"التطليق للغياب"
إذا غاب الزوج سنة فأكثر بلا عذر مقبول جاز لزوجته أن تطلب إلى القاضي تطليقها بائناً إذا تضررت من بعده عنها ولو كان له مال يستطيع الإنفاق منه.
المذكرة الإيضاحية
قد يغيب الزوج عن زوجته مدة طويلة بلا عذر مقبول كطلب العلم أو التجارة أو لانقطاع المواصلات ثم هو لا يحمل زوجته إليه ولا هو يطلقها لتتخذ لها زوجا غيره ومقام الزوجة على هذا الحال زمنا طويلاً مع محافظتها على العفة والشرف أمر لا تحتمله الطبيعة في الأعم الأغلب وأن ترك لها الزوج ما تستطيع الإنفاق منه.
وليس في أحكام مذهب أبي حنيفة ما تعالج به هذه الحالة ومعالجتها واجب اجتماعي محتم. ومذهب الإمام مالك يجيز التطليق على الغائب الذي يترك لزوجته ما تنفق منه على نفسها إذا طالت غيبته سنة فأكثر وتضررت الزوجة من بعده عنها بعد أن يضرب له ويعذر إليه بأنه أما أن يحضر للإقامة معها أو ينقلها إليه أو يطلقها عليه القاضي هذا إذا أمكن وصول الرسائل إليه وإلا فيطلق القاضي عليه بلا ضرب أجل ولا أعذار.
وواضح أن المراد بغيبة الزوج هنا غيبته عنها بالإقامة في بلد آخر غير بلد الزوجة أما الغيبة عن بيت الزوجة مع الإقامة في بلد واحد فهي من الأحوال التي يتناولها التطليق للضرر.
سند وجوب النص
• ويستند النص المطروح شرعاً إلى قوله تعالى وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ
وقوله "لا ضرر ولا ضرار".
التعليـق
• الأصل في الزواج أن يكون كل من الزوجين أنسا لصاحبه وسكنا يطمئن إليه في نعماء الحياة وبؤسها والإنسان بوجه عام والمرأة على الخصوص تستوحش الوحدة وتتضرر منها ومن هنا أعطى القانون للزوجة الحق في طلب التطليق على الزوج إذا غاب عنها ولو كان له من الأموال ما تستطيع أن تنفق منها.
• ومصدر النص المطروح هو مذهب الإمام مالك.
الدخول بالزوجة كشرط لطلب التطليق للغياب
• ونحن نرى أنه يتعين أن تكون الزوجة مدخولا بها حتى يكون لها طلب التطليق للغياب المحكوم بالمادتين 12 و13 فلا يكفي مجرد العقد دون الدخول لإعطاء الزوجة الحق في طلب التطليق للغياب إذ يمثل الأمر في تلك الحالة الأخيرة إحدى صور الإيذاء التي تلحق بالزوجة من تركها معلقة بغير دخول والتي تدخل ضمن صور الضرر التي تحكمها المادة السادسة من القانون.
شروط طلب التطليق للغياب
• والتطليق لغياب الزوج كما أورده النص يتعين أن تتوافر له أربعة شروط هي:
(1) أن يغيب الزوج عن زوجته في بلد آخر غير الذي تقيم فيه
• والمقصود بالغيبة هنا ترك الزوج لزوجته والسفر إلى بلد آخر غير الذي تقيم فيه لأنه إذا ترك بيت الزوجية وظل مقيما في ذات البلد التي تقيم الزوجة بها دون أن يعايشها اعتبر ذلك هجرا منه وليس غيابا تحكمه المادة السادسة لا المادة الثانية عشر( )، وتقوم المحكمة بإضفاء التكيف الصحيح على الدعوى وتحديد ما إذا كانت تستند في طلب التطليق للهجر أم للغياب( ).
• ومفهوم البلد الواحد في هذا المقام لا يقصد به الدول أي لا يشترط أن يغادر الزوج الدولة التي تقيم بها الزوجة إلى دولة غيرها وإنما يتحدد المفهوم في ضوء تعريف الموطن كما جاء بالمواد 40 و42 و43 من القانون المدني إعمالاً للمادة 15 من القانون رقم 1 لسنة 2000 وهو ما يعني وجوب قيام الزوج بترك محل إقامة الزوجة إلى بلد آخر ليس لها فيه محلاً للإقامة ومن أمثلة ذلك أن يكون محل إقامة الزوجة في أحد المراكز التابعة لإحدى المحافظات فيتركها وينتقل للإقامة في قريته التابعة لذلك المركز وهكذا.
• ولا يغير من اعتبار الزوج غائباً قصر المسافة فيما بين البلد التي تقيم فيها الزوجة والبلد التي سافر إليها الزوج( ).
• ويتعين أن تقيم الزوجة الدليل على إقامة الزوج في غير البلد التي تقيم فيها ويكون ذلك أما بالتحريات التي يجريها المحضر المختص عن محل إقامة الزوج عند إعلانه بصحيفة الدعوى أو بتقديم شهادة الجهات الرسمية المختصة إذا ما كان الزوج قد غادر البلاد إلى الخارج أو بشهادة الشهود.
(2) أن يمتد غياب الزوج سنة فأكثر
• وقد اشترط النص مضي مدة عام كامل أو أكثر على غياب الزوج لأنها المدة التي تستوحش فيها الزوجة وتتضرر فعلاً لأن الفرقة بسبب ذلك الضرر الواقع لا التضرر المتوقع فقط( ).
• والسنة التي يجوز للزوجة أن تطلب التطليق بعد أن تمضي من وقت الغيبة هي السنة الشمسية التي عدد أيامها 365 يوماً كما جاء بالمادة 23 من القانون وليست السنة الهجرية.
• ويتعين اكتمال مدة السنة قبل يوم من رفع الدعوى وليس قبل النطق بالحكم فإذا رفعت الدعوى قبل اكتمال مدة سنة على الغياب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان.
• وكثيراً ما لوحظ تداخل طلبات المدعية حيث تدعي إصابة الزوج بالعنة مثلاً وأن هذه الحالة أدت به إلى اعتدائه عليها ضرباً وسباً حيث انتهى به المطاف إلى أن غاب عنها إلى جهة غير معلومة وتنتهي المدعية إلى طلب التطليق للضرر ولقد جرى العمل لدى المحاكم على إضفاء التكييف الصحيح على طلبات المدعية وحيث تكون في هذه الحالة بطلب التطليق للغياب( ) باعتبارها الطلبات الختامية في الدعوى وما العنة أو الضرب سوى أسباب الغياب، كما قد يهجر الزوج زوجته لعدة سنوات مع إقامته في ذات البلد (المادة 6) ثم بعد ذلك يسافر إلى بلد آخر ويمكث بها لأكثر من عام (المادة 12) وفي هذه الحالة يكون الحكم في الدعوى وفقاً لطلبات المدعية وفي ضوء توافر شروط انطباق أيا من المادتين.
(3) أن تكون غيبة الزوج بلا عذر مقبول
• ويشترط في غياب الزوج عن زوجته أن يكون قد تعمد في غيابه عنه الإضرار بها وإلا فلا طلاق( ).
• ومدى مقبولية العذر ينصرف هنا إلى المحكمة وليس إلى الزوجة أو الزوج ويكون تقدير توافر الغيبة المعتمدة خاضعا لتقدير قاضي الموضوع دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً له أصله الثابت بالأوراق( ) فإذا ارتأت المحكمة أن غياب الزوج كان بغير عذر أو أن العذر الذي دفع به الدعوى لم يصل إلى الحد الذي اضطر معه الزوج إلى ترك زوجته تعاني الوحدة طلق عليه القاضي.
• أما إذا كانت غيبة الزوج بعذر فإنه لا يكون قد قصد الإضرار بالزوجة مما لا يجدر معه إجابتها إلى طلبها بالطلاق.
• ومن أمثلة الأعذار المقبولة خروج الزوج للدراسة أو التجارة بسبب انقطاع المواصلات مهما طالت غيبته( ).
• وهذا الشرط يختلف عن التطليق لضرر الإيذاء والهجر حيث لا يفرق في الأخير بين ما إذا كان الهجر بعذر أو بدون عذر وحيث العبرة فيه يتحقق وقوع الضرر فعلاً( ).
(4) أن تتضرر الزوجة من غياب الزوج عنها:
• والضرر هنا لا يعرف إلا من جهة الزوجة فتصدق في قولها به ولا تكلف إثباتا عليه ودائما يعد قيامها برفع الدعوى قرينة على تضررها( ).
• فإذا توافرت الشروط الأربعة السالفة طلقت الزوجة على الزوج حتى ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه على نفسها وأولادها منه.
الفرق بين الطلاق للهجر (م 6) والطلاق للغياب (م 12):
وعلى ذلك يتعين التنبيه إلى تفرقة جوهرية بين الطلاق لضرر الهجر الذي تحكمه المادة السادسة والطلاق لضرر الغياب الذي تحكمه المادة الثانية عشر ففي كلتا الحالتين يشترط أن يكون الهجر أو الغياب مقصودا ومعتمدا من جانب الزوج إلا أنه في حالة التطليق للهجر (م 6) لا يشترط أن يكون الهجر بغير عذر حيث يكون للزوجة الحق في الطلاق سواء كان هجر الزوج لها بعذر شرعي أو بغير عذر عكس الحال في التطليق للغياب الذي تحكمه المادة محل التعليق حيث لا يكون للمحكمة الحكم بالتطليق إذا أثبت الزوج أن غيبته عن الزوجة كانت لعذر شرعي( ).
عرض الصلح وحالات تكراره:
• ويجب على المحكمة قبل الحكم بالتطليق للغياب بالمادة 12 عرض الصلح على الطرفين كما يجب عليها تكرار عرض الصلح مرتين إذا كان للزوجين ولد وذلك إعمالاً للنص المستحدث بالمادة 18 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية( ).
إثبات شروط طلب التطليق للغياب:
• والتطليق للغياب يقع به طلقة بائنة كما هو مذهب الإمام مالك المأخوذ عنه الحكم.
• ولما كان مصدر النص المطروح هو مذهب الإمام مالك - وفق ما جاء بالمذكرة الإيضاحية فإن نصاب الشهادة عليه وفق هذا المذهب هو رجلان لا امرأة فيهما( ).
تعارض إثبات المدعية مع طلبات الدعوى:
• وتثور في العمل مشكلة اختلاف طلبات المدعية في الدعوى مع عناصر الإثبات الواقعية فيها وآية ذلك أن تطلب المدعية التطليق على الزوج للضرر إعمالاً لمقتضى المادة السادسة محل التعليق إلا أن شاهديها يشهدا بأن الزوج قد هجرها لمدة تزيد على سنة بسبب سفره إلى خارج البلاد بغير عذر وهو ما يثير شبهه توافر شروط التطليق للغياب - ومن ثم - انطباق المادة 12 من القانون وهو ما يتعارض مع طلبات المدعية في الدعوى.
• ونحن نرى أنه لما كان المقرر أن السبب في الدعاوى بطلب الطلاق هو الأساس القانوني الذي تبنى عليه الدعوى وهو أما أن يكون السجن أو المرض أو الاعتداء أو الغياب أو الزواج من أخرى وهكذا( ) باعتبار أن ذلك السبب يعد الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب (الذي هو الطلاق) وأن هذا السبب لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند الخصوم في دفاعهم( ) باعتبار أنه ولئن كان يجوز تكييف الطلبات إلا أنه لا يجوز تعديل السبب من قبل المحكمة، وعلى ذلك فإنه في مثل تلك الحالة من اختلاف أسباب طلب الطلاق الوارد بصحيفة الدعوى عن أدلة الإثبات الواقعية فيها وجب على المحكمة تبصير الخصوم بوجوب تعديل الطلبات في الدعوى بما يتفق والسبب المستفاد من الأدلة المقدمة في الدعوى عملاً بالمادة الرابعة من القانون رقم 1 لسنة 2000 وإلا وجب الحكم برفض الدعوى لاختلاف الطلب فيها (الطلاق) عن السبب الذي تستند إليه المدعية بهدف رفع الضرر الواقع عليها باعتباره يمثل موضوع الدعوى المطروحة على المحكمة.
إذا غاب الزوج سنة فأكثر بلا عذر مقبول جاز لزوجته أن تطلب إلى القاضي تطليقها بائناً إذا تضررت من بعده عنها ولو كان له مال يستطيع الإنفاق منه.
المذكرة الإيضاحية
قد يغيب الزوج عن زوجته مدة طويلة بلا عذر مقبول كطلب العلم أو التجارة أو لانقطاع المواصلات ثم هو لا يحمل زوجته إليه ولا هو يطلقها لتتخذ لها زوجا غيره ومقام الزوجة على هذا الحال زمنا طويلاً مع محافظتها على العفة والشرف أمر لا تحتمله الطبيعة في الأعم الأغلب وأن ترك لها الزوج ما تستطيع الإنفاق منه.
وليس في أحكام مذهب أبي حنيفة ما تعالج به هذه الحالة ومعالجتها واجب اجتماعي محتم. ومذهب الإمام مالك يجيز التطليق على الغائب الذي يترك لزوجته ما تنفق منه على نفسها إذا طالت غيبته سنة فأكثر وتضررت الزوجة من بعده عنها بعد أن يضرب له ويعذر إليه بأنه أما أن يحضر للإقامة معها أو ينقلها إليه أو يطلقها عليه القاضي هذا إذا أمكن وصول الرسائل إليه وإلا فيطلق القاضي عليه بلا ضرب أجل ولا أعذار.
وواضح أن المراد بغيبة الزوج هنا غيبته عنها بالإقامة في بلد آخر غير بلد الزوجة أما الغيبة عن بيت الزوجة مع الإقامة في بلد واحد فهي من الأحوال التي يتناولها التطليق للضرر.
سند وجوب النص
• ويستند النص المطروح شرعاً إلى قوله تعالى وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ
وقوله "لا ضرر ولا ضرار".
التعليـق
• الأصل في الزواج أن يكون كل من الزوجين أنسا لصاحبه وسكنا يطمئن إليه في نعماء الحياة وبؤسها والإنسان بوجه عام والمرأة على الخصوص تستوحش الوحدة وتتضرر منها ومن هنا أعطى القانون للزوجة الحق في طلب التطليق على الزوج إذا غاب عنها ولو كان له من الأموال ما تستطيع أن تنفق منها.
• ومصدر النص المطروح هو مذهب الإمام مالك.
الدخول بالزوجة كشرط لطلب التطليق للغياب
• ونحن نرى أنه يتعين أن تكون الزوجة مدخولا بها حتى يكون لها طلب التطليق للغياب المحكوم بالمادتين 12 و13 فلا يكفي مجرد العقد دون الدخول لإعطاء الزوجة الحق في طلب التطليق للغياب إذ يمثل الأمر في تلك الحالة الأخيرة إحدى صور الإيذاء التي تلحق بالزوجة من تركها معلقة بغير دخول والتي تدخل ضمن صور الضرر التي تحكمها المادة السادسة من القانون.
شروط طلب التطليق للغياب
• والتطليق لغياب الزوج كما أورده النص يتعين أن تتوافر له أربعة شروط هي:
(1) أن يغيب الزوج عن زوجته في بلد آخر غير الذي تقيم فيه
• والمقصود بالغيبة هنا ترك الزوج لزوجته والسفر إلى بلد آخر غير الذي تقيم فيه لأنه إذا ترك بيت الزوجية وظل مقيما في ذات البلد التي تقيم الزوجة بها دون أن يعايشها اعتبر ذلك هجرا منه وليس غيابا تحكمه المادة السادسة لا المادة الثانية عشر( )، وتقوم المحكمة بإضفاء التكيف الصحيح على الدعوى وتحديد ما إذا كانت تستند في طلب التطليق للهجر أم للغياب( ).
• ومفهوم البلد الواحد في هذا المقام لا يقصد به الدول أي لا يشترط أن يغادر الزوج الدولة التي تقيم بها الزوجة إلى دولة غيرها وإنما يتحدد المفهوم في ضوء تعريف الموطن كما جاء بالمواد 40 و42 و43 من القانون المدني إعمالاً للمادة 15 من القانون رقم 1 لسنة 2000 وهو ما يعني وجوب قيام الزوج بترك محل إقامة الزوجة إلى بلد آخر ليس لها فيه محلاً للإقامة ومن أمثلة ذلك أن يكون محل إقامة الزوجة في أحد المراكز التابعة لإحدى المحافظات فيتركها وينتقل للإقامة في قريته التابعة لذلك المركز وهكذا.
• ولا يغير من اعتبار الزوج غائباً قصر المسافة فيما بين البلد التي تقيم فيها الزوجة والبلد التي سافر إليها الزوج( ).
• ويتعين أن تقيم الزوجة الدليل على إقامة الزوج في غير البلد التي تقيم فيها ويكون ذلك أما بالتحريات التي يجريها المحضر المختص عن محل إقامة الزوج عند إعلانه بصحيفة الدعوى أو بتقديم شهادة الجهات الرسمية المختصة إذا ما كان الزوج قد غادر البلاد إلى الخارج أو بشهادة الشهود.
(2) أن يمتد غياب الزوج سنة فأكثر
• وقد اشترط النص مضي مدة عام كامل أو أكثر على غياب الزوج لأنها المدة التي تستوحش فيها الزوجة وتتضرر فعلاً لأن الفرقة بسبب ذلك الضرر الواقع لا التضرر المتوقع فقط( ).
• والسنة التي يجوز للزوجة أن تطلب التطليق بعد أن تمضي من وقت الغيبة هي السنة الشمسية التي عدد أيامها 365 يوماً كما جاء بالمادة 23 من القانون وليست السنة الهجرية.
• ويتعين اكتمال مدة السنة قبل يوم من رفع الدعوى وليس قبل النطق بالحكم فإذا رفعت الدعوى قبل اكتمال مدة سنة على الغياب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان.
• وكثيراً ما لوحظ تداخل طلبات المدعية حيث تدعي إصابة الزوج بالعنة مثلاً وأن هذه الحالة أدت به إلى اعتدائه عليها ضرباً وسباً حيث انتهى به المطاف إلى أن غاب عنها إلى جهة غير معلومة وتنتهي المدعية إلى طلب التطليق للضرر ولقد جرى العمل لدى المحاكم على إضفاء التكييف الصحيح على طلبات المدعية وحيث تكون في هذه الحالة بطلب التطليق للغياب( ) باعتبارها الطلبات الختامية في الدعوى وما العنة أو الضرب سوى أسباب الغياب، كما قد يهجر الزوج زوجته لعدة سنوات مع إقامته في ذات البلد (المادة 6) ثم بعد ذلك يسافر إلى بلد آخر ويمكث بها لأكثر من عام (المادة 12) وفي هذه الحالة يكون الحكم في الدعوى وفقاً لطلبات المدعية وفي ضوء توافر شروط انطباق أيا من المادتين.
(3) أن تكون غيبة الزوج بلا عذر مقبول
• ويشترط في غياب الزوج عن زوجته أن يكون قد تعمد في غيابه عنه الإضرار بها وإلا فلا طلاق( ).
• ومدى مقبولية العذر ينصرف هنا إلى المحكمة وليس إلى الزوجة أو الزوج ويكون تقدير توافر الغيبة المعتمدة خاضعا لتقدير قاضي الموضوع دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً له أصله الثابت بالأوراق( ) فإذا ارتأت المحكمة أن غياب الزوج كان بغير عذر أو أن العذر الذي دفع به الدعوى لم يصل إلى الحد الذي اضطر معه الزوج إلى ترك زوجته تعاني الوحدة طلق عليه القاضي.
• أما إذا كانت غيبة الزوج بعذر فإنه لا يكون قد قصد الإضرار بالزوجة مما لا يجدر معه إجابتها إلى طلبها بالطلاق.
• ومن أمثلة الأعذار المقبولة خروج الزوج للدراسة أو التجارة بسبب انقطاع المواصلات مهما طالت غيبته( ).
• وهذا الشرط يختلف عن التطليق لضرر الإيذاء والهجر حيث لا يفرق في الأخير بين ما إذا كان الهجر بعذر أو بدون عذر وحيث العبرة فيه يتحقق وقوع الضرر فعلاً( ).
(4) أن تتضرر الزوجة من غياب الزوج عنها:
• والضرر هنا لا يعرف إلا من جهة الزوجة فتصدق في قولها به ولا تكلف إثباتا عليه ودائما يعد قيامها برفع الدعوى قرينة على تضررها( ).
• فإذا توافرت الشروط الأربعة السالفة طلقت الزوجة على الزوج حتى ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه على نفسها وأولادها منه.
الفرق بين الطلاق للهجر (م 6) والطلاق للغياب (م 12):
وعلى ذلك يتعين التنبيه إلى تفرقة جوهرية بين الطلاق لضرر الهجر الذي تحكمه المادة السادسة والطلاق لضرر الغياب الذي تحكمه المادة الثانية عشر ففي كلتا الحالتين يشترط أن يكون الهجر أو الغياب مقصودا ومعتمدا من جانب الزوج إلا أنه في حالة التطليق للهجر (م 6) لا يشترط أن يكون الهجر بغير عذر حيث يكون للزوجة الحق في الطلاق سواء كان هجر الزوج لها بعذر شرعي أو بغير عذر عكس الحال في التطليق للغياب الذي تحكمه المادة محل التعليق حيث لا يكون للمحكمة الحكم بالتطليق إذا أثبت الزوج أن غيبته عن الزوجة كانت لعذر شرعي( ).
عرض الصلح وحالات تكراره:
• ويجب على المحكمة قبل الحكم بالتطليق للغياب بالمادة 12 عرض الصلح على الطرفين كما يجب عليها تكرار عرض الصلح مرتين إذا كان للزوجين ولد وذلك إعمالاً للنص المستحدث بالمادة 18 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية( ).
إثبات شروط طلب التطليق للغياب:
• والتطليق للغياب يقع به طلقة بائنة كما هو مذهب الإمام مالك المأخوذ عنه الحكم.
• ولما كان مصدر النص المطروح هو مذهب الإمام مالك - وفق ما جاء بالمذكرة الإيضاحية فإن نصاب الشهادة عليه وفق هذا المذهب هو رجلان لا امرأة فيهما( ).
تعارض إثبات المدعية مع طلبات الدعوى:
• وتثور في العمل مشكلة اختلاف طلبات المدعية في الدعوى مع عناصر الإثبات الواقعية فيها وآية ذلك أن تطلب المدعية التطليق على الزوج للضرر إعمالاً لمقتضى المادة السادسة محل التعليق إلا أن شاهديها يشهدا بأن الزوج قد هجرها لمدة تزيد على سنة بسبب سفره إلى خارج البلاد بغير عذر وهو ما يثير شبهه توافر شروط التطليق للغياب - ومن ثم - انطباق المادة 12 من القانون وهو ما يتعارض مع طلبات المدعية في الدعوى.
• ونحن نرى أنه لما كان المقرر أن السبب في الدعاوى بطلب الطلاق هو الأساس القانوني الذي تبنى عليه الدعوى وهو أما أن يكون السجن أو المرض أو الاعتداء أو الغياب أو الزواج من أخرى وهكذا( ) باعتبار أن ذلك السبب يعد الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب (الذي هو الطلاق) وأن هذا السبب لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند الخصوم في دفاعهم( ) باعتبار أنه ولئن كان يجوز تكييف الطلبات إلا أنه لا يجوز تعديل السبب من قبل المحكمة، وعلى ذلك فإنه في مثل تلك الحالة من اختلاف أسباب طلب الطلاق الوارد بصحيفة الدعوى عن أدلة الإثبات الواقعية فيها وجب على المحكمة تبصير الخصوم بوجوب تعديل الطلبات في الدعوى بما يتفق والسبب المستفاد من الأدلة المقدمة في الدعوى عملاً بالمادة الرابعة من القانون رقم 1 لسنة 2000 وإلا وجب الحكم برفض الدعوى لاختلاف الطلب فيها (الطلاق) عن السبب الذي تستند إليه المدعية بهدف رفع الضرر الواقع عليها باعتباره يمثل موضوع الدعوى المطروحة على المحكمة.