أهلية إبرام اتفاق التحكيم
نصت المادة 11 من قانون التحكيم على أنه لا يجوز التحكيم إلا للشخص الذي يملك التصرف في حقوقه .
ونصت المادة 550 من القانون المدني على أنه يشترط فيمن يعقد صلحا أن يكون أهلا للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح .
ولن نتعرض في هذه الدراسة لمسألة الأهلية في التصرف لأنها ترتبط بأهلية إبرام اتفاق التحكيم ولكن الذي يدخل في دراستنا ما يتعلق بمحل التحكيم .
فمن النصين السابقين يستفاد أن الحق أو النزاع محل التحكيم يجب أن يكون قابلا للتصرف فيه بداءة فلا تثور مسألة أهلية التصرف أو سلطة التصرف إلا فيمل يجوز التصرف فيه ، وهو ما لا يجوز الصلح عليه كذلك ، فما يجوز التصرف فيه يجوز أن يكون محلا للتحكيم متى توافرت الأهلية اللازمة لدى أطراف الاتفاق .
وإذا كان الأصل أن الحقوق اللصيقة بالشخصية والحقوق غير المالية لا يجوز التصرف فيها ، إلا أن هناك من الحقوق المالية التي لا يجوز التصرف أو التعامل فيها بمعنى أدق ، ولهذا اقترح بعض الفقه أن تكون عدم القابلية للتصرف معيار عدم القابلية للتحكيم .
فلا يجوز التحكيم في المسائل التي تتعلق بالأموال العامة للدولة لأنها تخرج عن دائرة التعامل ، ولا يجوز التصرف فيها مادامت مخصصة للمنفعة العامة ، وذلك على خلاف الأموال الخاصة للدولة ، حيث تخضع لقواعد القانون الخاص وتتميز بقابليتها للتصرف فيها .
وكذلك لا يجوز التحكيم بشأن تصرف يبرمه القاضي في حق من الحقوق المتنازع عليها ، فالمنع يستهدف الحفاظ على نزاهة القضاء ، ومن ثم يكون التصرف المخالف باطلا ويكون الالتجاء الى التحكيم من قبيل الانتقاص من هذا الضمان . (الجمال وعبد العال ، فقرة 117 ص180) .
وإذا كان المنع من التصرف أى بطلان النزول عن الحق مقرر لمصلحة خاصة فإن أثره على القابلية للتحكيم يختلف بحسب الحق ذاته ووقت التصرف .
فبالنسبة لحقوق العامل ، من المقرر أنه لا يجوز النزول عنها ، على الأقل قبل ثبوتها كما لا يجوز الصلح أو الإبراء ، ولكن هذا المنع مؤقت بفترة وجود عقد العمل أو لمدة بسيطة لاحقة على انتهاء العقد ، وبناء عليه إذا كان لا يجوز الاتفاق على التحكيم أثناء قيام علاقة العمل ، لكن يجوز الاتفاق عليه بعد انتهاء علاقة العمل . (الجمال وعبد العال ص180)
وقد يكون المنع من التصرف واردا على تصرف من التصرفات الناقلة للملكية ، فاشتراط التحكيم المدرج في تصرف تم على خلاف الشرط المانع من التصرف يكون صحيحا في ذاته لأن جزاء التصرف المخالف لا يكون سوى البطلان النسبي ، أو عدم النفاذ في حق صاحب المصلحة في الشرط المانع ، ولن يكون الشرط غير نافذ في حق صاحب المصلحة في الشرط ، ولا يجوز للمتصرف الذي خالف الشرط أن يتنصل من شرك التحكيم لما في ذلك من نقض منه لما أبرمه . (الجمال وعبد العال ص181 ، وانظر في نقد هذا المعيار فوشار ، فقرة 573 ص356) .
والنص في المادة 17 من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن " لطرفى التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفيته ووقت اختيارهم فإذا لم يتفقا أتبع ما يلي : (أ) إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكمة واحد تولت المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون اختيار وبناء على طلب أحد الطرفين . (ب) فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكما ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث ، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر ، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيين أخرهما تولت المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين ، ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة برئاسة هيئة التحكيم وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين ....." ، يدل على أن المشرع خص المتحاكمين باختيار من يحكمونه بينهم وإلا فرضته عليهم المحكمة على النحو الثابت بنص المادة سالفة الذكر ، وهو ما يكشف عن أن القانون اعتد باتفاق التحكيم حتى وإن تقاعس المحتكمون عن اختيار محكميهم . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 27 لسنة 1994 المعمول به اعتبارا من 21/5/1994 ضمن المادة الأولى من مواد الإصدار ما يفرض أحكامه على كل تحكيم قائم وقت نفاذه أو يبدأ بعده ولو استند الى اتفاق تحكيم سبق إبرامه قبل نفاده ، وكانت دعوى المطعون ضده قد أقيمت في ظل العمل بأحكام هذا القانون فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر وانصرف عن الاعتداد باتفاق التحكيم بقالة أنه خلا من تحديد أشخاص المحكمين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
وقد قضت محكمة النقض بأن : اختصاص المتحاكمين باختيار من يحكمونه بينهم . تقاعسهم عن ذلك . أثره . فرض المحكمة اختيارها عليهم . م17 ق27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية . مؤداها . اعتداد القانون باتفاق التحكيم ولو لم يتضمن اختيار المحتكمون محكميهم . انصراف الحكم المطعون فيه عن الاعتداد باتفاق التحكيم بقالة خلوه من تحديد أشخاص المحكمين رغم إقامة الدعوى في ظل العمل بأحكام القانون 27 لسنة 1994 . خطأ في تطبيق القانون . (الطعن رقم 4791 لسنة 71ق جلسة 24/11/2002)
نصت المادة 11 من قانون التحكيم على أنه لا يجوز التحكيم إلا للشخص الذي يملك التصرف في حقوقه .
ونصت المادة 550 من القانون المدني على أنه يشترط فيمن يعقد صلحا أن يكون أهلا للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح .
ولن نتعرض في هذه الدراسة لمسألة الأهلية في التصرف لأنها ترتبط بأهلية إبرام اتفاق التحكيم ولكن الذي يدخل في دراستنا ما يتعلق بمحل التحكيم .
فمن النصين السابقين يستفاد أن الحق أو النزاع محل التحكيم يجب أن يكون قابلا للتصرف فيه بداءة فلا تثور مسألة أهلية التصرف أو سلطة التصرف إلا فيمل يجوز التصرف فيه ، وهو ما لا يجوز الصلح عليه كذلك ، فما يجوز التصرف فيه يجوز أن يكون محلا للتحكيم متى توافرت الأهلية اللازمة لدى أطراف الاتفاق .
وإذا كان الأصل أن الحقوق اللصيقة بالشخصية والحقوق غير المالية لا يجوز التصرف فيها ، إلا أن هناك من الحقوق المالية التي لا يجوز التصرف أو التعامل فيها بمعنى أدق ، ولهذا اقترح بعض الفقه أن تكون عدم القابلية للتصرف معيار عدم القابلية للتحكيم .
فلا يجوز التحكيم في المسائل التي تتعلق بالأموال العامة للدولة لأنها تخرج عن دائرة التعامل ، ولا يجوز التصرف فيها مادامت مخصصة للمنفعة العامة ، وذلك على خلاف الأموال الخاصة للدولة ، حيث تخضع لقواعد القانون الخاص وتتميز بقابليتها للتصرف فيها .
وكذلك لا يجوز التحكيم بشأن تصرف يبرمه القاضي في حق من الحقوق المتنازع عليها ، فالمنع يستهدف الحفاظ على نزاهة القضاء ، ومن ثم يكون التصرف المخالف باطلا ويكون الالتجاء الى التحكيم من قبيل الانتقاص من هذا الضمان . (الجمال وعبد العال ، فقرة 117 ص180) .
وإذا كان المنع من التصرف أى بطلان النزول عن الحق مقرر لمصلحة خاصة فإن أثره على القابلية للتحكيم يختلف بحسب الحق ذاته ووقت التصرف .
فبالنسبة لحقوق العامل ، من المقرر أنه لا يجوز النزول عنها ، على الأقل قبل ثبوتها كما لا يجوز الصلح أو الإبراء ، ولكن هذا المنع مؤقت بفترة وجود عقد العمل أو لمدة بسيطة لاحقة على انتهاء العقد ، وبناء عليه إذا كان لا يجوز الاتفاق على التحكيم أثناء قيام علاقة العمل ، لكن يجوز الاتفاق عليه بعد انتهاء علاقة العمل . (الجمال وعبد العال ص180)
وقد يكون المنع من التصرف واردا على تصرف من التصرفات الناقلة للملكية ، فاشتراط التحكيم المدرج في تصرف تم على خلاف الشرط المانع من التصرف يكون صحيحا في ذاته لأن جزاء التصرف المخالف لا يكون سوى البطلان النسبي ، أو عدم النفاذ في حق صاحب المصلحة في الشرط المانع ، ولن يكون الشرط غير نافذ في حق صاحب المصلحة في الشرط ، ولا يجوز للمتصرف الذي خالف الشرط أن يتنصل من شرك التحكيم لما في ذلك من نقض منه لما أبرمه . (الجمال وعبد العال ص181 ، وانظر في نقد هذا المعيار فوشار ، فقرة 573 ص356) .
والنص في المادة 17 من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن " لطرفى التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفيته ووقت اختيارهم فإذا لم يتفقا أتبع ما يلي : (أ) إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكمة واحد تولت المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون اختيار وبناء على طلب أحد الطرفين . (ب) فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكما ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث ، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر ، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيين أخرهما تولت المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين ، ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة برئاسة هيئة التحكيم وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين ....." ، يدل على أن المشرع خص المتحاكمين باختيار من يحكمونه بينهم وإلا فرضته عليهم المحكمة على النحو الثابت بنص المادة سالفة الذكر ، وهو ما يكشف عن أن القانون اعتد باتفاق التحكيم حتى وإن تقاعس المحتكمون عن اختيار محكميهم . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 27 لسنة 1994 المعمول به اعتبارا من 21/5/1994 ضمن المادة الأولى من مواد الإصدار ما يفرض أحكامه على كل تحكيم قائم وقت نفاذه أو يبدأ بعده ولو استند الى اتفاق تحكيم سبق إبرامه قبل نفاده ، وكانت دعوى المطعون ضده قد أقيمت في ظل العمل بأحكام هذا القانون فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر وانصرف عن الاعتداد باتفاق التحكيم بقالة أنه خلا من تحديد أشخاص المحكمين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
وقد قضت محكمة النقض بأن : اختصاص المتحاكمين باختيار من يحكمونه بينهم . تقاعسهم عن ذلك . أثره . فرض المحكمة اختيارها عليهم . م17 ق27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية . مؤداها . اعتداد القانون باتفاق التحكيم ولو لم يتضمن اختيار المحتكمون محكميهم . انصراف الحكم المطعون فيه عن الاعتداد باتفاق التحكيم بقالة خلوه من تحديد أشخاص المحكمين رغم إقامة الدعوى في ظل العمل بأحكام القانون 27 لسنة 1994 . خطأ في تطبيق القانون . (الطعن رقم 4791 لسنة 71ق جلسة 24/11/2002)