تنفيذ الأحكام الأجنبية في
ظل قانون المرافعات (الشريعة العامة):
تنص المادة
296 من قانون المرافعات المصري على أن: "الأحكام والأوامر الصادرة في بلد
أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام
الأوامر المصرية فيه".
فالحكم الأجنبي، حتى ولو كان حائزاً
لقوة الشيء المقضي به لا تكون له قوة تنفيذية في أرض مصر إلا إذا مُنِحَ تلك القوة
من المحاكم المصرية وفقاً للشروط والأوضاع الواردة بتلك المادة والمواد التالية
لها التي بينت الشروط والأوضاع التي يُمنح فيها الحكم الأجنبي القوة التنفيذية،
إلا أنه إذا كانت هناك معاهدة دولية خاصة بتنفيذ الأحكام بين مصر وبلد أجنبي آخر
فإن نصوص تلك المعاهدة تكون هي الواجبة التطبيق حتى ولو خالفت ما نُصَ عليه في
المرافعات سواء أكانت المعاهدة سابقة أم لاحقة على قانون المرافعات.
هذا، ويُشترط لمعاملة الحكم الأجنبي
بالمثل:
أولاً- الرجوع إلى قانون البلد
الأجنبي الذي صدر فيه الحكم في شأن تنفيذ الأحكام الأجنبية.
ثانياً- أن يكون تقدير التبادل
على أساس القوة التنفيذية التي تمنحها المحاكم الأجنبية للحكم الصادر من المحاكم
المصرية بصرف النظر عن الإجراءات الشكلية التي تتبعها المحاكم الأجنبية.
وإذا كان قانون البلد الأجنبي ينص على
جواز تنفيذ الأحكام الأجنبية بشرط التبادل فيعتبر أنه يجيز تنفيذها دون مراجعة
القضاء الوارد به من الناحية الموضوعية، وعلى ذلك يؤمر بتنفيذ الأحكام الصادرة من
محاكم هذا البلد على النحو ذاته، أما طرق التنفيذ فيحددها القانون المصري. وينبغي
على طالب التنفيذ أن يقدم نسخة مترجمة من القانون الأجنبي الذي يبيح تنفيذ الأحكام
المصرية بالمثل مع طلب الأمر بالتنفيذ، إذ أن القانون الأجنبي يُعتبر واقعاً يتعين
على صاحب المصلحة تقديم الدليل عليه أما المعاهدة فتعتبر قانوناً يعلمه
الكافة.
وتنص المادة
297 مرافعات على أن: "يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التي
يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى".
واختصاص المحكمة الابتدائية هنا
اختصاص نوعي وأياً كانت قيمة السند المراد التنفيذ به، ودون التقيد بالقانون
الأجنبي في تحديده للمحكمة التي تختص بالأمر.
فطلب الأمر بالتنفيذ ليس إلا دعوى
عادية يرفعها صاحب المصلحة في الدولة المراد فيها إجراء التنفيذ. صحيح أن هذه
الدعوى العادية بطلب الأمر بالتنفيذ يضيق نطاقها عن "الدعوى الجديدة" في
النظام الأنجلو أمريكي، حيث لا يسمح عادة في دعوى الأمر بالتنفيذ بتقديم طلبات
جديدة تفوق أو تختلف عما فصل فيه الحكم الأجنبي مثلاً، إلا أن طابع الدعوى
القضائية يظل مع ذلك ثابتاً لها. (المصدر: "مبادئ القانون الدولي الخاص"
– للدكتور/ أحمد قسمت الجداوي – طبعة 1988 القاهرة – بند 186 – صـ 172).
وتنص المادة
298 مرافعات كذلك على أنه: "لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي:
1- أن
محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن المحاكم
الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في
قانونها.
2- أن الخصوم في الدعوى التي صدر
فيها الحكم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاً صحيحاً.
3- أن الحكم أو الأمر حاز قوة
الأمر المقضي طبقاً لقانون المحكمة التي أصدرته.
4- أن
الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محاكم الجمهورية، ولا يتضمن
ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها".
والاختصاص
القضائي (الدولي وليس الداخلي) للمحكمة الأجنبية يتحدد وفقاً لقانونها بشرط ألا
تكون المُنازعة التي صدر فيها الحكم المطلوب الأمر بتنفيذه داخلة في اختصاص محاكم
الجمهورية وذلك لكفالة عدم الانتقاص من هذا الاختصاص.
هذا، ومن
المُقرر في قضاء النقض أن: "عدم اختصاص المحاكم الإنجليزية بتطليق المدعى
عليه المتوطن في مصر من المدعية هو أمر متعلق بالنظام العام فلا يصححه قبول المدعى
عليه هذا الحكم وعدم استئنافه وتنفيذه أحد أحكام النفقة من تلقاء نفسه معترفاً
بحكم التطليق".
(نقض
16/12/1954 السنة 6 صـ 336).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض
أنه: "إذا كان النص في الفقرتين الأولى والرابعة من المادة 298 من القانون
المرافعات المصري على أنه "لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي:
1- أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن
المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي
المقررة في قانونها. 2- ... 3- ... 4- ... أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو
أمر سبق صدوره من محاكم الجمهورية ..."، يدل على أن المقصود بشرط عدم اختصاص
المحاكم المصرية بنظر المنازعة لجواز الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي هو الاختصاص
المانع أو الاختصاص الانفرادي أي في الحالة التي يكون فيها الاختصاص بنظر النزاع
قاصراً على المحاكم الوطنية".
(نقض جلسة 28/11/1990 في
الطعن رقم 1136 لسنة 54 قضائية).
كما تنص
المادة 299 مرافعات على أن: "تسري أحكام المواد السابقة على أحكام المحكمين
الصادرة في بلد أجنبي، ويجب أن يكون الحكم صادراً في مسألة يجوز التحكيم فيها
طبقاً لقانون الجمهورية".
فتشترط تلك المادة أن يكون حكم
المحكمين الأجنبي المطلوب الأمر بتنفيذه صادراً في مسألة يجوز التحكيم فيها طبقاً
لأحكام قانون جمهورية مصر العربية.
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"مخالفة حكم التحكيم الأجنبي للنظام العام في مصر يوجب على القاضي المصري رفض
تنفيذه".
(نقض جلسة 21/5/1990 في
الطعن رقم 815 لسنة 52 قضائية).
فقيد النظام العام الذي يعطل، في مجال
تنازع القوانين، إعمال القانون الأجنبي الذي أشارت بتطبيقه قواعد الإسناد، يقف
أيضاً، في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية، حائلاً دون تنفيذ الحكم الأجنبي المتعارض
مع النظام العام أو الآداب في مصر. وتقدير كون الحكم الأجنبي يتعارض أو لا يتعارض
مع النظام العام أو الآداب في مصر، إنما يرجع فيه إلى القانون المصري.
(المصدر: "مبادئ
القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ أحمد قسمت الجداوي – طبعة 1988 القاهرة –
بند 212 – صـ 188 و 189).
وهدياً بما
تقدم، فإنه لا يكفي لاعتبار الحكم أو الأمر الأجنبي (القضائي أو التحكيمي) سنداً
تنفيذياً في مصر بمجرد صدوره من المحكمة أو هيئة التحكيم الأجنبية. بل يتعين أن
يصدر من القضاء المصري أمر بتنفيذ ذلك الحكم الأجنبي.
ويطلب أمر
التنفيذ المذكور بدعوى قضائية ترفع بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى - في مصر -
أمام المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها. وبدون أمر التنفيذ سالف
الذكر لا يكون للحكم الأجنبي قوة تنفيذية كسند تنفيذي في مصر، وبالتالي لا يجوز
اتخاذ إجراءات تنفيذ جبري بمقتضاه.
ومن المُفترض
أن المحكمة المصرية التي تصدر أمر التنفيذ المشار إليه في المادة 297 مرافعات
يتعين عليها أن تتحرى شروطاً معينة في الحكم الأجنبي حتى تقضي بإجابة طلب الأمر
بالتنفيذ، كالشروط التي نصت عليها المادتان 296 و 298 مرافعات أو الشروط التي قد
تنص عليها المعاهدات الدولية النافذة في مصر. فإن تبين لتلك المحكمة أن الحكم
الأجنبي لم تتوافر بالنسبة له هذه الشروط الواجبة لمنح أمر التنفيذ، فإنها تقضي
برفض الدعوى المرفوعة أمامها والمطلوب فيها إصدار هذا الأمر، وعندئذ لا يجوز تنفيذ
هذا الحكم في مصر. وإذا قضت بإصدار أمر التنفيذ سالف الذكر فإن الحكم الأجنبي يصبح
قابلاً للتنفيذ ولكن بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه وذلك عملاً بنص الفقرة الثانية
من المادة 280 مرافعات والتي تنص على أنه: "... ولا يجوز التنفيذ – في غير
الأحوال المستثناة بنص في القانون – إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة
التنفيذ التالية: "على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى
طلب منها، وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب
إليها ذلك".
فإذا لم توضع
الصيغة التنفيذية على الحكم الأجنبي سالف الذكر فلا تكون له قوة تنفيذية كسند
تنفيذي حتى ولو كان يحمل أمر التنفيذ المشار إليه في المادة 297 مرافعات، إذ الأمر
المذكور لا يغني عن وضع الصيغة التنفيذية وفقاً للمادة 280 مرافعات.
(المرجع:
"جرائم الامتناع عن تنفيذ الأحكام وغيرها من جرائم الامتناع" –
للمستشار/ عبد الفتاح مراد – صـ 109 وما بعدها).
تنفيذ الأحكام
الأجنبية في ظل قانون التحكيم:
تنص الفقرة
الأولى من المادة 9 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على أن: "يكون
الاختصاص بنظر مسائل التحكيم، التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري، للمحكمة
المختصة أصلاً بنظر النزاع، أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً، سواء جرى في مصر
أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة، ما لم يتفق الطرفان على
اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر".
كما تنص
المادة 47 من قانون التحكيم سالف الذكر، على أنه: "يجب على من صدر حكم
التحكيم لصالحه إيداع أصل الحكم أو صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها، أو ترجمة
باللغة العربية مصدقاً عليها من جهة معتمدة إذا كان صادراً بلغة أجنبية، وذلك في
قلم كتاب المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون. ويحرر كاتب المحكمة
محضراً بهذا الإيداع، ويجوز لكل من طرفي التحكيم طلب الحصول على صورة من هذا
المحضر".
ويقصد بعبارة
"جهة معتمدة" أحد جهات الترجمة التي يحددها وزير العدل وفقاً للصلاحيات
المقررة له في المادة الثانية من مواد إصدار قانون التحكيم.
وتنص المادة
56 من قانون التحكيم سالف الذكر، على أن: "يختص رئيس المحكمة المشار إليها في
المادة 9 من هذا القانون أو من يندبه من قضاتها بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين،
ويقدم طلب تنفيذ الحكم مرفقاً به ما يلي:
1-
أصل الحكم أو صورة موقعة منه.
2- صورة
من اتفاق التحكيم. [يتعين تنبيه القاضي إلى عدم وجود شرط تحكيم واضح وصريح، كما أن
الجهة التي أصدرت قرار التحكيم المراد تنفيذه غير الجهة المنصوص عليها في النص
المدعى به]
3- ترجمة
مصدق عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية لحكم التحكيم إذا لم يكن صادراً بها.
[يتعين التشكيك في صحة ودقة الترجمة، وحيادية الجهة التي قامت بها وأصدرتها، مع
طلب ترجمة رسمية معتمدة من وزارة العدل]
4-
صورة المحضر الدال على إيداع الحكم وفقاً للمادة 47 من هذا القانون".
ومن المُقرر
في قضاء النقض أن: "المواد 299 و 301 من قانون المرافعات، والمادة الرابعة من
اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية والمنضمة إليها
مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 توجب على من يطلب تنفيذ أي من هذه الأحكام
أن يقدم الأصل الرسمي له وشرط التحكيم أو صورة رسمية منهما فإذا كانت هذه الأوراق
محررة بلغة غير العربية فيقدم معها ترجمة لها يشهد عليها مترجم رسمي أو محلف أو
أحد رجال السلك الدبلوماسي أو القنصلي، فإذا تخلف طالب الأمر بالتنفيذ عن تقديم أي
من هذه الأوراق تعين عدم قبول طلبه".
(نقض مدني في الطعن رقم 815 لسنة 52 قضائية – جلسة 21/5/1990).
فلا يعتبر
حكم المحكمين سنداً تنفيذياً إلا بعد صدور أمر من القضاء بذلك وفقاً ما نصت عليه
المادة 56 من قانون التحكيم المصري.
والأمر الذي
يصدره رئيس المحكمة المختصة – وفقاً لهذه المادة – هو أمر "أمر على
عريضة" فيخضع لأحكام الأوامر على العرائض من ناحية التظلم فيها والطعن عليها.
(المرجع: "شرح تشريعات التحكيم" – للمستشار/ عبد الفتاح مراد –
طبعة 1996 – صـ 225 و 226).
وبالتالي
يمكن التظلم من أمر التنفيذ وفقاً للقواعد العامة في الأوامر على العرائض. ويترتب
على قبول التظلم وإلغاء الأمر، وقف تنفيذ حكم المحكمين.
(المرجع: "التنفيذ الجبري" – للدكتور/ فتحي والي – طبعة 1986
القاهرة – بند 49 – صـ 99).
وأمر المحكمة
بالتنفيذ أو بالاستمرار فيه لا يمنع من وقفه بعد ذلك وفقاً للقواعد العامة في
إشكالات التنفيذ.
(المرجع السابق – نفس الموضع).
فالقضاء
المستعجل يختص بالحكم في الصعوبات التي تعترض تنفيذ أحكام المحكمين مهما كانت
أسباب الإشكالات، سواء تعلقت بالموضوع أم بنفس الأحكام والإجراءات الشكلية وغيرها
بشرط أن يطلب منه وقف التنفيذ أو استمراره فقط، لا الحكم في موضوعها بالبطلان
وبغيره.
(نقض مدني جلسة 10/3/1955 مجموعة المكتب الفني – السنة 6 – صـ 812 – قاعدة
رقم 104).
كما تنص
المادة 58 من قانون التحكيم سالف الذكر على أنه: "
1- لا
يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى.
2- لا
يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم وفقاً لهذا القانون إلا بعد التحقق مما يأتي:
أ. أنه
لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع.
ب. أنه لا يتضمن ما يخالف النظام
العام في جمهورية مصر العربية.
ج. أنه
قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً.
3- ولا
يجوز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم، أما الأمر الصادر برفض التنفيذ
فيجوز التظلم منه إلى المحكمة المختصة وفقاً لحكم المادة 9 من هذا القانون خلال
ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره".
مع الأخذ في
الاعتبار أن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بعدم دستورية الفقرة الثالثة من
المادة 58 سالفة الذكر فيما تضمنته من "عدم جواز التظلم من الأمر الصادر
بتنفيذ حكم التحكيم"، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 6/1/2001 في الطعن رقم 92
لسنة 21 قضائية "دستورية".
ومن ثم فقد
نظمت المادة 58 من قانون التحكيم طلب تنفيذ حكم المحكمين، فاشترطت للأمر بالتنفيذ
أن يكون ميعاد دعوى البطلان (تسعين يوماً) قد انقضى، وأوجبت التحقق من أن حكم
المحكمين المطلوب تنفيذه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في ذات
النزاع إعلاء لسلطة القضاء المصري في هذا الصدد، كما اشترطت ألا يخالف حكم التحكيم
قواعد النظام العام السائدة والمرعية في مصر، وأخيراً اشترطت أن يكون الحكم قد تم
إعلانه إعلاناً صحيحاً للمحكوم عليه بحيث يتصل علمه اليقيني به لتبدأ كافة
المواعيد المترتبة عليه.
وقد عالجت
الفقرة الثانية من المادة 58 من قانون التحكيم حالات التظلم من الأمر الصادر
بتنفيذ حكم المحكمين ورخصت التظلم منه وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره
وناطت بالمحكمة المشار إليها في المادة 9 من قانون التحكيم الفصل فيه.
(المرجع: "شرح تشريعات التحكيم" – للمستشار/ عبد الفتاح مراد –
طبعة 1996 – صـ 228 و 229).
شروط الأمر بتنفيذ
قرار المحكمين:
حددت المادة
58 سالفة الذكر، الشروط الواجب توافرها لصدور الأمر بتنفيذ قرار المحكمين، فقد
تضمنت أنه لا يجوز الأمر بتنفيذ قرار التحكيم وفقاً لهذا القانون إلا بعد التحقق
من الأمور التالية:
أولاً-
أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع المعروض.
ثانياً-
أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية.
ثالثاً-
أنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً قانونياً صحيحاً.
أسباب الإشكال في التنفيذ في اتفاقية
نيويورك:
طبقاً لاتفاقية نيويورك لعام 1958،
والتي انضمت لها جمهورية مصر العربية بموجب القرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959
والنافذة فيها اعتباراً من 8/6/1959، لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين
الأجنبية، بناء على طلب المحكوم ضده إلا إذا قدم الدليل على وجود سبب من الأسباب
التالية لمنع تنفيذ الحكم - وذلك إلى السلطة المختصة في البلد المطلوب إليها
الاعتراف والتنفيذ - والأسباب التي تمنع تنفيذ الحكم هي:
1- أن يكون الأطراف، أو أحدهم، عديم الأهلية؛
2- أو أن يكون اتفاق التحكيم غير صحيح؛
3- أو أن يكون المحكوم ضده لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعيين
المحكم، أو بإجراءات التحكيم، أو استحال عليه تقديم دفاعه،؛
4- أو أن يكون الحكم قد فصل في نزاع غير وارد في اتفاق
التحكيم، أو أن يكون هذا الحكم قد تجاوز حدود هذا الاتفاق (إلا إذا أمكن فصل جزء
من الحكم وتنفيذه مستقلاً)؛
5- أو أن يكون تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم
مخالفة لما اتفق عليه الأطراف، أو مخالفة لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم؛
6- أو أن يكون حكم التحكيم قد ألغي أو أوقف تنفيذه بواسطة
السلطة المختصة في البلد التي صدر فيها الحكم؛
7- أو إذا كان قانون البلد المطلوب منه الاعتراف والتنفيذ
لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم، أو كان الاعتراف أو التنفيذ مخالفاً للنظام
العام فيه.
حيث تنص المادة الثانية من اتفاقية
نيويورك المذكورة على أن: "
1- تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب التي يلتزم
بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ
بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة
يجوز تسويتها عن طريق التحكيم.
2- ويقصد "باتفاق مكتوب" شرط التحكيم في عقد أو
اتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف أو الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة
أو البرقيات.
3- على محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول
موضوع كان محل اتفاق بين الأطراف بالمعنى الوارد في هذه المادة – أن تحيل الخصوم
بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم، وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل أو
لا أثر له أو غير قابل للتطبيق".
كما تنص المادة الخامسة من الاتفاقية
المذكورة على أنه:
1- لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم
الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب
إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على:
1- أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية كانوا
طبقاً للقانون الذي يطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح
وفقاً للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقاً لقانون البلد
الذي صدر فيه الحكم.
2- أن الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلاناً
صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن
يقدم دفاعه.
3- أن الحكم فصل في نزاع غير وارد في مشارطة التحكيم أو في
عقد التحكيم أو تجاوز حدودهما فيما قضى به. ومع ذلك يجوز الاعتراف وتنفيذ جزء من
الحكم الخاضع أصلاً للتسوية بطريق التحكيم إذا أمكن فصله عن باقي أجزاء الحكم
الغير متفق على حلها بهذا الطريق.
4- أن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم مخالفة لما
اتفق عليه الأطراف أو لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق.
5- أن الحكم لم يصبح ملزماً للخصوم أو ألغته أو أوقفته
السلطة المختصة في البلد التي فيها أو بموجب قانونها صدر الحكم.
2- ويجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف
وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها:
1- أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق
التحكيم؛ أو
2- أن الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه مما يخالف النظام
العام في هذا البلد".
ظل قانون المرافعات (الشريعة العامة):
تنص المادة
296 من قانون المرافعات المصري على أن: "الأحكام والأوامر الصادرة في بلد
أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام
الأوامر المصرية فيه".
فالحكم الأجنبي، حتى ولو كان حائزاً
لقوة الشيء المقضي به لا تكون له قوة تنفيذية في أرض مصر إلا إذا مُنِحَ تلك القوة
من المحاكم المصرية وفقاً للشروط والأوضاع الواردة بتلك المادة والمواد التالية
لها التي بينت الشروط والأوضاع التي يُمنح فيها الحكم الأجنبي القوة التنفيذية،
إلا أنه إذا كانت هناك معاهدة دولية خاصة بتنفيذ الأحكام بين مصر وبلد أجنبي آخر
فإن نصوص تلك المعاهدة تكون هي الواجبة التطبيق حتى ولو خالفت ما نُصَ عليه في
المرافعات سواء أكانت المعاهدة سابقة أم لاحقة على قانون المرافعات.
هذا، ويُشترط لمعاملة الحكم الأجنبي
بالمثل:
أولاً- الرجوع إلى قانون البلد
الأجنبي الذي صدر فيه الحكم في شأن تنفيذ الأحكام الأجنبية.
ثانياً- أن يكون تقدير التبادل
على أساس القوة التنفيذية التي تمنحها المحاكم الأجنبية للحكم الصادر من المحاكم
المصرية بصرف النظر عن الإجراءات الشكلية التي تتبعها المحاكم الأجنبية.
وإذا كان قانون البلد الأجنبي ينص على
جواز تنفيذ الأحكام الأجنبية بشرط التبادل فيعتبر أنه يجيز تنفيذها دون مراجعة
القضاء الوارد به من الناحية الموضوعية، وعلى ذلك يؤمر بتنفيذ الأحكام الصادرة من
محاكم هذا البلد على النحو ذاته، أما طرق التنفيذ فيحددها القانون المصري. وينبغي
على طالب التنفيذ أن يقدم نسخة مترجمة من القانون الأجنبي الذي يبيح تنفيذ الأحكام
المصرية بالمثل مع طلب الأمر بالتنفيذ، إذ أن القانون الأجنبي يُعتبر واقعاً يتعين
على صاحب المصلحة تقديم الدليل عليه أما المعاهدة فتعتبر قانوناً يعلمه
الكافة.
وتنص المادة
297 مرافعات على أن: "يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التي
يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى".
واختصاص المحكمة الابتدائية هنا
اختصاص نوعي وأياً كانت قيمة السند المراد التنفيذ به، ودون التقيد بالقانون
الأجنبي في تحديده للمحكمة التي تختص بالأمر.
فطلب الأمر بالتنفيذ ليس إلا دعوى
عادية يرفعها صاحب المصلحة في الدولة المراد فيها إجراء التنفيذ. صحيح أن هذه
الدعوى العادية بطلب الأمر بالتنفيذ يضيق نطاقها عن "الدعوى الجديدة" في
النظام الأنجلو أمريكي، حيث لا يسمح عادة في دعوى الأمر بالتنفيذ بتقديم طلبات
جديدة تفوق أو تختلف عما فصل فيه الحكم الأجنبي مثلاً، إلا أن طابع الدعوى
القضائية يظل مع ذلك ثابتاً لها. (المصدر: "مبادئ القانون الدولي الخاص"
– للدكتور/ أحمد قسمت الجداوي – طبعة 1988 القاهرة – بند 186 – صـ 172).
وتنص المادة
298 مرافعات كذلك على أنه: "لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي:
1- أن
محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن المحاكم
الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في
قانونها.
2- أن الخصوم في الدعوى التي صدر
فيها الحكم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاً صحيحاً.
3- أن الحكم أو الأمر حاز قوة
الأمر المقضي طبقاً لقانون المحكمة التي أصدرته.
4- أن
الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محاكم الجمهورية، ولا يتضمن
ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها".
والاختصاص
القضائي (الدولي وليس الداخلي) للمحكمة الأجنبية يتحدد وفقاً لقانونها بشرط ألا
تكون المُنازعة التي صدر فيها الحكم المطلوب الأمر بتنفيذه داخلة في اختصاص محاكم
الجمهورية وذلك لكفالة عدم الانتقاص من هذا الاختصاص.
هذا، ومن
المُقرر في قضاء النقض أن: "عدم اختصاص المحاكم الإنجليزية بتطليق المدعى
عليه المتوطن في مصر من المدعية هو أمر متعلق بالنظام العام فلا يصححه قبول المدعى
عليه هذا الحكم وعدم استئنافه وتنفيذه أحد أحكام النفقة من تلقاء نفسه معترفاً
بحكم التطليق".
(نقض
16/12/1954 السنة 6 صـ 336).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض
أنه: "إذا كان النص في الفقرتين الأولى والرابعة من المادة 298 من القانون
المرافعات المصري على أنه "لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي:
1- أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن
المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي
المقررة في قانونها. 2- ... 3- ... 4- ... أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو
أمر سبق صدوره من محاكم الجمهورية ..."، يدل على أن المقصود بشرط عدم اختصاص
المحاكم المصرية بنظر المنازعة لجواز الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي هو الاختصاص
المانع أو الاختصاص الانفرادي أي في الحالة التي يكون فيها الاختصاص بنظر النزاع
قاصراً على المحاكم الوطنية".
(نقض جلسة 28/11/1990 في
الطعن رقم 1136 لسنة 54 قضائية).
كما تنص
المادة 299 مرافعات على أن: "تسري أحكام المواد السابقة على أحكام المحكمين
الصادرة في بلد أجنبي، ويجب أن يكون الحكم صادراً في مسألة يجوز التحكيم فيها
طبقاً لقانون الجمهورية".
فتشترط تلك المادة أن يكون حكم
المحكمين الأجنبي المطلوب الأمر بتنفيذه صادراً في مسألة يجوز التحكيم فيها طبقاً
لأحكام قانون جمهورية مصر العربية.
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"مخالفة حكم التحكيم الأجنبي للنظام العام في مصر يوجب على القاضي المصري رفض
تنفيذه".
(نقض جلسة 21/5/1990 في
الطعن رقم 815 لسنة 52 قضائية).
فقيد النظام العام الذي يعطل، في مجال
تنازع القوانين، إعمال القانون الأجنبي الذي أشارت بتطبيقه قواعد الإسناد، يقف
أيضاً، في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية، حائلاً دون تنفيذ الحكم الأجنبي المتعارض
مع النظام العام أو الآداب في مصر. وتقدير كون الحكم الأجنبي يتعارض أو لا يتعارض
مع النظام العام أو الآداب في مصر، إنما يرجع فيه إلى القانون المصري.
(المصدر: "مبادئ
القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ أحمد قسمت الجداوي – طبعة 1988 القاهرة –
بند 212 – صـ 188 و 189).
وهدياً بما
تقدم، فإنه لا يكفي لاعتبار الحكم أو الأمر الأجنبي (القضائي أو التحكيمي) سنداً
تنفيذياً في مصر بمجرد صدوره من المحكمة أو هيئة التحكيم الأجنبية. بل يتعين أن
يصدر من القضاء المصري أمر بتنفيذ ذلك الحكم الأجنبي.
ويطلب أمر
التنفيذ المذكور بدعوى قضائية ترفع بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى - في مصر -
أمام المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها. وبدون أمر التنفيذ سالف
الذكر لا يكون للحكم الأجنبي قوة تنفيذية كسند تنفيذي في مصر، وبالتالي لا يجوز
اتخاذ إجراءات تنفيذ جبري بمقتضاه.
ومن المُفترض
أن المحكمة المصرية التي تصدر أمر التنفيذ المشار إليه في المادة 297 مرافعات
يتعين عليها أن تتحرى شروطاً معينة في الحكم الأجنبي حتى تقضي بإجابة طلب الأمر
بالتنفيذ، كالشروط التي نصت عليها المادتان 296 و 298 مرافعات أو الشروط التي قد
تنص عليها المعاهدات الدولية النافذة في مصر. فإن تبين لتلك المحكمة أن الحكم
الأجنبي لم تتوافر بالنسبة له هذه الشروط الواجبة لمنح أمر التنفيذ، فإنها تقضي
برفض الدعوى المرفوعة أمامها والمطلوب فيها إصدار هذا الأمر، وعندئذ لا يجوز تنفيذ
هذا الحكم في مصر. وإذا قضت بإصدار أمر التنفيذ سالف الذكر فإن الحكم الأجنبي يصبح
قابلاً للتنفيذ ولكن بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه وذلك عملاً بنص الفقرة الثانية
من المادة 280 مرافعات والتي تنص على أنه: "... ولا يجوز التنفيذ – في غير
الأحوال المستثناة بنص في القانون – إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة
التنفيذ التالية: "على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى
طلب منها، وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب
إليها ذلك".
فإذا لم توضع
الصيغة التنفيذية على الحكم الأجنبي سالف الذكر فلا تكون له قوة تنفيذية كسند
تنفيذي حتى ولو كان يحمل أمر التنفيذ المشار إليه في المادة 297 مرافعات، إذ الأمر
المذكور لا يغني عن وضع الصيغة التنفيذية وفقاً للمادة 280 مرافعات.
(المرجع:
"جرائم الامتناع عن تنفيذ الأحكام وغيرها من جرائم الامتناع" –
للمستشار/ عبد الفتاح مراد – صـ 109 وما بعدها).
تنفيذ الأحكام
الأجنبية في ظل قانون التحكيم:
تنص الفقرة
الأولى من المادة 9 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على أن: "يكون
الاختصاص بنظر مسائل التحكيم، التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري، للمحكمة
المختصة أصلاً بنظر النزاع، أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً، سواء جرى في مصر
أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة، ما لم يتفق الطرفان على
اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر".
كما تنص
المادة 47 من قانون التحكيم سالف الذكر، على أنه: "يجب على من صدر حكم
التحكيم لصالحه إيداع أصل الحكم أو صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها، أو ترجمة
باللغة العربية مصدقاً عليها من جهة معتمدة إذا كان صادراً بلغة أجنبية، وذلك في
قلم كتاب المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون. ويحرر كاتب المحكمة
محضراً بهذا الإيداع، ويجوز لكل من طرفي التحكيم طلب الحصول على صورة من هذا
المحضر".
ويقصد بعبارة
"جهة معتمدة" أحد جهات الترجمة التي يحددها وزير العدل وفقاً للصلاحيات
المقررة له في المادة الثانية من مواد إصدار قانون التحكيم.
وتنص المادة
56 من قانون التحكيم سالف الذكر، على أن: "يختص رئيس المحكمة المشار إليها في
المادة 9 من هذا القانون أو من يندبه من قضاتها بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين،
ويقدم طلب تنفيذ الحكم مرفقاً به ما يلي:
1-
أصل الحكم أو صورة موقعة منه.
2- صورة
من اتفاق التحكيم. [يتعين تنبيه القاضي إلى عدم وجود شرط تحكيم واضح وصريح، كما أن
الجهة التي أصدرت قرار التحكيم المراد تنفيذه غير الجهة المنصوص عليها في النص
المدعى به]
3- ترجمة
مصدق عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية لحكم التحكيم إذا لم يكن صادراً بها.
[يتعين التشكيك في صحة ودقة الترجمة، وحيادية الجهة التي قامت بها وأصدرتها، مع
طلب ترجمة رسمية معتمدة من وزارة العدل]
4-
صورة المحضر الدال على إيداع الحكم وفقاً للمادة 47 من هذا القانون".
ومن المُقرر
في قضاء النقض أن: "المواد 299 و 301 من قانون المرافعات، والمادة الرابعة من
اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية والمنضمة إليها
مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 توجب على من يطلب تنفيذ أي من هذه الأحكام
أن يقدم الأصل الرسمي له وشرط التحكيم أو صورة رسمية منهما فإذا كانت هذه الأوراق
محررة بلغة غير العربية فيقدم معها ترجمة لها يشهد عليها مترجم رسمي أو محلف أو
أحد رجال السلك الدبلوماسي أو القنصلي، فإذا تخلف طالب الأمر بالتنفيذ عن تقديم أي
من هذه الأوراق تعين عدم قبول طلبه".
(نقض مدني في الطعن رقم 815 لسنة 52 قضائية – جلسة 21/5/1990).
فلا يعتبر
حكم المحكمين سنداً تنفيذياً إلا بعد صدور أمر من القضاء بذلك وفقاً ما نصت عليه
المادة 56 من قانون التحكيم المصري.
والأمر الذي
يصدره رئيس المحكمة المختصة – وفقاً لهذه المادة – هو أمر "أمر على
عريضة" فيخضع لأحكام الأوامر على العرائض من ناحية التظلم فيها والطعن عليها.
(المرجع: "شرح تشريعات التحكيم" – للمستشار/ عبد الفتاح مراد –
طبعة 1996 – صـ 225 و 226).
وبالتالي
يمكن التظلم من أمر التنفيذ وفقاً للقواعد العامة في الأوامر على العرائض. ويترتب
على قبول التظلم وإلغاء الأمر، وقف تنفيذ حكم المحكمين.
(المرجع: "التنفيذ الجبري" – للدكتور/ فتحي والي – طبعة 1986
القاهرة – بند 49 – صـ 99).
وأمر المحكمة
بالتنفيذ أو بالاستمرار فيه لا يمنع من وقفه بعد ذلك وفقاً للقواعد العامة في
إشكالات التنفيذ.
(المرجع السابق – نفس الموضع).
فالقضاء
المستعجل يختص بالحكم في الصعوبات التي تعترض تنفيذ أحكام المحكمين مهما كانت
أسباب الإشكالات، سواء تعلقت بالموضوع أم بنفس الأحكام والإجراءات الشكلية وغيرها
بشرط أن يطلب منه وقف التنفيذ أو استمراره فقط، لا الحكم في موضوعها بالبطلان
وبغيره.
(نقض مدني جلسة 10/3/1955 مجموعة المكتب الفني – السنة 6 – صـ 812 – قاعدة
رقم 104).
كما تنص
المادة 58 من قانون التحكيم سالف الذكر على أنه: "
1- لا
يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى.
2- لا
يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم وفقاً لهذا القانون إلا بعد التحقق مما يأتي:
أ. أنه
لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع.
ب. أنه لا يتضمن ما يخالف النظام
العام في جمهورية مصر العربية.
ج. أنه
قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً.
3- ولا
يجوز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم، أما الأمر الصادر برفض التنفيذ
فيجوز التظلم منه إلى المحكمة المختصة وفقاً لحكم المادة 9 من هذا القانون خلال
ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره".
مع الأخذ في
الاعتبار أن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بعدم دستورية الفقرة الثالثة من
المادة 58 سالفة الذكر فيما تضمنته من "عدم جواز التظلم من الأمر الصادر
بتنفيذ حكم التحكيم"، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 6/1/2001 في الطعن رقم 92
لسنة 21 قضائية "دستورية".
ومن ثم فقد
نظمت المادة 58 من قانون التحكيم طلب تنفيذ حكم المحكمين، فاشترطت للأمر بالتنفيذ
أن يكون ميعاد دعوى البطلان (تسعين يوماً) قد انقضى، وأوجبت التحقق من أن حكم
المحكمين المطلوب تنفيذه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في ذات
النزاع إعلاء لسلطة القضاء المصري في هذا الصدد، كما اشترطت ألا يخالف حكم التحكيم
قواعد النظام العام السائدة والمرعية في مصر، وأخيراً اشترطت أن يكون الحكم قد تم
إعلانه إعلاناً صحيحاً للمحكوم عليه بحيث يتصل علمه اليقيني به لتبدأ كافة
المواعيد المترتبة عليه.
وقد عالجت
الفقرة الثانية من المادة 58 من قانون التحكيم حالات التظلم من الأمر الصادر
بتنفيذ حكم المحكمين ورخصت التظلم منه وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره
وناطت بالمحكمة المشار إليها في المادة 9 من قانون التحكيم الفصل فيه.
(المرجع: "شرح تشريعات التحكيم" – للمستشار/ عبد الفتاح مراد –
طبعة 1996 – صـ 228 و 229).
شروط الأمر بتنفيذ
قرار المحكمين:
حددت المادة
58 سالفة الذكر، الشروط الواجب توافرها لصدور الأمر بتنفيذ قرار المحكمين، فقد
تضمنت أنه لا يجوز الأمر بتنفيذ قرار التحكيم وفقاً لهذا القانون إلا بعد التحقق
من الأمور التالية:
أولاً-
أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع المعروض.
ثانياً-
أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية.
ثالثاً-
أنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً قانونياً صحيحاً.
أسباب الإشكال في التنفيذ في اتفاقية
نيويورك:
طبقاً لاتفاقية نيويورك لعام 1958،
والتي انضمت لها جمهورية مصر العربية بموجب القرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959
والنافذة فيها اعتباراً من 8/6/1959، لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين
الأجنبية، بناء على طلب المحكوم ضده إلا إذا قدم الدليل على وجود سبب من الأسباب
التالية لمنع تنفيذ الحكم - وذلك إلى السلطة المختصة في البلد المطلوب إليها
الاعتراف والتنفيذ - والأسباب التي تمنع تنفيذ الحكم هي:
1- أن يكون الأطراف، أو أحدهم، عديم الأهلية؛
2- أو أن يكون اتفاق التحكيم غير صحيح؛
3- أو أن يكون المحكوم ضده لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعيين
المحكم، أو بإجراءات التحكيم، أو استحال عليه تقديم دفاعه،؛
4- أو أن يكون الحكم قد فصل في نزاع غير وارد في اتفاق
التحكيم، أو أن يكون هذا الحكم قد تجاوز حدود هذا الاتفاق (إلا إذا أمكن فصل جزء
من الحكم وتنفيذه مستقلاً)؛
5- أو أن يكون تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم
مخالفة لما اتفق عليه الأطراف، أو مخالفة لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم؛
6- أو أن يكون حكم التحكيم قد ألغي أو أوقف تنفيذه بواسطة
السلطة المختصة في البلد التي صدر فيها الحكم؛
7- أو إذا كان قانون البلد المطلوب منه الاعتراف والتنفيذ
لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم، أو كان الاعتراف أو التنفيذ مخالفاً للنظام
العام فيه.
حيث تنص المادة الثانية من اتفاقية
نيويورك المذكورة على أن: "
1- تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب التي يلتزم
بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ
بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة
يجوز تسويتها عن طريق التحكيم.
2- ويقصد "باتفاق مكتوب" شرط التحكيم في عقد أو
اتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف أو الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة
أو البرقيات.
3- على محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول
موضوع كان محل اتفاق بين الأطراف بالمعنى الوارد في هذه المادة – أن تحيل الخصوم
بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم، وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل أو
لا أثر له أو غير قابل للتطبيق".
كما تنص المادة الخامسة من الاتفاقية
المذكورة على أنه:
1- لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم
الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب
إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على:
1- أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية كانوا
طبقاً للقانون الذي يطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح
وفقاً للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقاً لقانون البلد
الذي صدر فيه الحكم.
2- أن الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلاناً
صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن
يقدم دفاعه.
3- أن الحكم فصل في نزاع غير وارد في مشارطة التحكيم أو في
عقد التحكيم أو تجاوز حدودهما فيما قضى به. ومع ذلك يجوز الاعتراف وتنفيذ جزء من
الحكم الخاضع أصلاً للتسوية بطريق التحكيم إذا أمكن فصله عن باقي أجزاء الحكم
الغير متفق على حلها بهذا الطريق.
4- أن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم مخالفة لما
اتفق عليه الأطراف أو لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق.
5- أن الحكم لم يصبح ملزماً للخصوم أو ألغته أو أوقفته
السلطة المختصة في البلد التي فيها أو بموجب قانونها صدر الحكم.
2- ويجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف
وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها:
1- أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق
التحكيم؛ أو
2- أن الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه مما يخالف النظام
العام في هذا البلد".