الطعن رقم 558 لسنة 37 بتاريخ 15/05/1967
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في خلال الفترة من 5 مايو سنة 1964 إلى 25 مارس سنة 1965 بدائرة قسم روض الفرج محافظة القاهرة: (المتهم الأول) 1- بصفته موظفا عاما ملاحظ النسخ بمحكمة استئناف القاهرة أخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن أخذ من المتهم الثاني مبلغ أربعين جنيها على سبيل الرشوة مقابل إتلاف أوراق محضر الضبط والتحقيق وقائمة أدلة الثبوت وقرار الإحالة في قضية الجناية رقم 92 لسنة 1964 مخدرات الجمالية واصطناع محاضر وأوراق أخرى مزورة بدلها -2- وهو من المأمورين بحفظ أوراق القضية المشار إليها اختلس وأتلف هذه الأوراق بأن أخفاها في حرز مغلق وأخرجها من محكمة استئناف القاهرة وقام بإعدامها. (المتهم الثاني): قدم رشوة لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم المتهم الأول مبلغ أربعين جنيها على سبيل الرشوة مقابل إتلاف أوراق قضية الجناية رقم 92 لسنة 1964 مخدرات الجمالية المتهم فيها واصطناع أوراق أخرى مزورة بدلها. (المتهمين الأول والثاني): ارتكبا وآخر مجهول تزويرا في أوراق أميرية هي محاضر ضبط وتحقيق الجناية رقم 92 لسنة 1964 مخدرات الجمالية وقائمة أدلة الثبوت وقرار الإحالة وذلك بطريق الاصطناع بأن اعدموا تلك الأوراق الأصلية وقام المتهم الأول بإملاء عبارات أخرى مزورة بدلها على المجهول الذي كلفه بتحريرها والذي وقع على هذه المحاضر والأوراق بإمضاءات مزورة نسبها للسيد النقيب ..... ضابط الشرطة والسيد ..... وكيل النيابة والسيد ........ كاتب التحقيق والسيد مستشار الإحالة ووضع المتهم الثاني بصمة في ختام أقواله بمحضر التحقيق المصطنع وطلبت من مستشار الإحالة إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر بذلك، ومحكمة جنايات القاهرة قضت بتاريخ 28 مارس سنة 1966 عملا بالمواد 111 و103 و104 و151 و152 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول (الطاعن) بالمواد 103 و104 و107/1 مكرر من القانون ذاته بالنسبة إلى المتهم الثاني والمواد 206 و211 و212 من القانون نفسه بالنسبة إلى الاثنين مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بالنسبة إليهما حضورياً للأول (الطاعن) وغيابيا للمتهم الثاني: بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما ومعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين وتغريم كل منهما ألفين من الجنيهات لما أسند إلى كل منهما. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الرشوة والاختلاس والتزوير قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الاعتراف المعزو إلى المتهم الآخر - المحكوم عليه غيابياً - قد صدر وليد إكراه وقع عليه من رجال الشرطة، إلا أن الحكم أخذ بهذا الاعتراف وعول عليه في إدانة الطاعن بغير أن يعنى بمناقشة دفاعه الجوهري أو الرد عليه.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن تمسك بأن اعتراف المتهم الآخر إنما كان وليد إكراه وقع عليه من رجال الشرطة وقدم تأييدا لدفاعه إقرارا صادرا من المتهم الآخر - الذي حوكم غيابياً - يتضمن أن الأقوال التي وردت على لسانه في محضر ضبط الواقعة وفي محضر تحقيق النيابة العامة قد صدرت منه وهو في غيبوبة إثر تعذيب رجال الشرطة له بالضرب وأن الطاعن ليست له صلة بالجرائم التي أسندت إليه لأن التزوير قد قام به شخص آخر يدعى ...... مقابل رشوة تقاضاها منه. ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن - ضمن ما استند إليه - إلى اعتراف المتهم الآخر بغير أن يعرض إلى دفاع الطاعن أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختياريا، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقا - إذا صدر إثر إكراه أو تهديد كائنا ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي دفع بالبطلان أو أن يكون أحد المتهمين الآخرين في الدعوى قد تمسك به مادام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على ذلك الاعتراف. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك بأن الاعتراف المعزو إلى المتهم الآخر بالتحقيقات الأولية قد صدر وليد إكراه وقع عليه. وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن على ذلك الاعتراف بغير أن يرد على دفاع الطاعن الجوهري ويقول كلمته فيه، فإن الحكم يكون معيبا بالقصور في التسبيب. ولا يغني في ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه طعنه