفرج عنه الشروط التي وضعت للإفراج
ولم يقم بالواجبات المفروضة عليه ألغي الإفراج وأعيد إلى السجن ليستوفي المدة
المتبقية من العقوبة المحكوم بها عليه. ويكون إلغاء الإفراج في
هذه الحالة بأمر مدير عام السجون بناء على طلب رئيس النيابة في الجهة التي بها
المفرج عنه ويجب أن يبين في الطلب الأسباب المبررة له".





وقد نصت المادة 60 من قانون تنظيم السجون على أنه "لرئيس النيابة
العامة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المدير أو المحافظ إذا رؤي إلغاء الإفراج أن
يأمر بالقبض على المفرج عنه وحبسه إلى أن يصدر مدير عام السجون قراره بشأنه ، ولا
يجوز أن تزيد مدة الحبس على خمسة عشر يوماً إلا بإذن من النائب العام".





أما الاتجاه الآخر فينظر إلى إخلال المفرج عنه
للالتزامات المفروضة عليه باعتباره يكشف عن أن المعاملة التأهيلية التي أنطوى
عليها الإفراج الشرطي لم تنجح في تأهيل وإصلاح المفرج عنه ، مما يقتضي أن تحدد أسباب
الإلغاء على نحو يسمح بتقدير شخصية المفرج عنه، وتبين مدى صلاحيته لنظام الإفراج
الشرطي. وقد أخذ بهذا الاتجاه المشرع الفرنسي فأجاز إلغاء
الإفراج الشرطي في حالتي سوء السلوك أو عدم الخضوع
لإجراءات المساعدة والرقابة أو عدم مراعاة الالتزامات الخاصة ، أو صدور حكم جديدة
بالإدانة (م733 إجراءات فرنسي)[33].





وتختلف إجراءات الإلغاء بحسب ما إذا كان قرار
الإفراج الشرطي قد صدر من وزير العدل أم من قاضي تطبيق العقوبات. ففي الحالة الأولى يتقرر الإلغاء
بمعرفة وزير العدل بناء على اقتراح قاضي تطبيق العقوبات ، وبعد أخذ رأي اللجنة
الاستشارية للإفراج الشرطي. أما في الحالة الثانية فيمكن لقاضي تطبيق
العقوبات إلغاء الإفراج الشرطي بعد أخذ رأي لجنة الاختبار (م733
إجراءات جنائية)[34].
ويترتب
على إلغاء الإفراج الشرطي سلب حرية المفرح عنه ، وخضوعه لذات المعاملة العقابية التي كان يخضع لها قبل الإفراج
الشرطي أو معاملة عقابية أخرى وفقاً لمدى ما طرأ
على سلوكه في الفترة التي أمضاها خارج المؤسسة العقابية.





ووفقاً للمادة 59 من قانون تنظيم السجون يترتب على إلغاء الإفراج الشرطي
أن يمضي المحكوم عليه في المؤسسة العقابية كل الفترة
المتبقية من العقوبة. ويتطابق هذا الحكم مع المفهوم التقليدي
للإفراج الشرطي باعتباره منحة معلقة على شرط فاسخ هو الإخلال
بالالتزامات المفروضة على المفرج عنه. أما
بالنسبة للتشريع الفرنسي فقد منح السلطة صاحبة الاختصاص
بإلغاء الإفراج الشرطي (وزير العدل أو قاضي تنفيذ العقوبة) حق تقدير التنفيذ الكلي أو جزء من
المدة الباقية من عقوبة المحكوم عليه (م733/3 من قانون الإجراءات الجنائية).

297-
سابعاً : تحول الإفراج تحت شرط إلى إفراج نهائي
:




يترتب على انقضاء المدة المتبقية من العقوبة
دون أن يلغى الإفراج الشرطي أن يتحول هذا الأخير إلى إفراج نهائي. فإذا ما كانت
العقوبة هي السجن المؤبد فإن الإفراج يصبح نهائياً بمرور خمس سنوات من تاريخ
الإفراج المؤقت (م61 من قانون تنظيم السجون). ويترتب على هذا التحول أنه لا يجوز
إلغاء الإفراج وأن تنقضي الالتزامات التي كانت مفروضة على المفرج عنه. واستثناء من
ذلك أجازت المادة 61 من قانون السجون في فقرتها الثانية إلغاء الإفراج رغم صيرورته
نهائياً ، أي ولو انقضت المدة المتبقية من العقوبة أو مدة الخمس سنوات في حالة
المحكوم عليه بعقوبة السجن المؤبد ، "إذا حكم في أي وقت على المفرج عنه في
جناية ، أو جنحة من نوع الجريمة السابق الحكم عليه من أجلها يكون قد ارتكبها في
خلال المدة المتبقية من العقوبة أو خلال خمس سنوات إذا كانت العقوبة بالسجن
المؤبد...". وعلة هذا الاستثناء أن ارتكاب المفرج عنه لجناية أو جنحة خلال
مدة الإفراج يدل على عدو جدارته به. فإذا كان أمر تلك الجناية أو الجنحة ظل خفياً
لحين أن أصبح الإفراج نهائياً فيكون المفرج عنه قد تحصل على الإفراج بطريق الغش
مما يجيز إلغاءه.








والواضح
من المادة 61 أن المشرع يتطلب أن يرتكب المفرج عنه جناية أياً كان نوعها ولو لم
تكن هذه الجناية من نوع الجريمة الأولى. فإذا كان ما ارتكبه المفرج عنه مجرد جنحة
وجب أن تتماثل تماثلاً حقيقياً مع الجريمة الأولى جناية كانت أم جنحة. ومثال ذلك
أن يرتكب المفرج عنه جنحة سرقة صيرورة الإفراج نهائياً وكان قد سبق الحكم عليه من
أجل جناية أو جنحة سرقة. على أنه يشترط أن تكون هذه الجريمة قد وقعت خلال مدة
الإفراج ولو لم يصدر فيها حكم إلا بعد صيرورة الإفراج نهائياً. فإذا وقعت الجريمة
بعد تلك المدة فلا يجوز إلغاء الإفراج.








ويشترط في جميع الأحوال أن يصدر الأمر
بالإلغاء خلال خمس سنوات من تاريخ الحكم الصادر في الجريمة الثانية ولو كان ذلك
بعد صيرورة الإفراج نهائياً.





ومن الجدير بالذكر أن إلغاء الإفراج الشرطي لا يمنع
من إمكان تقريره مرة أو مرات أخرى إذا تبين أن سلوك
المحكوم عنه قد تحسن سلوكه إلى حد لم يعد معه محتاجاً إلى المعاملة العقابية التي تطبق
في داخل المؤسسة العقابية. ويقتضي الإفراج التالي توافر الشروط العامة للإفراج الشرطي. وبهذا
أخذ المشرع المصري في المادة 62 من قانون تنظيم السجون[35].









[1] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص211.






[2] د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص319 ، د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص210.






[3] راجع في ذات المعنى المادة 41/2 من قواعد الحد
الأدنى لمعاملة المذنبين.






[4] تنص المادة 41/1 من قواعد الحد الأدنى على أنه
"إذا كان السجن يضم عدداً كافياً من السجناء الذين يعتنقون نفس الدين يعين أو
يندب ممثل لهذا الدين ومؤهل لهذه المهمة...".






[5] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص213.






[6] د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص321.






[7] د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص343.






[8] لأجل هذا ألغيت عقوبة الجلد التي كانت مقررة
بالمادة 43/7 من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956. راجع القانون رقم 152 لسنة
2001 ، الجريدة الرسمية ، ع2 ، 10 يناير 2002.






[9] لمزيد من التفصيل راجع د. غنام محمد غنام ،
المرجع السابق ، ص93 وما بعدها.






[10] د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص 346 ، د.
محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص226.






[11] راجع ما سبق بند 182 وما بعده.






[12] د. عبد الرءوف مهدي ، السجن كجزاء في ضوء
السياسة الجنائية الحديثة ، مجلة القانون والاقتصاد ، ع1 ، 2 ، س48 ، رقم 16 ،
ص246 وما بعدها ، د. محمد عيد الغريب ، الإفراج الشرطي في ضوء السياسة العقابية
الحديثة ، مكتبة الجلاء الجديدة ، المنصورة ، 1995.


Ph.
Conte et P. Maistre Du Chambon, Droit pénal général, 5ème éd. Armand
Colin, 2000, n°620 et s.







[13] د. يسر أنور علي ود. آمال عثمان ، المرجع
السابق ، ص494 وما بعدها ، د. محمد عيد الغريب ، أصول علم العقاب ، المرجع السابق
، ص230 وما بعدها ، د. محمود نجيب حسني ، القسم العام ، المرجع السابق ، ص785 وما
بعدها ، د. أحمد شوقي أبو خطوة ، المرجع السابق ، ص641 وما بعدها.






[14] راجع في شروط الإفراج الشرطي في التشريع
الفرنسي المواد من 729 إلى 733 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي.


B.
Bouloc, op. cit., p. 244 et s.







[15] د. محمود نجيب حسني ، القسم العام ، المرجع
السابق ، ص788. ويمنح المشرع الفرنسي الإفراج الشرطي إذا قدم المحكوم عليه تعهدات
جادة Gages sérieux على اندماجه الاجتماعي (م729 إجراءات جنائية).






[16] د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص790.
والمدة التي يجوز تقرير الإفراج الشرطي بعدها في التشريع الفرنسي هي ثلثي مدة
العقوبة للعائدين Les récidivistes ونصفها لغير العائدين. أما إذا كانت العقوبة مؤبدة وجب قضاء خمس
عشر سنة من بدء تنفيذ العقوبة (م729-2 إجراءات جنائية).






[17] د. محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص790 ،
د. محمد عيد الغريب ، أصول علم العقاب ، المرجع السابق ، ص234.






[18] د. عبد العظيم مرسي وزير ، دور
القضاء في تنفيذ الجزاءات الجنائية ، المرجع السابق ، ص 568 وما
بعدها.






[19] د. محمد عيد الغريب ، الإفراج الشرطي ، المرجع السابق ، ص48.






[20] راجع د. عبد العظيم مرسي وزير ، المرجع السابق ، ص292 وما
بعدها.






[21] د. محمد عيد الغريب ، الإفراج الشرطي ، المرجع السابق ، ص52 وما
بعدها.






[22] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص56 وما
بعدها.






[23] د. عبد العظيم مرسي وزير ، المرجع السابق ، ص573.






[24] د. عبد العظيم مرسي وزير ، المرجع السابق ، ص577 ، د . محمد عيد الغريب المرجع
السابق ص185. وهو ذات النهج الذي ذهب إليه مشروع قانون الإجراءات الجنائية
المصري لسنة 1968.






[25] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص173.






[26] د. عبد العظيم مرسي وزير ، المرجع السابق ، ص578.






[27] د. أحمد شوقي أبو خطوة ، المرجع السابق ، ص645.






[28] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص174.






[29] د. عبد العظيم مرسي وزير ، المرجع السابق ، ص582.






[30] د. عبد العظيم مرسي وزير ، المرجع السابق ، ص585 ، د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص227.






[31] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص229 وما
بعدها.






[32] د. محمود نجيب حسني ، القسم العام ، المرجع
السابق ، ص794 ، د. عبد العظيم مرسي وزير ، المرجع السابق ، ص585 ، د.
أحمد شوقي أبو خطوة ، المرجع السابق ، ص648-649. وكانت المادة 498 من قانون
الإجراءات الجنائية تنص على خضوع المفرج عنه شرطياً لمراقبة البوليس المدة
المتبقية من عقوبته على ألا تزيد على خمس سنوات. وقد ألغى هذا النص بالقانون رقم
150 لسنة 1954.






[33] د. أحمد شوقي أبو خطوة ، المرجع السابق ، ص650
، د.
محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص261.






[34] د. أحمد شوقي أبو خطوة ، المرجع السابق ، ص651
، د.محمد
عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص254.






[35] د. محمود نجيب حسني ، القسم العام ، المرجع
السابق ، ص797-798

descriptionجديدرد: كتاب الحق في العقاب

more_horiz
المطلب
الثاني



الرعــــاية اللاحقــــة





281-
أولاً : مضمون الرعاية اللاحقة :


عادة ما يواجه المفرج عنهم عند خروجهم من
المؤسسة العقابية ما يسمى
"بأزمة الإفراج" التي
تنشأ عن الاختلاف
بين ظروف الحياة التي اعتاد عليها داخل المؤسسة العقابية وبين الحياة
خارجها
، حيث يصادف حرية قد ينحرف في
استعمالها
ومسئولية قد يعجز عن تحملها ومطالب
مادية قد يفشل في توفيرها.
وقد يلقى صدوداً
من أفراد المجتمع المحيط نظراً لماضيه الإجرامي فيعيش معزولاً دون مأوى أو عمل ، مما قد يقتل
داخله جرعة التأهيل التي تشربها خلال فترة قضاء العقوبة فيعود مسرعاً
إلى سلوك
سبيل الجريمة مرة أخرى.






لأجل هذا
اتجهت السياسة العقابية الحديثة إلى الاعتراف للمفرج عنه بحقه في
الرعاية اللاحقة L’assistance poste pénitentiaire ou post-pénale بقصد
مساعدته
مادياً ومعنوياً على استعادة مكانته في المجتمع بعد انقضاء
فترة
سلب
الحرية. فالرعاية اللاحقة تعتبر أسلوباً
تكميلياً للتنفيذ العقابي تهدف إلى استكمال ما تم تطبيقه من أساليب معاملة
وبرامج تأهيل داخل المؤسسة العقابية ، وحتى لا
تذهب المشاكل التي تعترض
المفرج
عنه
بكل
ما حققته له
هذه الأخيرة من إصلاح وتهذيب[1].





ولم تعد الرعاية اللاحقة في ظل السياسة
العقابية
الحديثة رعاية فردية تقوم
على
اعتبارات
الشفقة والعطف
وبدافع ديني أو إنساني. بل هي التزام على الدولة قبل المحكوم
عليه تفرضه وظيفتها
في رسم السياسة الجنائية
المتعلقة بمكافحة الجريمة وكذلك وظيفتها في
تطبيق سبل
المعاملة العقابية.
فالرعاية اللاحقة جزء من المعاملة العقابية التي تطبقها الدولة على المحكوم عليه وتستهدف بها إتمام التأهيل - إذا لم تكن مدة العقوبة كافية
لتحقيق هذا الغرض
- أو لمساندة المفرج عنه حتى يظل التأهيل الذي حققته أساليب
المعاملة داخل المؤسسة العقابية
قائماً ومؤثراً بداخله. فهي على هذا النحو الجزء الأخير
من المعاملة العقابية[2].






ولا يعني بأي حال من الأحوال التزام الدولة
بالرعاية اللاحقة للمفرج عنهم أن تغل يد الأفراد والهيئات
الخاصة عن
المساهمة في جهود الرعاية اللاحقة. فالمجتمع في ذلك يمثل وحدة عضوية واحدة. وإلى
هذا أشارت المادة
64 من قواعد الحد الأدنى لمعاملة المذنبين
بقولها "
أن واجب المجتمع لا ينتهي بالإفراج عن المسجون ، لذلك يجب أن توجد هيئات
حكومية
أو خاصة قادرة على مد المسجون المفرج
عنه برعاية لاحقة فعالة
تهدف إلى تقليل التحامل عليه وإلى إعادة تأهيله
الاجتماعي.
كما توصى المادة
80 من ذات القواعد
بأن توجه العناية اعتباراً من بدء تنفيذ العقوبة إلى مستقبل المسجون عقب
الإفراج عنه. كما يجب العناية ومساعدته على المحافظة على صلاته بالأشخاص أو
الهيئات الخارجية التي يمكنها رعاية مصالح أسرته
وإعادة تأهيله الاجتماعي ، أو
إنشاء صلات من هذا القبيل
".





وإذا كان الأصل أن تمتد
الرعاية
اللاحقة أن إلى جميع المفرج عنهم ، إلا أن
بعض التشريعات قد ميزت بين الرعاية الإجبارية والرعاية الاختيارية[3].
مثال ذلك التشريع الفرنسي الذي قرر أن يخضع للرعاية الإجبارية ا
لمفرج عنهم شرطياً وأن تقدم المساعدة بصورة اختيارية
إرادية للمفرج عنه نهائياً
. وتخطر الإدارة العقابية المسجون المفرج
عنه – شرطياً أو نهائياً -
بالمساعدة التي ستقدم له محل إقامة من لجنة رعاية
المفرج عنهم.






وفيما
يتعلق على الأخص بحالات الإفراج النهائي
يقوم المساعد الاجتماعي L’assistant social بإجراء مقابلات من المسجون لبحث المساعدات
التي يحتاجها
واتخاذ ما يلزم من اتصالات في هذا
الشأن
مع
لجنة رعاية المفرج عنه
م[4]Le comité
de probation et d’assistance aux libres
. وإذا قبل المفرج عنه نهائياً أن يكون تحت إشراف لجنة رعاية المفرج عنهم تقوم
اللجنة بتعيين مندوب يختص بتقديم المساعدة له
.





ومن بين
صور المساعدة
العمل على حل مشاكل المفرج عنه العائلية أوالشخصية ، أو تدبير سكن مؤقت أو عمل ملائم له.
ويمكن أن تقدم اللجنة
مساعدات مادية كالملابس وتذاكر السفر والمبالغ النقدية
والمعاونة في استخراج أوراق الهوية الشخصية[5].
ويمكن أن
تمتد الرعاية اللاحقة إلى تقديم وسائل علاجية ل
لمفرج عنهم المرضى بدنياً أو
عقلياً أو نفسياً
. ومثال ذلك أيضاً علاج الشواذ ومدمني الخمور والمخدرات بحسبان
أن ذلك يساهم في استئصال عوامل الإجرام التي قد تدفع إلى سلوك سبيل الجريمة مرة
أخرى.






282-
ثانياً : الرعاية اللاحقة في التشريع المصري :



لقد أقر المشرع المصري
نظام الرعاية اللاحقة حينما
أوجب في
المادة 64 من قانون تنظيم السجون أن تخطر إدارة السجن وزارة الشئون
الاجتماعية و
العمل بأسماء المحكوم عليهم قبل الإفراج عنهم
بمدة كافية لا تقل عن شهرين لكي يتسنى في هذه المدة تأهيلهم اجتماعياً ، وإعدادهم
للبيئة الخارجية مع بذل كل أسباب الرعاية والتوجيه لهم.
وتقضي المادة 46 من اللائحة الداخلية
لقانون تنظيم السجون
بأن يعطى المسجون عند الإفراج عنه مكافأة مالية
مناسبة عن عمله تحددها اللائحة الداخلية.
ويراعى في تحديدها والتصرف فيها
أن تكون دون الأجر العادي لم
ثله ، مع عدم جواز تصرف المسجون في
المكافأة مادام في السجن
.





ومن صور الرعاية اللاحقة في النظام العقابي
المصري ما
تنص عليه المادة 88 من اللائحة الداخلية
للسجون
من وجوب تقديم الملابس اللائقة للمفرج عنه للظهور بها
في المجتمع
. ومن ذلك أيضاً ما تنص عليه المادة 14 من نفس اللائحة حينما
أوجبت
صرف
نصف الأجر المستحق للمفرج عنه والذي يعتبر رصيداً له
يمنح عند الإفراج.





وتقوم الدولة – ممثلة في وزارة الشئون الاجتماعية وقسم الرعاية اللاحقة بمصلحة الأمن
العام بوزارة الداخلية
- بالشق الأكبر من واجب
الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم. فلا تألوا هذه الأجهزة جهداً في
تقديم المساعدات للمفرج
عنهم سواء في صور إلحاقهم بعمل شريف أو تيسير حصولهم على مأوى أو تقديم بعض
المساعدات النقدية.






ولا بد من الاعتراف بأن دور الدولة في الرعاية
اللاحقة يظل قاصراً نظراً لضعف الإمكانيات المادية لأجهزتها. ولا يتسنى تعويض هذا
النقص إلا بتدخل الجمعيات الخاصة والمجتمع المدني ، ممثلاً في رجال الأعمال وأصحاب
المشروعات الصناعية والتجارية ، فتصبح مكافحة الظاهرة الإجرامية رسالة المجتمع
كافة.












(اللهم اجعل هذا
العمل خالص
ا لوجهك الكريم) والله من وراء القصد وهو يهدى
السبيل



































































الملاحق





أولاً :
قواعد الحد الأدنى لمعاملة المذنبين



الموصى باعتمادها من قبل مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة
ومعاملة المجرمين ا
لذي انعقد في جنيف عام 1955
وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراريه 663 ج
(د-24) في 31 يوليو 1957 و 2076 (د-62) في 13مايو 1977





ملاحظات تمهيدية


1. ليس الغرض من القواعد التالية تقديم وصف تفصيلي لنظام نموذجي للسجون ،
بل إن كل ما تحاوله هو أن تحدد ، على أساس التصورات المتواضع على قبولها عموما في
أيامنا هذه والعناصر الأساسية في الأنظمة المعاصرة الأكثر صلاحا ، ما يعتبر عموما
خير المبادئ والقواعد العملية في معاملة المسجونين وإدارة السجون.



2. ومن الجلي ، نظرا لما تتصف به الظروف القانونية والاجتماعية والجغرافية
في مختلف أنحاء العالم من تنوع بالغ ، أن من غير الممكن تطبيق جميع القواعد في كل
مكان وفى أي حين. ومع ذلك يرجى أن يكون فيها ما يحفز على بذل الجهد باستمرار
للتغلب على المصاعب العملية التي تعترض تطبيقها ، انطلاقا من كونها تمثل ، في
جملتها ، الشروط الدنيا التي تعترف بصلاحها الأمم المتحدة.



3. ثم أن هذه القواعد ، من جهة أخرى ، تتناول ميدانا يظل الرأي فيه في
تطور مستمر. وهى بالتالي لا تستبعد إمكانية التجربة والممارسة ما دامت متفقتين مع
المبادئ التي تستشف من مجموعة القواعد في جملتها ومع السعي لتحقيق مقاصدها. وبهذه
الروح يظل دائما من حق الإدارة المركزية للسجون أن تسمح بالخروج الاستثنائي على
هذه القواعد.



4. (1) والجزء الأول من هذه المجموعة يتناول القواعد المتعلقة بالإدارة
العامة للمؤسسات الجزائية ، وهو ينطبق على جميع فئات المسجونين ، سواء كان سبب
حبسهم جنائيا أو مدنيا ، وسواء كانوا متهمين أو مدانين ، وبما في ذلك أولئك الذين
تطبق بحقهم "تدابير أمنية" أو تدابير إصلاحية أمر بها القاضي.



(2) أما الجزء الثاني فيتضمن قواعد لا تنطبق إلا على فئات المسجونين الذين
يتناولهم كل فرع فيه. ومع ذلك فإن القواعد الواردة في الفرع (ألف) منه بشأن
السجناء المدانين تنطبق أيضا على فئات السجناء الذين تتناولهم الفروع (باء) و
(جيم) و (دال) في حدود عدم تعارضها مع القواعد الخاصة بهذه الفئات وكونها في صالح
هؤلاء السجناء.



5. (1) ولا تحاول القواعد تنظيم إدارة المؤسسات المخصصة للأحداث الجانحين
(مثل الإصلاحيات أو معاهد التهذيب وما إليها) ، ومع ذلك فإن الجزء الأول منها يصلح
أيضا ، على وجه العموم ، للتطبيق في هذه المؤسسات.



(2) ويجب اعتبار فئة الأحداث المعتقلين شاملة على الأقل لجميع القاصرين
الذين يخضعون لصلاحية محاكم الأحداث. ويجب أن تكون القاعدة العامة ألا يحكم على
هؤلاء الجانحين الصغار بعقوبة السجن.













[1] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص267.
وقد أوصى المؤتمر الثاني للجمعية المصرية للقانون الجنائي بضرورة تقرير نظام
للرعاية اللاحقة على التنفيذ العقابي ودعمه بحيث يتضمن من أساليب الرقابة والإشراف
والمساعدة ما يكفل عدم عودة المفرج عنه إلى الإجرام (توصية رقم 12). راجع
"حماية حقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية في مصر وفرنسا والولايات المتحدة
، المؤتمر الثاني للجمعية المصرية للقانون الجنائي ، الإسكندرية 9-12 أبريل 1988 ،
مجلة الدراسات الجنائية الحديثة ، منشورات المعهد الدولي العالي للعلوم الجنائية ،
1989 ، ص470.







[2] د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص268.






[3] يقرر التشريع الإنجليزي الرعاية الإجبارية للمحكوم عليهم بالحبس المؤبد ومن
تقل أعمارهم عن الحادية والعشرين إذا زادت مدة عقوباتهم على ثلاث شهور ،
ويقرر الرعاية الاختيارية لسائر
المفرج عنهم
. د. محمد عيد الغريب ، المرجع السابق ، ص269.






[4] تنص على هذه اللجنة المواد من 538 إلى 544
إجراءات جنائية فرنسي. و
تشكل اللجنة من مأمور للرعاية أو أكثر يعين من قبل وزير العدل من بين المساعدين
الاجتماعيين
التابعين للخدمات الخارجية لوزارة العدل
والتربويين
التابعين للخدمات الخارجية للإدارة
العقابية
. فضلاً عن مندوبين يعينون – إذا
لزم الأمر -
بمعرفة المدير الإقليمي بناء على اقتراح قاضي تنفيذ العقوبات بعد أخذ رأي مدير
الرعاية.







[5] ويعد هذا تطبيقاً للمادة 81 من قواعد الحد
الأدنى التي توجب
على الإدارات والهيئات الحكومية أو الخاصة التي تساعد الخارجين من السجن
على العودة إلى احتلال مكانهم في المجتمع ، أن تسعى بقدر الإمكان لجعلهم يحصلون
على الوثائق وأوراق الهوية الضرورية ، وعلى المسكن والعمل المناسبين ، وعلى ثياب
لائقة تناسب المناخ والفصل وأن توفر لهم من الموارد ما يكفي لوصولهم إلى وجهتهم
ولتأمين أسباب العيش لهم خلال الفترة التي تلي مباشرة إطلاق سراحهم .

descriptionجديدرد: كتاب الحق في العقاب

more_horiz
الجزء الأول: قواعد
عامة التطبيق



المبدأ الأساسي


6. (1) تطبق القواعد التالية بصورة حيادية. ولا يجوز أن يكون هنالك تمييز
في المعاملة بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين ، أو الرأي سياسيا أو غير
سياسي ، أو المنشأ القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.



(2) وفى الوقت نفسه ، من الضروري احترام المعتقدات الدينية والمبادئ
الأخلاقية للفئة التي ينتسب إليها السجين.



السجل


7. (1) في أي مكان يوجد فيه مسجونين ، يتوجب مسك سجل مجلد ومرقم الصفحات ،
تورد فيه المعلومات التالية بشأن كل معتقل:



(أ) تفاصيل هويته ،


(ب) أسباب سجنه والسلطة المختصة التي قررته ،


(ج) يوم وساعة دخوله وإطلاق سراحه.


(2) لا يقبل أي شخص في أية مؤسسة جزائية دون أمر حبس مشروع تكون تفاصيله
قد دونت سلفا في السجل.



الفصل بين الفئات


8. توضع فئات السجناء المختلفة في مؤسسات مختلفة أو أجزاء مختلفة من
المؤسسات مع مراعاة جنسهم وعمرهم وسجل سوابقهم



وأسباب احتجازهم ومتطلبات معاملتهم. وعلى ذلك:


(أ) يسجن الرجال والنساء ، بقدر الإمكان ، في مؤسسات مختلفة. وحين تكون
هناك مؤسسة تستقبل الجنسين على السواء يتحتم أن يكون مجموع الأماكن المخصصة للنساء
منفصلا كليا ،



(ب) يفصل المحبوسون احتياطيا عن المسجونين المحكوم عليهم ،


(ج) يفصل المحبوسون لأسباب مدنية ، بما في ذلك الديون ، عن المسجونين بسبب
جريمة جزائية ،



(د) يفصل الأحداث عن البالغين.


أماكن الاحتجاز


9. (1) حيثما وجدت زنزانات أو غرف فردية للنوم لا يجوز أن يوضع في الواحدة
منها أكثر من سجين واحد ليلا. فإذا حدث لأسباب استثنائية ، كالاكتظاظ المؤقت ، أن
اضطرت الإدارة المركزية للسجون إلى الخروج عن هذه القاعدة ، يتفادى وضع مسجونين
اثنين في زنزانة أو غرفة فردية.



(2) وحيثما تستخدم المهاجع ، يجب أن يشغلها مسجونون يعتني باختيارهم من
حيث قدرتهم على التعاشر في هذه الظروف. ويجب أن يظل هؤلاء ليلا تحت رقابة مستمرة ،
موائمة لطبيعة المؤسسة.



10. توفر لجميع الغرف المعدة لاستخدام المسجونين ، ولا سيما حجرات النوم
ليلا ، جميع المتطلبات الصحية ، مع الحرص على مراعاة الظروف المناخية ، وخصوصا من
حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا المخصصة لكل سجين والإضاءة والتدفئة والتهوية.



11. في أي مكان يكون على السجناء فيه أن يعيشوا أو يعملوا:


(أ) يجب أن تكون النوافذ من الاتساع بحيث تمكن السجناء من استخدام الضوء
الطبيعي في القراءة والعمل ، وأن تكون مركبة على نحو يتيح دخول الهواء النقي سواء
وجدت أم لم توجد تهوية صناعية ،



(ب) يجب أن تكون الإضاءة الصناعية كافية لتمكين السجناء من القراءة والعمل
دون إرهاق نظرهم.



12. يجب أن تكون المراحيض كافية لتمكين كل سجين من تلبية احتياجاته
الطبيعية في حين ضرورتها وبصورة نظيفة ولائقة.



13. يجب أن تتوفر منشآت الاستحمام والاغتسال بالدش بحيث يكون في مقدور كل
سجين ومفروضا عليه أن يستحم أو يغتسل ، بدرجة حرارة متكيفة مع الطقس ، بالقدر الذي
تتطلبه الصحة العامة تبعا للفصل والموقع الجغرافي للمنطقة ، على ألا يقل ذلك عن
مرة في الأسبوع في مناخ معتدل.



14. يجب أن تكون جميع الأماكن التي يتردد عليها السجناء بانتظام في
المؤسسة مستوفاة الصيانة والنظافة في كل حين.



النظافة الشخصية


15. يجب أن تفرض على السجناء العناية بنظافتهم الشخصية ، ومن أجل ذلك يجب
أن يوفر لهم الماء وما تتطلبه الصحة والنظافة من أدوات.



16. بغية تمكين السجناء من الحفاظ على مظهر مناسب يساعدهم على احترام
ذواتهم
، يزود السجن بالتسهيلات اللازمة للعناية بالشعر
والذقن. ويجب تمكين الذكور من الحلاقة بانتظام.



17. (1) كل سجين لا يسمح له بارتداء ملابسه الخاصة يجب أن يزود بمجموعة
ثياب مناسبة للمناخ وكافية للحفاظ على عافيته. ولا يجوز في أية حال أن تكون هذه
الثياب مهينة أو حاطة بالكرامة.



(2) يجب أن تكون جميع الثياب نظيفة وأن يحافظ عليها في حالة جيدة. ويجب
تبديل الثياب الداخلية وغسلها بالوتيرة الضرورية للحفاظ على الصحة.



(3) في حالات استثنائية ، حين يسمح للسجين ، بالخروج من السجن لغرض مرخص
به ، يسمح له بارتداء ثيابه الخاصة أو بارتداء ملابس أخرى لا تسترعى الأنظار.



18. حين يسمح للسجناء بارتداء ثيابهم الخاصة ، تتخذ لدى دخولهم السجن
ترتيبات لضمان كونها نظيفة وصالحة للارتداء.



19. يزود كل سجين ، وفقا للعادات المحلية أو الوطنية ، بسرير فردى ولوازم
لهذا السرير مخصصة له وكافية ، تكون نظيفة لدى تسليمه إياها ، ويحافظ على لياقتها
، وتستبدل في مواعيد متقاربة بالقدر الذي يحفظ نظافتها.



الطعام


20. (1) توفر الإدارة لكل سجين ، في الساعات المعتادة ، وجبة طعام ذات
قيمة غذائية كافية للحفاظ على صحته وقواه ، جيدة النوعية وحسنة الإعداد والتقديم.



(2) توفر لكل سجين إمكانية الحصول على ماء صالح للشرب كلما احتاج إليه.


التمارين الرياضية


21. (1) لكل سجين غير مستخدم في عمل في الهواء الطلق حق في ساعة على الأقل
في كل يوم يمارس فيها التمارين الرياضية المناسبة في الهواء الطلق ، إذا سمح الطقس
بذلك.



(2) توفر تربية رياضية وترفيهية ، خلال الفترة المخصصة للتمارين ، للسجناء
الأحداث وغيرهم ممن يسمح لهم بذلك عمرهم ووضعهم الصحي. ويجب أن توفر لهم ، على هذا
القصد ، الأرض والمنشآت والمعدات اللازمة.



الخدمات الطبية


22. يجب أن توفر في كل سجن خدمات طبيب مؤهل واحد على الأقل ، يكون على بعض
الإلمام بالطب النفسي. وينبغي أن يتم تنظيم الخدمات الطبية على نحو وثيق الصلة
بإدارة الصحة العامة المحلية أو الوطنية. كما يجب أن تشتمل على فرع للطب النفسي
تشخيص بغية حالات الشذوذ العقلي وعلاجها عند الضرورة.



(2) أما السجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة فينقلون إلى سجون متخصصة أو
إلى مستشفيات مدنية. ومن الواجب ، حين تتوفر في السجن خدمات العلاج التي تقدمها
المستشفيات ، أن تكون معداتها وأدواتها والمنتجات الصيدلانية التي تزود بها وافية
بغرض توفير الرعاية والمعالجة الطبية اللازمة للسجناء المرضي ، وأن تضم جهازا من الموظفين
ذوى التأهيل المهني المناسب.



(3) يجب أن يكون في وسع كل سجين أن يستعين بخدمات طبيب أسنان مؤهل.


23. (1) في سجون النساء ، يجب أن تتوفر المنشآت الخاصة الضرورية لتوفير
الرعاية والعلاج قبل الولادة وبعدها. ويجب ، حيثما كان ذلك في الإمكان ، اتخاذ
ترتيبات لجعل الأطفال يولدون في مستشفى مدني. وإذا ولد الطفل في السجن ، لا ينبغي
أن يذكر ذلك في شهادة ميلاده.



(2) حين يكون من المسموح به بقاء الأطفال الرضع إلى جانب أمهاتهم في السجن
، تتخذ التدابير اللازمة لتوفير دار حضانة مجهزة بموظفين مؤهلين ، يوضع فيها الرضع
خلال الفترات التي لا يكونون أثناءها في رعاية أمهاتهم.



24. يقوم الطبيب بفحص كل سجين في أقرب وقت ممكن بعد دخوله السجن ، ثم
بفحصه بعد ذلك كلما اقتضت الضرورة ، وخصوصا بغية اكتشاف أي مرض جسدي أو عقلي يمكن
أن يكون مصابا به واتخاذ جميع التدابير الضرورية لعلاجه ، وعزل السجناء الذين يشك
في كونهم مصابين بأمراض معدية أو سارية ، واستبانه جوانب القصور الجسدية أو
العقلية التي يمكن أن تشكل عائقا دون إعادة التأهيل ، والبت في الطاقة البدنية على
العمل لدى كل سجين.



25. (1) يكلف الطبيب بمراقبة الصحة البدنية والعقلية للمرضي ، وعليه أن يقابل
يوميا جميع السجناء المرضي. وجميع أولئك الذين يشكون من اعتلال ، وأي سجين استرعى
انتباهه إليه على وجه خاص.



(2) على الطبيب أن يقدم تقريرا إلى المدير كلما بدا له أن الصحة الجسدية
أو العقلية لسجين ما قد تضررت أو ستتضرر من جراء استمرار سجنه أو من جراء أي ظرف
من ظروف هذا السجن.



26. (1) على الطبيب أن يقوم بصورة منتظمة بمعاينة الجوانب التالية وأن
يقدم النصح إلى المدير بشأنها:



(أ) كمية الغذاء ونوعيته وإعداده ،


(ب) مدى إتباع القواعد الصحية والنظافة في السجن ولدى السجناء ،


(ج) حالة المرافق الصحية والتدفئة والإضاءة والتهوية في السجن ،


(د) نوعية ونظافة ملابس السجناء ولوازم أسرتهم ،


(هـ) مدى التقيد بالقواعد المتعلقة بالتربية البدنية والرياضية ، حين يكون
منظمو هذه الأنظمة غير متخصصين.



(3) يضع المدير في اعتباره التقارير والنصائح التي يقدمها له الطبيب عملا
بأحكام المادتين 25 (2) و 26 ، فإذا التقى معه في الرأي عمد فورا إلى اتخاذ
التدابير اللازمة لوضع هذه التوصيات موضع التنفيذ. أما إذا لم يوافقه على رأيه أو
كانت التوصيات المقترحة خارج نطاق اختصاصه فعليه أن يقدم فورا تقريرا برأيه الشخصي
، مرفقا بآراء الطبيب ، إلى سلطة أعلى.



الانضباط والعقاب


27. يؤخذ بالحزم في المحافظة على الانضباط والنظام ، ولكن دون أن يفرض من
القيود أكثر مما هو ضروري لكفالة الأمن وحسن انتظام الحياة المجتمعية.



28. (1) لا يجوز أن يستخدم أي سجين ، في خدمة المؤسسة ، في عمل ينطوي على
صفة تأديبية.



(2) إلا أنه لا يجوز تطبيق هذه القاعدة على نحو يعيق نجاح أنظمة قائمة على
الحكم الذاتي ، تتمثل في أن تناط أنشطة أو مسؤوليات اجتماعية أو تثقيفية أو رياضية
محددة ، تحت إشراف الإدارة ، بسجناء منظمين في مجموعات لأغراض العلاج.



29. تحدد النقاط التالية ، دائما ، إما بالقانون وإما بنظام تضعه السلطة
الإدارية المختصة:



(أ) السلوك الذي يشكل مخالفة تأديبية ،


(ب) أنواع ومدة العقوبات التأديبية التي يمكن فرضها ،


(ج) السلطة المختصة بتقرير إنزال هذه العقوبات.


30. (1) لا يعاقب أي سجين إلا وفقا لأحكام القانون أو النظام المذكورين ،
ولا يجوز أبدا أن يعاقب مرتين على المخالفة الواحدة.



(2) لا يعاقب أي سجين إلا بعد إعلامه بالمخالفة وإعطائه فرصة فعلية لعرض
دفاعه. وعلى السلطة المختصة أن تقوم بدارسة مستفيضة للحالة.



(3) يسمح للسجين ، حين يكون ذلك ضروريا وممكنا ، بعرض دفاعه عن طريق
مترجم.



31. العقوبة الجسدية والعقوبة بالوضع في زنزانة مظلمة ، وأية عقوبة قاسية
أو لا إنسانية أو مهينة ، محظورة كليا كعقوبات تأديبية.



32. (1) لا يجوز في أي حين أن يعاقب السجين بالحبس المنفرد أو بتخفيض
الطعام الذي يعطى له إلا بعد أن يكون الطبيب قد فحصه وشهد خطيا بأنه قادر على تحمل
مثل هذه العقوبة.



(2) ينطبق الأمر نفسه على أية عقوبة أخرى يحتمل أن تلحق الأذى بصحة السجين
الجسدية أو العقلية. ولا يجوز في أي حال أن تتعارض هذه العقوبات مع المبدأ المقرر
في القاعدة 31 أو أن تخرج عنه.



(3) على الطبيب أن يقوم يوميا بزيارة السجناء الخاضعين لمثل هذه العقوبات
، وأن يشير على المدير بوقف العقوبة أو تغييرها إذا رأى ذلك ضروريا لأسباب تتعلق
بالصحة الجسدية أو العقلية.



أدوات تقييد الحرية


33. لا يجوز أبدا أن تستخدم أدوات تقييد الحرية ، كالأغلال والسلاسل
والأصفاد وثياب التكبيل كوسائل للعقاب. وبالإضافة إلى ذلك لا يجوز استخدام السلاسل
أو الأصفاد كأدوات لتقييد الحرية. أما غير ذلك من أدوات تقييد الحرية فلا تستخدم
إلا في الظروف التالية:



(أ) كتدبير للاحتراز من هرب السجين خلال نقله ، شريطة أن تفك بمجرد مثوله
أمام سلطة قضائية أو إدارية ،



(ب) لأسباب طبية ، بناء على توجيه الطبيب ،


(ج) بأمر من المدير ، إذا أخفقت الوسائل الأخرى في كبح جماح السجين لمنعه
من إلحاق الأذى بنفسه أو بغيره أو من تسبيب خسائر مادية. وعلى المدير في مثل هذه
الحالة أن يتشاور فورا مع الطبيب وأن يبلغ الأمر إلى السلطة الإدارية الأعلى ،



34. الإدارة المركزية للسجون هي التي يجب أن تحدد نماذج أدوات تقييد
الحرية وطريقة استخدمها. ولا يجوز استخدامها أبدا لمدة أطول من المدة الضرورية كل
الضرورة.



تزويد السجناء بالمعلومات وحقهم في الشكوى


35. (1) يزود كل سجين ، لدى دخوله السجن ، بمعلومات مكتوبة حول الأنظمة
المطبقة على فئته من السجناء ، وحول قواعد الانضباط في السجن ، والطرق المرخص بها
لطلب المعلومات وتقديم الشكاوى ، وحول أية مسائل أخرى تكون ضرورية لتمكينه من
معرفة حقوقه وواجباته على السواء ومن تكييف نفسه وفقا لحياة السجن.



(2) إذا كان السجين أميا وجب أن تقدم له هذه المعلومات بصورة شفوية.


36. (1) يجب أن تتاح لكل سجين إمكانية التقدم ، في كل يوم عمل من أيام
الأسبوع ، بطلبات أو شكاوى إلى مدير السجن أو إلى الموظف المفوض بتمثيله.



(2) يجب أن يستطيع السجناء التقدم بطلبات أو شكاوى إلى مفتش السجون خلال
جولته التفتيشية في السجن. ويجب أن تتاح للسجين فرصة للتحدث مع المفتش أو مع أي
موظف آخر مكلف بالتفتيش دون أن يحضر حديثه مدير السجن أو غيره من موظفيه.



(3) يجب أن يسمح لكل سجين بتقديم طلب أو شكوى إلى الإدارة المركزية للسجون
أو السلطة القضائية أو إلى غيرهما من السلطات ، دون أن يخضع الطلب أو الشكوى
للرقابة من حيث الجوهر ولكن على أن يتم وفقا للأصول وعبر الطرق المقررة.



(4) ما لم يكن الطلب أو الشكوى جلي التفاهة أو بلا أساس ، يتوجب أن يعالج
دون إبطاء ، وأن يجاب عليه في الوقت المناسب.






الاتصال بالعالم الخارجي


37. يسمح للسجين في ظل الرقابة الضرورية ، بالاتصال بأسرته وبذوي السمعة
الحسنة من أصدقائه ، على فترات منتظمة ، بالمراسلة وبتلقي الزيارات على السواء.



38. (1) يمنح السجين الأجنبي قدرا معقولا من التسهيلات للاتصال بالممثلين
الدبلوماسيين والقنصليين للدولة التي ينتمي إليها.



(2) يمنح السجناء المنتمون إلى دول ليس لها ممثلون دبلوماسيون أو قنصليون
في البلد واللاجئون وعديمو الجنسية ، تسهيلات مماثلة للاتصال بالممثل الدبلوماسي
للدولة المكلفة برعاية مصالحهم أو بأية سلطة وطنية أو دولية تكون مهمتها حماية مثل
هؤلاء الأشخاص.



39. يجب أن تتاح للسجناء مواصلة الإطلاع بانتظام على مجرى الأحداث ذات
الأهمية عن طريق الصحف اليومية أو الدورية أو أية منشورات خاصة تصدرها إدارة
السجون أو بالاستماع إلى محطات الإذاعة أو إلى المحاضرات ، أو بأية وسيلة مماثلة
تسمح بها الإدارة أو تكون خاضعة لإشرافها.



الكتب


40. يزود كل سجن بمكتبة مخصصة لمختلف فئات السجناء تضم قدرا وافيا من
الكتب الترفيهية والتثقيفية على السواء. ويشجع السجناء على الإفادة منها إلى أبعد
حد ممكن.



الدين


41. (1) إذا كان السجن يضم عدد كافيا من السجناء الذين يعتنقون نفس الدين
، يعين أو يقر تعيين ممثل لهذا الدين مؤهل لهذه المهمة. وينبغي أن يكون هذا
التعيين للعمل كل الوقت إذا كان عدد السجناء يبرر ذلك وكانت الظروف تسمح به.



(2) يسمح للمثل المعين أو الذي تم إقرار تعيينه وفقا للفقرة 1 أن يقيم
الصلوات بانتظام وأن يقوم ، كلما كان ذلك مناسبا ، بزيارات خاصة للمسجونين من أهل
دينه رعاية لهم.



(3) لا يحرم أي سجين من الاتصال بالممثل المؤهل لأي دين. وفى مقابل ذلك ،
يحترم رأى السجين كليا إذا هو اعترض على قيام أي ممثل ديني بزيارة له.



42. يسمح لكل سجين ، بقدر ما يكون ذلك في الإمكان ، بأداء فروض حياته
الدينية بحضور الصلوات المقامة في السجن ، وبحيازة كتب الشعائر والتربية الدينية
التي تأخذ بها طائفته.



حفظ متاع السجناء


43. (1) حين لا يسمح نظام السجن للسجين بالاحتفاظ بما يحمل من نقود أو
أشياء ثمينة أو ثياب أو غير ذلك من متاعه ، يوضع ذلك كله في حرز أمين لدى دخوله
السجن. ويوضع كشف بهذا المتاع يوقعه السجين ، وتتخذ التدابير اللازمة للإبقاء على
هذه الأشياء في حالة جيدة.



(2) لدى إطلاق سراح السجين تعاد إليه هذه النقود والحوائج ، باستثناء ما
سمح له بإنفاقه من مال أو ما أرسله إلى الخارج من متاع أو ما دعت المقتضيات الصحية
إلى إتلافه من ثياب. ويوقع السجين على إيصال بالنقود والحوائج التي أعيدت إليه.



(3) تطبق هذه المعاملة ذاتها على أية نقود أو حوائج ترسل إلى السجين من
خارج السجن.



(4) إذا كان السجين ، لدى دخوله السجن ، يحمل أية عقاقير أو أدوية ، يقرر
مصيرها طبيب السجن.



الإخطار بحالات الوفاة أو المرض أو النقل ، الخ


44. (1) إذا توفى السجين أو أصيب بمرض خطير أو بحادث خطير أو نقل إلى
مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية ، يقوم المدير فورا ، إذا كان السجين متزوجـا ،
بإخطار زوجه ، وإلا فأقرب أنسبائه إليه ، وفى أية حال أي شخص آخر يكون السجين قد
طلب إخطاره.



(2) يخطر السجين فورا بأي حادث وفاة أو مرض خطير لنسيب قريب له. وإذ كان
مرض هذا النسيب بالغ الخطورة يرخص للسجين ، إذا كانت الظروف تسمح بذلك ، بالذهاب
لعيادته إما برفقة حرس وإما بمفرده.



(3) يكون لكل سجين حق إعلام أسرته فورا باعتقاله أو بنقله إلى سجن آخر.


انتقال السجناء


45. (1) حين ينقل السجين إلى السجن أو منه ، يجب عدم تعريضه لأنظار
الجمهور إلا بأدنى قدر ممكن ، ويجب اتخاذ تدابير لحمايته من شتائم الجمهور وفضوله
ومن العلنية بأي شكل من أشكالها.



(2) يجب أن يحظر نقل السجناء في ظروف سيئة من حيث التهوية والإضاءة ، أو
بأية وسيلة تفرض عليهم عناء جسديـا لا ضرورة له.



(3) يجب أن يتم نقل السجناء على نفقة الإدارة ، وأن تسود المساواة بينهم
جميعـا.



موظفو السجن


46. (1) على إدارة السجون أن تنتقى موظفيها على اختلاف درجاتهم بكل عناية
، إذ على نزاهتهم وإنسانيتهم وكفاءتهم المهنية وقدراتهم الشخصية للعمل يتوقف حسن
إدارة المؤسسات الجزائية.



(2) على إدارة السجون أن تسهر باستمرار على إيقاظ وترسيخ القناعة ، لدى
موظفيها ولدى الرأي العام ، بأن هذه المهمة هي خدمة اجتماعية بالغة الأهمية ،
وعليها ، طلبا لهذا الهدف ، أن تستخدم جميع الوسائل المناسبة لتنوير الجمهور.



(3) بغية تحقيق الأهداف السابقة الذكر ، يعين موظفو السجون على أساس العمل
طوال ساعات العمل المعتادة ، بوصفهم موظفي سجون محترفين ، ويعتبرون موظفين مدنيين
يضمن لهم بالتالي أمن العمل دون أن يكون مرهونا إلا بحسن السلوك والكفاءة واللياقة
البدنية. ويجب أن تكون الأجور من الكفاية بحيث تجتذب الأكفاء من الرجال والنساء ،
كما يجب أن تحدد مزايا احترافهم وظروف خدمتهم على نحو يراعى طبيعة عملهم المرهقة.



47. (1) يجب أن يكون الموظفون على مستوى كاف من الثقافة والذكاء.


(2) قبل الدخول في الخدمة ، يعطى الموظفون دورة تدريبية على مهامهم العامة
والخاصة ، وعليهم أن يجتازوا اختبارات نظرية وعملية.



(3) على الموظفون ، بعد مباشرتهم العمل وطوال احترافهم المهنة ، أن يرسخوا
ويحسنوا معارفهم وكفاءتهم المهنية بحضور دورات تدريبية أثناء الخدمة تنظم على
فترات مناسبة.



48. على جميع الموظفين أن يجعلوا سلوكهم وأن يضطلعوا بمهامهم على نحو يجعل
منهم قدوة طيبة للسجناء ويبتعث احترامهم لهم.



49. (1) يجب أن يضم جهاز الموظفين ، بقدر الإمكان ، عددا كافيا من
الأخصائيين كأطباء الأمراض العقلية وعلماء النفس والمساعدين الاجتماعيين والمعلمين
ومدرسي الحرف.



(2) يكفل جعل خدمات المساعدين الاجتماعيين والمعلمين ومدرسي المهن الحرة
على أساس دائم ، ولكن دون استبعاد العاملين لبعض الوقت أو العاملين المتطوعين.



50. (1) يجب أن يكون مدير السجن على حظ واف من الأهلية لمهمته ، من حيث
طباعه وكفاءته الإدارية وتدريبه المناسب وخبرته.



(2) وعليه أن يكرس كامل وقته لمهامه الرسمية ، فلا يعين على أساس العمل
بعض الوقت فحسب.



(3) وعليه أن يجعل إقامته داخل السجن أو على مقربة مباشرة منه.


(4) حين يوضع سجنان أو أكثر تحت سلطة مدير واحد ، يكون عليه أن يزور كلا
منهما أو منها في مواعيد متقاربة ، كما يجب أن يرأس كلا من هذه السجون بالنيابة
موظف مقيم مسؤول.



51. (1) يجب أن يكون المدير ومعاونه وأكثرية موظفي السجن الآخرين قادرين
على تكلم لغة معظم السجناء ، أو لغة يفهمها معظم هؤلاء.



(2) يستعان ، كلما اقتضت الضرورة ذلك ، بخدمات مترجم.


52. (1) في السجون التي تبلغ من الاتساع بحيث تقتضي خدمات طبيب أو أكثر
كامل الوقت ، يجب أن تكون إقامة واحد منهم على الأقل داخل السجن أو على مقربة
مباشرة منه.

descriptionجديدرد: كتاب الحق في العقاب

more_horiz
(2) أما في السجون
الأخرى فعلى الطبيب أن يقوم بزيارات يومية ، وأن يجعل إقامته على مقربة كافية من
السجن بحيث يستطيع الحضور دون إبطاء في حالات الطوارئ.



53. (1) في السجون المختلطة ، المستخدمة للذكور والإناث معا ، يوضع القسم
المخصص للنساء من مبنى السجن تحت رئاسة موظفة مسؤولة تكون في عهدتها مفاتيح جميع
أبواب هذا القسم.



(2) لا يجوز لأي من موظفي السجن الذكور أن يدخل قسم النساء ما لم يكن
مصحوبا بموظفة أنثى.



(3) تكون مهمة رعاية السجينات والإشراف عليهن من اختصاص موظفات السجن
النساء حصرا. على أن هذا لا يمنع الموظفين الذكور ، ولاسيما الأطباء والمعلمين ،
من ممارسة مهامهم المهنية في السجون أو أقسام السجون المخصصة للنساء.



54. (1) لا يجوز لموظفي السجون أن يلجأوا إلى القوة ، في علاقاتهم مع
المسجونين ، إلا دفاعا عن أنفسهم أو في حالات الفرار أو المقاومة الجسدية بالقوة
أو بالامتناع السلبي لأمر يستند إلى القانون أو الأنظمة. وعلى الموظفين الذين
يلجأوا إلى القوة ألا يستخدموها إلا في أدنى الحدود الضرورية وأن يقدموا فورا تقريرا
عن الحادث إلى مدير السجن.



(2) يوفر لموظفي السجون تدريب جسدي خاص لتمكينهم من كبح جماح السجناء ذوى
التصرف العدواني.



(3) لا ينبغي للموظفين الذين يقومون بمهمة تجعلهم في تماس مباشر مع
السجناء أن يكونوا مسلحين ، إلا في ظروف استثنائية.



وبالإضافة إلى ذلك لا يجوز ، أيـا كانت الظروف ، تسليم سلاح لأي موظف ما
لم يكن قد تم تدريبه على استعماله.



التفتيش


55. يجب أن يكون هناك تفتيش منتظم لمؤسسات السجون وخدماتها ، يكلف به
مفتشون مؤهلون ذو خبرة تعينهم سلطة مختصة. وعلى هؤلاء المفتشين بوجه خاص واجب
الاستيقان من كون هذه المؤسسات تدار طبقا للقوانين والأنظمة وعلى قصد تحقيق أهداف
الخدمات التأديبية والإصلاحية.






الجزء الثاني: قواعد تنطبق على فئات خاصة


(ألف) السجناء المدانون


مبادئ توجيهية


56. تهدف المبادئ التوجيهية التالية إلى تبيان الروح التي ينبغي أن يؤخذ
بها في إدارة السجون والأهداف التي يجب أن تسعى إليها ، طبقـا للبيان الوارد في
الملاحظة التمهيدية رقم 1 من هذا النص.



57. إن الحبس وغيره من التدابير الآيلة إلى عزل المجرم عن العالم الخارجي
تدابير مؤسسية بذات كونها تسلب الفرد حق التصرف بشخصه بحرمانه من حريته. ولذلك لا
ينبغي لنظام السجون ، إلا في حدود مبررات العزل أو الحفاظ على الانضباط ، أن يفاقم
من الآلام الملازمة لمثل هذه الحال.



58. والهدف الذي يبرر عقوبة الحبس وغيرها من تدابير الحرمان من الحرية هو
في نهاية المطاف حماية المجتمع من الجريمة. ولا سبيل إلى بلوغ مثل هذا الهدف إلا
إذا استخدمت فترة الحبس للوصول ، حتى أقصى مدى مستطاع ، إلى جعل المجرم وهو يعود
إلى المجتمع لا راغبا في العيش في ظل احترام القانون وتدبر احتياجاته بجهده فحسب ،
بل قادرا أيضـا على ذلك.



59. وطلبـا لهذه الغاية ، ينبغي لنظام السجون أن يستعين بجميع الوسائل
الإصلاحية والتعليمية والأخلاقية والروحية وغيرها وبجميع طاقات وأشكال المساعدة
المناسبة المتاحة له ، ساعيا إلى تطبيقها على هدى مقتضيات العلاج الفردي للسجناء.



60. (1) ينبغي إذن لنظام السجون أن يلتمس السبل إلى تقليص الفوارق التي
يمكن أن تقوم بين حياة السجن والحياة الحرة ، والتي من شأنها أن تهبط بحس
المسؤولية لدى السجناء أو بالاحترام الواجب لكرامتهم البشرية.



(2) ومن المستحسن أن يعمد ، قبل انتهاء مدة العقوبة ، إلى اتخاذا التدابير
الضرورية لكي تضمن للسجين عودة تدريجية إلى الحياة في المجتمع ، وهذا هدف يمكن
بلوغه ، تبعـا للحالة ، من خلال مرحلة تمهد لإطلاق سراح السجين تنظم في السجن نفسه
أو في مؤسسة أخرى ملائمة ، أو من خلال إطلاق سراح تحت التجربة مع إخضاعه لضرب من
الإشراف والرقابة ولا يجوز أن يعهد به إلى الشرطة بل ينبغي أن يشتمل على مساعدة
اجتماعية فعالة.



61. ولا ينبغي ، في معالجة السجناء ، أن يكون التركيز على إقصائهم عن
المجتمع ، بل -على نقيض ذلك- على كونهم يظلون جزءا منه. وعلى هذا الهدف ينبغي
اللجوء ، بقدر المستطاع ، إلى المؤازرة التي يمكن أن توفرها هيئات المجتمع المحلى
لمساعدة جهاز موظفي السجن على إعادة التأهيل الاجتماعي للسجناء. ويجب أن يكون هناك
مساعدون اجتماعيون يتعاونون مع كل مؤسسة احتجاز وتناط بهم مهمة إدامة وتحسين كل
صلات السجين المستصوبة بأسرته وبالمنظمات الاجتماعية الجزيلة الفائدة. كما يجب أن
تتخذ ، إلى أقصى الحدود المتفقة مع القانون ومع طبيعة العقوبة ، تدابير لحماية ما
للسجين من حقوق تتصل بمصالحه المدنية وبتمتعه بالضمان الاجتماعي وغير ذلك من
المزايا الاجتماعية.



62. وعلى الخدمات الطبية في مؤسسة السجن أن تحاول رصد أي علل أو أمراض
جسدية أو عقلية لدى السجين ، وأن تعالجها حتى لا تكون عقبة دون إعادة تأهيله. ويجب
، على هذا الهدف ، أن توفر للسجين جميع الخدمات الطبية والجراحية والنفسانية
الضرورية.



63. (1) إن الإنفاذ الكامل لهذه المبادئ يتطلب إفرادية المعالجة ،
وبالتالي يقتضي الأخذ بنظام مرن لتصنيف السجناء في فئات. وعلى ذلك يستصوب أن توزع
هذه الفئات على مؤسسات منفصلة تستطيع كل فئة أن تجد فيها العلاج الذي يناسبها.



(2) وليس من الضروري أن يتوفر في كل مؤسسة نفس القدر من متطلبات الأمن
بالنسبة لكل فئة ، بل إن من المستصوب أن تتفاوت درجات هذا الأمن تبعا لاحتياجات
مختلف الفئات. والسجون المفتوحة الأبواب ، بسب كونها لا تقيم حواجز أمن مادية تحول
دون الهرب ، بل تعتمد في ذلك علي انضباط السجين نفسه ، توفر ، في حالة انتقاء
السجناء المرشحين لهذه التجربة بعناية ، أفضل الظروف مواتاة لإعادة تأهيلهم.



(3) ويستصوب ، في حالة السجون المغلقة الأبواب ، ألا يكون عدد المسجونين
في كل منها من الكثرة بحيث يعرقل افرادية المعالجة. والرأي في بعض البلدان أنه لا
ينبغي لهذا العدد في السجون المذكورة أن يتجاوز الخمسمائة أما في السجون المفتوحة
الأبواب فيجب أن يكون عدد المسجونين صغيرا بقدر المستطاع.



(4) على أنه ليس من المستصوب إقامة سجون تكون من فرط ضالة الحجم بحيث لا
يستطاع أن توفر فيها التسهيلات المناسبة.



64. ولا ينتهي واجب المجتمع بإطلاق سراح السجين. ولذلك ينبغي أن تكون هناك
هيئات حكومية أو خاصة قادرة على أن توفر للسجين الذي استرد حريته رعاية ناجعة ،
تهدف إلى تخفيف مواقف العداء العفوية ضده وتسمح بتأهيله للعودة إلى مكانه من
المجتمع.



المعالجة


65. إن الهدف من معالجة المحكوم عليهم بالسجن أو بتدبير مماثل يحرمهم من
الحرية يجب أن يكون ، بقدر ما تسمح بذلك مدة العقوبة ، إكسابهم العزيمة على أن
يعيشوا في ظل القانون وأن يتدبروا احتياجاتهم بجهدهم ، وجعلهم قادرين على إنفاذ
هذه العزيمة. ويجب أن يخطط هذا العلاج بحيث يشجع احترامهم لذواتهم وينمى لديهم حس
المسؤولية.



66. (1) وطلبا لهذه المقاصد ، يجب أن تستخدم جميع الوسائل المناسبة ،
ولاسيما الرعاية الدينية في البلدان التي يستطاع فيها ذلك ، والتعليم ، والتوجيه
والتكوين على الصعيد المهني ، وأساليب المساعدة الاجتماعية الإفرادية ، والنصح في
مجال العمالة ، والرياضة البدنية وتنمية الشخصية ، تبعا للاحتياجات الفردية لكل
سجين ، مع مراعاة تاريخه الاجتماعي والجنائي ، وقدراته ومواهبه الجسدية والذهنية ،
ومزاجه الشخصي ، ومدة عقوبته ، ومستقبله بعد إطلاق سراحه.



(2) ويجب أن يتلقى مدير السجن ، بصدد كل وافد على السجن محكوم عليه بعقوبة
طويلة بعض الطول ، وفى أقرب موعد ممكن بعد وصوله ، تقارير كاملة حول مختلف الجوانب
المشار إليها في الفقرة السابقة ، يتوجب دائمـا أن تشمل تقريرا يضعه طبيب ، متخصص
في الأمراض النفسانية إذا أمكن ، حول حالة السجين الجسدية والذهنية.



(3) توضع التقارير وغيرها من الوثائق المناسبة المتعلقة بالسجين في ملف
فردى. ويجب أن يستكمل هذا الملف بكل جديد ، وأن يصنف على نحو يجعل الموظفين
المسؤولين قادرين علي الرجوع إليه كلما طرأت حاجة إلى ذلك.



التصنيف الفئوي وإفرادية العلاج


67. تكون مقاصد التصنيف الفئوي:


(1) أن يفصل عن الآخرين أولئك المسجونون الذين يرجح ، بسبب ماضيهم الجنائي
أو شراسة طباعهم ، أن يكونوا ذوى تأثير سيئ عليهم.



(2) أن يصنف المسجونون في فئات ، بغية تيسير علاجهم على هدف إعادة تأهيلهم
الاجتماعي.



68. تستخدم لعلاج مختلف فئات المسجونين ، بقدر الإمكان ، سجون مختلفة أو
أقسام مختلفة في السجن الواحد.



69. يوضع من أجل كل سجين محكوم عليه بعقوبة طويلة بعض الطول ، في أقرب وقت
ممكن بعد وصوله وبعد دراسة شخصيته ، برنامج علاج يتم إعداده في ضوء المعلومات
المكتسبة حول احتياجاته الفردية وقدراته ومزاجه النفسي.



الامتيازات


70. تنشأ في كل سجن أنظمة امتيازات توائم مختلف فئات المسجونين ومختلف
مناهج العلاج بغية تشجيع السجناء على حسن السلوك وتنمية حس المسؤولية لديهم وحفزهم
على الاهتمام بعلاجهم والمؤازرة فيه.



العمل


71. (1) لا يجوز أن يكون العمل في السجن ذات طبيعة مؤلمة.


(2) يفرض العمل على جميع السجناء المحكوم عليهم ، تبعا للياقتهم البدنية
والعقلية كما يحددها الطبيب.



(3) يوفر للسجناء عمل منتج يكفى لتشغليهم طوال يوم العمل العادي.


(4) يكون هذا العمل ، إلى أقصى الحدود المستطاعة ، من نوع يصون أو يزيد
قدرة السجين على تأمين عيشه بكسب شريف بعد إطلاق سراحه.



(5) يوفر تدريب مهني نافع للسجناء القادرين على الانتفاع به ، ولاسيما
الشباب.



(6) تتاح للسجناء ، في حدود ما يتمشى مع الاختيار المهني السليم ومتطلبات
إدارة السجن والانضباط فيه ، إمكانية اختيار نوع العمل الذي يرغبون القيام به.



72. (1) يتم تنظيم العمل وطرائقه في السجن على نحو يقترب به بقدر الإمكان
من الأعمال المماثلة خارج السجن ، بغية إعداد السجناء لظروف الحياة العملية
الطبيعية.



(2) إلا أن مصلحة السجناء وتدريبهم المهني لا يجوز أن يصيرا خاضعين لمقصد
تحقيق ربح مالي من وراء العمل في السجن.



73. (1) يفضل أن تقوم إدارة السجن مباشرة ، لا المقاولون الخاصون ، بتشغيل
مصانعه ومزارعه.



(2) حين يستخدم السجناء في أعمال لا تخضع لسلطان الإدارة ، يتوجب أن
يكونوا دائما تحت إشراف موظفي السجن. وما لم يكن العمل لحساب إدارات حكومية أخرى ،
يتوجب على الأشخاص الذين يقدم لهم أن يدفعوا للإدارة كامل الأجر الذي يتقاضى عادة
عنه ، ولكن مع مراعاة إنتاجية السجناء.



74. (1) تتخذ في مؤسسات السجون نفس الاحتياطات المفروضة لحماية سلامة وصحة
العمال الأحرار.



(2) تتخذ تدابير لتعويض السجناء عن إصابات العمل والأمراض المهنية ، بشروط
لا تكون أقل مواتاة من تلك التي يمنحها القانون للعمال الأحرار.



75. (1) يحدد العدد الأقصى لساعات العمل اليومي والأسبوعي بالقانون أو
بنظام إداري ، مع مراعاة الأنظمة أو العادات المحلية المتبعة في مجال استخدام
العمال الأحرار.



(2) يشترط في تحديد الساعات المذكورة أن يترك يوما للراحة الأسبوعية ووقتا
كافيا للتعليم وغيره من الأنشطة المقتضاه كجزء من علاج السجناء وإعادة تأهيلهم.



76. (1) يكافأ السجناء على عملهم وفقا لنظام أجور منصف.


(2) يجب أن يسمح النظام للسجناء بأن يستخدموا جزءا على الأقل من أجرهم في
شراء أشياء مرخص بها لاستعمالهم الشخصي وأن يرسلوا جزءا آخر منه إلى أسرتهم.



(3) ويجب أن ينص النظام أيضـا على احتجاز الإدارة لجزء من الأجر بحيث يشكل
كسبا مدخرا يتم تسليمه للسجين لدى إطلاق سراحه.



التعليم والترفيه


77. (1) تتخذ إجراءات لمواصلة تعليم جميع السجناء القادرين على الاستفادة
منه
، بما في ذلك التعليم الديني في البلدان التي
يمكن فيها ذلك ، ويجب أن يكون تعليم الأميين والأحداث إلزاميا ، وأن توجه إليه
الإدارة عناية خاصة.



(2) يجعل تعليم السجناء ، في حدود المستطاع عمليا ، متناسقا مع نظام
التعليم العام في البلد ، بحيث يكون في مقدورهم ، بعد إطلاق سراحهم ، أن يواصلوا
الدراسة دون عناء.



78. تنظم في جميع السجون ، حرصـا على رفاه السجناء البدني والعقلي ، أنشطة
ترويحية وثقافية.



العلاقات الاجتماعية والرعاية بعد السجن


79. تبذل عناية خاصة لصيانة وتحسين علاقات السجين بأسرته ، بقدر ما يكون
ذلك في صالح كلا الطرفين.
80. يوضع في الاعتبار ، منذ بداية تنفيذ الحكم ، مستقبل السجين بعد إطلاق سراحه ،
ويشجع ويساعد على أن يواصل أو يقيم ، من العلاقات مع الأشخاص أو الهيئات خارج
السجن ، كل ما من شأنه خدمة مصالح أسرته وتيسير إعادة تأهيله الاجتماعي.



81. (1) على الإدارات والهيئات الحكومية أو الخاصة ، التي تساعد الخارجين
من السجن على العودة إلى احتلال مكانهم في المجتمع ، أن تسعى بقدر الإمكان لجعلهم
يحصلون على الوثائق وأوراق الهوية الضرورية ، وعلى المسكن والعمل المناسبين ، وعلى
ثياب لائقة تناسب المناخ والفصل ، وأن توفر لهم من الموارد ما يكفى لوصولهم إلى
وجهتهم ولتأمين أسباب العيش لهم خلال الفترة التي تلي مباشرة إطلاق سراحهم.



(2) يجب أن تتاح للممثلين الذين تعتمدهم الأجهزة المذكورة إمكانية دخول
السجن والالتقاء بالسجناء ، ويجب أن يستشاروا بشأن مستقبل السجين منذ بداية تنفيذ
عقوبته .



(3) يستصوب أن تكون أنشطة الهيئات المذكورة ممركزة أو منسقة بقدر الإمكان
كيما ينتفع بجهودها على أفضل وجه.



(باء) المصابون بالجنون والشذوذ العقلي


82. (1) لا يجوز احتجاز الشخص في السجن إذا ظهر أنه مختل العقل ، بل يجب
اتخاذ ترتيبات لنقله إلى مستشفى للأمراض العقلية بأسرع ما يمكن.



(2) يوضع المصابون بأمراض أو ظواهر شذوذ عقلية أخرى تحت المراقبة والعلاج
في مصحات متخصصة تحت إدارة طيبة.



(3) يوضع هؤلاء الأشخاص ، طوال بقائهم في السجن ، تحت إشراف طبي خاص.


(4) على الإدارة الطبية أو النفسانية في السجون أن تكفل علاج جميع السجناء
الآخرين الذين يحتاجون إلى مثل هذا العلاج.



83. (1) من المستحسن أن تتخذ ، بالاتفاق مع الأجهزة المختصة ، تدابير
لمواصلة العلاج النفساني للسجين ولتقديم مساعدة اجتماعية نفسانية له بعد إطلاق
سراح عند الضرورة.



(جيم) الموقوفون والمحتجزون رهن المحاكمة


84. (1) في الفقرات التالية تطلق صفة "متهم" على أي شخص تم
توقيفه أو حبسه بسبب مخالفة لقانون العقوبات ووضع في عهدة الشرطة أو السجن ولكنه
لم يحاكم ولم يحكم عليه بعد.



(2) يفترض في المتهم أنه برئ ويعامل على هذا الأساس.


(3) دون المساس بالقواعد القانونية المتعلقة بحماية الحرية الفردية أو
التي تنص على الإجراءات الواجبة الإتباع إزاء المتهمين ، يجب أن يتمتع هؤلاء بنظام
معاملة خاص تحدد القواعد الواردة أدناه عناصر الأساسية.



85. (1) يفصل المتهمون عن السجناء المحكوم عليهم.


(2) يفصل المتهمون الأحداث عن البالغين. ويجب من حيث المبدأ أن يحتجزوا في
مؤسسات منفصلة.



86. يوضع المتهمون في غرف نوم فردية ، ولكن رهنا بمراعاة العادات المحلية
المختلفة تبعـا للمناخ.



87. للمتهمين إذا رغبوا في ذلك ، في الحدود المتفقة مع حسن سير النظام في المؤسسة
، أن يأكلوا ما يريدون على نفقتهم بأن يحصلوا على طعامهم من الخارج إما بواسطة
الإدارة أو بواسطة أسرتهم أو أصدقائهم. فإذا لم يطلبوا ذلك كان على الإدارة أن
تتكفل بإطعامهم.



88. (1) يسمح للمتهم بارتداء ثيابه الخاصة إذا كانت نظيفة ولائقة.


(2) أما إذا ارتدى ثياب السجن فيجب أن تكون هذه مختلفة عن اللباس الموحد
الذي يرتديه المحكوم عليهم.



89. يجب دائمـا أن يعطى المتهم فرصة للعمل ، ولكن لا يجوز إجباره عليه.
فإذا اختار العمل وجب أن يؤجر عليه.



90. يرخص لكل متهم بأن يحصل ، على نفقته أو نفقة آخرين ، وفى الحدود المتفقة
مع صالح إقامة العدل ومع أمن السجن وانتظام إدارته ، على ما يشاء من الكتب والصحف
وأدوات الكتابة وغيرها من وسائل قضاء الوقت.



91. يرخص للمتهم بأن يزوره ويعالجه طبيبه أو طبيب أسنانه الخاص ، إذا كان
لطلبه مبرر معقول وكان قادرا على دفع النفقات المقتضاه.



92. يرخص للمتهم بأن يقوم فورا بإبلاغ أسرته نبأ احتجازه ، ويعطى كل
التسهيلات المعقولة للاتصال بأسرته وأصدقائه وباستقبالهم ، دون أن يكون ذلك
مرهونـا إلا بالقيود والرقابة الضرورية لصالح إقامة العدل وأمن السجن وانتظام
إدارته.



93. يرخص للمتهم ، بغية الدفاع عن نفسه ، بأن يطلب تسمية محام تعينه
المحكمة مجانـا حين ينص القانون على هذه الإمكانية ، وبأن يتلقى زيارات محامية
إعدادا لدفاعه وأن يسلمه تعليمات سرية. وعلى هذا القصد يحق له أن يعطى أدوات
للكتابة إذا طلب ذلك. ويجوز أن تتم المقابلات بين المتهم ومحامية على مرمى نظر الشرطي
أو موظف السجن ، ولكن دون أن تكون على مرمى سمعه.



(دال) السجناء المدنيون


94. في البلدان التي يجيز فيها القانون السجن من أجل الديون أو بقرار من
المحكمة في أية دعوى أخرى غير جزائية ، لا يجوز إخضاع المسجونين على هذا النحو
لأية قيود أو لأية صرامة تتجاوز ما هو ضروري لضمان عدم هربهم وللحفاظ على الأمن.
ويجب ألا تكون معاملتهم أقل يسرا من تلك الممنوحة للسجناء غير المحاكمين باستثناء
أنه يمكن إجبارهم على العمل.



(هاء) الأشخاص الموقوفون أو المحتجزون دون تهمة


95. دون الإخلال بأحكام المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية يتمتع الأشخاص الموقوفون أو المحتجزون دون أن توجه إليهم تهمة بذات
الحماية التي يضمنها الجزء الأول والفرع "جيم" من الجزء الثاني كذلك
تنطبق عليهم الأحكام المناسبة من الفرع "ألف" من الجزء الثاني حينما كان
من الممكن أن يعود تطبيقها بالفائدة على هذه الفئة الخاصة من المحتجزين ، شريطة
ألا يتخذ أي تدبير يفترض ضمنا أن إعادة التعليم أو إعادة التأهيل يمكن على أي نحو
أن يكونا مناسبين لأشخاص لم يدانوا بأية جريمة جزائي.

descriptionجديدرد: كتاب الحق في العقاب

more_horiz
ثانياً : المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء


اعتمدت ونشرت بموجب قرار الجمعية
العامة للأمم المتحدة



رقم 45/111 في 14 ديسمبر 1990





1.
يعامل كل السجناء بما يلزم من الاحترام لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر.



2.
لا يجوز التمييز بين السجناء على أساس العنصر أو اللون، أو الجنس أو اللغة أو
الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو
الثروة، أو المولد أو أي وضع آخر.



3.
من المستحب، مع هذا، احترام المعتقدات الدينية والمبادئ الثقافية للفئة التي ينتمي
إليها السجناء، متى اقتضت الظروف المحلية ذلك.



4.
تضطلع السجون بمسؤوليتها عن حبس السجناء وحماية المجتمع من الجريمة بشكل يتوافق مع
الأهداف الاجتماعية الأخرى للدولة ومسؤولياتها الأساسية عن تعزيز رفاه ونماء كل
أفراد المجتمع.



5.
باستثناء القيود التي من الواضح أن عملية السجن تقتضيها، يحتفظ كل السجناء بحقوق
الإنسان والحريات الأساسية المبينة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحيث تكون
الدولة المعنية طرفا، في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبروتوكوله الاختياري،
وغير ذلك من الحقوق المبينة في عهود أخرى للأمم المتحدة.



6.
يحق لكل السجناء أن يشاركوا في الأنشطة الثقافية والتربوية الرامية إلى النمو
الكامل للشخصية البشرية.



7.
يضطلع بجهود لإلغاء عقوبة الحبس الانفرادي أو للحد من استخدامها وتشجع تلك الجهود.



8.
ينبغي تهيئة الظروف التي تمكن السجناء من الاضطلاع بعمل مفيد مأجور ييسر إعادة
انخراطهم في سوق العمل في بلدهم ويتيح لهم أن يساهموا في التكفل بأسرهم وبأنفسهم
ماليا.



9.
ينبغي أن توفر للسجناء سبل الحصول على الخدمات الصحية المتوفرة في البلد دون تمييز
على أساس وضعهم القانوني.



10.
ينبغي العمل، بمشاركة ومعاونة المجتمع المحلي والمؤسسات الاجتماعية ومع إيلاء الاعتبار
الواجب لمصالح الضحايا، على تهيئة الظروف المواتية لإعادة إدماج السجناء المطلق
سراحهم في المجتمع في ظل أحسن الظروف الممكنة.



11.
تطبق المبادئ المذكورة أعلاه بكل تجرد.









privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد