الطعن رقم 9240 لسنة 65 بتاريخ 02/07/1997
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفا عاما مديرا لفرع ..... تابع لشركة توزيع ..... طلب لنفسه وأخذ عطية شقة بالإيجار من جمعية ..... في العقار المملوك لها بمدينة..... وذلك على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته هو توصيل التيار الكهربائى لوحدات ذلك العقار على النحو المبين بالتحقيقات . ثانيا : وبصفته السابقة استولى بغير حق وبنية التملك على تيار الكهربائى المملوك لجهة عمله سالفة الذكر والبالغ قيمته 4522.85 جنيه وذلك عن طريق التلاعب فى عداد قياس الطاقة الكهربائية المستهلكة بمزرعة الدواجن الخاصة به على النحو المبين بالتحقيقات . ثالثا : وبصفته السابقة أضر عمدا بأموال جهة عمله السابقة سالفة الذكر بأن قام بتوصيل التيار لكهربائى إلى ثلاجة حفظ الخضر والفاكهة الخاصة بزوجته ......... وأخرى خاصة بـ ....... بالمخالفة للتعليمات مما فوت على هذه الجهة تحصيل قيمة المقايسات والتى تبلغ بالنسبة لكل منهما 26526.76 جنيه على النحو المبين بالتحقيقات وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بشبين الكوم لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 103 ، 107 ، 111/6 ، 113/1 ، 116 مكررا/1 ، 118 ، 119/ب ، 119/مكررا/هـ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم أولا : بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه ملغ ألف جنيه عما اسند إليه بالتهمة الأولى . ثانيا : بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ 4522.850 جنيه وبإلزامه برد مثل هذا المبلغ عما اسند إليه بالتهمة الثانية . ثالثا : بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه بالتهمة الثالثة . رابعا : بعزله من وظيفته .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الرشوة والاستيلاء بغير حق على مال عام والإضرار العمد بأموال الجهة التي يعمل بها قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال, ذلك بأن الحكم اقتصر في استدلاله على ثبوت واقعة الرشوة في حق الطاعن من أقوال الشاهد 000000 بزعم أن شهادته تسامعية, إذ لم يكن شاهداً على تلك الواقعة وقت حصولها أو معاصراً للظروف التي أحاطت بها, بما لا يصح الأخذ بها لأن مبناها الظن وليس اليقين, ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعن بشأن عدم توافر أركان جريمة الرشوة في حقه لعدم قيام اتفاق بينه وبين جمعية 00000 على ارتكابها, وأن تحرير عقد إيجار الوحدة السكنية المملوكة لتلك الجمعية لصالحه لا ينهض دليلاً على إسناد جريمة الرشوة إليه وإدانته بها, وجاء الحكم قاصراً في بيان الأفعال التي اقترفها الطاعن والتي تتوافر بها مسئوليته عن جريمتي الاستيلاء بغير حق على المال العام والإضرار العمد بأموال الجهة العامة التي يعمل بها, ولم يكشف في مدوناته عن وجه استدلاله على صحة إسناد الأفعال المكونة لهاتين الجريمتين إلى الطاعن وثبوتهما في حقه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعات الدعوى ونسبتها إلى الطاعن في قوله ((أنه خلال الفترة من عام 1986 حتى عام 1993 وحال عمل المتهم 00000 مديراً لفرع 0000 التابع لشركة توزيع كهرباء جنوب الدلتا وبدائرة مركز 0000 محافظة المنوفية - أساء استعمال السلطات المخولة له بحكم وظيفته سالفة البيان, بأن أستغل حاجة جمعية 00000 إلى توصيل التيار الكهربائي لوحدات العقار المملوك لها بمدينة 00000 عندما تقدمت له بطلب لهذا الغرض فرفضه بتاريخ 15/10/1986 فأفلح القائمون على الجمعية في طلب توصيل التيار الكهربائي لذلك العقار فطلب لنفسه عطية هي شقة بالإيجار في العقار المملوك لتلك الجمعية بمدينة 000000 على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته هو توصيل التيار الكهربائي لوحدات ذلك العقار, وما أن استجابت الجمعية إلى طلبه وحررت له عقد إيجار الشقة التي طلبها بتاريخ 7/11/1990 حتى قام بتوصيل التيار الكهربائي للعقار المذكور بتاريخ 19/3/1991 كما وأن المتهم المذكور وبصفته سالفة الذكر استولى بغير حق وبنية التملك على التيار الكهربائي المملوك لجهة عمله سالفة البيان, والبالغ قيمته 4522.85 جنيه, وذلك عن طريق تلاعبه في عداد قياس الطاقة المستهلكة بمزرعة الدواجن الخاصة به, بالإضافة إلى أنه وبصفته المذكورة أضر عمداً بأموال جهة عمله سالفة الذكر بأن قام بتوصيل التيار الكهربائي إلى ثلاجة حفظ الخضر والفاكهة الخاصة بزوجته 0000 وأخرى خاصة بـ 00000 متعمداً الإضرار بجهة عمله بمخالفة الإجراءات والأصول الفنية المنظمة لتوصيلات القوى المحركة الواجبة الإتباع, وخاصة إجراءات المقايسات الفنية المطلوبة وتحصيل قيمة التكاليف والرسوم المستحقة والتي تبلغ بالنسبة لكل منهما 26526.76 جنيه وجملتها بالنسبة لكليهما 53053.52 جنيه, مما أضر بجهة عمله بحرمانها من الحصول على هذا المبلغ)) واستدل الحكم على ثبوت واقعة الرشوة في حق الطاعن من أقوال الشاهد 00000 التي حصلها في قوله ((كما شهد بالتحقيقات 00000 بأنه تم اختياره عضواً بمجلس إدارة جمعية 00000 بتاريخ 19/4/1991 ثم أسندت لسيادته رئاسة مجلس الإدارة في 21/4/1991 ومنذ التحاقه عضواً بمجلس إدارة الجمعية وجد أن الجمعية كانت تعاني من مشكلة تعثر توصيل التيار الكهربائي للعمارة التي أقامتها بمدينة 000000 لبيع وحداتها واستثمار العائد من حصيلة البيع كوديعة ثابتة في البنوك, لأن المتهم بتاريخ 15/10/1988 رفض طلب الجمعية بتوصيل التيار الكهربائي للعمارة المذكورة وبموالاة الإلحاح من قبل القائمين على الجمعية آنذاك وكان يرأس الجمعية المرحوم 00000 طلب المتهم أخذ شقة سكنية بالإيجار في تلك العمارة مقابل توصيل التيار الكهربائي لوحداتها, فاضطرت الجمعية إلى الموافقة على هذا الطلب, وبتاريخ 7/1/1990 حررت عقد إيجار للمتهم عن شقة في الدور الرابع فقام بتوصيل التيار الكهربائي للعمارة المذكورة بتاريخ 19/3/1991 وبتاريخ 9/2/1992 تنازل المتهم عن الشقة التي استأجرها من الجمعية 0000)) لما كان ذلك, وكانت الشهادة في الأصل هي إخبار الشخص بما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه, وكان البين من استعراض الحكم لأقوال الشاهد - المار ذكره - على السياق المتقدم - أنه لم يكن معاصراً لواقعة طلب الطاعن استئجار الوحدة السكنية من الجمعية سالفة الذكر - مقابل الموافقة على توصيل التيار الكهربائي لوحدات العقار المملوك لها, والظروف التي أحاطت بذلك الواقعة, وأن شهادته لم تنصب عليها بما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه بحاسة من حواسه, فهي بذلك شهادة تسامعية, لا تكفي بمجردها للأخذ بها باعتبارها دليلاً قاطعاً على الواقعة المراد إثباتها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن جريمة الرشوة لا تتم إلا بانعقاد الاتفاق غير المشروع بين الراشي والمرتشي أو الوسيط بينهما في ذلك, وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء في معرض تحصيله واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها, أن اتفاقاً غير مشروع قد انعقد بين جمعية 0000 والطاعن على أن يكون استئجار الأخير للوحدة السكنية بالعقار المملوك لها مقابل موافقته على توصيل التيار الكهربائي لذلك العقار, بما تتحقق به العناصر القانونية لجريمة طلب الرشوة التي دان الطاعن بها, وإنما اتخذ من مجرد استئجار الطاعن للوحدة السكنية بالعقار المملوك للجمعية - سالفة الذكر - دليلاً على قيام جريمة الرشوة وإسنادها إليه وإدانته بها, وهو استدلال قاصر ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من ثبوت جريمة الرشوة في حق الطاعن, ومن ثم فإن الحكم في هذا الشأن يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه. لما كان ذلك, وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى الجهات العامة - موضوع التهمة الثانية - طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات, وأعمل في حقه المادة 17 من القانون ذاته, ثم قضى بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات. وكانت العقوبة المقررة لجريمة الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من القانون - المار ذكره - هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن, وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص مدته عن ثلاثة شهور, وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً, إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم ومعاملته طبقاً لنص المادة 17 المشار إليها, ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام وذكرت في حكمها أنها رأت معاملته طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات, ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن وهي إحدى العقوبتين التخييرتين المقررتين لتلك الجريمة طبقاً لنص المادة 113/1 من قانون العقوبات, فإن حكمها يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون, إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. لما كان ذلك, وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك, وكان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة. وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن المتعلقة بالجريمة موضوع التهمة الثانية التي دين الطاعن بها. لما كان ذلك, وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها, وإلا كان باطلاً, والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي أنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون, ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام, ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص صورة واقعة الإضرار العمد بأموال الجهة العامة التي يعمل بها الطاعن، ودلل على ثبوتها في حقه, بما مؤداه أن الطاعن قام بتوصيل التيار الكهربائي لثلاجة حفظ خضر وفاكهة مملوكة لزوجته, وأخرى مملوكة لـ 00000 وذلك بالمخالفة للتعليمات والإجراءات والأصول الفنية المنظمة لتوصيلات القوى المحركة الواجبة الإتباع, ودون إجراء المقايسات الفنية المطلوبة وتحصيل قيمة التكاليف والرسوم المستحقة. لما كان ذلك, وكانت المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات تنص على أن ((كل موظف عام أضر عمداً بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة - فإذا كان الضرر الذي ترتب على فعله غير جسيم جاز الحكم عليه بالسجن, وكان إعمال حكم هذه المادة يتطلب توافر أركان ثلاثة (الأول) صفة الجاني وهو أن يكون موظفاً عاماً بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات (الثاني) الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف سواء كانت تلك الأموال والمصالح للجهة التي يعمل بها أو للغير المعهود بها إلى تلك الجهة, ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له (الثالث) القصد الجنائي, وهو اتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو بالمصلحة, فلا تقع الجريمة إذا حصل الضرر بسبب الإهمال, ويشترط في الضرر كركن لازم لقيام جريمة الإضرار العمد المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات, أن يكون محققاً أي حالاً ومؤكداً, لأن الجريمة لا تقوم على احتمال تحقق أحد أركانها, والضرر الحال هو الضرر الحقيقي سواء أكان حاضراً أم مستقبلاً, والضرر المؤكد هو الثابت على وجه اليقين. لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بشأن جريمة الإضرار العمد بأموال الجهة العامة التي يعمل بها الطاعن والتي دانه بها - على النحو السالف بيانه - قد وضع في عبارات عامة مجملة لا يبين منها الأفعال المادية التي أرتكبها الطاعن، والتي تتوافر بها مسئولتيه عن هذه الجريمة إذ لم يكشف الحكم في مدوناته بوضوح عن أوجه مخالفة الطاعن للتعليمات الخاصة بتوصيل القوى المحركة للثلاجتين المملوكتين لزوجته وآخر, وماهية الإجراءات والأصول الفنية المنظمة لتوصيل القوى المحركة التي امتنع عن إتباعها في ذلك, وما صدر عنه من أقوال وأفعال تكشف عن اتجاه إرادته إلى عدم تحصيل قيمة التكاليف والرسوم المستحقة مقابل توصيل التيار الكهربائي إلى هاتين الثلاجتين, ودون أن يدلل الحكم على توافر نية الإضرار بالمال العام لدى الطاعن. فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً في التدليل على ثبوت جريمة إضرار الطاعن عمدا بالمال العام المملوك للجهة التي يعمل بها, بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة. لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه عن الجرائم الثلاثة التي دين الطاعن بها والإعادة بغير حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى