صور ثبوت النسب
أولاً : المطلقة
1- قبل الدخول :
والمطلقة قبل الدخول يكون طلاقها بائنا ، فلا يقع طلاقها رجعيا ، ومن ثم فلا عدة لها ، ويكون النسب ثابتا إذا أتت بالولد لستة أشهر من تاريخ العقد ، لأنها لو أتت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ عقد الزواج ، كان ذلك دلالة واضحة علي أنها حملت به قبل أن تكون فراشا لزوجها ، كما يثبت نسب الولد أيضا إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ الطلاق ، لأنها إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر من تاريخ الطلاق دل ذلك علي احتمال حملها من غير الزوج .
2- بعد الدخول :
والطلاق بعد الدخول إما يكون رجعيا ، أو بائنا :
أ- المطلقة رجعياً : العبرة في ثبوت النسب في هذه الحالة بإقرار المطلقة رجعيا بانقضاء عدتها بعد المدة المقررة لاحتمال انقضاء العدة وأقل هذه المدة هي ستون يوما (1 ).
فإذا جاءت بولد لستة أشهر في أكثر من تاريخ إقرارها ، لا يثبت نسبة الولد إلي مطلقها ، لاحتمال وقوع الحمل بعد فترة العدة .
أما إذا ولدت قبل انقضاء ستة أشهر (أقل من ستة أشهر ) ، ثبت نسبه إلي مطلقها وتكون كاذبة في إقراراها .
أما إذا لم تقر بانقضاء العدة ، فيثبت نسب ولدها من المطلق ، ولو جاءت به بعد سنتين أو أكثر من الطلاق ، فإذا أتت به لأقل من السنتين ، فيعتبر حملها قد حدث أثناء قيام الزوجية ، أما إذا أتت به لسنتين أو أكثر ، فيعتبر أن الحمل قد حدث في العدة ، وفي فترة العدة يجوز للزوج مباشرتها .
ب- المطلقة بائنا : ويوجد بشأنها حالتين :
الأولي : إذا أقرت بانقضاء عدتها .
فالعبرة في ثبوت النسب في هذه الحالة بإقرار المطلقة بائنا بانقضاء عدتها بعد المدة المقررة لاحتمال انقضاء العدة وأقل هذه المدة هي ستون يوما ، كما سبق الإشارة
فإذا جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من تاريخ إقراراها ، وأيضا أقل من سنتين من تاريخ افتراقها عن زوجها ، فإن نسب الولد يثبت لمطلقها ، وذلك للتأكد والتيقن من أن الحمل قد حدث قبل انقضاء العدة وليس بعدها ، وتكون كاذبة في إقرارها ، أما إذا أتت بولدها لستة أشهر فأكثر من تاريخ إقرارها ، فلا يثبت نسبه إلي مطلقها لاحتمالية حدوث الحمل بعد انقضاء عدتها ، كما إن هذا الاحتمال يقوي بإقرار المرأة بانقضاء العدة .
وكذلك الحال إذا أتت بولدها لسنتين فأكثر من وقت افتراقها عن زوجها ، فلا يثبت نسب ولدها إلي المطلق أيضا ، لحدوث الحمل بعد الفرقة .
الثانية : إذا لم تقر المطلقة بائنا بانقضاء العدة .
وفي هذه الحالة إذا أتت به لأقل من سنتين من تاريخ فرقتها مع زوجها ، فيثبت نسب ولدها إلي المطلق ، وذلك لاحتمال وجود الحمل وقت الطلاق ، فلا يقين بزوال الفراش ، فيثبت النسب علي وجه الاحتياط .
أما إذا أتت المطلقة بائنا بولدها لسنتين فأكثر ، فثمة فرضين لهذه الحالة ، الأول : إذا لم يدعي المطلق نسب الولد إليه ، فلا يثبت نسبه إليه ، لوجود يقين بحدوث الحمل بعد الفرقة بينهما . أما الفرض الثاني : وهو إذا ادعي المطلق نسب الولد إليه ، فينسب إليه .
نسب من توفي عنها زوجها :
إذا لم تقر بانقضاء العدة ، وادعت الحمل ، فيثبت نسب ولدها إذا جاءت به لأقل من سنتين من تاريخ وفاة زوجها ، وذلك لاحتمال حدوث الحمل قبل وفاة الزوج ، ولقيام الفراش حتي حملها . وهذان السببان كافيان لثبوت النسب في الحالة الماثلة .
أما إذا جاءت بالولد لسنتين فأكثر ، فلا يثبت نسبه إلي الزوج للتيقن من حدوث الحمل بعد وفاة الزوج .
وفي حالة إقراراها بانقضاء العدة ، بمضي أربعة اشهر وعشرة أيام ، ثم جاءت بولدها لأقل من ستة أشهر من تاريخ انقضاء عدتها وفق إقرارها ، ففي هذه الحالة يثبت النسب للتيقن من قيام الحمل وقت الإقرار بانتهاء العدة ، وتكون كاذبة في إقرارها .
أما إذا جاءت بولدها لستة أشهر فأكثر من تاريخ إقرارها ، فلا يثبت نسبه إلي زوجها المتوفي ، لاحتمال حدوث الحمل من غير الزوج بعد انقضاء العدة ، وهو احتمال قوي بإقرارها بانتهاء عدتها .
نسب ولد الآيسة :
إذا كانت معتدة من طلاق ، ولم تقر بانقضاء عدتها ، وولدت بعد طلاقها الرجعي أو البائن ، فيكون حكمها مماثل لحكم ذوات الحيض ، لأنها بولادتها لا تكون آيسة ، بل تكون من ذوات الحيض .
وبناء علي ما سبق ، فإذا كان طلاقها بائنا وجاءت بولدها لأقل من سنتين من تاريخ هذا الطلاق البائن ، فيثبت نسب ولدها من مطلقها . أما إذا ولدته لأكثر من سنتين فلا يثبت نسبه .
أما إذا كان طلاقها رجعيا فيثبت النسب ولو جاءت بالولد لأكثر من سنتين .
أما في حالة إقرارها بانقضاء عدتها بصورة مطلقة (أي غير مفسرة بالأشهر ) علي أن يكون إقرارها في مدة يتصور انقضاء العدة فيها بثلاثة أقراء ، وجاءت بولدها لأقل من ستة أشهر من تاريخ إقرارها بانتهاء العدة ، فيثبت نسب ولدها لمطلقها ، وتكون كاذبة في إقرارها وظهر كذبها بيقين ، فقد ثبت أن العلوق كان قبل الإقرار ، بدلالة حصول الولادة قبل مضي اقل مدة للحمل من تاريخ إقرارها بانتهاء العدة .
أما في حالة إذا ما جاءت بولدها لستة أشهر فأكثر من تاريخ إقرارها بانتهاء عدتها ، فلا يثبت نسب ولدها من مطلقها ، وذلك لأنها أقرت بانتهاء عدتها مطلقا دون تفسير بالشهور ، فيحمل إقراراها في هذه الحالة علي انقضاء العدة بالحيض باعتبار أن ذلك هو الأصل ، ومتي حدثت الولادة لستة أشهر فأكثر من تاريخ إقرارها ، فيؤخذ كلامها علي اعتبار أن العلوق كان من غير المطلق بعد انقضاء عدتها ، ولم يظهر كذبها في إقرارها بيقين .
كما يجب أيضا ليثبت نسب ولدها في هذه الحالة ، أن تكون قد جاءت به لأقل من سنتين في الطلاق البائن ، ومنذ أن صارت بائنا .
ما سبق إذا كانت قد أقرت بانقضاء عدتها مطلقا (أي دون تفسير بالأشهر ) ، أما إذا أقرت بانقضاء عدتها بالأشهر ، فقد اختلف الفقهاء في شأنها ، فمنهم من ساوي في الحكم بين هذه الحالة وحالة عدم الإقرار بالعدة ، ومنهم من يري أن تأخذ حكم الإقرار بانقضاء العدة مطلقا .
أما الحالة التي تكون فيها الآيسة معتدة من وفاة ، فتكون مثل ذوات الحيض ، لأن العدة بالنسبة لكل منهما تكون بالأشهر (أربعة أشهر وعشرة ) ، اللهم إلا إذا كانت حاملا ، فعدتها أن تضع حملها .
نسب الصغيرة المتوفي عنها زوجها :
في حالة إقرارها بالحمل ، ثبت نسب ولدها من زوجها المتوفي لسنتين .
وفي حالة إقرارها بانقضاء عدتها بمرور أربعة أشهر وعشرا ، ثم ولدت لأقل من ستة اشهر من تاريخ إقرارها بنهاية العدة ، فيثبت نسب ولدها من زوجها المتوفي ، لوجود يقين بحدوث الحمل وقت الإقرار ، وتكون كاذبة في إقرارها .
أما إذا لم تدع الحمل ، ولم تقر بانتهاء عدتها ، فيري الإمام أبو حنيفة أنه إذا أتت بولدها لأقل من عشرة أشهر وعشرة أيام ، من تاريخ وفاة زوجها ، ثبت نسبه إلي زوجها المتوفي وذلك للتيقن من وجوده قبل انقضاء عدة الوفاة ، أما إذا جاءت به لهذه المدة فأكثر ، فلا يثبت نسبه . وذا هو رأي الإمام محمد بن الحسن الشيباني أيضا .
في حين يري الإمام أبو يوسف أن الصغيرة المتوفي عنها زوجها ، إذا جاءت بولدها لأقل من سنتين من تاريخ وفاة زوجها ، يثبت نسبه ، أما إذا جاءت به لسنتين فأكثر ، فلا يثبت نسبه إلي المتوفي ، حيث اعتبر سكوتها إقرارا بالحمل .
نسب الصغيرة المطلقة :
في هذا الصدد نفرق بين حالتين :
الأولي : إذا كان طلاقها قبل الدخول.
في هذه الحالة يثبت نسب وليدها ، إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ طلاقها ، وذلك لتيقن حدوث الحمل قبل الطلاق ، ولأن الدخول ليس شرطا لثبوت النسب عند الحنفية .
أما إذا جاءت بالولد لستة أشهر فأكثر ، فلا يثبت نسب ولدها إلي مطلقها لعدم وجود عدة لها .
الثانية : إذا كان الطلاق بعد الدخول .
1- إذا لم تقر بانقضاء عدتها : في هذه الحالة إذا لم تدع بوقوع الحمل ، فيثبت النسب إذا جاءت بولدها لأقل من تسعة أشهر من تاريخ الطلاق الرجعي أو البائن ، وهذا هو رأي الإمام أبي حنيفة والإمام محمد بن الحسن رحمهما الله .
أما الأمام أبو يوسف فيري أن النسب لا يثبت إلا إذا أتت به لسنتين بالنسبة للطلاق البائن ، وسبع وعشرون شهرا بالنسبة للطلاق الرجعي .
2- إذا أقرت بانقضاء عدتها(بعد ثلاثة أشهر) : في هذه الحالة يثبت نسب الولد إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ إقرارها ، ولأقل من تسعة أشهر من تاريخ من تاريخ طلاقها .
ولا يثبت نسبه إذا جاءت به لستة أشهر فأكثر من تاريخ الإقرار و لتسعة أشهر فأكثر من تاريخ الطلاق .
ثبوت النسب بالزواج الفاسد .
المقرر أن الزواج الفاسد يثبت به النسب إحياءً للولد ، ويعتبر الزواج فاسدا إذا تخلف شرطا من شروط صحته ، والراجح في المذهب الحنفي أن المرأة لا تكون فراشا بموجب عقد الزواج الفاسد ومن ثم يلزم فيه الدخول الحقيقي لثبوت النسب ، وثمة شروط يجب توافرها لثبوت النسب في الزواج الفاسد ، وهذه الشروط هي :
1- وجود عقد الزواج الفاسد ، أي الذي فقد أحد شروط صحته مثل الإشهاد أو غير ذلك .
2- أن يتم الدخول الحقيقي بناء علي هذا العقد ، فلا يكفي إمكانية الوطء ، بل يجب أن يحدث دخول فعلا .
3- أن تأتي الزوجة بالولد لستة أشهر فأكثر من وقت الدخول ، وفي مدة لا تزيد علي سنتين من تاريخ الترك .
وفي هذا الشأن أفتت دار الإفتاء المصرية بأن " ... المقرر فى فقه الحنفية أيضا أنه إذا خلا عقد الزواج من شهادة الشاهدين يكون عقدا فاسدا لفقده شرطا من شروط الصحة وهو شهادة الشاهدين ويكون دخول الرجل بالمرأة بناء على هذا العقد معصية وحكم الزواج الفاسد أنه لا يحل للرجل فيه الدخول بالمرأة ولا يترتب على هذا العقد شىء من آثار الزوجية فإن دخل الرجل بالمرأة بناء على هذا العقد الفاسد كان ذلك معصية ووجب تعزيرهما والتفريق بينهما ويترتب على الدخول الآثار الآتية :
1- يدرا حد الزنا عنهما لوجود الشبهة .
2- إن كان قد سمى مهر كان الواجب الأقل من المسمى ومهر المثل .
3- تثبت بالدخول حرمة المصاهرة .
4- تجب فيه العدة على المرأة وابتداؤها من وقت مفارقة الزوجين أو أحدهما للآخر أن تفرقا باختيارهما ومن وقت تفريق القاضى بينهما إن لم يتفرقا اختيارا وتعتد المرأة لهذه الفرقة عدة طلاق حتى فى حالة وفاة الرجل .
5- يثبت به نسب الولد من الرجل إذا حصل حمل من ذلك الدخول وذلك للاحتياط فى إحياء الولد وعدم تضييعه .
ولا يثبت شىء من هذه الأحكام إلا بالدخول الحقيقى فالخلوة ولو كانت صحيحة لا يترتب عليها شىء من هذه الأحكام أما غير ذلك من أحكام الزوجية فلا يثبت فى الزواج الفاسد ....." .
(فتوي فضيلة الشيخ أحمد هريدى رحمه الله ، بتاريخ 3 جمادى الأولى سنة 1385هـ)
____________________________
(1) الطعن رقم 754 لسنة 79 ق أحوال شخصيه جلسة 14/5/2005 .
- عدة المرأة تحسب علي الوجه التالي :
1- إذا كانت المرأة من ذوات الحيض ، فعدتها أن تري الحيض ثلاث مرات كوامل ، واقل مدة تصدق فيها المرأة بأنها رأت الحيض ثلاث مرات كوامل هي ستون يوما وهو ما عليه الفتوي .
2- إذا كانت المرأة من غير ذوات الحيض ، بأن كانت صغيرة ، أو كبيرة بلغت سن اليأس ، فعدتها ثلاثة أشهر من تاريخ طلاقها أو فرقتها .
3- أما إذا كانت المرأة قد توفي عنها زوجها ، فعدتها أربعة أشهر وعشرة من تاريخ الوفاة .
4- أما إذا كانت حاملا فعدتها أن تضع حمل
أولاً : المطلقة
1- قبل الدخول :
والمطلقة قبل الدخول يكون طلاقها بائنا ، فلا يقع طلاقها رجعيا ، ومن ثم فلا عدة لها ، ويكون النسب ثابتا إذا أتت بالولد لستة أشهر من تاريخ العقد ، لأنها لو أتت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ عقد الزواج ، كان ذلك دلالة واضحة علي أنها حملت به قبل أن تكون فراشا لزوجها ، كما يثبت نسب الولد أيضا إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ الطلاق ، لأنها إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر من تاريخ الطلاق دل ذلك علي احتمال حملها من غير الزوج .
2- بعد الدخول :
والطلاق بعد الدخول إما يكون رجعيا ، أو بائنا :
أ- المطلقة رجعياً : العبرة في ثبوت النسب في هذه الحالة بإقرار المطلقة رجعيا بانقضاء عدتها بعد المدة المقررة لاحتمال انقضاء العدة وأقل هذه المدة هي ستون يوما (1 ).
فإذا جاءت بولد لستة أشهر في أكثر من تاريخ إقرارها ، لا يثبت نسبة الولد إلي مطلقها ، لاحتمال وقوع الحمل بعد فترة العدة .
أما إذا ولدت قبل انقضاء ستة أشهر (أقل من ستة أشهر ) ، ثبت نسبه إلي مطلقها وتكون كاذبة في إقراراها .
أما إذا لم تقر بانقضاء العدة ، فيثبت نسب ولدها من المطلق ، ولو جاءت به بعد سنتين أو أكثر من الطلاق ، فإذا أتت به لأقل من السنتين ، فيعتبر حملها قد حدث أثناء قيام الزوجية ، أما إذا أتت به لسنتين أو أكثر ، فيعتبر أن الحمل قد حدث في العدة ، وفي فترة العدة يجوز للزوج مباشرتها .
ب- المطلقة بائنا : ويوجد بشأنها حالتين :
الأولي : إذا أقرت بانقضاء عدتها .
فالعبرة في ثبوت النسب في هذه الحالة بإقرار المطلقة بائنا بانقضاء عدتها بعد المدة المقررة لاحتمال انقضاء العدة وأقل هذه المدة هي ستون يوما ، كما سبق الإشارة
فإذا جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من تاريخ إقراراها ، وأيضا أقل من سنتين من تاريخ افتراقها عن زوجها ، فإن نسب الولد يثبت لمطلقها ، وذلك للتأكد والتيقن من أن الحمل قد حدث قبل انقضاء العدة وليس بعدها ، وتكون كاذبة في إقرارها ، أما إذا أتت بولدها لستة أشهر فأكثر من تاريخ إقرارها ، فلا يثبت نسبه إلي مطلقها لاحتمالية حدوث الحمل بعد انقضاء عدتها ، كما إن هذا الاحتمال يقوي بإقرار المرأة بانقضاء العدة .
وكذلك الحال إذا أتت بولدها لسنتين فأكثر من وقت افتراقها عن زوجها ، فلا يثبت نسب ولدها إلي المطلق أيضا ، لحدوث الحمل بعد الفرقة .
الثانية : إذا لم تقر المطلقة بائنا بانقضاء العدة .
وفي هذه الحالة إذا أتت به لأقل من سنتين من تاريخ فرقتها مع زوجها ، فيثبت نسب ولدها إلي المطلق ، وذلك لاحتمال وجود الحمل وقت الطلاق ، فلا يقين بزوال الفراش ، فيثبت النسب علي وجه الاحتياط .
أما إذا أتت المطلقة بائنا بولدها لسنتين فأكثر ، فثمة فرضين لهذه الحالة ، الأول : إذا لم يدعي المطلق نسب الولد إليه ، فلا يثبت نسبه إليه ، لوجود يقين بحدوث الحمل بعد الفرقة بينهما . أما الفرض الثاني : وهو إذا ادعي المطلق نسب الولد إليه ، فينسب إليه .
نسب من توفي عنها زوجها :
إذا لم تقر بانقضاء العدة ، وادعت الحمل ، فيثبت نسب ولدها إذا جاءت به لأقل من سنتين من تاريخ وفاة زوجها ، وذلك لاحتمال حدوث الحمل قبل وفاة الزوج ، ولقيام الفراش حتي حملها . وهذان السببان كافيان لثبوت النسب في الحالة الماثلة .
أما إذا جاءت بالولد لسنتين فأكثر ، فلا يثبت نسبه إلي الزوج للتيقن من حدوث الحمل بعد وفاة الزوج .
وفي حالة إقراراها بانقضاء العدة ، بمضي أربعة اشهر وعشرة أيام ، ثم جاءت بولدها لأقل من ستة أشهر من تاريخ انقضاء عدتها وفق إقرارها ، ففي هذه الحالة يثبت النسب للتيقن من قيام الحمل وقت الإقرار بانتهاء العدة ، وتكون كاذبة في إقرارها .
أما إذا جاءت بولدها لستة أشهر فأكثر من تاريخ إقرارها ، فلا يثبت نسبه إلي زوجها المتوفي ، لاحتمال حدوث الحمل من غير الزوج بعد انقضاء العدة ، وهو احتمال قوي بإقرارها بانتهاء عدتها .
نسب ولد الآيسة :
إذا كانت معتدة من طلاق ، ولم تقر بانقضاء عدتها ، وولدت بعد طلاقها الرجعي أو البائن ، فيكون حكمها مماثل لحكم ذوات الحيض ، لأنها بولادتها لا تكون آيسة ، بل تكون من ذوات الحيض .
وبناء علي ما سبق ، فإذا كان طلاقها بائنا وجاءت بولدها لأقل من سنتين من تاريخ هذا الطلاق البائن ، فيثبت نسب ولدها من مطلقها . أما إذا ولدته لأكثر من سنتين فلا يثبت نسبه .
أما إذا كان طلاقها رجعيا فيثبت النسب ولو جاءت بالولد لأكثر من سنتين .
أما في حالة إقرارها بانقضاء عدتها بصورة مطلقة (أي غير مفسرة بالأشهر ) علي أن يكون إقرارها في مدة يتصور انقضاء العدة فيها بثلاثة أقراء ، وجاءت بولدها لأقل من ستة أشهر من تاريخ إقرارها بانتهاء العدة ، فيثبت نسب ولدها لمطلقها ، وتكون كاذبة في إقرارها وظهر كذبها بيقين ، فقد ثبت أن العلوق كان قبل الإقرار ، بدلالة حصول الولادة قبل مضي اقل مدة للحمل من تاريخ إقرارها بانتهاء العدة .
أما في حالة إذا ما جاءت بولدها لستة أشهر فأكثر من تاريخ إقرارها بانتهاء عدتها ، فلا يثبت نسب ولدها من مطلقها ، وذلك لأنها أقرت بانتهاء عدتها مطلقا دون تفسير بالشهور ، فيحمل إقراراها في هذه الحالة علي انقضاء العدة بالحيض باعتبار أن ذلك هو الأصل ، ومتي حدثت الولادة لستة أشهر فأكثر من تاريخ إقرارها ، فيؤخذ كلامها علي اعتبار أن العلوق كان من غير المطلق بعد انقضاء عدتها ، ولم يظهر كذبها في إقرارها بيقين .
كما يجب أيضا ليثبت نسب ولدها في هذه الحالة ، أن تكون قد جاءت به لأقل من سنتين في الطلاق البائن ، ومنذ أن صارت بائنا .
ما سبق إذا كانت قد أقرت بانقضاء عدتها مطلقا (أي دون تفسير بالأشهر ) ، أما إذا أقرت بانقضاء عدتها بالأشهر ، فقد اختلف الفقهاء في شأنها ، فمنهم من ساوي في الحكم بين هذه الحالة وحالة عدم الإقرار بالعدة ، ومنهم من يري أن تأخذ حكم الإقرار بانقضاء العدة مطلقا .
أما الحالة التي تكون فيها الآيسة معتدة من وفاة ، فتكون مثل ذوات الحيض ، لأن العدة بالنسبة لكل منهما تكون بالأشهر (أربعة أشهر وعشرة ) ، اللهم إلا إذا كانت حاملا ، فعدتها أن تضع حملها .
نسب الصغيرة المتوفي عنها زوجها :
في حالة إقرارها بالحمل ، ثبت نسب ولدها من زوجها المتوفي لسنتين .
وفي حالة إقرارها بانقضاء عدتها بمرور أربعة أشهر وعشرا ، ثم ولدت لأقل من ستة اشهر من تاريخ إقرارها بنهاية العدة ، فيثبت نسب ولدها من زوجها المتوفي ، لوجود يقين بحدوث الحمل وقت الإقرار ، وتكون كاذبة في إقرارها .
أما إذا لم تدع الحمل ، ولم تقر بانتهاء عدتها ، فيري الإمام أبو حنيفة أنه إذا أتت بولدها لأقل من عشرة أشهر وعشرة أيام ، من تاريخ وفاة زوجها ، ثبت نسبه إلي زوجها المتوفي وذلك للتيقن من وجوده قبل انقضاء عدة الوفاة ، أما إذا جاءت به لهذه المدة فأكثر ، فلا يثبت نسبه . وذا هو رأي الإمام محمد بن الحسن الشيباني أيضا .
في حين يري الإمام أبو يوسف أن الصغيرة المتوفي عنها زوجها ، إذا جاءت بولدها لأقل من سنتين من تاريخ وفاة زوجها ، يثبت نسبه ، أما إذا جاءت به لسنتين فأكثر ، فلا يثبت نسبه إلي المتوفي ، حيث اعتبر سكوتها إقرارا بالحمل .
نسب الصغيرة المطلقة :
في هذا الصدد نفرق بين حالتين :
الأولي : إذا كان طلاقها قبل الدخول.
في هذه الحالة يثبت نسب وليدها ، إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ طلاقها ، وذلك لتيقن حدوث الحمل قبل الطلاق ، ولأن الدخول ليس شرطا لثبوت النسب عند الحنفية .
أما إذا جاءت بالولد لستة أشهر فأكثر ، فلا يثبت نسب ولدها إلي مطلقها لعدم وجود عدة لها .
الثانية : إذا كان الطلاق بعد الدخول .
1- إذا لم تقر بانقضاء عدتها : في هذه الحالة إذا لم تدع بوقوع الحمل ، فيثبت النسب إذا جاءت بولدها لأقل من تسعة أشهر من تاريخ الطلاق الرجعي أو البائن ، وهذا هو رأي الإمام أبي حنيفة والإمام محمد بن الحسن رحمهما الله .
أما الأمام أبو يوسف فيري أن النسب لا يثبت إلا إذا أتت به لسنتين بالنسبة للطلاق البائن ، وسبع وعشرون شهرا بالنسبة للطلاق الرجعي .
2- إذا أقرت بانقضاء عدتها(بعد ثلاثة أشهر) : في هذه الحالة يثبت نسب الولد إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ إقرارها ، ولأقل من تسعة أشهر من تاريخ من تاريخ طلاقها .
ولا يثبت نسبه إذا جاءت به لستة أشهر فأكثر من تاريخ الإقرار و لتسعة أشهر فأكثر من تاريخ الطلاق .
ثبوت النسب بالزواج الفاسد .
المقرر أن الزواج الفاسد يثبت به النسب إحياءً للولد ، ويعتبر الزواج فاسدا إذا تخلف شرطا من شروط صحته ، والراجح في المذهب الحنفي أن المرأة لا تكون فراشا بموجب عقد الزواج الفاسد ومن ثم يلزم فيه الدخول الحقيقي لثبوت النسب ، وثمة شروط يجب توافرها لثبوت النسب في الزواج الفاسد ، وهذه الشروط هي :
1- وجود عقد الزواج الفاسد ، أي الذي فقد أحد شروط صحته مثل الإشهاد أو غير ذلك .
2- أن يتم الدخول الحقيقي بناء علي هذا العقد ، فلا يكفي إمكانية الوطء ، بل يجب أن يحدث دخول فعلا .
3- أن تأتي الزوجة بالولد لستة أشهر فأكثر من وقت الدخول ، وفي مدة لا تزيد علي سنتين من تاريخ الترك .
وفي هذا الشأن أفتت دار الإفتاء المصرية بأن " ... المقرر فى فقه الحنفية أيضا أنه إذا خلا عقد الزواج من شهادة الشاهدين يكون عقدا فاسدا لفقده شرطا من شروط الصحة وهو شهادة الشاهدين ويكون دخول الرجل بالمرأة بناء على هذا العقد معصية وحكم الزواج الفاسد أنه لا يحل للرجل فيه الدخول بالمرأة ولا يترتب على هذا العقد شىء من آثار الزوجية فإن دخل الرجل بالمرأة بناء على هذا العقد الفاسد كان ذلك معصية ووجب تعزيرهما والتفريق بينهما ويترتب على الدخول الآثار الآتية :
1- يدرا حد الزنا عنهما لوجود الشبهة .
2- إن كان قد سمى مهر كان الواجب الأقل من المسمى ومهر المثل .
3- تثبت بالدخول حرمة المصاهرة .
4- تجب فيه العدة على المرأة وابتداؤها من وقت مفارقة الزوجين أو أحدهما للآخر أن تفرقا باختيارهما ومن وقت تفريق القاضى بينهما إن لم يتفرقا اختيارا وتعتد المرأة لهذه الفرقة عدة طلاق حتى فى حالة وفاة الرجل .
5- يثبت به نسب الولد من الرجل إذا حصل حمل من ذلك الدخول وذلك للاحتياط فى إحياء الولد وعدم تضييعه .
ولا يثبت شىء من هذه الأحكام إلا بالدخول الحقيقى فالخلوة ولو كانت صحيحة لا يترتب عليها شىء من هذه الأحكام أما غير ذلك من أحكام الزوجية فلا يثبت فى الزواج الفاسد ....." .
(فتوي فضيلة الشيخ أحمد هريدى رحمه الله ، بتاريخ 3 جمادى الأولى سنة 1385هـ)
____________________________
(1) الطعن رقم 754 لسنة 79 ق أحوال شخصيه جلسة 14/5/2005 .
- عدة المرأة تحسب علي الوجه التالي :
1- إذا كانت المرأة من ذوات الحيض ، فعدتها أن تري الحيض ثلاث مرات كوامل ، واقل مدة تصدق فيها المرأة بأنها رأت الحيض ثلاث مرات كوامل هي ستون يوما وهو ما عليه الفتوي .
2- إذا كانت المرأة من غير ذوات الحيض ، بأن كانت صغيرة ، أو كبيرة بلغت سن اليأس ، فعدتها ثلاثة أشهر من تاريخ طلاقها أو فرقتها .
3- أما إذا كانت المرأة قد توفي عنها زوجها ، فعدتها أربعة أشهر وعشرة من تاريخ الوفاة .
4- أما إذا كانت حاملا فعدتها أن تضع حمل