جريمة إستغلال البغاء
نص قانوني :
تنص الفقرة (ب) من المادة السادسة من قانون مكافحة الدعارة علي أن " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد علي ثلاث سنوات :
أ - ...........................
ب - كل من استغل بأية وسلية بغاء شخص أو فجوره. وتكون العقوبة الحبس من سنة إلي خمس سنوات إذا اقترنت الجريمة بأحد الظرفين المشددين المنصوص عليهما في المادة الرابعة من هذا القانون ".
كانت المادة 272 عقوبات الملغاة تعاقب بالحبس علي " كل من يعول في معيشته كلها أو بعضها علي ما تكسبه إمرأة من الدعارة " ، وبذلك فقد كان العقاب مقصوراً علي إستغلال بغاء الإناث ، ولكن رؤي تعديل هذا النص لمسايرة التشريعات الحديثة التي لا تفرق بين حالتي إستغلال دعارة الإناث أو فجور الرجال ، فتضمنت المادة السادسة (فقرة ثانية) من القانون رقم 68 لسنة 1951 بشأن مكافحة الدعارة نصاً يفيد بمعاقبة " كل من استغل بأية وسيلة كانت بغاء شخص أو فجوره " ، ثم تضمن قانون مكافحة الدعارة الحالي رقم 10 لسنة 1961 نفس هذا النص ، وبمقتضاه ساوي المشرع بين بغاء الذكور وبغاء الإناث ، وإن كان المشرع قد استعمل عبارة " بغاء شخص أو فجوره " وهي عبارة منتقدة ، وذلك لأن لفظ البغاء يشمل في ذاته الفجور والدعارة معاً (1).
وسوف نتناول هذا الموضوع علي النحو التالى :
المبحث الأول : الركن المادي.
المبحث الثانى : الركن المعنوي.
المبحث الثالث : عقوبة الجريمة.
ــــــــــــــــــــــ
(1) ويرجع هذا الإضطراب فى الألفاظ الي الأعمال التحضيرية للقانون رقم 68 لسنة 1951 فقد كانت المادة المذكورة فى مشروع القانون المقدم من الحكومة تعاقب " كل من يستغل بغاء إمرأة بأية وسيلة كانت " ، ولكنها عدلت فى مجلس الشيوخ حتي يشمل بغاء الذكور والإناث معاً .
أنظر تقرير لجنتي العدل والشئون الاجتماعية المقدم لمجلس الشيوخ فى 8 مارس سنة 1951 .
المبحث الأول
الركن المادى
عناصر الركن المادى :
المقصود بإستغلال البغاء الحصول علي غلته ، أي الحصول علي المال الذي يدفع أجراً لمرتكب البغاء. ولا يشترط أن يحصل المستغل علي كافة الأموال التي يتكسبها البغي من ممارسة الدعارة أو الفجور ، ولكن يكفي أن يحصل علي أي جزء منها ، ويستوي أن يكون المستغل ذكراً أو أنثي ، وقد أكدت محكمة النقض هذا المعني في ظل سريان المادة 272 عقوبات الملغاة ، حيث قالت أنه لا يوجد في النص المذكور ولا في المذكرة الإيضاحية الخاصة به ما يفيد أن المشرع إنما قصد بها معاقبة الرجال دون النساء بل أن في إطلاقه النص وتعميمه بقوله " كل من " ما يدل علي أنه يتناول بالعقاب المتهم رجلاً كان أو إمرأة فإذا عولت إمرأة في معيشتها علي ما تكسبه إمرأة من الدعارة حق عليها العقاب (2).
وقد نص المشرع في الفقرة الثانية من المادة السادسة علي عبارة " بأية وسيلة كانت " ، وذلك بهدف الإحاطة بكافة صور الإستغلال ، وبذلك فإنه يستوي أن تكون وسيلة الإستغلال مباشرة أم غير مباشرة ، كما لا يهم نوع الصلة بين المستغل ومرتكب فعل الدعارة أو الفجور(3).
ويلاحظ أن المشرع لم يشترط في جريمة إستغلال البغاء أن يكون ذلك علي سبيل الإعتياد ، ولذلك فإنـه يكفي وقوع هذا الفعل مرة واحدة للمعاقبة عليه . وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه لا تعارض بين نفي الحكم وقوع جريمتي إدارة بيت للدعارة وممارستها وهما من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بثبوت ركن الإعتياد وبين ما انتهي إليه الحكم من ثبوت جريمة إستغلال الطاعنة بغاء المتهمة الثانية ، وهي جريمة لم يستلزم الشارع فيها هذا الركن (4).
ويستوي أن يكون حصول الجاني علي الأموال الناتجة من البغاء قبل ممارسة الدعارة أو الفجور أم بعد ذلك. بيد أنه يشترط أن يكون وقوع جريمة إستغلال البغاء حال ممارسة الدعارة أو الفجور ، وذلك لأن علة التجريم تنصب علي تحريم الإستفادة من الكسب غير المشروع الناتج من أعمال الدعارة أو الفجور ، فإذا إعتادت إمرأة ممارسة الدعارة وإدخرت أموالاً من هذا العمل ثم استقامت وتولت الإنفاق علي رجل من حصيلة هذا العمل فإن جريمة إستغلال البغاء لا تتحقق بالنسبة لهذا الرجل ، ما دامت المرأة قد أقلعت عن ممارسة الدعارة (5).
ـــــــــــــــــــــ
(2) أنظر نقض 24 مارس سنة 1941 مجموعـة القواعد القانونية ج 2 رقم 16 ص577 .
(3) أنظر
GARCON ( Emile ) : Op. Cit. , T. 2 , P. 237 .
(4) أنظر نقض 22 يولية سنة 1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س 10 رقم 144 ص 644 .
(5) أنظر الدكتور إدوار غالي الدهبي : المرجع السابق ، بند 176 ص 264 .
المبحث الثانى
عناصر الركن المعنوى :
إن هذه الجريمة عمدية ، يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة ، فيجب أن تتجه إرادة الجاني صوب إرتكاب النشاط المادي المكون للركن المادي للجريمة ، مع إنصراف علمه الي عناصر الجريمة ، هذا بالإضافة إلي توافر القصد الجنائي الخاص المتمثل في نية الجاني في الحصول علي أجر البغاء .
( أولاً ) العلم :
العلم الذي يشترط توافره لقيام القصد الجنائي في هذه الجريمة ، هو علم الجاني بأن الأموال التي يحصل عليها ناتجة من ممارسة الفجور أو الدعارة ، أما علمه بأن القانون يدرج هذا الفعل غير المشروع ضمن نصوصه فهو علم مفترض لأنه علم بالقانون ، ولاحرج علي القاضي في استظهار هذا العلم من الدعوي وملابساتها علي أي نحو يراه مؤدياً الي ذلك مادام يتضح من مدونات حكمه توافر هذا القصد توافراً فعلياً.
ولكن إذا دفع الجاني بإنتفاء العلم لديه وبأن الأموال التي تحصل عليها الداعرة ليست من ممارسة الدعارة وإنما من ثروة آلت اليها ، أو من حصيلة بيع بعض العقارات أو المنقولات المملوكة لديها فإنه يجب علي المحكمة أن ترد علي هذا الدفع بأسباب صحيحة سائغة مستمدة من أوراق الدعوي لاسيما إذا كان في ظروف الدعوي مايسمح بإحتمال إنتفاء العلم.
( ثانياً ) الإرادة :
يتعين أن تتجه إرادة الجاني صوب ارتكاب الفعل المكون للجريمة ، وأن تكون إرادة معتبرة قانوناً ، أي إرادة مميزة مختارة ، ولايعتبر الباعث علي ارتكاب الجريمة من عناصر القصد الجنائي ، فإذا تعلل الجاني بأن هدفه استغلال بغاء
الانثي بقصد إعانتها علي تحصيل نفقات المعيشة ، أو بقصد حمايتها من الطامعين فيها ، فإن الباعث لايعتبر من عناصر القصد الجنائي.
( ثالثاً ) القصد الخاص :
يفترض القصد الخاص توافر عنصري القصد العام ثم يضيف إليهما ، فالجريمة التي يتطلب فيها المشرع القصد الخاص لا يكتمل ركنها المعنوي إلا إذا توافر القصد العام أي علم الجاني المحيط بعناصر الجريمة وإتجاه إرادته الي هذه العناصر ، ثم بالإضافة إلي ذلك - القصد الخاص - وهو إنصراف علم الجاني وإرادته إلي واقعة أخري ليست من أركان الجريمة (6).
ويتحقق القصد الخاص في جريمة استغلال البغاء إذا كانت نية الجاني قد اتجهت صوب المشاركة في الأموال الناتجة من ممارسة البغاء ، ولا يقصد بالمشاركة الحصول علي نصيب مماثل لما يحصل عليه مرتكب البغاء لنفسه من دخل البغاء ، إذ قد يحصل المستغل علي جزء أكبر أو أصغر من هذا الدخل ، بل قد يحصل عليه جميعه ، فإذا لم يثبت أن الجاني كان يستهدف المشاركة في هذه الأموال فإن القصد الخاص لا يتوافر في حقه. وتأسيساً علي ذلك فلا يعتبر مستغلاً للبغاء كل من يقوم بعمل قانوني لصالح شخص يرتكب البغاء لقاء ما يحصل عليه من أجر منه ، لأن مصدر دخل من يقوم بهذا العمل القانوني هو العمل القانوني ذاته وليس كسب البغاء ، كما لايعتبر مستغلاً للبغاء موردي الغذاء أو مؤجري الحجرات الذين يقدمون خدماتهم لمرتكب البغاء (7).
ولا يعتبر من مستغلي البغاء الصغار أو العجائز غير القادرين عن كسب قوتهم الذين يقوم البغي بالإنفاق عليهم ، وذلك لأن واجب الإنفاق يقع علي عاتق البغي ( ، ولكن لاينطبق ذلك علي الزوج الذي يستغل بغاء زوجته ، لأنها غير ملزمة بالإنفاق عليه إلا إذا كان عاجزاً عن العمل (9) ، كما لايجوز افتراض الإستغلال من مجرد أن المتهم لاعمل له أو أنه يعيش مع بغي أو أنه زوجها أو قريبها ، فما لم تثبت الصلة المباشرة بين ما يكسبه مرتكب البغاء وبين حصول المستغل عليه ، فإن القصد الجنائي لايعتبر متوافراً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) أنظر الدكتور محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات " القسم العام ". القاهرة ، الطبعـة الخامسة ، دار النهضة العربية ، بند 692 ، ص 608 .
(7) وإن كان البعض يري اعتباره استغلالاً للبغـاء إذا كان هؤلاء الاشخاص يغالون فى تقدير اجور خدماتهم .
أنظر الدكتور محمد نيازي حتاتة : المرجع السابق ، بند 258 ص 488 .
( ونفس الرأي فى الفقه الفرنسي حيث تنتفي مسئولية هؤلاء لا علي أساس الضرورة ، ولكن علي أساس عدم انصراف قصدهم الي المشاركة فى ربح البغاء.
أنظر
GARCON ( Emile ) : Op. Cit. , T. 2 , P. 238 .
(9) أنظر
Crim 20 juin 1946. , Dalloz 1946. P. 3 . Crim 21 Avr 1945. , J. C. P. 1946. 11. 2740.
المبحث الثالث
عقوبة الجريمة
عقوبة الجريمة في صورتها البسيطة :
رصد المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس الذي لا يقل عن ستة أشهر ولايزيد علي ثلاثة سنوات (مادة 6 من قانون مكافحة الدعارة ) ، كما يعاقب علي الشروع في ارتكاب الجريمـة بالعقوبة المقررة للجريمـة التامة (مادة 7 من قانون مكافحة الدعارة ).
ويستتبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحـت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمـدة العقوبة وذلك دون إخلال بالأحكام الخاصة بالمتشردين (مادة 15 من قانون مكافحة الدعارة ).
عقوبة الجريمة في صورتها المشددة :
تنص المادة السادسة علي ظرفين مشددين إذا اقترن أحدهما بجريمة استغلال بغاء شخص أو فجوره أدي ذلك إلي تشديد العقوبة بأن تكون الحبس من سنة إلي خمس سنوات ، وهذين الظرفين هما :
أ - إذا كان من وقعـت عليه الجريمـة لم يتـم من العمـر ست عشرة سنـة ميلادية.
ب - إذا كان الجاني من أصـول المجني عليه أو من المتولين ترتيبه أو ملاحظته ، أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادماً بالاجرة عنده أو عند من تقدم ذكرهم (مادة 4 من قانون مكافحة الدعارة).
تطبيقات من أحكام النقض علي جريمة إستغلال البغاء:
* نصت المادة السادسة فقرة " ب " من القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة علي أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر و لا تزيد علي ثلاث سنوات " كل من إستغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره " و هذا النص هو بذاته النص الذي تضمنته المادة السادسة فقرة " ب " من القانون رقم 68 لسنة 1951 الملغي و كان قد وضع بدلاً من المادة 272 من قانون العقوبات التي كانت تعاقب بالحبس " كل من يعول في معيشته كلها أو بعضها علي ما تكسبه إمراة من الدعارة " و بين من عبارة الفقرة " ب" من المادة السادسة من القانون 10 لسنة 1961 أن المشرع قصد من وضعها أن يمتد العقاب إلي طائفة المستغلين للبغاء و الفجور بأية وسيلة دون قيد بأن يكون الإستغلال مصحوباً بأي فعل يدل علي الحماية أو التحريض أو المساعدة وإذ كان ورود عبارة " التعويل في المعيشة علي كسب المرأة " بالمادة 272 عقوبات الملغاة قد ترتب عليه جعل
النص قاصراً علي عقاب كل من يستغل النساء الساقطات عن طريق التظاهر بحمايتهن و الدفاع عنهن و يعول في معيشته كلها أو بعضها علي ما يكسبه من الدعارة فقد رؤي أن هذه العبارة لم تعد ملائمة. و من ثم فقد أبدلت بعبارة " كل من يستغل النساء الساقطات عن طريق التظاهر بحمايتهن و الدفاع عنهن و يعول في معيشته كلها أو بعضها علي ما يكسبه من الدعارة " فقد رؤي أن هذه العبارة لم تعد ملائمة. و من ثم فقد أبدلت بعبارة " كل من إستغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره " لتتناول بالعقاب كل وسائل الإستغلال المباشرة وغير المباشرة دون إعتداد بقيام أية صلة بين المستغل و مرتكب البغاء و دون أهمية لما إذا كان فعل الإستغلال قد وقع مرة واحدة أو عدة مرات. و لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه حصل علي جزء من كسب البغاء الذي دفعه العميل لقاء إرتكابه الفحشاء مع البغي مما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة إستغلال البغاء المنصوص عليها في الفقرة " ب " من المادة السادسة من القانون رقم 10 لسنة 1961 و كان لا تعارض بين نفي الحكم وقوع جريمتي إدارة محل للدعارة و تحريض المتهمة الثانية علي إرتكاب الدعارة لعدم توافر أركانهما القانونية - و بين ما إنتهي اليه من ثبوت جريمة إستغلال بغاء المتهمة المذكورة فإن ما ينعاه الطاعن علي الحكم بقولة التناقض في التسبيب أو الخطأ في تطبيق القانون لا يكون سديداً.
( نقض 7 ديسمبر سنة 1964 طعن رقم 1635 سنة 34 قضائية )
* متي كان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوي التي أثبتها في حق الطاعنة من أنها سهلت للمتهمة الثانية إرتكاب الدعارة و عاونتها عليها و إستغلت بغاء تلك المتهمة و أدارت محلاً لممارسة الدعارة - يتحقق به معني الإرتباط الوارد بالمادة 2/32 من قانون العقوبات ، لأن الجرائم الأربعة المسندة إلي الطاعنة وقعت جميعها لغرض واحد كما أنها مرتبطة ببعضها إرتباطاً لا يقبل التجزئة مما يقتضي وجوب إعتبارها جريمة واحدة و الحكم بالعقوبة المقررة لأشدها ، و كان الحكم المطعون فيه قد قضي بعقوبة مستقلة عن التهمة الرابعة الخاصة بإدارة المنزل للدعارة ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يقتضي نقضه نقضاً جزئياً و تصحيحه وفقاً للقانون .
( نقض 20 فبراير سنة 1967 طعن رقم 2023 سنة 36 قضائية )
* متي كانت واقعة الدعوي حسبما حصلها الحكم ثابتاً فيها أن الطاعنة الأولي دأبت علي تقديم بعض النسوة لعملائها من الرجال ليباشروا الفحشاء معهن و أن الطاعنة الثانية من بين من إعتادت الطاعنة الأولي تقديمهن لعملائها و أن الأخيرة إعتادت ممارسة الفحشاء مع من تري الأولي إرسالها لهم دون تمييز ، وكان لا يشترط للعقاب علي التحريض أو التسهيل أو الإستغلال إقتراف الفحشاء بالفعل ، و كان الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها الطاعنتان وأورد علي ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة مما جاء بمحضر ضبط الواقعة و أقوال شهود الإثبات و إعتراف كل منهما في محضر الشرطة و تحقيق النيابة في حق نفسها و علي الأخري و هي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتبه الحكم عليها ، فإن ما يثيره الطاعنتان في هذا الصدد يكون غير سديد.
( نقض 8 يناير سنة 1973 طعن رقم 1274 سنة 42 قضائية )
* متي كان القانون لا يستلزم لثبوت العادة في إدارة مكان للدعارة طريقة
معينة من طرق الإثبات ، وكان الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بإدانة الطاعن علي إعتراف المتهمة الثانية من أنه دأب علي تسهيل دعارتها و إستغلال بغائها بأن كان يقدمها في الكشك الذي يملكه للرجال نظير مبالغ يتقاضاها ، فإنه بحسب الحكم ذلك في الرد علي دفاع الطاعن بعدم توافر ركن الإعتياد ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة علي أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة إستناداً إلي أدلة الثبوت التي أخذ بها.
( نقض 27 فبراير سنة 1980 طعن رقم 1445 سنة 49 قضائية )
* لما كان تقدير قيام القصد الجنائي أو عدم قيامه من ظروف الدعوي يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب و كان ما أثبتته الحكم علي ما تقدم ذكره من ان إستغلال المتهم الأول لدعارة الساقطات و ممارسة المتهمة الخامسة للدعارة كان معلوماً للطاعن مما قرره المتهم الأول و المتهمة الخامسة و ما قرره الطاعن في محضر الضبط فإن هذا الذي أورده الحكم يعد سائغاً لإستظهار تحقق القصد الجنائي لدي الطاعن في الجريمة التي دانه بها ويكون منعاه في هذا الخصوص عليغير أساس.
( نقض 28 فبراير سنة 1985 طعن رقم 470 سنة 55 قضائية )
* لما كانت الدعوي الجنائية قد أقيمت علي الطاعن بوصف أنه إستغل بغاء إمرأة و أيضاً إدارة مكان للدعارة ، و أدانه الحكم عن التهمة الثانية دون الأولي تأسيساً علي خلو الأوراق من تدليل علي أن الطاعن قدم المتهمة الثانية إلي المتهم الثالث نظير مبالغ يتقاضاها منها ، و ما إنتهي إليه الحكم فيما تقدم لا تناقض فيه لإختلاف أركان كل من هاتين الجريمتين فجريمة إدارة منزل للدعارة هي من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بثبوت ركن الإعتياد و لا يستوجب القانون تقاضي أجر لتجريم فعل الإدارة بينما لم يستلزم الشارع في جريمة إستغلال بغاء إمرأة توافر ركن الإعتياد.
( نقض 19 نوفمبر سنة 1987 طعن رقم 3252 سنة 57 قضائية )
* إن جريمة تعريض أكثر من حدث للإنحراف موضوع إتهام الطاعنين في الدعوي الماثلة و ما إسند إليهما في الدعوي الأخري المحكوم فيها من جرائم إدارة مسكن للدعارة و تسهيل و إستغلال دعارة أنثي كانت وليد نشاط إجرامي يتحقق به معني الإرتباط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لوقوع جميع هذه الجرائم تحقيقاً لغرض واحد و إرتباطها ببعضها إرتباطاً لا يقبل التجزئة ، و إذ نصت هذه المادة صراحة علي إعتبار الجرائم المرتبطة جريمة واحدة و الحكم بالعقوبة المقررة لأشدها فإنه يتأدي من ذلك أن صدور حكم نهائي بالإدانة في جريمة يمنع من نظر الدعوي الجنائية عن الجريمة أو الجرائم المرتبطة بها إرتباطاً لا يقبل التجزئة إذا كان ذلك الحكم قد صدر في أشد الجرائم عقوبة.
( نقض 2 يونية سنة 1988 طعن رقم 4602 سنة 55 قضائية )
نص قانوني :
تنص الفقرة (ب) من المادة السادسة من قانون مكافحة الدعارة علي أن " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد علي ثلاث سنوات :
أ - ...........................
ب - كل من استغل بأية وسلية بغاء شخص أو فجوره. وتكون العقوبة الحبس من سنة إلي خمس سنوات إذا اقترنت الجريمة بأحد الظرفين المشددين المنصوص عليهما في المادة الرابعة من هذا القانون ".
كانت المادة 272 عقوبات الملغاة تعاقب بالحبس علي " كل من يعول في معيشته كلها أو بعضها علي ما تكسبه إمرأة من الدعارة " ، وبذلك فقد كان العقاب مقصوراً علي إستغلال بغاء الإناث ، ولكن رؤي تعديل هذا النص لمسايرة التشريعات الحديثة التي لا تفرق بين حالتي إستغلال دعارة الإناث أو فجور الرجال ، فتضمنت المادة السادسة (فقرة ثانية) من القانون رقم 68 لسنة 1951 بشأن مكافحة الدعارة نصاً يفيد بمعاقبة " كل من استغل بأية وسيلة كانت بغاء شخص أو فجوره " ، ثم تضمن قانون مكافحة الدعارة الحالي رقم 10 لسنة 1961 نفس هذا النص ، وبمقتضاه ساوي المشرع بين بغاء الذكور وبغاء الإناث ، وإن كان المشرع قد استعمل عبارة " بغاء شخص أو فجوره " وهي عبارة منتقدة ، وذلك لأن لفظ البغاء يشمل في ذاته الفجور والدعارة معاً (1).
وسوف نتناول هذا الموضوع علي النحو التالى :
المبحث الأول : الركن المادي.
المبحث الثانى : الركن المعنوي.
المبحث الثالث : عقوبة الجريمة.
ــــــــــــــــــــــ
(1) ويرجع هذا الإضطراب فى الألفاظ الي الأعمال التحضيرية للقانون رقم 68 لسنة 1951 فقد كانت المادة المذكورة فى مشروع القانون المقدم من الحكومة تعاقب " كل من يستغل بغاء إمرأة بأية وسيلة كانت " ، ولكنها عدلت فى مجلس الشيوخ حتي يشمل بغاء الذكور والإناث معاً .
أنظر تقرير لجنتي العدل والشئون الاجتماعية المقدم لمجلس الشيوخ فى 8 مارس سنة 1951 .
المبحث الأول
الركن المادى
عناصر الركن المادى :
المقصود بإستغلال البغاء الحصول علي غلته ، أي الحصول علي المال الذي يدفع أجراً لمرتكب البغاء. ولا يشترط أن يحصل المستغل علي كافة الأموال التي يتكسبها البغي من ممارسة الدعارة أو الفجور ، ولكن يكفي أن يحصل علي أي جزء منها ، ويستوي أن يكون المستغل ذكراً أو أنثي ، وقد أكدت محكمة النقض هذا المعني في ظل سريان المادة 272 عقوبات الملغاة ، حيث قالت أنه لا يوجد في النص المذكور ولا في المذكرة الإيضاحية الخاصة به ما يفيد أن المشرع إنما قصد بها معاقبة الرجال دون النساء بل أن في إطلاقه النص وتعميمه بقوله " كل من " ما يدل علي أنه يتناول بالعقاب المتهم رجلاً كان أو إمرأة فإذا عولت إمرأة في معيشتها علي ما تكسبه إمرأة من الدعارة حق عليها العقاب (2).
وقد نص المشرع في الفقرة الثانية من المادة السادسة علي عبارة " بأية وسيلة كانت " ، وذلك بهدف الإحاطة بكافة صور الإستغلال ، وبذلك فإنه يستوي أن تكون وسيلة الإستغلال مباشرة أم غير مباشرة ، كما لا يهم نوع الصلة بين المستغل ومرتكب فعل الدعارة أو الفجور(3).
ويلاحظ أن المشرع لم يشترط في جريمة إستغلال البغاء أن يكون ذلك علي سبيل الإعتياد ، ولذلك فإنـه يكفي وقوع هذا الفعل مرة واحدة للمعاقبة عليه . وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه لا تعارض بين نفي الحكم وقوع جريمتي إدارة بيت للدعارة وممارستها وهما من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بثبوت ركن الإعتياد وبين ما انتهي إليه الحكم من ثبوت جريمة إستغلال الطاعنة بغاء المتهمة الثانية ، وهي جريمة لم يستلزم الشارع فيها هذا الركن (4).
ويستوي أن يكون حصول الجاني علي الأموال الناتجة من البغاء قبل ممارسة الدعارة أو الفجور أم بعد ذلك. بيد أنه يشترط أن يكون وقوع جريمة إستغلال البغاء حال ممارسة الدعارة أو الفجور ، وذلك لأن علة التجريم تنصب علي تحريم الإستفادة من الكسب غير المشروع الناتج من أعمال الدعارة أو الفجور ، فإذا إعتادت إمرأة ممارسة الدعارة وإدخرت أموالاً من هذا العمل ثم استقامت وتولت الإنفاق علي رجل من حصيلة هذا العمل فإن جريمة إستغلال البغاء لا تتحقق بالنسبة لهذا الرجل ، ما دامت المرأة قد أقلعت عن ممارسة الدعارة (5).
ـــــــــــــــــــــ
(2) أنظر نقض 24 مارس سنة 1941 مجموعـة القواعد القانونية ج 2 رقم 16 ص577 .
(3) أنظر
GARCON ( Emile ) : Op. Cit. , T. 2 , P. 237 .
(4) أنظر نقض 22 يولية سنة 1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س 10 رقم 144 ص 644 .
(5) أنظر الدكتور إدوار غالي الدهبي : المرجع السابق ، بند 176 ص 264 .
المبحث الثانى
عناصر الركن المعنوى :
إن هذه الجريمة عمدية ، يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة ، فيجب أن تتجه إرادة الجاني صوب إرتكاب النشاط المادي المكون للركن المادي للجريمة ، مع إنصراف علمه الي عناصر الجريمة ، هذا بالإضافة إلي توافر القصد الجنائي الخاص المتمثل في نية الجاني في الحصول علي أجر البغاء .
( أولاً ) العلم :
العلم الذي يشترط توافره لقيام القصد الجنائي في هذه الجريمة ، هو علم الجاني بأن الأموال التي يحصل عليها ناتجة من ممارسة الفجور أو الدعارة ، أما علمه بأن القانون يدرج هذا الفعل غير المشروع ضمن نصوصه فهو علم مفترض لأنه علم بالقانون ، ولاحرج علي القاضي في استظهار هذا العلم من الدعوي وملابساتها علي أي نحو يراه مؤدياً الي ذلك مادام يتضح من مدونات حكمه توافر هذا القصد توافراً فعلياً.
ولكن إذا دفع الجاني بإنتفاء العلم لديه وبأن الأموال التي تحصل عليها الداعرة ليست من ممارسة الدعارة وإنما من ثروة آلت اليها ، أو من حصيلة بيع بعض العقارات أو المنقولات المملوكة لديها فإنه يجب علي المحكمة أن ترد علي هذا الدفع بأسباب صحيحة سائغة مستمدة من أوراق الدعوي لاسيما إذا كان في ظروف الدعوي مايسمح بإحتمال إنتفاء العلم.
( ثانياً ) الإرادة :
يتعين أن تتجه إرادة الجاني صوب ارتكاب الفعل المكون للجريمة ، وأن تكون إرادة معتبرة قانوناً ، أي إرادة مميزة مختارة ، ولايعتبر الباعث علي ارتكاب الجريمة من عناصر القصد الجنائي ، فإذا تعلل الجاني بأن هدفه استغلال بغاء
الانثي بقصد إعانتها علي تحصيل نفقات المعيشة ، أو بقصد حمايتها من الطامعين فيها ، فإن الباعث لايعتبر من عناصر القصد الجنائي.
( ثالثاً ) القصد الخاص :
يفترض القصد الخاص توافر عنصري القصد العام ثم يضيف إليهما ، فالجريمة التي يتطلب فيها المشرع القصد الخاص لا يكتمل ركنها المعنوي إلا إذا توافر القصد العام أي علم الجاني المحيط بعناصر الجريمة وإتجاه إرادته الي هذه العناصر ، ثم بالإضافة إلي ذلك - القصد الخاص - وهو إنصراف علم الجاني وإرادته إلي واقعة أخري ليست من أركان الجريمة (6).
ويتحقق القصد الخاص في جريمة استغلال البغاء إذا كانت نية الجاني قد اتجهت صوب المشاركة في الأموال الناتجة من ممارسة البغاء ، ولا يقصد بالمشاركة الحصول علي نصيب مماثل لما يحصل عليه مرتكب البغاء لنفسه من دخل البغاء ، إذ قد يحصل المستغل علي جزء أكبر أو أصغر من هذا الدخل ، بل قد يحصل عليه جميعه ، فإذا لم يثبت أن الجاني كان يستهدف المشاركة في هذه الأموال فإن القصد الخاص لا يتوافر في حقه. وتأسيساً علي ذلك فلا يعتبر مستغلاً للبغاء كل من يقوم بعمل قانوني لصالح شخص يرتكب البغاء لقاء ما يحصل عليه من أجر منه ، لأن مصدر دخل من يقوم بهذا العمل القانوني هو العمل القانوني ذاته وليس كسب البغاء ، كما لايعتبر مستغلاً للبغاء موردي الغذاء أو مؤجري الحجرات الذين يقدمون خدماتهم لمرتكب البغاء (7).
ولا يعتبر من مستغلي البغاء الصغار أو العجائز غير القادرين عن كسب قوتهم الذين يقوم البغي بالإنفاق عليهم ، وذلك لأن واجب الإنفاق يقع علي عاتق البغي ( ، ولكن لاينطبق ذلك علي الزوج الذي يستغل بغاء زوجته ، لأنها غير ملزمة بالإنفاق عليه إلا إذا كان عاجزاً عن العمل (9) ، كما لايجوز افتراض الإستغلال من مجرد أن المتهم لاعمل له أو أنه يعيش مع بغي أو أنه زوجها أو قريبها ، فما لم تثبت الصلة المباشرة بين ما يكسبه مرتكب البغاء وبين حصول المستغل عليه ، فإن القصد الجنائي لايعتبر متوافراً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) أنظر الدكتور محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات " القسم العام ". القاهرة ، الطبعـة الخامسة ، دار النهضة العربية ، بند 692 ، ص 608 .
(7) وإن كان البعض يري اعتباره استغلالاً للبغـاء إذا كان هؤلاء الاشخاص يغالون فى تقدير اجور خدماتهم .
أنظر الدكتور محمد نيازي حتاتة : المرجع السابق ، بند 258 ص 488 .
( ونفس الرأي فى الفقه الفرنسي حيث تنتفي مسئولية هؤلاء لا علي أساس الضرورة ، ولكن علي أساس عدم انصراف قصدهم الي المشاركة فى ربح البغاء.
أنظر
GARCON ( Emile ) : Op. Cit. , T. 2 , P. 238 .
(9) أنظر
Crim 20 juin 1946. , Dalloz 1946. P. 3 . Crim 21 Avr 1945. , J. C. P. 1946. 11. 2740.
المبحث الثالث
عقوبة الجريمة
عقوبة الجريمة في صورتها البسيطة :
رصد المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس الذي لا يقل عن ستة أشهر ولايزيد علي ثلاثة سنوات (مادة 6 من قانون مكافحة الدعارة ) ، كما يعاقب علي الشروع في ارتكاب الجريمـة بالعقوبة المقررة للجريمـة التامة (مادة 7 من قانون مكافحة الدعارة ).
ويستتبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحـت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمـدة العقوبة وذلك دون إخلال بالأحكام الخاصة بالمتشردين (مادة 15 من قانون مكافحة الدعارة ).
عقوبة الجريمة في صورتها المشددة :
تنص المادة السادسة علي ظرفين مشددين إذا اقترن أحدهما بجريمة استغلال بغاء شخص أو فجوره أدي ذلك إلي تشديد العقوبة بأن تكون الحبس من سنة إلي خمس سنوات ، وهذين الظرفين هما :
أ - إذا كان من وقعـت عليه الجريمـة لم يتـم من العمـر ست عشرة سنـة ميلادية.
ب - إذا كان الجاني من أصـول المجني عليه أو من المتولين ترتيبه أو ملاحظته ، أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادماً بالاجرة عنده أو عند من تقدم ذكرهم (مادة 4 من قانون مكافحة الدعارة).
تطبيقات من أحكام النقض علي جريمة إستغلال البغاء:
* نصت المادة السادسة فقرة " ب " من القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة علي أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر و لا تزيد علي ثلاث سنوات " كل من إستغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره " و هذا النص هو بذاته النص الذي تضمنته المادة السادسة فقرة " ب " من القانون رقم 68 لسنة 1951 الملغي و كان قد وضع بدلاً من المادة 272 من قانون العقوبات التي كانت تعاقب بالحبس " كل من يعول في معيشته كلها أو بعضها علي ما تكسبه إمراة من الدعارة " و بين من عبارة الفقرة " ب" من المادة السادسة من القانون 10 لسنة 1961 أن المشرع قصد من وضعها أن يمتد العقاب إلي طائفة المستغلين للبغاء و الفجور بأية وسيلة دون قيد بأن يكون الإستغلال مصحوباً بأي فعل يدل علي الحماية أو التحريض أو المساعدة وإذ كان ورود عبارة " التعويل في المعيشة علي كسب المرأة " بالمادة 272 عقوبات الملغاة قد ترتب عليه جعل
النص قاصراً علي عقاب كل من يستغل النساء الساقطات عن طريق التظاهر بحمايتهن و الدفاع عنهن و يعول في معيشته كلها أو بعضها علي ما يكسبه من الدعارة فقد رؤي أن هذه العبارة لم تعد ملائمة. و من ثم فقد أبدلت بعبارة " كل من يستغل النساء الساقطات عن طريق التظاهر بحمايتهن و الدفاع عنهن و يعول في معيشته كلها أو بعضها علي ما يكسبه من الدعارة " فقد رؤي أن هذه العبارة لم تعد ملائمة. و من ثم فقد أبدلت بعبارة " كل من إستغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره " لتتناول بالعقاب كل وسائل الإستغلال المباشرة وغير المباشرة دون إعتداد بقيام أية صلة بين المستغل و مرتكب البغاء و دون أهمية لما إذا كان فعل الإستغلال قد وقع مرة واحدة أو عدة مرات. و لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه حصل علي جزء من كسب البغاء الذي دفعه العميل لقاء إرتكابه الفحشاء مع البغي مما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة إستغلال البغاء المنصوص عليها في الفقرة " ب " من المادة السادسة من القانون رقم 10 لسنة 1961 و كان لا تعارض بين نفي الحكم وقوع جريمتي إدارة محل للدعارة و تحريض المتهمة الثانية علي إرتكاب الدعارة لعدم توافر أركانهما القانونية - و بين ما إنتهي اليه من ثبوت جريمة إستغلال بغاء المتهمة المذكورة فإن ما ينعاه الطاعن علي الحكم بقولة التناقض في التسبيب أو الخطأ في تطبيق القانون لا يكون سديداً.
( نقض 7 ديسمبر سنة 1964 طعن رقم 1635 سنة 34 قضائية )
* متي كان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوي التي أثبتها في حق الطاعنة من أنها سهلت للمتهمة الثانية إرتكاب الدعارة و عاونتها عليها و إستغلت بغاء تلك المتهمة و أدارت محلاً لممارسة الدعارة - يتحقق به معني الإرتباط الوارد بالمادة 2/32 من قانون العقوبات ، لأن الجرائم الأربعة المسندة إلي الطاعنة وقعت جميعها لغرض واحد كما أنها مرتبطة ببعضها إرتباطاً لا يقبل التجزئة مما يقتضي وجوب إعتبارها جريمة واحدة و الحكم بالعقوبة المقررة لأشدها ، و كان الحكم المطعون فيه قد قضي بعقوبة مستقلة عن التهمة الرابعة الخاصة بإدارة المنزل للدعارة ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يقتضي نقضه نقضاً جزئياً و تصحيحه وفقاً للقانون .
( نقض 20 فبراير سنة 1967 طعن رقم 2023 سنة 36 قضائية )
* متي كانت واقعة الدعوي حسبما حصلها الحكم ثابتاً فيها أن الطاعنة الأولي دأبت علي تقديم بعض النسوة لعملائها من الرجال ليباشروا الفحشاء معهن و أن الطاعنة الثانية من بين من إعتادت الطاعنة الأولي تقديمهن لعملائها و أن الأخيرة إعتادت ممارسة الفحشاء مع من تري الأولي إرسالها لهم دون تمييز ، وكان لا يشترط للعقاب علي التحريض أو التسهيل أو الإستغلال إقتراف الفحشاء بالفعل ، و كان الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها الطاعنتان وأورد علي ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة مما جاء بمحضر ضبط الواقعة و أقوال شهود الإثبات و إعتراف كل منهما في محضر الشرطة و تحقيق النيابة في حق نفسها و علي الأخري و هي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتبه الحكم عليها ، فإن ما يثيره الطاعنتان في هذا الصدد يكون غير سديد.
( نقض 8 يناير سنة 1973 طعن رقم 1274 سنة 42 قضائية )
* متي كان القانون لا يستلزم لثبوت العادة في إدارة مكان للدعارة طريقة
معينة من طرق الإثبات ، وكان الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بإدانة الطاعن علي إعتراف المتهمة الثانية من أنه دأب علي تسهيل دعارتها و إستغلال بغائها بأن كان يقدمها في الكشك الذي يملكه للرجال نظير مبالغ يتقاضاها ، فإنه بحسب الحكم ذلك في الرد علي دفاع الطاعن بعدم توافر ركن الإعتياد ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة علي أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة إستناداً إلي أدلة الثبوت التي أخذ بها.
( نقض 27 فبراير سنة 1980 طعن رقم 1445 سنة 49 قضائية )
* لما كان تقدير قيام القصد الجنائي أو عدم قيامه من ظروف الدعوي يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب و كان ما أثبتته الحكم علي ما تقدم ذكره من ان إستغلال المتهم الأول لدعارة الساقطات و ممارسة المتهمة الخامسة للدعارة كان معلوماً للطاعن مما قرره المتهم الأول و المتهمة الخامسة و ما قرره الطاعن في محضر الضبط فإن هذا الذي أورده الحكم يعد سائغاً لإستظهار تحقق القصد الجنائي لدي الطاعن في الجريمة التي دانه بها ويكون منعاه في هذا الخصوص عليغير أساس.
( نقض 28 فبراير سنة 1985 طعن رقم 470 سنة 55 قضائية )
* لما كانت الدعوي الجنائية قد أقيمت علي الطاعن بوصف أنه إستغل بغاء إمرأة و أيضاً إدارة مكان للدعارة ، و أدانه الحكم عن التهمة الثانية دون الأولي تأسيساً علي خلو الأوراق من تدليل علي أن الطاعن قدم المتهمة الثانية إلي المتهم الثالث نظير مبالغ يتقاضاها منها ، و ما إنتهي إليه الحكم فيما تقدم لا تناقض فيه لإختلاف أركان كل من هاتين الجريمتين فجريمة إدارة منزل للدعارة هي من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بثبوت ركن الإعتياد و لا يستوجب القانون تقاضي أجر لتجريم فعل الإدارة بينما لم يستلزم الشارع في جريمة إستغلال بغاء إمرأة توافر ركن الإعتياد.
( نقض 19 نوفمبر سنة 1987 طعن رقم 3252 سنة 57 قضائية )
* إن جريمة تعريض أكثر من حدث للإنحراف موضوع إتهام الطاعنين في الدعوي الماثلة و ما إسند إليهما في الدعوي الأخري المحكوم فيها من جرائم إدارة مسكن للدعارة و تسهيل و إستغلال دعارة أنثي كانت وليد نشاط إجرامي يتحقق به معني الإرتباط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لوقوع جميع هذه الجرائم تحقيقاً لغرض واحد و إرتباطها ببعضها إرتباطاً لا يقبل التجزئة ، و إذ نصت هذه المادة صراحة علي إعتبار الجرائم المرتبطة جريمة واحدة و الحكم بالعقوبة المقررة لأشدها فإنه يتأدي من ذلك أن صدور حكم نهائي بالإدانة في جريمة يمنع من نظر الدعوي الجنائية عن الجريمة أو الجرائم المرتبطة بها إرتباطاً لا يقبل التجزئة إذا كان ذلك الحكم قد صدر في أشد الجرائم عقوبة.
( نقض 2 يونية سنة 1988 طعن رقم 4602 سنة 55 قضائية )