دعوى براءة الذمة
المؤسسة علي الوفاء بنظام العرض والإيداع
ذكرنا أنه لا يجوز أن يبقى المدين ملتزماً أي مديناً للدائن إلى الأبد ، فذلك يتعارض كون الأصل ي الإنسان براءة الذمة ، في حين أن انشغال الذمة أمر عارض مصيره للزوال ، والسبب الأول لانقضاء الالتزام هو الوفاء به ، وهو ما يعرف بانقضاء الالتزام بتنفيذه عينا ، أى بقضاء نفس محل الالتزام .
ويثير الحديث عن انقضاء الالتزام بالوفاء نوعاً من التعجب مردة التساؤل : ما الحاجة إلي دعوى براءة الذمة إذن ...؟
الأصل كما ذكرنا أن المدين يقوم بمحض إرادته بتنفيذ التزامه ، ولا يثير التنفيذ الاختياري عادة أية صعوبة ، ولا توجد إجراءات خاصة به لأنه لا يتم بطريقة رسمية أو بتدخل السلطة القضائية اللهم إلا إذا رفض الدائن ما يوفي به المدين منازعاً إياه في نوعيته أو كفايته ، وفي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما في وجب عليه أداؤه عرضاً فعلياً علي الدائن ثم يودعه خزانة المحكمة ، ويطلب منها الحكم بصحة هذا العرض إبراء لذمته ، ويحدث العرض الفعلي بإعلان علي يد محضر يوجه إلي الدائن ، ويحرر المحضر محضراً يسمي محضر العرض ، ويجب أن يشتمل محضر العرض علي بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبل المعروض أو رفضه .
والعرض الحقيقي طبقاً للمادة 339 من القانون المدني يقوم مقام الوفاء ، فيجري نص المادة المشار إليها علي أنه : يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقا لأحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أي إجراء مماثل ، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.
وتبرر المذكرة الإيضاحية للقانون المدني ذلك نصاً : إذا كان الأصل أن يتم الوفاء برضاء الدائن والمدين ، فقد يحدث أن يرفض الدائن الوفاء ، إما لسبب يتصل بموضوع الوفاء أو وقته ، وقد يتعنت الدائن فيرفض الوفاء إضراراً بمدينة ، حتي يثبت تراخيه ، خاصة إذا رتب القانـون آثاراً تمس مصلحة المدين إذا لم يقم بالوفاء في خلال الأجل الذي عينه القانون .
النتيجة إذن : أن تعنت الدائن وعزمه علي الإضرار بالمدين هو مبرر لجوء المدين إلي دعوى براءة الذمة وعلي ذلك فإنه يمكننا التمييز بين نوعين من الشروط لقبول دعوى براءة الذمة :
النوع الأول : شروط خاصة بالصفة والمصلحة في الدعوى.
النوع الثاني : شروط خاصة بمحل الالتزام موضوع دعوى براءة الذمة .
النوع الأول : شروط خاصة بالصفة والمصلحة في الدعوى .
لا دعوى حيث لا صفة ولا مصلحة ، فالقضاء ذي وظيفة حمائية للحقوق ، هذه الطبيعة تقتضي أن تتوافر في المدعي صفة وأن تكون له مصلحة ، وطبقاً لصريح نص المادة 3 من قانون المرافعات فإنه : لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون أخر ، لا يكون لصاحبة فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون .
ومع ذلك تكفي المصلحة المحتلة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه .
وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها ، في أي حالة تكون عليها الدعوى ، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين .
ويجوز للمحكمة عند الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة أن تحكم علي الداعي بغرامة إجرائية لا تزيد عن خمسمائة جنيه إذا تبينت أن المدعي قد أساء استعمال حقه في التقاضي.
اختصام - غير الدائن - أي من حصل الوفاء له بدعوى براءة الذمة :
تجيز المادة 333 من القانون المدني الوفاء لغير الدائن ، إلا أنها قررت إنه إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه ، فلا تبرأ ذمة المدين إلا إذا أقــر الدائن هذا الوفاء أو عادت عليه منفعة منه ، وبقدر هذه المنفعة ، أو تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين في حيازته.
يعني ما سبق وجوب اختصام من تم الوفاء له ، مع اختصاص الدائن الأصلي ، في دعوى براءة الذمة .
حقيقة المصلحة التي تعود علي المدين من رفع دعوى براءة الذمة :
المصلحة مناط الدعوى وسند قبولها بعد تحقق الصفة ، والمصلحة هي الفائدة العملية المشروعة التي تعود علي المدين ، وهو المدعي في دعوى براءة الذمة ، ولا خلاف أن له مصلحة مشروعة في استصدار حكم ببراءة الذمة ، حيث تبرأ ذمته من الدين أو الالتزام ، وفي ذلك تنص المادة 335 من القانون المدني علي أنه : إذا تم إعذار الدائن ، تحمل تبعة هلاك الشيء أو تلفه ، ووقف سريان الفوائد ، وأصبح للمدين الحق في إيداع الشيء على نفقة الدائن والمطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر.
كما تنص المادة 334 من القانون المدني علي أنه : إذا رفـض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضا صحيحا ، أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها ، أو أعلن أنه لن يقبل الوفاء ، اعتبر أنه قد تم إعذاره من الوقت الذي يسجل المدين عليه هذا الرفض بإعلان رسمي.
النوع الثاني : شروط خاصة بمحل الالتزام موضوع دعوى براءة الذمة .
التفرقة بين صور عدة لدعوى براءة الذمة بسبب الوفاء ، وذلك وفق طبيعة الدين أو الالتزام ، والفرض أن الدائن ممتنع عن قبول الوفاء ، سواء بسبب أو بغير سبب ، وبالأحري بسبب قانوني أو بسبب غير قانوني .
أولا : شروط قبول دعوى براءة الذمة للوفاء (محل الالتزام فيها مبلغ من المال )
أول ما يشترط لقبول دعوى براءة الذمة هو صحة العرض ، وفي ذلك تنص الفقرة الأولي من المادة 487 من قانون المرافعات علي أنه : يحصل العرض الحقيقي بإعلان الدائن على يد محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه.
وفي تحديد المقصود بالعرض الحقيقي يمكننا القول بأن الأصل أن المدين يقوم بمحض إرادته بتنفيذ التزامه ، ولا يثير التنفيذ الاختياري عادة أية صعوبة ، ولا توجد إجراءات خاصة به لأنه لا يتم بطريقة رسمية أو بتدخل السلطة القضائية اللهم إلا إذا رفض الدائن ما يوفي به المدين منازعاً إياه في نوعيته أو كفايته ، وفي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما في وجب عليه أداؤه عرضاً فعلياً علي الدائن ثم يودعه خزانة المحكمة ، ويطلب منها الحكم بصحة هذا العرض إبراء لذمته ، ويحدث العرض الفعلي بإعلان علي يد محضر يوجه إلي الدائن ، ويحرر المحضر محضراً يسمي محضر العرض ، ويجب أن يشتمل محضر العرض علي بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبل المعروض أو رفضه .
والعرض الحقيقي طبقاً للمادة 339 من القانون المدني يقوم مقام الوفاء ، فيجري نص المادة المشار إليها علي أنه : يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقا لأحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أي إجراء مماثل ، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.
وتبرر المذكرة الإيضاحية للقانون المدني ذلك نصاً : إذا كان الأصل أن يتم الوفاء برضاء الدائن والمدين ، فقد يحدث أن يرفض الدائن الوفاء ، إما لسبب يتصل بموضوع الوفاء أو وقته ، وقد يتعنت الدائن فيرفض الوفاء إضراراً بمدينة ، حتي يثبت تراخيه ، خاصة إذا رتب القانون آثاراً تمس مصلحة المدين إذا لم يقم بالوفاء في خلال الأجل الذي عينه القانون .
ويثير الحديث عن اشتراط صحة العرض التساؤل عن شرط صحة العرض قانوناً .
ولكي يكون العرض صحيح قانوناً فإنه يشترط :
1- تحقق صفة المدين ، وتحقق صفة الدائن ، وأن يتم العرض من ذي صفه ، وذي الصفة هو المدين ، إلا أنه يصح الوفاء من غيره في الحالات التي يحصرها ويعدها القانون المدني .
2- أن يكون العارض - المدين - ذي أهليه وكذا أن يكون المعرض عليه - الدائن - وأن يكون العارض حسن النية .
3- أن يكون المعروض مملوكاً للعارض - المدين .
4- أن يشمل العرض كل المطلوب من المدين ، والمطلوب من المدين هو الوفاء بأصل الدين وفوائده والمصاريف .
5- ألا يضر العرض بمصلحة الدائن كما إذا كان الوفاء مؤجلاً لمصلحة الدائن - مثال - حالة القرض بفائدة لمدة معينة .
6- ألا يتضمن العرض شرطاً يخالف طبيعة العرض كوسيلة أو آلية للوفاء قانوناً ..
7- أن يكون المعروض مبلغاً من المال إذا كان الدين كذلك ، فلا يصح القول بحصول وفاء بشيك لأن إيداع الشيك لا يقوم مقام إيداع النقود .
هذه هي شروط العرض الصحيح إذا كان الدين مبلغاً من المال ، فإذا لم يتم العرض والإيداع وفق ما نص عليه قانون المرافعات كان باطلاً لا ينتـج أي أثر ، ويبطل العرض والإيداع فلا ينتج أي أثر قانوني ، وبناء عليه لا ينقضي الدين بالوفاء وتظل ذمة المدين مشغولة به .
وفي ذلك قضت محكمة النقض : مجرد إرسال خطاب موصى عليه من المدين للدائن يقول عنه المدين إنه كان به حوالة بريد بمبلغ الدين ، و يقول الدائن إنه حين لم يقبل تسلمه لم يكن يعلم بما احتواه هذا الخطاب - ذلك ، حتى مع صحة قول المدين ، لا يعتبر طريق وفاء قانونية ، و خصوصاً إذا لم يثبت أن الدائن كان يعلم باحتواء الخطاب لهذا المبلغ . و كان من الواجب على المدين لكي تبرأ ذمته أن يعرض الدين عرضاً حقيقياً .
هل يكون العرض صحيحاً إذا اتبعت طريقة أخري خلاف الإنذار علي يد محضر ...؟
يجوز إتباع أي طريق آخر للعرض المبريء للذمة ، بشرط أن يرد النص عليه قانوناً ، بمعني أن يشير إلي ذلك نص تشريعي ، وفي ذلك تنص المادة 339 من القانون المدني علي أنه : يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقا لأحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أي إجــراء مماثل ، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.
مثال ذلك ما تنص عليه المادة 18 من في شأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، والتي يجري نصها علي أنه : لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية :
أ- -----------------------------------------
ب- إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان علي يد محضر ولا يحكم بإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية .
وثان ما يشترط لقبول الدعوى رفض العرض وإتباع إجراءات الإيداع وفي ذلك تنص الفقرة الأولي من المادة 488 من قانون المرافعات علي أنه : إذا رفض العرض وكان المعروض نقوداً قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمـة في اليوم التالي لتاريخ المحضر على الأكثر ، وعلي المحضر أن يعلن الدائن بصورة من محضر الإيداع خلال ثلاثة أيام من تاريخه.
وفق صريح النص المشار إليه فإنه إذا كان المعروض علي الدائن نقوداً ورفض الدائن العرض قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة في اليوم التالي لتاريخ المحضر علي الأكثر ، وعلي المحضر أن يعلن الدائن بصورة من محضر الإيداع خلال ثلاثة أيام .
والعرض والإيداع إجراءان متلازمان ، وفي ذلك تقرر محكمتنا العليا أنه : من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان الإيداع لم تسبقه إجراءات العرض الحقيقي المنصوص عليها في المادتين 487 ، 488 من قانون المرافعات أو بالجلسة أمام المحكمة طبقاً للمادة 489 من ذات القانون فلا يعتبر وفاء مبرئاً للذمة .
وثالث ما يشترط لقبول الدعوى براءة الذمة لصحة العرض - متي كان محل الالتزام مبلغ من المال - أن يكون المعروض نقداً : وفي ذلك يقرر قضاء محكمة النقض أنه : مفاد نصوص المادتين 786 و 792 من قانون المرافعات أنه إذا كان الدين الثابت في ذمة المدين مبلغاً من المال ، وأراد أن يبرىء ذمته من هذا الدين بعرضه على دائنه حال المرافعة فإنه يجب أن يكون هذا العرض نقوداً دون غيرها . فإذا كان المشترى قد أودع حال المرافعة شيكاً لأمر البائع و اعتبر الحكم هذا الإيداع وفاء بالثمن مبرئاً لذمة المشترى من الدين فإنه يكون قد خالف القانون ، ذلك لأن الشيك وإن كان يعتبر أداة وفاء إلا أن الالتزام المترتب في ذمة الساحب لا ينقضي بمجرد سحب الشيك بل بقيام المسحوب عليه بصرف قيمته للمستفيد .
قضت محكمة النقض : إن وفاء الديون بغير طريقة دفعها نقداً يجب أن يكون حاصلاً باتفاق الطرفين " الدائن والمدين " المتعاقدين ، وأن يكون فوق ذلك منجزاً نافذاً غير قابل للعدول عنه . فإذا كان الوفاء المدعى به هو من طريق الوصية بمال بغير اتفاق بين الموصى و الموصى له الذي يدعى الدين ، فإن هذا التصرف الذي هو بطبيعته قابل للعدول عنه في حياة الموصى لا يتحقق به شرط الوفاء بالدين قانوناً .
وعلى ذلك فإذا دفع الوارث الموصى له دعوى بطلان الوصية بأن الوصية لم تكن تبرعاً بل كانت بمقابل هو وفاء الديون التي كانت له على الموصى ، و استخلصت محكمة الموضوع من عبارات التصرف ذاته و من الظروف و الملابسات التي حرر فيها أنه كان مقصوداً به التمليك المضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع فقضت ببطلانه و حفظت للموصى له حقه فى مطالبة التركة بدينه المتنازع عليه إذا شاء بدعوى مستقلة فليس فى قضائها بذلك خطأ فى تطبيق القانون .
والتساؤل حول جواز الوفاء بالعملة الأجنبية ...؟
لئن كان الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية ، إلا أنه متى أجاز المشرع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع إن قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملة أجنبية في الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها و طلب الخصم الحكم بها .
الأصل فى الالتزام بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات الأجنبية فإن هذا الالتزام لا يلحقه البطلان،لما كان ذلك وكان النص فى المادة الأولى من القانون رقم97لسنة1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي على أن " لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أ، يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يجوزه من نقد أجنبي من غير عمليات التصدير السلعي والسياحة وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقا للفقرة السابقة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما فى ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخليا على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقا لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية " يدل على أن المشرع أجاز التعامل في النقد الأجنبي سواء كان ذلك في داخل البلاد أو فى خارجها مما مفاده أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية معينة هو التزام صحيح،وأنه وأن كان النص قد وضع قيدا على كيفية إبراء المدين لذمته من هذا الدين بأن أوجب الوفاء به عن طريق أحد المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل فى النقد الأجنبي إلا أن هذا القيد لا أثر له على صحة التزام المدين،ويقع عليه عبء تدبير العملة الأجنبية والحصول عليها من إحدى تلك الجهات للوفاء بالتزامه، لما كان ذلك فإن التزام المطعون ضده فى الاتفاق المؤرخ1977/5/25 المبرم مع الطاعن بأداء الدين المستحق عليه بالدولار الأمريكي هو التزام صحيح لا مخالفة فيه للقانون ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده فى مدوناته أنه "يمتنع طبقا للقوانين المصرية الوفاء في مصر بغير العملة المصرية 0000 " وقضى من ثم بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن مبلغ 27955،884 جنيه وهو ما يعادل قيمة المستحق له بالدولار الأمريكي بالسعر الرسمي فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .
الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية الا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع ان قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملية أجنبية في الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها وطلب الخصم الحكم بها .
ورابع ما يشترط لقبول الدعوى براءة الذمة لصحة العرض - متي كان محل الالتزام مبلغ من المال ألا يتضمن إنذار العرض شرطاً يخالف طبيعة العرض كآلية وفاء .
وفي هذا الصدد قضت محكمتنا العليا : من المقرر أنه لكي ينتج العرض والإيداع أثرهما كسبيل للوفاء أن يتما وفقاً لأحكام قانون المرافعات ، وأن محضر الإيداع الذي يعقب رفض الدائن للمبلغ المعروض عليه هو إجراء يقوم به المحضر ويلتزم فيه بشروط العرض التي إشترطها العارض بإنذاره ، وإذ كان الثابت بمحضر الإيداع المؤرخ _/_/____م و الذي تم بناء على إنذار العرض الموجه من المطعون ضده الخامس إلى المطعون ضدهم الأربعة الأول في _/_/___م أن المحضر أحال فيه إلى ما ورد بإنذار العرض المذكور ، و مفاده اشتراط العارض - أحد المشترين - لصرف المبلغ المودع للمعروض عليهم أن يحكم له وحده دون الطاعن - المشترى الآخر - بصحة و نفاذ عقد البيع ، مما مؤداه أن هذا العرض و الإيداع لا ينتج أثره إلا في الوفاء لحساب العارض فقط دون أن يفيد منه المشترى الثاني و بالتالي فلا
يعتبر ذلك العرض و الإيداع مبرئاً لذمته في الوفاء بقيمة الباقي من الثمن .
كما قضت محكمة النقض : قيام الملتزم بإيداع ما التزم به خزانه المحكمة بعد عرضه على صاحب الحق إنما هو وسيلة قررها القانون للوفاء بدينه عن طريق عرضة وإيداعه إذا كانت هناك أسباب جدية - تقدرها محكمة الموضوع - تبـرر هذا الإجراء شريطة إلا يكون ذلك مقيدا بقيد لا يكون للمدين حق في فرضه أو يتنافى مع طبيعة الوفاء بالتزام .
ثانياً : شروط قبول دعوى براءة الذمة للوفاء "محل الالتزام شيء معين بالذات "
ما يشترط لقبول دعوى براءة الذمة إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات أن يسلم هذا الشيء في المكان الذي يوجد فيه ، ومن ثم للمدين أن يحصل على ترخيص من القضاء في إيداعه ، وفي ذلك تنص المادة 336 من القانون المدني علي أنه : إذا كان محل الوفاء شيئا معينا بالذات ، وكان الواجب أن يسلم في المكان الذي يوجد فيه ، جاز للمدين على أن ينذر الدائن بتسلمه ، أن يحصل على ترخيص من القضاء في إيداعه .
وتنص المادة 334 من القانون المدني علي أنه : إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضا صحيحا ، أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها ، أو أعلن أنه لن يقبل الوفاء ، اعتبر أنه قد تم إعذاره من الوقت الذي يسجل المدين عليه هذا الرفض بإعلان رسمي.
ثالثاً : شروط قبول دعوى براءة الذمة للوفاء ( محل الالتزام عقاراً أو شيئاً معداً للبقاء حيث وجد )
ما يشترط لقبول دعوى براءة الذمة إذا كان محل الالتزام عقاراً أو شيئاً أعد للبقاء حيث وجد هو إنذار الدائن بالتسليم ، وفي ذلك تنص الفقرة الأولي من المادة 487 من قانون المرافعات علي أنه : يحصل العرض الحقيقي بإعلان الدائن على يد محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه.
وتنص المادة 336 من القانون المدني علي أنه : إذا كان محل الوفاء شيئا معينا بالذات ، وكان الواجب أن يسلم في المكان الذي يوجد فيه ، جاز للمدين على أن ينذر الدائن بتسلمه ، أن يحصل على ترخيص من القضاء في إيداعه . فإذا كان هذا الشيء عقارا أو شيئا معداً للبقاء حيث وجد ، جاز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة.
وتنص المادة 489 - الفقرة الثالثة منها علي أنه : وإذا كان المعروض في الجلسة من غير النقود تعين علي العارض أن يطلب إلي المحكمة تعيين حارس عليه ، ولا يقبل الطعن في الحكم الصادر بتعيين الحارس .
وفي تحديد المقصود بالعرض الحقيقي يمكننا القول بأن الأصل أن المدين يقوم بمحض إرادته بتنفيذ التزامه ، ولا يثير التنفيذ الاختياري عادة أية صعوبة ، ولا توجد إجراءات خاصة به لأنه لا يتم بطريقة رسمية أو بتدخل السلطة القضائية اللهم إلا إذا رفض الدائن ما يوفي به المدين منازعاً إياه في نوعيته أو كفايته ، وفي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما في وجب عليه أداؤه عرضاً فعلياً علي الدائن ثم يودعه خزانة المحكمة ، ويطلب منها الحكم بصحة هذا العرض إبراء لذمته ، ويحدث العرض الفعلي بإعلان علي يد محضر يوجه إلي الدائن ، ويحرر المحضر محضراً يسمي محضر العرض ، ويجب أن يشتمل محضر العرض علي بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبل المعروض أو رفضه.
والعرض الحقيقي طبقاً للمادة 339 من القانون المدني يقوم مقام الوفاء ، فيجري نص المادة المشار إليها علي أنه : يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقا لأحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أي إجراء مماثل ، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.
وتبرر المذكرة الإيضاحية للقانون المدني ذلك نصاً : إذا كان الأصل أن يتم الوفاء برضاء الدائن والمدين ، فقد يحدث أن يرفض الدائن الوفاء ، إما لسبب يتصل بموضوع الوفاء أو وقته ، وقد يتعنت الدائن فيرفض الوفاء إضراراً بمدينة ، حتي يثبت تراخيه ، خاصة إذا رتب القانون آثاراً تمس مصلحة المدين إذا لم يقم بالوفاء في خلال الأجل الذي عينه القانون .
المؤسسة علي الوفاء بنظام العرض والإيداع
ذكرنا أنه لا يجوز أن يبقى المدين ملتزماً أي مديناً للدائن إلى الأبد ، فذلك يتعارض كون الأصل ي الإنسان براءة الذمة ، في حين أن انشغال الذمة أمر عارض مصيره للزوال ، والسبب الأول لانقضاء الالتزام هو الوفاء به ، وهو ما يعرف بانقضاء الالتزام بتنفيذه عينا ، أى بقضاء نفس محل الالتزام .
ويثير الحديث عن انقضاء الالتزام بالوفاء نوعاً من التعجب مردة التساؤل : ما الحاجة إلي دعوى براءة الذمة إذن ...؟
الأصل كما ذكرنا أن المدين يقوم بمحض إرادته بتنفيذ التزامه ، ولا يثير التنفيذ الاختياري عادة أية صعوبة ، ولا توجد إجراءات خاصة به لأنه لا يتم بطريقة رسمية أو بتدخل السلطة القضائية اللهم إلا إذا رفض الدائن ما يوفي به المدين منازعاً إياه في نوعيته أو كفايته ، وفي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما في وجب عليه أداؤه عرضاً فعلياً علي الدائن ثم يودعه خزانة المحكمة ، ويطلب منها الحكم بصحة هذا العرض إبراء لذمته ، ويحدث العرض الفعلي بإعلان علي يد محضر يوجه إلي الدائن ، ويحرر المحضر محضراً يسمي محضر العرض ، ويجب أن يشتمل محضر العرض علي بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبل المعروض أو رفضه .
والعرض الحقيقي طبقاً للمادة 339 من القانون المدني يقوم مقام الوفاء ، فيجري نص المادة المشار إليها علي أنه : يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقا لأحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أي إجراء مماثل ، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.
وتبرر المذكرة الإيضاحية للقانون المدني ذلك نصاً : إذا كان الأصل أن يتم الوفاء برضاء الدائن والمدين ، فقد يحدث أن يرفض الدائن الوفاء ، إما لسبب يتصل بموضوع الوفاء أو وقته ، وقد يتعنت الدائن فيرفض الوفاء إضراراً بمدينة ، حتي يثبت تراخيه ، خاصة إذا رتب القانـون آثاراً تمس مصلحة المدين إذا لم يقم بالوفاء في خلال الأجل الذي عينه القانون .
النتيجة إذن : أن تعنت الدائن وعزمه علي الإضرار بالمدين هو مبرر لجوء المدين إلي دعوى براءة الذمة وعلي ذلك فإنه يمكننا التمييز بين نوعين من الشروط لقبول دعوى براءة الذمة :
النوع الأول : شروط خاصة بالصفة والمصلحة في الدعوى.
النوع الثاني : شروط خاصة بمحل الالتزام موضوع دعوى براءة الذمة .
النوع الأول : شروط خاصة بالصفة والمصلحة في الدعوى .
لا دعوى حيث لا صفة ولا مصلحة ، فالقضاء ذي وظيفة حمائية للحقوق ، هذه الطبيعة تقتضي أن تتوافر في المدعي صفة وأن تكون له مصلحة ، وطبقاً لصريح نص المادة 3 من قانون المرافعات فإنه : لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون أخر ، لا يكون لصاحبة فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون .
ومع ذلك تكفي المصلحة المحتلة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه .
وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها ، في أي حالة تكون عليها الدعوى ، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين .
ويجوز للمحكمة عند الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة أن تحكم علي الداعي بغرامة إجرائية لا تزيد عن خمسمائة جنيه إذا تبينت أن المدعي قد أساء استعمال حقه في التقاضي.
اختصام - غير الدائن - أي من حصل الوفاء له بدعوى براءة الذمة :
تجيز المادة 333 من القانون المدني الوفاء لغير الدائن ، إلا أنها قررت إنه إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه ، فلا تبرأ ذمة المدين إلا إذا أقــر الدائن هذا الوفاء أو عادت عليه منفعة منه ، وبقدر هذه المنفعة ، أو تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين في حيازته.
يعني ما سبق وجوب اختصام من تم الوفاء له ، مع اختصاص الدائن الأصلي ، في دعوى براءة الذمة .
حقيقة المصلحة التي تعود علي المدين من رفع دعوى براءة الذمة :
المصلحة مناط الدعوى وسند قبولها بعد تحقق الصفة ، والمصلحة هي الفائدة العملية المشروعة التي تعود علي المدين ، وهو المدعي في دعوى براءة الذمة ، ولا خلاف أن له مصلحة مشروعة في استصدار حكم ببراءة الذمة ، حيث تبرأ ذمته من الدين أو الالتزام ، وفي ذلك تنص المادة 335 من القانون المدني علي أنه : إذا تم إعذار الدائن ، تحمل تبعة هلاك الشيء أو تلفه ، ووقف سريان الفوائد ، وأصبح للمدين الحق في إيداع الشيء على نفقة الدائن والمطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر.
كما تنص المادة 334 من القانون المدني علي أنه : إذا رفـض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضا صحيحا ، أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها ، أو أعلن أنه لن يقبل الوفاء ، اعتبر أنه قد تم إعذاره من الوقت الذي يسجل المدين عليه هذا الرفض بإعلان رسمي.
النوع الثاني : شروط خاصة بمحل الالتزام موضوع دعوى براءة الذمة .
التفرقة بين صور عدة لدعوى براءة الذمة بسبب الوفاء ، وذلك وفق طبيعة الدين أو الالتزام ، والفرض أن الدائن ممتنع عن قبول الوفاء ، سواء بسبب أو بغير سبب ، وبالأحري بسبب قانوني أو بسبب غير قانوني .
أولا : شروط قبول دعوى براءة الذمة للوفاء (محل الالتزام فيها مبلغ من المال )
أول ما يشترط لقبول دعوى براءة الذمة هو صحة العرض ، وفي ذلك تنص الفقرة الأولي من المادة 487 من قانون المرافعات علي أنه : يحصل العرض الحقيقي بإعلان الدائن على يد محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه.
وفي تحديد المقصود بالعرض الحقيقي يمكننا القول بأن الأصل أن المدين يقوم بمحض إرادته بتنفيذ التزامه ، ولا يثير التنفيذ الاختياري عادة أية صعوبة ، ولا توجد إجراءات خاصة به لأنه لا يتم بطريقة رسمية أو بتدخل السلطة القضائية اللهم إلا إذا رفض الدائن ما يوفي به المدين منازعاً إياه في نوعيته أو كفايته ، وفي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما في وجب عليه أداؤه عرضاً فعلياً علي الدائن ثم يودعه خزانة المحكمة ، ويطلب منها الحكم بصحة هذا العرض إبراء لذمته ، ويحدث العرض الفعلي بإعلان علي يد محضر يوجه إلي الدائن ، ويحرر المحضر محضراً يسمي محضر العرض ، ويجب أن يشتمل محضر العرض علي بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبل المعروض أو رفضه .
والعرض الحقيقي طبقاً للمادة 339 من القانون المدني يقوم مقام الوفاء ، فيجري نص المادة المشار إليها علي أنه : يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقا لأحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أي إجراء مماثل ، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.
وتبرر المذكرة الإيضاحية للقانون المدني ذلك نصاً : إذا كان الأصل أن يتم الوفاء برضاء الدائن والمدين ، فقد يحدث أن يرفض الدائن الوفاء ، إما لسبب يتصل بموضوع الوفاء أو وقته ، وقد يتعنت الدائن فيرفض الوفاء إضراراً بمدينة ، حتي يثبت تراخيه ، خاصة إذا رتب القانون آثاراً تمس مصلحة المدين إذا لم يقم بالوفاء في خلال الأجل الذي عينه القانون .
ويثير الحديث عن اشتراط صحة العرض التساؤل عن شرط صحة العرض قانوناً .
ولكي يكون العرض صحيح قانوناً فإنه يشترط :
1- تحقق صفة المدين ، وتحقق صفة الدائن ، وأن يتم العرض من ذي صفه ، وذي الصفة هو المدين ، إلا أنه يصح الوفاء من غيره في الحالات التي يحصرها ويعدها القانون المدني .
2- أن يكون العارض - المدين - ذي أهليه وكذا أن يكون المعرض عليه - الدائن - وأن يكون العارض حسن النية .
3- أن يكون المعروض مملوكاً للعارض - المدين .
4- أن يشمل العرض كل المطلوب من المدين ، والمطلوب من المدين هو الوفاء بأصل الدين وفوائده والمصاريف .
5- ألا يضر العرض بمصلحة الدائن كما إذا كان الوفاء مؤجلاً لمصلحة الدائن - مثال - حالة القرض بفائدة لمدة معينة .
6- ألا يتضمن العرض شرطاً يخالف طبيعة العرض كوسيلة أو آلية للوفاء قانوناً ..
7- أن يكون المعروض مبلغاً من المال إذا كان الدين كذلك ، فلا يصح القول بحصول وفاء بشيك لأن إيداع الشيك لا يقوم مقام إيداع النقود .
هذه هي شروط العرض الصحيح إذا كان الدين مبلغاً من المال ، فإذا لم يتم العرض والإيداع وفق ما نص عليه قانون المرافعات كان باطلاً لا ينتـج أي أثر ، ويبطل العرض والإيداع فلا ينتج أي أثر قانوني ، وبناء عليه لا ينقضي الدين بالوفاء وتظل ذمة المدين مشغولة به .
وفي ذلك قضت محكمة النقض : مجرد إرسال خطاب موصى عليه من المدين للدائن يقول عنه المدين إنه كان به حوالة بريد بمبلغ الدين ، و يقول الدائن إنه حين لم يقبل تسلمه لم يكن يعلم بما احتواه هذا الخطاب - ذلك ، حتى مع صحة قول المدين ، لا يعتبر طريق وفاء قانونية ، و خصوصاً إذا لم يثبت أن الدائن كان يعلم باحتواء الخطاب لهذا المبلغ . و كان من الواجب على المدين لكي تبرأ ذمته أن يعرض الدين عرضاً حقيقياً .
هل يكون العرض صحيحاً إذا اتبعت طريقة أخري خلاف الإنذار علي يد محضر ...؟
يجوز إتباع أي طريق آخر للعرض المبريء للذمة ، بشرط أن يرد النص عليه قانوناً ، بمعني أن يشير إلي ذلك نص تشريعي ، وفي ذلك تنص المادة 339 من القانون المدني علي أنه : يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقا لأحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أي إجــراء مماثل ، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.
مثال ذلك ما تنص عليه المادة 18 من في شأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، والتي يجري نصها علي أنه : لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية :
أ- -----------------------------------------
ب- إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان علي يد محضر ولا يحكم بإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية .
وثان ما يشترط لقبول الدعوى رفض العرض وإتباع إجراءات الإيداع وفي ذلك تنص الفقرة الأولي من المادة 488 من قانون المرافعات علي أنه : إذا رفض العرض وكان المعروض نقوداً قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمـة في اليوم التالي لتاريخ المحضر على الأكثر ، وعلي المحضر أن يعلن الدائن بصورة من محضر الإيداع خلال ثلاثة أيام من تاريخه.
وفق صريح النص المشار إليه فإنه إذا كان المعروض علي الدائن نقوداً ورفض الدائن العرض قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة في اليوم التالي لتاريخ المحضر علي الأكثر ، وعلي المحضر أن يعلن الدائن بصورة من محضر الإيداع خلال ثلاثة أيام .
والعرض والإيداع إجراءان متلازمان ، وفي ذلك تقرر محكمتنا العليا أنه : من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان الإيداع لم تسبقه إجراءات العرض الحقيقي المنصوص عليها في المادتين 487 ، 488 من قانون المرافعات أو بالجلسة أمام المحكمة طبقاً للمادة 489 من ذات القانون فلا يعتبر وفاء مبرئاً للذمة .
وثالث ما يشترط لقبول الدعوى براءة الذمة لصحة العرض - متي كان محل الالتزام مبلغ من المال - أن يكون المعروض نقداً : وفي ذلك يقرر قضاء محكمة النقض أنه : مفاد نصوص المادتين 786 و 792 من قانون المرافعات أنه إذا كان الدين الثابت في ذمة المدين مبلغاً من المال ، وأراد أن يبرىء ذمته من هذا الدين بعرضه على دائنه حال المرافعة فإنه يجب أن يكون هذا العرض نقوداً دون غيرها . فإذا كان المشترى قد أودع حال المرافعة شيكاً لأمر البائع و اعتبر الحكم هذا الإيداع وفاء بالثمن مبرئاً لذمة المشترى من الدين فإنه يكون قد خالف القانون ، ذلك لأن الشيك وإن كان يعتبر أداة وفاء إلا أن الالتزام المترتب في ذمة الساحب لا ينقضي بمجرد سحب الشيك بل بقيام المسحوب عليه بصرف قيمته للمستفيد .
قضت محكمة النقض : إن وفاء الديون بغير طريقة دفعها نقداً يجب أن يكون حاصلاً باتفاق الطرفين " الدائن والمدين " المتعاقدين ، وأن يكون فوق ذلك منجزاً نافذاً غير قابل للعدول عنه . فإذا كان الوفاء المدعى به هو من طريق الوصية بمال بغير اتفاق بين الموصى و الموصى له الذي يدعى الدين ، فإن هذا التصرف الذي هو بطبيعته قابل للعدول عنه في حياة الموصى لا يتحقق به شرط الوفاء بالدين قانوناً .
وعلى ذلك فإذا دفع الوارث الموصى له دعوى بطلان الوصية بأن الوصية لم تكن تبرعاً بل كانت بمقابل هو وفاء الديون التي كانت له على الموصى ، و استخلصت محكمة الموضوع من عبارات التصرف ذاته و من الظروف و الملابسات التي حرر فيها أنه كان مقصوداً به التمليك المضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع فقضت ببطلانه و حفظت للموصى له حقه فى مطالبة التركة بدينه المتنازع عليه إذا شاء بدعوى مستقلة فليس فى قضائها بذلك خطأ فى تطبيق القانون .
والتساؤل حول جواز الوفاء بالعملة الأجنبية ...؟
لئن كان الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية ، إلا أنه متى أجاز المشرع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع إن قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملة أجنبية في الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها و طلب الخصم الحكم بها .
الأصل فى الالتزام بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات الأجنبية فإن هذا الالتزام لا يلحقه البطلان،لما كان ذلك وكان النص فى المادة الأولى من القانون رقم97لسنة1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي على أن " لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أ، يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يجوزه من نقد أجنبي من غير عمليات التصدير السلعي والسياحة وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقا للفقرة السابقة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما فى ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخليا على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقا لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية " يدل على أن المشرع أجاز التعامل في النقد الأجنبي سواء كان ذلك في داخل البلاد أو فى خارجها مما مفاده أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية معينة هو التزام صحيح،وأنه وأن كان النص قد وضع قيدا على كيفية إبراء المدين لذمته من هذا الدين بأن أوجب الوفاء به عن طريق أحد المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل فى النقد الأجنبي إلا أن هذا القيد لا أثر له على صحة التزام المدين،ويقع عليه عبء تدبير العملة الأجنبية والحصول عليها من إحدى تلك الجهات للوفاء بالتزامه، لما كان ذلك فإن التزام المطعون ضده فى الاتفاق المؤرخ1977/5/25 المبرم مع الطاعن بأداء الدين المستحق عليه بالدولار الأمريكي هو التزام صحيح لا مخالفة فيه للقانون ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده فى مدوناته أنه "يمتنع طبقا للقوانين المصرية الوفاء في مصر بغير العملة المصرية 0000 " وقضى من ثم بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن مبلغ 27955،884 جنيه وهو ما يعادل قيمة المستحق له بالدولار الأمريكي بالسعر الرسمي فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .
الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية الا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع ان قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملية أجنبية في الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها وطلب الخصم الحكم بها .
ورابع ما يشترط لقبول الدعوى براءة الذمة لصحة العرض - متي كان محل الالتزام مبلغ من المال ألا يتضمن إنذار العرض شرطاً يخالف طبيعة العرض كآلية وفاء .
وفي هذا الصدد قضت محكمتنا العليا : من المقرر أنه لكي ينتج العرض والإيداع أثرهما كسبيل للوفاء أن يتما وفقاً لأحكام قانون المرافعات ، وأن محضر الإيداع الذي يعقب رفض الدائن للمبلغ المعروض عليه هو إجراء يقوم به المحضر ويلتزم فيه بشروط العرض التي إشترطها العارض بإنذاره ، وإذ كان الثابت بمحضر الإيداع المؤرخ _/_/____م و الذي تم بناء على إنذار العرض الموجه من المطعون ضده الخامس إلى المطعون ضدهم الأربعة الأول في _/_/___م أن المحضر أحال فيه إلى ما ورد بإنذار العرض المذكور ، و مفاده اشتراط العارض - أحد المشترين - لصرف المبلغ المودع للمعروض عليهم أن يحكم له وحده دون الطاعن - المشترى الآخر - بصحة و نفاذ عقد البيع ، مما مؤداه أن هذا العرض و الإيداع لا ينتج أثره إلا في الوفاء لحساب العارض فقط دون أن يفيد منه المشترى الثاني و بالتالي فلا
يعتبر ذلك العرض و الإيداع مبرئاً لذمته في الوفاء بقيمة الباقي من الثمن .
كما قضت محكمة النقض : قيام الملتزم بإيداع ما التزم به خزانه المحكمة بعد عرضه على صاحب الحق إنما هو وسيلة قررها القانون للوفاء بدينه عن طريق عرضة وإيداعه إذا كانت هناك أسباب جدية - تقدرها محكمة الموضوع - تبـرر هذا الإجراء شريطة إلا يكون ذلك مقيدا بقيد لا يكون للمدين حق في فرضه أو يتنافى مع طبيعة الوفاء بالتزام .
ثانياً : شروط قبول دعوى براءة الذمة للوفاء "محل الالتزام شيء معين بالذات "
ما يشترط لقبول دعوى براءة الذمة إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات أن يسلم هذا الشيء في المكان الذي يوجد فيه ، ومن ثم للمدين أن يحصل على ترخيص من القضاء في إيداعه ، وفي ذلك تنص المادة 336 من القانون المدني علي أنه : إذا كان محل الوفاء شيئا معينا بالذات ، وكان الواجب أن يسلم في المكان الذي يوجد فيه ، جاز للمدين على أن ينذر الدائن بتسلمه ، أن يحصل على ترخيص من القضاء في إيداعه .
وتنص المادة 334 من القانون المدني علي أنه : إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضا صحيحا ، أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها ، أو أعلن أنه لن يقبل الوفاء ، اعتبر أنه قد تم إعذاره من الوقت الذي يسجل المدين عليه هذا الرفض بإعلان رسمي.
ثالثاً : شروط قبول دعوى براءة الذمة للوفاء ( محل الالتزام عقاراً أو شيئاً معداً للبقاء حيث وجد )
ما يشترط لقبول دعوى براءة الذمة إذا كان محل الالتزام عقاراً أو شيئاً أعد للبقاء حيث وجد هو إنذار الدائن بالتسليم ، وفي ذلك تنص الفقرة الأولي من المادة 487 من قانون المرافعات علي أنه : يحصل العرض الحقيقي بإعلان الدائن على يد محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه.
وتنص المادة 336 من القانون المدني علي أنه : إذا كان محل الوفاء شيئا معينا بالذات ، وكان الواجب أن يسلم في المكان الذي يوجد فيه ، جاز للمدين على أن ينذر الدائن بتسلمه ، أن يحصل على ترخيص من القضاء في إيداعه . فإذا كان هذا الشيء عقارا أو شيئا معداً للبقاء حيث وجد ، جاز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة.
وتنص المادة 489 - الفقرة الثالثة منها علي أنه : وإذا كان المعروض في الجلسة من غير النقود تعين علي العارض أن يطلب إلي المحكمة تعيين حارس عليه ، ولا يقبل الطعن في الحكم الصادر بتعيين الحارس .
وفي تحديد المقصود بالعرض الحقيقي يمكننا القول بأن الأصل أن المدين يقوم بمحض إرادته بتنفيذ التزامه ، ولا يثير التنفيذ الاختياري عادة أية صعوبة ، ولا توجد إجراءات خاصة به لأنه لا يتم بطريقة رسمية أو بتدخل السلطة القضائية اللهم إلا إذا رفض الدائن ما يوفي به المدين منازعاً إياه في نوعيته أو كفايته ، وفي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما في وجب عليه أداؤه عرضاً فعلياً علي الدائن ثم يودعه خزانة المحكمة ، ويطلب منها الحكم بصحة هذا العرض إبراء لذمته ، ويحدث العرض الفعلي بإعلان علي يد محضر يوجه إلي الدائن ، ويحرر المحضر محضراً يسمي محضر العرض ، ويجب أن يشتمل محضر العرض علي بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبل المعروض أو رفضه.
والعرض الحقيقي طبقاً للمادة 339 من القانون المدني يقوم مقام الوفاء ، فيجري نص المادة المشار إليها علي أنه : يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقا لأحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أي إجراء مماثل ، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.
وتبرر المذكرة الإيضاحية للقانون المدني ذلك نصاً : إذا كان الأصل أن يتم الوفاء برضاء الدائن والمدين ، فقد يحدث أن يرفض الدائن الوفاء ، إما لسبب يتصل بموضوع الوفاء أو وقته ، وقد يتعنت الدائن فيرفض الوفاء إضراراً بمدينة ، حتي يثبت تراخيه ، خاصة إذا رتب القانون آثاراً تمس مصلحة المدين إذا لم يقم بالوفاء في خلال الأجل الذي عينه القانون .