الطعن رقم 1611 لسنة 53 بتاريخ 02/11/1983
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين حكم ببراءتهم بأنهم شاركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يعرض السلم العام للخطر بقصد إتلاف الأملاك العامة والخاصة ومنع الهيئات الحكومية من ممارسة عملها باستعمال القوة وذلك بأن تجمهروا حاملين آلات راضة أثر قيام رجال الشرطة - تنفيذا لأمر النيابة العامة - بضبط جريمة تموينية قاصدين تهريب المضبوطات وتمكين المقبوض عليهم من الفرار باستعمال القوة فوقعت منهم مع علمهم بالغرض المقصود منه التجمهر الجرائم الآتية :
1- استعملوا القوة والعنف مع موظفين هم الرائد ............. ومرافقيه من ضباط وجنود قسم شرطة التموين بالشرقية لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم وذلك بأن تصدوا لضباط وجنود الشرطة المكلفين بتنفيذ أمر النيابة العامة بضبط جريمة تموينية وتعدوا عليهم بالعصي والقش المشتعل حتى يتمكنوا من تهريب المضبوطات وتمكين المقبوض عليهم من الفرار فأحدثوا بهم الجروح الموصوفة بالتقارير الطبية وبلغوا بذلك مقصدهم .
2- وضعوا النار عمداً في مبنى مسكون بأن أشعلوا النار في أكوام قش الأرز الموجودة بسطح مسكن .......... فحدث به الحريق المبين بالتحقيقات .
 3- أتلفوا عمداً أملاكاً عامة السيارة رقم ...... حكومة فأحدثوا بها التلفيات المبينة والوصف والقيمة بالتحقيقات .
 4- مكنوا ..... وآخرين من الهرب بعد القبض عليهم قانوناً في جريمة تموينية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
 5- أتلفوا عمداً أموالا منقولة السيارة رقم ...... نقل شرقية المملوكة ل......... بأن ألقوا عليها بالحجارة فأحدثوا بها التلفيات المبينة بالتحقيقات وقد ترتب على هذا الفعل ضرر مالي تزيد قيمته على عشرة جنيهات .
 6- أحدثوا عمدا ب...الجروح الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وكان ذلك مع سبق الإصرار - وباستعمال عصي والآلات وضمن تجمهر مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل توافقوا على التعدي والإيذاء .
 وإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
 ومحكمة جنايات أمن الدولة العليا بالزقازيق قضت حضوريا عملا بالمواد 3 ، 6 ، 8 من القانون رقم 2 لسنة 1977 ، 3-2 من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 والمواد 137 مكرراً ( أ ) و 162 و 252 / 1 و 361-1-2 من القانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبتهم جميعاً بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم وبإلزامهم جميعاً على وجه التضامن بدفع مبلغ ستين جنيهاً قيمة تلفيات السيارة رقم ....... حكومة .
 فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ
 
 المحكمة
ومن حيث إن المدافع عن الطاعنين الأولى والسادسة بعد أن أودع في الميعاد المقرر أسباب طعنيهما, قدم بعد الميعاد مذكرة تتضمن سبباً جديداً مؤداه أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 194 لسنة 1983 والذي وافق عليه مجلس الشعب بجلسته المعقودة بتاريخ الأول من أكتوبر سنة 1983 بإلغاء القانون رقم 2 لسنة 1977 الذي دينت الطاعنتان بمقتضاه, يعد قانونا أصلح في مفهوم المادة 5-2 من قانون العقوبات ويستوجب عملا بالمادة 35-2 من القانون 57 لسنة 1959، نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما كان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به رقم 57 لسنة 1959, أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أم من غيرها من الخصوم - غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون المذكور, وأن تتقيد محكمة النقض بالأسباب المقدمة في الميعاد, وكان نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة الذكر, على خلاف هذا الأصل, هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة في حالة إذا ما تبين لها مما هو ثابت في الحكم أنه مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون ولا ولاية لها بالفصل في الدعوى, أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى. لما كان ذلك وكان منعي الطاعنتين الأولى والسادسة في مذكرتهما المقدمة بعد الميعاد المقررة, يندرج في الحالة الأخيرة من الحالات التي أوردها النص سالف البيان, فإن المحكمة عملا بالرخصة المخولة لها في النص المعني تقبل الأسباب تلك.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم, وكانت الدعوى الجنائية قد رفعت على الطاعنتين والطاعنين الآخرين وغيرهم, بوصف أنهم في يوم 18 من يوليه سنة 1979, شاركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يعرض السلم العام للخطر بقصد إتلاف الأملاك العامة والخاصة ومنع الهيئات الحكومية من ممارسة عملها, باستعمال القوة وذلك بأن تجمهروا حاملين آلات راضة أثر قيام رجال الشرطة بتنفيذ أمر النيابة العامة بضبط جريمة تموينية, قاصدين تهريب المضبوطات وتمكين المقبوض عليهم من الفرار باستعمال القوة, فوقعت منهم مع علمهم بالغرض المقصود من التجمهر الجرائم الآتية:
أولا: استعملوا القوة والعنف مع موظفين عموميين هم الرائد ....... ومرافقيه من ضباط وجنود قسم شرطة التموين بالشرقية لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم, وذلك بأن تصدوا لضباط وجنود الشرطة المكلفين بتنفيذ أمر النيابة العامة بضبط جريمة تموينية وتعدوا عليهم بالعصي والقش المشتعل حتى تمكنوا من تهريب المضبوطات وتمكين المقبوض عليهم من الفرار, فأحدثوا بهم الجروح الموصوفة بالتقارير الطبية, وبلغوا بذلك مقصدهم.
ثانيا: وضعوا النار عمدا في مبنى مسكون بأن أشعلوا النار في أكوام قش الأرز الموجودة بسطح مسكن .......... فحدث الحريق المبين بالتحقيقات.
ثالثا: أتلفوا عمدا أملاكا عامة هي السيارة رقم ...... حكومة, وأحدثوا بها التلفيات المبينة بالتحقيقات.
رابعا: أتلفوا عمدا أموالا منقولة هي السيارة رقم ...... نقل شرقية المملوكة لـ........... بأن ألقوا عليها الحجارة فأحدثوا بها التلفيات المبينة بالتحقيقات, وقد ترتب على هذا الفعل ضرر مالي تزيد قيمته على عشرة جنيهات.
خامسا: مكنوا ............ وآخرين من الهرب بعد القبض عليهم قانوناً في جريمة تموينية, وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
سادساً: أحدثوا عمداً ........... الجروح الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً, وكان ذلك مع سبق الإصرار باستعمال عصي وآلات وضمن تجمهر مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل فوافقوا على التعدي أو الإيذاء.
وطلبت عقابهم بالمواد 3, 6, 8 من القرار بالقانون رقم 2 لسنة 1977, 3 - 2 من القانون رقم 10 لسنة 1914 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968, 137 مكررا (أ), 162, 252/1, 361/1, 2 من قانون العقوبات.
وفي 13 من ديسمبر سنة 1982 صدر الحكم المطعون فيه بإدانة الطاعنين بمواد العقاب سالفة الذكر, بعد أن خلص في مدوناته إلى أن الجرائم المذكورة قد وقعت لغرض واحد وارتبطت ببعضها ارتباطها لا يقبل التجزئة واعتبرها كلها جريمة واحدة, وحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم عملا بالمادة 32/2 من قانون العقوبات, بعد أن عامل المحكوم عليهم بالرأفة وفقاً للمادة 17 من القانون سالف الذكر. لما كان ذلك, وكان قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 194 لسنة 1983 بإلغاء القرار بالقانون رقم 2 لسنة 1977 قد صدر في 24 من سبتمبر سنة 1983, ووافق عليه مجلس الشعب بجلسته غير العادية والمعقودة في الأول من أكتوبر سنة 1983 - وقبل الحكم النهائي في الدعوى الماثلة - قد نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على إلغاء القرار بالقانون رقم 2 لسنة 1977, وكان هذا القانون الأخير ليس بقانون مؤقت إذا لم يبطل العمل به إلا بالقرار بالقانون الصادر بإلغائه, فإنه بهذا الإلغاء انحسر عن واقعة الاشتراك في التجمهر المسندة إلى الطاعنين, التجريم الذي استحدثه القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977 سالف الذكر ولما كانت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات تقضي بأنه إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح فهو الذي يطبق دون غيره, وإذ كان لفعل التجمهر المسند إلى الطاعنين عند ارتكابه وصفان, أولهما وصف الجناية المعاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة عملا بأحكام المادتين 6 ,8 من القرار بالقانون رقم 2 لسنة 1977, وثانيهما وصف الجناية المعاقب عليها بالمواد 2, 3, 3 مكررا من القانون رقم 10 لسنة 1914 المعدل بالقانون 87 لسنة 1968 المعاقب عليها هي وما وقع من جرائم مسندة إلى الطاعنين حال التجمهر, بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة, فإن القرار الجمهوري بالقانون رقم 194 لسنة 1983 يتحقق به - منذ صدوره في 24 من سبتمبر سنة 1983 - معنى القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات, إذ أنه ينشئ للطاعنين كافة, وضعاً قانونياً أصلح لهم من الوضع في ظل القرار بالقانون الملغي, فيكون هو الواجب التطبيق على واقعة الدعوى. ذلك أنه بصدوره أصبح فعل التجمهر وما نشأ حال قيامه من جرائم يعاقب عليها القانون - إذا ما توافرت مقوماتها - بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أيهما تختار المحكمة, بدلا من عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة, التي كانت مقررة بالقرار بالقانون الملغي والتي لم يكن للمحكمة خيار في توقيع عقوبة أخف منها لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً لوحدة الواقعة واتصال وجه الطعن بهم, وبالنسبة لجميع التهم لأن الحكم اعتبرها جرائم مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها عملا بالمادة 32/2 من قانون العقوبات. وذلك دون حاجة إلى بحث باقي وجوه طعن كل من المحكوم عليهم