"استقلال الحاضنة بمسكن الزوجية"
على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب فإذا لم يفعل خلال مدة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة.
وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء مدة العدة.
ويخير القاضي الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها.
فإذا انتهت مدة الحضانة فللمطلق أن يعود للمسكن مع أولاده إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانوناً.
وللنيابة العامة أن تصدر قراراً فيما يثور من منازعات بشأن حيازة مسكن الزوجية المشار إليه حتى تفصل المحكمة فيها.
النص في القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979
مادة 4- للمطلقة الحاضنة بعد طلاقها الاستقلال مع الصغير بمسكن الزوجية المؤجر ما لم يهيئ المطلق مسكناً آخر مناسباً، فإذا انتهت الحضانة أو تزوجت المطلقة فللمطلق أن يستقل دون مطلقته بذات المسكن إذا كان من حقه ابتداءاً الاحتفاظ به قانوناً، وتختص المحكمة الابتدائية بالفصل في الطلبين المشار إليهما في الفقرة السابقة ويجوز للنائب العام أو المحامي العام إصدار قرار مؤقت فيما يثور من منازعات بشأن المسكن المشار إليه حتى تفصل المحكمة نهائياً في النزاع.
القانون رقم 25 لسنة 1929 لا نظير لها
المذكرة الإيضاحية
إذا وقع الطلاق بين الزوجين وبينهما صغار فإن المنازعة تثور بينهما فيمن يختص بمسكن الزوجية المؤجر للزوج هل تنفرد به المطلقة والصغار بوصفها حاضنة لهم أو ينفرد به المطلق باعتبار أنه متعاقد. وحين نعود لأقوال الفقهاء نجد أنهم قالوا : أن من لها إمساك الولد وليس لها مسكن فإن على الأب سكناهما جميعا (الدر المختار للحصكفي فقه حنفي في كتاب الحضانة).
وإذا كان ذلك فإن للمطلقة الحاضنة بعد الطلاق الاستقلال مع محضونها بمسكن الزوجية المؤجر لمطلقها والد المحضون ما لم يعد لها المطلق مسكناً آخر مناسبا حتى إذا ما انتهت الحضانة أو تزوجت المطلقة فللمحضون أن يعود ليستقل دونها بذات المسكن إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانوناً.
ونص الاقتراح على اختصاص المحكمة الابتدائية بالفصل في الطلبين المشار إليهما في الفقرة الأولى من المادة الرابعة من الاقتراح. وأجازت الفقرة الأخيرة من هذه المادة للنائب العام أو المحامى العام إصدار قرار مؤقت فيما يثور من منازعات بشأن حيازة المسكن المشار إليه حتى تفصل المحكمة نهائياً في النزاع.
سند وجوب النص
• ويسند النص المطروح إلى قوله تعالى ) أَسْكِنُوهُنٌَََ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِن وُجْدِكُمْ (( ).
التعليق:
• الأصل أن نفقة الصغير تكون في أمواله فإذا لم يكن له أموال استحقت نفقته في أموال أبيه.
استحقاق نفقة الصغير في أمواله
• والمقرر أن نفقة الصغير على أبيه - في ظل أحكام القانون رقم 100 لسنة 1985 - تشمل المأكل والملبس والمسكن، فإذا كان للصغير أموال فلا يلتزم الأب بإسكانه باعتبار أن السكنى أصبحت أحد عناصر النفقة في ظل القانون المذكور.
وعلى ذلك إذا أثبت الأب أن لأولاده أموالا خاصة استحقت نفقة سكناهم في أموالهم وارتفع عن الأب الالتزام بإسكانهم، كما يرتفع ذلك الالتزام عن الأب أيضاً إذا أقام الدليل على أن للحاضنة سواء كانت مطلقته أو غيرها مسكن مملوك أو مؤجر لها وفقاً لحكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 5 لسنة 8 دستورية.
الملتزم بإسكان الأبن الصغير شرعاً
• ويتعين الإشارة هنا أن النص محل التعليق وحكم المحكمة الدستورية رقم 5 لسنة 8 دستورية إنما يتناول الأب بإسكان الصغير المحضون بعد الطلاق وصيرورة الأم حاضنة والصغير محضوناً، أما خلال قيام علاقة الزوجية فإن التزام الأب بإسكان الصغير إنما ينحصر في الإقامة صحبته أو أداء أجر مسكن للزوجة ضمن عناصر نفقتها على الزوج حيث يتم إسكان الإبن معها إن كان أو صحبة أبيه كما تقدم القول.
• وحاصل آراء الفقه الحنفي الراجح في خصوص إسكان الأب لأولاده أن يلتزم بأجر سكناهم وحاضنتهم إذا لم يكن لها (الحاضنة) مسكنا خاصا فإذا كان لها ذلك ارتفع عن الأب الالتزام بأجر المسكن( )، إلا أن حاصل آراء الفقه الشرعي بوجه عام هو التزام الأب أو من تلزمه نفقة الصغير بأجر مسكن الحضانة الذي يحضن فيه الولد.
• ذهبت نصوص القانون الوضعي سواء نصوص القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 أو القانون رقم 100 لسنة 1985 في هذا السبيل إلى مدى بعيد جعل التزام الأب بسكنى أولاده ينصب على مسكن الزوجية ذاته.
• والمقصود بمسكن الزوجية في هذا المقام أنه المكان المشغول فعلاً بالسكن أي المكان الذي كان يقيم فيه الزوجان وأولادهما إقامة معتادة وقت الطلاق سواء كان شقة كاملة أو حجرة في شقة( ).
استحقاق الحاضنة للمسكن المؤجر
• وقد استحدث القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 النص على حق المطلقة الحاضنة في الاستقلال بمسكن الزوجية المؤجر طالما لم يهيئ المطلق مسكنا آخر مناسبا يصلح لقيام الأم الحاضنة بحضانة أولادها من المطلق فيه، وقد تضمنت الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القرار بقانون سالف الذكر النص على شروط استخدام هذه الرخصة بأن نصت على أن "للمطلقة الحاضنة بعد طلاقها الاستقلال مع صغيرها بمسكن الزوجية المؤجر ما لم يهيئ المطلق مسكنا آخر مناسبا، فإذا انتهت الحضانة أو تزوجت المطلقة فللمطلق أن يستقل دون مطلقته بذات المسكن إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانونا" بحيث أنه لو كانت الحضانة لغير الأم لسبب أو لآخر سقط حق الاستقلال بالمسكن دون من كان يمكن أن يشاركها بالإقامة فيه ابتداء من أهلية المطلق كأمه أو أبيه أو أخواته.
• وقد عاود القانون رقم 100 لسنة 1985 النص على الحق في مسكن الزوجية كمكان للحضانة وذلك في المادة 18 مكرر ثالثا منه - محل التعليق - مع إدخال تعديلات على الصياغة التي كانت واردة في القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 - والذي حكم بعدم دستوريته بالحكم رقم 28 لسنة 2 دستورية - بمقتضاها لم يقصر حق الاستقلال بالمسكن على الأم الحاضنة وإنما أعطاه لأي حاضنة من النساء بوجه عام كما فرق المشرع فيها بين حالتين غاير في الحكم بينهما يتعلقان بطبيعة حق المطلقة على مسكن الزوجية( ).
أولهما : إذا كان مسكن الزوجية مؤجراً
• فإذا كان مسكن الزوجية مؤجرا (سواء كان الزوج هو المستأجر له مباشرة أو امتد إليه عقد الإيجار امتدادا قانونا)( ) تعين على المطلق خلال فترة العدة أن يهيئ لصغاره وحاضنتهم مسكنا مستقلا مناسبا، والملاحظ أن فترة العدة التي يلتزم المطلق بتهيئة المسكن خلالها قد تنحصر في ستين يوماً أو سنة والمدة الأولى قد يستحيل على المطلق - عملاً - خلالها أن يلتزم بتهيئة المسكن المذكور بمواصفاته في ظل أزمة الإسكان القائمة، وغني عن البيان أن انقضاء العدة لا مرجع فيه إلا لقول الزوجة بيمينها.
حق المطلق في تهيئة مسكن بديل ولو بعد انقضاء العدة وشروطه
• وانه ولئن كان المشرع لم يضع تحديداً لمسكن الحضانة البديل الذي يعده المطلق لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم وتركه لقاضي الموضوع ليستقل بتقدير مدى مناسبته لهم بما يتبين له من ظروف كل حالة وملابساتها على حده( ) . إلا أنه يشترط أن يكون المسكن الذي يلتزم الزوج بتهيئته لصغاره والحاضنة مستقلاً لا يشاركهم في سكناه أحد من أهليته أو الغير وإلا فقد المسكن صلاحيته، كما يشترط أن يكون المسكن المهيئ من جانب المطلق مناسبا للحاضنة وللصغار من حيث الوسط الاجتماعي الذي يقع به ومدى بعده أو قربه من عمل الحاضنة وغير ذلك من المواصفات، وعلى ذلك فإذا كان الزوجان يعيشان في حجرة في شقة حال قيام الزوجية فإن المسكن الذي يهيئه المطلق يكفي أن يكون على ذلك كما أنه إذا كان من حيث موقعه في منطقة راقية تعين أن يكون المسكن البديل في حي مشابه وهي مسائل موضوعية يقدرها قاضي الدعوى.
• وقد تضمن النص أن تخلف الزوج عن تهيئة ذلك المسكن المستقل المناسب خلال فترة العدة إنما يترتب عليه استمرار الصغار والمطلقة في شغل مسكن الزوجية دون المطلق، وهو ما يعني أن الأصل هو بقاء الصغار بصحبة المطلقة في مسكن الزوجية وعدم إخلائهم منه خلال مدة العدة إلى أن يقوم المطلق بتهيئة المسكن المناسب فإذا فعل خلال فترة العدة انتقل الصغار وحاضنتهم إليه وإلا استمروا في شغل مسكن الزوجية وإخلاء الزوج منه مدة الحضانة( ).
• إلا أن المشرع قيد هذا الإجراء بوجوب أن يقوم الزوج بتهيئة المسكن البديل خلال مدة العدة فإذا انقضت هذه المدة دون أن يكون الزوج قد نجح في العثور على المسكن البديل استمر الأولاد والحاضنة في شغل مسكن الزوجية إلى أن تنتهي الحضانة حتى ولو نجح المطلق في تهيئة المسكن البديل في أي وقت بعد هذا لأجل ولو بيوم واحد( ).
• إلا أنه يتعين ملاحظة أن مقتضى حكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 5 لسنة 8 قضائية - المشار إليه آنفا - أنه قد رفع عن كاهل المطلق واجب الالتزام بتهيئة مسكن بديل للحضانة في حالة استحقاق الحاضنة للمسكن خلال فترة العدة حيث يتوحد بمقتضى الحكم المذكور الأمر بشأن تهيئة مسكن الحضانة البديل - في حالة رغبة المطلق في الاحتفاظ بمسكنه فيما بين المسكن المملوك والمسكن المؤجر حيث يجوز للمطلق تهيئة المسكن البديل في أي وقت دون تقيد بمدة العدة.
انقضاء العدة كشرط لطلب الاستقلال بمسكن الزوجية
• والأصل أنه يتعين على المطلقة الانتظار إلى أن تنتهي عدتها من الطلاق شرعاً قبل أن تقيم الدعوى بطلب الاستقلال بمسكن الزوجية - إذا كانت خارجة - وإلا حكم بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان باعتبار أن النص قد جعل الأصل هو قيام الزوج بتهيئة مسكن بديل وإلا حكم باستقلال المطلقة بمسكن الزوجية، فإذا أقامت المطلقة الدعوى صحيحة تعين عليها إثبات واقعة الطلاق بالوثيقة الرسمية الدالة عليه والإقرار بالخروج من العدة وإقامة الدليل على أن المطلق لم يهيئ مسكنا آخر مناسبا إذ يلتزم المطلق بإثباته إذا ما دفعت المطلقة الدعوى بذلك حيث يمكنها إثبات ذلك بشهادة الشهود - فإن هي فعلت حكمت المحكمة باستقلال المطلقة والصغار بمسكن الزوجية( ) .
حق الزوجة في طلب الطلاق والاستقلال بمسكن الزوجية بدعوى واحدة
• أما إذا كانت الزوجة لم تغادر المسكن بعد الطلاق فأنه يجوز للزوجة أن تقيم الدعوى وتضمنها الطلبين معاً بتطليقها على الزوج لأي سبب من الأسباب الواردة بالقانون وتمكينها من مسكن الزوجية إذا ما توافر في جانبها شروطها، ولا يجوز دفع الطلب الثاني (الاستقلال بالمسكن) بعدم القبول لرفعه قبل الأوان لأن مقتضى الفصل في الطلب الأول في ذات الحكم بالطلاق ومع توافر شروط استقلال المطلقة بالمسكن ينشأ حق المطلقة فيه باعتبار أن الطلاق الواقع من القاضي يكون بائناً عدا حالة الطلاق لعدم الإنفاق الذي يتعين على المحكمة إذا ما استندت إليه المدعية رفض طلب الاستقلال لرفعه قبل الأوان( ).
استقلال الحاضنة بالمسكن لا يوجب إخلاء من كانوا يشاركونها الإقامة به
• وإذا ما كان الزوج متزوج من زوجتين في مسكن واحد كان للمطلقة منهما وأولادها منه أن تستقل بالجزء من المسكن الذي كانت تستخدمه حال قيام الزوجية قبل الطلاق( ).
• وعلى ذلك أيضاً فإن مفهوم القول باستمرار الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية دون المطلق إنما يعني أن تكون إقامة الصغار ثابتة بمسكن الزوجية قبل الطلاق وكذا الحاضنة أو أيهما وهو مؤدى لفظ "استمرارهم في شغل مسكن الزوجية" الواردة بالنص.
• ومسألة تحديد ما يعد مسكن زوجية وكذا تقدير استمرار الإقامة قبل الطلاق فيه من عدمه من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، وعلى ذلك فإذا كانت إقامة الصغار أو الحاضنة قد انقطعت عن مسكن الزوجية قبل الطلاق - حقيقة أو حكماً - على نحو يحول دون إمكان استمرار الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية دون المطلق - كما لو كان المطلق قد تنازل عن عقد الإيجار للمالك قبل إيقاعه للطلاق ولو بقصد الإضرار بالمطلقة سقط حق المطلقة في البقاء بالمسكن ولا يجوز لها المطالبة بالاستقلال به( ).
• أما إذا ثبت للمطلقة الحق في البقاء بمسكن الزوجية وجب أن يقتصر إخلاء الغير من مسكن الزوجية على المطلق وحده دون من يكونوا قد ثبتت لهم إقامة بالمسكن غيره كأم المطلق أو أبيه أو أخوته.
ثبوت إقامة الحاضنة والمحضون بمسكن الزوجية قبل الطلاق كشرط لطلب الاستقلال بالمسكن
• وعلى ذلك فإذا ما ثبت أن الزوجان كانا يعيشان معيشة مشتركة في مسكن الزوجية مع كل من أم الزوج وأبيه وأخوته مثلاً فإن هؤلاء الساكنين لا يجوز إخراجهم من المسكن في حالة الطلاق بل يظلوا شاغلين له مع الحاضنة والصغار.
• وهذا الأصل يسري بالنسبة لأولاد المطلق من زوجة أخرى، فلو أن زوجا ماتت زوجته عن صغار فلا يلزم بتهيئة مسكن لحضانتهم، فإذا تزوج بأخرى في ذات المسكن ثم طلقها التزم بتهيئة مسكن مستقل لحضانة أولاده من مطلقته دون أولاده الأيتام وإلا استمر الجميع شاغلين لمسكن الزوجية دون المطلق.
حق من تجاوز من الأبناء سن الحضانة في استمرار الإقامة بمسكن الزوجية
• وما يسري بالنسبة لأم المطلق أو أبيه وأخوته أو أولاده من زوجة أخرى الذين كانوا يشاركونه الإقامة بمسكن الزوجية يسري أيضاً بالنسبة لأولاده من مطلقته والذين يكونوا قد تجاوزا سن حضانة النساء وقت وقوع الطلاق فهؤلاء أيضاً يكون لهم حق الإقامة بمسكن الزوجية شأن الأجداد والأعمام أو العمات بصفتهم من المقيمين بالمسكن ابتداء.
مغادرة المطلقة لمسكن الزوجية قبل الطلاق لا يسقط حقها فيه كحاضنة
• ولا يسقط حق المطلقة الحاضنة في المطالبة بالاستقلال بمسكن الزوجية كمسكن للحضانة بمغادرته حيث يجوز لها أقامة الدعوى بطلب الاستقلال به والعودة إليه بحكم أن الشريعة الإسلامية لا تعرف فكرة تقادم الحقوق، إلا أنه لو كان المطلق قد تزوج من أخرى بعد مغادرة مطلقته مسكن الزوجية وأقامت الزوجة الدعوى بطلب استمرار حيازتها له بحكم كونها زوجة أو تدخلت في الدعوى التي أقامتها المطلقة هجومياً بطلب رفضها والحكم لها بحماية حيازتها وإقامتها بمسكن الزوجية فإننا نرى إجابة المطلقة إلى طلبها بالتمكين إعمالاً لحقها المقرر بمقتضى المادة المطروحة ورفض طلب الزوجة باستمرار حيازتها وإقامتها بمسكن الزوجية لعدم جواز جمعها بين دعوى الحق ودعوى الحيازة وإعمالاً لمقتضى المادة 44 مرافعات خاصة وأن الزوجة المدعية لم تكن من المقيمين ابتداء بمسكن الزوجية قبل إيقاع الطلاق على المدعية.
وثانيهما : إذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر( ).
• حرص المشرع على انتفاء لفظ غير المؤجر قاصدا من ذلك أن يدخل ضمن المعنى المسكن المملوك للمطلق أو غير المملوك ولكنه غير مؤجر كالمسكن الذي يكون له عليه حق انتفاع أو يقيم به على سبيل التسامح كأن يكون المسكن مملوكا لأبويه أو أحدهما وغير ذلك من صور الملكية أو ما يقوم مقامها.
وفي هذه الحالة يكون للزوج مشاركة مطلقته والصغار مسكن الزوجية خلال فترة العدة ثم عليه أن يترك مسكن الزوجية بالمفهوم السابق شرحه إلى أن يهيئ مسكنا مستقلا مناسبا لينقل إليه أولاده وحاضنتهم ليعود هو إلى الاستقلال بمسكن الزوجية( ) إن شاء.
حدود حق الاستقلال بالمساكن المشغولة بمناسبة الوظيفة
• فإذا كان مسكن المطلق يشغله بسبب العمل كالمساكن التي تعطيها الحكومة لبعض العاملين فيها فترة عملهم فإننا نرى أن عموم النص يشملهم مما يتعين على المطلق التخلي لأولاده وحاضنتهم عن سكناه إذا لم يهيئ لهم مسكنا مستقلاً مناسبا وفقاً للمفهوم المتقدم( ).
حدود حق المطلق في العودة إلى مسكنه
• إلا أن المشرع أعطى المطلق في حال المسكن غير المؤجر - ونظرا لهذا الاعتبار - الحق في العودة إلى الاستئثار بمسكن الزوجية إذا ما هيأ المسكن المستقل المناسب في أي وقت دون تقيد بفترة العدة حتى ولو بعد مضي سنوات وسنوات، وهو ما أصبح ينطبق على مسكن الزوجية المؤجر إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية رقم 5 لسنة 8 دستورية.
• لكن إذا انتهى حق الانتفاع أو الاستعمال أو السكنى - وهو غير حق المستأجر - أو انتهت الإعارة وطلب المالك استرداد مسكنه وجب رد المسكن لمالكه سواء كان هذا المالك والد المطلق أو غيره لأن القانون المدني لا يعطي المطلق أو مطلقته بعدئذ الحق في شغل هذا المسكن ولأن قانون الأحوال الشخصية يعطيهم الحق في شغل ما كان يشغله المطلق بسند من القانون ومن غير المعقول أن يعطيهم الحق في اغتصاب ملك الغير، وعندئذ لا يكون للمطلق الخيار ويتعين عليه أن يهيئ لصغاره وحاضنتهم مسكنا مستقلاً مناسبا. فإن لم يفعل كان للمطلقة الحق في أن تطلب من القاضي بإسمها والمحضونين الترخيص لها في استئجار مسكن مناسب على نفقة المطلق، كما أن لها في حالة الاستعجال أن تستأجر هذا المسكن على نفقة المطلق دون ترخيص من القضاء (المادة 209 مدني).
وفاة الزوجة أو انفساخ عقد زواجها يسقط معه التزام المطلق في التخلي عن المسكن
• والنص لا يلزم غير المطلق ممكن يكون له أولاد في حاجة إلى الحضانة بالتخلي لهم عن مسكنه أو تهيئة مسكن آخر لهم كمن انتهى زواجه بغير طلاق، كما لو انتهى بفسخ أو بطلان أو نحو ذلك وينطبق ذات الحكم فيما لو انتهى الزواج بموت الزوجة.
• ويتعين انطباق النص سواء وقع الطلاق من الزوج شخصيا أو بوكيل عنه أو من القاضي أو من الزوجة في حالة كون العصمة بيدها أو كان الطلاق خلعا( ).
• أما إذا كان مسكن الزوجية مؤجراً للزوجة ووقع الطلاق كان على الزوج أن يخرج من هذا المسكن بعد انقضاء العدة دون أن يلتزم بأن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم مسكنا آخر، لتوافر مسكناً لسكناها وفق ما قضت به المحكمة الدستورية في الطعن رقم 5 لسنة 8 دستورية.
• وإذا كان المسكن مملوكا للمطلقة كان على المطلق أن يخرج منه بعد انقضاء العدة دون أن يكون له الحق في الاستقلال بهذا المسكن أو أن يعد لصغاره وحاضنتهم المسكن المستقل المناسب لذات السبب المتقدم.
زواج الحاضنة يسقط حقها في الاستقلال بالمسكن
• وإذا تزوجت المطلقة الحاضنة سقط حقها في الحضانة وتعين انتقال المحضونين إلى مسكن الحاضنة التي تليها - طالما كان مسكن الزوجية مملوكا للزوجة أو مؤجرا بإسمها - ولا يكلف من ثم الأب أن يهيئ لصغاره في هذه الحالة مسكنا آخر مناسبا وذلك لأن القانون لم يتعرض لهذه الحالة واقتصر فقط على تناول ما إذا كان مسكن المطلق خاصا به وحده مؤجرا أو غير مؤجر مما يتعين معه الرجوع في هذه الحالة إلى الراجح في المذهب الحنفي وهو ما استقرت به الفتوى على نحو ما تقدم.
مسكن الزوجية المؤجر للزوجة أو المملوك لها
• أما إذا كان مسكن الزوجية خاصا بالزوجين معاً (ملكا أو إيجار) كان حكمه حكم المسكن الخاص بالزوجة وفقاً للنظر المتقدم وذلك لثبوت حق كل منهما فيه( ).
عدم تقادم حق الحاضنة في الاستقلال بمسكن الزوجية
• وحق الحاضنة في المطالبة بالاستقلال بمسكن الحضانة لا يسقط بمضي المدة آخذا بالقاعدة العامة القائلة بأن الشريعة الإسلامية لا تعرف فكرة تقادم الحقوق.
طبيعة حق الحاضنة في مسكن الحضانة
على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب فإذا لم يفعل خلال مدة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة.
وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء مدة العدة.
ويخير القاضي الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها.
فإذا انتهت مدة الحضانة فللمطلق أن يعود للمسكن مع أولاده إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانوناً.
وللنيابة العامة أن تصدر قراراً فيما يثور من منازعات بشأن حيازة مسكن الزوجية المشار إليه حتى تفصل المحكمة فيها.
النص في القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979
مادة 4- للمطلقة الحاضنة بعد طلاقها الاستقلال مع الصغير بمسكن الزوجية المؤجر ما لم يهيئ المطلق مسكناً آخر مناسباً، فإذا انتهت الحضانة أو تزوجت المطلقة فللمطلق أن يستقل دون مطلقته بذات المسكن إذا كان من حقه ابتداءاً الاحتفاظ به قانوناً، وتختص المحكمة الابتدائية بالفصل في الطلبين المشار إليهما في الفقرة السابقة ويجوز للنائب العام أو المحامي العام إصدار قرار مؤقت فيما يثور من منازعات بشأن المسكن المشار إليه حتى تفصل المحكمة نهائياً في النزاع.
القانون رقم 25 لسنة 1929 لا نظير لها
المذكرة الإيضاحية
إذا وقع الطلاق بين الزوجين وبينهما صغار فإن المنازعة تثور بينهما فيمن يختص بمسكن الزوجية المؤجر للزوج هل تنفرد به المطلقة والصغار بوصفها حاضنة لهم أو ينفرد به المطلق باعتبار أنه متعاقد. وحين نعود لأقوال الفقهاء نجد أنهم قالوا : أن من لها إمساك الولد وليس لها مسكن فإن على الأب سكناهما جميعا (الدر المختار للحصكفي فقه حنفي في كتاب الحضانة).
وإذا كان ذلك فإن للمطلقة الحاضنة بعد الطلاق الاستقلال مع محضونها بمسكن الزوجية المؤجر لمطلقها والد المحضون ما لم يعد لها المطلق مسكناً آخر مناسبا حتى إذا ما انتهت الحضانة أو تزوجت المطلقة فللمحضون أن يعود ليستقل دونها بذات المسكن إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانوناً.
ونص الاقتراح على اختصاص المحكمة الابتدائية بالفصل في الطلبين المشار إليهما في الفقرة الأولى من المادة الرابعة من الاقتراح. وأجازت الفقرة الأخيرة من هذه المادة للنائب العام أو المحامى العام إصدار قرار مؤقت فيما يثور من منازعات بشأن حيازة المسكن المشار إليه حتى تفصل المحكمة نهائياً في النزاع.
سند وجوب النص
• ويسند النص المطروح إلى قوله تعالى ) أَسْكِنُوهُنٌَََ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِن وُجْدِكُمْ (( ).
التعليق:
• الأصل أن نفقة الصغير تكون في أمواله فإذا لم يكن له أموال استحقت نفقته في أموال أبيه.
استحقاق نفقة الصغير في أمواله
• والمقرر أن نفقة الصغير على أبيه - في ظل أحكام القانون رقم 100 لسنة 1985 - تشمل المأكل والملبس والمسكن، فإذا كان للصغير أموال فلا يلتزم الأب بإسكانه باعتبار أن السكنى أصبحت أحد عناصر النفقة في ظل القانون المذكور.
وعلى ذلك إذا أثبت الأب أن لأولاده أموالا خاصة استحقت نفقة سكناهم في أموالهم وارتفع عن الأب الالتزام بإسكانهم، كما يرتفع ذلك الالتزام عن الأب أيضاً إذا أقام الدليل على أن للحاضنة سواء كانت مطلقته أو غيرها مسكن مملوك أو مؤجر لها وفقاً لحكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 5 لسنة 8 دستورية.
الملتزم بإسكان الأبن الصغير شرعاً
• ويتعين الإشارة هنا أن النص محل التعليق وحكم المحكمة الدستورية رقم 5 لسنة 8 دستورية إنما يتناول الأب بإسكان الصغير المحضون بعد الطلاق وصيرورة الأم حاضنة والصغير محضوناً، أما خلال قيام علاقة الزوجية فإن التزام الأب بإسكان الصغير إنما ينحصر في الإقامة صحبته أو أداء أجر مسكن للزوجة ضمن عناصر نفقتها على الزوج حيث يتم إسكان الإبن معها إن كان أو صحبة أبيه كما تقدم القول.
• وحاصل آراء الفقه الحنفي الراجح في خصوص إسكان الأب لأولاده أن يلتزم بأجر سكناهم وحاضنتهم إذا لم يكن لها (الحاضنة) مسكنا خاصا فإذا كان لها ذلك ارتفع عن الأب الالتزام بأجر المسكن( )، إلا أن حاصل آراء الفقه الشرعي بوجه عام هو التزام الأب أو من تلزمه نفقة الصغير بأجر مسكن الحضانة الذي يحضن فيه الولد.
• ذهبت نصوص القانون الوضعي سواء نصوص القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 أو القانون رقم 100 لسنة 1985 في هذا السبيل إلى مدى بعيد جعل التزام الأب بسكنى أولاده ينصب على مسكن الزوجية ذاته.
• والمقصود بمسكن الزوجية في هذا المقام أنه المكان المشغول فعلاً بالسكن أي المكان الذي كان يقيم فيه الزوجان وأولادهما إقامة معتادة وقت الطلاق سواء كان شقة كاملة أو حجرة في شقة( ).
استحقاق الحاضنة للمسكن المؤجر
• وقد استحدث القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 النص على حق المطلقة الحاضنة في الاستقلال بمسكن الزوجية المؤجر طالما لم يهيئ المطلق مسكنا آخر مناسبا يصلح لقيام الأم الحاضنة بحضانة أولادها من المطلق فيه، وقد تضمنت الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القرار بقانون سالف الذكر النص على شروط استخدام هذه الرخصة بأن نصت على أن "للمطلقة الحاضنة بعد طلاقها الاستقلال مع صغيرها بمسكن الزوجية المؤجر ما لم يهيئ المطلق مسكنا آخر مناسبا، فإذا انتهت الحضانة أو تزوجت المطلقة فللمطلق أن يستقل دون مطلقته بذات المسكن إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانونا" بحيث أنه لو كانت الحضانة لغير الأم لسبب أو لآخر سقط حق الاستقلال بالمسكن دون من كان يمكن أن يشاركها بالإقامة فيه ابتداء من أهلية المطلق كأمه أو أبيه أو أخواته.
• وقد عاود القانون رقم 100 لسنة 1985 النص على الحق في مسكن الزوجية كمكان للحضانة وذلك في المادة 18 مكرر ثالثا منه - محل التعليق - مع إدخال تعديلات على الصياغة التي كانت واردة في القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 - والذي حكم بعدم دستوريته بالحكم رقم 28 لسنة 2 دستورية - بمقتضاها لم يقصر حق الاستقلال بالمسكن على الأم الحاضنة وإنما أعطاه لأي حاضنة من النساء بوجه عام كما فرق المشرع فيها بين حالتين غاير في الحكم بينهما يتعلقان بطبيعة حق المطلقة على مسكن الزوجية( ).
أولهما : إذا كان مسكن الزوجية مؤجراً
• فإذا كان مسكن الزوجية مؤجرا (سواء كان الزوج هو المستأجر له مباشرة أو امتد إليه عقد الإيجار امتدادا قانونا)( ) تعين على المطلق خلال فترة العدة أن يهيئ لصغاره وحاضنتهم مسكنا مستقلا مناسبا، والملاحظ أن فترة العدة التي يلتزم المطلق بتهيئة المسكن خلالها قد تنحصر في ستين يوماً أو سنة والمدة الأولى قد يستحيل على المطلق - عملاً - خلالها أن يلتزم بتهيئة المسكن المذكور بمواصفاته في ظل أزمة الإسكان القائمة، وغني عن البيان أن انقضاء العدة لا مرجع فيه إلا لقول الزوجة بيمينها.
حق المطلق في تهيئة مسكن بديل ولو بعد انقضاء العدة وشروطه
• وانه ولئن كان المشرع لم يضع تحديداً لمسكن الحضانة البديل الذي يعده المطلق لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم وتركه لقاضي الموضوع ليستقل بتقدير مدى مناسبته لهم بما يتبين له من ظروف كل حالة وملابساتها على حده( ) . إلا أنه يشترط أن يكون المسكن الذي يلتزم الزوج بتهيئته لصغاره والحاضنة مستقلاً لا يشاركهم في سكناه أحد من أهليته أو الغير وإلا فقد المسكن صلاحيته، كما يشترط أن يكون المسكن المهيئ من جانب المطلق مناسبا للحاضنة وللصغار من حيث الوسط الاجتماعي الذي يقع به ومدى بعده أو قربه من عمل الحاضنة وغير ذلك من المواصفات، وعلى ذلك فإذا كان الزوجان يعيشان في حجرة في شقة حال قيام الزوجية فإن المسكن الذي يهيئه المطلق يكفي أن يكون على ذلك كما أنه إذا كان من حيث موقعه في منطقة راقية تعين أن يكون المسكن البديل في حي مشابه وهي مسائل موضوعية يقدرها قاضي الدعوى.
• وقد تضمن النص أن تخلف الزوج عن تهيئة ذلك المسكن المستقل المناسب خلال فترة العدة إنما يترتب عليه استمرار الصغار والمطلقة في شغل مسكن الزوجية دون المطلق، وهو ما يعني أن الأصل هو بقاء الصغار بصحبة المطلقة في مسكن الزوجية وعدم إخلائهم منه خلال مدة العدة إلى أن يقوم المطلق بتهيئة المسكن المناسب فإذا فعل خلال فترة العدة انتقل الصغار وحاضنتهم إليه وإلا استمروا في شغل مسكن الزوجية وإخلاء الزوج منه مدة الحضانة( ).
• إلا أن المشرع قيد هذا الإجراء بوجوب أن يقوم الزوج بتهيئة المسكن البديل خلال مدة العدة فإذا انقضت هذه المدة دون أن يكون الزوج قد نجح في العثور على المسكن البديل استمر الأولاد والحاضنة في شغل مسكن الزوجية إلى أن تنتهي الحضانة حتى ولو نجح المطلق في تهيئة المسكن البديل في أي وقت بعد هذا لأجل ولو بيوم واحد( ).
• إلا أنه يتعين ملاحظة أن مقتضى حكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 5 لسنة 8 قضائية - المشار إليه آنفا - أنه قد رفع عن كاهل المطلق واجب الالتزام بتهيئة مسكن بديل للحضانة في حالة استحقاق الحاضنة للمسكن خلال فترة العدة حيث يتوحد بمقتضى الحكم المذكور الأمر بشأن تهيئة مسكن الحضانة البديل - في حالة رغبة المطلق في الاحتفاظ بمسكنه فيما بين المسكن المملوك والمسكن المؤجر حيث يجوز للمطلق تهيئة المسكن البديل في أي وقت دون تقيد بمدة العدة.
انقضاء العدة كشرط لطلب الاستقلال بمسكن الزوجية
• والأصل أنه يتعين على المطلقة الانتظار إلى أن تنتهي عدتها من الطلاق شرعاً قبل أن تقيم الدعوى بطلب الاستقلال بمسكن الزوجية - إذا كانت خارجة - وإلا حكم بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان باعتبار أن النص قد جعل الأصل هو قيام الزوج بتهيئة مسكن بديل وإلا حكم باستقلال المطلقة بمسكن الزوجية، فإذا أقامت المطلقة الدعوى صحيحة تعين عليها إثبات واقعة الطلاق بالوثيقة الرسمية الدالة عليه والإقرار بالخروج من العدة وإقامة الدليل على أن المطلق لم يهيئ مسكنا آخر مناسبا إذ يلتزم المطلق بإثباته إذا ما دفعت المطلقة الدعوى بذلك حيث يمكنها إثبات ذلك بشهادة الشهود - فإن هي فعلت حكمت المحكمة باستقلال المطلقة والصغار بمسكن الزوجية( ) .
حق الزوجة في طلب الطلاق والاستقلال بمسكن الزوجية بدعوى واحدة
• أما إذا كانت الزوجة لم تغادر المسكن بعد الطلاق فأنه يجوز للزوجة أن تقيم الدعوى وتضمنها الطلبين معاً بتطليقها على الزوج لأي سبب من الأسباب الواردة بالقانون وتمكينها من مسكن الزوجية إذا ما توافر في جانبها شروطها، ولا يجوز دفع الطلب الثاني (الاستقلال بالمسكن) بعدم القبول لرفعه قبل الأوان لأن مقتضى الفصل في الطلب الأول في ذات الحكم بالطلاق ومع توافر شروط استقلال المطلقة بالمسكن ينشأ حق المطلقة فيه باعتبار أن الطلاق الواقع من القاضي يكون بائناً عدا حالة الطلاق لعدم الإنفاق الذي يتعين على المحكمة إذا ما استندت إليه المدعية رفض طلب الاستقلال لرفعه قبل الأوان( ).
استقلال الحاضنة بالمسكن لا يوجب إخلاء من كانوا يشاركونها الإقامة به
• وإذا ما كان الزوج متزوج من زوجتين في مسكن واحد كان للمطلقة منهما وأولادها منه أن تستقل بالجزء من المسكن الذي كانت تستخدمه حال قيام الزوجية قبل الطلاق( ).
• وعلى ذلك أيضاً فإن مفهوم القول باستمرار الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية دون المطلق إنما يعني أن تكون إقامة الصغار ثابتة بمسكن الزوجية قبل الطلاق وكذا الحاضنة أو أيهما وهو مؤدى لفظ "استمرارهم في شغل مسكن الزوجية" الواردة بالنص.
• ومسألة تحديد ما يعد مسكن زوجية وكذا تقدير استمرار الإقامة قبل الطلاق فيه من عدمه من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، وعلى ذلك فإذا كانت إقامة الصغار أو الحاضنة قد انقطعت عن مسكن الزوجية قبل الطلاق - حقيقة أو حكماً - على نحو يحول دون إمكان استمرار الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية دون المطلق - كما لو كان المطلق قد تنازل عن عقد الإيجار للمالك قبل إيقاعه للطلاق ولو بقصد الإضرار بالمطلقة سقط حق المطلقة في البقاء بالمسكن ولا يجوز لها المطالبة بالاستقلال به( ).
• أما إذا ثبت للمطلقة الحق في البقاء بمسكن الزوجية وجب أن يقتصر إخلاء الغير من مسكن الزوجية على المطلق وحده دون من يكونوا قد ثبتت لهم إقامة بالمسكن غيره كأم المطلق أو أبيه أو أخوته.
ثبوت إقامة الحاضنة والمحضون بمسكن الزوجية قبل الطلاق كشرط لطلب الاستقلال بالمسكن
• وعلى ذلك فإذا ما ثبت أن الزوجان كانا يعيشان معيشة مشتركة في مسكن الزوجية مع كل من أم الزوج وأبيه وأخوته مثلاً فإن هؤلاء الساكنين لا يجوز إخراجهم من المسكن في حالة الطلاق بل يظلوا شاغلين له مع الحاضنة والصغار.
• وهذا الأصل يسري بالنسبة لأولاد المطلق من زوجة أخرى، فلو أن زوجا ماتت زوجته عن صغار فلا يلزم بتهيئة مسكن لحضانتهم، فإذا تزوج بأخرى في ذات المسكن ثم طلقها التزم بتهيئة مسكن مستقل لحضانة أولاده من مطلقته دون أولاده الأيتام وإلا استمر الجميع شاغلين لمسكن الزوجية دون المطلق.
حق من تجاوز من الأبناء سن الحضانة في استمرار الإقامة بمسكن الزوجية
• وما يسري بالنسبة لأم المطلق أو أبيه وأخوته أو أولاده من زوجة أخرى الذين كانوا يشاركونه الإقامة بمسكن الزوجية يسري أيضاً بالنسبة لأولاده من مطلقته والذين يكونوا قد تجاوزا سن حضانة النساء وقت وقوع الطلاق فهؤلاء أيضاً يكون لهم حق الإقامة بمسكن الزوجية شأن الأجداد والأعمام أو العمات بصفتهم من المقيمين بالمسكن ابتداء.
مغادرة المطلقة لمسكن الزوجية قبل الطلاق لا يسقط حقها فيه كحاضنة
• ولا يسقط حق المطلقة الحاضنة في المطالبة بالاستقلال بمسكن الزوجية كمسكن للحضانة بمغادرته حيث يجوز لها أقامة الدعوى بطلب الاستقلال به والعودة إليه بحكم أن الشريعة الإسلامية لا تعرف فكرة تقادم الحقوق، إلا أنه لو كان المطلق قد تزوج من أخرى بعد مغادرة مطلقته مسكن الزوجية وأقامت الزوجة الدعوى بطلب استمرار حيازتها له بحكم كونها زوجة أو تدخلت في الدعوى التي أقامتها المطلقة هجومياً بطلب رفضها والحكم لها بحماية حيازتها وإقامتها بمسكن الزوجية فإننا نرى إجابة المطلقة إلى طلبها بالتمكين إعمالاً لحقها المقرر بمقتضى المادة المطروحة ورفض طلب الزوجة باستمرار حيازتها وإقامتها بمسكن الزوجية لعدم جواز جمعها بين دعوى الحق ودعوى الحيازة وإعمالاً لمقتضى المادة 44 مرافعات خاصة وأن الزوجة المدعية لم تكن من المقيمين ابتداء بمسكن الزوجية قبل إيقاع الطلاق على المدعية.
وثانيهما : إذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر( ).
• حرص المشرع على انتفاء لفظ غير المؤجر قاصدا من ذلك أن يدخل ضمن المعنى المسكن المملوك للمطلق أو غير المملوك ولكنه غير مؤجر كالمسكن الذي يكون له عليه حق انتفاع أو يقيم به على سبيل التسامح كأن يكون المسكن مملوكا لأبويه أو أحدهما وغير ذلك من صور الملكية أو ما يقوم مقامها.
وفي هذه الحالة يكون للزوج مشاركة مطلقته والصغار مسكن الزوجية خلال فترة العدة ثم عليه أن يترك مسكن الزوجية بالمفهوم السابق شرحه إلى أن يهيئ مسكنا مستقلا مناسبا لينقل إليه أولاده وحاضنتهم ليعود هو إلى الاستقلال بمسكن الزوجية( ) إن شاء.
حدود حق الاستقلال بالمساكن المشغولة بمناسبة الوظيفة
• فإذا كان مسكن المطلق يشغله بسبب العمل كالمساكن التي تعطيها الحكومة لبعض العاملين فيها فترة عملهم فإننا نرى أن عموم النص يشملهم مما يتعين على المطلق التخلي لأولاده وحاضنتهم عن سكناه إذا لم يهيئ لهم مسكنا مستقلاً مناسبا وفقاً للمفهوم المتقدم( ).
حدود حق المطلق في العودة إلى مسكنه
• إلا أن المشرع أعطى المطلق في حال المسكن غير المؤجر - ونظرا لهذا الاعتبار - الحق في العودة إلى الاستئثار بمسكن الزوجية إذا ما هيأ المسكن المستقل المناسب في أي وقت دون تقيد بفترة العدة حتى ولو بعد مضي سنوات وسنوات، وهو ما أصبح ينطبق على مسكن الزوجية المؤجر إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية رقم 5 لسنة 8 دستورية.
• لكن إذا انتهى حق الانتفاع أو الاستعمال أو السكنى - وهو غير حق المستأجر - أو انتهت الإعارة وطلب المالك استرداد مسكنه وجب رد المسكن لمالكه سواء كان هذا المالك والد المطلق أو غيره لأن القانون المدني لا يعطي المطلق أو مطلقته بعدئذ الحق في شغل هذا المسكن ولأن قانون الأحوال الشخصية يعطيهم الحق في شغل ما كان يشغله المطلق بسند من القانون ومن غير المعقول أن يعطيهم الحق في اغتصاب ملك الغير، وعندئذ لا يكون للمطلق الخيار ويتعين عليه أن يهيئ لصغاره وحاضنتهم مسكنا مستقلاً مناسبا. فإن لم يفعل كان للمطلقة الحق في أن تطلب من القاضي بإسمها والمحضونين الترخيص لها في استئجار مسكن مناسب على نفقة المطلق، كما أن لها في حالة الاستعجال أن تستأجر هذا المسكن على نفقة المطلق دون ترخيص من القضاء (المادة 209 مدني).
وفاة الزوجة أو انفساخ عقد زواجها يسقط معه التزام المطلق في التخلي عن المسكن
• والنص لا يلزم غير المطلق ممكن يكون له أولاد في حاجة إلى الحضانة بالتخلي لهم عن مسكنه أو تهيئة مسكن آخر لهم كمن انتهى زواجه بغير طلاق، كما لو انتهى بفسخ أو بطلان أو نحو ذلك وينطبق ذات الحكم فيما لو انتهى الزواج بموت الزوجة.
• ويتعين انطباق النص سواء وقع الطلاق من الزوج شخصيا أو بوكيل عنه أو من القاضي أو من الزوجة في حالة كون العصمة بيدها أو كان الطلاق خلعا( ).
• أما إذا كان مسكن الزوجية مؤجراً للزوجة ووقع الطلاق كان على الزوج أن يخرج من هذا المسكن بعد انقضاء العدة دون أن يلتزم بأن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم مسكنا آخر، لتوافر مسكناً لسكناها وفق ما قضت به المحكمة الدستورية في الطعن رقم 5 لسنة 8 دستورية.
• وإذا كان المسكن مملوكا للمطلقة كان على المطلق أن يخرج منه بعد انقضاء العدة دون أن يكون له الحق في الاستقلال بهذا المسكن أو أن يعد لصغاره وحاضنتهم المسكن المستقل المناسب لذات السبب المتقدم.
زواج الحاضنة يسقط حقها في الاستقلال بالمسكن
• وإذا تزوجت المطلقة الحاضنة سقط حقها في الحضانة وتعين انتقال المحضونين إلى مسكن الحاضنة التي تليها - طالما كان مسكن الزوجية مملوكا للزوجة أو مؤجرا بإسمها - ولا يكلف من ثم الأب أن يهيئ لصغاره في هذه الحالة مسكنا آخر مناسبا وذلك لأن القانون لم يتعرض لهذه الحالة واقتصر فقط على تناول ما إذا كان مسكن المطلق خاصا به وحده مؤجرا أو غير مؤجر مما يتعين معه الرجوع في هذه الحالة إلى الراجح في المذهب الحنفي وهو ما استقرت به الفتوى على نحو ما تقدم.
مسكن الزوجية المؤجر للزوجة أو المملوك لها
• أما إذا كان مسكن الزوجية خاصا بالزوجين معاً (ملكا أو إيجار) كان حكمه حكم المسكن الخاص بالزوجة وفقاً للنظر المتقدم وذلك لثبوت حق كل منهما فيه( ).
عدم تقادم حق الحاضنة في الاستقلال بمسكن الزوجية
• وحق الحاضنة في المطالبة بالاستقلال بمسكن الحضانة لا يسقط بمضي المدة آخذا بالقاعدة العامة القائلة بأن الشريعة الإسلامية لا تعرف فكرة تقادم الحقوق.
طبيعة حق الحاضنة في مسكن الحضانة