الطعن رقم 1055 لسنة 26 بتاريخ 27/11/1956
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: بصفته من مأموري التحصيل المنوط بحساب النقود (معاون خزينة مكتب بريد الدقي) اختلس مبلغ 40ج و513 م سلمت إليه بسبب وظيفته سالفة الذكر. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 112/1 ـ 2 و118 من قانون العقوبات ـ فقررت الغرفة بذلك وبعد أن نظرت محكمة جنايات الجيزة هذه الدعوى قضت غيابيا عملا بالمادتين 112، 341 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة ............... بالسجن لمدة ثلاث سنين وبتغريمه مبلغ أربعين جنيها وثلاثة مليمات وإلزامه برد مبلغ مساو لهذا المبلغ لحزينة الحكومة وأعفته من المصاريف الجنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
.. وحيث إن مبنى الطعن، هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المحكمة قضت بمعاقبة المطعون ضده بالسجن ثلاث سنوات دون أن تشير في الحكم إلى أنها طبقت المادة 17 من قانون العقوبات، كما أغفلت الحكم بالحد الأدنى للغرامة وبالعزل، فجاء حكمها مخالفا لما تقضي به المادتان 112، 118 من قانون العقوبات المعدلتان بالقانون رقم 69 لسنة 1953 وأولاهما فرضت عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لاختلاس مأموري التحصيل الأموال الأميرية المسلمة إليهم ونصت المادة 118 على عقوبتي العزل والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على المطعون ضده لأنه في يوم 19 من يناير سنة 1955 بناحية الدقي قسم ثاني الجيزة بصفته من مأموري التحصيل المنوطين بحساب النقود (معاون خزينة مكتب بريد الدقي) اختلس مبلغ 40ج و513م سلمت إليه بسبب وظيفته وقد نظرت محكمة جنايات الجيزة الدعوى وحققتها وتبين لها أن من ضمن المبلغ المختلس خمسمائة وعشرة مليمات ثمن طوابع لرابطة الإصلاح الإسلامي سلمت للمتهم المطعون ضده باسم الرابطة لبيعها للجمهور ورأت أنها لا تعد من الأموال الأميرية المسلمة إليه بسبب وظيفته فأسندت إليه تهمة التبديد لما حصله من ثمنها ثم قضت غيابيا تطبيقا للمواد 112، 341، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه 40ج و3م وإلزامه برد مبلغ مساو لهذه الغرامة.
وحيث إن المادة 112 من قانون العقوبات قد ألغيت بالقانون رقم 69 لسنة 1953 واستبدل بها المادة 112 من القانون المذكور وهي تنص على أنه "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل موظف أو مستخدم اختلس أموالا أو أوراقا أو أمتعة أو غيرها مسلمة إليه بسبب وظيفته، وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إذا كان الجاني من مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة المنوطين بحساب النقود واختلس شيئا مما سلم إليه بهذه الصفة" كما تنص المادة 118 من القانون المشار إليه على أنه "فضلا عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد من 112 إلى 116 يحكم على الجاني بالعزل والرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه من مال أو منفعة أو ربح على أن لا تقل الغرامة عن خمسمائة جنيه" - لما كان ذلك وكانت المحكمة وإن لم تشر في الحكم إلى أنها طبقت المادة 17 من قانون العقوبات إلا أن العقوبة التي قدرتها على ذات الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية تشعر بأنها رأت الرأفة بالمتهم فعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنين وهي أدنى حد للعقوبة المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات قبل إلغائها، وكان في استطاعتها أن تقضي بأكثر من ذلك، ولذلك فإن محكمة النقض ينبغي لها أن تراعي هذا المعنى عند نظرها في تصحيح الحكم، ما دام القانون يخولها أن تطبق النصوص التي تدخل الواقعة في متناولها وما دام هذا التطبيق يقتضي حتما أن تقدر محكمة النقض العقوبة اللازمة وهو ما يستتبع أن يكون لها عندئذ حق الأخذ بالمادة 17 من قانون العقوبات، لما كان ذلك وكانت هذه المحكمة ترى تطبيقا للمادتين 112 من القانون رقم 69 لسنة 1953 و17 من قانون العقوبات أن عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات هي التي يستحقها المطعون ضده على فعلته وأن الرد المحكوم به قد قدرته المحكمة تقديرا سليما بمبلغ يساوي في قيمته المبلغ المختلس وهو أربعون جنيها وثلاثة مليمات وكان ما حكمت به محكمة الموضوع غير ذلك من تغريم المتهم مبلغا يساوي ما اختلسه وإغفالها الحكم بالعزل هو قضاء مخالف لنص المادة 118 من القانون رقم 69 لسنة 1953 الذي ربط الحد الأدنى للغرامة بخمسمائة جنيه كما أوجب الحكم بالعزل، فإنه يتعين تصحيح هذا الخطأ والقضاء بالعزل وبجعل الغرامة خمسمائة جنيه بدلا من الغرامة المقضي بها