"الطلاق للسجن"
لزوجة المحبوس المحكوم عليه نهائياً بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنين فأكثر أن تطلب إلى القاضي بعد مضي سنة من حبسه التطليق عليه بائناً للضرر ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه.
• لم يتم تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1985
المذكرة الإيضاحية
الزوج الذي حكم عليه نهائياً بالسجن ثلاث سنين فأكثر يساوى الغائب الذي طالت غيبته فأكثر في تضرر زوجته من بعده عنها كما يساوي الأسير في ذلك فيجوز لزوجته طلب التطليق عليه بعد سنة من سجنه إذا تضررت من بعده عنها كزوجة الغائب والأسير لأن المناط في ذلك تضرر الزوجة من بعد الزوج عنها ولا دخل لكون البعد باختياره أو قهرا عنه بدليل النص على أن لزوجة الأسير حق طلب التطليق إذا تضررت من بعد زوجها عنها (المواد من 12 إلى 14).
سند وجوب النص:
• ويستند وجوب النص المطروح شرعاً إلى قوله تعالى ) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (( ) وقوله (×) "لا ضرر ولا ضرار ".
التعليـق:
• التطليق لسجن الزوج هو أحد حالات التطليق للضرر ذلك أن سجن الزوج إنما يترتب عليه ابتعاده عن الزوجة وراء أسوار السجن وهذا الغياب يشكل ولا شك ضرر بالزوجة طالما أنه قد استقر أن الزوجة تتضرر بعدم وقاعها لأكثر من ستة أشهر على ما هو من حديث عمر بن الخطاب في هذا الشأن( ) فإذا زادت مدة الابتعاد عن ذلك فالضرر واقع لا محالة ويستوي بعد ذلك أن تكون الفرقة برضي الزوج أو قهراً عنه.
ولكون الفرقة هنا لسبب لا دخل لإرادة الزوج فيه وهو حبسه وبحكم أن ذلك يسبب ضرراً للزوجة لذلك أفرد المشرع لهذا النوع من الضرر نص خاص هو نص المادة 14.
شروط طلب التطليق للسجن:
• وقد اشترط النص لكي يحق للزوجة طلب التطليق للسجن توافر خمس شروط هي:
1- أن يكون الزوج قد حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية (الحبس أو السجن أو نحوه) وعلى ذلك فالحكم بالغرامة أو تنفيذها بطريق الإكراه البدني لا يوفر الشرط، كما أن قرار النيابة أو المحكمة الجنائية بحبس الزوج احتياطيا لا يتوافر به الشرط حيث لا يعد قرار الحبس الاحتياطي حكماً قضائياً يخضع لقاعدة اكتساب الحجية وإمكانية أيلولته نهائياً أو باتاً وفق ما يسرى على الأحكام القضائية، إلا أنه يستوي أن تكون العقوبة صادرة في جناية أو جنحة( ) كما يستوي أن يكون الحكم وطنياً أو صادر عن محاكم غير مصرية إذ العبرة بتحقق الضرر المترتب على غياب الزوج بقطع النظر عن مصدره.
2- أن يكون الحكم الصادر بالعقوبة نهائياً وعلى ذلك فلا يشترط في الحكم أن يكون باتا أي استنفذ طريق الطعن بالنقض أو انقضت مواعيده( ).
3- وأن يكون الزوج قد بدأ تنفيذه العقوبة بالفعل، فإذا لم يكن الزوج قد بدأ في تنفيذ العقوبة لهروبه أو لاستشكاله في التنفيذ أو لغير ذلك من الأسباب امتنع تطبيق النص.
4- أن تكون العقوبة ثلاث سنوات فأكثر، والسنوات هنا ميلادية عملاً بالمادة 23 من القانون، ويستوي أن تكون المدة هي عقوبة قضى بها حكم جنائي واحد أو نتاج تجميع عدد من المدد الأقل صدرت بها عدة أحكام جنائية لتوافر العلة، ونحن نرى أن مدة الحبس الاحتياطي لا تدخل في احتساب المدة بحكم أنها لا تدخل في مفهوم العقوبة بمفهومها القانوني برغم أنها تستنزل من مدة العقوبة المقضي بها.
5- أن ترفع الزوجة الدعوى بعد مضى سنة ميلادية كاملة تحتسب من تاريخ بدء تنفيذ العقوبة على الزوج وليس من تاريخ النطق بالحكم، فإذا أقيمت الدعوى قبل مضى السنة قضت المحكمة بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان وفى ذلك تقول محكمة جنوب القاهرة الابتدائية "وحيث أن الثابت من الشهادة المقدمة أن المدعى عليه قد حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة بجلسة 17/6/1981 وأن تاريخ مبدأ حبسه 17/1/1981 وكانت المدعية قد أقامت دعواها الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 16/6/1981 كما أنه بالنسبة لخطاب مصلحة السجون المؤرخ 11/3/1982 تبين منه أنه قد حكم على المدعى عليه في الجناية رقم 1412 /80 ج روض الفرج بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات من محكمة جنايات القاهرة في 19/3/1990 أي أن الحكمين الصادرين على المدعي قد صدر الأول في 19/2/1980 والثاني في 12/6/1981 وأن مبدأ حبسه 17/6/1981 والمدعية أقامت الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 16/6/1981 أي قبل مرور سنة كاملة من تاريخ بدء تنفيذ الحبس مما تعد معه الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون وتكون المدعية قد أقامتها قبل الأوان مما يتعين معه القضاء بعد قبولها( ).
• ولا يحول دون قيام الزوجة بطلب التطليق للسجن وجود مال للزوج يمكنها التنفيذ عليه واقتضاء حقها من النفقة إذ أن التطليق في هذه الحالة للضرر وليس للامتناع عن الإنفاق( ).
وجوب عرض الصلح قبل الحكم بالتطليق:
• ونحن نرى أن الفقرة الثانية من المادة 18 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية قد أضافت شرطاً خامساً لهذه الدعوى مما نصت عليه من وجوب قيام المحكمة بمحاولة الصلح بين الزوجين وثبوت عجزها عن تحقيقه، فإذا كان للزوجين ولد تلتزم المحكمة بعرض الصلح مرتين على الأقل تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوماً ولا تزيد عن ستين يوماً، والمواعيد المنصوص عليها في المادة هي من قبيل المواعيد التنظيمية لا يترتب البطلان على مخالفتها، إلا أن التخلف عن القيام بإجراءات الصلح يترتب عليه بطلان الحكم حيث ورد النص بطبيعة الوجوب والإلزام( ) ويجوز للمحكمة إثباتا لبذلها الجهد للإصلاح بين الزوجين إعمالاً لحكم المادة 18 السالفة الذكر أن تنتدب أخصائياً اجتماعيا أو أكثر لتقديم تقرير عن الحال المعروض عليها أو عن مسألة فيها على أن تحدد أجلا لتقديم التقرير لا يزيد على أسبوعين وذلك إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون المذكور( ).
• وقد ثار الخلاف بالنسبة للإفراج عن الزوج المسجون أثناء نظر الدعوى أي بعد انقضاء السنة الواجب انتهائها لجواز رفع الدعوى وقبل انقضاء السنوات الثلاث المحكوم بها ضد الزوج فذهب البعض إلى أن الضرر يكون في هذه الحالة قد ارتفع مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى خاصة وقد تخلف شرط كون العقوبة ثلاث سنوات( ) ذلك أن تحقق الضرر رهين ببقاء الزوج لثلاث سنوات سجينا فإذا انقضى هذا الشرط ارتفع الضرر ووجب الحكم برفض الدعوى.
الإفراج عن المسجون أثناء نظر الدعوى:
بينما ذهب البعض الآخر إلى أن حق الزوجة في الطلاق تأكد باستيفاء الشروط وأن الضرر قد وقع بها فعلاً يجبه الإفراج وإطلاق سراح الزوج قبل استيفاء مدة الثلاث سنوات المحكوم بها ضده( ) خاصة وأن المشرع قد افترض تحقق الضرر من حبس الزوج مدة أقصاها ثلاث سنوات فالمشرع اعتبر الحبس قرينة على الضرر مما يتعين معه الاستمرار في نظر الدعوى والحكم فيها طبقاً لما تقدمه المدعية من أسانيد للإثبات.
ونحن نميل إلى تأييد الرأي الثاني وخاصة أن المقرر أن الفرقة في الحبس هي بسبب الضرر الواقع بالفعل وليس للضرر المتوقع وأن قياسها على التطليق لضرر الهجر تتأتى معه نفس النتيجة إذ لو عاد الزوج الغائب بعد رفع الدعوى بالتطليق فإن ذلك لا يسقط حق الزوجة في التطليق جبراً لما أصابها من ضرر تحقق بالهجر( ) فضلاً عن أن المشرع لو أخذنا بالرأي الأول لما ظهرت الحاجة لنص المادة 14 برمته.
• وغنى عن البيان تقرير حق المدعية في أن تعدل طلباتها من الطلاق بسبب السجن إلى الطلاق بسبب الضرر أو الغياب وهكذا إعمالاً لقاعدة جواز تغيير سبب الطلب دون محله( ).
• كما ثار التساؤل حول انطباق النص بالنسبة للمعتقل الذي يقبض عليه ويحبس لمدة غير محددة بغير حكم قضائي، وهل يقاس على الحبس المحكوم به قضت بعض المحاكم بتطليق زوجة المعتقل الذي زادت مدة اعتقاله على ثلاث سنوات استناداً إلى توافر العلة التي دعت الشارع إلى طلاق زوجة الغائب أو زوجة المحبوس، وهى رفع الضرر عن الزوجة التي ابتعد عنها زوجها مدة طويلة تزيد على سنة أيا كان السبب الذي أدى إلى بعده وجعل من هذا البعد قرينة على تحقق الضرر ووقوعه على الزوجة وهى قرينة غير قابلة لإثبات العكس.
إلا أن البعض ينتقد الرأي السابق، إذ أقيم على دعامتين، هما غيبة الزوج المنصوص عليها في المادة 12 من القانون 25/1929 وحبسه المنصوص عليه في المادة 14 من القانون المذكور، وهما دعامتين غير سليمتين إذ أن الزوج المعتقل لم يغيب عن زوجته، وإنما أبعد عنها، ولا حيلة له في هذا الإبعاد، لأنه أمر خارج عن إرادته ولا دخل له فيه، فإن غيابه كان إذن بعذر مقبول، والاعتقال ليس غيابا في المادة 12 بدليل ما ورد في المادة 13 من نفس القانون، من أنه أن أمكن وصول الرسائل إلى الغائب ضرب له القاضي أجلاً واعذر إليه، بأن يطلقها أن لم يحضر للإقامة مع زوجته، كما لم يكن في مكنته أن ينقلها معه وهو معتقل، وهذا مع إمكان ورود الرسائل إليه والمادتان متلازمتان يفيدان عدم اعتبار المعتقل غائباً( ).
مدى انطباق النص بالنسبة للمعتقل:
• ونحن نرى أن المادة 14 من القانون 25/1929، جاءت مقيدة بقيود يجب مراعاتها، ولا يجوز القياس عليها سيما إذا روعي أن مذهب الحنفية ليس به نص على طلاق زوجة الغائب وقد أخذ حكم المادة 14 من مذهب المالكية، ولكن ليس معنى هذا أن يباح تطبيق مذهب مالك بكل ما فيه وإنما يقتصر على ما جاء به الحكم الموضوعي، والمعتقل لم يحكم عليه بحكم نهائي بالحبس مدة ثلاث سنين فأكثر، كما أن أمر الاعتقال لا يحدد فيه مدة ما فيكون من الممكن الإفراج عن الزوج في أي وقت والمشرع أعطى لزوجة المحكوم عليه نهائياً بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنين فأكثر الحق في أن تطلب التطليق عليه لأنه يكون في موضع تقديرها أن زوجها لن يعود إليها قبل مضى ثلاث سنين وأعطاها الحق في طلب التطليق بعد مضى سنة على غيبته، حتى يتحقق الانسجام بين المادتين 12 و14 من القانون ولهذا كله لا يمكن أن تنضوي حالة اعتقال الزوج بأمر السلطات الإدارية تحت حكم المادة 14 من القانون 25 لسنة 1929، والقول بأن الحكمة التي أجيز التطليق من أجلها في المادتين 12 و14 من القانون 25 لسنة 1929، متحققة في حالة زوجة المعتقل خاصة وأن من القواعد الأصولية أن لا اجتهاد مع النص سيما إذا كان النص واضحا لأن المناط هو الضرر، وقد تحقق الضرر، وهذا القول اجتهاد في مقابلة نص، ومن القواعد الأصولية أن لا اجتهاد مع النص خاصة إذا كان النص صريحا لا يحتمل التأويل أو التفسير.
والخلاصــة:
أن الرأي قد استقر على عدم انطباق نص المادة 14 بالنسبة للمعتقل لتخلف شروط تطبيقها بالنسبة لحالته إذ لم يصدر ضده حكماً لمدة ثلاث سنوات.
مدى انطباق النص بالنسبة للأسير
إلا إننا نرى أنه يجوز لزوجة المعتقل طلب التطليق عليه للهجر استناداً إلى تحقق ابتعاد الزوج عنها مما أصابها بالضرر خاصة وأنه يستوي في تحقق الابتعاد وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية أن يكون بإرادة الزوج أو رغما عنه وذات النظر ينصرف إلى الأسير لعموم القاعدة حيث يجوز لزوجة السير طلب التطليق عليه إذا تضررت من بعد الزوج عنها بسبب أسره( ).
المستندات الواجب تقديمها للمحكمة في دعوى التطليق للسجن:
• ويجدر التنويه إلى أن على الزوجة أن تقدم تأييدا لدعواها بطلب الطلاق للحبس بالمادة 14 المستندات التالية:
1- الوثيقة الرسمية الدالة على قيام الزوجية.
2- الحكم الجنائي الصادر بحبس الزوج.
3- شهادة بنهائية الحكم المذكور.
4- شهادة من السجن ببدء تنفيذ الزوج للعقوبة وتاريخ ذلك.
• والطلاق الذي يوقعه القاضي بسبب الحبس يقع به طلقة بائنة باعتباره طلاق للضرر( ).
مدى حق زوجة المحكوم بإعدامه في طلب التطليق:
• وإذا صدر الزوج حكماً بإعدامه فإن مقتضى ذلك الحكم أن ابتعاد الزوج عن الزوجة يمتد لأكثر من الثلاث سنوات المنصوص عليها في المادة باعتبارها المدة التي افترض المشرع أن ابتعاد الزوج عن الزوجة خلالها وراء أسوار السجون يلحق بها الضرر المنهي عنه شرعاً وذلك إعمالاً لروح النص والحكمة من إصداره( ) إلا أننا نرى وجوب انتظار الزوجة مدة السنة التالية لصدور الحكم بالإعدام حتى يكون لها إقامة الدعوى بطلب التطليق خاصة وإن إجراءات تنفيذ الحكم قد تستغرق مدة تتجاوز الثلاث سنوات المنصوص عليها بصدر المادة.
لزوجة المحبوس المحكوم عليه نهائياً بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنين فأكثر أن تطلب إلى القاضي بعد مضي سنة من حبسه التطليق عليه بائناً للضرر ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه.
• لم يتم تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1985
المذكرة الإيضاحية
الزوج الذي حكم عليه نهائياً بالسجن ثلاث سنين فأكثر يساوى الغائب الذي طالت غيبته فأكثر في تضرر زوجته من بعده عنها كما يساوي الأسير في ذلك فيجوز لزوجته طلب التطليق عليه بعد سنة من سجنه إذا تضررت من بعده عنها كزوجة الغائب والأسير لأن المناط في ذلك تضرر الزوجة من بعد الزوج عنها ولا دخل لكون البعد باختياره أو قهرا عنه بدليل النص على أن لزوجة الأسير حق طلب التطليق إذا تضررت من بعد زوجها عنها (المواد من 12 إلى 14).
سند وجوب النص:
• ويستند وجوب النص المطروح شرعاً إلى قوله تعالى ) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (( ) وقوله (×) "لا ضرر ولا ضرار ".
التعليـق:
• التطليق لسجن الزوج هو أحد حالات التطليق للضرر ذلك أن سجن الزوج إنما يترتب عليه ابتعاده عن الزوجة وراء أسوار السجن وهذا الغياب يشكل ولا شك ضرر بالزوجة طالما أنه قد استقر أن الزوجة تتضرر بعدم وقاعها لأكثر من ستة أشهر على ما هو من حديث عمر بن الخطاب في هذا الشأن( ) فإذا زادت مدة الابتعاد عن ذلك فالضرر واقع لا محالة ويستوي بعد ذلك أن تكون الفرقة برضي الزوج أو قهراً عنه.
ولكون الفرقة هنا لسبب لا دخل لإرادة الزوج فيه وهو حبسه وبحكم أن ذلك يسبب ضرراً للزوجة لذلك أفرد المشرع لهذا النوع من الضرر نص خاص هو نص المادة 14.
شروط طلب التطليق للسجن:
• وقد اشترط النص لكي يحق للزوجة طلب التطليق للسجن توافر خمس شروط هي:
1- أن يكون الزوج قد حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية (الحبس أو السجن أو نحوه) وعلى ذلك فالحكم بالغرامة أو تنفيذها بطريق الإكراه البدني لا يوفر الشرط، كما أن قرار النيابة أو المحكمة الجنائية بحبس الزوج احتياطيا لا يتوافر به الشرط حيث لا يعد قرار الحبس الاحتياطي حكماً قضائياً يخضع لقاعدة اكتساب الحجية وإمكانية أيلولته نهائياً أو باتاً وفق ما يسرى على الأحكام القضائية، إلا أنه يستوي أن تكون العقوبة صادرة في جناية أو جنحة( ) كما يستوي أن يكون الحكم وطنياً أو صادر عن محاكم غير مصرية إذ العبرة بتحقق الضرر المترتب على غياب الزوج بقطع النظر عن مصدره.
2- أن يكون الحكم الصادر بالعقوبة نهائياً وعلى ذلك فلا يشترط في الحكم أن يكون باتا أي استنفذ طريق الطعن بالنقض أو انقضت مواعيده( ).
3- وأن يكون الزوج قد بدأ تنفيذه العقوبة بالفعل، فإذا لم يكن الزوج قد بدأ في تنفيذ العقوبة لهروبه أو لاستشكاله في التنفيذ أو لغير ذلك من الأسباب امتنع تطبيق النص.
4- أن تكون العقوبة ثلاث سنوات فأكثر، والسنوات هنا ميلادية عملاً بالمادة 23 من القانون، ويستوي أن تكون المدة هي عقوبة قضى بها حكم جنائي واحد أو نتاج تجميع عدد من المدد الأقل صدرت بها عدة أحكام جنائية لتوافر العلة، ونحن نرى أن مدة الحبس الاحتياطي لا تدخل في احتساب المدة بحكم أنها لا تدخل في مفهوم العقوبة بمفهومها القانوني برغم أنها تستنزل من مدة العقوبة المقضي بها.
5- أن ترفع الزوجة الدعوى بعد مضى سنة ميلادية كاملة تحتسب من تاريخ بدء تنفيذ العقوبة على الزوج وليس من تاريخ النطق بالحكم، فإذا أقيمت الدعوى قبل مضى السنة قضت المحكمة بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان وفى ذلك تقول محكمة جنوب القاهرة الابتدائية "وحيث أن الثابت من الشهادة المقدمة أن المدعى عليه قد حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة بجلسة 17/6/1981 وأن تاريخ مبدأ حبسه 17/1/1981 وكانت المدعية قد أقامت دعواها الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 16/6/1981 كما أنه بالنسبة لخطاب مصلحة السجون المؤرخ 11/3/1982 تبين منه أنه قد حكم على المدعى عليه في الجناية رقم 1412 /80 ج روض الفرج بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات من محكمة جنايات القاهرة في 19/3/1990 أي أن الحكمين الصادرين على المدعي قد صدر الأول في 19/2/1980 والثاني في 12/6/1981 وأن مبدأ حبسه 17/6/1981 والمدعية أقامت الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 16/6/1981 أي قبل مرور سنة كاملة من تاريخ بدء تنفيذ الحبس مما تعد معه الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون وتكون المدعية قد أقامتها قبل الأوان مما يتعين معه القضاء بعد قبولها( ).
• ولا يحول دون قيام الزوجة بطلب التطليق للسجن وجود مال للزوج يمكنها التنفيذ عليه واقتضاء حقها من النفقة إذ أن التطليق في هذه الحالة للضرر وليس للامتناع عن الإنفاق( ).
وجوب عرض الصلح قبل الحكم بالتطليق:
• ونحن نرى أن الفقرة الثانية من المادة 18 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية قد أضافت شرطاً خامساً لهذه الدعوى مما نصت عليه من وجوب قيام المحكمة بمحاولة الصلح بين الزوجين وثبوت عجزها عن تحقيقه، فإذا كان للزوجين ولد تلتزم المحكمة بعرض الصلح مرتين على الأقل تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوماً ولا تزيد عن ستين يوماً، والمواعيد المنصوص عليها في المادة هي من قبيل المواعيد التنظيمية لا يترتب البطلان على مخالفتها، إلا أن التخلف عن القيام بإجراءات الصلح يترتب عليه بطلان الحكم حيث ورد النص بطبيعة الوجوب والإلزام( ) ويجوز للمحكمة إثباتا لبذلها الجهد للإصلاح بين الزوجين إعمالاً لحكم المادة 18 السالفة الذكر أن تنتدب أخصائياً اجتماعيا أو أكثر لتقديم تقرير عن الحال المعروض عليها أو عن مسألة فيها على أن تحدد أجلا لتقديم التقرير لا يزيد على أسبوعين وذلك إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون المذكور( ).
• وقد ثار الخلاف بالنسبة للإفراج عن الزوج المسجون أثناء نظر الدعوى أي بعد انقضاء السنة الواجب انتهائها لجواز رفع الدعوى وقبل انقضاء السنوات الثلاث المحكوم بها ضد الزوج فذهب البعض إلى أن الضرر يكون في هذه الحالة قد ارتفع مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى خاصة وقد تخلف شرط كون العقوبة ثلاث سنوات( ) ذلك أن تحقق الضرر رهين ببقاء الزوج لثلاث سنوات سجينا فإذا انقضى هذا الشرط ارتفع الضرر ووجب الحكم برفض الدعوى.
الإفراج عن المسجون أثناء نظر الدعوى:
بينما ذهب البعض الآخر إلى أن حق الزوجة في الطلاق تأكد باستيفاء الشروط وأن الضرر قد وقع بها فعلاً يجبه الإفراج وإطلاق سراح الزوج قبل استيفاء مدة الثلاث سنوات المحكوم بها ضده( ) خاصة وأن المشرع قد افترض تحقق الضرر من حبس الزوج مدة أقصاها ثلاث سنوات فالمشرع اعتبر الحبس قرينة على الضرر مما يتعين معه الاستمرار في نظر الدعوى والحكم فيها طبقاً لما تقدمه المدعية من أسانيد للإثبات.
ونحن نميل إلى تأييد الرأي الثاني وخاصة أن المقرر أن الفرقة في الحبس هي بسبب الضرر الواقع بالفعل وليس للضرر المتوقع وأن قياسها على التطليق لضرر الهجر تتأتى معه نفس النتيجة إذ لو عاد الزوج الغائب بعد رفع الدعوى بالتطليق فإن ذلك لا يسقط حق الزوجة في التطليق جبراً لما أصابها من ضرر تحقق بالهجر( ) فضلاً عن أن المشرع لو أخذنا بالرأي الأول لما ظهرت الحاجة لنص المادة 14 برمته.
• وغنى عن البيان تقرير حق المدعية في أن تعدل طلباتها من الطلاق بسبب السجن إلى الطلاق بسبب الضرر أو الغياب وهكذا إعمالاً لقاعدة جواز تغيير سبب الطلب دون محله( ).
• كما ثار التساؤل حول انطباق النص بالنسبة للمعتقل الذي يقبض عليه ويحبس لمدة غير محددة بغير حكم قضائي، وهل يقاس على الحبس المحكوم به قضت بعض المحاكم بتطليق زوجة المعتقل الذي زادت مدة اعتقاله على ثلاث سنوات استناداً إلى توافر العلة التي دعت الشارع إلى طلاق زوجة الغائب أو زوجة المحبوس، وهى رفع الضرر عن الزوجة التي ابتعد عنها زوجها مدة طويلة تزيد على سنة أيا كان السبب الذي أدى إلى بعده وجعل من هذا البعد قرينة على تحقق الضرر ووقوعه على الزوجة وهى قرينة غير قابلة لإثبات العكس.
إلا أن البعض ينتقد الرأي السابق، إذ أقيم على دعامتين، هما غيبة الزوج المنصوص عليها في المادة 12 من القانون 25/1929 وحبسه المنصوص عليه في المادة 14 من القانون المذكور، وهما دعامتين غير سليمتين إذ أن الزوج المعتقل لم يغيب عن زوجته، وإنما أبعد عنها، ولا حيلة له في هذا الإبعاد، لأنه أمر خارج عن إرادته ولا دخل له فيه، فإن غيابه كان إذن بعذر مقبول، والاعتقال ليس غيابا في المادة 12 بدليل ما ورد في المادة 13 من نفس القانون، من أنه أن أمكن وصول الرسائل إلى الغائب ضرب له القاضي أجلاً واعذر إليه، بأن يطلقها أن لم يحضر للإقامة مع زوجته، كما لم يكن في مكنته أن ينقلها معه وهو معتقل، وهذا مع إمكان ورود الرسائل إليه والمادتان متلازمتان يفيدان عدم اعتبار المعتقل غائباً( ).
مدى انطباق النص بالنسبة للمعتقل:
• ونحن نرى أن المادة 14 من القانون 25/1929، جاءت مقيدة بقيود يجب مراعاتها، ولا يجوز القياس عليها سيما إذا روعي أن مذهب الحنفية ليس به نص على طلاق زوجة الغائب وقد أخذ حكم المادة 14 من مذهب المالكية، ولكن ليس معنى هذا أن يباح تطبيق مذهب مالك بكل ما فيه وإنما يقتصر على ما جاء به الحكم الموضوعي، والمعتقل لم يحكم عليه بحكم نهائي بالحبس مدة ثلاث سنين فأكثر، كما أن أمر الاعتقال لا يحدد فيه مدة ما فيكون من الممكن الإفراج عن الزوج في أي وقت والمشرع أعطى لزوجة المحكوم عليه نهائياً بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنين فأكثر الحق في أن تطلب التطليق عليه لأنه يكون في موضع تقديرها أن زوجها لن يعود إليها قبل مضى ثلاث سنين وأعطاها الحق في طلب التطليق بعد مضى سنة على غيبته، حتى يتحقق الانسجام بين المادتين 12 و14 من القانون ولهذا كله لا يمكن أن تنضوي حالة اعتقال الزوج بأمر السلطات الإدارية تحت حكم المادة 14 من القانون 25 لسنة 1929، والقول بأن الحكمة التي أجيز التطليق من أجلها في المادتين 12 و14 من القانون 25 لسنة 1929، متحققة في حالة زوجة المعتقل خاصة وأن من القواعد الأصولية أن لا اجتهاد مع النص سيما إذا كان النص واضحا لأن المناط هو الضرر، وقد تحقق الضرر، وهذا القول اجتهاد في مقابلة نص، ومن القواعد الأصولية أن لا اجتهاد مع النص خاصة إذا كان النص صريحا لا يحتمل التأويل أو التفسير.
والخلاصــة:
أن الرأي قد استقر على عدم انطباق نص المادة 14 بالنسبة للمعتقل لتخلف شروط تطبيقها بالنسبة لحالته إذ لم يصدر ضده حكماً لمدة ثلاث سنوات.
مدى انطباق النص بالنسبة للأسير
إلا إننا نرى أنه يجوز لزوجة المعتقل طلب التطليق عليه للهجر استناداً إلى تحقق ابتعاد الزوج عنها مما أصابها بالضرر خاصة وأنه يستوي في تحقق الابتعاد وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية أن يكون بإرادة الزوج أو رغما عنه وذات النظر ينصرف إلى الأسير لعموم القاعدة حيث يجوز لزوجة السير طلب التطليق عليه إذا تضررت من بعد الزوج عنها بسبب أسره( ).
المستندات الواجب تقديمها للمحكمة في دعوى التطليق للسجن:
• ويجدر التنويه إلى أن على الزوجة أن تقدم تأييدا لدعواها بطلب الطلاق للحبس بالمادة 14 المستندات التالية:
1- الوثيقة الرسمية الدالة على قيام الزوجية.
2- الحكم الجنائي الصادر بحبس الزوج.
3- شهادة بنهائية الحكم المذكور.
4- شهادة من السجن ببدء تنفيذ الزوج للعقوبة وتاريخ ذلك.
• والطلاق الذي يوقعه القاضي بسبب الحبس يقع به طلقة بائنة باعتباره طلاق للضرر( ).
مدى حق زوجة المحكوم بإعدامه في طلب التطليق:
• وإذا صدر الزوج حكماً بإعدامه فإن مقتضى ذلك الحكم أن ابتعاد الزوج عن الزوجة يمتد لأكثر من الثلاث سنوات المنصوص عليها في المادة باعتبارها المدة التي افترض المشرع أن ابتعاد الزوج عن الزوجة خلالها وراء أسوار السجون يلحق بها الضرر المنهي عنه شرعاً وذلك إعمالاً لروح النص والحكمة من إصداره( ) إلا أننا نرى وجوب انتظار الزوجة مدة السنة التالية لصدور الحكم بالإعدام حتى يكون لها إقامة الدعوى بطلب التطليق خاصة وإن إجراءات تنفيذ الحكم قد تستغرق مدة تتجاوز الثلاث سنوات المنصوص عليها بصدر المادة.