الشكوى فى جريمة الزنا
 
نص قانونى :
تنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه " لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية ألا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه أو من وكيله الخاص الى النيابة العامة أو الى أحد مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 185 ، 274 ، 277 ، 279 ، 292 ، 293 ، 303 ، 306 ، 307 ، 308 من قانون العقوبات ، وكذلك فى الأحوال التى ينص عليها القانون". والجريمة المنصوص عليها فى المادة (274 عقوبات) هى زنا الزوجة ، بينما الجريمة المنصوص عليها فى المادة (277 عقوبات) هى زنا الزوج.
كما تنص المادة 273 من قانون العقوبات على أنه " لا يجوز محاكمة الزانية ألا بناء على دعوى زوجها.
الطبيعة القانونية للشكوى :
للشكوى طبيعة إجرائيـة خاصـة ، فهى عقبـة أجرائية تحول دون تحريك الدعوى الجنائية ، وبالتالى يمتنع على المحكمة أن تنظر فى موضوع الدعوى ، ويجب عليها أن تحكم " بعدم قبول الدعوى ". ولما كانت الشكوى قيد استثنائى على حق النيابة فى تحريك الدعوى الجنائية ، لذا فقد وجب تفسير النصوص التى وردت فى شأنها تفسيرا ضيقا ، فلا يجوز التوسع فيهـا أو القيـاس عليها(33). 
ويترتب على ارتفاع القيد بتقديم الشكوى استرداد النيابة العامة لحقها فى تحريك الدعوى الجنائية ، بحيث يكون لها كامل الحرية فى تقدير الدعوى (34) ، فيجوز للنيابة العامة أن تمتنع عن تحريكها وذلك برغم تقديم الشكوى لأعتبارات الملائمة أو للأسباب التى تنتهى اليها النيابة العامة فى تحقيقاتها. كما يتعلق قيد الشكوى بالنظام العام ، فلا يجوز للمتهم أن يتنازل عن التمسك بها ويقبل محاكمته دون تقديمها. وعلى ذلك فإن كافة الإجراءات التى تتخذ قبل ارتفاع القيد باطلة
بطلانا مطلقا ، ولا يصححها تقديم الشكوى بعد ذلك. كما يجب أن يتضمن حكم الأدانة ما يشير الى تقديم الشكوى ، و ألا كان الحكم قاصر التسبيب متعين نقضه(35).
وسوف نتناول فيما يلى موضوع الشكوى فى جريمة الزنا فى مطلبين ، نخصص الأول للأحكام العامة للشكوى ، ونخصص الثانى لإنقضاء الحق فى الشكوى.
ـــــــــــــــــــــــــ
(33) أنظر  نقض 15 فبراير سنة 1965 مجموعة أحكام محكمة النقض س 16 رقم 28 ص 124 ؛ 8 أبريل سنة 1968  س 18 رقم 75 ص 398 ؛  28 أبريل سنة 1969  س 20 رقم 127 ص 565 ؛  2 يونية سنة 1969  س 20 رقم 128 ص 787 ؛  10 ديسمبر  سنة 1973  س 24 رقم 244 ص 1201 ؛  24 فبراير سنة 1975  س 26 رقم 42 ص 188 ؛  26 يناير سنة 1976  س 27 رقم 26 ص 134
(34) أنظر  نقض 7 مارس سنة 1967 مجموعة أحكام محكمة النقض س 18 رقم 68 ص 334 ؛ 28 أبريل سنة 1969  س 20 رقم 171 ص 565 .
(35) أنظر  نقض 12 أبريل سنة 1977 مجموعة أحكام محكمة النقض س 28 رقم 108 ص 506 ؛ 26 أبريل سنة 1981  س 32 رقم 72 ص 404 .
ماهية الشكوى :
هى بلاغ يقدمه المجنى عليه الى السلطات المختصة (النيابة العامة أو مأمور الضبط القضائى) بقصد تحريك الدعوى الجنائية فى جرائم معينة حددها المشرع على سبيل الحصر. وتختلف الشكوى عن البلاغ المنصوص عليه فى المادة 25 إجراءات جنائية فى أن الأخير يصدر عن أى شخص حتى لو لم يكن المجنى عليه.
علة الشكوى :
ترجع العلة فى اشتراط الشكوى لتحريك الدعوى الجنائية فى جريمة الزنا الى أن المشرع قد راعى مصلحة العائلة وصيانة اعتبارها ، بحيث إذا سكت المجنى عليه من الزوجين درءا لما تجره الدعوى المحاكمة من إساءة الى سمعة العائلة ومن ضرر يلحق الأبناء فى الغالب ، وجب على الهيئة الاجتماعية ألا تحرك الدعوى حتى لا تجر بذلك الى هدم كيان العائلة واعتبارها ، وهو الأمر الذى يحرص القانون الخاص بتجريم الزنا على دفعه وتفاديه .
ولقد قالت محكمة النقض فى شأن اشتراط الشكوى فى الزنا " ان جريمة الزنا ليست ألا جريمة كسائر الجرائم تمس المجتمع لما فيها من أخلال بواجبات الزوج الذى هو قوام الأسرة والنظام الذى تعيش فيه الجماعة ، ولكن لما كانت هذه الجريمة تتأذى بها فى ذات الوقت مصلحة الزوج وأولاده وعائلته فقد رأى الشارع فى سبيل رعاية هذه المصلحة أن يوجب رضاء الزوج عن رفع الدعوى العمومية بها (36).
ــــــــــــــــــــــــــــ      
(36) أنظر نقض 19 مايو سنة 1941 مجموعة القواعد القانونية  ج 5 رقم 259 ص 471 .
  صفة الشاكى :
نصت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على أن " الشكوى تقدم من المجنى عليه أو من وكيله الخاص . ويجب أن يكون التوكيل صريحا وصادراً عن واقعة معينة سابقه على صدوره" (37).
وعلى هذا فلا يغنى عن ذلك التوكيل العام بإجراءات التقاضى السابق على واقعة الزنا المشكو عنها أيا كان نوعه(38).
ويترتب على ذلك أن الحق فى الشكوى ينقضى بوفاة المجنى عليه (المادة السابعة من قانون الإجراءات الجنائية) ولا ينتقل هذا الحق الى الورثة ، حتى لو كان المجنى عليه توفى بعد علمه بالجريمة . أما لو حدثت الوفاة بعد تقديم الشكوى ، فلا تؤثر على سير الدعوى. ويجب أن تتوافر صفة الزوج المجنى عليه وقت تقديم الشكوى (39)، فلو تم الطلاق قبل تقديم الشكوى انتفت صفة المجنى عليه وسقط حقه فيها(40).
أما إذا انتفت هذه الصفة بعد تقديم الشكوى فلا تأثير لذلك على الدعوى الجنائية ، فإذا طلق الزوج زوجته بعد تقديم شكواه عن جريمة الزنا التى ارتكبتها الزوجة ، فإن ذلك لا يحول دون الاستمرار فى نظر الدعوى سواء أمام جهات التحقيق أو المحاكمة.
 حق الزوج فى تقديم الشكوى إذا رضى مقدما بإرتكاب زوجته جريمة الزنا :
يرى جانب من الفقه أن جريمة الزنا فيها اعتداء على حقوق الزوجية ، وهى حقوق ذات أهمية أجتماعية ، ومن ثم لم يكن للزوج حق التصرف فيها .
ومن ناحية أخرى فإن الدعوى الجنائية التى تنشأ عن هذه الجريمة لها كل الخصائص العامة التى للدعوى الجنائية ، وليس من شأن قيد الشكوى أن ينفى عنها هذه الخصائص. والنتيجة الحتمية لذلك ألا يكون من شأن رضاء الزوج التغيير من الأحكام الموضوعية أو الأجرائية التى تخضع لها جريمة الزنا(41).
بينما قضت محكمة مصر الكلية بأنه " اذا ثبت أن الزوج كان يسمح لزوجته بالزنا فإن مثل هذا الزوج لا يصح أن يعتبر زوجا حقيقيا ، بل هو زوج شكلا ، ولا يقبل منه كزوج أن يطلب محاكمة زوجته أو أحد شركائها إذا زنت ، و ألا كان الحق متروكا لأهوائه يتخذه وسيلة لسلب أموال الزوجة وشركائها كلما عن له ذلك
بواسطة تهديدهم بالفضيحة (42).
كما قضت محكمة النقض " أن الحكمة التى تغياها الشارع من غل يد النيابة العامة عن تحريك الدعوى الجنائية فى جريمة الزنا - وهى الحفاظ على مصلحة العائلة وسمعتها - لا تقوم بعد أن وضح للمحكمــة أن ارتكاب المنكر مع الزوجة كان بعلم الزوج ورضاه بما يسقط حقه فيما فرضه الشارع لحمايته وعائلتـه(43).
وفى رأينا أن القضاء الأخير أصاب كبد الحقيقة ، فالزوج الذى يقبل أن تعاشر زوجته رجلا آخر برضاه ، أو بتحريض منه ، لا يعد زوجا سواء من الناحية الشرعية أو الواقعية ، وبالتالى فلا يجوز له أن يسند اليه الحق فى تحريك الدعوى الجنائية ، فليس لهذا الزوج أية قيمة من الناحية الأسرية أو الأجتماعية .
ولذلك فإننا نهيب بالمشرع أن يتدخل بنص تشريعى ليسلب هذا الزوج الذى تخلى عن كامل حقوق العائلة حقه فى تحريك الدعوى الجنائية. ويعيد الشارع هذا الحق- فى حاله رضاء الزوج بزنا الزوجة - للنيابة العامة لتقدر هى ما إذا كان من الملائم السير فى الدعوى الجنائية ، وليكن للنيابة العامة - بما لها من حصافه ومقدره - الكلمة الاخيرة فى الحفاظ على سمعه عائلة هذا الزوج.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(41) أنظر  الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ،  ص 594 هامش 3  ؛ الدكتور أدوارد غالى الذهبى : المرجع السابق ،  ص 65
(42) أنظر حكم محكمة مصر الكلية - فى 9 مارس سنة 1941 ، المحاماه ، س 21 رقم 436 ص 1039 .
(43) أنظر نقض 15 فبراير سنة 1965 مجموعة أحكام محكمة النقض س 16  رقم 28 ص 124 .
أهلية الشكوى :
نصت المادة الخامسه من قانون الإجراءات الجنائية على أنه " إذا كان المجنى عليه فى الجريمة لم يبلغ خمس عشرة سنة كاملة أو كان مصابا بعاهة فى عقله ، تقدم الشكوى ممن له الولايه عليه". وبذلك يبين أن المشرع قد اشترط فى الشاكى بلوغه سن الخـامسة عشــرة (44)، وتمتعه بقواه العقلية ، واذا لم تتوافر فى المجنى عليه هذه الشروط جاز لولى النفس نيابة عنه أن يقدم شكوى الزنا .
وإذا أتم المجنى عليه سن الخامسة عشرة ، جاز له تقديم الشكوى عن جريمة زنا ارتكبت قبل بلوغه هذه السن ، طالما أن المدة المحدده لتقديمها لم تنقض بعد.
شكل الشكوى :
يجوز تقديم الشكوى شفاهة أو كتابة ، ولا يهم اللغة التى تكتب بها أو الصياغة التى تفرغ فيها. ولم يشترط الشارع أن تقدم الى جهه معينة من جهات التحقيق ، فيجوز تقديمها الى أى عضو نيابة حتى لو كان غير مختص بالجريمة ، ولكن لا يجوز تقديم الشكوى لغير النيابة العامة أو مأمور الضبط القضائى ، فلا يجوز تقديمها الى أية جهة ادارية أخرى(45).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(45) ولكن إذا رفع المجنى عليه الدعوى الجنائية بالطريق المباشر أمام المحكمة الجنائية أعتبر ذلك بمثابة شكوى مقدمة الى الجهات المختصة .  أنظر نقض 6 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكــام محكمة النقض س 7  رقم 47 ص 138 ؛ 6 أبريل سنة 1970 س 21  رقم 131 ص 552 ؛ 26 يناير سنة 1976 س 27  رقم 26 ص 134 ؛ 21 أبريل سنة 1980 س 31  رقم 103 ص 544 .
  المدة التى يجب تقديم الشكوى خلالها :
يجب أن تقدم الشكوى خلال ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة وبمرتكبيها. وقد قالت محكمة النقض عن هذا الشرط " إن مضى هذه المدة هو قرينة لا تقبل إثبات  العكس على التنازل لما قدره الشارع من أن سكوت المجنى عليه طوال هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى حتى لايتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحاً للتهديد أو الأبتزاز أو النكاية "(46). ومبدأ سريان المدة هو يوم علم الشاكى بإسم المتهم ولو على سبيل الشبهة المبنية على أسباب مقبولة. ولا يغنى عن ذلك مجرد علمه بوقوع الجريمة ، وذلك لأن التبليـغ ينصب على أسم شخص معين وليس مجهول(47) .
وإذا قدمت الشكوى فى الموعد الذى حدده القانون كانت الدعوى مقبولة ، ولو لم تحركها النيابة ألا بعد فوات هذا الميعاد ، وذلك لأن الميعاد محدد لتقديم الشكوى لا لتحريك الدعوى (48).
ـــــــــــــــــــ
(46) أنظر نقض 27 فبراير سنة 1967 مجموعة أحكام محكمة النقض س 18 رقم 52 ص 270 ؛ 3 ديسمبر سنة 1974  س 25 رقم 173 ص 808 .
(47) أنظر نقض 12 مارس سنة 1974 مجموعـــــــة أحكام محكمة النقض س 25 رقم 60 ص 271 ؛ 29 مارس سنة 1976  س 27 رقم 79 ص 369 ؛ 21 مايو سنة 1980  س 31 رقم 127 ص 654 .
(48) أنظر نقض 3 ديسمبر سنة 1974 سالف الأشارة اليه
ضد من تقدم الشكوى :
يجب أن تقدم الشكوى ضد شخص معين هو المسئول جنائيا عن الجريمة . ونظرا لأن جريمة الزنا لها وضع خاص يتمثل فى أنها لا تقع ألا بفعل بين شخصين رجل وأمرأة ، لذا فإنه لا يجوز تحريك الدعوى الجنائية ألا إذا تقدم الزوج بالشكوى ضد زوجه الآخر الزانى ، وطالما أنه لم يتقدم بهذه الشكوى ضد زوجه الآخر الزانى فلا يجوز محاكمة الشريك وحده ، وعلى هذا فإذا تقدم الزوج بشكوى ضد زوجته تحركت الدعوى الجنائية بالنسبة للزوجة وشريكها ولو لم يصرح الزوج برغبته فى تحريكها ضد الاخير ، بل ولو صرح بعدم رغبته فى تحريكها قبل الاخير .
 ارتباط جريمة الزنا بغيرها من الجرائم التى لا تستلزم تقديم شكوى :
اذا ارتكب الجانى جريمة زنا وجريمة آخرى مرتبطه بها لا يستلزم لتحريكها تقديم شكوى ، فما هى حدود سلطة النيابة العامة فى تحريك ورفع الدعوى الجنائية عن هذه الجرائم؟
 الحالة الأولى - التعدد المـادى البسيط (الجرائم غير المرتبطة) :
وذلك كما لو سرق شريك الزوجة الزانية مالاً لزوجها. فيجوز للنيابة العامة
تحريك الدعوى الجنائية دون تقديم شكوى من أجل الجريمة التى لم يعلق القانون الدعوى الناشئة عنها على شكوى(49).
ـــــــــــــــــــــــــ
(49) أنظر مثال للأرتباط البسيط  نقض 26 يناير  سنة 1976 مجموعة أحكام محكمة النقض س 72 رقم 26 ص 134 .
الحالة الثانية - التعدد المادى مع الارتباط الذى لا يقبل التجزئة :
وذلك كما لو قامت الزوجة وعشيقها بتزوير عقد زواج لإخفاء جريمة الزنا التى ارتكباها ، ففى هذه الحاله يجوز للنيابة العامة اقامه الدعوى عليهما من أجل الاشتراك فى تزوير عقد الزواج حتى لو لم يقدم الزوج شكوى لتحريك دعوى الزنا (50).
واذا اعتادت الزوجة ممارسة الدعارة وادارت منزلا للدعارة جاز للنيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية قبلها من أجل هاتين الجريمتين حتى لو لم يقدم زوجها شكوى من أجل جريمة الزنا المرتبطة بالجريمتين السابقتين أرتباطا غير قابل للتجزئة (51).
ــــــــــــــــــــــــــ
(50) أنظر نقض 8 ديسمبر سنة 1959 مجموعــــة أحكام محكمة النقض س 10 رقم 204 ص 992 .
(51) أنظر نقض 15 فبراير سنة 1965 مجموعة أحكام محكمة النقض س 16 رقم 28 ص 124 .
الحالة الثالثة - التعدد المعنوى :
وذلك كما لو ارتكبت جريمة الزنا فى علانية ، فقضاء النقض مستقر على امتداد قيد الشكوى الى الفعل بأوصافه جميعا. وذلك لأن التعرض لجريمة الفعــل الفاضح العلنى كما هو فى المثال السابق يقتضى حتما التعرض والبحث فى جريمة الزنا ، إذ من هذا الأخير تستخلص صفة الأخلال بالحيــاء ، ولذلك فلا يجوز الخوض فى إحدى الجريمتين ألا بعد تقديم شكوى من الزوج المجنى عليه(52).
أما بالنسبة لإرتباط جريمة الزنا بجريمة دخول منزل بقصد ارتكاب جريمة ، فإن محكمة النقض قد فرقت بين فرضين ، الأول حالة ارتكاب جريمة دخول منزل بقصد ارتكاب جريمة واتمام فعل الزنا ، ففى هذه الحالة اعتبرت المحكمـة أن الجريمتين متعددتين تعددا معنويا ، ومن ثم فإنه لا يجوز تحريك أى منهما ألا بعد تقديم شكوى من الزوج ، وذلك لأن " البحث فى ركن القصد فى هذه التهمـة يتناول حتما الخوض فى بحث فعـل الزنا وهو مالا يصح رفع الدعوى به ألا بناء على طلب الزوج" (53).
أما فى حاله دخول منزل بقصد ارتكاب جريمة وعدم اتمام فعل الزنا ، فقد أجازت محكمة النقض اقامة الدعوى الجنائية من أجل جريمة دخول المنزل دون حاجة الى شكوى الزوج ، وذلك لأن القانون لم يشترط هذا القيد ، وهو شكوى الزوج ألا فى حاله أتمام الزنا(54).
ـــــــــــــــــــــــــ
(52) أنظر نقض 8 ديسمبر سنة 1959 سالف الأشارة أليه .
(53) أنظر نقض 6 مارس سنة 1923 مجموعة القواعد القانونية  ج 3 رقم 97 ص 148 ؛ 23 ديسمبر سنة 1935  ج 3 رقم 417 ص 526 .
(54) أنظر نقض 18 أكتوبر سنة 1949 مجموعة أحكام محكمة النقض س 1 رقم 1 ص 1 ؛ 18 أبريل سنة 1952  س 3 رقم 299 ص 799 ؛  21 فبراير سنة 1961  س 12 رقم 33 ص 206 ؛  4 يونية سنة
 أثر تقديم الشكوى :
نصت المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "وفى جميع الأحوال التى يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى أو الحصول على اذن أو طلب من المجنى عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها ألا بعد تقديم هذه الشكوى أو الحصول عليها أو الطلب". ومفاد هذا النص أنه يجب التمييز بين الإجراءات السابقة على الشكوى ، والإجراءات اللاحقة عليها.

 (أولاً) الإجراءات السابقة على الشكوى :
يجوز مباشرة إجراءات التحقيق قبل تقديم الشكوى ، ولما كانت إجراءات الاستدلال لا تعتبر من إجراءات الدعوى الجنائية ، لذا فأنه يجوز اتخاذها قبل تقديم الشكوى. وتأسيسا على أن النيابة العامة لا يجوز لها أن تتخذ أى إجراء من إجراءات التحقيق قبل تقديم الشكوى ، فإنه يقع باطلا القيام بمعاينة المكان الذى وقعت فيه جريمة الزنا ، أو سماع الشهود ، أو استجواب المتهم ، أو القبض عليه ، أو تفتيشه بحثا عن أدلة جريمة الزنا ، ويستوى فى ذلك الإجراءات الماسة أو غير الماسة بشخص المتهم .وإذا قدمت النيابة الدعوى الى المحكمة قبل تقديم الشكوى تعين عليها أن تقضى بعدم قبولها ، بيد أن هذا الحكم لا يمنع من اعادة الإجراءات من جديد بعد التقدم بالشكوى(55).
وغنى عن البيان أن تقدم المجنى عليه بشكواه بعد مباشرة إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى لا يؤثر على بطلان تلك الإجراءات ولا يصححـه (56). ذلك أن استلزام الشكوى أمر يتعلق بالنظام العام لإتصاله بحق النيابة العامة فى مباشرة الدعوى الجنائية ، ولذلك فإنه يجوز الدفع به لأول مره أمام محكمة النقض ، كما يجوز للمحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى فى أية حالة كانت عليها(57).
وقد خرج المشرع على القاعدة العامة فى حظر التحقيق فى جرائم الشكوى ألا بعد التقدم بها ، وذلك فى حالة معينة نص عليها فى المادة 39 إجراءات ، وتنص هذه المادة على أنه " اذا كانت الجريمة الملتبس بها مما يتوقف رفع الدعوى عنها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم الا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها .
ويجوز فى هذه الحالة أن تكون الشكوى لمن يكون حاضرا من رجال السلطة العامة ". ومفاد هذا النص أن المحظور فقط هو القبض على المتهم طالما أن المجنى عليه لم يتقدم بشكواه ، أما ما عدا القبض من إجراءات التحقيق فيجوز اتخاذها سواء من قبل النيابة العامة أو من قبل مأمورى الضبط القضائى بناء على السلطة المخولة لهم قانونا فى أحوال التلبس. وبالنسبة لجريمة الزنا ، فقد ذهب رأى فى الفقه الى أنه لا يجوز اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق بشأنها فى حالة التلبس وقبل تقديم شكوى ، لما لهذه الجريمة من طبيعة خاصة وما تقتضيه من تستر على الفضيحة التى يحرص الزوج على تفاديها حرصا على سمعة الأسرة
وكيانها(58).
بيد أن الراجح فى الفقه يذهب الى جواز اتخاذ إجراءات التحقيق غير الماسة بشخص المتهم أو بمسكنه ، وذلك كالمعاينة أو سماع الشهود ، أو انتداب الخبراء ، أو ضبط جسم الجريمة أو التحريز ، بينما لا يجوز المساس بشخص المتهم أو بحرمة مسكنه ، ولذلك فلا يجوز الاستجواب أو المواجهة أو الحبس الاحتياطى ، أو تفتيش شخص أو مسكن المتهم(59).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(55) أنظر نقض 5 فبراير سنة 1968 مجموعة أحكام محكمة النقض س 19 رقم 26 ص 48 . 
(56) أنظر نقض 22 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 8 ص 36 . 
(57) أنظر نقض 6 يناير سنة 1975 مجموعة أحكام محكمة النقض س 26 رقم 5 ص 20 . 
 (58) أنظر  الدكتور محمود محمود مصطفى : المرجع السابق ، ص 72  .
(59) أنظر  الدكتور مأمون سلامة  : المرجع السابق ، ص 72  .
(ثانيا) الإجراءات اللاحقة على الشكوى :
متى قدمت الشكوى ، استردت النيابة العامة حريتها فى تحريك الدعوى الجنائية ورفعها على المتهم ومن ثم جاز لها أن تباشر جميع إجراءات التحقيق دون أن تكون مقيدة بأى قيد . فلها أن تصدر أمراً بحفظ الأوراق إذا رأت أنه لا محل للسير فى الدعوى ، كما أن لها أن تصدر أمراً بألاوجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة أو لأن الواقعة غير معاقب عليها. والشكوى عينية الأثر ، فإذا قدمت فى شأن جريمة كان للنيابة أن تحرك الدعوى ضد أى شخص ترجح مساهمته فيها ولو كانت الشكوى لم تشر اليه ، بل ولو كان المجنى عليه قد صرح فى شكواه بعفوه عنه.
ونظراً لأن الدعوى الجنائية تبيح للمحكمة تكييف الواقعة بجميع أوصافها وتعديل التهمة بإضافة جميع الوقائع المرتبطة بالواقعة الأصلية حتى تأخذ وجه الأتهام الحقيقى فإن الشكوى المقدمه عن الواقعة الاصلية تنسحب قانونا الى الوصف القانونى للواقعة سواء بذاتها أو بعد اضافة وقائع أخرى اليها.