الطعن رقم 2152 لسنة 36 بتاريخ 06/03/1967
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في خلال الفترة من 10 سبتمبر سنة 1963 حتى 16 نوفمبر سنة 1964 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: ارتكب غشاً في عقد توريد ارتبط به مع إحدى الجمعيات المملوكة للدولة بأن ورد كميات من صفائح الجبن التي تعاقد على توريدها إلى الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية بنقص في أوزانها تتراوح نسبته ما بين 23% و6.2% عن القدر المتفق عليه وغير مطابقة لقرار الألبان ولشروط العقد على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 116/1 مكرر من قانون العقوبات والمعدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1962. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا بتاريخ 28 مارس 1966 عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المواد 170 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنين تبدأ من تاريخ الحكم. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن في جناية الغش في تنفيذ التوريد الذي ارتبط به مع الجمعية التعاونية الاستهلاكية قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يستظهر ركن الضرر الجسيم الذي تتطلبه المادة 116 من قانون العقوبات التي دين بها الطاعن والذي يميز الجناية عن الجنحة المنصوص عليها في القانون رقم 48 لسنة 1941 في شأن قمع التدليس والغش، كما أطرح دفاع الطاعن بشأن بطلان أخذ العينات لأنه لم يتم في حضوره بالطريقة المتفق عليها، هذا إلى أن ملف الدعوى حوى كثيراً من العينات منها ما هو لغير الطاعن مما أدى إلى اختلاط الأمر على المحكمة نفسها فحسبت عليه نقصاً في وزن الجبن نسبته 61% وهو غير صحيح، لأن هذه النسبة خاصة بالعينات التي استبعدتها من مجال الاتهام فضلاً عن أن ضآلة نسبة الغش إلى كمية الجبن المورد ينفي القصد الجنائي عن الطاعن، وقد أقرت المحكمة وجهة الطاعن في دفاعه واعتبرته موجباً للرأفة، دون أن تجري لازمة من براءته وما ذكرته المحكمة عن وجود شكاوي سابقة على الضبط لا سند له من الأوراق، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 قد نصت على أنه "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين كل من أخل عمداً في تنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط بها مع الحكومة أو إحدى الهيئات العامة أو المؤسسات أو الشركات أو الجمعيات أو المنظمات أو المنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت وترتب على ذلك ضرر جسيم أو ارتكب أي غش في تنفيذ هذا العقد". وواضح من مساق النص أنه يعاقب على نوعين من الجرائم (الأول) هو الإخلال العمدي في تنفيذ أي من العقود المبينة بها على سبيل الحصر، وهذا النوع هو الذي ربط فيه الشارع الإخلال بجسامة النتيجة المترتبة عليه فاشترط الضرر الجسيم ركناً في الجريمة دون ما عداه. (والثاني) وهو الغش في تنفيذ هذه العقود وهو ما لم يتطلب فيه الشارع قدراً معيناً من الضرر لتوافر الجريمة واستحقاق العقاب. لما كان ذلك، وكانت العقوبة الموقعة على الطاعن وهي الحبس سنة واحدة مع الشغل تدخل في حدود العقوبة المقررة لجنحة الغش كما هي معرفة في المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع التدليس والغش فلا مصلحة للطاعن فيما أثاره من تخلف الضرر الجسيم في شأن الجريمة المسندة إليه. لما كان ذلك، وكان القانون لا يتطلب طريقاً خاصاً لإثبات الغش، بل يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة، وإذن فمتى اطمأنت المحكمة - وهو ما أفصحت عنه بجلاء - إلى الدليل من جهة أخذ العينة ومن جهة عملية التحليل ذاتها، بغض النظر عن عدد العينات المأخوذة، وتخلف الطاعن وقت الإجراء، فإن المجادلة فيما اطمأنت إليه عن ذلك لا تصح. ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على علم الطاعن بالغش بما ينتجه من وجوه الأدلة وخصت منها "النقص الكبير الذي شمل أوزان الجبن المضبوط، وشمل رسائل سابقة كان يخطر بها منذ تعاقده مع الجمعية ويصله العديد من الإنذارات بشأنها وأنه محترف لصناعة الجبن وبيعه، عارف بأصنافه خاصة من مذاقه الذي يكشف زيادة ملح الطعام فيه، وأنه صاحب المصلحة في ربح الفرق بين ثمن ما يورده من جبن ناقص الوزن وبين المتعاقد عليه". وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً مقبولاً، وكان خطأ الحكم في الإسناد بفرض وقوعه - لا يعيبه ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكانت الشكاوي التي أشار إليها الطاعن لا شأن لها باستدلال الحكم رداً إلى الواقعة كما أوردها، وكان الطاعن إنما ينسب الخطأ في تحديد نسبة النقص في الوزن إلى الواقعة التي قضى ببراءته منها، فلا مصلحة للطاعن فيما أثاره، ولا وجه لما نعاه بشأنها. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض