بحث جميل عن اموال الدوله العامه والخاصه Bsm1


بحث في أموال الدولة العامة والخاصة
بحث عام وتطور تاريخي
لحضرة الأستاذ عبد العزيز سليمان القاضي بالمحاكم الأهلية
كانت فكرة الأموال العامة في مبدأ أمرها غير معروفة ولما رأى رئيس الدولة
أن يحكم اختص بنفسه بملكية كل ما يراه صالحًا لخدمة ملكه وللإدارة الخاصة
بعرشه، ولم يكن معروفًا وقتئذٍ من الملكيات الرئيسية إلا أموال الملك
وأملاك التاج - ولما غزا الغزاة الدولة اختص الفاتحون أنفسهم كلاً منهم
بجزء عظيم من الأملاك والبلاد التي كانوا يفتحونها - فكان يتبع إدارة هذه
الأملاك كافة ما هو مخصص الآن للمنفعة العامة ولم تكن هذه الأموال كما هي
الآن غير قابلة للتصرف بل تناولها التصرف والتقسيم وآلت من يد إلى يد إما
بطريق الإقطاعات أو بطريق الميراث أو بطريق الهبات والوصايا لأشراف الدولة
وكبار حكامها وأمرائها، وفي كل ذلك كان من الطبيعي أن تفقد هذه الأموال
صفة ما خصص منها للمنفعة العامة وأن لا يستفيد منها الجمهور الذي تمثله
الحكومة، ولكن الأمر تطور إلى إصدار الأوامر والقوانين التي تدور بين منع
الهبات والإقطاعيات طورًا وبين تحديد التصرفات في حين آخر، وفي فرنسا
بالذات فكرة تطور ووجود الأموال العامة هي فكرة عامة في فرنسا بالذات صدر
أول قانون هو قانون MOULIN في فبراير سنة 1566 فمنع التصرف في أموال التاج
المخصصة للمنفعة العامة وجعلها غير قابلة للتملك بوضع اليد بمضي المدة
الطويلة (بند (7) من المرجع الموضح أدناه [(1)]) اللهم إلا في بعض أحوال
استثناها القانون وأباح فيها التصرف والتملك بند (10)، وأخيرًا ظهرت فكرة
الأموال العامة إلى الوجود بمعناها الحديث وهي تخصيصها للمنفعة العامة على
أن تديرها وتستغلها الحكومة أو الدولة التي تمثل الأفراد والجماعات. طبيعة
وصفة الأموال العامة
وأول ما يتبادر إلى الذهن هي أن هذه الأموال هي كل ما يستعمله ويستفيد منه
الجمهور PUBLIC وبما أنها للشعب والكافة فلا يمكن أن تكون للفرد الذي يجب
أن تفني مصلحته أمام مصلحة المجموع بند (36)، وقد أخذت هذه الأموال
تسميتها من الغرض الذي أعد لها أما لأنها خضعت للخدمة العامة وإما لأن
حمايتها وإدارتها بيد القوة العامة تحميها من الاعتداء عليها لصالح الهيئة
الاجتماعية ولمصلحة الناس سواء أكانوا وطنيين أم أجانب ما دام للجميع حق
الاستفادة منها ومن الخدمات التي تؤديها بند (27)، وينتج من هذا أن
الحكومة ما هي إلى سلطة عليها واجب حماية هذه الأموال لتؤيد للناس حق
تمتعهم جميعًا بهذه الأموال وليس لها حق الملكية في الأموال العامة لأن
الحكومة انتدبت لحراسة الناس وحراسة أموالهم المشتركة ذات الفائدة العامة
ولحماية ملحقات هذه الأموال les dépendances - وهذه الملحقات شأنها شأن
الأموال التي التحقت بها لا تقبل التصرف أيضًا حتى ولو كان التصرف حاصلاً
من الحكومة نفسها اللهم إلا إذا كان هذا التصرف بأمر أو قانون بند (39)،
ولكن هذا لا يمنع من أن تؤجر وتستولي على ريع الأمكنة العامة لتضيف
الحكومة المتحصل من الريع إلى الخزينة العامة كما يحصل عند تأجير بعض
الأملاك العامة، وكما يحدث في تأجير الشواطئ Les plages للذين يريدون أن
يروحوا عن أنفسهم في نظير أجر بسيط قد يستخدم في المصلحة العامة بند (40)
و(41).
وأن من أهم صفات الأموال العامة:

أولاً: هو عدم قابليتها للتصرف
ثانيًا: وعدم قابليتها لوضع اليد عليها وتملكها بمضي المدة الطويلة
ثالثًا: ولا يمكن رفع دعاوى اليد بالنسبة إليها من الأفراد ضد الحكومة ولكن للحكومة أن ترفع دعاوى اليد عنها ضد الأفراد.
رابعًا: عدم إمكان تقرير حقوق عينية عليها بارتفاق أو خلافه
خامسًا: وعدم رفع أحد الأفراد دعوى متعلقة بتملكها أمام المحاكم المدنية إذا ثبتت صفتها العامة
1 - صفة عدم التصرف فيها:
وفكرة عدم إمكان التصرف في الأموال العامة جاءت من القول بأن كل ما هو
قابل للاتجار يمكن التصرف فيه وكل ما لا يقبل الاتجار لا يمكن التصرف فيه
- وبما أن الأموال العامة لا يمكن الاتجار فيها لأنها خصصت لخدمة كافة
الناس فلهذا يكون التصرف فيها غير متفق مع الغرض الأسمى الذي أعدت له
ويجب أن لا يغيب عن البال أن الأموال العامة وإن كانت تقارب بعض الشيء
فيما تحتويه الدنيا من النور والهواء وقد أعدها الله سبحانه وتعالى لفائدة
الخلق كافة إلا أنها على كل حال قد نتجت من تفكير الإنسان ووضعه لقانون
وضعي يمكن تغييره وتعديله أما النور والهواء فهما من الأشياء الثابتة في
الكون لا تتغير وليس للإنسان عليها حول ولا سلطة بند (43) - وينتج من ذلك
أن السلطة التي في مقدورها أن تحدد هذه الأموال ذات المنفعة العامة في
استطاعتها أن تضعها في حيز التداول الخاص بند (44)
ولطالما يستمر تخصيصها للمنفعة العامة فهي إذن وملحقاتها أملاك عامة
(م(541) فرنسي، وبند (45) من المرجع السابق)، وإذا زالت هذه الصفة العامة
فهي أملاك خاصة - وتطبيقًا لهذا المبدأ فقد حكم أن محلات العبادة
(كالمساجد في مصر) أو الكنائس (في فرنسا) المعدة للعبادة لا يمكن أن تكون
محلاً للارتفاق عليها ما دامت صفتها العامة لم تفقد بند (46) و(47)، ولا
يعتبر تصرفًا يخل بالمنفعة العامة إذا تصرفت الدولة في الملك العام من غرض
عام إلى غرض عام ومن مصلحة عامة إلى مصلحة عامة بند (49) les concessions
وتصرف الحكومة إلى بعض الأفراد بإعطائهم امتياز الملاحة في قناة لا يعطيهم
حق التملك بل هذا يعتبر امتيازًا للملاحة للحصول لأنفسهم على أجر من
الجمهور
ولا يعتبر مثل هذه القناة ولا شواطئها ملكًا خاصًا بند (50) و(51)،
والأشخاص الذين أعطى لهم هذا الامتياز Concessions بالصيد وإقامة المعامل
على الشواطئ ليس لهم الحق أن يأخذوا شيئًا من أتربة هذه الشواطئ (53)
و(54)، ومثل هذا الامتياز يعتبر مؤقتًا ويمكن سحبه وإلغاؤه إذ أضر بمجموع
الكافة، ووفقًا لهذا حكم بأن حق الممتاز الذي له وبمقتضاه أن يأخذ ماء من
fontaine public ما هو إلا حق مؤقت يمكن سحبه إذا أضر هذا بالسكان
وبمبانيهم مهما طالت مدة الامتياز، وأن التعدي على الطرق العامة مهما كان
قد حصل من مدة طويلة ومهما حصل التسامح فيه من جانب الحكومة فإنه لا يمكن
ملكيته لمضي المدة الطويلة ولا يمكن أن يكون هذا الاعتداء محلاً لحق مكتسب
لهؤلاء الذين ارتكبوه مهما طالت مدة التعدي بند (57)، ومهما حصل من بيع
الأملاك العامة للأفراد فهو بيع باطل، وإذا كان هذا البيع نتيجة خطأ أو
إهمال من رجال السلطة الإدارية فكل ما للمشتري والحائز هو تعويض يطلبه بند
(58) و(59)
2 - عدم قابلية الأموال العامة للملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة
لا يجوز تملك الأموال العامة بوضع اليد بمضي المدة الطويلة ومثال ذلك
محلات العبادة وملحقاتها فإنها لاتملك بهذه الكيفية بند (72)، وكذلك لا
يمكن تملك الطرق بوضع اليد عليها ولا الأموال الأثرية بند (75) و(28)،
ولكن إذا زال استعمال الأحوال العامة زالت صفة عدم إمكان تملكها بمضي
المدة الطويلة بند (81)، ولقد صار البحث في ماهية وطبيعة عدم استعمال non
usage المؤدي إلى زوال الصفة العامة، فقيل هل يكفي عدم الاستعمال نفسه
لإيقاف تخصيص المال للمنفعة العامة أم لا ؟ أم أنه يجب صدور أمر من الجهة
المختصة بإيقاف هذا التخصيص ؟
أجيب على ذلك وعلى هذه المسألة بالذات بأنه إذا كان القانون الوضعي نفسه
يمكن إزالته وتعديله باتباع عرف معين فلماذا لا تزول الصفة العامة عن
الأموال العامة بعدم استعمالها وعدم رعايتها من الحكومة.... بند (82) أما
كيف يكون تقدير عدم الاستعمال المؤدي إلى زوال الصفة العامة وكيف يكون
الوصول إلى معرفة الدليل والمعيار الذي يقلب الأموال العامة إلى خاصة
بزوال صفتها وعدم استعمالها فقد قيل ما يأتي:
أولاً: حكم بأن دليل تغيير غرض هذه الأملاك العامة يمكن أن ينتج من
الحيازة الطويلة التي لا يمكن تذكرها بإثبات التعدي على ملك الحكومة
وسكوتها على ذلك واستنتاج رضائها بند (83)
ثانيًا: قيل أن المشرع لم يضع نصوصًا خاصة (خصوصًا في مصر) بانقلاب
الأموال العامة إلى خاصة déclassement وخصوصًا فيما يختص بالطرق العامة
والميادين والبوابات ولهذا يجب الاحتراس من الاستنتاج بأن عدم الاستعمال
يؤدي إلى نية نقل الأموال العامة إلى خاصة إذ قد ينتج عدم الاستعمال من
إهمال مراقبة الموظفين فلا يدل هذا على نية الحكومة في التنازل عن الصفة
العامة بند (84)
ثالثًا: وقرر أيضًا أنه يجب صدور الأوامر لإخراج الأموال العامة من حيزها
إلى حيز الأموال العامة بند (90) (أن هذا الرأي عسير تطبيقه بالنسبة
للأموال العامة التي نشأت من غير قانون، وقد يفهم تطبيقه ويكون معقولاً لو
أن الأموال العامة تقررت بقانون إذن لأمكن تركها بقانون ولكن الأصح أنه قد
يمكن انقلابها من عام إلى خاص بحسب الأمر الواقع والفعل)
رابعًا: ويرى Mr de Récy بأن الأموال العامة إذا مر عليها زمن طويل فزالت
وتهدم أثرها فإن فكرة عدم تملكها بمضي المدة تزول بزوال معالمها بند (91)
خامسًا: وقيل أيضًا بأن صفة المنفعة العامة تزول بتملك المال بوضع اليد بمضي المدة الطويلة إذا زالت الصفة العامة إما:
( أ ) بصدور قانون
(ب) وإما بوجود ظروف ظاهرة واضحة (clairs) تبيح الاعتقاد بتنازل الحكومة
عن الصفة العامة لأموالها بشرط أن لا يكون هناك أي غموض في استنتاج
التنازل عن هذه الصفة (لكون أن الحكومة لم تستعمل المال العام لإهمال
موظفيها الإداريين) بند (9)
وقد قرر Proud hon تطبيقًا لهذا المبدأ أن الطريق العام إذا لم يقف عدم
استعماله إطلاقًا (بأن كان يستعمل في فترات متقطعة)، فإنه لا يمكن استنتاج
التنازل وتغيير الصفة العامة إذا بدل من جوانبه بواسطة تعد من مجاوريه،
وعندئذٍ لا يمكن تملك المناطق والأجزاء المتعدي عليها بمضي المدة الطويلة
بند (94)
3 - الصفة التي تخول للأفراد رفع دعاوى اليد على الأموال العامة ضد الحكومة
قد مر ذكر ذلك ولكن هذا لا يمنع الحكومة من أن تدعي وضع يدها على هذه الأموال برفع دعاوى اليد ضد الأفراد
4 - الصفة الرابعة : ولا يمكن تقرير حقوق عينية على الأموال العامة أو تقرير حقوق ارتفاق عليها
اللهم إلا إذا كانت هذه الارتفاقات قد تقررت وقت إنشاء تلك الأموال، كأن
يبيع شخص للحكومة أعيانًا تقررها للمنفعة العامة ويشترط عليها تقرير حق
الارتفاق بنود (103) و(104) و(105).
أنواع الأموال العامة
الأموال العامة إما طبيعية naturels وإما أن تحتاج في إنشائها إلى عمل
الفرد artificiel والأموال الطبيعية هي الأملاك البحرية بند (108)، وشاطئ
البحر والأملاك النهرية بند (131)، والأنهر ذات الملاحة أو ليس فيها ملاحة
وتعتبر من الأملاك العامة وأذرع الأنهر والنهيرات.
والأملاك غير طبيعية، وهي الطرق العامة وملحقاتها كالبوابات والميادين
والأرصفة والنباتات التي تنمو على جوانب الطرق، والتماثيل، وشواطئ الأنهر،
والمين (يراجع من أول بند (145) وما بعده)، والأملاك الحربية كالاستحكامات
والحصون والمباني العامة، والمنقولات المخصصة للمنفعة العمومية.
كيفية إدارة الأموال العامة
1 - أن السلطات المخولة لها هذه الإدارة (صـ 26 من أول بند (182) إلى بند
(214)) لا يهم التشريع المصري بحثها وكل وزارة لها الإدارة فيما يخصها من
الأملاك العامة المتعلقة بها.
2 - ( أما تكوين الأملاك العامة Sa constitutnon artificielle
فلأجل أن يكون المال ملكًا للحكومة أو الدولة يجب أن يقوم الدليل على أن
الحكومة تملكه لغرض المنفعة العامة بند (215)، وتطبيقًا لهذا المبدأ قرر
ما يأتي:
أولاً: ممكن للحكومة أن تدعي قبل الغير التملك بوضع اليد بمضي المدة
الطويلة مهما كان للغير من حق بشرط أن تثبت الحكومة بحكم الواقع أن المال
خصص للمنفعة العامة بند (216)
ثانيًا: ولكن مسيو دي récy قرر أنه يجب التفرقة بين دعوى وضع اليد التي
ترفعها الحكومة على الأفراد ادعاءً منها أن المال خصص للمنفعة العمومية
بوضع اليد المدة الكافية، وبين دعوى الملكية استنادًا على وضع اليد بمضي
المدة الطويلة، غير أن هذه التفرقة لا سند لها والواقع أن ثبوت الصفة
العامة هو أهم ما يجب ملاحظته بند (217)
ثالثًا: قيل أيضًا إنه يوجد لتكوين الملك العام غير ما مر ذكره من الوسائل
وسائل أخرى تؤدي لتملك الحكومة تخصيصًا للمنفعة العمومية ومن هذه الوسائل
طريق التملك بالتصرف إلى الحكومة من الأفراد بعوض أو بغير عوض وبالشراء
الاختياري أو الجبري وبالمبادلة والهبات وبميراث من لا وارث له، أو بنزع
الملكية للمنفعة العامة بند (218) 0000