مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك


مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماهدخول

القانون المصرى

محمد جمعه موسى للمحاماه *جمهوريه مصر العربيه - محافظه البحيره - رشيد *01005599621- 002-01227080958-002

شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

========================================
المذكرة الإيضاحية
======================================== 
  - المذكرة الإيضاحية ::
" لما كانت الدعوى الجنائية عمومية أى ملكاً للجماعة  فقد نيطت مباشرتها بالنيابة العمومية بصفتها ممثلة للجماعة وعلى هذا الأساس نص على أن الدعوى الجنائية لا تقام إلا من النيابة العمومية ولا تتوقف إقامتها على شكوى أو طلب أو إذن سابق إلا فى الأحوال المبينة فى القانون كما نص على أنه لا يجوز التخلى عن الدعوى الجنائية بحفظها ولا إيقافها أو تعطيل سيرها أى قطعه إلا فى الأحوال المبينة فى القانون ".
 
========================================
تعريف الفقه الدعوى الجنائية :
======================================== 
  حق الدولة ممثلة فى سلطة الإتهام فى ملاحقة مرتكب الجريمة وتقديمة للقضاء لتوقيع الجزاء الجنائى علية ، وهى بهذا المعنى توجد منذ اللحظة التى تقع فيها الجريمة . ولا يتوقف وجودها على مباشرة أى إجراء فيها ، بدليل أن تقادمها يبدأ من هذا الوقت . فإذا وقعت الجريمة وإكتملت مدة التقادم المقررة قانوناً دون أن يتخذ فى خلال هذة المدة إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم ، فإنها تنقضى بقوة القانون . وإذا رفعت رغم ذلك وجب على المحكمة أن تقضى بعدم قبولها . أما الدعوى كنشاط مادى فيمكن تعريفها بأنها مجموعة الإجراءات التى تبدأ بأول عمل من أعمال التحقيق ، وتختم بصدور الحكم البات .(1)
ـ وعرف جانب من الفقة الدعوى الجنائية بأنها : مجموعة من الإجراءات تباشر باسم المجتمع بشأن جريمة معينة وتستهدف التثبت من وقوع هذه الجريمة والوصول الى معرفة مرتكبها واستصدار حكم قضائي بتوقيع عقوبتها عليه (2) .
وعُرفت أيضاً الدعوى الجنائية بأنها : إلتجاء المجتمع - عن طريق جهاز الإتهام الذى يمثله - الى القضاء للتحقق من إرتكاب جريمة وتقريرمسئولية شخص عنها ، وإنزال العقوبة أو التدبير الإحترازى به " (3). 
وهذا التعريف يحدد المعالم الخارجية للدعوى الجنائية كظاهرة قانونية ، ويبرز بصفة أساسيه دورها القانونى وغرضها ، ولكنه لا يحدد فحواها ولا يكشف عن طبيعتها ، ومن ثم كان متعيناً أن يكمل بتعريف يحدد ذلك ، وهو ما نحاوله فيما يلى :-
الدعوى الجنائية هي " مجموعه من الإجراءات يحددها القانون وتستهدف الوصول إلى حكم قضائي يقرر تطبيقاً صحيحاً للقانون في شأن وضع إجرامى معين " .
يتضح من هذا التعريف أن جوهر الدعوى الجنائية أنها " مجموعه من الإجراءات" وأن السبب المنشئ لها هو إرتكاب جريمة ، أى " تحقق وضع إجرامى  معين". وهذه الإجراءات يحددها القانون ، فيبين شروط صحتها وحالات بطلانها ، ويعنى ذلك أنه لا يترك تحديدها للسلطات والأشخاص الذين يساهمون فى سير الدعوى .
وهدف الدعوى الجنائية هو فحص الوضع الإجرامى وتمحيص أدلته - سواء ما كان منها ضد مصلحة المتهم وما كان فى مصلحته - وإستظهار حقيقته من حيث الواقع ثم تطبيق القانون عليه ، وإستخلاص نتيجة هذا التطبيق فى حكم تنقضى به الدعوى . ومن ثم لا يكون صحيحاً القول بأن هدف الدعوى الجنائية هو إدانة المتهم ، فليست الإدانة فى ذاتها غرضا يعنى المجتمع ، وإنما يعنيه تطبيق القانون على وجهه الصحيح ، وسواء بعد ذلك أن تكون نتيجة هذا التطبيق هى الإدانة أو البراءة ، فالمجتمع تعنيه تبرئة من يستحق البراءة بذات القدر الذى تعنيه به إدانة من يستحق الإدانة .(4)
غاية الدعوى الجنائية : غاية الدعوى الجنائية هى الوصول إلى حكم بات تنقضى به . وهذه الغاية تعطى الدعوى وحدتها ، وتجعل منها ظاهرة قانونية متماسكة : فعلى الرغم من تعدد الأوضاع الإجرائية التى تتكون منها الدعوى الجنائية ، فان كل وضع منها ينبغى أن يكون خطوة فى سبيل الوصول إلى الحكم ، ومن ثم كانت للأوضاع جميعاً غاية واحدة هى غاية الدعوى نفسها (5).
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  عوض محمد عوض ، المبادىء العامة فى قانون الإجراءات الجنائية ، ص21.
(2) عمر السعيد، مبادئ الاجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، الجزء الأول  ، ط 1993 ، ص 59 .
(3) محمود نجيب ، شرح قانون الاجراءات الجنائية ، الدعاوى الناشئة عن الجريمة ، الاستدلال ـ التحقيق الابتدائي ،  دار النهضة العربية  ، ط 1995 ، الطبعة الثالثة  ، ص  63 .
(4) محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص 63 .
(5) محمود نجيب حسني ، المرجع السابق ، ص 63
 
 
========================================
تشكيل واختصاصات النيابة العامة :
======================================== 
  1ـ تشكيل واختصاصات النيابة العامة :
- نظام النيابة العامة :
النيابة العامة فى القانون المصرى هى سلطة تتولى بصفة أساسية أعمال التحقيق والاستدلال والاتهام فى الدعوى الجنائية. ويقوم النائب العام بأداء وظيفة النيابة العامة لدى جميع المحاكم عدا محكمة النقض . وتتشكل النيابة من النائب العام والنائب العام المساعد وعدد كاف من المحامين العامين ورؤساء النيابة ووكلائها ومساعديها ومعاونيها. ويجوز أن يقوم بأداء وظيفة النيابة من يعين لذلك من غير هؤلاء.
- العلاقة بين أعضاء النيابة العامة :
يسود العلاقة بين أعضاء النيابة العامة علاقة التبعية و يقوم النائب العام بنفسه أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة بمباشرة الدعوى الجنائية (المادة الثانية أ.ج) ويأتى النائب العام على رأس أعضاء النيابة العامة ، وهم جميعاً تابعون له وله حق الرقابة والإشراف عليهم . كما أن لأعضاء النيابة العامة سلطة رئاسية على بعضهم البعض بحسب تدرجهم الرئاسى. وقد نصت المادة ( 26 ) من قانون السلطة القضائية المستبدلة بالقانون 142 لسنة 2006 على أن " رجال النيابة تابعون لرؤسائهم بترتيب درجاتهم ثم للنائب العام ". وقد كان النص القديم يقرر التبعية لوزير العدل دون تحديد ما إذا كانت هذه التبعية تبعية قضائية أم إدارية.
وقد نصت المادة 125 من قانون السلطة القضائية على أن " أعضاء النيابة يتبعون رؤساءهم والنائب العام ، ولوزير العدل حق الرقابة والإشراف الإداريين على النيابة وأعضائها ".
 
 
========================================
اختصاصات النيابة العامة
======================================== 
  - اختصاصات النيابة العامة (1):
تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون. ولا يجوز ترك الدعوى الجنائية أو وقفها أو تعطيل سيرها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون (المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية). وقد نصت المادة 21 من قانون السلطة القضائية كذلك على أن " تمارس النيابة العامة الاختصاصات المخولة لها قانوناً ، ولها دون غيرها الحق في رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ". وأهم هذه الاختصاصات :
1- إدارة أعمال الاستدلال : النيابة العامة هى رئيس الضبطية القضائية ، وقد نصت المادة 22 من قانون السلطة القضائية على أن " مأمورى الضبط القضائى يكونون فيما يتعلق بوظائفهم تابعين للنيابة العامة ". ويشارك النيابة العامة فى الإشراف على مأمورى الضبط فى قيامهم بأعمالهم ، سلطات أخرى يتبع لها مأمورو الضبط ؛ غير أن للنيابة العامة دوراً مهماً فى هذه المرحلة ، إذ من سلطتها توجيه أعمال الاستدلال والإشراف عليها حتى تتحقق من الالتزام بأحكام القانون وتحول دون الافتئات على حقوق الأفراد وحرياتهم.
2 - مباشرة التحقيق الابتدائى: تختص النيابة العامة بمباشرة التحقيق الابتدائى ، وقد خولها القانون سلطة التحقيق الابتدائى المخولة لقاضى التحقيق وفقاً للمادة 199 أ.ج.
وتلتزم النيابة العامة فى إجراء التحقيق بالموضوعية والحيدة ، فما يعنيها هو الكشف عن الحقيقة ولو كانت فى مصلحة المتهم ، وعليها الموازنة بين الأدلة وصولاً لمدى ملائمة إحالة الدعوى الجنائية إلى القضاء.
3- الإحالة إلى القضاء وتمثيل الاتهام : إذا رأت النيابة العامة أن الدعوى صالحة لإحالتها إلى القضاء وأن الأدلة الكافية لهذه الإحالة متوافرة الدعوى الجنائية تقوم باتخاذ قرار الإحالة بحسب المحكمة المحال إليها الدعوى. ويعد هذا الاختصاص هو الاختصاص الأصيل للنيابة العامة ، وهو ما عبرت عنه المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية بقولها "تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ، ولا ترفع من غيرها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون". وإذا أحيلت الدعوى الجنائية إلى القضاء، فلا تملك النيابة سحبها، ويجب على المحكمة أن تقضى فيها. ومباشرة النيابة بوظيفة الاتهام لا يعفيها من التحلى بواجب الموضوعية ، فالنيابة هى خصم شريف فى الدعوى الجنائية ، لا يعنيه إدانة المتهم ، بقدر ما يعنيه الوصول إلى الحقيقة ، ولذلك فلها أن تطلب الحكم بالبراءة إذا وجدت أن الأدلة على الاتهام لم تكن صحيحة. ومن أعمال الاتهام الطعن فى الأحكام ، سواء ضد المتهم أو لمصلحته.
4- تنفيذ الأحكام الواجبة التنفيذ فى الدعاوى الجنائية ، ويستوى فى ذلك الأحكام السابقة على الفصل الموضوع أو الفاصلة فيه.
5- رعاية مصالح عديمى الأهلية وناقصيها والغائبين والتحفظ على أموالهم والإشراف على إدارتها وفقاً لأحكام القوانين المنظمة لذلك.
6- الإذن لرجال السلطة العامة بالاتصال بالمحبوسين فى السجون.
7- إصدار الأوامر الجنائية فى المخالفات وفى الجنح التى لا يوجب فيها القانون الحكم بعقوبة الحبس وفى الحدود التى نص القانون عليها.
حيث تنص المادة 325 مكرراً المعدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 على أن :  " لكل عضو نيابة ، من درجة وكيل نيابة علي الأقل ، بالمحكمة التي من إختصاصها نظر الدعوي أن يصدر الأمر الجنائي في الجنح التي لا يوجب القانون الحكم فيها بالحبس أو الغرامة التي يزيد حدها الأدني علي ألف جنيه فضلا عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف .
ولا يجوز أن يؤمر بغير الغرامة التي لا يزيد حدها الأقصي علي ألف جنيه والعقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف ، ويكون إصدار الأمر الجنائي وجوبيا في المخالفات وفي الجنح المعاقب عليها بالغرامة وحدها التي لا يزيد حدها الأقصي علي خمسمائة جنيه ، والتي لا يري حفظها " .
8- إصدار قرارات وقتية فى منازعات الحيازة جنائية كانت أم مدنية ، وما يثور من منازعات بشأن حيازة مترل الزوجية. ووفقاً للمادة 44 مكرر من قانون المرافعات ، فإنه يجب على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة ، مدنية كانت أو جنائية ، أن تصدر فيها قرارا وقتيا مسببا واجب التنفيذ فورا بعد سماع أقوال أطراف التراع وإجراء التحقيقات اللازمة ، ويصدر القرار المشار إليه من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل. وعلى النيابة العامة إعلان هذا القرار لذوى الشأن خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره. ويكون التظلم من هذا القرار لكل ذى شأن أمام القاضى المختص بالأمور المستعجلة ، بدعوى ترفع بالإجراءات المعتادة فى ميعاد خمسة عشر يوما من يوم إعلانه بالقرار ، ويحكم القاضى فى التظلم بحكم وقتى بتأييد القرار ، أو بتعديله أو بإلغائه ، وله بناء على طلب المتظلم إن يوقف تنفيذ القرار المتظلم منه إلى أن يفصل فى التظلم.
9- إقامة الدعاوى التأديبية على القضاة وأعضاء النيابة العامة ومباشرتها أمام مجلس التأديب وإبداء الملاحظات عند نظر طلب إحالة القاضى إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى لفقد أسباب الصلاحية.
10 - الإشراف على السجون وغيرها من الأماكن التى تنفذ فيها الأحكام الجنائية أو المخصصة لحجز المعتقلين وذلك بزيارتها والاطلاع على دفاترها والاتصال بأى محبوس ويحيط النائب العام وزير العدل بما يبدو للنيابة العامة من ملاحظات في هذا الشأن.
11 - عرض القضايا المحكوم فيها بالإعدام على محكمة النقض مشفوعة بمذكرات برأيها فى هذه الأحكام .
12 - تتولى النيابة العامة الإشراف على الأعمال المتعلقة بنقود المحاكم (المادة 28 من قانون السلطة القضائية).
13 - الإشراف على تحصيل وحفظ وصرف الغرامات وسائر أنواع الرسوم المقررة بالقوانين فى المواد الجنائية والمدنية وكذلك الأمانات والودائع.
14 - رفع الدعاوى المدنية فى الأحوال التى نص عليها القانون ، والتدخل الوجوبى والجوازى فى الحالات التى نص عليها فيها قانون المرافعات.
15 - طلب الحكم بإشهار إفلاس التجار (المادة 522 من قانون التجارة).
16 - حضور الجمعيات العمومية للمحاكم وإبداء الرأى فى المسائل التى تتصل بعمل النيابة العامة ، وطلب دعوة الجمعية العمومية لأى محكمة للانعقاد (2).
 
___________________________
(1) د/ أشرف توفيق شمس الدين ، شرح قانون الاجراءات الجنائية " الجزء الأول : مرحلة ما قبل المحاكمة، ط2012 ، ص 14 وما بعدها .
(2) د/  أشرف توفيق شمس الدين ، مرجع سابق ، ص 17 .
 
 
 
========================================
إختصاص النيابة العامة في ضوء التعليمات العامة للنيابات
======================================== 
  إختصاص النيابة العامة في ضوء التعليمات العامة للنيابات
مادة (1) : النيابة العامة شعبة من شعب السلطة القضائية . وهى النائبة عن المجتمع والممثلة له وتتولى المصالح العامة ، وتسعى فى تحقيق موجبات القانون .
مادة  (2) : تختص النيابة العامة أساساً - دون غيرها - بتحريك الدعوى الجنائية وذلك بإجراء التحقيق - بنفسها أو بمن تندبه لذلك من مأمورى الضبط القضائى أو بطلب ندب قاض للتحقيق أو بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة الجنائية المختصة لمحاكمته .
مادة (3) : تباشر النيابة العامة الدعوى الجنائية ، بمتابعه سيرها أمام المحاكم حتى يصدر فيها حكم بات ، وتقوم بأداء وظيفة النيابة العامة لدى محكمة النقض نيابة عامة مستقلة تشكل طبقاً لأحكام قانون السلطة القضائية ولهذه النيابة ـ  بناء على طلب المحكمة - حضور مداولات الدوائر المدنية و التجارية  والأحوال الشخصية دون أن يكون لممثلها صوت معدود فى المداولات .
{ ما يخرج عن إختصاص النيابة العامة }
1ـ لا تملك أن تتنازل عن تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرتها :
طالما أن النيابة ليست إلا وكيلاً عن المجتمع فى تحريك ومباشرة الدعوى الجنائية فإنها لا تملك أن تتنازل عن تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرتها بإرادتها دون صدور أمر بذلك من المجتمع صاحب الحق الأصيل . وعلى ذلك ، فيقع باطلاً كل تنازل يصدر عن النيابة العامة مقدماً عن رفع هذه الدعوى أو إتخاذ أى إجراء من إجراءاتها ، ولو كان ذلك نظير أى مقابل يقدمه المتهم ، كأن يدفع تعويضا للمجنى عليه ، أو عمل هبة لجهة خيرية . فإن وقع هذا التنازل فأنه لا يقيد النيابة العامة فى رفع الدعوى بعد ذلك ويتعين عدم الخلط بين التنازل عن الدعوى وهو مالا تملكه النيابة العامة ، وبين إستعمال سلطتها التقديرية فى مدى ملائمة رفع هذه الدعوى ، وهو ما تختص به هذه النيابة ، فملائمة رفع الدعوى الجنائية أو عدم رفعها لا تعنى التنازل عنها ، بل على العكس هى صورة من صور إستعمال هذه الدعوى ، وتستطيع النيابة العامة أن ترجع فى قرارها بملائمة عدم رفع الدعوى فى أى وقت تشاء فى الحدود التى يسمح بها القانون . وإذا كانت النيابة تملك الصلح فى بعض الجرائم مع المتهم ، فإن ذلك لا يتوقف على رضائها ، بل هو حق للمتهم يستمده من القانون ، أى أن التنازل عن الدعوى الجنائية هنا صادر من المجتمع نفسه وهو صاحب الدعوى الأصيل ، وليس من النيابة (1).
2ـ لا تملك النيابة العامة سحب القضية بعد تقديمها للقضاء وإتصال ولاية المحكمة بها .
كذلك لا تملك النيابة العامة سحب القضية بعد تقديمها للقضاء وإتصال ولاية المحكمة بها ، فإن رأت من ظروف الدعوى أن الأدلة على الإتهام قد إنهارت ، فلها أن تفوض للمحكمة الحكم بما تراه ، ولكن ليس لها أن تحول بين المحكمة وصدور حكمها فى الدعوى .
3ـ لا يجوز للنيابة العامة أن تتنازل عن الطعن فى الأحكام .
ولا يجوز للنيابة العامة أن تتنازل عن الطعن فى الأحكام ، فإن حدث فان هذا التنازل لا يقيدها وتستطيع أن تطعن فى الحكم ما دام ميعاد الطعن لا يزال مفتوحاً بل لها أن تطعن فى الحكم ولو كان صادراً طبقا لطلباتها ، كما لو قدمت النيابة الدعوى للمحكمة بوصف الجنحة فحكمت المحكمة فى الدعوى بهذا الوصف ، فللنيابة العامة أن تطعن فى هذا الحكم بالإستئناف وتطلب من المحكمة الإستئنافية الحكم بعدم إختصاص محكمة أول درجة بالفصل فى القضية لأنها قدمتها خطأ بوصف الجنحة وأن الواقعة فى حقيقتها جناية .(2)
4ـ لا يجوز للنيابة العامة أن تمتنع عن تنفيذ حكم جنائى .
لا يجوز للنيابة العامة أن تمتنع عن تنفيذ حكم جنائى ، ذلك أنها هى المكلفة بتنفيذ الأحكام الجنائية حيث أن عدم تنفيذها يرتب المسئولية المدنية والجنائية والإدارية للممتنع .(3)
______________________________
(1) عبدالرءوف مهدي ، شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية .
(2) عبدالرءوف مهدي ، شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية
(3) أشرف توفيق شمس الدين ، مرجع سابق ، ص 18 .
 
 
========================================
هل يجوز للنيابة أن تعقد صلحاً مع المتهم ؟
======================================== 
  هل يجوز للنيابة أن تعقد صلحاً مع المتهم ؟ (1):
أجاز القانون التصالح فى بعض الجرائم ، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية الناشئة عن هذه الجرائم. ولكن يثور التساؤل عن مدى جواز عقد النيابة العامة صلحاً مع أحد المتهمين نظير عدم تحريك الدعوى الجنائية ضده، فما قانونية هذا الصلح، وما أثره؟. ذهب رأى فى الفقه إلى أنه لا يجوز للنيابة العامة أن تعقد مع المتهم صلحاً بعوض أو بغير عوض مقابل عدم تحريك الدعوى الجنائية، وأنه يقع باطلاً كل اتفاق على ذلك ، ويكون تحريك الدعوى صحيحاً على الرغم من هذا الاتفاق. وفى تقديرنا (2) أنه لا يوجد فى القانون ما يحول دون أن يكون هناك اتفاق بين النيابة العامة والمتهم على إزالة أثر الجريمة وتعويض المجني عليه وجبر كافة الأضرار مقابل عدم تحريك الدعوى الجنائية ضده. وسند رأينا أن النيابة العامة لها سلطة ملائمة تحريك ورفع الدعوى الجنائية ، فإذا رأت أنه من غير الملائم رفعها مراعاة لاعتبارات موضوعية ، فإنها تملك ذلك. ويعد تعويض المضرور وجبر الضرر الناتج عن الجريمة أحد العناصر المهمة التى تستند إليها النيابة فى تقدير ملائمة عدم رفع الدعوى الجنائية. غير أن المشكلة تتصل فى تقديرنا بغياب الرقابة على سلطة النيابة العامة فى إجراء هذا الصلح ، إذ يجب إجراء تعديل تشريعى يعرض الأمر بمقتضاه على المحكمة المختصة لإقرار هذه التسوية ، ولاسيما فى الجرائم ذات الشأن.
__________________________
(1) د / أشرف توفيق شمس الدين ، مرجع سابق ، ص 19 .
(2) د /  أشرف توفيق شمس الدين .
 
========================================
الشروط الواجب توافرها في المتهم
======================================== 
  الشروط الواجب توافرها في المتهم
     ليس في القانون بيان للشروط الواجب توافرها لاعتبارات الشخص متهما في الدعوى الجنائية. ومع ذلك فالرأى متفق على أن الدعوى الجنائية لا ترفع إلا على إنسان حي معين ينسب إليه ارتكاب الجريمة أو الاشتراك فيها ، وأن تتوافر فيه الأهليه الاجرائية (1) .
تلك هى الشروط الواجب توافرها في المتهم أتناولها كالتالي :
______________________________
(1) محمدعيد غريب ، المرجع السابق ، ص 61 .
 
 
========================================
أولا ـ يجب أن يكون المتهم إنسانا حيا :
======================================== 
  أولا ـ يجب أن يكون المتهم إنسانا حيا :
    ( أ )  يشترط أن يكون المتهم شخصاً طبيعيا  ، فلا يوجه الاتهام إلا لشخص طبيعي ، فهذا الشخص هو الأهل لتحمل المسئولية الجنائية ، فأوامر قانون العقوبات ونواهيه لا توجه إلا لشخص طبيعي (1) .  ويرجع هذا الحكم في أساسه إلى السياسة التشريعية ؛ فقد وضع المشرع للدعوى الجنائية تنظيماً يقطع بأن الشخص الطبيعي وحده هو الذي يمكن أن يكون متهما ، لأنه هو الذي يمكن القبض عليه وتفتيشه وحبسه احتياطيا والإفراج عنه ، أما الشخص المعنوي فلا تسمح طبيعته باتخاذ هذه الاجراءات ضده . كذلك فإن التنظيم القانوني للجريمة والعقوبة يحول دون اعتبار الشخص المعنوي جانيا ، ويحول تبعا لذلك دون محاكمته بوصفه متهما وتوقيع العقاب عليه (2) .
      وعلة ذلك أنه في مجال المسئولية الجنائية لا توجد مسئولية افتراضية ، فلا يمكن أن يكون الشخص مسئولاً عن غيره (3) .
     وتختلف قواعد المسئولية الجنائية عن المسئولية المدنية ، فهذه الأخيرة تقر بفكرة المسئولية الافتراضية عن الغير ، كما تجيز رفع الدعوى المدنية بالتعويض على ممثل الشخص المعنوى ، أو حتى على الشخص دون تحديد . ولا ينال من وجوب توجيه الاتهام إلى شخص معين ما تنص عليه بعض التشريعات من الإقرار بفكرة مسئولية الشخص المعنوى ، كقانون التوقيع الالكتروني ، وقانون غسل الأموال ، وقانون حماية البيئة ، فإن هذه المسئولية لا تعني أن يوجه الاتهام إلى الشخص المعنوى دون تحديد ، بل يجب تحديد شخص المسئول عن الإدارة الفعلية لهذا الشخص والذي يسأل عن واجب الإخلال بالواجبات المفروضه عليه (4) .
    وبطبيعة الحال يجوز رفع الدعوى على ممثل الشخص المعنوى أو على أحد موظفيه إذا أمكن مساءلته بصفته الشخصية ونسبة الجريمة إليه (5).
( ب) ويشترط في المتهم كذلك أن يكون حيا . وهذا الشرط بالمنطق الدقيق يندرج في الشرط السابق ، لأن الوجود من لوازم الشخصية . ويترتب على ذلك أنه لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية على من توفى (6) .
     فإذا كان المتهم قد توفى قبل رفع الدعوى فلا يجوز رفعها وانما يتعين على النيابة العامة أن تصدر أمراً بأن لا وجه لاقامة الدعوى الجنائية لانقضائها بوفاة المتهم (7).
أما إذا توفى المتهم أثناء نظر الدعوى فإنه يجب الحكم بإنقضائها . و إذا صدر الحكم على المتهم بعد وفاته كان معدوما قانونا لأنه صدر في دعوى غير قائمة (Cool .
 
__________________________________
(1) أشرف توفيق شمس الدين ، شرح قانون الاجراءات الجنائية " الجزء الأول : مرحلة ما قبل المحاكمة، ط2012 ، ص 43 .
(2) عوض محمد عوض ، المرجع السابق ، ص 50 .
(3) أشرف توفيق شمس الدين  ، المرجع السابق ، ص 43 .
(4)شرف توفيق شمس الدين ، المرجع السابق، ص 44 .
(5) مأمون محمد سلامة ، المرجع السابق ، ص 262 .
(6) عوض محمد عوض ، المرجع السابق ، ص 51 .
(7) مأمون محمد سلامة ، المرجع السابق ، ص 261 .
(Cool عوض محمد عوض ، المرجع السابق ، ص 51 .
 
 
========================================
ثانيا - يجب أن يكون المتهم معينا :
======================================== 

عدل سابقا من قبل Admin في الخميس يوليو 28, 2022 1:01 pm عدل 1 مرات

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الماده18 مكررب
يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي، ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى ما زالت قيد التحقيق أو المحاكمة ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة إذا تم الصلح قبل صيرورة الحكم باتاً، فإذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم جاز له أو وكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعاً بالمستندات المؤيدة له، ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعاً بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه، ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة في غرفة المشورة لنظره لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوماً منذ تاريخ عرضه وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه.
وفي جميع الأحوال يمتد أثر التصالح إلى جميع المتهمين أو المحكوم عليهم دون المساس بمسئوليتهم التأديبية ويقدم طلب التصالح من المتهم أو المحكوم عليهم أو وكيله الخاص ويجوز للأخير اتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بإعادة إجراءات المحاكمة في غيبة المحكوم عليه في الأحكام الصادرة غيابياً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اضافة نص مادة من بالقانون رقم 16 لسنة 2015
بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر
بالقانون رقم 150 لسنة 1950
الجريدة الرسمية - العدد 11 تابع في 12 مارس سنة 2015

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الماده19

ملغـــــــاه
_________________
ألغيت بالقانون رقم 252 لسنة 1953


الماده20

ملغـــــــاه
_________________
ألغيت بالقانون رقم 252 لسنة 1953

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الماده20
 
========================================
التعريف بالاستدلال والتحقيق الابتدائى  (1) :
======================================== 
  حرصا على وقت القضاء من الضياع فى الجرى وراء جمع الأدلة . وحتى لا يزج بشخص فى قفص الاتهام دون أن تكون هناك أدلة كافية على ارتكابه الجريمة ، ينبغى أن تمر الدعوى الجنائية بمرحل أولية هى مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائى أى جمع أدلة الاتهام وتمحيصها قبل رفع الدعوى الى المحكمة .
ويقصد بالاستدلال ضبط الواقعة بمعنى جمع الادلة المثبتة لوقوعها ونسبتها الى فاعلها ، وذلك عن طريق التحرى عن الجريمة والبحث عن مرتكبيها بكافة الطرق والوسائل المشروعة . والاستدلال بهذا المعنى خطوة تسبق التحقيق الابتدائى الذى يقصد به تعزيز الادلة وتمحيصها للتحقق من كفايتها فى اثبات وقوع الجريمة ونسبتها الى مرتكبها . وذلك تمهيدا لاصدار قرار اما باحالة الدعوى الى المحكمة واما بعدم وجود وجه لاقامتها . وهو بالاضافة الى ذلك خطوة لا غنى عنها للتحقيق الابتدائى ، إذ هو بمثابة اعداد لعناصر هذا التحقيق وبدونه لا يكون للتحقيق الابتدائى محل .
ويتميز الاستدلال بأن اجراءاته يصح أن تسبق ظهور الجريمة ، فيكون غرضها الكشف عنها ، كما يصح أن تكون لاحقة لظهور الجريمة وتستهدف حينئذ الوصول الى معرفة شخص المتهم . ولا تنطوى اجراءات الاستدلال بحال على مساس بالاشخاص أو بحرمة مساكنهم . أما اجراءات التحقيق فهى لا تكون الا بعد ظهور الجريمة وتسير فى ضوء توجيه التهمة الى شخص أو أشخاص معينين ، كما تنطوى فى كثير من الاحيان على معنى المساس بحرية الشخص أو بحرمة مسكنه .
والاستدلال ضرورى فى جميع الدعاوى ، اذا استثنينا تلك التى يتم تحريكها مباشرة من قبل المدعى بالحقوق المدنية ، وذلك باعتبار أن رفع الدعوى الى المحكمة لابد أن يسبقة جمع الادلة المثبتة لوقوع الجريمة ونسبتها الى المتهم . وعلى خلاف ذلك لم يوجب القانون التحقيق الابتدائى قبل احالة الدعوى الى المحكمة إلا فى مواد الجنايات ، وجعله جوازيا فى الجنح والمخالفات التى يصح بالتالى رفع الدعوى عنها بناء على محضر جمع الاستدلالات .
ويقوم بمهمة الاستدلال فى التشريع المصرى مأمورو الضبط القضائى ، وهذه هى وظيفتهم الاصلية وان كان القانون قد خولهم الى جانبها سلطة اجراء التحقيق فى أحوال استثنائية . أما التحقيق الابتدائى فتتولاه أصلا النيابة العامة . وقد يشاركها فيه قاضى التحقيق اذا وافق رئيس المحكمة الابتدائية على ندبه للتحقيق بناء على طلب النيابة أو المتهم أو المدعى بالحق المدنى (2) .
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د / عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، 267 ، 268 .
(2) د / عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، 268 .
 
========================================
الضبطية القضائية :
======================================== 
  يعد نظام الضبطية القضائية واحداً من الضوابط القانونية التي وضعها المشرع لكفالة حياة آمنة مطمئنة ومجتمعاً يسوده الاستقرار والأمان.
وهو نظام له أهميته البالغة في مسار الدعوى الجنائية لعدة أسباب لعل من أهمها :
1ـ أن عمل مأمور الضبط القضائي يشكل المرحلة الافتتاحية التي تتخذ في أعقاب وقوع الجريمة أو اكتشافها أو الابلاغ عنها ، والتي تنسج فيها خيوط الواقعة الجنائية وترسم صورتها على نحو يصبح معه من العسير التخلص من تأثيرها في مرحلة المحاكمة.
2ـ  يمتد عمل مأمور الضبط القضائي إلى مرحلتي الاستدلالات والتحقيق الابتدائي ، وفيهما يتم تجميع الأدلة واسانيد الاتهام التي يُساق بها المتهم إلى ساحة القضاء.
3ـ  يُوكل إلى مأمور الضبط القضائي القيام بالعديد من الاجراءات التي تنطوي على المساس بحرية الفرد أو حقوقه كالقبض والتفتيش ، وتفتيش المساكن ، والحبس الاحتياطي.
4ـ أن معظم القضايا التي تطرح على المحاكم الجنائية من جنح ومخالفات لا تنطوي أوراقها إلا على محاضر الاستدلالات التي يباشرها مأمور الضبط القضائي ويتم على أساسها رفع الدعوى الجنائية دون تحقيق قضائي والحكم فيها بناءً على تلك الاستدلالات.
5ـ أن جانباً كبيراً من الاجراءات يتم في مرحلة الاستدلالات التي يتولاها مأمور الضبط القضائي ، وأغلبهم من غير القضاة وأعضاء النيابة، وهم لا يتمتعون بضمانات تكفل استقلالهم عن الجهات الإدارية أو الامنية التي ينتمون إليها.
 
ماهية إجراءات الاستدلال : هى مجموعة الإجراءات السابقة على تحريك الدعوى الجنائية ، غايتها جمع المعلومات الأولية حول وقوع الجريمة ، حتى تستطيع النيابة العامة فى ضوئها اتخاذ القرارات الملائمة بشأن الدعوى الجنائية. لم ينص المشرع على إجراءات الاستدلال على سبيل الحصر، بل نص على أهمها ، ولم يحظر غيرها
عرفت المادة 57 من التعليمات العامة للنيابات الإستدلال بأنه : هو المرحلة السابقة على تحريك الدعوى الجنائية ، ويباشره مأمور الضبط القضائى ، ويهدف إلى جمع عناصر الإثبات اللازمة لتسهيل مهمة التحقيق الإبتدائى والمحاكمة .
 
 
========================================
ومن أهم اجراءات الاستدلال :
======================================== 
  أولاً : إجراءات التحريات : ( م 21 اجراءات )
ثانياً : قبول البلاغات والشكاوى ( م 24 اجراءات )
ثالثاً :  الحصول على الإيضاحات وإجراء المعاينات اللازمة .( م 24 ، 29إجراءات )
رابعاً : إجراءات التحفظ على الأشياء ( م 53 إجراءات ) .
خامساً : إجراءات التحفظ على الأشخاص ( م 35 إجراءات )
 
 
========================================
إجراءات التحريات : ( م 21 اجراءات )
======================================== 
  ينص المشرع فى المـــادة 21 إجراءات على أن " يقوم مأمورو الضبط القضائى بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الإستدلالات التى تلزم للتحقيق فى الدعوى " .
ويستخلص من هذا النص أن القانون أوجب على مأمورالضبط القضائى إجراء التحريات اللازمة عن الجرائم ومرتكبيها .
ويقصد بالتحريات :ـ  جمع كافة القرائن والأدلة التى تفيد فى التوصل إلى الحقيقة إثباتاً أونفياً لوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها.
والتحريات من الواجبات المفروضة على مأمور الضبط القضائى ،غير أن القانون لا يوجب حتماً أن يتولاها بنفسة ،بل لة أن يستعين بمعاونية من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ، أومن يتولون إبلاغة عما وقع بالفعل من جرائم مادام هو قد أقتنع شخصيا بما نقلوة إلية ، وبصدق ما تلقاة عنهم من معلومات . ولا يوجب القانون كذلك أن يكون مأمورالضبط القضائى قد أمضى وقتاً طويلاً فى التحريات ،فليس هناك أى تحديد لفترة زمنية لإجراء التحريات.
وتتضح أهمية التحريات بالنسبة لبعض إجراءات التحقيق كالتفتيش ، إذ يوجب القانون لطلب الإذن بتفتيش المنازل (المادة 91إجراءات جنائية ) أو الأشخاص (المادة 94إجراءات جنائية) وجود قرائن أو امارات قوية تدل على أن المراد تفتيشة حائز لأشياء تتعلق بالجريمة ،أو يخفى أشياء تفيد فى كشف الحقيقة . وعلى سلطة التحقيق تقديرجدية هذة التحريات قبل إصدار إذن التفتيش ،فإذا تبين له أنها غيرجدية وجب علية رفض إصدارالإذن بالتفتيش ،ولمحكمة الموضوع أن تراقب جدية هذة التحريات عن طريق مراقبتها لشروط صحة الإذن فإذا كانت التحريات غير جدية ترتب على ذلك بطلان إذن التفتيش وبالتالى بطلان جميع الإجراءات المترتبة علية .ولكن ليس لمحكمة النقض بعد ذلك أى سلطة فى التعقيب على ما استخلصتة محكمة الموضوع .
غير أنة لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة ، وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائى الذى أختارة لمعاونتة فى مهمتة .كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة لة عند إتخاذ أى إجراء من إجراءاتة لا ينال من سلامة أقوالة .
ويلاحظ أنة حتى تكون التحريات منتجة لأثارها أن تكون متعلقة بجريمة وقعت فعلاً ، فلا يجوز لمأمور الضبط القضائى أن يتدخل بفعلة فى خلق الجريمة ، أو التحريض على مقارفتها . وبناء على ذلك لا يجوز إصدار الإذن بالتفتيش لضبط جريمة مستقبلة ، ولوكانت التحريات والدلائل جدية على أنها ستقع بالفعل.(1)
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د/ محمد عيد غريب ، مرجع سابق ، ص 246.
 
========================================
مفهوم مصطلح التحريات فى التشريع المصرى (1) :
======================================== 
  رغم شيوع وتكرار استخدام رجال الشرطة لمصطلح التحريات فى كافة محاضر الضبط التى تعرض على النيابة العامة لإ تخاذ شئونها فيها بإصدارها الإذن بإتخاذ ما تراه من إجراءات القبض أوالتفتيش أو تسجيل للمحادثات الهاتفية ، وبصفة عامة كل إجراء يمس الحرية الفردية ، ورغم تكرار استخدام هذا المصطلح أيضا فى ساحات القضاء وأورقة المحاكم ، والمؤلفات الفقهية سواء القانونية أو الشرطية ، وتكرار تصدر أحكام المحاكم الجنائية على إختلاف درجاتها بتأييد أو جحد ما أنتهت إليه تحريات رجال هيئة الشرطة ، فإن الثابت من مطالعة نصوص مواد التشريع الإجرائى بصفة خاصة وبعض التشريعات الأجنبية بصفة عامة أنها قد خلت تماما من الإشارة إلى هذا المصطلح صراحة .
فقد إستهل المشرع الإجرائى المصرى الباب الأول من الكتاب الأول من القانون رقم 150 لسنة 1950 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية بعنوان " فى الدعوى الجنائية وجمع الإستدلالات والتحقيق " . بينما استهل الباب الثانى من الكتاب الأول من ذات القانون بعنوان " فى جميع الإستدلالات ورفع الدعوى "  بينما عنون الفصل الأول من الباب الثانى من الكتاب الأول من ذات القانون بقوله " مأمورى الضبط القضائى وواجباتهم " .
ومن تتبع نصوص المواد 21،24 ،29 ،31 ،34 ،35 إجراءات جنائية  يتلاحظ أن المشرع المصرى قد نهج ذات المنهج الذى أشرنا إليه ، أى لم يستخدم مصطلح التحريات ، بل جرى على إستعمال مصطلح جمع الإستدلالات م 21 /1 أ.ج  والإيضاحات م 24 أ.ج وجمع الإستدلالات م 29 أ.ج . هكذا
وإذا كان هذا هو موقف المشرع الإجرائى المصرى فالملاحظ أن أحكام المحاكم قد درجت على إستخدام مصطلح التحريات .
 فقد قضى بأن " من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بغير معقب " .
" وإذا كان ما تقدم كذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل إذن التفتيش تأسيساً على عدم جدية التحريات لما تبين أن الإسم الوارد بها هو اسم والد المطعون ضده ...فإن التحريات التى صدر على أساسها الإذن لم تكن جدية بالقدر الذى يسمح بإصدار الإذن ....فإن ما انتهى إليه الحكم لم يكن أساسه مجرد الخطأ فى إسم المقصود بالتفتيش وإنما كان مرجعه القصور فى التحرى بما يبطل الأمر ويهدر الدليل الذى كشف عن تنفيذه وهو استنتاج سائغ تملكه محكمة الموضوع ومن ثم فإن منعى الطاعنة فى هذا الصدد يكون فى غير محله " (2) .
يقول الدكتور قدرى الشهاوى  " رأينا أن المشرع لم يستخدم مصطلح التحريات رغم شيوع استخدامه فى العمل ، ولعل مرجع ذلك أن الوصول إلى الحقيقة لا يمكن فرض طريق محدد لة وبالتالى حصر أساليبها فى مجال معين ، على إعتبار أن الحقيقة تكون خافية وإنتزاعها من براثن البهتان أمر يدق ـ وبالتالى يصعب إزاء تحديد أساليبها مقدماً للكشف عنها والوقوف على أبعادها .
ولامراء أن إستعمال مصطلح التحريات من شأنه أن يضيق من أساليب البحث ، ومن ثم فقد لجأ المشرع إلى إستخدام مصطلح الإستدلالات والإيضاحات .....الخ
وبالترتيب على ذلك فقد إستقرت أحكام محكمة النقض على أن " لا تثريب على رجل هيئة الشرطة أن يصطنع من الوسائل البارعة ما يسلس مقصوده فى الكشف عن الجريمة ولايتصادم مع أخلاق الجماعة ومن ذلك التخفى وإنتحال الصفات وإصطناع المرشدين ولو بقى أمرهم مجهولا طالما بقيت إرادة الجانى حرة " (3) . يضاف إلى ذلك إن الإثبات لاشأن له بمسائل القانون ـ عدا التشريع الأجنبى إذ هو محدد بمسائل الواقع (4) لذلك لم يشأ المشرع الإجرائى المصرى إلزام رجال هيئة الشرطة بإعتبارهم السلطة القائمة بالإستدلالات بنوعية معينة من المعلومات التى يتعين عليهم تحصيلها بالنسبة لكافة الجرائم على حد سواء ، بل يجوز لرجال هيئة الشرطة جمع المعلومات والإستخبارات عن طريق التحريات التى تؤدى إلى تأكيد الدليل المستمد منها تبعا لنوعية الجريمة وظروف ارتكابها. وفى الجملة يجب على مأمورى الضبط القضائى وعلى مرءوسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التى تبلغ إليهم (م 24أ.ج ) (5) .
ويقول الدكتور قدرى الشهاوى وكذلك نحن نرى ـ وبحق ـ أن المشرع فى إستعماله لمصطلح الإستدلالات إنما أراد أن ينعت العمل الشرطى بذات الوصف الذى حصر رسالته الإجرائية فى مجاله ، وهى كون مهمة الشرطة هى مجرد القيام بالإجراءات الإستدلالية دون شمولها أو إنصرافها لأى عمل من أعمال التحقيق ، إذ لو  كان المشرع قد إستخدم مصطلح التحريات لكان من الجائزفهم رسالة الشرطة على شمولها لبعض أعمال التحقيق ، وهو ما لم يعنيه المشرع فى هذا الخصوص .
وأيا كان موقف المشرع المصرى ـ فسوف نرى إنه وإن كان قد أحجم عن استخدام مصطلح التحريات فى مواد قانون التشريع الإجرائى إلا أن هذا المعنى الفنى لهذا المصطلح مستفاد من المواد 21، 24، 29إجراءات جنائية .
والواقع أن إجراءات جمع التحريات والإستخبارات والإستدلالات لا يمكن التهوين من أهميتها فى مجال الإثبات الجنائى إذ غالباً ما تؤدى تلك التحريات إلى كشف غموض الحدث الإجرامى وجمع أدلة وعناصر الإتهام وتحديد أبعادة وفى النهاية تحديد فاعل الجريمة . (6)
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د/  قدرى عبد الفتاح الشهاوى ، ضوابط الإستدلالات والإيضاحات والتحريات والإستخبارات فى التشريع المصرى والمقارن ، ط 2002 ، ص 37 .
(2) طعن رقم 118 لسنة 45 ق 23 /2/1975 س 27 ص 252 ، الطعن 538 لسنة 44ق جلسة 12 /12/1974 س25 ص 876 مج الذهبية ص 14 ، ج4 ، سنة 1981.
(3) راجع : نقض 4/1/1960 مج س11 ق رقم 1ص7.
(4) د /  محمد زكى أبو عامر ـ الإثبات فى المواد الجنائية ، ص51 .
(5) يؤكد هذا الرأى ما قضت به المادة 58 من تعليمات النيابة العامة فى مصر ـ والتى تنص على أن " تتمثل إجراءات الإستدلال بصفة خاصة ....فى إجراء التحريات عن الوقائع التى يعلمون بها . مما يعنى أن مصطلح الإستدلالات أكثر شمولا من مصطلح التحريات وهذا يؤكد الرأى الذى أنتهينا إليه فيما يتعلق بمسلك المشرع فى هذا الصدد . (دكتور قدرى الشهاوى ، المرجع السابق) .
(6) د / قدرى عبد الفتاح الشهاوى ،  المرجع السابق .
 
========================================
عدم جواز التحريض على الجرائم أو خلقها لضبطها (1):
======================================== 
  يحظر على مأمور الضبط أن يقوم بتحريض الجانى على ارتكاب الجريمة ليقوم بضبطها فيما بعد ، وهو ما يطلق عليه اسم  "المحرض الصورى" ، وتطبيقاً لذلك يبطل قيام مأمور الضبط بتحريض الجانى على قتل المجنى عليه أو جلب المخدرات من الخارج أو حيازتها للاتجار فيها ، أو القيام بعمل تخريبى. غير أنه إذا كانت فكرة الجريمة كانت لدى الجانى ، وتدخل مأمور الضبط للكشف عنها ، فإن عمله يكون صحيحاً.  والضابط فى صحة عمل الاستدلال فى هذه الحالة هو هل كانت إرادة الجانى حرة حال ارتكابه للجريمة ؛ أم أن الجريمة لم تقع إلا بناء على تحريض مأمور الضبط ؟. فإذا كانت إرادة الجانى حرة ، وما تدخل مأمور الضبط إلا لكشف الجريمة ، فإن العمل يبقى صحيحاً.  وتطبيقاً لذلك قضى بصحة ضبط الجانى فى جريمة جلب مخدرات إلى داخل البلاد استغل تعرفه على مأمور الضبط وتوطد علاقته به ، فعرض عليه المساهمة فى توزيع المخدرات التى يجلبها من الخارج على الباخرة التى يعمل بها ، فتظاهر الضابط بالقبول و أبلغ الأمر إلى رؤسائه ورجال مكتب مكافحة المخدرات.  وفى واقعة أخرى دلت تحريات مأمور الضبط على أن المتهمين وهما من قوة نقطة الجمرك يتغاضيا عن الاطلاع على المستندات التى تدل على سلامة الإجراءات الجمركية نظير تقاضى مبالغ على سبيل الرشوة من السيارات التى تعبر من خلالها ، فاستصدر إذناً من النيابة العامة واستوقف
إحدى سيارات النقل المحملة ببضائع تستحق الرسوم الجمركية وقادها متظاهراً بأنه سائقها ، فأوقفه المتهمان ، فعرض عليهما الضابط مبلغاً مالياً لقاء التجاوز عن الاطلاع على الترخيص والمستندات المثبتة لسداد الجمارك ، فوافقا ، وسلمهما المبلغ وسمحا له بالمرور ، وتم ضبطهما بعد ارتكاب الجريمة. وقضى فى هذه الواقعة بصحة إجراءات الضبط. كما قضى بأن مسايرة المتهم أو التظاهر بالرغبة فى شراء المخدر منه لا يعد تحريضاً على ارتكاب الجريمة أو خلقاً لها (2).
- التخفى وانتحال الصفات واصطناع المرشدين : قد يقتضى التحرى عن وقوع الجرائم والكشف عنها وعن مرتكبها أن يلجأ مأمور الضبط إلى التخفى وانتحال الصفات حتى يأنس الجانى لهم ويأمن جانبهم وليتمكنوا من أداء واجبهم ، وهذه الأعمال تبقى مشروعة ، متى كانت تستهدف هذه الغاية ومتى كانت إرادة الجانى حرة غير معدومة ، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها يبقى عملاً مشروعاً ولا يعد تحريضاً على الجريمة ما دامت إرادة هؤلاء تبقى حرة. وقضى بأن اصطناع مأمور الضبط للمرشدين يكون صحيحاً ، حتى ولو أبقى أمرهم سراً مجهولاً (3) .
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د / اشرف توفيق شمس الدين ، مرجع سابق ، ص 143 ، 144 .
(2) د / اشرف توفيق شمس الدين ، مرجع سابق ، ص 143 ، 144 .
(3) د / اشرف توفيق شمس الدين ، مرجع سابق ، ص 144 ، 145 .

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
احكام نقض للماده20


 
الطعن رقم 1697 لسنة 55 بتاريخ 23/02/1989
 الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعون جميعاً ....... أقام على الطاعنين فيها ووزير الصناعة بصفته الدعوى رقم 11880 لسنة 1980 مدني جنوب القاهرة الابتدائية وطلب في ختامها الحكم بإلزامهم متضامنين أن يؤدوا إليه مبلغ مائة ألف جنيه والفوائد القانونية، وقال بياناً لدعواه أن الطاعنين الثلاثة ................. قد عملوا متساندين يشايع بعضهم بعضاً إلى تقديم البلاغات الكاذبة ضده إبان عمله رئيساً لمجلس إدارة شركة ......... بغية الإيقاع والتشهير به وقاذفين في حقه بالافتراء والتجني عليه إذ تقدم أولهم الذي كان يعمل بالشركة ببلاغ إلى محافظة الغربية عن وجود مخالفات مالية بها وتبين للجنة التي تولت فحص البلاغ عدم صحته ثم عاد فاتفق مع الطاعن الثاني رئيس مباحث جرائم الأموال العامة الذي تربطه به صلة عمل سابق على الكيد والإساءة إليه فتقدم الأخير إلى النيابة العامة بمحضر تحريات مؤرخ 26/11/1979 يتهمه فيه بالتسهيل عن عمد للمقاولين........ و........... للحصول على أموال من الشركة بدون وجه حق وثبت عدم صحة الواقعة التي حققتها النيابة العامة في الشكوى رقم 2474 لسنة 1980 إداري مركز طنطا وحفظتها إدارياً، ثم عاد الطاعن الثاني مرة أخرى بمعاونة الطاعن الثالث مدير الشئون القانونية بالشركة فقدم بلاغاً إلى النيابة العامة ومحضر تحريات مؤرخ 6/3/1980 ضمنه وجود تلاعب بأموال الشركة وأن المطعون ضده الأول قد تواطأ مع المقاول ............. لتوريد كمية من الكتان المعطون إلى الشركة بسعر يزيد على سعره وشروط عقد سابق مما أضاع على الشركة مبلغ ستة آلاف جنيه وذلك بقصد حصوله على فرق السعر لنفسه رغم تحذير الطاعن الثالث له، وقد ردد هذا الأخير الاتهام الوارد في محضر التحريات في تحقيق النيابة للواقعة في الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا والتي استبعدت فيها شبهة الجناية وحفظتها إدارياً لعدم صحتها، وقد صاحب ذلك نشر أخبار التحقيق مع المطعون ضده الأول بجريدة الأخبار وبإحدى الصحف المحلية مما ألحق به أفدح الضرر الأدبي فتحققت بذلك مسئولية الطاعنين الثلاثة سالفي الذكر عن التعويض عن البلاغ الكاذب والقذف، وكذلك مسؤولية متبوعهم وزير الصناعة بصفته وشركة ........ ووزير الداخلية بصفته على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة وأثناء سير الدعوى أقام وزير الصناعة بصفته دعوى ضمان فرعية ضد الطاعن...... بطلب الحكم بإلزامه بما عسى أن يحكم به عليه في الدعوى الأصلية، كما أقام وزير الداخلية بصفته دعوى ضمان فرعية مماثلة على تابعه الطاعن .......، وقدم الطاعن...... طلباً عارضاً للحكم على المطعون ضده الأول – المدعي في الدعوى الأصلية- بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض عن إساءة استعمال حق التقاضي، ودفع الطاعنون جميعاً بعدم اختصاص محكمة جنوب القاهرة محلياً بنظر الدعوى – وبتاريخ 30 من مايو سنة 1981 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص المحلي ثم عادت وحكمت بتاريخ 12 من فبراير سنة 1983 برفض الدعوى الأصلية بالنسبة لكل من الطاعنين....................و...............ووزير الداخلية بصفته ووزير الصناعة بصفته وبرفض الدعاوى الفرعية، وبإلزام الطاعنين .... ورئيس مجلس إدارة شركة ........ بصفته متضامنين بأن يؤديا إلى المطعون ضده الأول مبلغ خمسة آلاف جنيه. استأنف المطعون ضده الأول ما رفض من طلباته في هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2176 لسنة 100 القضائية، كما استأنف الحكم لدى ذات المحكمة كل من الطاعنين رئيس مجلس إدارة شركة ........ بصفته بالاستئناف رقم 2527 لسنة 100 القضائية و...... بالاستئناف رقم 2592 لسنة 100 قضائية، وبتاريخ 8 من مايو سنة 1984 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً وضمنت أسباب حكمها رفض الدفع المبدي أمامها من الطاعن .... بعدم اختصاص محكمة أول درجة محلياً بنظر الدعوى، ثم عادت وحكمت بتاريخ 11 من أبريل سنة 1985 في الاستئناف رقم 2176 لسنة 100 القضائية بإلغاء الحكم المستأنف وفي موضوع الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنين جميعاً متضامنين بأن يؤدوا إلى المطعون ضده الأول مبلغ عشرة آلاف جنيه والفوائد بواقع 4% من تاريخ الحكم حتى تمام الوفاء، وفي دعوى الضمان الفرعية المرفوعة من وزير الداخلية بصفته بإلزام تابعه الطاعن .... بأن يدفع لوزارة الداخلية مبلغ خمسة آلاف جنيه، وبرفض الاستئنافين رقمي 2527 لسنة100 القضائية، 2592 لسنة 100 القضائية. طعن في هذا الحكم بطريق النقض من رئيس مجلس إدارة شركة ........ بصفته بالطعن رقم 1697 سنة 55 القضائية ومن ........ بالطعن رقم 1723 لسنة 55 القضائية ومن ..... بالطعن رقم 1760 لسنة 55 القضائية ومن ..... بالطعن رقم 1762 لسنة 55 القضائية ومن وزير الداخلية بصفته بالطعن رقم 1775 لسنة 55 القضائية وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي في كل طعن بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرضت الطعون على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرها وفيها أمرت بضم الطعون الأربعة الأخيرة إلى الطعن الأول ليصدر فيهم حكم واحد والتزمت النيابة رأيها
 
 المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعون استوفت أوضاعها الشكلية.
أولاً: الطعن رقم 1762 لسنة 55 القضائية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعي الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الصادر أثناء سير الخصومة بتاريخ 8 من مايو سنة 1984 – الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم اختصاص محكمة جنوب القاهرة الابتدائية محليا بنظر الدعوى لاختصاص محكمة طنطا الابتدائية بها إذ يقع بدائرة المحكمة الأخيرة موطنه وموطن زميليه المدعى عليهما المختصمين في الدعوى بصفة أصلية وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع وأقام قضاءه على أن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية مختصة محليا بنظر الدعوى لوقوع موطن كل من وزير الداخلية ووزير الصناعة المختصمين فيها بصفتهما متبوعين للمدعى عليهم الأصليين في دائرتها عملا بنص الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات، في حين أنه يشترط لانعقاد الاختصاص المحلي للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحد المدعى عليهم المتعددين طبقا لهذا النص أن تكون مراكزهم القانونية في الدعوى متساوية، أما إذا اختلفت مراكزهم بين مدع عليه بصفة أصلية وآخر بصفة تبعية أو احتياطية كما إذا رفعت الدعوى على مدين وكفيل أو على تابع ومتبوع – الذي هو في حكم الكفيل المتضامن – فإن العبرة في تحديد الاختصاص المحلي للمحكمة تكون بالنظر إلى موطن المدين أو التابع فحسب ودون اعتبار لموطن الكفيل أو المتبوع تغليبا للمركز القانوني للمسئول الأصلي على مركز المسئول بصفة تبعية في الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان النص عاما مطلقا فلا محل لتخصيصه أو تقييده استهداء بقصد المشرع منه لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل – ولما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات على أن "وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم" قد ورد في عبارة عامة مطلقة بحيث يتسع لكافة المدعى عليهم المتعددين في الخصومة تعدداً حقيقاً، والمقصود بهم هؤلاء الذين وجهت إليهم طلبات في الدعوى لا أولئك الذين اختصموا ليصدر الحكم في مواجهتهم أو لمجرد المثول فيها فمن ثم يجوز للمدعي طبقا لهذا النص رفع الدعوى على المدعى عليهم المتعددين تعدداً حقيقيا على اختلاف مراكزهم القانونية فيها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم سواء كان مسئولا بصفة أصلية أو ضامنا دون قيد أو تخصيص، ولا محل للقول بقصر تطبيق حكمه على فئة المدعى عليهم المتساويين في المراكز القانونية في الدعوى دون سواهم أو تغليب موطن المسئول الأصلي على موطن الضامن له عند تحديد المحكمة المختصة محليا لما ينطوي عليه ذلك القول من تقييد لمطلق النص وتخصيص لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول قد أختصم في الدعوى الطاعن وزميله الطاعنين في الطعنين رقمي 1723، 1760 لسنة 55 القضائية كمسئولين أصليين كما أختصم فيها الطاعنين في الطعنين رقمي 1697، 1775 لسنة 55 القضائية ووزير الصناعة بصفاتهم متبوعين لهم وطلب الحكم بإلزامهم جميعا بالتعويض فيعتبر تعددهم في الخصومة تعدداً حقيقيا بتوجيه هذا الطلب إليهم، مما يبرر رفع الدعوى أمام المحكمة الكائن في دائرتها موطن أحدهم تابعا كان أو متبوعا، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه باختصاص المحكمة الابتدائية محلياً معتدا بوقوع موطن وزيري الداخلية والصناعة المختصمين في الدعوى بصفتهما متبوعين للمسئولين الأصليين فيها فإنه يكون موافقا لصحيح حكم القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه دلل على الخطأ بأن الطاعن تقدم ببلاغ إلى محافظة الغربية عن وجود مخالفات مالية بالشركة التي يعمل بها ويرأسها المطعون ضده الأول ثم أوعز إلى رئيس مباحث مكافحة جرائم الأموال العامة وأمده بالمعلومات الدقيقة من داخل الشركة فحرر الأخير محضر تحرياته المؤرخ 26/ 11/ 1979 بناء على هذه المعلومات وسأل الطاعن فردد ما جاء بالتحريات وألقى بشبهة الاتهام على المطعون ضده الأول ثم عاد وأمعن في الكيد له وألقى بشبهة الاتهام عليه في تحقيق النيابة الشكوى في رقم 2474 لسنة 1980 إداري مركز طنطا ولم يبد تعليلاً مقبولا لحصوله على تفصيلات المعلومات التي أدلى بها والتي لا تتصل بعمله ولهذا فقد ثبت سوء نيته ثم عدم صحة بلاغه بحفظ النيابة الشكوى إداريا، في حين أن ما أورده الحكم بأسبابه لا يؤدي عقلا إلى ثبوت مسئوليته ذلك بأنه لم يكشف عن وجه خطئه في تقديم بلاغ إلى المحافظة عن وجود مخالفات مالية بالشركة التي يعمل بها، ولم يبين ماهية أقواله التي تضمنت إلقاء شبهة الاتهام على المطعون ضده الأول بقصد الكيد له لدى سؤاله في محضر التحريات وفي تحقيق النيابة، كما أغفل الحكم ما تمسك به الطاعن من دفاع في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 3/ 3/ 1984 من أن بلاغه عن المخالفات المالية التي وقعت من المقاولين المتعاقدين مع الشركة كان بحسن نية ويستهدف المصلحة العامة ولم يقصد به شخص المطعون ضده الأول واستدلاله على ذلك بأقواله في تحقيق النيابة وبأقوال المطعون ضده الأول نفسه التي تضمنتها مذكرة دفاعه المقدمة لمحكمة أول درجة بتاريخ 4/ 12/ 1982 إذ جاء فيها إنه لم يكن المقصود ببلاغ الطاعن عن المخالفات المالية بالشركة وأن الأخير ذكر بالتحقيقات أن الخطأ في صرف المبلغ بدون وجه حق للمقاولين كان متعمداً من جانب مسئول آخر في الشركة وليس من جانب المطعون ضده الأول وأنه لا يعلم أن للأخير مصلحة في صرف هذه المبالغ للمقاولين، وما أوردته الشركة في مذكرتها المقدمة لمحكمة أول درجة بتاريخ 4/ 12/ 1982 من أنها لا تزال تداين المقاول بمبالغ ضخمة سجلتها تحقيقات النيابة العامة، كما خالف الحكم الثابت بالأوراق بخصوص مصدر معلومات الطاعن التي أدلى بها في تحقيقات الشكوى آنفة الذكر إذ الثابت منها أنه استقى تلك المعلومات بحكم عمله ولكونه عضواً باللجنة التي تولت بحث موضوعها.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن النص في المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها "والنص في المادة 26 من هذا القانون على أنه" يجب على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأديته عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ عنها فوراً النيابة العامة أو أقرب مأموري الضبط القضائي يدل على أن إبلاغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم – التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية عنها بغير شكوى أو طلب يعتبر حقا مقرراً لكل شخص وواجبا على كل من علم بها من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء وبسبب تأدية عملهم وذلك حماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون، ومن ثم فإن استعمال هذا الحق أو أداء هذا الواجب لا تترتب عليه أدنى مسئولية قبل المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ عنها وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد وبغية الكيد والنيل والنكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط، أما إذا تبين أن المبلغ كان يعتقد بصحة الأمر الذي أبلغ عنه أو قامت لديه شبهات تبرر التبليغ فإنه لا وجه بمساءلته عنه. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بشأن مسئولية الطاعن على أن المستندات المقدمة من المطعون ضده الأول تدل على أن الطاعن كان يعمل مدير إدارة الخدمات والعلاقات العامة بالشركة وقد نشبت بينه وبين المطعون ضده الأول – رئيس مجلس الإدارة – خلافات شخصية وعندئذ تقدم الأول بشكواه بوجود مخالفات مالية بالشركة إلى المحافظة، كما أنه وهو ضابط شرطة سابق أوعز وأمد العقيد ....... المطعون ضده الثاني بالمعلومات الدقيقة فكتب الأخير محضر تحرياته في 26/ 11/ 1979 أوردها تواريخ وأرقام لا تصدر إلا عن علم من داخل الشركة وبادر الأخير بسؤال الطاعن فجاءت أقواله مرددة لما ورد بالتحريات وألقى بشبهة الاتهام على المطعون ضده الأول بل أنه أمعن في الكيد والخصومة له وألقى بشبهة الاتهام عليه عند سؤاله في تحقيق النيابة ولم يدل بتعليل مقبول لحصوله على التفصيلات التي ذكرها في التحقيق إذ ليس من مقتضيات عمله الإطلاع على عقود المقاولات بالشركة، وقد ثبت من ذلك سؤ نيته ثم عدم صحة الشكوى من قرار النيابة بحفظها إدارياً، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وإن كان يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن يكون استخلاصها سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى كما أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض وتمتد هذه الرقابة إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقيق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه، لما كان ذلك وكانت الوقائع التي سردها الحكم المطعون فيه ليس فيها ما يسوغ أن يستخلص منه ما وصم به بلاغ الطاعن وأقواله في محضر التحريات وتحقيق الشكوى آنفة الذكر من سوء القصد والكيدية ذلك بأن عباراته المجملة التي أطلق فيها القول بأن الطاعن قدم بلاغا إلى المحافظة عن مخالفات مالية بالشركة تكشف عن ثمة خطأ أو انحراف من الأخير عن حق الشكوى الذي يعتبر – على ما سلف بيانه – من الحقوق المباحة للأفراد وواجباً على كل موظف عام أو مكلف بخدمة عمومية، كما أن ما أورده الحكم من أن الطاعن أدلى بأقوال عن تلك المخالفات في محضر التحريات وفي تحقيق النيابة وألقى فيها بشبهة الاتهام على المطعون ضده الأول إذ جاء مبهما غامضا مجهلا لتلك الأقوال ووجه ما استدل به الحكم منها فلا يصلح سنداً لخطأ موجب للمسئولية، وأما قوله بانتفاء مبررات حصول الطاعن على تفاصيل معلوماته عن الشكوى فهو مخالف للثابت في الأوراق من أن حصول الأخير على تلك المعلومات كان بحكم عمله واختياره عضوا باللجنة التي شكلت لبحث موضوع الشكوى ولا يغني الحكم شيئا استناده إلى قرار النيابة العامة بحفظ الشكوى إداريا لما هو مقرر من أن القرارات الصادرة من سلطات التحقيق لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب تلك القرارات أية حجية أمام القاضي المدني، ولا يقيل الحكم من عثراته ويذهب عنه فساده اعتبار مبرر حفظ الشكوى مجرد قرينة طالما كانت هذه القرينة ضمن القرائن الأخرى المعيبة السالفة التي استدل بها الحكم مجتمعة على خطأ الطاعن وكان لا يبين أثر كل واحدة من هذه القرائن في تكوين عقيدة المحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم قد أغفل دفاع الطاعن الذي تضمنه مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 3/ 3/ 1984 بشأن صحة بلاغه وحسن نيته وما استدل به على ذلك مع كونه دفاعا جوهريا فيكون قد عاره فضلاً عن الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق القصور في التسبيب مما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث بقية أوجه الطعن.
"ثانيا: الطعن رقم 1723 لسنة 55 القضائية"
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب
ومما ينعاه الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور، وفي بيان ذلك يقول أنه أستند في ثبوت خطئه إلى القول بأن رئيس مباحث مكافحة جرائم الأموال العامة قد سأله في محضر التحريات كما سأله وكيل النيابة في تحقيق الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا وأنه عرض بنفسه محضر التحريات والمستندات المضبوطة على وكيل النيابة كما أنه حصل على توقيع المقاول على عقد توريد الكتان محل الشكوى، وأن النيابة قررت حفظ الشكوى إداريا وإدانة الطاعن وإخطار الجهة الإدارية لمجازاته عما نسب إليه، في حين أن أداؤه بمعلوماته في محضر التحريات وتحقيق النيابة عن موضوع الشكوى لا يعد من قبيل الخطأ الموجب لمسئوليته كما لا يعد كذلك إعداده العقد وحصوله على توقيع المورد عليه لدخول هذا الأمر في صميم عمله كمدير للشئون القانونية بالشركة، أما قول الحكم بأن الطاعن هو الذي عرض بنفسه محضر التحريات والمستندات المضبوطة على سلطة التحقيق فمبني على استنتاجات ظنية لا أساس لها، كما أن تقريره بأن النيابة المختصة انتهت إلى إدانة الطاعن وإخطار الجهة الإدارية لمجازاته إداريا يخالف الثابت من الأوراق من عدول نيابة الأموال العامة العليا عن طلب النيابة الجزئية مجازاته إدارياً.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأنه وإن كان الأصل في استنباط القرائن أنها من أطلاقات محكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون استنباطها سائغاً وأن يكون استدلال الحكم له سنده من الأوراق ومؤديا إلى النتيجة التي بني عليها قضاءه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استدل على خطأ الطاعن بشأن موضوع الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا بقوله أنه كان على خلاف بسبب العمل مع رئيس الشركة المطعون ضده الأول وأنه أمد رئيس مباحث مكافحة جرائم الأموال العامة بالمعلومات على المخالفات المالية محل الشكوى فحرر الأخير محضر تحرياته، وأن الطاعن كان أول من سئل في هذا المحضر كما سئل في تحقيق النيابة, وأنه هو الذي قدم محضر التحريات والمستندات المضبوطة لوكيل النيابة إذ كان موجوداَ خارج غرفة التحقيق قبل سؤاله وأن التوقيع على عقد المقاولة محل الشكوى قد تم بمعرفة الطاعن وأن النيابة العامة قررت حفظ الشكوى إداريا لعدم صحتها وإحالة الأخير إلى الجهة الإدارية لمجازاته عما نسب إليه، وكانت هذه القرائن التي ساقها الحكم لا يسوغ أن يستخلص منها ما قال به من ثبوت الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية المنصوص عليها في المادة 163 من القانون المدني، ألا وهو الانحراف عن السلوك العادي المألوف وما يقتضيه من يقظة وتبصر حتى لا يضر بالغير إذ هي لا تنبئ عن مظاهر انحراف الطاعن عن السلوك العادي المألوف حين بادر إلى الإدلاء بمعلوماته عن موضوع الشكوى أنفة الذكر في محضر التحريات أو لدى سؤاله في تحقيق النيابة، ولم تكشف عن أوجه إخلال الطاعن بما تفرضه عليه واجبات وظيفته في مراجعة التوقيعات على عقد المقاولة محل الشكوى، أما قرينة حرص الطاعن على تسليم محضر التحريات والمستندات بنفسه لسلطة التحقيق فظاهره الفساد لاستخلاصها من مصدر لا ينتجها كما أن استناد الحكم إلى أن النيابة المختصة طلبت مجازاة الطاعن إدارياً بعد حفظ الشكوى يخالف الثابت بالأوراق من أن نيابة الأموال العامة العليا قررت بتاريخ 28/ 12/ 1980 العدول عن طلب مجازاته، ولما سلف يكون الحكم المطعون فيه معيبا بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي ما بني عليه الطعن من أسباب.
"ثالثا – الطعن رقم 1760 لسنة 55ق."
حيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ومما ينعاه الطاعن بالأسباب الأول والثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم دلل على خطئه بأنه استغل وظيفته كرئيس لمباحث جرائم الأموال العامة بمساعدة المطعون ضده الثاني الذي أمده بالمعلومات الدقيقة فحرر محضر تحرياته عن واقعة الشكوى رقم 2474 لسنة 1980 إداري مركز طنطا ضمنه تواريخ وأرقام لا تصدر إلا عن علم من داخل الشركة وقام بضبط المستندات الموجودة بالشركة وسأل المطعون ضده الثاني فردد ما جاء بالتحريات التي حررت بصورة معيبة وعلى نحو غير دقيق وثبت عدم صحتها وبعد فشل محاولته الإضرار بالمطعون ضده الأول بحفظ الشكوى إداريا عاد مرة أخرى مستعيناً بالمطعون ضده الثالث في تحرير محضر تحرياته عن الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا عن واقعة أخرى وعمد إلى عرض محضره على نيابة المركز بدلا من نيابة الأموال العامة المختصة أصلا لضبط المستندات لظروف لم تكشف عنها الأوراق. وهذا الذي أورده الحكم لا يشكل ثمة خطأ ذلك بأن الطاعن بوصفه رئيسا لمباحث الأموال العامة ومن مأموري الضبط القضائي مهمته تلقي الشكاوى والتبليغات والتحري عن الجرائم وإبلاغ النيابة عنها وفقا لنص المادتين 21، 24 من قانون الإجراءات الجنائية ولهذا فإن ما قام به من تحريات وجمع استدلالات في الشكويين سالفتي الذكر بعد إبلاغه بوجود انحرافات مالية بالشركة التي يرأسها المطعون ضده الأول لا يعدو أن يكون واجبا مفروضا عليه بحكم القانون لا ترتب عليه أدنى مسئولية طالما لم يثبت كذب تحرياته وسؤ نيته أو أنها حررت عن تسرع ورعونة، كما لا يستقيم استخلاص الحكم للخطأ مع ما أثبته بمدوناته من دقة بيانات التحريات وصدورها عن علم من الشركة من شخص عايشها مما يفيد صحتها، وقد أفادت ذلك أيضا أقوال من سئل بالتحقيقات وأعضاء اللجنة التي شكلتها النيابة العامة لبحث المخالفات محل الشكوى الأولى، وما أقر به المطعون ضده الأول نفسه في التحقيق الذي أجرته النيابة العامة في الشكوى الثانية من أن المقاول حصل من الشركة على مبالغ زائدة عما يستحقه بمقدار 23139 جنيها و402 مليما، وأما ما أورده الحكم بخصوص تعمد الطاعن عدم عرض محضر تحرياته على نيابة الأموال العامة المختصة أصلا لظروف غير معلومة فيخالف الثابت بالأوراق من قيامه بعرض المحضر على تلك النيابة وأن رئيسها هو الذي أمر بإحالته إلى نيابة مركز طنطا للتصرف، وفي هذا ما يكشف عدم تمحيص محكمة الاستئناف لأدلة الدعوى مما يعيب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأنه طبقا لنص المادة 63 من قانون العقوبات فإن إطاعة القانون من أسباب الإباحة التي لا توجب أية مسئولية جنائية كانت أو مدنية قبل من أطاعه، فإذا ما عهد القانون باختصاص معين لموظف فإن ما يصدر عنه من عمل في نطاق ذلك الاختصاص يكون مباحا طالما كان مطابقا للقانون – كما أن من المقرر أن إساءة الموظف استعماله بحقه تقتضي قيام الدليل على أنه انحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وأنه لم يتصرف التصرف الذي أتخذه إلا بقصد الإضرار لأغراض نابية عن المصلحة العامة، فإذا انتفى ذلك القصد وتبين للقاضي أن العمل الذي أتاه الموظف قد أملاه واجب الوظيفة فلا يصح القول بأنه أساء استعمال حقه. وإذ كان النص في المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "يقوم مأمور الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم التحقيق والدعوى، والنص في المادة 24 من هذا القانون على أن "يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم، وأن يبعثوا بها فوراً إلى النيابة العامة، ويجب عليهم وعلى مرؤوسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات ويجروا المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم، أو التي يعلنون بها بأية كيفية كانت، وعليهم أن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية للمحافظة على أدلة الجريمة. ويجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر ..... وترسل المحاضر إلى النيابة العامة مع الأوراق والأشياء المضبوطة ...." يدل على أن القانون أوجب على مأمور الضبط القضائي القيام بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات، فمن ثم يدخل في اختصاصه القيام بالتحريات اللازمة للكشف عن الجرائم ومرتكبيها، كما أوجب عليه القانون قبول التبليغات والشكاوى التي ترد إليه بشأن الجرائم أيا كان مصدرها – سواء كان المبلغ من آحاد الناس أو موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عمومية بحسب الأحوال المبينة بالمادتين 25، 26 من قانون الإجراءات الجنائية – وأن يقوم بإرسال هذه الشكاوى والتبليغات وما أتخذه في شأنها من إجراءات إلى النيابة العامة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على خطأ الطاعن بما أورده من أن المطعون ضده الثاني أوعز إليه وأمده بالمعلومات الدقيقة فكتب محضر تحرياته بخصوص الشكوى رقم 2474 لسنة 1980 إداري مركز طنطا ضمته تواريخ وأرقام لا تصدر إلا عن عليم من داخل الشركة ثم قام بضبط المستندات وسؤال المطعون ضده الثاني الذي رددت أقواله ما جاء بالتحريات، ولما باءت محاولته بالفشل في الإضرار بالمطعون ضده الأول بعد تحرير محضر تحرياته بصورة معيبة وعلى نحو غير دقيق عاد مستغلا وظيفته كرئيس لمباحث مكافحة جرائم الأموال العامة فحرر محضر تحرياته بخصوص الشكوى رقم 582 لسنة 1980 إداري مركز طنطا مستعينا بالمطعون ضده الثالث وبذات الأسلوب والتفصيلات التي لا تصدر إلا عن شخص عايشها وبادر بسؤال الأخير ثم لجأ إلى وكيل نيابة المركز للحصول على إذن بضبط المستندات ولم يلجأ لنيابة الأموال العامة المختصة لظروف لم تفصح عنها الأوراق. وإذ كان ذلك وكان المقرر – على ما سلف القول في الطعن الأول – أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بشرط أن يكون استخلاصها سائغا وأن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض وأن هذه الرقابة تمتد لتقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقيق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه، وكانت الأعمال والإجراءات التي باشرها الطاعن وسجلها الحكم من تحريات وجمع الاستدلالات وضبط للمستندات في الشكويين آنفتي الذكر هي واجبات مفروضة عليه بحكم القانون مارسها في نطاق اختصاصه المحدد بوصفه من رجال الضبطية القضائية، كما أن ما نسبه الحكم إليه من استغلال لوظيفته فيما قام به من عمل بغية الكيد والإضرار بالمطعون ضده الأول لا يعدو أن يكون قولا مرسلاً ليس عليه دليل مناقضاً لما نبأ به الحكم ذاته من دقة البيانات والتفصيل التي استندت إليها تحرياته واتساقها مع أقوال من سألهم من موظفي الشركة عن المخالفات المالية التي أبلغ بها، مما يتنافى مع القول بسؤ قصده وينبئ في ذات الوقت عن سلامة اعتقاده في صحة ما أبلغ به ويسوغ له ما أتخذه من تحريات وما تلاها من إجراءات أملتها عليه واجبات وظيفته يظاهره في ذلك الثابت في الأوراق حيث أجمعت أقوال أعضاء اللجنة التي شكلتها النيابة العامة لبحث المخالفات محل الشكوى الأولى على أن كلا من المقاولين قد حصل على مبالغ أكثر مما يستحق من أموال الشركة، وما انتهت إليه أبحاث اللجان الأخرى بشأن المخالفات محل الشكوى الثانية من حصول المقاول على مبالغ تزيد عما يستحقه لدى الشركة حددها المطعون ضده الأول نفسه بمبلغ 23139 جنيها، 402 مليما قبل إجراء التسويات النهائية التي تمت بعد التحقيق أما استدلال الحكم على الخطأ بتعمد الطاعن عرض محضر تحرياته على نيابة المركز دون نيابة الأموال العامة المختصة لظروف غير معلومة فيتسم بعدم السلامة في الاستنباط إذ لا يرتد إلى أصل ثابت في الأوراق بل وينقضه الثابت فيها من قيام الطاعن بعرض المحضر بالفعل على نيابة الأموال العامة للإذن بضبط المستندات وأن رئيس هذه النيابة هو الذي أمر بإحالته إلى نيابة المركز المختصة للنظر فيه بتاريخ 9/ 3/ 1980 وفي هذا بيان على عدم تمحيص محكمة الموضوع لأدلة الدعوى وعدم تحصيلها منها ما تؤدي إليه. إذا فمتى كان الثابت مما سلف أن ما قام به الطاعن من عمل هو واجب مفروض عليه بحكم القانون مباح أصلا وأن ما سرده الحكم من وقائع لا يصلح سندا على انحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه قانونا بغية مضارة الغير لأغراض نابية عن المصلحة العامة فإن ما انتهى إليه من توافر الخطأ – بالنظر إلى تلك الوقائع – يكون غير سديد مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور. ويوجب نقضه لهذه الأسباب في الدعوى الأصلية ويستتبع نقض الحكم المؤسس عليه الصادر ضد الطاعن لمصلحة وزارة الداخلية في دعوى الضمان الفرعية، دون حاجة لبحث بقية أسباب الطعن.
"رابعا: الطعنان رقما 1697، 1775 لسنة 55 القضائية"
حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن في الطعن – الأول أختصم في الدعوى باعتباره مسئولا عن أعمال تابعية الطاعنين في الطعنين رقمي 1723، 1762 لسنة 55 القضائية، كما أختصم فيها الطاعن في الطعن الثاني باعتباره مسئولا عن أعمال تابعه الطاعن في الطعن رقم 1760 لسنة 55 القضائية، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتحقق مسئولية هؤلاء التابعين عن التعويض وفقا للمادة 174 من القانون المدني على أساس ثبوت خطئهم ورتب على ذلك مسئولية الطاعنين عنه باعتبار كل منهما بالنسبة لتابعه في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون، وإذ كانت المحكمة قد نقضت الحكم المطعون فيه بشأن مساءلة التابعين المذكورين فإن لازم ذلك زوال الأساس الذي تقوم عليه مسئولية الطاعنين – المتبوعين – ووجوب نقض الحكم بالنسبة لكل منهما عملاً بنص المادة 271 من قانون المرافعات دون حاجة لبحث أسباب الطعنين

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
احكام نقض الماده20/2
الطعن رقم 29390 لسنة 59 بتاريخ 19/11/1997
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه ، أولا : وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية - اشترك مع آخر مجهول بطريقى الإتفاق والمساعدة فى تزوير محررات إحدى الشركات التى تساهم الدولة في مالها ...... هى الشيكات أرقام ..... و ...... و ....... و ..... وذلك بأن اتفق مع ذلك المجهول على تزويرها بإضافة بعض البيانات وبصمها بأختام تفيد أنها اصبحت مقبولة الدفع من البنك والتوقيع عليها بإمضاءات منسوبة زورا للموظفين المختصين وساعده فى ذلك بأن قدم إليه الشيكات المذكورة وكذا البيانات المشار إليها فتمت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة . ثانيا : قلد بواسطة الغير خاتما لإحدى الشركات التى تساهم الدولة في مالها وهو خاتم مقبول الدفع الخاص ببنك .... وكان ذلك بأن اصطنع على غراره خاتما آخر واستعمل الخاتم المقلد بأن بصم به الشيكين المزورين رقمى ..... و ..... موضوع التهمة السابقة . ثالثا : استعمل المحررات المزورة موضوع التهمة الأولى فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن أطلقها للتداول بتسليمها لآخرين لصرف قيمتها على النحو المبين بالتحقيقات . رابعا : توصل بطريق الإحتيال إلى الآستيلاء على مبلغ 23100 جنيه المملوك لـ ..... ومبلغ 250000 دولار أمريكى المملوك لـ ..... وكان ذلك باستعمال وسائل احتيالية من شأنها الإيهام بوجود سند دين غير صحيح بأن زعم لهما أن لديه أرصدة نقدية محلية وأجنبيه بحسابه ببنك .... وايد هذا الزعم بأن قدم لهما الشيكين المزورين رقمى ...... و ..... وتسلم منهما قيمتهما بناء على ذلك . خامسا : أعطى بسوء نية للمجنى عليهما سالفى الذكر شيكين بمبلغ ..... جنيه و ...... دولار أمريكى لا يقابلهما رصيد قائم وقابل للسحب . وأدعى كل من المجنى عليهما مدنيا قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/2 و 3 , 41 , 206 , 206 مكررا/2 , 211 , 212 , 214/2  من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 ، 32/2 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم أولا : بحبسه مع الشغل لمدة سنتين عن التهمتين الأولى والثانية واستعمال الشيكين رقمى ..... و..... ثانيا : ببراءته من تهمتى الإستيلاء على نقود .... وإعطائه الشيك رقم ..... وبرفض الدعوى المدنية المقامة منه . ثالثا : بإعادة القضية للمرافعة لدور مقبل بالنسبة لتهمتى استعمال الشيك المزور رقم .... وإعطاء هذا الشيك لـ ..... والإستيلاء على نقوده بطريق الإحتيال .
فطعن كل من الأستاذ / ...... المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه والأستاذ/ ..... المحامى بصفته وكيلا عن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن المحامي ............ قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه بصفته وكيلا عن المدعي بالحقوق المدنية، لما كان ذلك، وكان البين من التوكيل الذي تم التقرير بالطعن بمقتضاه - المرفق بالأوراق - أنه صادر من وكيل المدعي بالحقوق المدنية للمحامي الذي قرر بالطعن، وكان التوكيل الصادر من المدعي بالحقوق المدنية لوكيله لم يقدم للتعرف على حدود وكالته وما إذا كانت تجيز لصاحبها التقرير بالطعن بالنقض نيابة عن موكله وتوكيل غيره في ذلك من عدمه، لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقا شخصيا لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلا منه توكيلا يخوله هذا الحق أو كان ينوب عنه في ذلك قانونا، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلا ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات إحدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب، وتقليد خاتمها، واستعمال محررين لها مع علمه بتزويرهما، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة تلبس، غير أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - بعد أن حصل دفع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه - أطرحه في قوله: ((وكان الثابت بالأوراق أن العقيد شرطة ........... ويعمل مفتشا بمباحث الأموال العامة بالقاهرة قد تم إبلاغه بوقوع جرائم تزوير شيكات لبنك مصر مع استعمال لهذه الشيكات وارتباط ذلك بجرائم إعطاء شيك دون رصيد والنصب والاحتيال، وهذه وتلك من الجرائم المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر، وكان مؤدى المواد 21، 24، 29 من قانون الإجراءات الجنائية التزام مأموري الضبط بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم إجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، وأن من حقهم سماع أقوال من يكون لديهم معلومات عن تلك الوقائع ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، فإن توجه العقيد ........... للمتهم لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضا ماديا له فيه مساس بحريته الشخصية أو قبضا عليه في غير الحالات التي تجيز ذلك، لما كان ذلك، وكان ما صدر من المتهم - بعد لقائه المشروع برجل الضبط على النحو السالف بيانه من وضع يده على ما كان أمامه بمكتبه من أوراق ومحاولته من بعد إخفاء بعض هذه الأوراق وهو ما شهد به رجل الضبط وأيده فيه ............ من قبيل الدلائل على ارتكاب المتهم ما نسب إليه وسعيه لإخفاء دليل ذلك، فإن ضبط هذه الأوراق لا يتجاوز واجب رجل الضبط في اتخاذ الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة، لما كان ذلك، وكانت الإجراءات الصحيحة التي تمت حتى هذه المرحلة قد أسفرت عن ضبط دفتر الشيكات السابق إبلاغ المتهم بفقده في حوزته، وكان القبض على المتهم أثر ذلك وتفتيشه - وأيا ما كان وجه الرأي فيه - لم يسفر عن أي دليل تساندت إليه المحكمة فإن الدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون غير سديد)، لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد نصت أولاهما على أنه ((لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه))، وثانيتهما على أنه ((إذا لم يكن المتهم حاضرا في الأحوال المبينة في المادة السابقة جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره ويذكر ذلك في المحضر، وفي غير الأحوال السابقة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعد شديد أو مقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وأن يطلب فورا من النيابة العامة أن تصدر أمرا بالقبض عليه، وفي جميع الأحوال تنفذ أوامر الضبط والإحضار والإجراءات التحفظية بواسطة أحد المحضرين أو بواسطة رجال السلطة العامة))، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام هو لم يشهد أثرا من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، لما كان ذلك، وكان مؤدى الواقعة - كما أوردها الحكم وحصله من أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول - ليس فيه ما يدل على أن الجريمة شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الحكم قد رفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه استنادا إلى حق مأمور الضبط القضائي في اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة - على السياق السالف بسطه -، ولما كانت الفقرة الأولى من نص المادة 41 من الدستور قد نصت على أن ((الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون))، وكان مؤدى هذا النص، أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك، يستوي في ذلك أن يكون القيد قبضا أم تفتيشا أم حبسا أم منعا من التنقل أم كان غير ذلك من القيود على حريته الشخصية لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هي معرفة به قانونا، أو بإذن من جهة قضائية مختصة، وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه، فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقا أم لاحقا على العمل بالدستور، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل أو تخالف تشريعا صادرا من سلطة أعلى فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته، لما كان ذلك، وكان نص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور قاطع الدلالة في أنه في غير أحوال التلبس لا يجوز وضع أي قيد على الحرية الشخصية إلا بإذن من القاضي المختص أو من النيابة العامة، ولا يغير من ذلك عبارة ((وذلك وفقا لأحكام القانون)) التي وردت في نهاية تلك الفقرة بعد إيرادها الضمان المشار إليه، إذ أنها تشير إلى الإحالة إلى القانون العادي في تحديد الأحوال التي يجوز فيها صدور الأمر من قاضي التحقيق والأحوال التي يجوز فيها صدوره من النيابة العامة طبقا لنص المادتين 64، 199 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم دون وجه حق، وكان ما ورد بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية من الإجازة لمأمور الضبط القضائي - في غير أحوال التلبس - بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر - باتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة من الجنح المحددة حصرا في هذه الفقرة، فإن هذه الإجراءات لا يجوز أن تستطيل إلى ما يعتبر قيدا على الحرية الشخصية وفقا لصريح نص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور - لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - أن ما أتاه مأمور الضبط القضائي من انتزاع دفتر الشيكات وهو في حيازة الطاعن الذي لم يتخل عنه دون أن يتبين الضابط محتواه قبل فضه هو تفتيش باطل لوقوعه في غير حالة تلبس وبغير إذن من النيابة العامة، ولا يغير من ذلك ما حصله الحكم من أقوال ضابط الواقعة من أنه إذ انتقل إلى الشركة التي يديرها الطاعن وجده يجلس أمام مكتبه ولما أن أحاطه علما بشخصيته أصابه ارتباك وحاول إخفاء ما كان موضوعا على المكتب ومن بينه دفتر الشيكات سالف الإشارة إليه، وذلك لما هو مقرر من أنه ليس في مجرد ما يعتري الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر التلبس بجريمة، ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ تصدي مأمور الضبط القضائي للطاعن وتفتيشه وعول على الدليل المستمد من هذا التفتيش وهو دفتر الشيكات المبلغ بفقده، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تقدير أدلة الدعوى، بما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 1902 لسنة 62 بتاريخ 02/01/1994
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بصفتهم موظفين عموميين طلبوا وأخذوا لأنفسهم رشوة للإخلال بواجبات وظيفتهم بأن طلبوا وأخذوا مبلغ مائتين وسبعون جنيها علي سببيل الرشوة مقابل تسليمه أجزاء من جثة أدمية من الجثث المحفوظة بقسم التشريخ المخصصة لأغراض الدراسة المقرر دفنها وأحالتهم إلي محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت -حضوريا عملا بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهم ألف جنيه.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة الارتشاء قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أطرح الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية بما لا يسوغ إطراحه, ولم تفطن المحكمة إلى أن الجريمة ما كانت تحدث لولا التدخل الإيجابي من محرر المحضر, وأن العمل الذي تقاضوا الرشوة من أجله وإن كان يدخل في اختصاص الطاعن الأول إلا أنه لا اختصاص للثاني والثالث فيه كما أن الجثة التي استلمها محرر المحضر تعد من قبيل المتروكات بدليل خروجها من عهدة الطاعن الأول لعدم صلاحيتها لعملية التشريح ومن ثم فإن الواقعة لا تشكل جريمة الرشوة المنصوص عليها في المادتين 103, 104 من قانون العقوبات وإن شكلت - على فرض ثبوتها - الجريمة المنصوص عليها بالمادة 115 من ذات القانون بيد أن الحكم التفت عن دفاع الطاعنين في هذا الصدد. كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه والإعادة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, عرض للدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة لعدم جدية التحريات ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية فإنه غير سديد ذلك أن النيابة العامة قد خلصت إلى إصدار ذلك الإذن بعد الإطلاع على محضر التحريات والاطمئنان إلى ما جاء فيه من تحريات ارتأت في إطار سلطتها التقديرية أنها تحريات جدية وترى هذه المحكمة أن النيابة العامة كانت على حق حين أصدرت هذا الإذن وتثق في تقديرها لصدوره بالشكل الذي صدر به وعلى نحو يتفق مع صحيح أحكام القانون الأمر الذي تقره المحكمة عليها ويكون الدفع في غير محله متعينا - الالتفات عنه" لما كان ذلك, وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع, ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن, فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون, ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير قويم, لما كان ذلك, وكان من المقرر أن من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبها وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحا منتجا لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي عرضت عليه الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أصل ثابت في الأوراق, وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته - بما لا يمارى فيه الطاعنين - أن الطاعن الأول عامل تحنيط الجثث وحفظها واستلامها كعهدة خاصة طوال العام الدراسي وأن الطاعن الثاني يعمل بقسم التشريح بالمشرحة المعدة لتدريب طلبة كلية طب الأسنان وهو الذي يقوم بإخراج وترجيع الجثث أثناء التدريس وأن الطاعن الثالث عامل يختص بتنظيف متحف التشريح وأن كلا من الثاني والثالث يقومان بمساعدة الطاعن الأول في إعداد الجثث وهم جميعا موظفون تابعون لكلية طب القاهرة, وكان من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف الذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تتحقق من جانب الموظف ولو خرج العمل عن دائرة وظيفته بشرط أن يعتقد خطأ أنه من أعمال وظيفته أو يزعم ذلك كذبا, وبصرف النظر عن اعتقاد المجني عليه فيما اعتقد أو زعم, إذ هو حينئذ يجمع بين اثنين الاحتيال والارتشاء, لما كان ذلك, وكان الشارع في المادة 104 من قانون العقوبات قد نص على "الإخلال بواجبات الوظيفة" كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة للموظف أسوة امتناعه عن عمل من أعمال وظيفته أو المكافأة على ما وقع منه وجاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقا من التقيد ليتسع مدلوله لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال ويعد واجبا من واجبات أدائها على الوجه السوي الذي يكفل لها دائما أن تجرى على سند قويم, فكل انحراف عن واجب من هذه الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذي عناه الشارع, فإذا تعاطى الموظف مقابلا على هذا الإخلال كان فعله رشوة مستوجبة للعقاب, وإذن يكون طلب وأخذ الرشوة على الصورة التي أثبتها الحكم في حق الطاعنين وهم موظفون عموميون وأن لكل منهم قدر من الاختصاص يسمح لهم بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة فإن ما قارفوه يعد إخلالا بواجبات وظائفهم في حكم المادة 104 من قانون العقوبات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل حكم القانون على وجهه الصحيح ولا يكون للطاعنين - من بعد - النعي على الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره من أن الواقعة تشكل الجريمة المقررة بالمادة 115 من قانون العقوبات طالما أنه دفاع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 11971 لسنة 59 بتاريخ 19/04/1990
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تعامل في النقد الأجنبي المبين بالمحضر على غير الشروط والأوضاع المقررة قانونا وعن غير طريق المصارف المعتمدة أو الجهات المرخص لها بذلك. وطلبت عقابه بالمادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل. والمادة 18 من اللائحة التنفيذية. ومحكمة الجرائم المالية بالقاهرة قضت حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه. استأنفت النيابة العامة ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم ...... لسنة ..... القضائية). وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للفصل فيها مجددا من هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة استئنافية أخرى - قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام في موضوع الاستئناف وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم مائتي جنيه ومصادرة النقد المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) ... إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة التعامل في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونا، قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال كما انطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه خلا من تاريخ إصداره، وصدر من غير الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى، كما اكتفى في بيان مواد العقاب على الإشارة إلى المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي دون أن يشير إلى المادة الأولى منه التي تبين أركان الجريمة، وإلى مواد اللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر، واقتصر في بيان واقعة الدعوى على الإحالة إلى الحكم المستأنف الذي قضى ببراءة الطاعن رغم أنه ألغاه، وأعرض الحكم عن دفاع الطاعن - المؤيد بالمستندات وبأقوال شهود النفي - بأنه يحوز النقد الأجنبي بصفته مستورا وأن له العديد من الحسابات بالعملات الأجنبية بالبنوك، كما أسند الحكم إلى ضابط الواقعة القول بأن تحرياته أسفرت عن أن الطاعن يتعامل في النقد الأجنبي وانه عرض عليه المبالغ المضبوطة وهو ما لا أصل له بالأوراق، إذ قرر الضابط بأنه لم يجر تحريات وأن الطاعن عرض عليه جزءا من المبلغ المضبوط بينما ضبط الجزء الآخر بمتجر الطاعن أثناء تفتيشه، كما أن المحكمة قد فوتت على الطاعن إحدى درجتي التقاضي إذ فصلت في موضوع الدعوى رغم أن الحكم المستأنف قد أقام قضاءه على قبول الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش دون أن يفصل في الموضوع، وقد دفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش وما ترتب عليها لحصولها في غير حالة من حالات التلبس ولوقوع الجريمة بتحريض من ضابط الواقعة، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح دفعه بما لا يسوغ إطراحه، والتفت عن الدفع ببطلان تفتيش متجره لحصوله دون إذن من النيابة العامة رغم أنه عول في الإدانة على الدليل المستمد من ذلك التفتيش، وقضي بمصادرة النقد المضبوط دون تمييز النقد الأجنبي محل التعامل في الجريمة التي دان الطاعن بها، وبين النقد الأجنبي والمصري الذي ضبط بمتجره ولم يكن محلا لتلك الجريمة. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الحكم المطعون فيه أن ديباجته تضمنت تاريخ إصداره، كما أن البين من الحكم ومحاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وحجزتها للحكم هي الهيئة ذاتها التي أصدرت الحكم المطعون فيه - خلافا لما يذهب إليه الطاعن بوجهي الطعن، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص على غير سند. لما كان ذلك، وكان البين أيضا من مدونات الحكم المطعون فيه - أنه بعد أن سرد واقعة الدعوى، أورد - في معرض إطراح دفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش - أن الجريمة المسند إلى الطاعن ارتكابها مؤثمة بالمادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976، ثم خلص إلى معاقبة الطاعن عملا بالمادة 14 من القانون سالف الذكر، مما مفاده أنه قد أفصح - بما لا يدع مجالا للشك - عن معاملة الطاعن بمادة العقاب وهي المادة 14 من القانون المذكور، وهو ما يتحقق معه مراد الشارع من الإشارة - إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، ولا يعيبه خلوه من الإشارة فيما خلص إليه - إلى نص المادة الأولى من القانون سالف الذكر لأنها من المواد التعريفية التي لا شأن لها بالعقوبة المقررة للجريمة، أو خلوه من الإشارة إلى نصوص اللائحة التنفيذية للقانون لأنها أيضا لا شأن لها بالعقوبة المقررة للجريمة، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا جناح على المحكمة الاستئنافية إذا هي أحالت في ذكر وقائع الدعوى كلها أو بعضها إلى ما ورد بالحكم الابتدائي حتى في حالة مخالفتها في النهاية لوجهة نظر محكمة أول درجة ما دام التنافر منتفيا بين ما عولت هي عليه من الحكم الابتدائي من الوقائع الثابتة به وبين ما استخلصه من هذه الوقائع مخالفا لما استخلصته منها محكمة أول درجة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أحال في بيان الواقعة إلى الحكم الابتدائي الذي أحاط بها وكان قضاء الحكم المستأنف بالبراءة تأسيسا على بطلان إجراءات القبض والتفتيش، لا يتنافر مع ما خلصت إليه المحكمة الاستئنافية من عدم صحة هذا القضاء ولا مع ما انتهت إليه من إدانة الطاعن استنادا إلى ما ساقته من أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن القائم على أنه يحوز النقد الأجنبي بصفته مستوردا وأن له حسابا في البنوك بالعملات الأجنبي في قوله: "ولا ينال من ذلك النظر أن المتهم مستورد وأن له حسابات بالعملة الحرة في عدة بنوك أو أنه لم يسبق له أن اتهم من قبل أو أنه لو أراد التعامل لتعامل من خلال الحسابات الحرة في البنوك، إذ لا علاقة بين كل ذلك والتهمة المنسوبة له والثابتة في حقه وهو تعامله بالنقد الأجنبي في غير طريق المصارف المعتمدة أو الجهات المرخص لها بذلك"، وهو ما يستقيم به الرد على دفاع الطاعن، فضلا عما هو مقرر من أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما رتبه عليها من إدانة. وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي وأدلة النفي مادامت لم تثق بها، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في شأن بيان واقعة الدعوى قد حصلها بما مفاده أن ضابط الواقعة أثبت بمحضر الضبط أنه علم من أحد مصادره السرية - أن الطاعن يعرض مبلغا من النقد الأجنبي للبيع فانتقل إلى متجر المتهم حيث تظاهر له برغبته في شراء نقد أجنبي فعرض عليه الطاعن مبلغ عشرين ألف دولار أمريكي أوراقا نقدية وثلاثة آلاف من العملة ذاتها في هيئة شيكات وعقب أن سلمه الطاعن تلك المبالغ أفصح له الضابط عن شخصيته وقام بضبطه، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدونات قوله "وكان الثابت أن محرر المحضر توجه لمتجر المتهم بناء على تحريات مسبقة تفيد أن المتهم يتعامل في النقد الأجنبي وتظاهر بطلب الشراء فعرض عليه المتهم المبالغ المضبوطة ثم قام محرر المحضر بناء على توافر حالة التلبس بضبط المتهم وتفتيشه". وإذ كان القانون لا يوجب حتما أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يستند إليها كمسوغ لتفتيش الشخص، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم مادام أنه قد اقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من أقوال على لسان ضابط الواقعة بشأن إجرائه تحريات عن الواقعة له أصله الثابت في الأوراق، مما أبلغه به مصدره السري الذي وثق فيه، وما ورد على لسانه بشأن المبالغ التي عرضها الطاعن عليه لشرائها هي مبلغ عشرين ألف دولار من الأوراق النقدية وثلاثة آلاف دولار من الشيكات دون باقي المبالغ التي ضبطها الضابط بمتجر الطاعن على النحو الذي أورده الحكم بمدوناته عند تحصيله لوقائع الدعوى، فإن ما أورده الحكم فيما بعد من أن الطاعن عرض على الضابط المبالغ المضبوطة لا يعدو أن يكون خطأ ماديا وزلة قلم لا تؤثر في سلامته. ومن ثم يكون منعى الطاعن بخطأ الحكم في الإسناد والفساد في الاستدلال في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش وما ترتب عليها أمام محكمة أول درجة التي قبلت هذا الدفع وبرأته، وإذ استأنفت النيابة العامة قضت المحكمة الاستئنافية - بإجماع آراء قضاتها - بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع ذاك وفي موضوع الدعوى بالإدانة، فإن محكمة أول درجة تكون بذلك قد استنفدت ولايتها في نظر الدعوى بحيث لا يجوز لها إعادة نظرها، إذا ما رأت المحكمة الاستئنافية عدم صحة رأيها في صدد التفتيش، ذلك أن الشارع لم يوجب على المحكمة الاستئنافية أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة إلا إذا قضت هذه الأخيرة بعدم الاختصاص أو بقبول دفع فرعي يترتب عليه منع السير في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه النعي عليه بتصديه للفصل في موضوع الدعوى غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972، قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، فإذا لم يكن حاضرا جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره، وكانت المادة 46 من القانون ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانونا. وكان التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح لمأمور الضبط القضائي الذي شاهد وقوعها أن يقبض على المتهم الذي تقوم دلائل كافية على ارتكابه لها وأن يجري تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة، وكان الحال في الدعوى المطروحة - كما ورد بمدونات الحكم المطعون فيه على النحو السابق إيراده - أن الطاعن هو الذي قبل بيع النقد الأجنبي للضابط وقدمه له بإرادته واختياره ليشتريه بالسعر الذي حدده، فإنه تكون قد تحققت حالة التلبس بجنحة التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف المعتمدة للتعامل فيه أو الجهات المرخص لها في ذلك قانونا، والمؤثمة بالمادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1971 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والمعاقب عليها بعقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن شهر بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما توافرت الدلائل الكافية على ارتكاب الطاعن لها، وتكون إجراءات القبض على الطاعن وتفتيشه التي باشرها مأمور الضبط القضائي - من بعد - قد اتسمت بالمشروعية ويصح لذلك أخذ الطاعن بنتيجتها، ولا ينال من ذلك تظاهر الضابط للطاعن برغبته في شراء النقد الأجنبي، إذ لم يكن ذلك، من الضابط إلا بعد أن علم أن الطاعن يتعامل في النقد الأجنبي في السوق السوداء، بما مفاده أن الجريمة كانت واقعة وأن الضابط لم يخلق فكرتها في وجدان الطاعن ولم يحرضه عليها، فلا يستنتج أن يعاقب عليه ذلك التظاهر مادامت غايته لم تتعد الكشف عن الجريمة المذكورة والتوصل إلى معاقبة مرتكبها، وذلك لما هو مقرر من أن مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة الحادية والعشرين من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها، وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحا منتجا لأثره، مادام لم يتدخل في خلق الجريمة بطريق الغش أو الخداع أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة ولا تثريب على مأمور الضبط القضائي في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة، ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة. وهو الحال في الدعوى الراهنة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر عند رده على دفع ببطلان إجراءات القبض عليه وتفتيشه، فمن ثم يكمن منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله، لما كان ذلك وكان من المقرر أن التفتيش المحظور هو الذي يقع على الأشخاص والمساكن بغير مبرر من القانون أما حرمة المتجر فمستمدة من اتصاله بشخص صاحبه، ومن ثم فإن إجازة تفتيش الشخص يشمل بالضرورة تفتيش محل تجارته، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد، طالما أن تفتيش شخص الطاعن كان عملا مشروعا، ويصبح الدفع بهذه المثابة دفاعا قانونيا ظاهر البطلان، ولا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه. لما كان ذلك، لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة التعامل في النقد الأجنبي عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل فيه أو الجهات المرخص لها في ذلك قانونا، وعاقبه بمقتضى المادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، وكانت المادة 14 من القانون المذكور المعدلة بالقانون رقم 67 لسنة 1980 قد نصت على أنه "..... وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها، فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها". لما كان ذلك، وكان المفهوم من صريح هذا النص أن المصادرة تنصب على النقد الأجنبي المضبوط الذي كان محلا للجريمة التي دين الطاعن بها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النقد الأجنبي الذي كان محلا للتعامل هو مبلغ عشرين ألف دولار أوراقا نقدية وثلاثة آلاف دولار عبارة عن شيكات تم ضبطها، كما أسفر تفتيش متجر الطاعن عن ضبط مبالغ من العملة المصرية والعملات الأجنبية المختلفة لم يكن لها صلة بالجريمة التي آخذ الطاعن بها، لما كان ذلك، وكانت مجرد حيازة النقد الأجنبي قد أضحت بموجب الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 آنف الذكر غير معاقب عليها، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطلق عقوبة المصادرة لتشمل جميع النقد المضبوط، فإنه يكون قد خالف القانون من هذه الناحية. وإنه ولئن كان الطعن بالنقض للمرة الثانية، إلا أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصورا على مخالفة القانون، فإنه يتعين وفقا للقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح المحكمة الخطأ، وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع مادام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى الجنائية. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بقصر عقوبة - المصادرة المقضي بها على أوراق النقد الأجنبي البالغة عشرين ألف دولار والشيكات البالغ قيمتها ثلاثة آلاف دولار ورفض الطعن فيما عدا ذلك

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 14544 لسنة 60 بتاريخ 09/01/1992
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة الطاعن. وأخر بأنه أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محررات رسمية هى رخص القيادة الخاصة أرقام 641251، 2645181/ 683421 المنسوب صدورها لقسم مرور القاهرة وكان ذلك بطريق الإصطناع بأن اتفق معه على إنشائها فتمت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: اشترك بطريق الإتفاق والمساعدة مع آخر مجهول ليس من أرباب الوظائف العمومية في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما عقدي البيع رقمى 2116 لسنة 1988، 2518 لسنة 1988 المنسوب محضرى التصديق عليهما لمكتب توثيق شبرا وكان ذلك بطريق الإصطناع بأن اتفق معه على انشائهما على غرار المحررات الصحيحة التي تصدق عليها تلك الجهة والتوقيع عليها بتوقيعات مزورة على العاملين بها وبصمها بخاتم مقلد عليها وساعده بأن زوده بالبيانات المراد إثباتها فتمت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة ثالثاً: قلد بواسطة الغير خاتم شعار الجدمهورية لمكتب توثيق شبرا بأن اصطنع خاتماً على غرار الخاتم الصحيح واستعمله بأن بصم به على المحررين المزورين موضوع التهمة الثانية. رابعاً: توصل بطريق الاحتيال إلى سلب بعض ثروة..... وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة والأم بتحقيق ربح وهمى بأن أوهمه بأنه في مكنته تسجيل عقد البيع العرفى الخاص بشراء سيارته نظير مبلغ أقل من الرسوم المقررة قانوناً واستحصل منه علي هذا العقد ورده إليه ممهوراً بتوقيعات وأختام مزورة وقد تمكن بهذه الوسيلة من الاحتيال من الاستيلاء على المبلغ المبين بالأوراق. وأحالته إلي محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/2-3، 41/1، 206/3-4، 211، 212، 336/1 من قانون العقوبات. بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة المحررات المزورة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم التزوير في محررات رسمية والاشتراك فيها وتقليد خاتم شعار الجمهورية والنصب قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك بأن دانه رغم بطلان القبض والتفتيش وأطرح دفعه ببطلانهما لانتفاء حالة التلبس وأنها من اختلاق الضابط بما لا يسوغ رفضه وفي ذلك ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن .......... توجه إلى مكتب الشهر العقاري بشبرا لتوثيق عقد بيع سيارة وإذ قدرت الرسوم من الموظف المختص تبين عدم وجود المبلغ المطلوب معه فأشار عليه أحد الأشخاص بأن في مكنة الطاعن تخفيض الرسوم المقررة فتقابل معه حيث أبدى له استعداده لتوثيق العقد لقاء مبلغ مائتي جنيه تسلمه منه وعاد إليه في مساء اليوم ذاته حيث سلمه عقد البيع مبصوماً بخاتم منسوب إلى مكتب الشهر العقاري وإذ اكتشف تزوير العقد أبلغ ضابط الواقعة الذي انتقل معه إلى مكان تواجد الطاعن حيث قدمه له باعتباره قريباً له وبمناقشة الضابط الطاعن في أمر تزوير توثيق عقد البيع أخبره الأخير بأن التزوير متقن وتأكيداً لقوله أطلع الضابط على عقد بيع سيارة آخر مزور فقام الضابط بضبطه وتفتيشه حيث ضبط أوراقاً أخرى مزورة وخاتماً مقلداً لشعار الجمهورية, وقد عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش وإطراحه في قوله: ((وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش استناداً إلى أن ضابط الواقعة تنكر وظهر على أنه قريب للمجني عليه توصلا إلى إقامة حالة التلبس فمردود عليه بأنه من المقرر أن مهمة مأمور الضبط بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني غير معدومة ولا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرؤسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأتي الجاني لهم ويأمن من جانبهم. فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون, وتأسيساً على ما تقدم فلما كان الثابت من الأوراق أن ضابط الواقعة انتحل صفة قريب المجني عليه وناقش المتهم استناداً إلى هذه الصفة فأخرج له المتهم ما معه من مضبوطات فألقى الضابط عندئذ القبض عليه, فإن ما فعله يكون مشروعاً يصح أخذ المتهم بنتيجته)). لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعن هو الذي قدم عقد بيع السيارة الآخر المزور إلى الضابط وكان ذلك منه طواعية واختياراً وقبل أن يقبض عليه الضابط, فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش ويكون ضبط هذا العقد وما تلاه من قبض وتفتيش أسفر عن ضبط الأوراق المزورة الأخرى والخاتم المقلد صحيحاً في القانون. وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة, وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من انتفائها ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 696 لسنة 58 بتاريخ 01/12/1988
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً ..... طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب وأخذ مبلغ مائة جنيه من .......... الوصية على أولادها القصر على سبيل الرشوة مقابل تحريره وإقراره على خلاف الحقيقة كشفا بحساب الإيرادات والمصروفات الخاصة بالقصر المشمولين بوصايتها وإحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ........ إلخ
 
 المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه البطلان والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع, ذلك بأن المحكمة لم تفض حرزي التسجيلات الصوتية ومبلغ النقود المضبوطة وطرح دفاع الطاعن القائم على أن ما ضبط من نقود يخالف المبلغ الذي قدم في التحقيقات بدلالة اختلاف المظروف المضبوط عما جرى تحريزه, ونسب إلى المبلغة أن الطاعن هو الذي حدد لها موعد اللقاء بالمقهى على خلاف ما جاء بالتسجيلات الصوتية من أنها هي التي حددت الموعد, وأطرح ما دفع به من أن الجريمة إنما وقعت بتحريض من المبلغة ورجال الشرطة, ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما على سيارة صديق لم يصدر إذن بتفتيشها بما لا يسوغ ذلك, وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المبلغة والعقيد ........... والنقيب ........... و............ و........... وما تم ضبطه مع المتهم وتسجيل ما دار بين المتهم والمبلغة من شأنها تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعن في صحة معينها من أوراق الدعوى. لما كان ذلك وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تتم بمجرد طلب الرشوة من جانب الموظف والقبول من جانب الراشي, وما تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما, وكان الثابت بالحكم أن الطاعن قد أقر بالتحقيقات بطلب المبلغ المضبوط من المبلغة, وأنه لم يطلب من المحكمة أن تفض حرزي مبلغ النقود المضبوطة والتسجيلات الصوتية, فليس له من بعد أن ينعي على الحكم عدم إطلاع المحكمة عليها أو عرضها عليه, ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55, 56, 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل, وكان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة عولت - ضمن ما عولت عليه على ضبط مبلغ النقود الذي كان في حوزة المتهم, وعلى تسجيل ما دار بينه وبين المبلغة, وقد اطمأنت المحكمة إلى سلامة إجراءات تحريزها والدليل المستمد منها كما أن الدفاع عن الطاعن لم يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إليها على نحو معين فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها, وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم إذ نسب للطاعن أنه هو الذي حدد للمبلغة موعد اللقاء بالمقهى على خلاف ما جاء بالتسجيلات الصوتية من أنها هي التي حددت الموعد, فإنه بفرض صحته غير ذي بال في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولم يكن له أثر في منطقه وسلامة استدلاله, على مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها, ومن ثم تضحى دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الضابط الذي ندبته النيابة العامة لضبط واقعة عرض الرشوة قد أنتقل إلى المكان الذي تحدد لتقديمها نفاذاً للاتفاق الذي تم بين المبلغة والطاعن, وبعد أن تيقن من تسليم المبلغ ألقى القبض عليه, وكان من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبيها وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحا منتجا لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جادا فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جديا في ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدي منتويا العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره, وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغة وطلب منها مبلغ الرشوة وقدمته إليه بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما, فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة, وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة, فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغة هي التي حرضته على ارتكاب الجريمة بإيعاز من الشرطة لا يكون صحيحا, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لوقوعه بسيارة صديقه التي لم يشملها الإذن بالتفتيش واطراحه في قوله "فإن هذا الدفع ظاهر الفساد ذلك لأن الثابت أن السيارة التي ركبتها المبلغة هي سيارة أحد أصدقاء المتهم وأن الأخير هو الذي طلب منها ركوبها هذا فضلا عن أن السيارة لم يتم تفتيشها الأمر الذي تلتفت معه المحكمة عن هذا الدفع" وكان الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأمور الضبط القضائي إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقبا لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع على ذلك الشخص, وكان من المقرر أيضا إنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط القضائي المنتدب لإجرائه أن ينفذه أينما وجده ما دام المكان الذي تم فيه التفتيش واقعا في دائرة اختصاص من أصدر الإذن ومن نفذه وكان الطاعن لا يجادل فيما أورده الحكم المطعون فيه من أن النيابة العامة قد أصدرت قبل ضبط الواقعة أذنا لضبطه وتفتيشه وتفتيش مسكنه حال تسلمه مبلغ الرشوة, وإن ثمة تفتيشا لم يقع على السيارة وكان الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان, ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيش السيارة لا يقبل من غير حائزها اعتباراً بأن الحائز هو صاحب الصفة في ذلك, وأن الصفة تسبق المصلحة فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بالتبعية وحدها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 3679 لسنة 56 بتاريخ 02/11/1986
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه تعامل في النقد الأجنبي المبين في المحضر على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق البنوك والمصارف المعتمدة والمرخص لها بذلك. وطلبت عقابه بالمادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 والمادة 18 من اللائحة التنفيذية رقم 316 لسنة 1976. ومحكمة جنح الجرائم المالية الجزئية قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه. استأنفت النيابة العامة ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً اعتباريا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر حضورياً اعتبارياً في حق المطعون ضده إلا إنه وقد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة لا يعتبر أنه قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن طعن النيابة العامة فيه بالنقض من تاريخ صدوره جائز. لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة التعامل في نقد أجنبي بغير الطريق القانوني قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه على قبول الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لاتخاذها بغير طلب كتابي وانتفاء حالة التلبس بقالة أن مأمور الضبط هو الذي خلق بنفسه تلك الحالة مع أن ما قام به مأمور الضبط لم يكن إلا محاولة للكشف عن الجريمة دون تحريض منه على ارتكابها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن رئيس قسم مكافحة جرائم النقد بوزارة الداخلية أثبت بمحضره المؤرخ ......... أنه علم من مصدر سري أن المطعون ضده بعرض كمية كبيرة من النقد الأجنبي للبيع بمتجره فانتقل إليه وتظاهر برغبته في شراء بعض منها فعرض عليه المطعون ضده مبلغ 2506 جنيهاً إسترلينياً بسعر 182 قرش للجنيه الواحد وسلمه إياها بعد حساب قيمتها بالعملة المصرية فقام بضبطه وتفتيش محله وعثر على نقد أجنبي ومصري وشيكات مسحوبة على بنوك مصرية، وأورد الحكم أن وزارة الاقتصاد طلبت اتخاذ إجراءات الضبط والتحقيق في ......... فباشرت النيابة العامة تحقيقها, وإن الإدارة العامة للنقد الأجنبي طلبت في ....... إقامة الدعوى الجنائية ثم عرض الحكم للدفع المبدى من المطعون ضده ببطلان القبض والتفتيش لتمامهما قبل صدور طلب ممن يملكه وخلص إلى قبول هذا الدفع استناداً إلى انتفاء حالة التلبس بالجريمة التي تسيغ اتخاذ تلك الإجراءات قبل صدور ذلك الطلب وإلى أن ما قام به مأمور الضبط لا يعدو أن يكون تحريضاً للمطعون ضده على ارتكاب الجريمة. لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشر من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي تنص على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القواعد المنفذة له أو اتخاذ أي إجراء فيها فيما عدا مخالفة المادة (2) إلا بناء على طلب الوزير المختص أو من ينيبه" وكان يبين من هذا النص أن الخطاب فيها موجه من الشارع إلى النيابة العامة بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق بالدعوى الجنائية باعتبار أن أحوال الطلب كغيرها من أحوال الشكوى والإذن إنما هي قيود على حريتها في تحريك الدعوى الجنائية استثناء من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا بنص خاص يؤخذ في تفسيره بالتضييق ولا ينصرف فيه الخطاب إلى غيرها من جهات الاستدلال ومنها مأموري الضبط القضائي المكلفين بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى, ولا تبدأ إجراءات الدعوى الجنائية إلا بما تتخذه النيابة من أعمال التحقيق في سبيل تسييرها تعقباً لمرتكبي الجرائم باستجماع الأدلة عليهم وملاحقتهم برفع الدعوى وطلب العقاب, ولا تنعقد الخصومة ولا تتحرك الدعوى الجنائية إلا بالتحقيق الذي تجريه النيابة العامة دون غيرها بوصفها سلطة تحقيق سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط القضائي أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم. ولا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة إذ أنه من المقرر في صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أياً كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هي من الإجراءات الأولية التي تسلس لها سابقة على تحريكها والتي لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق وتحرياً للمقصود في خطاب الشارع بالاستثناء وتحديداً لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح دون ما يسبقها من الإجراءات الممهدة لنشوئها, ولا يملك تلك الدعوى غير النيابة العامة وحدها، وإذا كانت المادة 39 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "فيما عدا الأحوال المنصوص عليها في المادة 9 فقرة ثانية من هذا القانون فإنه إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى العمومية عنها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها ويجوز في هذه الحالة أن تكون الشكوى لمن يكون حاضراً من رجال السلطة العامة" فإن دلالة هذا النص أنه في الأحوال الأخرى إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى العمومية فيها على إذن أو طلب فإنه يجوز لرجال الضبط القبض على المتهم واتخاذ كافة إجراءات التحقيق هذه قبل تقديم الإذن أو الطلب. لما كان ذلك وكان من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها, وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها, وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة, ولا تثريب على مأمور الضبط في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة, ولما كان ما سطره الحكم المطعون فيه من دور لرجل الضبط القضائي ما يجعل فعله إجراء مشروعاً يصح أخذ المتهم بنتيجته متى أطمأنت المحكمة إلى حصوله, لأن تظاهر مأمور الضبط برغبته في شراء نقد أجنبي من المطعون ضده ليس فيه خلق للجريمة أو تحريض عليها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أبطل الدليل المستمد مما كشف عنه المطعون ضده طواعية من تعامله في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً يكون على غير سند من الواقع أو أساس من القانون مما يعيبه بما يوجب نقضه, ولما كانت المحكمة قد حجبت نفسها عن مواجهة عناصر الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 3385 لسنة 56 بتاريخ 15/10/1986
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: تعامل في النقد الأجنبي المبين بالمحضر على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق المصارف المعتمدة أو الجهات الأخرى المرخص لها بذلك وطلبت عقابه بالمادتين 1، 14 من القانون 97 لسنة 1976 المعدل والمادة 18 من اللائحة التنفيذية الصادر بها قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 316 لسنة 1976 المعدل، ومحكمة الجرائم المالية الجزئية قضت بقبول الدفع ببطلان إجراءات القبض والتحقيق وببطلانها وبراءة المتهم مما أسند إليه.
استأنفت النيابة العامة، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
من حيث أن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه, أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة التعامل في النقد الأجنبي دون مراعاة الشروط والأوضاع المقررة قانونا, قد شابه الخطأ في القانون وانطوى على مخالفة الثابت في الأوراق, ذلك بأنه استند في قضائه ذاك إلى قبول الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش وما ترتب عليها, قولا أن الحالة لم تكن من حالات التلبس بل وقعت بفعل مأمور الضبط وتحريضه في حين أن الجريمة كانت في حالة تلبس, هذا إلى أن ما قرره الحكم من أن النيابة حركت الدعوى الجنائية قبل صدور طلب بذلك من الجهة المختصة يخالف الثابت في الأوراق من أنها لم تحرك الدعوى الجنائية وترفعها إلا بعد صدور طلب بذلك من تلك الجهة, وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه, بعد أن حصل واقعة الدعوى بما يجمل في أن أحد المصادر السرية الموثوق لها, قد اتصل بالرائد.................... المفتش بقسم مكافحة جرائم النقد, وابلغه أن المطعون ضده (.................) يقوم بعرض نقد أجنبي للبيع في السوق السوداء, مستغلا في ذلك واجهة لبيع السجائر بمحله, فتوجه الضابط المذكور ومعه زميله العقيد.............., إلى حيث محل المتهم وإذ تقابلا معه, تظاهرا برغبتيهما في شراء دولارات أمريكية مقابل نقد مصري، وقد قيل المتهم أن يبيعهما عشرة آلاف دولار أمريكي مقابل مائة وأربعة قروش لكل دولار، وبعد أن تسلما النقد المذكور تظاهرا بعده, وأعطيا إشارة للقوة المنتشرة, وقبضا على المتهم الذي اعترف بالتهمة وقرر بتنازله عن النقد الأجنبي المضبوط, عرض للدفعين بعدم قبول الدعوى الجنائية لعدم تقديم طلب بتحريكها من الجهة المختصة, وببطلان القبض والتفتيش, وانتهى إلى أن الجريمة بالصورة التي أوردها في مدوناته - على السياق المتقدم - لم تكن في حالة تلبس وإنها لا تعدو أن تكون من خلق ضابط الواقعة وتحريضه, ذلك بأنه عندما انتقل إلى محل المتهم لم يجد عرضا لنقد أجنبي أو تعاملا فيه, كما خلص الحكم المطعون فيه إلى أن إجراءات القبض على المتهم وسؤاله بمعرفة ضابط الواقعة, وبمعرفة النيابة العامة شفاهة على ظهر محضر الضبط, وقعت باطلة لأنها تمت على خلاف حكم المواد 14/3 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي, 8, 9 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك, وكانت المادتان 34, 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972, قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات, أو الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر, أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه فإذا لم يكن حاضرا جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره, وكانت المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانونا, وكان التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها, مما يبيح لمأمور الضبط القضائي الذي شاهد وقوعها, أن يقبض على المتهم الذي تقوم دلائل كافية على ارتكاب لها، وأن يجري تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة، وكان الحال في الدعوى أن المطعون ضده هو الذي قدم النقد الأجنبي الذي باعه للضابط، فقد قامت الدلائل الكافية على ارتكاب المطعون ضده جنحة التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصاريف المعتمدة للتعامل فيه أو الجهات المرخص لها في ذلك قانونا, والمؤثمة بالمادتين 1, 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي, والمعاقب عليها بعقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه, أو بإحدى هاتين العقوبتين, وقيام مأموري الضبط القضائي من بعد, بالقبض على المطعون ضده, بعد إجراء مشروعا يصح أخذ الطاعن بنتيجته, لأن تظاهر الضابطين برغبتهما في شراء النقد الأجنبي - على النحو الذي أثبته الحكم في مدوناته - ليس فيه خلق للجريمة أو تحريض عليها, كما لا يصح أن يعاب عليهما. لما هو مقرر من أن مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة الحادية والعشرين من قانون الإجراءات الجنائية, الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها, فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحا منتجا لأثره, مادام لم يتدخل في خلق الجريمة بطريق الغش والخداع أو التحريض على مقارفتها, وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة, ولا تثريب على مأمور الضبط القضائي في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة. ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة, ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة - وهو الحال في الدعوى, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن الجريمة هي من خلق وتحريض الضابط فلم تكن لذلك في حالة تلبس, فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله بما يوجب نقضه. لما كان ذلك, ولئن نصت الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بشأن تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980 على أن "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون, أو القواعد المنفذة له, أو اتخاذ إجراء فيها, فيما عدا مخالفة المادة (2) إلا بناء على طلب الوزير المختص أو من ينيبه" إلا أن الخطاب فيها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة جرى به قضاء هذه المحكمة - موجه من الشارع إلى النيابة العامة بصفتها السلطة صاحبة الولاية في الدعوى الجنائية., باعتبار أن أحوال الطلب كغيرها من أحوال الشكوى أو الإذن المنصوص عليها في المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية, إن هي إلا قيود على حريتها في تحريك الدعوى الجنائية, استثناء من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا بنص خاص يؤخذ في تفسيره بالتضييق ولا ينصرف فيه الخطاب, البتة, إلى غيرها من جهات الاستدلال, والدعوى الجنائية لا تتحرك إلا بالتحقيق الذي تجريه النيابة العامة دون غيرها بوصفها سلطة تحقيق , سواء بنفسها أم بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط القضائي أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم, ولا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال إذ أنه من المقرر في صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أيا كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية, بل هي من الإجراءات الأولية التي لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب أو الإذن. رجوعا إلى حكم الأصل في الإطلاق, وتحريا للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء وتحديدا لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح, دون ما يسبقها من الإجراءات الممهدة لنشوئها. إذ لا يملك تلك الدعوى - في الأصل - غير النيابة العامة وحدها. وإذ كان ذلك, وكانت الواقعة كما أوردها الحكم المطعون فيه - على السياق آنف الذكر - من شأنها أن تجعل الجريمة في حالة تلبس فإن الإجراءات التي قام بها مأمور الضبط القضائي من قبض وتفتيش وسؤال للمتهم, تعد من إجراءات الاستدلال المخولة له قانونا, ولا تعتبر من إجراءات تحريك الدعوى الجنائية التي تتوقف مباشرتها على طلب من الوزير المختص أو من ينيبه. ولما كان الثابت مما أورده الحكم في مدوناته نقلا عن أوراق الدعوى, أن النيابة العامة لم تباشر إجراءات التحقيق في الدعوى وتقوم برفعها أمام المحكمة المختصة, إلا بعد صدور طلب بذلك من جهة الاختصاص, فإن ما صدر عنها من ذلك يكون بمنأى عن البطلان, ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان التحقيقات قولا أن طلبا بمباشرتها لم يكن قد صدر من الجهة المختصة - قد أقام قضاءه ذاك على ما يخالف الثابت في الأوراق مما يفسد استدلاله ويوجب نقضه والإعادة لهذا السبب أيضا

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 365 لسنة 56 بتاريخ 16/04/1986
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قلد بواسطة غيره خاتم إحدى المصالح الحكومية - مصلحة الجمارك - على النحو المبين تفصيلا بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملا بالمادتين 206، 30 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
من حيث أن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة تقليد خاتم لمصلحة الجمارك، بواسطة غيره، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في القانون وتأويله والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه، رد على ما أثاره المدافع عن الطاعن من دفاع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بدون إذن من النيابة العامة، بما لا يصلح ردا، ورغم وجود الوقت الكافي للحصول على إذن من النيابة العامة بالتفتيش، فإنه لم يتم الحصول على إذن منها بذلك، وعاقبت المحكمة الطاعن دون أن يكون فاعلا أصليا في الجريمة، ودون أن ينال العقاب، من قام بالتقليد بوصفه شريكا في الجريمة تلك، كما أن أحد شاهدي الإثبات قد توفى دون أن يثبت له قول في الأوراق، وعول الحكم على شهادة الرائد ... الذي أمر بإجراء القبض الباطل، فلا يصح التعويل على شهادته وكذلك لان في طلبه من صانع الأختام اقتراف التقليد إيقاع بالطاعن لا يجوز قانونا، هذا إلى أنه لم يعرض لدفاع الطاعن بنفي الاتهام في مراحل التحقيق، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى، بما مفاده أن ...... هو صانع أختام، أبلغ الضابط ...... بقسم جرائم الأموال العامة بمديرية أمن القاهرة، أن المتهم ....... العامل بشركة ...... وهو مندوب الشركة لدى جمرك الدولية وعضو نقابة مستخلصي الجمارك، طلب منه تقليد خاتم شعار الجمهورية الخاص بمصلحة الجمارك بعد أن قدم له نموذج بصمة الخاتم، وذلك مقابل مبلغ مائتي جنيه، فطلب منه الضابط القيام بما طلبه المتهم، وفي اليوم المحدد لاستلام الخاتم أرسل الضابط، الشرطيين ...... و...... إلى صانع الأختام سالف الذكر، لضبط المتهم، حيث اتفقا مع الصانع المذكور على إشارة تدل على حضور المتهم، ثم مكثا على مقربة من مكانه، وإذ حضر المتهم، وتسلم الخاتم المقلد وقام بتجربته ثم وضعه في حقيبته، وكان ذلك على مرأى منهما، فقد قاما بالتحفظ على المتهم واقتاداه إلى الضابط المعني وأبلغاه بما حدث، ثم أثبت الأخير في محضره أن المتهم قام بفتح الحقيبة التي كانت معه وقدم للضابط الخاتم المقلد وأقر له بأنه يعمل مستخلص جمارك لدى شركة .......، وأنه كان ينوي استخدام الخاتم في بعض الأوراق، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من شهادة كل من ........ (صانع الأختام) والرقيب ...... والرائد ..... ومما أثبت بمحضر الضبط، وما جاء بتقرير المعمل الجنائي عن بصمة الخاتم المضبوط وكونها مما تجوز على الشخص العادي فينخدع بها، وهي أدلة من شانها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وكان الحكم المطعون فيه، قد رد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم صدور إذن من النيابة العامة بذلك في قوله "أنه من المقرر أنه يكفي في حالة التلبس، أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، ويكفي في ذلك تحقق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس، متى كان هذا التحقق بطريقة يقينية لا تحتمل شكا، كما أن من المقرر طبقا لنص المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية، أن لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، وفضلا عن ذلك فقد خولت المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية، لكل من شاهد الجاني متلبسا بجناية، أو جنحة يجوز فيها قانونا الحبس الاحتياطي، أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة، دون احتياج لأمر بضبطه، كما خولت المادة 38 من ذات القانون لرجال السلطة العامة في الجنح المتلبس بها التي يجوز الحكم فيها بالحبس، أن يحضروا المتهم ويسلموه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي، بل إن المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشان الجرائم وأن يبعثوا بها فورا إلى النيابة العامة، ويجب عليهم وعلى مرؤوسيهم، وهم رجال السلطة العامة أن يحصلوا على جميع الإيضاحات ويجروا المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الواقعة التي تبلغ إليهم أو التي يعملون بها بأي كيفية كانت، وعليهم أن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة، ويناء على ذلك، فإذا وقف رجال السلطة العامة وهم بصدد إجراء التحريات وجمع الاستدلالات عن الجريمة التي أبلغ بها رؤساؤهم من مأموري الضبط القضائي، إذا وقف هؤلاء على جريمة متلبس بها أثناء ذلك، فيتعين عليهم أن يحضروا المتهم ويسلموه إلى مأمور الضبط القضائي، وإذ كان ما نقله الرقيبان ......... و........ حيال المتهم .........، إثر مشاهدتهما له أثناء استلام الخاتم المقلد، لم يخرج عن نطاق القواعد القانونية سالفة البيان، فإن الدفع المبدى ببطلان القبض على هذا المتهم وتفتيشه يكون على غير سند من الواقع والقانون ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عنه ولا تعول عليه". وهذا الذي انتهى إليه الحكم، صحيح في القانون، ذلك بأن المادتين 37، 38 من قانون الإجراءات الجنائية، أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي، من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة، تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات، أو الجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس على حسب الأحوال، متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس، وتقتضي هذه السلطة - على السياق المتقدم - أن يكون لآحاد الناس أو رجال السلطة العامة التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه أو ما يحتوي على هذا الجسم، بحسبان ذلك الإجراء ضرورياً ولازماً للقيام بالسلطة تلك على النحو الذي استنه القانون، وذلك كيما يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي وإذ كان ذلك، وكان ما فعله الرقيبان ..... و.... بوصفهما من رجال السلطة العامة، أو بوصفهما من آحاد الناس كذلك، من اقتياد للطاعن ومعه الحقيبة التي وضع بها الخاتم المقلد بعد تجربته على مرأى منهما، إلى مأمور الضبط القضائي، ومن إبلاغه بما وقع منه لا يعدو - في صحيح القانون أن يكون مجرد تعرض مادي يقتضيه واجبهما في التحفظ على المتهم وعلى جسم الجريمة، بعد إذ شاهدا جناية تقليد خاتم إحدى الجهات الحكومية، في حالة تلبس كشفت عنها وعن آثارها مراقبتهما المشروعة للمتهم. وكان يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، وكان الثابت من مدونات الحكم، أنه انتهى إلى قيام هذه الحالة، استنادا إلى ما أورده في هذا الخصوص - على النحو المتقدم - من عناصر سائغة لا يماري الطاعن في أن لها معينها من الأوراق، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها، أو بعد ارتكابها، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس، أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع، دون معقب عليها، ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وكانت المادة 29 من آنف الذكر، تنص على أن "لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستمعوا إلى أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبها، وأن يسألوا المتهم عن ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أن رجلي السلطة العامة بعد اقتيادهما للطاعن ومعه الحقيبة سالفة الذكر، وعرضه على مأمور الضبط القضائي، قام الأخير بسؤاله عن الاتهام المسند إليه، فاعترف به، وقدم له الخاتم المقلد مفصحاً له عن نيته في استخدامه، وعول الحكم على ذلك ضمن ما عول عليه في إثبات الجريمة قبل المتهم، وتناهى - على السياق المتقدم - إلى رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش، فإنه يكون قد بريء من عيب الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله. لما كان ذلك، وكانت الحالة من حالات التلبس، فلا على مأمور الضبط القضائي إن هو لم يسع للحصول على إذن من سلطة التحقيق بالقبض والتفتيش، لم يكن في حاجة إليه. لما كان ذلك وكان لا يشترط في جريمة التقليد المنصوص عليها في المادة 206 من قانون العقوبات، أن يكون الجاني قد قلد بنفسه خاتم أو تمغة أو علامة، إحدى الجهات الحكومية بنفسه، بل يكفي أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره، ما دام كان مساهماً معه فيما قارفه، فقد سوى الشارع بين من قلد بنفسه شيئاً مما تقدم، وبين من يرتكب ذلك بواسطة غيره، مما يجعل مرتكب التقليد في الحالتين فاعلاً أصلياً في الجريمة. وهو ما ثبت توافره في حق الطاعن على ما خلص إليه الحكم المطعون فيه، على ما سلف بيانه، فإن النعي على الحكم في هذا يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعن النعي بعدم إقامة الدعوى الجنائية قبل متهم آخر وعدم إنزال العقاب به، ما دام أنه بفرض أسهامه في الجريمة، لم يكن ذلك ليحول دون مساءلة الطاعن عنها، وهو الحال في الدعوى الماثلة، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير مقبول، لما كان ذلك، وكانت وفاة أحد الشهود، قبل الإدلاء بأقواله أو إثباتها في التحقيقات، ليس من شأنه - بفرض صحته - أن يحول بين المحكمة والأخذ بباقي عناصر الدعوى، ما دامت قد اقتنعت بها ورأت للأسباب السائغة التي أوردتها أنها كافية لإدانة المتهم - وهو الحال في الدعوى الماثلة - فإن النعي في هذا الصدد يكون غير مجد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد انتهى - على ما سلف بيانه - صحيحا في القانون، إلى رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش، لأن الحالة كانت من حالات التلبس، وأقرته على ذلك هذه المحكمة، فإن النعي باستناد الحكم إلى أقوال الرائد ..... بقالة أنه أمر بإجراء القبض الباطل فلا يصح التعويل على شهادته، يكون بعيدا عن محجة الصواب، لما كان ذلك، وكان الدفاع بأن الجريمة تمت بناء على تحريض من ضابط الشرطة للإيقاع بالمتهم، هو دفاع قانوني يخالطه واقع، ومن ثم لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته، نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بما يثيره في طعنه في هذا المنحى وقد خلت مدونات الحكم مما يرشح لقيامه, فغنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة  هذا فضلا عن أن مهمة مأمور الضبط القضائي، بموجب المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية، الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها، فإن كل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره، ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها، وطالما  بقيت إرادة الجاني حرة غير معلومة، فلا تثريب على مأمور الضبط القضائي أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة، ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة وتقاليد المجتمع، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الضابط المعني طلب من صانع الأختام مجاراة الطاعن في طلبه تقليد خاتم مصلحة الجمارك، حتى إذا ما قلده، وسلمه للطاعن الذي قام بتجربته على مرأى من رجلي السلطة العامة، اقتاداه إلى مأمور الضبط القضائي ذاك، مبلغين إياه ما كان من أمر المتهم، وإذ سأله اعترف بالواقعة وقدم له الخاتم المقلد، فإن ما تقدم من إجراءات تعد مشروعة ويصح التعويل على شهادة من قاموا بها، لان في طلب مأمور الضبط القضائي إلى صانع الأختام مجاراة الطاعن في طلبه تقليد خاتم مصلحة الجمارك، وقيام الصانع بذلك بناء عل رغبة المتهم ومشيئته، ليس فيه خلق الجريمة أو التحريض عليها، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في شأن عدم رد الحكم على نفيه الاتهام في التحقيقات، هو من أوجه الدفاع الموضوعي التي لا تستأهل من الحكم رداً، ما دام الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعن، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن في التفاته عنها، ما يفيد أنه أطرحها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته، يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 4188 لسنة 54 بتاريخ 26/02/1985
 المحكمة
حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يورد مضمون أدلة الثبوت التي عول عليها في الإدانة ومؤداها، وأقر القبض على الطاعن وتفتيشه مع أنه تم بغير إذن من النيابة العامة، كما أطرح بأسباب غير سائغة الدفع ببطلان القبض والتفتيش، ولم يفطن إلى أن مجرد تلقي مأمور الضبط القضائي معلومات مصدره السري عن حضور الطاعن لبيع المادة المخدرة لا يعفيه من استصدار إذن من النيابة بالتفتيش إذ لا تتوفر به حالة التلبس التي تبيح له إجراء التفتيش بغير إذن وإنما يجب لقيام هذه الحالة أن يشاهد مأمور الضبط الجريمة متلبسا بها وأن تتم هذه المشاهدة بطريق مشروع دون تحريض منه على ارتكاب الجريمة أو اختلاق لحالة التلبس بها، هذا إلى أن مأمور الضبط القضائي قام بتفتيش مسكن المتهم الآخر بالرغم من وقوعه خارج دائرة اختصاصه وأخيرا فإن كلا من المتهم الآخر و............ قرر أنه لا يعرف الطاعن على خلاف ما ذهب إليه محرر المحضر من أن ثانيهما حضر صحبة الطاعن، وفي هذا كله ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى - بالنسبة للطاعن - في قوله: "أنه بتاريخ 26/5/1983 قام الرائد ............ بضبطه المتهم المذكور (الطاعن) ومعه كمية من مخدر الحشيش وذلك عندما تظاهر أنه يريد شراء كمية من المخدرات فأحضر المتهم الكمية المتفق عليها حيث تم ضبطه وضبط ما معه من مخدرات" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من تقرير المعامل الكيماوية بالطب الشرعي ومما شهد به بالتحقيقات الرائد ............ رئيس مباحث قسم حدائق القبة الذي حصل مضمون أقواله بما يتطابق وما أثبته الحكم في بيان واقعة الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم قد بين تلك الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه في قوله: "وحيث أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانعدام السند القانوني قد جاء مرسلا لا دليل عليه في الأوراق خاصة وقد اطمأنت المحكمة إلى ما قرره الضابط من أنه ألقى القبض على المتهم بعد أن أحضر كمية من المخدرات لبيعها مما يكون معه ذلك الدفع ظاهر الفساد يتعين الالتفات عنه". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت - في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة السائغة التي أوردتها - أن لقاء الضابط بالطاعن جرى في حدود إجراءات التحري المشروعة قانونا وأن القبض على الطاعن وضبط المخدر المعروض للبيع تم بعد ما كانت جناية بيع هذا المخدر متلبسا بها بتمام التعاقد الذي تظاهر فيه الضابط برغبته في شرائه من الطاعن، ولما كان من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرؤسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضا منهم للجناة مادام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة ومادام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة وإذ كان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليما فيما انتهى إليه من رفضه الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيسا على توافر حالة التلبس التي يبيحها كما أنه لما كان الطاعن قد أوجد نفسه طواعية في أظهر حال من حالات التلبس فإن قيام الضابط بضبطه وتفتيشه يكون صحيحا منتجا لأثره ولا عليه أن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك إذ لم يكن في حاجة إليه. ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. وإذ كان ما يثيره الطاعن من أن مأمور الضبط قام بتفتيش مسكن المتهم الآخر بالرغم من وقوعه خارج دائرة اختصاصه مردودا بأنه مادام هذا الإجراء يتعلق بغيره، فإنه لا يجوز له الطعن ببطلانه - بفرض صحة ما ذهب إليه - إذ الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن. وأما ما ساقه الطاعن من دعوى مخالفة ما ذهب إليه محرر المحضر من أن ............ حضر صحبة الطاعن إلى مكان الضبط لما قرره المتهم الآخر و............ من أنهما لا يعرفان الطاعن، فإنه لما كان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استنادا إلى أقوال الشاهد هو إطراح ضمني لما عداها مما يخالفها، وإذ كان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته، والتعويل على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 211 لسنة 46 بتاريخ 23/05/1976
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين - حكم ببراءتهم - بأنهم بدائرة قسم الدخيلة محافظة الإسكندرية (أولا) جلبوا إلى أراضي جمهورية مصر العربية جوهرا مخدرا (أفيونا) دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة (ثانيا) وهم من الأجانب دخلوا أراضي جمهورية مصر العربية دون الحصول على جواز سفر ساري المفعول صادر من سلطات بلدته المختصة (ثالثا) بصفتهم سالفة الذكر دخلوا أراضي جمهورية مصر العربية دون الحصول على تأشيرة من الجهة المختصة (رابعا) بصفتهم المذكورة دخلوا أراضي جمهورية مصر العربية من غير الأماكن التي حددها وزير الداخلية وبغير إذن من الموظف المختص. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 1 و2 و3 و33/أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم واحد من الجدول رقم واحد المرافق, والمواد 1 و2 و4 و45 من القانون رقم 89 لسنة 1960 فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين (الطاعنين) بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه مع مصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة والمركب التركي ........ وذلك عما أسند إليهم. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة جلب جوهر مخدر قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وقصور وتناقض في التسبيب، فضلاً عما شابه من فساد في الاستدلال. ذلك بأن الطاعنين دفعوا ببطلان الإجراءات برمتها - استنادا إلى عناصر جديدة استظهرها الحكم نفسه - لوقوع الفعل بناء على تحريض من رجال الشرطة. كما دفعوا ببطلان أمر التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة، وببطلان التفتيش لأنه تم في غيبة الضابط المأذون بإجرائه مع أن الأمر به مقصور عليه - هو ومن يعاونه من رجال الضبط القضائي - مما مفاده أن المقصود هو معاونة المأذون في تنفيذ الأمر، ولكن الحكم رد على هذه الدفوع كلها بما لا يتفق مع صحيح القانون ولا يصلح رداً. ثم أنه اعتمد في الإدانة على أقوال الضابط الذي أجرى التفتيش، مع أنه طرح أقواله بالنسبة لسائر المتهمين الذين قضى ببراءتهم، وحجته في ذلك داحضة - هي قيامه بتقسيم الدعوى إلى مرحلتين منفصلتين - ولا قيمة لما صرح به في هذا الصدد من أن تلك الأقوال التي اعتمد عليها قد تأيدت بشهادة رجال البحرية، إذ أن هؤلاء لم يشاهدوا واقعة نقل المخدر. هذا إلى أنه لم يدلل على توافر علم الطاعنين الأخيرين - بحارا المركب المقول باستخدامه في هذا النقل - بحقيقة ذلك الجوهر، وعلى أنهما قد قصدا أن يدخلا في ارتكاب جريمة جلبه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعنين - وهم من الأتراك - جلبوا من تركيا على ظهر مركب كمية من جوهر مخدر الأفيون، دخلوا بها جوف المياه الإقليمية لجمهورية مصر العربية بقصد طرحها للتداول، وبناء على الأمر الذي أصدرته النيابة العامة بتفتيش المركب - عند وصوله إلى المنطقة المحددة لتسليم المخدر داخل تلك المياه - استقل أحد ضباط الشرطة مركبا للصيد بصحبة نفر من زملائه، بعد ارتدائهم جميعا ملابس الصيادين، وتبادلوا علامات مع المركب التركي أفرغ على أثرها الطاعنون الأربعة شحنة المخدر في مركب الصيد بعد ترابط المركبين بالحبال - وهي عبارة عن أربعة عشر جوالا من القماش وكيس من البلاستيك وخمس حقائب - ثم أبلغت إحدى قطع القوات البحرية لاسلكياً لضبط المركب التركي بركابها الطاعنين فتم ذلك. وقد أخذت خمس عينات من تلك الشحنة ثبت من تحليلها أنها من جوهر الأفيون. وبعد أن أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال رجال الشرطة وصاحب مركز الصيد والضابطين البحريين اللذين كلفا بضبط المركب التركي ونتيجة تحليل العينات، عرض للدفع ببطلان الإجراءات لوقوع الفعل بناء على تحريض من رجال الشرطة وأطرحه بقوله "أما القول بأن هناك تحريضاً صورياً . . فإن دور المقدم . . كما هو واضح من الأوراق كان مجرد دور من ينقل عن الغير، إن هو إلا مجرد مبلغ ينقل معلومات ميعاد إبحار المركب حاملة شحنة المخدرات وميعاد وصولها إلى المياه الإقليمية المصرية وعلامات التسليم والاستلام ينقل كل ذلك إلى أفراد العصابة الموجودين بأرض جمهورية مصر العربية ليعملوا على استلام الشحنة  وتوزيعها على باقي التجار ومن ثم فليس لعمله أو لأعماله تحريض صوري على ارتكاب جناية جلب المخدر . . وأياً كان الأمر فإن المتهمين الأربعة السابق ذكرهم والثابت لدى المحكمة إدانتهم قد شحنوا المركب بشحنة مخدرات الأفيون تلك في تركيا بمحض إرادتهم وحر اختيارهم واستقلوا المركب وأحدهم مالكها وصاحبها وثانيهم قبطانها وثالثهم ورابعهم بحارة عليها استقلوا المركب المذكورة عن خالص اختيار وحر إرادة جالبين المخدر بقصد طرحه وتداوله بين الناس هنا وداخلين به وبخالص أنفسهم المياه الإقليمية المصرية لم يسقهم إلى هذا إلا أرجلهم وخالص إرادتهم وحر اختيارهم". لما كان ذلك وكان من مهمة مأمور الضبط القضائي - بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية - الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها، فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحا منتجا لأثره مادام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة، ومن ثم فلا تثريب على مأمور الضبط في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يساس لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة. وإذ كان الحكم قد أوضح - في حدود سلطته التقديرية - رداً على الدفع سالف البيان أن الدور الذي لعبه ضابط الشرطة لم يتجاوز نقل المعلومات الخاصة بموعد إبحار المركب بشحنة المخدر ووصوله وبعلامات التسليم والتسلم توصلاً للكشف عن الجريمة التي وقعت بمحض إرادة الطاعنين واختيارهم، فإن منعاهم على الحكم في خصوص رفضه هذا الدفع يكون في غير محله لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان أمر التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة - بقوله "إن العبرة ليست بما تنتهي إليه النيابة العامة من وصف التهمة كما أنه ليس بذات اعتبار أن تنتهي المحكمة بعد محاكمتها على تبرئة ساحة أحد المتهمين. إذا كان هذا وكان محضر اللواء ... ... المؤرخ 8/6/1972 في الساعة الواحدة والنصف صباحا والذي رفع للنائب العام شارحاً فيه كل الوقائع الواردة به وطالباً في نهاية محضره بضبط المركب التركي وأصحابها وطاقمها ومن يتواجد معهم عند وصولهم إلى النقطة المحددة لتسليم الأفيون داخل المياه الإقليمية المصرية إلخ. إذا كانت هذه الوقائع تشكل جناية اتفاق جنائي على جلب المخدر إلى أراضي جمهورية مصر العربية وقد وقع بعضها فعلاً في القطر المصري. إذ كما ورد في هذا المحضر أنه قد تم الاتفاق فعلاً بين أفراد العصابة المصريين وبين التركيين ... ... وسافر ... ... فعلاً إلى تركيا على أن يظل ... ... موجودا هنا وتم تنفيذ هذا الاتفاق فعلا إذ شحنت المركب التركي بالمخدرات وأبحرت فعلا من تركيا في الساعات الأولى من صباح يوم 6/6/1972 - إذا كان هذا كله فإنه مما يشكل جناية اتفاق جنائي على جلب المخدر وقع بعضها في القطر المصري ومن ثم يكون إذن النيابة العامة السالف ذكره وعملا بالفقرة أولاً من المادة 2 عقوبات هو في صحيح القانون" وإذ كان هذا الذي رد به الحكم من تضمن المحضر المشار إليه فيه أن ثمة جريمة اتفاق جنائي على جلب مخدر قد وقع بعضها في القطر بالفعل من قبل أن يصدر أمر التفتيش بناء على هذا المحضر، إنما يتفق مع صحيح القانون ويكفي في الرد على الدفع ببطلان الأمر بدعوى صدوره عن جريمة مستقبلة، فإنه لا يضير الحكم - من بعد - أن يكون قد اشتمل من قبيل التزيد على تقرير قانوني خاطئ بشأن الوقت الذي وقعت فيه جريمة الجلب. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد في رده على الدفع ببطلان التفتيش لأنه تم في غيبة الضابط المأذون بإجرائه ما يلي "وحيث أنه للرد على هذا الدفع يجدر الرجوع إلى نص إذن رئيس النيابة بالندب فنجده يقول نصاً بعد الديباجة وما تلاها: نأذن للسيد اللواء ... ... ومن يعاونه من رجال الضبط القضائي ... ... إذا كان الأمر كذلك وكانت الواو هنا تفيد المغايرة ومن ثم فقد كان الندب منصباً أصلاً ومباشرة على اللواء ... ... ومن يعاونه من رجال الضبط القضائي ومن ضمنهم المقدم ... ... فإن هذا الأخير يستمد ندبه أصلاً ومباشرة من إذن رئيس النيابة المذكور وإذا وضح هذا فإن القول بأن المقدم ... ... إذ باشر ضبط المركب التركي ومن بها من المتهمين الأربعة وتفتيشهم دون إشراف من اللواء .... المندوب الأصلي قد وقع على خلاف القانون هو قول غير سديد وغير سليم". وإذ كان هذا الذي أورده الحكم يتفق والتفسير السليم لعبارات أمر التفتيش التي خولت كلاً من الضابط المذكور به ومن يعاونه من رجال الضبط القضائي سلطة إجرائه، فإن ما تأوله الطاعنون من تلك العبارات - بخلاف ذلك - لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه وإن أطرح أقوال الضابط الذي أجرى التفتيش - لانعدام الثقة فيها وعدم الاطمئنان إليها في مرحلتين أولاهما أثناء وجوده في تركيا وانفراده في تلك المرحلة بالشهادة بروايات منقولة، والأخرى منذ استلامه المضبوطات من وكيل النيابة المحقق بغير تحريز مما سمح بحصول عبث فيها بعد ذلك - الأمر الذي رتب عليه قضاءه ببراءة سائر المتهمين في الدعوى، إلا أنه اعتمد على أقواله في خصوص قيام الطاعنين بجلب شحنة المخدر إلى جوف المياه الإقليمية وبإفراغها في مركب الصيد، لما صرح به من أسباب اطمئنانه التي تتحصل في أن هذه الأقوال إنما صدرت عن رؤية وتأيدت بواقعة الضبط المادية وبشهادة الضابطين البحريين وصاحب مركب الصيد. وإذ كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، وأنه لا يشترط في شهادة كل شاهد أن تكون دالة بذاتها على الحقيقة المراد إثابتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله هذا الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، فإن ما يعيبه الطاعنون على الحكم بشأن تجزئة أقوال الضابط المشار إليه وعدم مشاهدة الضابطين البحريين واقعة نقل المخدر يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الثابت من الوقائع التي أوردها الحكم أن الطاعنين - صاحب المركب وقبطانها وبحاراها - قد شحنوها في تركيا بمخدر الأفيون وحضروا بها خصيصا من بلدهم هذه إلى جوف المياه الإقليمية وأفرغوا حمولتها - هم الأربعة - في مركب الصيد، فضلاً عن أنهم - جميعاً - لم يعللوا وجودهم داخل تلك المياه بعلة معقولة. وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استدلالاً عن العلم بكنه الجوهر المخدر طالما أوردت في حكمها من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي - كما هي الحال في الدعوى الماثلة - فإنه لا يكون ثمة محل لما ينعاه الطاعنان الأخيران - بحارا المركب - على الحكم بقالة القصور في التدليل على توافر علمهما بحقيقة ذلك الجوهر، وعلى أنهما قد قصدا أن يدخلا في ارتكاب جريمة جلبه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 1830 لسنة 39 بتاريخ 02/03/1970
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 29 مارس سنة 1964 بدائرة قسم الأزبكية والمعادي محافظة القاهرة: (أولا) أحرزوا جوهرا مخدرا (حشيشا) بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا. (ثانيا) عرضا رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم كل منهما لـ............. السجان بليمان طره مبلغ خمسين قرشا على سبيل الرشوة مقابل قيامه على خلاف ما تقضي به لوائح السجون بنقل المواد المخدرة موضوع التهمة الأولى من ثانيهما إلى أولهما بداخل السجن وحمل الرسائل المتبادلة بينهما ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام, فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 30 من قانون العقوبات ببراءة كل من المتهمين مما أسند إليهما ومصادرة المخدرات المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المتهمين المطعون ضدهما من تهمتي إحراز المخدر والرشوة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الخطأ في الإسناد, ذلك أنه أقام قضاءه ببطلان القبض والتفتيش على أن معاون النيابة الذي أصدر الإذن بندب الضابط للتفتيش لا يملك إصداره لأن قرار رئيس النيابة بندب معاون النيابة لإصدار الإذن بالتفتيش قد صدر لاحقاً لصدور إذن التفتيش وما استند إليه في ذلك يخالف الثابت بالأوراق. فضلاً عن أن المطعون ضده الثاني لم يضبط إلا بعد أن قدم المخدر ومبلغ الرشوة بمحض إرادته واختياره إلى السجان .......... كما أن المطعون ضده الأول قد جرى ضبطه بداخل السجن إثر تسلمه المخدر من السجان تنفيذاً للاتفاق المعقود بينهما, وقد أغفل الحكم التحدث عن هذه الأدلة التي جاءت مستقلة عن إجراءات التفتيش, ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها تتحصل فيما قرره النقيب ........ ضابط مباحث مصلحة السجون من أنه علم من تحرياته السرية أن المتهم الأول ....... يتجر في المواد المخدرة داخل السجن وقد أبلغه الشرطي ....... أن المتهم المذكور طلب منه مقابلة أحد أقاربه وهو المتهم الثاني ...... الذي سيعطيه كمية من المواد المخدرة لتوصيلها إليه داخل السجن وذلك في مقابل مبلغ من المال وأنه طلب من الشرطي التظاهر بالقبول وقد أخبره الأخير بميعاد مقابلته للمتهم الثاني فكمن ومعه النقيب ...... وقاما بالقبض على المتهم الثاني بعد أن كان قد سلم الشرطي كمية من الحشيش ومبلغ خمسين قرشاً كأتعاب له وبتفتيشه للمتهم الثاني عثر بجيب سترته الأيمن على قطعة حشيش وأضاف الشاهد أنه طلب من الشرطي ...... تسليم المواد المخدرة إلى المتهم الأول داخل السجن وتمكن ومعه النقيب ..... من القبض على المتهم الأول محرزاً للمخدر المضبوط بعد أن تسلمه من الشرطي ........... وبعد أن أثبت الحكم أن النقيب ........ و........... والسجان .......... قد شهدوا بمضمون الوقائع السابقة أقام الحكم قضاءه بالبراءة استناداً إلى قبول الدفع ببطلان التفتيش الذي أجراه الضابط بناء على ندبه من معاون نيابة في قوله "وحيث إنه متى كان الإذن صادراً من شخص لا يملكه فإنه يكون باطلاً. كما تبين للمحكمة من إطلاعها على الأوراق أنه صدر من معاون النيابة ولم يندب ذلك المعاون من السيد رئيس النيابة إلا بعد صدور الإذن بدليل أنه مؤشر بذلك في نهاية الإذن وفي هامش الأوراق"..... لما كان ذلك, وكان يبين من مراجعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للوجه الأول من الطعن أن قرار رئيس النيابة بندب الأستاذ ...... معاون النيابة لإصدار الإذن بالتفتيش قد صدر منه على هامش محضر التحريات الذي تقدم به الضابط إلى نيابة المخدرات بينما أن إذن معاون النيابة بالتفتيش قد دون على استقلال على الوجه الآخر من الصحيفة. لما كان ما تقدم, وكان الحكم وهو بسبيل التدليل على بطلان الإذن الصادر من معاون النيابة بالتفتيش قد أخطأ في الاستدلال باستناده على دليل ينقضه ما هو ثابت بالأوراق. وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط قد انتقل ومعه الشرطي ....... إلى المكان الذي عينه المطعون ضده الأول لاستلام المخدر من المطعون ضده الثاني نفاذاً للاتفاق المعقود بينهما وقدم الأخير المخدر فعلاً للشرطي فألقى الضابط - عندئذ القبض عليه - وعقب ذلك انتقل الضابط ومعه الشرطي السجان إلى السجن وتم تسليم المخدر للمطعون ضده الأول. لما كان ذلك, وكان من مهمة مأمور الضبط بمقتضى المادة 31 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة. لما كان ذلك, وكان الحكم حين قضى بقبول الدفع وبطلان التفتيش قد أغفل التعرض لهذا الدليل المستقل عن الإجراءات التي قضى ببطلانها فإنه يكون مشوباً بالقصور مما يوجب نقضه

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 1075 لسنة 24 بتاريخ 01/11/1954
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1-...................... و2-...................... وشهرته......... و3-........... و4-................... و5-...................... و6-..................... و7 -...................... - بأنهم في ليلة 29 من نوفمبر سنة 1952 الموافق 11 من ربيع الأول سنة 1372 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: أولا- المتهمون الأول والثاني والثالث والرابع والخامس سرقوا الأصواف والأشياء الأخرى الموضحة بالمحضر ومبلغ مائة وسبعة جنيهات لـ...... و....... من محلهما بواسطة استعمال مفتاح مصطنع حالة كون المتهم الأول عائدا إذ سبق الحكم عليه بخمس عقوبات مقيدة للحرية لسرقات وشروع فيها الأخيرة منها بحبسه سنة مع الشغل لسرقة في 26/4/1948 وحالة كون المتهمين الثاني والخامس عائدين. ثانيا- المتهم السادس اشترك بطريق التحريض والاتفاق مع المتهمين سالفي الذكر في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن حرضهم على ارتكابها واتفق معهم على ارتكابها وصاحبهم في السيارة التي استعملوها في ارتكاب الحادث. فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق حالة كونه عائدا إذ سبق الحكم عليه بست عقوبات مقيدة للحرية لسرقات الأخيرة منها بحبسه سنة مع الشغل في 3 مارس سنة 1948 لسرقة. ثالثا- المتهم السابع أخفى الأصواف والأشياء الأخرى المسروقة سالفة الذكر مع علمه بسرقتها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم على محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا للمواد 40/1 -2 و41 و44 مكررة و49/2 - 3 و51 و52 و317/2 - 4 و5 عقوبات. وقد قررت الغرفة بذلك. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهم السابع ببطلان القبض عليه وتفتيش منزله لوقوع ذلك في غير الحالات المصرح بها قانونا وبعد أن أتمت المحكمة نظرها قضت حضوريا عملا بالمادة 317/2 - 4 - 5 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الخمسة الأول وبها وبالمادتين 49/2 - 3 و51 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الأول والمادتين 317/2 - 4 - 5 و44 مكررة منه بالنسبة إلى المتهم الأخير. أولا- بمعاقبة...................... بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. وبمعاقبة كل من...................... الشهير بـ........ و...................... و...................... و......................بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات. ثانيا- برفض الدفع ببطلان التفتيش وبصحته وبمعاقبة...................... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. ثالثا - ببراءة........ ........... مما أسند إليه.
فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
... من حيث إن الطاعنين الخمسة الأول وإن قرروا بالطعن بطريق النقض في الحكم الصادر ضدهم في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسبابا لطعنهم ومن ثم كان طعنهم غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن بالنسبة إلى الطاعن السادس (.....................) قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن حاصل أوجه الطعن هو أن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم صدور أمر من السلطة المختصة بذلك وعدم قيام حالة التلبس ولكن المحكمة دانته وبررت هذا الإجراء استنادا إلى المواد 34 و35 و46 و21 من قانون الإجراءات الجنائية في حين أن ما ذهبت إليه المحكمة ينطوي على خطأ في تطبيق القانون. ذلك لأنه فضلا عن أن القرائن التي تتطلبها المادة 34 المشار إليها غير متوافرة في الدعوى فإنه إذا جاز لمأمور الضبط القضائي القبض على ذات المتهم الحاضر وتفتيشه طبقا للمادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية فإن ذلك لا يبرر تفتيش منزله. وبذا يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في الإدانة على الدليل المستمد من قبض وتفتيش باطلين قد أخطأ. هذا إلى أن الحكم قد أخفق في التدليل على عنصري العلم والإحراز اللذين تتطلبهما المادة 44 مكررة من القانون العقوبات، وإذ لم يثبت يقينا علم الطاعن بأن الأشياء التي كانت بداره متحصلة من جريمة وحتى بفرض توافر هذا العلم فإنه لم يكن محرزا إطلاقا لهذه الأشياء كمراد القانون. وكل ما يصح إسناده إليه لا يعدو مجرد الشروع في الإخفاء. وهذا لا عقاب عليه لأنه جنحة ولا عقاب على الشروع في الجنح إلا بنص خاص.
وحيث إن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان القبض والتفتيش الواقع عليه وعلى مسكنه لا يجديه. فالحكم المطعون فيه قد اعتمد في إدانته بصفة أصلية على اعترافه الصادر منه في محضر استجواب النيابة وفي الجلسة واتخذ منه دليلا قائما بذاته مستقلا عن التفتيش. ومتى كان الأمر كذلك فإن مصلحته فيما يجادل فيه من بطلان القبض والتفتيش تكون منتفية، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة إخفاء الأشياء المسروقة التي دان بها الطاعن وأثبت عليه علمه بأن الأشياء التي وجدت بمنزله متحصلة من جريمة السرقة في قوله: "إن الطاعن قد اعترف بأن المتهمين السارقين أحضروا إليه الأقمشة المسروقة على دفعتين متواليتين ولا يتصور أنهم يحضرون إليه أقمشة للدفعة الثانية على الأقل إن لم يكن راغبا فيها وموافقا على إحضارها. أما ركن علمه بأن تلك الأقمشة مسروقة فثابت باعترافه أيضا فضلا عن أن ظروف وملابسات إحضار تلك الأقمشة إلى منزله وكثرتها مع عدم احتراف المتهمين لتجارة الأقمشة كلها تقطع أيضا بتوفر ركن هذا العلم" لما كان كل ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 984 لسنة 29 بتاريخ 01/12/1959
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: بصفتهما موظفين عموميين- الأول (الطاعن) معاون نقطة المحجر الجمركية والثاني عسكري بها طلبا لنفسيهما وقبلا مبلغا للإخلال بواجباتهما بأن طلبا من اليوزباشي............... مبلغ 250 قرش ليسمحا لسيارته المحملة بضائع من مخلفات الجيش البريطاني يستحق عنها رسوم جمركية بالمرور دون أدائها وتقديم ما يدل على ذلك. وقررت غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 103 ,104 , 110 ,111 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 69 سنة1953، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للطاعن وغيابيا للثاني عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المـادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهما ألفي جنيه.
فطعن الطاعن في هـذا الحكم بطريق النقض...الخ
 
 المحكمة
... وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، ذلك أن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع ببطلان جميع الإجراءات التي اتخذت في الدعوى إذ لو صحت الوقائع التي رواها شاهد الدعوى وحصلها الحكم المطعون فيه لكان رجل الضبط القضائي هو الذي خلق الجريمة المسندة إلى الطاعن بغشه وخداعه وتحريضه - وأن المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية وإن نصت على أن يقوم مأمور الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق في الدعوى وأن يستعين بكافة الطرق الفنية للتحري والبحث إلا أنه لا يجوز له أن يحرض على ارتكاب الجريمة أو يخلقها خلقا بطريق الغش والخداع والتحريض وإلا لخرج عن اختصاصه مما يقتضي في ذاته البطلان - وبإنزال هذه القواعد على واقعة الدعوى كما حصلها الحكم يبين أن شاهدي الإثبات النقيب .......... وزميله ......... وقد تسلطت عليهما فكرة الضبط تنفيذا للأمر الصادر لهما بذلك أخذا في الإلحاح على الطاعن ورجال القوة في الارتشاء وكلما رفض أوغلا في طريقهم وما كانت الجريمة لتقع لولا هذا التدخل، وقد فهم الحكم المطعون فيه أحكام القانون على غير وجهها الصحيح وانتهى إلى أن الجاني يعذر إذا حرض على ارتكاب الجريمة حين تقوم لديه حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة 61 من قانون العقوبات فخلط بذلك بين أحكام قانون الإجراءات الجنائية وأحكام قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن النقيب .......... معاون مباحث مديرية الشرقية تحرى من جانبه عما جاء بتقرير سري لمكتب الأمن بوزارة الداخلية بشأن ارتشاء القوة المعينة بنقطة التفتيش الجمركي بالمحجر فدلته تحرياته على أن الطاعن وآخرين من قوة النقطة الجمركية قد اعتادوا تقاضي الرشاوى من السيارات المارة بالنقطة محملة بمخلفات الجيش مقابل تغاضيهم عما يعتورها من مخالفات جمركية والسماح لها بالمرور فحرر محضرا بتحرياته واجتمع بمفتش مباحث مديرية الشرقية المقدم ............ والرائد ........... نائب قائد القسم السري بإدارة السواحل ببورسعيد والنقيب .............. قائد السواحل بالزقازيق لوضع خطة لضبط الجناة متلبسين بجريمتهم وتم الاتفاق على قيام النقيبين ............. و.............. بإجراءات الضبط بعد عرض الأمر على النيابة العامة ورؤى إحكاما لضبط الواقعة أن يتخفى الضابطان في زى يستر شخصيتهما وسلمهما مفتش المباحث ورقة مالية من ذات الجنيه وأخرى من ذات الخمسين قرشا وورقتين من ذات الخمسة وعشرين قرشا بعد أن أثبت أرقامها واستؤذنت النيابة العامة في تفتيش الأشخاص المذكورين بمحضر التحري فأذنت بذلك للضابطين ............ و............. ومن يرافقهما أو من يندبه أحدهما للتفتيش واستقل الضابطان سيارة نقل محملة صاجا وحديدا من مخلفات الجيش البريطاني كانت في طريقها إلى النقطة الجمركية بالمحجر حيث انتحلا شخصية صاحب البضاعة وسائق السيارة وكلفا من بالسيارة التزام الصمت حيال رجال النقطة تاركين الأمر لهما بعد أن كشفا لهما عن شخصيتهما، ولما بلغت السيارة النقطة استوقفهما المتهم الآخر سائلا عن الترخيص المثبت لسداد رسوم الملاحظة الجمركية فتعلل النقيب ............ الذي انتحل شخصية مالك البضاعة بوجود التصريح في سيارة أخرى لاحقة وطلب إليه أن يقوده إلى معاون الجمرك للتفاهم معه في هذا الشأن فقاده إلى الطاعن الذي عاب عليه عدم إدراكه لوجوب التفاهم السابق معه رأسا في هذا الشأن فأبدى له الضابط استعداده لأداء ما يطلب منه وعندئذ تقدم إليه النقيب .......... الذي انتحل شخصية السائق وقدم لزميله .......... الورقة المالية ذات الخمسين قرشا والورقتين ذات الخمسة وعشرين قرشا المنوه عنها آنفا وتركه للتفاهم مع الطاعن وعاد أدراجه إلى السيارة حيث كان المتهم الآخر، وأعاد عليه التداخل في المساعدة لدى معاون الجمرك فرد عليه بقوله "ما أنا وديت له المعلم - يقصد الضابط ............" - ثم عاد الضابط ............ وأنبأ زميله أن الطاعن يطلب مبلغ جنيهين يقتسم منها جنيها ونصف مع رجال القوة ويختص لنفسه بالباقي فأعطاه الضابط ............ الورقة المالية ذات الجنيه وإذ تنبه المتهم الآخر إلى نية الطاعن التي نقلها عنه النقيب ........... حتى طالب بنصيب رجال القوة في المبلغ مما اقتضى رفعه إلى مبلغ مائتين وخمسين قرشا عرضه النقيب ........... على الطاعن فأخذ منه الجنيه المرقوم لنفسه تاركا ما جاوزه لرجال القوة فأخذه المتهم الآخر وعندئذ أطلق المتهمان سراح السيارة المحجوزة فتابعت سيرها واستدعى الضابطان الرائد ......... الذي كان في انتظارهما بمركز البوليس فسارع إليهما على رأس قوة واتجه الجميع إلى نقطة المحجر حيث فتش الرائد ........... (الطاعن) فعثر في جيب بنطلونه على الورقة المالية من ذات الجنيه المرقومة ولم يعثر النقيب .......... على شيء من النقود مع المتهم الآخر ثم اقتاد رجال الشرطة المتهمين إلى مركز البوليس وتولت النيابة التحقيق. واستندت المحكمة في إدانة الطاعن إلى أدلة استمدتها من شهادة النقيب ............. معاون مباحث مديرية الشرقية وزميله .............. قائد سواحل الزقازيق والرائد ......... نائب قائد القسم السري بإدارة السواحل ببورسعيد والمقدم ........... مفتش مباحث مديرية الشرقية، وخلصت إلى أن الطاعن والمتهم الآخر بصفتهما موظفين عموميين طلبا لنفسيهما وقبلا مبلغ الرشوة للإخلال بواجباتهما وسمحا لسيارة النقل بالمرور من نقطة المراقبة الجمركية وهي محملة ببضائع من مخلفات الجيش البريطاني دون الاطلاع على الشهادة الدالة على أدائها ما يستحق عليها من رسم أو التثبت من ذلك وعاقبتهما على هذا الأساس وحين عرض الحكم لدفاع الطاعن الذي يثيره في طعنه رد عليه بقوله "وحيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان الإجراءات لوقوع الجريمة نتيجة تحريض رجال البوليس بحيث أنها ما كانت لتقع لولا تدخلهم فإنه وإن كان صحيحا أن عمل رجال الضبط هو ضبط الجريمة لا خلقها إلا أن القانون لم يضع على حرية هؤلاء الرجال في سلوك السبل المؤدية إلى ضبط تلك الجرائم قيودا اللهم إلا حماية حريات الأشخاص ومساكنهم فضلا عن القيود الخاصة بالنظام العام وحسن الآداب، كما أن من أولى واجبات رجل الضبط القضائي تلقي التبليغات عن الجرائم وجمع الاستدلالات وتلقي الإيضاحات عن الجريمة ومرتكبها إلى غير ذلك وله أن يرتاد ما يراه محققا لضبط الجرائم من مسالك طالما أنه بعيد عن المساس بتلك الحريات، ومع ذلك فإنه كما يمكن له الانتقال إلى مكان الجريمة عقب وقوعها لضبط الواقعة فإن له التربص للجاني إذا كان قد وصل إلى علمه نبأ اعتزامه ارتكاب الجريمة للإطباق به حال ارتكابها إذ في ذلك ما يزيد من الاطمئنان إلى دقة ما يحصلون عليه من وقائع تنير في كشف الحقيقة باعتبار أن في المشاهدة ما يفوق السماع تثبيتا للدليل وتقوية لليقين، ومن ثم فلا جناح عليهم في دخول مسرح الجريمة حتى إذا ما وقعت كانوا لها شهودا ولا تثريب عليهم في سبيل ذلك في التخفي أو انتحال الصفات التي تدرأ عنهم اشتباه الجاني في أمرهم لدخول ذلك وأمثاله في نطاق المشروع من الوسائل التي لم يضع الشارع على سلوكها قيودا. وحيث إنه بالنسبة لما قد يفسر في تداخل رجال الضبط في مسرح الجريمة بصفة مباشرة والظن بأن ذلك تحريضا على ارتكابها بحيث أنه لولا هذا التداخل المباشر لما وقعت فإن مثل هذا التداخل سواء وقع من رجال الضبط أو من سواهم من عامة الناس إن كان له أثر في قيام الجريمة فإنما يقتصر على ما يتصل بالركن المعنوي فيها وهو القصد الجنائي لدى الفاعل بحيث أنه إذا ما بلغ التداخل أو التحريض الحد الذي لا يجعل للجاني خيارا في الوقوع في حمأة الجريمة ويدفعه إلى التردي فيها دفعا لا يملك إزاءه ردا فإن مثل هذا التداخل من شأنه أن يعدم الرضاء ويرفع المسئولية عن الفاعل وينتفي بذلك العقاب لانعدام الإرادة التي يقوم عليها القصد الجنائي أما ما يقع من مجرد تلاقي تصرف رجل الضبط أو سواه مع رغبة الجاني الإجرامية ومسايرته له فلا يعتبر ذلك تحريضا على مقارفة الجريمة معدما للإرادة وليس فيه استهواء إلى مخالفة القانون بإغراء لا تقوى إرادته على دفعه، ولا يؤثر في قيام أركان هذه الجريمة أن تقع نتيجة تداخل أو تدبير لضبطها وأن الراشي لم يكن جادا فيما عرضه على المتهمين إذ أن عرض الشاهدين الأول والثاني أو أحدهما الرشوة كان جديا في ظاهره وكان المتهمان قد قبلاها على أنها جدية وعبثا إثر ذلك بمقتضيات وظيفتهما لمصلحة الراشي بإخلاء سبيل السيارة بمحتوياتها دون التثبت من وجود الشهادة الجمركية لدى ناقلها" - وهذا الذي قاله الحكم سديد في القانون ذلك أنه مما يدخل في اختصاص مأموري الضبط القضائي أن يتخذوا ما يلزم من الاحتياطات لاكتشاف الجرائم وضبط المتهمين فيها وأن عليهم بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات أن يقوموا بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم لتحقيق الدعوى - ولذا فلا تثريب عليهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم وليتمكنوا من أداء واجبهم ما دام أن إرادة الجاني تبقى حرة غير معدومة. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم من أن الطاعن قد أومأ للضابط ............ من بادئ الأمر بما كان ينبغي عليه من التقدم إليه مباشرة دون تداخل المتهم الآخر الذي أوصله وأرشده إليه لتذليل ما يعترض مرور السيارة من عقبات الأمر الذي فسرته المحكمة بحق بأنه إيماء من الطاعن باستعداده للتغاضي عن المخالفة الجمركية لقاء ما يبذله من مال ثم المساومة بعد ذلك على مبلغ الرشوة وقبضه فعلا وضبط بعضه في جيبه وأن ذلك كله حدث في وقت كانت إرادة الطاعن فيه حرة طليقة، وكان انزلاقه إلى مقارفة الجريمة وليد إرادة تامة ثم خلص الحكم من ذلك إلى أن المحكمة لا ترى فيما وقع تحريضا من جانب رجلي الضبط القضائي على ارتكاب الجريمة. لما كان ما تقدم، وكان ما ساقه الحكم عن المادة 61 من قانون العقوبات المقابلة للمادة 64 من قانون العقوبات الفرنسي إنما هو رد على ما أثاره الدفاع في خصوص أن بعض المحاكم الفرنسية قد جرت على عدم تجريم الفعل الصادر من الجاني إذا كان وليد ضغط على إرادته من جانب رجال البوليس في بعض الجرائم وقالت المحكمة أن هذا الرأي محل نقد وخلصت إلى أن الدفع في غير محله ورفضته، ولم تتعرض المحكمة لأحكام قانون الإجراءات الجنائية في هذا الخصوص ولم يكن فيما قالته ما يتعارض مع ما انتهت إليه من توافر عناصر الجريمة التي دانت الطاعن بها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، ذلك أن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع ببطلان جميع الإجراءات التي اتخذت في الدعوى إذ لو صحت الوقائع التي رواها شاهد الدعوى وحصلها الحكم المطعون فيه لكان رجل الضبط القضائي هو الذي خلق الجريمة المسندة إلى الطاعن بغشه وخداعه وتحريضه - وأن المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية وإن نصت على أن يقوم مأمور الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق في الدعوى وأن يستعين بكافة الطرق الفنية للتحري والبحث إلا أنه لا يجوز له أن يحرض على ارتكاب الجريمة أو يخلقها خلقا بطريق الغش والخداع والتحريض وإلا لخرج عن اختصاصه مما يقتضي في ذاته البطلان - وبإنزال هذه القواعد على واقعة الدعوى كما حصلها الحكم يبين أن شاهدي الإثبات النقيب.......... وزميله............ وقد تسلطت عليهما فكرة الضبط تنفيذا للأمر الصادر لهما بذلك أخذا في الإلحاح على الطاعن ورجال القوة في الارتشاء وكلما رفض أو غلا في طريقهم وما كانت الجريمة لتقع لولا هذا التدخل، وقد فهم الحكم المطعون فيه أحكام القانون على غير وجهها الصحيح وانتهى إلى أن الجاني يعذر إذا حرض على ارتكاب الجريمة حين تقوم لديه حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة 61 من قانون العقوبات فخلط بذلك بين أحكام قانون الإجراءات الجنائية وأحكام قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن النقيب............ معاون مباحث مديرية الشرقية تحري من جانبه عما جاء بتقرير سري لمكتب الأمن بوزارة الداخلية بشأن ارتشاء القوة المعينة بنقطة التفتيش الجمركي بالمحجر فدلته تحرياته على أن الطاعن وآخرين من قوة النقطة الجمركية قد اعتادوا تقاضي الرشاوي من السيارات المارة بالنقطة محملة بمخلفات الجيش مقابل تغاضيهم عما يعتورها من مخالفات جمركية والسماح لها بالمرور فحرر محضرا بتحرياته واجتمع بمفتش مباحث مديرية الشرقية المقدم.............. والرائد............... نائب قائد القسم السري بإدارة السواحل ببورسعيد والنقيب.............. قائد السواحل بالزقازيق لوضع خطة لضبط الجناة متلبسين بجريمتهم وتم الاتفاق على قيام النقيبين.............و.............. بإجراءات الضبط بعد عرض الأمر على النيابة العامة ورؤى إحكاما لضبط الواقعة أن يتخفى الضابطان في زى يستر شخصيتهما وسلمهما مفتش المباحث ورقة مالية من ذات الجنيه وأخرى من ذات الخمسين قرشا ورقتين من ذات الخمسة وعشرين قرشا بعد أن اثبت أرقامها واستؤذنت النيابة العامة في تفتيش الأشخاص المذكورين بمحضر التحري فأذنت بذلك للضابطين..............و............... ومن يرافقهما أو من يندبه احدهما للتفتيش واستقل الضابطان سيارة نقل محملة صاجا وحديدا من مخلفات الجيش البريطاني كانت في طريقها إلى النقطة الجمركية بالمحجر حيث انتحلا شخصية صاحب البضاعة وسائق السيارة وكلفا من بالسيارة التزام الصمت حيال رجال النقطة تاركين الأمر لهما بعد أن كشفا لهما عن شخصيتهما، ولما بلغت السيارة النقطة استوقفهما المتهم الأخر سائلا عن الترخيص المثبت لسداد رسوم الملاحظة الجمركية فتعلل النقيب................ الذي انتحل شخصية مالك البضاعة بوجود التصريح في سيارة أخرى لاحقة وطلب إليه أن يقوده إلى معاون الجمرك للتفاهم معه في هذا الشأن فقاده إلى الطاعن الذي عاب عليه عدم إدراكه لوجوب التفاهم السابق معه رأسا في هذا الشأن فأبدى له الضابط استعداده لأداء ما يطلب منه وعندئذ تقدم إليه النقيب.......... الذي انتحل شخصية السائق وقدم لزميله.......... الورقة المالية ذات الخمسين قرشا والورقتين ذات الخمسة وعشرين قرشا المنوه عنها آنفا وتركه للتفاهم مع الطاعن وعاد أدراجه إلى السيارة حيث كان المتهم الأخر، وأعاد عليه التداخل في المساعدة لدى معاون الجمرك فرد عليه بقوله "ما أنا وديت له المعلم - يقصد الضابط.............." - ثم عاد الضابط............ وأنبأ زميله أن الطاعن يطلب مبلغ جنيهين يقتسم منها جنيها ونصف مع رجال القوة ويختص لنفسه بالباقي فأعطاه الضابط............ الورقة المالية ذات الجنيه وإذ تنبه المتهم الأخر إلى نية الطاعن التي نقلها عنه النقيب............. حتى طالب بنصيب رجال القوة في المبلغ مما اقتضى رفعه إلى مبلغ مائتين وخمسين قرشا عرضه النقيب........... على الطاعن فأخذ منه الجنيه المرقوم لنفسه تاركا ما جاوزه لرجال القوة فأخذه المتهم الأخر وعندئذ أطلق المتهمان سراح السيارة المحجوزة فتابعت سيرها واستدعى الضابطان الرائد............... الذي كان في انتظارهما بمركز البوليس فسارع إليهما على رأس قوة واتجه الجميع إلى نقطة المحجر حيث فتش الرائد........... (الطاعن) فعثر في جيب بنطلونه على الورقة المالية من ذات الجنيه المرقومة ولم يعثر النقيب.......... على شيء من النقود مع المتهم الأخر اقتاد رجال الشرطة المتهمين إلى مركز البوليس وتولت النيابة التحقيق. واستندت المحكمة في إدانة الطاعن إلى أدلة استمدتها من شهادة النقيب............. معاون مباحث مديرية الشرقية وزميله.............. قائد سواحل الزقازيق والرائد.............. نائب القسم السري بإدارة السواحل ببورسعيد والمقدم.............. مفتش مباحث مديرية الشرقية، وخلصت إلى أن الطاعن والمتهم الأخر بصفتهما موظفين عموميين طلبا لنفسيهما وقبلا مبلغ الرشوة للإخلال بواجباتهما وسمحا لسيارة النقل بالمرور من نقطة المراقبة الجمركية وهي محملة ببضائع من مخلفات الجيش البريطاني دون الاطلاع على الشهادة الدالة على أدائها ما يستحق عليها من رسم أو التثبت من ذلك وعاقبتهما على هذا الأساس وحين عرض الحكم لدفاع الطاعن الذي يثيره في طعنه رد عليه بقوله "وحيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان الإجراءات لوقوع الجريمة نتيجة تحريض رجال البوليس بحيث أنها ما كانت لتقع لولا تدخلهم فإنه وإن كان صحيحا أن عمل رجال الضبط هو ضبط الجريمة لا خلقها إلا أن القانون لم يضع على حرية هؤلاء الرجال في سلوك السبل المؤدية إلى ضبط تلك الجرائم قيودا اللهم إلا حماية حريات الأشخاص ومساكنهم فضلا عن القيود الخاصة بالنظام العام وحسن الآداب، كما أن من أولى واجبات رجل الضبط القضائي تلقي التبليغات عن الجرائم وجمع الاستدلالات وتلقي الإيضاحات عن الجريمة ومرتكبها إلى غير ذلك وله أن يرتاد ما يراه محققا لضبط الجرائم من مسالك طالما أنه بعيد عن المساس بتلك الحريات، ومع ذلك فإنه كما يمكن له الانتقال إلى مكان الجريمة عقب وقوعها لضبط الواقعة فإن له التربص للجاني إذا كان قد وصل إلى علمه نبأ اعتزامه ارتكاب الجريمة للإطباق به حال ارتكابها إذ في ذلك ما يزيد من الاطمئنان إلى دقة ما يحصلون عليه من وقائع تنير في كشف الحقيقة باعتبار أن في المشاهدة ما يفوق السماع تثبيتا للدليل وتقوية لليقين، ومن ثم فلا جناح عليهم في دخول مسرح الجريمة حتى إذا ما وقعت كانوا لها شهودا ولا تثريب عليهم في سبيل ذلك في التخفي أو انتحال الصفات التي تدرأ عنهم اشتباه الجاني في أمرهم لدخول ذلك وأمثاله في نطاق المشروع من الوسائل التي لم يضع الشارع على سلوكها قيودا. وحيث إنه بالنسبة لما قد يفسر في تداخل رجال الضبط في مسرح الجريمة بصفة مباشرة والظن بأن ذلك تحريضا على ارتكابها بحيث أنه لولا هذا التداخل المباشر لما وقعت فإن مثل هذا التداخل سواء وقع من رجال الضبط أو من سواهم من عامة الناس إن كان له أثر في قيام الجريمة فإنما يقتصر على ما يتصل بالركن المعنوي فيها وهو القصد الجنائي لدى الفاعل بحيث أنه إذا ما بلغ التداخل أو التحريض الحد الذي لا يجعل للجاني خيارا في الوقوع في حمأة الجريمة ويدفعه إلى التردي فيها دفعا لا يملك إزاءه ردا فإن مثل هذا التداخل من شأنه أن يعدم الرضاء ويرفع المسئولية عن الفاعل وينتفي بذلك العقاب لانعدام الإرادة التي يقوم عليها القصد الجنائي أما ما يقع من مجرد تلاقي تصرف رجل الضبط أو سواء مع رغبة الجاني الإجرامية ومسايرته له فلا يعتبر ذلك تحريضا على مقارفة الجريمة معدما للإرادة وليس فيه استهواء إلى مخالفة القانون بإغراء لا تقوي إرادته على دفعه، ولا يؤثر في قيام أركان هذه الجريمة أن تقع نتيجة تداخل أو تدبير لضبطها وأن الراشي لم يكن جادا فيما عرضه على المتهمين إذ أن عرض الشاهدين الأول والثاني أو احدهما الرشوة كان جديا في ظاهره وكان المتهمان قد قبلاها على أنها جديه وعبثا إثر ذلك بمقتضيات وظيفتهما لمصلحة الراشي بإخلاء سبيل السيارة بمحتوياتها دون التثبت من وجود الشهادة الجمركية لدى ناقلها" - وهذا الذي قاله الحكم سديد في القانون ذلك أنه مما يدخل في اختصاص مأموري الضبط القضائي أن يتخذوا ما يلزم من الاحتياطات لاكتشاف الجرائم وضبط المتهمين فيها وأن عليهم بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات أن يقوموا بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم لتحقيق الدعوى - ولذا فلا تثريب عليهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم وليتمكنوا من أداء واجبهم مادام أن إرادة الجاني تبقى حرة غير معدومة. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم من أن الطاعن قد أومأ للضابط............ من بادئ الأمر بما كان ينبغي عليه من التقدم إليه مباشرة دون تداخل المتهم الأخر الذي أوصله وأرشده إليه لتذليل ما يعترض مرور السيارة من عقبات الأمر الذي فسرته المحكمة بحق بأنه إيماء من الطاعن باستعداده للتغاضي عن المخالفة الجمركية لقاء ما يبذله من مال ثم المساومة بعد ذلك على مبلغ الرشوة وقبضه فعلا وضبط بعضه في جيبه وأن ذلك كله حدث في وقت كانت إرادة الطاعن فيه حرة طليقة، وكان انزلاقه إلى مقارفة الجريمة وليد إرادة تامة ثم خلص الحكم من ذلك إلى أن المحكمة لا ترى فيما وقع تحريضا من جانب رجلي الضبط القضائي على ارتكاب الجريمة. لما كان ما تقدم، وكان ما ساقه الحكم عن المادة 61 من قانون العقوبات المقابلة للمادة 64 من قانون العقوبات الفرنسي إنما هو رد على ما أثاره الدفاع في خصوص أن بعض المحاكم الفرنسية قد جرت على عدم تجريم الفعل الصادر من الجاني إذا كان وليد ضغط على إرادته من جانب رجال البوليس في بعض الجرائم وقالت المحكمة أن هذا الرأي محل نقد وخلصت إلى أن الدفع في غير محله ورفضته، ولم تتعرض المحكمة لأحكام قانون الإجراءات الجنائية في هذا الخصوص ولم يكن فيما قالته ما يتعارض مع ما انتهت إليه من توافر عناصر الجريمة التي دانت الطاعن بها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 370 لسنة 31 بتاريخ 13/06/1961
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفا عموميا " ضابط بمصلحة السجون " طلب وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المسجون .... أن يدفع له مبلغا من النقود يتراوح بين الأربعين والخمسين جنيها شهريا يجمعه له من زملائه المسجونين مقابل التغاضي عن ضبط ما يرتكبه المسجونون الذين يشرف عليهم من مخالفات وأخذ منه مبلغ خمسة جنيهات لهذا الغرض. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 103 و 104 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن مدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألفين من الجنيهات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..الخ
 
 المحكمة
... وحيث إن مبنى الطعن هو قصور الحكم المطعون فيه في الرد على دفاع الطاعن الذي قام على أساس أن التهمة المسندة إليه مدبرة لقيام الخصومة بينه وبين ضباط السجن الذين قاموا بعمل الكمين لضبطه, وقد اعتمد الحكم أقوالهم على الرغم مما أبداه الدفاع من شواهد تؤيد تلفيق الاتهام واكتفى في رده على هذا الدفاع الجوهري بقوله إن المحكمة تطمئن إلى اعتراف الطاعن الذي أدلى به لمدير الليمان من أنه طلب الرشوة لنفسه وأخذها مما ينفي عن الواقعة كل شبهة للتدبير والاصطناع. وهذا الرد قاصر لسببين - أولهما- أنه مبني على مصادرة على المطلوب إذ أن دفاع الطاعن قام على أساس الخصومة بينه وبين ضباط السجن ومن ثم فلا يكفي في الرد على دفاعه الاستناد إلى أقوالهم في إدانته وإطراح دفاعه - وثانيهما- أن الحكم قد أثبت أن مدير الليمان هو الذي أحضر النقود وسلمها لضابط السجن الذي سلمها بدوره للمسجون حتى يهيأ الكمين لضبط الطاعن. وهذا الفعل من جانب الضابطين ينطوي على جريمة معاقب عليها ومن ثم فلا يصح الاستدلال بهذه الواقعة على إدانة الطاعن وكان يتعين على الحكم استبعادها لتعلق ذلك بالنظام العام.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه كان عند نقل المتهم النقيب ........... للعمل بليمان طره منذ أوائل شهر فبراير من عام 1959 أن عين قائدا للعنبر رقم 4. ولما كان السجين ............ ملحقا بهذا العنبر وكان معروفا للمتهم منذ كان سجينا بسجن القاهرة فقد اتصل هذا الأخير به يسأله عن زملائه من نزلاء العنبر الذين يتجرون فيه تجارة محرمة بضاعتها الدخان والشاي والجواهر المخدرة. ويصارحه بأنه على استعداد لأن يساعدهم على تجارتهم فيها لو أنهم دفعوا له إتاوة شهرية تتراوح بين الثلاثين والخمسين جنيها ويكلفه بأن يتولى عنه جمع هذه الإتاوة منهم - فتظاهر السجين بنزوله على رغبة المتهم بينما راح ينقل خبرها للنقيب ............... الذي أفضى بسرها إلى مأمور الليمان الأول العقيد .............. ثم ذهبا يبلغان الأمر لمدير الليمان العميد ............ فكلفهما بأن يرفعا إليه تقريرهما بما أبلغاه به بعد أن يتحقق ثانيهما بنفسه من صدق السجين فيما حدث الأول عنه فلما رفعا إليه التقرير المطلوب تولى عرضه على اللواء مدير عام مصلحة السجون يوم 11 فبراير سنة 1959 الذي أشار بأن يعطي السجين السالف الذكر نقودا تحمل علامات معينة لتقديمها للمتهم على أنها الرشوة التي يطلبها لنفسه حتى إذا ما قبلها منه جرى ضبطه بعدئذ متلبسا بجريمته. فلما كان يوم 12 فبراير سنة 1959 استدعى مدير الليمان إليه النقيب .............. والعقيد ............. فسلم أولهما مبلغ خمسة جنيهات من مختلف فئات الأوراق المالية وقيد أرقامها وعلاماتها المميزة بمحضره, وكلف النقيب المذكور بتوصيلها للسجين ............ لتقديمها للمتهم على أن يلحق بهما النقيب ......... فالعقيد ............... بعد تمام الجريمة فيعملان على إحضار المتهم لمكتب مدير الليمان. وجرت وقائع الدعوى وفق هذه الخطة الموضوعة واتصل السجين بالمتهم مقدما إليه الجنيهات الخمسة باعتبارها من حساب الرشوة التي كلفه بجمعها من أصحاب التجارة غير المشروعة بالعنبر ثم لحق بهما النقيب ......... فأشار إليه السجين من طرف خفي إلى أن المتهم قد تسلم مبلغ الرشوة وأودعه جيب بنطلونه الأيمن وجاء في أعقاب النقيب العقيد ............ بصحبة الرائد ............. وأبلغ أولهما المتهم بأن شخصا يطلب محادثته من تليفون مدير الليمان وتوسل بهذه الحيلة إلى إحضاره لمكتب هذا الأخير الذي دخله بصحبته العقيد والرائد والنقيب السالفي الذكر حيث ضبط معه مبلغ الرشوة التي طلبها وأخذها من السجين ............. في مقابل الإخلال بواجبات وظيفته". وقد استند الحكم في إثبات هذه الوقائع إلى أقوال شهود الإثبات وما أقر به الطاعن في محضر مدير الليمان من صحة الواقعة المسندة إليه, ثم أورد الحكم عدول الطاعن عن إقراره هذا في تحقيق النيابة وأطرح دفاعه في هذا الشأن بقوله "إن المحكمة لا تطمئن لهذه الصورة الأخيرة التي أخرج المتهم دفاعه عليها ذلك أنه لو صح قوله لكان فيه ما يطمئنه إلى كذب ما حدثته نفسه به من وفاة ولده المريض فيزول عنه اضطرابه الذي علل به إلحاحه في إنكار وجود الجنيهات الخمسة معه برغم تكرار مطالبته بها مرتين متتاليتين بل لبادر إلى إخراجها من جيبه مصرحا بظروف الواقعة حسبما رواها في دفاعه أما إنكاره وجودها في غير مبرر فلا يفيد إلا أنه أراد أن يتكتم سرها لوصولها إليه عن طريق غير مشروع وفضلا عما تقدم فإنه والظاهر من قوله إنه تعرض لنوع من التفتيش فلن يعقل لمن كان في مثل تعليمه وتجربته أن يوقع على محضر التحقيق الذي أجري معه يومئذ دون أن يراجعه ليتعرف على ما أثبت فيه متصلا بشخصه ومن ثم تطرح المحكمة أقوال المتهم بمحضر تحقيق النيابة وتأخذه بما أقر به في المحضر الذي باشره مدير الليمان وما أبداه من أقوال شهود الدعوى التي بينت المحكمة مضامينها فيما تقدم والدالة على أن المتهم قد طلب لنفسه الرشوة وأخذها من السجين .............. للإخلال بواجبات وظيفته..." ثم قال الحكم "إن الدفاع عن المتهم ذهب إلى أنه كان ضحية مؤامرة دبرها له شهود الدعوى بقصد الإيقاع به لأنه أتى -منذ كان ضابطا بسجن أبي زعبل- أعمالا ترتب عليها مجازاة مدير السجن وهذا التعليل مردود بما اطمأنت إليه المحكمة من اعتراف المتهم لمدير الليمان بأنه طلب الرشوة لنفسه وأخذها مما ينفي عن الواقعة كل شبهة لتدبير واصطناع." ولما كان الثابت مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه. وكان الحكم فوق ذلك قد عرض لدفاع الطاعن فأطرحه معتمدا في ذلك على ضبط مبلغ الرشوة معه واعترافه بمحضر مدير الليمان وشهادة شهود الإثبات. كما أن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع -حين أشار في مرافعته إلى الخصومة القائمة بين ضباط السجن وبين الطاعن- لم يكن يقصد من ذلك سوى التشكيك في شهادتهم التي اطمأنت المحكمة إلى صدقها.... ولم يطلب الدفاع إلى المحكمة تحقيقا معينا في هذا الصدد, ولما كان ما يقول به الطاعن من بطلان الدليل المستمد من إعطاء مبلغ الرشوة للسجين لتقديمه للطاعن لمخالفته لما نص عليه القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون, هذا القول مردود بما نصت عليه المادة 76 من القانون المشار إليه من أن يكون لمديري ومأموري السجون ووكلائهم وضباط مصلحة السجون صفة مأموري الضبط القضائي كل في دائرة اختصاصه. مما مقتضاه أن يكون من واجبهم طبقا لنصوص المواد 21 و24 و29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يقوموا بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها في دائرة اختصاصهم وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق وأن يسمعوا أقوال من لهم معلومات في الوقائع الجنائية وسؤال المتهمين فيها.. كما أن من واجبهم أيضا أن يثبتوا جميع الإجراءات التي يقومون بها في محاضر موقع عليها منهم, لما كان ذلك وكان ما قام به ضباط السجن في واقعة الدعوى لا يعدو كونه من قبيل جمع الاستدلالات والكشف عن جريمة الرشوة التي أبلغوا بها... وكان لا يؤثر في قيام أركانها أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وأن لا يكون الراشي جادا فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جديا في ظاهره وكان الطاعن قد قبله على أنه جدي منتويا العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي وغيره من المساجين. هذا فضلا عن أن جريمة الرشوة -طبقا لما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى- قد تمت بمجرد طلب الرشوة من جانب الطاعن والقبول من جانب السجين ولم يكن تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما. لما كان ما تقدم, فإن ما يثيره الطاعن في وجه الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 1891 لسنة 35 بتاريخ 14/02/1966
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر حكم ببراءته بأنهما في يوم 17 يناير سنة 1963 بدائرة قسم مصر القديمة محافظة القاهرة: (أولا) المتهمان الأول والثاني: جلبا وآخر محكوم عليه غيابيا جواهر مخدرة (حشيشا) إلى الجمهورية العربية المتحدة في غير الأحوال المصرح بها قانونا. (ثانيا) المتهم الثاني: حاز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. (ثالثا) المتهم الأول أيضا: أحرز بقصد التعاطي جوهرا مخدرا (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1 و2 و33 و34 و37 و41 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق. فقرر بذلك. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهم الأول (الطاعن) ببطلان الإذن وبطلان الإجراءات, وقضت المحكمة المذكورة حضوريا في 29 أكتوبر سنة 1964 عملا بالمواد 1 و2 و34/1 - أ و42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول المرافق بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالأشغال الشاقة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان الإجراءات التي اتخذتها إدارة مكافحة المخدرات واستند في هذا الدفاع إلى أن قيام الإدارة بجلب المخدر يخالف الواجب الملقى على عاتقها بقرار إنشائها والذي يفرض عليها العمل بكافة الطرق الدولية على منع دخول المواد المخدرة إلى أراضي الجمهورية العربية المتحدة، كما أنه يتضمن في ذاته ارتكاب جريمة الجلب المنصوص عليها في قانون مكافحة المخدرات، الأمر الذي يبطل إجراءات الجلب وما تلاها ويقتضي تبرئة الطاعن مما أسند إليه. وقد دفع الطاعن أيضا ببطلان الإذن الصادر من النيابة بالقبض عليه وتفتيشه، لصدوره عن جريمة لم تكن قد وقعت بعد لأن المخدر المنسوب إليه إحرازه كان وقت صدور الإذن في حوزة إدارة مكافحة المخدرات، وقد صدر الإذن بدعوى أن الطاعن كان سيتسلم المخدر في اليوم التالي. غير أن الحكم أطرح هذا الدفع ورد عليه بما لا يصلح ردا مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في خصوص ما أسند إلى الطاعن في قوله "إن التحريات قادت المقدم ...... وكيل قسم مكافحة المخدرات بالقاهرة والرائد ....... بالقسم إلى أن ...... يرأس عصابة لتهريب المخدرات من لبنان إلى الجمهورية العربية المتحدة وجلبها إلى البلاد وأنه قد اتفق مع أحد المرشدين على تهريب وجلب كمية كبيرة من المخدرات فأخطر المرشد القسم بهذا العزم، فكلفه القسم بالتظاهر بقبوله الاشتراك في هذه العملية، وفي يوم 2/1/1963 وصلت إلى قسم المخدرات معلومات من المرشد تفيد أن ........ هذا قد سلمه كمية من المخدرات وطلب إليه السفر بها إلى الجمهورية العربية المتحدة وحدد له فندقا للنزول به في القاهرة، وأفهمه بأن أشخاصا لم يحددهم له، سيتصلون به في الفندق المذكور لتسلم تلك المخدرات، وتتضمن معلومات المرشد التي أبلغها إلى القسم أنه سيصل إلى ميناء الإسكندرية على ظهر الباخرة (الجزائر) يوم 3/1/1963 بعد الظهر وستكون المخدرات معه ضمن شحنة أخرى مرسلة باسم مستعار (ترانزيت) وتزن كمية المخدرات خمسين أقة تقريبا. وبناء على تلك المعلومات قام الرائد ....... المفتش بالقسم وفي صحبته النقيب ...... بالسفر إلى الإسكندرية حيث تم التفاهم بينهما وبين السلطات الجمركية على تسهيل مرور هذه الشحنة. وفي حوالي الساعة 5 مساء يوم 3/1/1963 وصلت الباخرة (الجزائر) إلى ميناء الإسكندرية وعلى ظهرها المرشد وشحنة عبارة عن صندوق خشبي مغلق، وتبين أن بوليصة الشحن صادرة من الشركة العربية للملاحة البحرية في بيروت يوم 2/1/1963 على الباخرة (الجزائر) باسم مستعار هو (.........) إلى جنيف بطريق المرور على الإسكندرية (ترانزيت) وقد تمكن الرائد ...... من استلام هذا الطرد وحرر بذلك محضرا بذلك مؤرخا 4/1/1963 ضمنه تلك البيانات وما سبقها من تحريات وإجراءات ثم تقدم إلى النيابة بهذا المحضر حيث تمت مناقشته بمعرفتها كما تم وزن المخدرات التي تبين أنها حشيش وتزن 63.600 ك ومفرداتها 590 طربة، بعد ذلك أذنت له النيابة ومفتش قسم مكافحة المخدرات بالسير في إجراءات ضبط باقي أفراد العصابة التي يرأسها (........) وهو المتهم الغائب الذي حكم عليه غيابيا في تهمة الجلب بالأشغال الشاقة المؤبدة بجلسة 10/3/1963. وفي يوم 16/1/1963 اتصل المرشد السري بالمقدم ....... وكيل قسم مكافحة المخدرات وأبلغه أن المتهم وآخر يدعى ..... (ابن المتهم ......) ومحكوم عليه غيابيا بالحبس مع الشغل لمدة سنتين بوصفه أحرز المخدرات إحرازا مطلقا، أبلغه أن هذا المتهم و....... حضر إليه في فندق ناسيونال الساعة 11م يوم 16/1/1963 وهو الفندق الذي حدده له ....... للنزول فيه حضرا إليه وذكرا له أنهما موفدان من قبل ..... لتسلم المخدرات وعندئذ نقده هذا المتهم (........) الطاعن - مبلغ ثلاثمائة جنيه مكافأة له مقابل قيامه بتهريب المخدرات من بيروت، ثم طلبا من المرشد أن يلتقيا به في الساعة 11 من صباح يوم 17/1/1963 بالقرب من تمثال نهضة مصر المواجه لكوبري الجامعة، وقد تم عرض المحضر المتضمن تلك الإجراءات على النيابة للاستئذان في ضبط هذا المتهم و....... فأذنت النيابة بذلك وفي نفس اليوم الساعة 9ص، وعلى الأثر عقد المقدم ...... اجتماعا في نادي الشرطة بالجزيرة مع المرشد وكل من الرائد ...... والمقدم ...... مفتش مكافحة المخدرات والمقدم ........ رئيس شعبة البحث الجنائي بمحافظة الجيزة والرائد ...... رئيس مباحث الجيزة والنقيب ...... المعاون بقسم مكافحة المخدرات وكذا النقيب ...... مفتش مكافحة المخدرات وكان ذلك تحت إشراف العميد ..... مدير إدارة البحث الجنائي لوضع خطة الضبط، واتفقوا فيما بينهم على أن يقوم المقدم ..... بدور سائق سيارة أجرة ويصحب معه المرشد بعد وضع الحقيبتين اللتين وضعت بهما المخدرات في داخل حقيبة السيارة المذكورة.
ويتجه المقدم ..... إلى المكان المتفق عليه وهو ميدان تمثال نهضة مصر وأن يقوم المقدمان ..... و...... والرائدان ..... و...... والنقيب ..... والنقيب ...... بالمراقبة من سياراتهم على أن يتولوا عملية ضبط المتهم ومن معه فور التسليم، وفي تمام الساعة 11 صباحا وصل المقدم ....... بالسيارة الأجرة إلى ميدان تمثال نهضة مصر فوجد به سيارة أجرة رقم 65 أجرة القاهرة، فأوقف سيارته أمامها، وعندئذ تقدم إليه المتهم الغائب ....... وطلب من المقدم ..... أن يتعقب بسيارته السيارة الأجرة رقم 65 المذكورة والتي كان يقودها هذا المتهم (..........) الطاعن. وبعدئذ لحق به ..... وركب معه، وسارت السيارتان متتابعتين على كوبري الجامعة وقبل نهايته من جهة منيل الروضة بنحو عشرة أمتار بدائرة قسم مصر القديمة وقفت السيارة الأولى ونزل منها هذا المتهم ومعه المتهم الغائب ...... وطلبا من المقدم ...... تسليمهما الحقيبتين فنزل من السيارة وفتح حقيبتها الخلفية، وعندئذ حمل هذان المتهمان معاً إحدى الحقيبتين الملآ بالمخدرات ووضعاها في الحقيبة الخلفية لسيارتهما 65 أجرة القاهرة ثم حملا الحقيبة الثانية وقبل أن يضعاها مع الحقيبة الأولى باغتتهما القوة وقبض عليهما، وقبل القبض مباشرة على هذا المتهم ........ ألقى من الجيب الأيمن لبنطلونه قطعة حشيش مغلفة على الأرض - وألتقطها الرائد ...... بعد تنبيهه لذلك من النقيب ........ الذي أكد أن هذا المتهم هو الذي ألقاها وعندئذ سارع المقدم ....... بتفتيشه وعثر في الجيب الأيمن لبنطلونه على قطعة عارية صغيرة من الحشيش". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة وتوافر جريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار في حق الطاعن، أدلة مستمدة من أقوال الضباط الذين قاموا بالضبط، ومما أثبته تقرير التحليل، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وقد عرض الحكم إلى الدفع الذي أبداه الطاعن، والذي ردده في طعنه، وأطرحه في قوله "أما ما ذهب إليه الدفاع خاصا ببطلان إذن النيابة لأنه لم تكن هناك جريمة وأن إحضار المخدرات بواسطته إنما هو افتعال لجرم تصيدا وتنكيلا، ولكن يرد على ذلك بأن رأس العصابة والمدبر الأول للجرم سلم المخدرات للمرشد طواعية واختيارا وطلب إليه أن ينزل في فندق ناسيونال حيث سيحضر إليه من يتسلم المخدرات، وكان أن حضر إليه ذات المتهم (الطاعن) ومعه آخر ودفع  له 200ج نظير تهريبه المخدرات، وأما أن ينكر الدفاع أنه دفع هذا المبلغ فيكفي للرد عليه كذلك أنه ليس بالأوراق ما يدحض ذلك أو يشكك فيه من قريب أو بعيد، فلا يكون هناك افتعال أو تصيد، إنما هي مسايرة للمتهمين وتهيئة لما هم قادمون عليه سواء اتصل المرشد برجال مكافحة المخدرات أو لم يتصل بهم - فالجريمة قائمة، ولا تعتبر وسيلة محاربة الجريمة طعما ولا تصيدا ولا تنكيلا". لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد أسبغت صفة مأموري الضبطية القضائية على مديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين فيما يختص بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. وقد جرى نص المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "يقوم مأمور الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى". وأوجبت المادة 24 من هذا القانون على مأموري الضبط القضائي وعلى مرءوسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات ويجروا المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم أو التي يعلمون بها بأية كيفية كانت، وأن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة. ولما كان مفاد ما أثبته الحكم بيانا لواقعة الدعوى أن الإجراءات التي اتخذها ضباط إدارة مكافحة المخدرات قد قاموا بها التزاما منهم بواجبهم في اتخاذ ما يلزم من الاحتياط لاكتشاف جريمة جلب المخدر وضبط المتهمين فيها، وهو ما يدخل في صميم اختصاصهم بوصفهم من مأموري الضبط القضائي، وكان من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرءوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضا منهم للجناة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجرائم، فإن ما ينعاه الطاعن على الإجراءات التي قام بها ضباط إدارة مكافحة المخدرات بدعوى البطلان لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بالقبض على الطاعن وتفتيشه، وكان ما قاله الحكم ردا على هذا الدفع وأسس عليه قضاءه بصحة إجراءات القبض والتفتيش وسلامتها صحيحا في القانون ويصح الاستناد إليه في رفض الدفع إذ يكفي لصحة الإذن أن يكون رجل الضبطية القضائية قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت وأن هناك دلائل وأمارات قوية ضد من يطلب الإذن بتفتيشه أو تفتيش مسكنه، وإذ ما كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن، فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 1314 لسنة 36 بتاريخ 28/11/1966
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في خلال شهر أكتوبر سنة 1961 بدائرة بندر شبرا ومركزي قليوب وطوخ محافظة القليوبية: (أولا) قبضا على كل من ....... و...... و....... و......... وحجزاهم بدون أمر من أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي يصرح فيها القانون واللوائح وعذباهم بالتعذيبات البدنية المبينة بالتحقيقات. (ثانيا) عذبا المجني عليهم سالفي الذكر لحملهم على الاعتراف بارتكاب حادث الجناية رقم 6008 سنة 1961 مركز قليوب فأحدثا بالثاني والثالث والرابع الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياة الأخير. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للمواد 126/1 - 2 و280 و282/2 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. وادعى بحق مدني كل من - 1 - ....... و2 - ......  و3 -....... وطلبوا القضاء لهم قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا بتاريخ 7 نوفمبر سنة 1965 عملا بمواد الاتهام والمواد 32 و17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة مدة ثلاث سنوات وألزمت المتهمين أن يدفعا متضامنين إلى المدعين بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسبابا لطعنه، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجنايتي القبض على متهمين وحجزهم دون وجه حق وتعذيبهم لحملهم على الاعتراف، قد انطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الدفاع عن الطاعن تمسك بأن إقرار المجني عليهم بقتل المرأة المقول بقتلها، إنما صدر تلقائيا دون تدخل الطاعن، لما قر في ذهن كل منهم من أن أحدهم قد استقل بقتلها غسلا للعار كما أثار الدفاع ما ألم بأقوال المجني عليهم من تهاتر وتناقض واضطراب يمس جوهرها بما يبطل الاستدلال بها برمتها، بيد أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع على الرغم من جوهريته، وعول الحكم فيما عول عليه على أقوال ....................دون أن يرد اسمه بقائمة شهود الإثبات ودون أن تسمعه المحكمة تحقيقا لشفوية المرافعة وتمكينا للدفاع من إبداء رأيه في أقواله. وفضلا عن ذلك فإن أيا من المجني عليهم لم يكن متهما في جناية قتل المرأة المعثور على جثتها لأن هذه الجناية ما فتئت مقيدة ضد مجهول، ولم يدل أيا منهم باعتراف وإنما بمجرد شهادة برؤية الجريمة وإسنادها إلى غيره، ولم يكن ما وقع عليهم إلا ابتغاء التثبت من شخصية المرأة القتيلة والإقرار بأن الصورة الشمسية هي للمرأة المظنون بقتلها، هذا إلى أن واقعة الدعوى على النحو الذي أورده الحكم المطعون فيه، لا تعدو جنحة استعمال قسوة ينطبق عليها نص المادة 129 من قانون العقوبات، بالنظر إلى تفاهة إصابات المجني عليهم ونشوئها عن آلات غير خطرة، ولكون الشارع قد أولى الطاعن وأنداده من مأموري الضبط القضائي قدرا من التسامح عند ثبوت حسن نيتهم تمكينا لهم من القيام بواجباتهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه عثر على قتيلة يوم 5 من أكتوبر سنة 1961 وأسفرت تحريات الطاعن - معاون مباحث أمن القليوبية وزميله الطاعن الآخر وضابط المباحث بها - عن أنها من ذوات السيرة السيئة وأمسكا بهذا الخيط دون روية أو تمحيص وانتهيا بنشاطهما الذي لا يستند إلى واقع صحيح إلى أنها لامرأة معينة، وأن المجني عليهم - والدها وعمها وابن عمها وزوجها - هم الذين قتلوها غسلا للعار، فقبضا عليهم في الثاني عشر من ذلك الشهر وأخذا وآخرون في تعذيبهم واستقر رأيهما على تصوير ارتكاب الحادث على النحو الذي أورداه بمحضر تحرياتهما الرقيم 16 من أكتوبر سنة 1961 وحملا المجني عليهم بعد تعذيبهم على ترديدها بتحقيق النيابة، ورددها الطاعنان بالتحقيق إلى أن أسقط في يديهما عندما ثبت أن الجثة لامرأة أخرى، وأن المقول بأنها صاحبة الجثة ظهرت حية في 28 من أكتوبر سنة 1961، وعندئذ أقر الطاعنان بأن تحرياتهما غير صحيحة، فأعيد سؤال المجني عليهم فأجمعوا على تعذيب الطاعنين إياهم وطلبهما منهم الإدلاء بالذي سبق أن أدلوا به في التحقيق ولم يوقع الكشف الطبي عليهم إلا بعد ضياع معالم الكثير من إصابتهم. وقد استمد الحكم ثبوت هذه الواقعة من أقوال ثلاثة من المجني عليهم و............- أخ المجني عليه الرابع المتوفى - والشرطي .............ومما ورد بالتقارير الطبية ومن أقوال الطاعنين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال المجني عليهم على وجه لا تناقض فيه، حاصله أن الطاعن وصاحبه قبضا عليهم وحجزاهم دون وجه حق وعذباهم لحملهم على الاعتراف، وإذ ما كان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع فمتى أخذت بشهادته فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأنه لا إلزام على تلك المحكمة بتعقب المتهم في شتى مناحي دفاعه.كان ما يثيره الطاعن حول تلك الأقوال وما لابس إقرار المجني عليهم لا يعدو جدلا موضوعيا مما لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة الجنائية أن تستند في حكمها إلى أي عنصر من عناصر الدعوى متى كانت هذه العناصر معروضة على بساط البحث أمامها وكان في إمكان الدفاع أن يتولى مناقشتها وتفنيدها بما يشاء، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ عول فيما عول عليه على أقوال الشاهد ........... في التحقيق الابتدائي، ولا محل للنعي على المحكمة عدم سماعها شهادته في مواجهة الطاعن ما دام لم يتقدم إليها بهذا الطلب، لما كان ذلك، وكان المتهم في حكم الفقرة الأولى من المادة 126 من قانون العقوبات هو كل من وجه إليه الاتهام بارتكاب جريمة معينة ولو كان ذلك أثناء قيام مأموري الضبط القضائي بمهمة البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى على مقتضى المادتين 21 و29 من قانون الإجراءات الجنائية ما دامت قد حامت حول شبهة أن له ضلعا في ارتكاب الجريمة التي يقوم أولئك المأمورون بجمع الاستدلالات فيها. ولا مانع من وقوع أحدهم تحت طائلة نص المادة 126 من قانون العقوبات إذا ما حدثته نفسه بتعذيب ذلك المتهم لحمله على الاعتراف أيا ما كان الباعث له على ذلك. ولا وجه للتفرقة بين ما يدلي به المتهم في محضر تحقيق تجريه سلطة التحقيق، وما يدلي به في محضر جمع الاستدلالات، ما دام القاضي الجنائي غير مقيد بحسب الأصل بنوع معين من الدليل وله الحرية المطلقة في استمداده من أي مصدر في الدعوى يكون مقتنعا بصحته، ولا محل للقول بأن الشارع قصد حماية نوع معين من الاعتراف لأن ذلك يكون تخصيصا بغير مخصص ولا يتسق مع إطلاق النص. وكان لا يشترط لانطباق حكم هذه المادة حصول الاعتراف فعلا، وإنما يكفي - وفق صريح نصها - أن يقع تعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن ما أتاه الطاعنان من أفعال على المجني عليهم كان أثناء قيامهما بجمع الاستدلالات في جريمة قتل المرأة المعثور على جثتها وتوجيههما إليهم تهمة قتلها، وإن إيقاعهما تلك الأفعال إنما كان بقصد حملهم على الاعتراف، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لم يعرف معنى التعذيبات البدينة ولم يشترط لها درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى. وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الأفعال التي قارفها الطاعنان على المجني عليهم يوم 12 أكتوبر سنة 1961 قد شملت إيثاق اليدين والقدمين والتعليق من القدمين والانهيال ضربا بالعصى، وأنها أسفرت عن إصابتهم بكدمات عديدة في مواطن شتى من أبدانهم أظهرها تقرير الكشف الطبي الذي وقع عليهم متأخرا يوم 22 أكتوبر سنة 1961 وأرجعها إلى الضرب بأجسام صلبة راضة في التاريخ الأول سالف الذكر، وأبان الحكم أن تلك الأفعال قد حملت المجني عليهم على الإدلاء بأقوال لو صحت في مجموعها لكانت كافية للاقتناع بإدانتهم بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار، فإن في هذا الذي أورده الحكم ما يتحقق به معنى التعذيب البدني الذي دين الطاعنان على أساسه، هذا فضلا عن أنه لا جدوى للطاعن مما يثيره حول الوصف القانوني لما اقترفه، ما دامت العقوبة المقضي بها - وهي الحبس سنة مع الشغل - مقررة لجنحة استعمال القسوة - المنصوص عليها في المادة 129 من ذلك القانون - والتي يقول الطاعن بأنها هي التي تنطبق على ما أتاه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن موضوعا

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 310 لسنة 38 بتاريخ 15/04/1968
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 2 يوليه سنة 1966 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "أفيونا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للوصف والقيد والمواد الواردة بقرار الإحالة. فقرر بذلك في 5 نوفمبر سنة 1966. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضوريا عملا بالمادتين 304 و308 من قانون الإجراءات الجنائية مع تطبيق المادة 30 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المتهم المطعون ضده من تهمة إحراز المخدر, قد أخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه أسس قضاءه على ما قال به من أن مأمور الضبط سعى بنفسه إلى الإيقاع بالمتهم إذ أخفى حقيقته عنه مستغلاً فقد بصره, حتى أوقع نفسه في حالة تلبس بالجريمة مع أن ما وقع من الضابط لم يكن إلا محاولة للكشف عن تلك الجريمة دون تحريض على ارتكابها, وكانت إرادة الجاني حرة حينما أبرز المخدر الذي يحرزه, ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن من مهمة مأمور الضبط بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها, فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها, وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة. ولا تثريب على مأمور الضبط في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة. لما كان ذلك, وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه نمى إلى الضابط من أحد المرشدين أن المتهم - المطعون ضده - وهو رجل كفيف البصر - يتجر في الأفيون ويقوم بتوزيعه على العملاء في مكان عينه, فانتقل معه متظاهراً برغبته في الشراء فأخرج له المتهم ما معه من المخدر للتأكد من جودة صنفه, فألقى الضابط - عندئذ القبض عليه, فإن ما فعله يكون إجراء مشروعاً يصح أخذ المتهم بنتيجته متى اطمأنت المحكمة إلى حصوله, لأن تظاهر مأمور الضبط برغبته في الشراء ليس فيه خلق للجريمة أو تحريض عليها. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أبطل الدليل المستمد مما كشف عنه المتهم طواعية من إحرازه للمخدر, يكون على غير سند من الواقع, أو أساس من القانون, مما يعيبه بما يوجب نقضه. ولما كانت المحكمة قد حجبت نفسها عن مواجهة عناصر الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 111 لسنة 39 بتاريخ 17/03/1969
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخر بأنهما في خلال سنة 1964 وحتى 18 أبريل سنة 1964 بدائرة قسم الموسكي: (أولاً) قاما بعملية من عمليات النقد الأجنبي إذ اجريا مقاصة منطوية على تحويل نقد أجنبي للخارج بأن قبض المتهم الأول من السيد ................ مبلغ 60 دينارا كويتيا ودفع له المتهم الثاني (المطعون ضده) ما يقابلها بالنقد المصري في الجمهورية العربية المتحدة مبلغ مائة جنيه مصري وذلك على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونا وعن غير طريق المصارف المرخصة لها. (ثانيا) قاما بعملية من عمليات النقد الأجنبي إذ اجريا مقاصة منطوية على تحويل نقد أجنبي للخارج، بأن قبض المتهم الأول من مجهول يدعى "................" نقدا أجنبيا ودفع له المتهم الثاني ما يقابله بالنقد المصري في الجمهورية العربية المتحدة مقداره مائتا جنيه مصري - وذلك على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونا وعن غير طريق المصارف المرخص لها. (ثالثا) شرعا في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي لإجراء مقاصة منطوية على تحويل نقد أجنبي بأن سلم المتهم الأول إلى المتهم الثاني مبلغ مائتي جنيه مصري واتفق معه على دفعها لمن يتقدم إليه بعلامة رمزية ليقبض مقابلها في الخارج على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونا وعن غير طريق المصارف المرخص لها. وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبط المتهم الثاني قبل إتمام الجريمة. (رابعا) تعاملا بالنقد المصري الموضح في التهم الثلاث السابقة والبالغ قدره 400 جنيه مصري حالة كون أولهما من غير المقيمين بالجمهورية العربية المتحدة والثاني وكيلا عنه وذلك على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونا وعن غير طريق المصارف المرخص لها. وطلبت عقابهما بالمادتين 1 و9 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل والقرار الوزاري رقم 51 لسنة 1947 المعدل. ومحكمة القاهرة الجزئية للجرائم المالية - وبعد أن دفع الحاضر عن المتهم الثاني ببطلان إجراءات التحقيق - قضت غيابيا بالنسبة إلي المتهم الأول وحضوريا بالنسبة إلى المتهم الثاني عملا بمواد الاتهام (أولا) برفض الدفع ببطلان إجراءات التحقيق (وثانيا) حبس المتهم الأول ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ وحبس المتهم الثاني شهرا واحدا مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ (وثالثا) مصادرة مبلغ 131ج و600م مائة وواحد وثلاثين جنيهاً وستمائة مليم من المبلغ المضبوط مع المتهم الثاني وتغريم المتهمين غرامة إضافية قدرها مائتان وثمانية وستون جنيها وأربعمائة مليم. فاستأنف المتهم الثاني (المطعون ضده) هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جرائم المقاصة والتعامل بالنقد المصري بصفته وكيلاً عن غير مقيم انطوى على الخطأ في القانون, وشابه التخاذل والقصور في التسبيب, ذلك بأنه أورد أسباباً مبهمة خلط فيها بين صحة الإجراء وثبوت الواقعة على نحو لا يكشف عن عقيدة المحكمة, ولا يبين منه الوجه القانوني لانتفاء جرائم المقاصة وقال بأنه لم يثبت أن أموالاً خرجت من مصر أو دخلت إليها وأن نقداً أجنبياً لم يضبط مع أن الجريمة لا تقتضي شيئاً من ذلك سواء لتوافر أركانها أو لتحقق ثبوتها, ولم يعرض للتهمة الرابعة الخاصة بالتعامل بالنقد المصري عن غير مقيم, مما يعيبه بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في شأن بيان واقعة الدعوى أنها تتحصل في أن مأمور الضبط في قسم مكافحة التهريب نمى إليه أن المتهم الأول - صاحب محلات السلام بالكويت - يرأس شبكة تعمل على تهريب الأموال بطريق المقاصة بين الكويت ومصر, وذلك بقبض مدخرات المصريين الذين يعملون بالكويت وبعض الكويتيين الذين يفدون للسياحة ثم يوفد من يتسلم نقداً مصرياً من المتهم الثاني - المطعون ضده - بواقع مائة جنيه مصري عن كل ستين ديناراً كويتياً, فأراد أن يكشف عن هذه الجريمة فأرسل مرشداً من قبله دفع ستين ديناراً للمتهم الأول وتسلم منه خطاباً فيه رموز تشير إلى التهريب - ثم سلم المطعون ضده الخطاب وتسلم منه مائة جنيه بالنقد المصري طبقاً للأمر الصادر إليه بالشفرة من المتهم الأول, وكان التسليم والتسلم تحت رقابة مأمور الضبط الذي قام بضبط الخطاب والمبلغ جميعاً واعترف المطعون ضده بأنه سلم المرشد مائة جنيه من مبلغ أربعمائة جنيه كان المتهم الأول قد أودعها لديه ليدفع منه إلى من يعينه من قبله, وأنه سبق له أن سلم شخصاً مائتي جنيه أخرى من المبلغ المذكور المودع لديه تنفيذاً للتعليمات التي صدرت إليه من المتهم الأول, ودلل الحكم الابتدائي على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة الواردة في المساق المتقدم ومنها اعتراف المطعون ضده نصاً في اقتراف جرائم المقاصة والتعامل بالنقد المصري بالوكالة عن غير مقيم في مصر وانتهى من تسبيبه وخلص من استدلاله إلى صحة الإجراءات وثبوت التهم الأربع جميعاً في حق المطعون ضده, إلا أن الحكم المطعون فيه قضى ببراءته منها بما نصه" وحيث إن المحكمة لا تطمئن إلى ما اتخذ في هذه القضية من إجراءات إذ أن تسليم النقد الأجنبي إلى المتهم الأول ........ تم بواسطة مرشد مجهول قام بتسليم مبلغ سبعين ديناراً كويتياً إلى صديق له بالخارج لتسليمه إلى ذلك المتهم. والمحكمة كي تطمئن إلى إسناد التهمة للمتهم لابد أن تطمئن إلى صحة الإجراءات التي اتخذت في هذه القضية وأن تتحقق بنفسها من سلامتها الأمر الغير متوافر حدوثه في هذه الدعوى, فلم يثبت لا في الأوراق ولا أمام المحكمة أن المرشد قام بدفع نقد أجنبي إلى المتهم الأول كما لم يثبت أن هناك أموالاً خرجت من مصر أو أدخلت إليها دون الطريق القانوني, وعملية الخروج أو الدخول بمعنى عملية التحويل لا تفترض ولا تستنتج, بل لابد أن يقوم الدليل الذي لا يقبل الشك على تمامها فعلاً, ومتى كان ذلك, فإن المقاصة بمعناها القانوني تكون غير متوافرة. إذ أن من شروطها أن يكون الغرض من دفع المبلغ في مصر هو في مقابل دين في الخارج, فإذا كان المتهم الثاني - المطعون ضده - لا يعلم بوقوع الدين بين المرشد والمتهم الأول, فإن شرطاً جوهرياً من شروط المقاصة يكون غير متوافر, ولا تقوم جريمة المقاصة بدونه, وإذا أضيف إلى ما تقدم أن تجريم المقاصة في هذه الحالة هو خشية تضييع نقد أجنبي على البلاد, فإذا بقى النقد المصري في البلاد كما حدث لحساب غير مقيم في البلاد دون إجراء أيه مقاصة نقدية ودون حرمان للدولة من نقد أجنبي, فلا جريمة ولا شروع في ارتكابها, وأخيراً فإنه لم يضبط نقد أجنبي في الدعوى كي يمكن القول بتوافر الجرائم المنسوبة إلى المتهم. وحيث إنه لما سلف تكون التهم المنسوبة إلى المتهم على غير أساس من الحق والقانون ويتعين الحكم ببراءته ......" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون, والتخاذل في التسبيب, ذلك بأن القانون رقم 80 لسنة 1947 بشأن الرقابة على عمليات النقد قد نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أنه (يحظر التعامل في أوراق النقد الأجنبي أو تحويل النقد من مصر أو إليها, كما يحظر كل تعهد مقوم بعملة أجنبية, وكل مقاصة منطوية على تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقد أجنبي وغير ذلك من عمليات النقد الأجنبي سواء أكانت كاملة أو جزئية بنقد أجنبي وغير ذلك من عمليات النقد الأجنبي سواء أكانت حالة أم لأجل إلا بالشروط والأوضاع التي تحدد بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها في ذلك) وجاء في المذكرة التفسيرية للقانون ما نصه (وجب أن يكون الحظر شاملاً العملات الأجنبية وجميع العمليات التي يمكن أن تتم بها كما حرص المشرع كذلك على منع المقاصة المنطوية على تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقد أجنبي إلا بالشروط والأوضاع التي يعينها وزير المالية حتى لا يدع ثغرة للتحايل عن طريقها في المنع الوارد بالقانون. وقصد بمنع المقاصة مواجهة أمثال العمليات الآتية التي تتم بالعملة المصرية (أولاً) الدفعات التي تتم لحساب أو بأمر أشخاص مقيمين خارج مصر (ثانياً) الدفعات التي تتم لحساب أو بأمر أشخاص مقيمين خارج مصر (ثانياً) الدفعات التي تتم على اعتبار أن شخصاً يستوفي مبلغاً أو يكتسب حق ملكية خارج مصر أو على أساس إنشاء أو تحويل حق مؤكد أو محتمل لصالح شخص يقبض مبلغاً, أو باكتساب ملكية خارج مصر أو على أساس القيام بعمل يخول شخصاً حقاً مرتبطاً بالعمليات المذكورة وتوضيحاً لذلك نذكر أن من الأمثلة الكثيرة في العمل التي يقصد بها حرمان مصر من الحصول على العملة الأجنبية أن الشخص المقيم في مصر إذا كان مديناً لدائن في الخارج ودائناً لمدين في الخارج كذلك فإنه بدلاً من أن يدفع ما عليه في الحساب المحجوز ويستوفي ما له بالعملة الأجنبية, يستوفي ما له مما عليه, وبذلك يتساقط دينه وحقه معاً, ثم يستوفي الدائن في الخارج من المدين في الخارج بالعملة الأجنبية, وعلى هذا الوجه يضيع على مصر عملة أجنبية, ويتفادى الدائن في الخارج أن يعتبر دينه في حساب محجوز, وتحاشياً لهذا كله منعت المقاصة المنطوية على تحويل أو تسوية كلية أو جزئية بنقد أجنبي إلا بالشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية" والبين من تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنبي عموماً, ومن مذكرته التفسيرية, وأعماله التحضيرية ومن القانون رقم 109 لسنة 1939 الذي نسخت أحكامه بالقانون رقم 80 لسنة 1947 ومن أصله التاريخي والمصدر الذي استمد منه التشريع الفرنسي وهو المرسوم بقانون رقم 47-1337 الصادر في 15 من يوليو سنة 1947 أن الرقابة على عمليات النقد تنصب على كل عملية من أي نوع أياً كان الاسم الذي يصدق عليها في القانون يكون موضوعها نقداً أجنبياً ما دام من شأنها أن تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي كان من حق الدولة أن تحصل عليه, إذ أن الشارع فرض نوعاً من الحجز أو الاستيلاء أو التجميد على النقد الأجنبي كله ووضعه تحت تصرف الدولة المهيمنة على الاقتصاد القومي لا يباح لأي شخص أن يتصرف في مبلغ منه إلا بإذنها. وكل إخلال بالتجميد الذي فرضه الشارع في هذا الشأن يقع حتما في نطاق التأثيم والعقاب. فحاصل تشريع الرقابة على النقد الأجنبي أمران: حظر مطلق, وتنظيم إداري يسمح بالاستثناء. والمقاصة بمعناها العام داخلة بالضرورة في نطاق هذا الحظر, وقد عرفها الشارع بموضوعها وبالغاية منها. والمستفاد من تعريفه لها أنها كل اتفاق يتم بين أطرافه على تحقيق تقابل ملحوظ فيه أن يكون أحد المقابلين بنقد أجنبي مما ينطوي على إجراء تحويل أو القيام بتسوية للديون بين مصر والخارج. ولا شأن للمقاصة بهذا المعنى في تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنبي بالمقاصة المنصوص عليها في المادة 362 وما بعدها من القانون المدني باعتبارها سبباً من أسباب انقضاء الالتزامات يقع على نحو ذاتي بقوة القانون ولو بغير علم المتعاملين, إذ هي تساقط دينين متقابلين: دين واجب الأداء, ودين مستحق الوفاء. بل المقصود هو المقاصة الاختيارية التي تتجه فيها إرادة أطرافها إلى إحداث أثرها بجعل دين في مقابلة دين تهريباً للنقد الأجنبي واحتيالاً على أحكام القانون. وعلى ذلك يدخل في عموم المقاصة بالمعنى المقصود كل أداء لأي مبلغ في مصر بالعملة المصرية نظير مبلغ يدفع في الخارج ما دام ملحوظاً في الأداء والاستئداء انطواء أي منهما على تعامل مقنع بنقد أجنبي أو إجراء تحويل أو تسوية للديون بين مصر والخارج باستنزال أو خصم دين من دين بمقدار الأقل من الدينين - كما هو الحاصل في الدعوى. والمقاصة بذاتها أياً كانت لا تقتضي نقل النقد من مصر أو إليها بل يصح أن تتم ولو بقيود دفترية بحتة, كما يحصل في نظام الحسابات الجارية أو نظام غرف المقاصة في المصارف لأن من مزايا المقاصة بطبيعتها تفادي نقل الأموال, كما أن ضبط النقد الأجنبي ليس ركناً في الجريمة, ولا يصح اشتراطه دليلاً عليها, يدل على هذا أن الشارع نفسه افترض في المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 عدم ضبط المبالغ محل الدعوى ورتب على ذلك وجوب الحكم على الجاني بغرامة إضافية تعادل قيمتها باعتبارها عقوبة وجوبية تكميلية بديلاً للمصادرة. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه لم يبين وجه عدم اطمئنان المحكمة إلى سلامة الإجراءات, وكان ما ساقه من أقاويل مبهمة خلط فيها بين الإجراء الذي أسلس لضبط الواقعة وبين ثبوتها بالدليل المعتبر, لا يكشف عن وجه استدلاله ولا ينبئ عن أن المحكمة فهمت الواقعة على حقيقتها ومحصت أدلتها ومنها اعتراف المطعون ضده نصاً في اقتراف جرائم المقاصة الثلاث, وفحوى الخطاب المتضمن الرموز الدالة على التهريب, وضبط المبلغ المدفوع في مقابلة النقد الأجنبي, وهي أدلة مستقلة خاصة بالمطعون ضده ولا شأن لها بالإجراءات السابقة عليها والتي اتخذت مع المتهم الأول المقيم في الكويت وحده, وكان من المقرر أن مهمة مأمور الضبط بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها, فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره, ما لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة, ولا تثريب على مأمور الضبط أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة, ومن ذلك التخفي وانتحال الصفات, واصطناع المرشدين ولو أبقى أمرهم سراً مجهولاً. وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يكفي أن يتشكك القاضي في ثبوت التهمة ليقضي للمتهم بالبراءة, إلا أن حد ذلك أن يكون قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وألم بأدلتها, وخلا حكمه من الخطأ في القانون, ومن عيوب التسبيب وهي ما تردى فيه الحكم المطعون فيه إذ لا وجه لما أطلقه من تعييب الإجراءات أو تخلف شرائط المقاصة المؤثمة في القانون حسبما تقدم. لما كان ذلك, وكان ما وقع من المطعون ضده من أداء نقد مصري لحساب غير مقيم بصفته وكيلاً عنه تتحقق به جريمة التعامل في النقد المصري, ذلك بأن الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 في شأن تنظيم الرقابة على عمليات النقد والمضافة بالقانون رقم 57 لسنة 1950 قد نصت على أنه" يحظر على غير المقيمين في المملكة المصرية أو وكلائهم التعامل بالنقد المصري أو تحويل أو بيع القراطيس المالية المصرية إلا بالشروط والأوضاع التي تعين بقرار من وزير المالية" وقد جرى قضاء هذه المحكمة في تفسير هذا النص على أن المقصود بالتعامل بالنقد المصري كل عملية من أي نوع يكون فيها دفع بالنقد المصري إخلالاً بواجب  التجميد الذي فرضه الشارع على أموال غير المقيم وضرورة وضعها في حساب غير مقيم في أحد المصارف المرخص لها في مزاولة عمليات النقد, حتى يأذن وزير المالية بالإفراج عما يري الإفراج عنه منها, واستيداع النقد المصري وتسليمه بالوكالة عن غير المقيم بغير المصارف المعتمدة يعتبر ولا شك عملية من هذا القبيل. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذه الجريمة بل أغفلها جملة, فإنه يكون فوق تخاذله وقصوره معيباً بالخطأ في القانون بما يتعين معه النقض والإحالة, لأن لعيوب التسبيب الموجبة للإحالة الصدارة على الطعن بمخالفة القانون الموجب للتصحيح

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الماده21
 
========================================
التعريف بالاستدلال والتحقيق الابتدائى  (1) :
======================================== 
  حرصا على وقت القضاء من الضياع فى الجرى وراء جمع الأدلة . وحتى لا يزج بشخص فى قفص الاتهام دون أن تكون هناك أدلة كافية على ارتكابه الجريمة ، ينبغى أن تمر الدعوى الجنائية بمرحل أولية هى مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائى أى جمع أدلة الاتهام وتمحيصها قبل رفع الدعوى الى المحكمة .
ويقصد بالاستدلال ضبط الواقعة بمعنى جمع الادلة المثبتة لوقوعها ونسبتها الى فاعلها ، وذلك عن طريق التحرى عن الجريمة والبحث عن مرتكبيها بكافة الطرق والوسائل المشروعة . والاستدلال بهذا المعنى خطوة تسبق التحقيق الابتدائى الذى يقصد به تعزيز الادلة وتمحيصها للتحقق من كفايتها فى اثبات وقوع الجريمة ونسبتها الى مرتكبها . وذلك تمهيدا لاصدار قرار اما باحالة الدعوى الى المحكمة واما بعدم وجود وجه لاقامتها . وهو بالاضافة الى ذلك خطوة لا غنى عنها للتحقيق الابتدائى ، إذ هو بمثابة اعداد لعناصر هذا التحقيق وبدونه لا يكون للتحقيق الابتدائى محل .
ويتميز الاستدلال بأن اجراءاته يصح أن تسبق ظهور الجريمة ، فيكون غرضها الكشف عنها ، كما يصح أن تكون لاحقة لظهور الجريمة وتستهدف حينئذ الوصول الى معرفة شخص المتهم . ولا تنطوى اجراءات الاستدلال بحال على مساس بالاشخاص أو بحرمة مساكنهم . أما اجراءات التحقيق فهى لا تكون الا بعد ظهور الجريمة وتسير فى ضوء توجيه التهمة الى شخص أو أشخاص معينين ، كما تنطوى فى كثير من الاحيان على معنى المساس بحرية الشخص أو بحرمة مسكنه .
والاستدلال ضرورى فى جميع الدعاوى ، اذا استثنينا تلك التى يتم تحريكها مباشرة من قبل المدعى بالحقوق المدنية ، وذلك باعتبار أن رفع الدعوى الى المحكمة لابد أن يسبقة جمع الادلة المثبتة لوقوع الجريمة ونسبتها الى المتهم . وعلى خلاف ذلك لم يوجب القانون التحقيق الابتدائى قبل احالة الدعوى الى المحكمة إلا فى مواد الجنايات ، وجعله جوازيا فى الجنح والمخالفات التى يصح بالتالى رفع الدعوى عنها بناء على محضر جمع الاستدلالات .
ويقوم بمهمة الاستدلال فى التشريع المصرى مأمورو الضبط القضائى ، وهذه هى وظيفتهم الاصلية وان كان القانون قد خولهم الى جانبها سلطة اجراء التحقيق فى أحوال استثنائية . أما التحقيق الابتدائى فتتولاه أصلا النيابة العامة . وقد يشاركها فيه قاضى التحقيق اذا وافق رئيس المحكمة الابتدائية على ندبه للتحقيق بناء على طلب النيابة أو المتهم أو المدعى بالحق المدنى (2) .
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د / عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، 267 ، 268 .
(2) د / عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، 268 .
 
========================================
الضبطية القضائية :
======================================== 
  يعد نظام الضبطية القضائية واحداً من الضوابط القانونية التي وضعها المشرع لكفالة حياة آمنة مطمئنة ومجتمعاً يسوده الاستقرار والأمان.
وهو نظام له أهميته البالغة في مسار الدعوى الجنائية لعدة أسباب لعل من أهمها :
1ـ أن عمل مأمور الضبط القضائي يشكل المرحلة الافتتاحية التي تتخذ في أعقاب وقوع الجريمة أو اكتشافها أو الابلاغ عنها ، والتي تنسج فيها خيوط الواقعة الجنائية وترسم صورتها على نحو يصبح معه من العسير التخلص من تأثيرها في مرحلة المحاكمة.
2ـ  يمتد عمل مأمور الضبط القضائي إلى مرحلتي الاستدلالات والتحقيق الابتدائي ، وفيهما يتم تجميع الأدلة واسانيد الاتهام التي يُساق بها المتهم إلى ساحة القضاء.
3ـ  يُوكل إلى مأمور الضبط القضائي القيام بالعديد من الاجراءات التي تنطوي على المساس بحرية الفرد أو حقوقه كالقبض والتفتيش ، وتفتيش المساكن ، والحبس الاحتياطي.
4ـ أن معظم القضايا التي تطرح على المحاكم الجنائية من جنح ومخالفات لا تنطوي أوراقها إلا على محاضر الاستدلالات التي يباشرها مأمور الضبط القضائي ويتم على أساسها رفع الدعوى الجنائية دون تحقيق قضائي والحكم فيها بناءً على تلك الاستدلالات.
5ـ أن جانباً كبيراً من الاجراءات يتم في مرحلة الاستدلالات التي يتولاها مأمور الضبط القضائي ، وأغلبهم من غير القضاة وأعضاء النيابة، وهم لا يتمتعون بضمانات تكفل استقلالهم عن الجهات الإدارية أو الامنية التي ينتمون إليها.
 
ماهية إجراءات الاستدلال : هى مجموعة الإجراءات السابقة على تحريك الدعوى الجنائية ، غايتها جمع المعلومات الأولية حول وقوع الجريمة ، حتى تستطيع النيابة العامة فى ضوئها اتخاذ القرارات الملائمة بشأن الدعوى الجنائية. لم ينص المشرع على إجراءات الاستدلال على سبيل الحصر، بل نص على أهمها ، ولم يحظر غيرها
عرفت المادة 57 من التعليمات العامة للنيابات الإستدلال بأنه : هو المرحلة السابقة على تحريك الدعوى الجنائية ، ويباشره مأمور الضبط القضائى ، ويهدف إلى جمع عناصر الإثبات اللازمة لتسهيل مهمة التحقيق الإبتدائى والمحاكمة .
 
 
========================================
ومن أهم اجراءات الاستدلال :
======================================== 
  أولاً : إجراءات التحريات : ( م 21 اجراءات )
ثانياً : قبول البلاغات والشكاوى ( م 24 اجراءات )
ثالثاً :  الحصول على الإيضاحات وإجراء المعاينات اللازمة .( م 24 ، 29إجراءات )
رابعاً : إجراءات التحفظ على الأشياء ( م 53 إجراءات ) .
خامساً : إجراءات التحفظ على الأشخاص ( م 35 إجراءات )
 
 
========================================
إجراءات التحريات : ( م 21 اجراءات )
======================================== 
  ينص المشرع فى المـــادة 21 إجراءات على أن " يقوم مأمورو الضبط القضائى بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الإستدلالات التى تلزم للتحقيق فى الدعوى " .
ويستخلص من هذا النص أن القانون أوجب على مأمورالضبط القضائى إجراء التحريات اللازمة عن الجرائم ومرتكبيها .
ويقصد بالتحريات :ـ  جمع كافة القرائن والأدلة التى تفيد فى التوصل إلى الحقيقة إثباتاً أونفياً لوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها.
والتحريات من الواجبات المفروضة على مأمور الضبط القضائى ،غير أن القانون لا يوجب حتماً أن يتولاها بنفسة ،بل لة أن يستعين بمعاونية من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ، أومن يتولون إبلاغة عما وقع بالفعل من جرائم مادام هو قد أقتنع شخصيا بما نقلوة إلية ، وبصدق ما تلقاة عنهم من معلومات . ولا يوجب القانون كذلك أن يكون مأمورالضبط القضائى قد أمضى وقتاً طويلاً فى التحريات ،فليس هناك أى تحديد لفترة زمنية لإجراء التحريات.
وتتضح أهمية التحريات بالنسبة لبعض إجراءات التحقيق كالتفتيش ، إذ يوجب القانون لطلب الإذن بتفتيش المنازل (المادة 91إجراءات جنائية ) أو الأشخاص (المادة 94إجراءات جنائية) وجود قرائن أو امارات قوية تدل على أن المراد تفتيشة حائز لأشياء تتعلق بالجريمة ،أو يخفى أشياء تفيد فى كشف الحقيقة . وعلى سلطة التحقيق تقديرجدية هذة التحريات قبل إصدار إذن التفتيش ،فإذا تبين له أنها غيرجدية وجب علية رفض إصدارالإذن بالتفتيش ،ولمحكمة الموضوع أن تراقب جدية هذة التحريات عن طريق مراقبتها لشروط صحة الإذن فإذا كانت التحريات غير جدية ترتب على ذلك بطلان إذن التفتيش وبالتالى بطلان جميع الإجراءات المترتبة علية .ولكن ليس لمحكمة النقض بعد ذلك أى سلطة فى التعقيب على ما استخلصتة محكمة الموضوع .
غير أنة لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة ، وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائى الذى أختارة لمعاونتة فى مهمتة .كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة لة عند إتخاذ أى إجراء من إجراءاتة لا ينال من سلامة أقوالة .
ويلاحظ أنة حتى تكون التحريات منتجة لأثارها أن تكون متعلقة بجريمة وقعت فعلاً ، فلا يجوز لمأمور الضبط القضائى أن يتدخل بفعلة فى خلق الجريمة ، أو التحريض على مقارفتها . وبناء على ذلك لا يجوز إصدار الإذن بالتفتيش لضبط جريمة مستقبلة ، ولوكانت التحريات والدلائل جدية على أنها ستقع بالفعل.(1)
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د/ محمد عيد غريب ، مرجع سابق ، ص 246.
 
========================================
مفهوم مصطلح التحريات فى التشريع المصرى (1) :
======================================== 
  رغم شيوع وتكرار استخدام رجال الشرطة لمصطلح التحريات فى كافة محاضر الضبط التى تعرض على النيابة العامة لإ تخاذ شئونها فيها بإصدارها الإذن بإتخاذ ما تراه من إجراءات القبض أوالتفتيش أو تسجيل للمحادثات الهاتفية ، وبصفة عامة كل إجراء يمس الحرية الفردية ، ورغم تكرار استخدام هذا المصطلح أيضا فى ساحات القضاء وأورقة المحاكم ، والمؤلفات الفقهية سواء القانونية أو الشرطية ، وتكرار تصدر أحكام المحاكم الجنائية على إختلاف درجاتها بتأييد أو جحد ما أنتهت إليه تحريات رجال هيئة الشرطة ، فإن الثابت من مطالعة نصوص مواد التشريع الإجرائى بصفة خاصة وبعض التشريعات الأجنبية بصفة عامة أنها قد خلت تماما من الإشارة إلى هذا المصطلح صراحة .
فقد إستهل المشرع الإجرائى المصرى الباب الأول من الكتاب الأول من القانون رقم 150 لسنة 1950 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية بعنوان " فى الدعوى الجنائية وجمع الإستدلالات والتحقيق " . بينما استهل الباب الثانى من الكتاب الأول من ذات القانون بعنوان " فى جميع الإستدلالات ورفع الدعوى "  بينما عنون الفصل الأول من الباب الثانى من الكتاب الأول من ذات القانون بقوله " مأمورى الضبط القضائى وواجباتهم " .
ومن تتبع نصوص المواد 21،24 ،29 ،31 ،34 ،35 إجراءات جنائية  يتلاحظ أن المشرع المصرى قد نهج ذات المنهج الذى أشرنا إليه ، أى لم يستخدم مصطلح التحريات ، بل جرى على إستعمال مصطلح جمع الإستدلالات م 21 /1 أ.ج  والإيضاحات م 24 أ.ج وجمع الإستدلالات م 29 أ.ج . هكذا
وإذا كان هذا هو موقف المشرع الإجرائى المصرى فالملاحظ أن أحكام المحاكم قد درجت على إستخدام مصطلح التحريات .
 فقد قضى بأن " من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بغير معقب " .
" وإذا كان ما تقدم كذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل إذن التفتيش تأسيساً على عدم جدية التحريات لما تبين أن الإسم الوارد بها هو اسم والد المطعون ضده ...فإن التحريات التى صدر على أساسها الإذن لم تكن جدية بالقدر الذى يسمح بإصدار الإذن ....فإن ما انتهى إليه الحكم لم يكن أساسه مجرد الخطأ فى إسم المقصود بالتفتيش وإنما كان مرجعه القصور فى التحرى بما يبطل الأمر ويهدر الدليل الذى كشف عن تنفيذه وهو استنتاج سائغ تملكه محكمة الموضوع ومن ثم فإن منعى الطاعنة فى هذا الصدد يكون فى غير محله " (2) .
يقول الدكتور قدرى الشهاوى  " رأينا أن المشرع لم يستخدم مصطلح التحريات رغم شيوع استخدامه فى العمل ، ولعل مرجع ذلك أن الوصول إلى الحقيقة لا يمكن فرض طريق محدد لة وبالتالى حصر أساليبها فى مجال معين ، على إعتبار أن الحقيقة تكون خافية وإنتزاعها من براثن البهتان أمر يدق ـ وبالتالى يصعب إزاء تحديد أساليبها مقدماً للكشف عنها والوقوف على أبعادها .
ولامراء أن إستعمال مصطلح التحريات من شأنه أن يضيق من أساليب البحث ، ومن ثم فقد لجأ المشرع إلى إستخدام مصطلح الإستدلالات والإيضاحات .....الخ
وبالترتيب على ذلك فقد إستقرت أحكام محكمة النقض على أن " لا تثريب على رجل هيئة الشرطة أن يصطنع من الوسائل البارعة ما يسلس مقصوده فى الكشف عن الجريمة ولايتصادم مع أخلاق الجماعة ومن ذلك التخفى وإنتحال الصفات وإصطناع المرشدين ولو بقى أمرهم مجهولا طالما بقيت إرادة الجانى حرة " (3) . يضاف إلى ذلك إن الإثبات لاشأن له بمسائل القانون ـ عدا التشريع الأجنبى إذ هو محدد بمسائل الواقع (4) لذلك لم يشأ المشرع الإجرائى المصرى إلزام رجال هيئة الشرطة بإعتبارهم السلطة القائمة بالإستدلالات بنوعية معينة من المعلومات التى يتعين عليهم تحصيلها بالنسبة لكافة الجرائم على حد سواء ، بل يجوز لرجال هيئة الشرطة جمع المعلومات والإستخبارات عن طريق التحريات التى تؤدى إلى تأكيد الدليل المستمد منها تبعا لنوعية الجريمة وظروف ارتكابها. وفى الجملة يجب على مأمورى الضبط القضائى وعلى مرءوسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التى تبلغ إليهم (م 24أ.ج ) (5) .
ويقول الدكتور قدرى الشهاوى وكذلك نحن نرى ـ وبحق ـ أن المشرع فى إستعماله لمصطلح الإستدلالات إنما أراد أن ينعت العمل الشرطى بذات الوصف الذى حصر رسالته الإجرائية فى مجاله ، وهى كون مهمة الشرطة هى مجرد القيام بالإجراءات الإستدلالية دون شمولها أو إنصرافها لأى عمل من أعمال التحقيق ، إذ لو  كان المشرع قد إستخدم مصطلح التحريات لكان من الجائزفهم رسالة الشرطة على شمولها لبعض أعمال التحقيق ، وهو ما لم يعنيه المشرع فى هذا الخصوص .
وأيا كان موقف المشرع المصرى ـ فسوف نرى إنه وإن كان قد أحجم عن استخدام مصطلح التحريات فى مواد قانون التشريع الإجرائى إلا أن هذا المعنى الفنى لهذا المصطلح مستفاد من المواد 21، 24، 29إجراءات جنائية .
والواقع أن إجراءات جمع التحريات والإستخبارات والإستدلالات لا يمكن التهوين من أهميتها فى مجال الإثبات الجنائى إذ غالباً ما تؤدى تلك التحريات إلى كشف غموض الحدث الإجرامى وجمع أدلة وعناصر الإتهام وتحديد أبعادة وفى النهاية تحديد فاعل الجريمة . (6)
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د/  قدرى عبد الفتاح الشهاوى ، ضوابط الإستدلالات والإيضاحات والتحريات والإستخبارات فى التشريع المصرى والمقارن ، ط 2002 ، ص 37 .
(2) طعن رقم 118 لسنة 45 ق 23 /2/1975 س 27 ص 252 ، الطعن 538 لسنة 44ق جلسة 12 /12/1974 س25 ص 876 مج الذهبية ص 14 ، ج4 ، سنة 1981.
(3) راجع : نقض 4/1/1960 مج س11 ق رقم 1ص7.
(4) د /  محمد زكى أبو عامر ـ الإثبات فى المواد الجنائية ، ص51 .
(5) يؤكد هذا الرأى ما قضت به المادة 58 من تعليمات النيابة العامة فى مصر ـ والتى تنص على أن " تتمثل إجراءات الإستدلال بصفة خاصة ....فى إجراء التحريات عن الوقائع التى يعلمون بها . مما يعنى أن مصطلح الإستدلالات أكثر شمولا من مصطلح التحريات وهذا يؤكد الرأى الذى أنتهينا إليه فيما يتعلق بمسلك المشرع فى هذا الصدد . (دكتور قدرى الشهاوى ، المرجع السابق) .
(6) د / قدرى عبد الفتاح الشهاوى ،  المرجع السابق .
 
========================================
عدم جواز التحريض على الجرائم أو خلقها لضبطها (1):
======================================== 
  يحظر على مأمور الضبط أن يقوم بتحريض الجانى على ارتكاب الجريمة ليقوم بضبطها فيما بعد ، وهو ما يطلق عليه اسم  "المحرض الصورى" ، وتطبيقاً لذلك يبطل قيام مأمور الضبط بتحريض الجانى على قتل المجنى عليه أو جلب المخدرات من الخارج أو حيازتها للاتجار فيها ، أو القيام بعمل تخريبى. غير أنه إذا كانت فكرة الجريمة كانت لدى الجانى ، وتدخل مأمور الضبط للكشف عنها ، فإن عمله يكون صحيحاً.  والضابط فى صحة عمل الاستدلال فى هذه الحالة هو هل كانت إرادة الجانى حرة حال ارتكابه للجريمة ؛ أم أن الجريمة لم تقع إلا بناء على تحريض مأمور الضبط ؟. فإذا كانت إرادة الجانى حرة ، وما تدخل مأمور الضبط إلا لكشف الجريمة ، فإن العمل يبقى صحيحاً.  وتطبيقاً لذلك قضى بصحة ضبط الجانى فى جريمة جلب مخدرات إلى داخل البلاد استغل تعرفه على مأمور الضبط وتوطد علاقته به ، فعرض عليه المساهمة فى توزيع المخدرات التى يجلبها من الخارج على الباخرة التى يعمل بها ، فتظاهر الضابط بالقبول و أبلغ الأمر إلى رؤسائه ورجال مكتب مكافحة المخدرات.  وفى واقعة أخرى دلت تحريات مأمور الضبط على أن المتهمين وهما من قوة نقطة الجمرك يتغاضيا عن الاطلاع على المستندات التى تدل على سلامة الإجراءات الجمركية نظير تقاضى مبالغ على سبيل الرشوة من السيارات التى تعبر من خلالها ، فاستصدر إذناً من النيابة العامة واستوقف
إحدى سيارات النقل المحملة ببضائع تستحق الرسوم الجمركية وقادها متظاهراً بأنه سائقها ، فأوقفه المتهمان ، فعرض عليهما الضابط مبلغاً مالياً لقاء التجاوز عن الاطلاع على الترخيص والمستندات المثبتة لسداد الجمارك ، فوافقا ، وسلمهما المبلغ وسمحا له بالمرور ، وتم ضبطهما بعد ارتكاب الجريمة. وقضى فى هذه الواقعة بصحة إجراءات الضبط. كما قضى بأن مسايرة المتهم أو التظاهر بالرغبة فى شراء المخدر منه لا يعد تحريضاً على ارتكاب الجريمة أو خلقاً لها (2).
- التخفى وانتحال الصفات واصطناع المرشدين : قد يقتضى التحرى عن وقوع الجرائم والكشف عنها وعن مرتكبها أن يلجأ مأمور الضبط إلى التخفى وانتحال الصفات حتى يأنس الجانى لهم ويأمن جانبهم وليتمكنوا من أداء واجبهم ، وهذه الأعمال تبقى مشروعة ، متى كانت تستهدف هذه الغاية ومتى كانت إرادة الجانى حرة غير معدومة ، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها يبقى عملاً مشروعاً ولا يعد تحريضاً على الجريمة ما دامت إرادة هؤلاء تبقى حرة. وقضى بأن اصطناع مأمور الضبط للمرشدين يكون صحيحاً ، حتى ولو أبقى أمرهم سراً مجهولاً (3) .
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د / اشرف توفيق شمس الدين ، مرجع سابق ، ص 143 ، 144 .
(2) د / اشرف توفيق شمس الدين ، مرجع سابق ، ص 143 ، 144 .
(3) د / اشرف توفيق شمس الدين ، مرجع سابق ، ص 144 ، 145 .

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 29390 لسنة 59 بتاريخ 19/11/1997
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه ، أولا : وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية - اشترك مع آخر مجهول بطريقى الإتفاق والمساعدة فى تزوير محررات إحدى الشركات التى تساهم الدولة في مالها ...... هى الشيكات أرقام ..... و ...... و ....... و ..... وذلك بأن اتفق مع ذلك المجهول على تزويرها بإضافة بعض البيانات وبصمها بأختام تفيد أنها اصبحت مقبولة الدفع من البنك والتوقيع عليها بإمضاءات منسوبة زورا للموظفين المختصين وساعده فى ذلك بأن قدم إليه الشيكات المذكورة وكذا البيانات المشار إليها فتمت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة . ثانيا : قلد بواسطة الغير خاتما لإحدى الشركات التى تساهم الدولة في مالها وهو خاتم مقبول الدفع الخاص ببنك .... وكان ذلك بأن اصطنع على غراره خاتما آخر واستعمل الخاتم المقلد بأن بصم به الشيكين المزورين رقمى ..... و ..... موضوع التهمة السابقة . ثالثا : استعمل المحررات المزورة موضوع التهمة الأولى فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن أطلقها للتداول بتسليمها لآخرين لصرف قيمتها على النحو المبين بالتحقيقات . رابعا : توصل بطريق الإحتيال إلى الآستيلاء على مبلغ 23100 جنيه المملوك لـ ..... ومبلغ 250000 دولار أمريكى المملوك لـ ..... وكان ذلك باستعمال وسائل احتيالية من شأنها الإيهام بوجود سند دين غير صحيح بأن زعم لهما أن لديه أرصدة نقدية محلية وأجنبيه بحسابه ببنك .... وايد هذا الزعم بأن قدم لهما الشيكين المزورين رقمى ...... و ..... وتسلم منهما قيمتهما بناء على ذلك . خامسا : أعطى بسوء نية للمجنى عليهما سالفى الذكر شيكين بمبلغ ..... جنيه و ...... دولار أمريكى لا يقابلهما رصيد قائم وقابل للسحب . وأدعى كل من المجنى عليهما مدنيا قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/2 و 3 , 41 , 206 , 206 مكررا/2 , 211 , 212 , 214/2  من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 ، 32/2 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم أولا : بحبسه مع الشغل لمدة سنتين عن التهمتين الأولى والثانية واستعمال الشيكين رقمى ..... و..... ثانيا : ببراءته من تهمتى الإستيلاء على نقود .... وإعطائه الشيك رقم ..... وبرفض الدعوى المدنية المقامة منه . ثالثا : بإعادة القضية للمرافعة لدور مقبل بالنسبة لتهمتى استعمال الشيك المزور رقم .... وإعطاء هذا الشيك لـ ..... والإستيلاء على نقوده بطريق الإحتيال .
فطعن كل من الأستاذ / ...... المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه والأستاذ/ ..... المحامى بصفته وكيلا عن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن المحامي ............ قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه بصفته وكيلا عن المدعي بالحقوق المدنية، لما كان ذلك، وكان البين من التوكيل الذي تم التقرير بالطعن بمقتضاه - المرفق بالأوراق - أنه صادر من وكيل المدعي بالحقوق المدنية للمحامي الذي قرر بالطعن، وكان التوكيل الصادر من المدعي بالحقوق المدنية لوكيله لم يقدم للتعرف على حدود وكالته وما إذا كانت تجيز لصاحبها التقرير بالطعن بالنقض نيابة عن موكله وتوكيل غيره في ذلك من عدمه، لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقا شخصيا لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلا منه توكيلا يخوله هذا الحق أو كان ينوب عنه في ذلك قانونا، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلا ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات إحدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب، وتقليد خاتمها، واستعمال محررين لها مع علمه بتزويرهما، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة تلبس، غير أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - بعد أن حصل دفع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه - أطرحه في قوله: ((وكان الثابت بالأوراق أن العقيد شرطة ........... ويعمل مفتشا بمباحث الأموال العامة بالقاهرة قد تم إبلاغه بوقوع جرائم تزوير شيكات لبنك مصر مع استعمال لهذه الشيكات وارتباط ذلك بجرائم إعطاء شيك دون رصيد والنصب والاحتيال، وهذه وتلك من الجرائم المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر، وكان مؤدى المواد 21، 24، 29 من قانون الإجراءات الجنائية التزام مأموري الضبط بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم إجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، وأن من حقهم سماع أقوال من يكون لديهم معلومات عن تلك الوقائع ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، فإن توجه العقيد ........... للمتهم لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضا ماديا له فيه مساس بحريته الشخصية أو قبضا عليه في غير الحالات التي تجيز ذلك، لما كان ذلك، وكان ما صدر من المتهم - بعد لقائه المشروع برجل الضبط على النحو السالف بيانه من وضع يده على ما كان أمامه بمكتبه من أوراق ومحاولته من بعد إخفاء بعض هذه الأوراق وهو ما شهد به رجل الضبط وأيده فيه ............ من قبيل الدلائل على ارتكاب المتهم ما نسب إليه وسعيه لإخفاء دليل ذلك، فإن ضبط هذه الأوراق لا يتجاوز واجب رجل الضبط في اتخاذ الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة، لما كان ذلك، وكانت الإجراءات الصحيحة التي تمت حتى هذه المرحلة قد أسفرت عن ضبط دفتر الشيكات السابق إبلاغ المتهم بفقده في حوزته، وكان القبض على المتهم أثر ذلك وتفتيشه - وأيا ما كان وجه الرأي فيه - لم يسفر عن أي دليل تساندت إليه المحكمة فإن الدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون غير سديد)، لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد نصت أولاهما على أنه ((لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه))، وثانيتهما على أنه ((إذا لم يكن المتهم حاضرا في الأحوال المبينة في المادة السابقة جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره ويذكر ذلك في المحضر، وفي غير الأحوال السابقة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعد شديد أو مقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وأن يطلب فورا من النيابة العامة أن تصدر أمرا بالقبض عليه، وفي جميع الأحوال تنفذ أوامر الضبط والإحضار والإجراءات التحفظية بواسطة أحد المحضرين أو بواسطة رجال السلطة العامة))، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام هو لم يشهد أثرا من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، لما كان ذلك، وكان مؤدى الواقعة - كما أوردها الحكم وحصله من أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول - ليس فيه ما يدل على أن الجريمة شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الحكم قد رفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه استنادا إلى حق مأمور الضبط القضائي في اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة - على السياق السالف بسطه -، ولما كانت الفقرة الأولى من نص المادة 41 من الدستور قد نصت على أن ((الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون))، وكان مؤدى هذا النص، أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك، يستوي في ذلك أن يكون القيد قبضا أم تفتيشا أم حبسا أم منعا من التنقل أم كان غير ذلك من القيود على حريته الشخصية لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هي معرفة به قانونا، أو بإذن من جهة قضائية مختصة، وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه، فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقا أم لاحقا على العمل بالدستور، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل أو تخالف تشريعا صادرا من سلطة أعلى فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته، لما كان ذلك، وكان نص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور قاطع الدلالة في أنه في غير أحوال التلبس لا يجوز وضع أي قيد على الحرية الشخصية إلا بإذن من القاضي المختص أو من النيابة العامة، ولا يغير من ذلك عبارة ((وذلك وفقا لأحكام القانون)) التي وردت في نهاية تلك الفقرة بعد إيرادها الضمان المشار إليه، إذ أنها تشير إلى الإحالة إلى القانون العادي في تحديد الأحوال التي يجوز فيها صدور الأمر من قاضي التحقيق والأحوال التي يجوز فيها صدوره من النيابة العامة طبقا لنص المادتين 64، 199 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم دون وجه حق، وكان ما ورد بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية من الإجازة لمأمور الضبط القضائي - في غير أحوال التلبس - بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر - باتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة من الجنح المحددة حصرا في هذه الفقرة، فإن هذه الإجراءات لا يجوز أن تستطيل إلى ما يعتبر قيدا على الحرية الشخصية وفقا لصريح نص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور - لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - أن ما أتاه مأمور الضبط القضائي من انتزاع دفتر الشيكات وهو في حيازة الطاعن الذي لم يتخل عنه دون أن يتبين الضابط محتواه قبل فضه هو تفتيش باطل لوقوعه في غير حالة تلبس وبغير إذن من النيابة العامة، ولا يغير من ذلك ما حصله الحكم من أقوال ضابط الواقعة من أنه إذ انتقل إلى الشركة التي يديرها الطاعن وجده يجلس أمام مكتبه ولما أن أحاطه علما بشخصيته أصابه ارتباك وحاول إخفاء ما كان موضوعا على المكتب ومن بينه دفتر الشيكات سالف الإشارة إليه، وذلك لما هو مقرر من أنه ليس في مجرد ما يعتري الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر التلبس بجريمة، ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ تصدي مأمور الضبط القضائي للطاعن وتفتيشه وعول على الدليل المستمد من هذا التفتيش وهو دفتر الشيكات المبلغ بفقده، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تقدير أدلة الدعوى، بما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن

descriptionشرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه - صفحة 2 Emptyرد: شرح الاجراءات الجنائيه ( القانون رقم 150لسنه 1950) من 1 وحتى25 و الاحكام النقض المرتبطه

more_horiz
الطعن رقم 5732 لسنة 63 بتاريخ 08/03/1995
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بانهم اولا : المتهمون من الاول الى الخامس : بصفتهم موظفين عموميين (ضباط وجنود بسجن .............. العمومى) عذبوا ........ المتهم المحبوس احتياطيا على ذمة القضية رقم ............... لحمله على الاعتراف بالجريمه المسنده إليه فى تلك القضية بأن شدوا وثاقه بحبل من القماش واوسعوه ضربا بعصا وسير من الجلد وقاموا بكيه فى مواضع مختلفة من جسمه بلفافات تبغ مشتعلة وأسياخ من الحديد المحمى فى النار فأحدثوا به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى اودت بحياته . ثانيا : المتهم الاول : هتك عرض المجنى عليه سالف الذكر بالقوة بأن أولج عصا فى دبره على النحو الوارد بالتحقيق . ثالثا : المتهم السادس : (أ) بصفته موظفا عاما (طبيب سجن ............. العمومى) ارتكب تزويرا فى محرر رسمى هو التقرير الطبى الخاص بالمجنى عليه السالف الذكر حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن تعمد عند توقيعه الكشف الطبى على المجنى عليه المذكور بالسجن على خلاف الحقيقة عدم اثبات ما به من حروق نارية فى ذلك التقرير .(ب) استعمل المحرر المزور السالف الذكر بأن قدمه لادارة السجن ........... العمومى مع علمه بتزويره . وإحالتهم الى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة . وادعى ورثة المجنى عليه مدنيا قبل المتهمين بالزامهم بأن يؤدوا لهم مبلغ واحد و خمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 126/1، 2، 211، 213، 214، 234/1 من قانون العقوبات مع اعمال المادة 32 من القانون نفسه بالنسبة للمتهم السادس والمادة 17 للمتهمين جميعا . اولا : بمعاقبة المتهمين الاول والثانى والثالث بالسجن لمدة خمس سنوات لكل منهما . ثانيا :  بمعاقبة المتهمين الرابع والخامس بالسجن لمدة ثلاث سنوات لكل منهما . ثالثا : بمعاقبة المتهم السادس بالحبس مع الشغل لمدة سنه واحدة وعزله من وظيفته لمدة سنتين . رابعا : بإحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة لنظرها .
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ................  الخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن الطاعن الرابع .......... ولئن قرر بالطعن في الحكم في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلا.
أولا: أسباب الطعن المقدمة من الطاعنين الأول والثاني:
ينعى الطاعنان الأول والثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف تعذيبا أدى إلى موته، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم لم يورد واقعة الدعوى في بيان كاف تتحقق به أركان الجريمة المسندة إلى الطاعنين والظروف التي أحاطت بها، إذ لم يعرض لبيان وقائع الاتهام المنسوب إلى المجني عليه والإجراءات التي اتخذت ضده من قبل السلطات ودفاعه بشأن ذلك الاتهام سواء بالاعتراف أو الإنكار، حتى يبين وجه استدلاله على أن تعذيب المجني عليه كان بقصد حمله على الاعتراف، ولم يدلل الحكم تدليلا كافيا على قيام العلاقة بين ارتكاب الجريمة ومباشرة الطاعنان لوظيفتهما، إذ لم تفطن المحكمة إلى أن الطاعنين وقت وقوع الأفعال المنسوبة إليهما، كانا يعملان ضابطين للمباحث بسجن ..........، وينحصر اختصاصهما الوظيفي في الجرائم والمخالفات التي تقع من المسجونين داخل السجن، ولا يمتد اختصاصهما إلى الجرائم المحبوس من أجلها نزلاء السجن والتي وقعت بخارجه كما هو الحال بالنسبة للجريمة التي ارتكبها المجني عليه والتي وقعت منه خارج السجن، بما لا تتوافر معه أركان الجريمة التي دان الحكم الطاعنين بها، وأن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون جريمة استعمال قسوة أو ضرب أفضى إلى موت، وعول الحكم في إدانة الطاعنين - ضمن ما عول - على ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وما جاء بأقوال الطبيب الشرعي بجلسات المحاكمة، والتي أورد الحكم في مدوناته أنها لا تخرج عن مضمون ما ثبت بذلك التقرير، في حين أن تلك الأقوال التي استند إليها الحكم لا تتفق وما قرره الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة، إذ أن الثابت بأقواله أنه لا يستطيع الجزم باحتمال إصابة المجني عليه بالتهاب رئوي قبل دخوله السجن، كما قرر بأنه لم يطلع على أوراق المجني عليه بالسجن أو يرسل أية عينات من الأجزاء المصابة أو دم أو إفرازات المجني عليه للتحليل، وهو ما يخالف ما أثبته الطبيب في تقريره من أن الوفاة نشأت عن مضاعفات تقيح الإصابات، ويقطع علاقة السببية بين الأفعال المنسوبة إلى الطاعنين ووفاة المجني عليه، كما عول الحكم على أقوال الشهود، برغم أن ما شهدوا به من حصول واقعة التعذيب في تاريخ ..........، يتعارض مع الدليل الفني المستمد من التقرير الطبي الشرعي، إذ أثبت الطبيب في تقريره بتاريخ ..........، وجود حروق من الدرجة الأولى والدرجة الثانية بجسم المجني عليه، وهو ما يستحيل معه حدوث تلك الحروق بالمجني عليه في تاريخ ..........، لما هو متعارف عليه في علم الطب الشرعي من أن إصابات الحروق من الدرجتين الأولى والثانية لا يبقى لها أثر أكثر من أربع وعشرين ساعة، وأغفل الحكم الرد على دفاع الطاعنين بشأن عدم صحة الواقعة وانقطاع رابطة السببية بين الأفعال المسندة إليهما ووفاة المجني عليه، وعدم توافر القصد الخاص في جريمة التعذيب لحمل المجني عليه على الاعتراف إذ أن الاعتداء عليه - لو صح - فقد كان بغرض منعه من الاستمرار في الهياج والاقتصار عن تنفيذ قرار مأمور السجن بوضعه في الحجز الانفرادي لخطورته، وأنه لا صلة للطاعنين بالوقائع المسندة إلى المجني عليه أو بالجهة المنوط بها التحقيق بشأنها، ولم يدلل الحكم على وجود اتفاق بين الطاعنين وباقي المتهمين على ضرب المجني عليه وتعذيبه أو توافر ظرف سبق الإصرار على ذلك، بما لا يستقيم معه مساءلة المتهمين جميعا عن وفاة المجني عليه، إذ أن إصاباته متعددة وقد ساهم بعضها في إحداث الوفاة والبعض الآخر لم يساهم في إحداثها. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أن المتهمين .......... و.......... و.......... و.......... و.......... وقت عمل الأول والثاني ضابطي شرطة وعمل الثالث مساعدة شرطة وعمل كل من الرابع والخامس جندي شرطة بسجن ..........، قاموا بتعذيب المجني عليه .......... أثناء حبسه احتياطيا بالسجن في الجناية رقم ..........، وذلك لحمله على الاعتراف بارتكاب الجريمة المسندة إليه وللإدلاء بأسماء شركاء له، وتم التعذيب بكيه بأسياخ حديدية قام المتهمان الرابع والخامس بتسخينها في النار بمخبز السجن وبإطفاء لفافات التبغ المشتعلة في مواضع مختلفة من جسده وبضربه بأجسام صلبة راضة، فأحدثوا به حروق بالوجه والذراعين والبطن والظهر والإليتين والساقين من الدرجات الثلاث الأول، وكدمات بالذراعين والفخذ الأيسر والقدمين وبأنسجة فروة الرأس، أدت إلى حدوث تسمم دموي توكسيمي والتهاب رئوي مضاعف من جراء تقيح الأنسجة بمواضع هذه الإصابات المتعددة وصاحب ذلك صدمة للمجني عليه، مما أدى إلى موته وأن المتهم السادس .............. طبيب السجن الذي وقع الكشف الطبي على المجني عليه ارتكب تزويرا لدى تحريره تقريرا بنتيجة هذا الكشف، بأن لم يثبت به إصابات الحروق النارية، كما استعمل التقرير المزور بتقديمه لإدارة السجن مع علمه بتزويره". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة - بهذه الصورة - في حق الطاعنين وباقي المتهمين، أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الخامس .......... بتحقيقات النيابة العامة، وما جاء بمعاينتها لمحل الحادث، وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه، وما ورد بتقرير الكشف الطبي المحرر بمعرفة المتهم السادس. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى - على السياق المتقدم - يعد كافيا في الإلمام بها وبالظروف التي أحاطت بها، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، وأن ما ساقه من أدلة للتدليل على ثبوتها في حقهما، هي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وهو ما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب بيان الواقعة وأدلتها على النحو الذي تطلبه القانون، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان المتهم في حكم الفقرة الأولى من المادة 126 من قانون العقوبات، هو كل من وجه إليه الاتهام بارتكاب جريمة معينة ولو كان ذلك أثناء قيام مأموري الضبط القضائي بمهمة البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى على مقتضى المادتين 21، 29 من قانون الإجراءات الجنائية، مادامت قد حامت حوله شبهة أن له ضلعا في ارتكاب الجريمة التي يقوم أولئك المأمورون بجمع الاستدلالات فيها، ولا مانع من وقوع أحدهم تحت طائلة نص المادة 126 من قانون العقوبات إذا ما حدثته نفسه بتعذيب ذلك المتهم لحمله على الاعتراف أيا ما كان الباعث له على ذلك، ولا وجه للتفرقة بين ما يدلي به المتهم في محضر تحقيق تجريه سلطة التحقيق، وما يدلي به في محضر جمع الاستدلالات، مادام القاضي الجنائي غير مقيد بحسب الأصل بنوع معين من الدليل، وله الحرية المطلقة في استمداده من أي مصدر في الدعوى يكون مقتنعا بصحته، ولا محل للقول بأن الشارع قصد حماية نوع معين من الاعتراف لأن ذلك يكون تخصيصا بغير مخصص ولا يتسق مع إطلاق النص، وكان لا يشترط لانطباق حكم هذه المادة حصول الاعتراف فعلا، وإنما يكفي - وفق صريح نصها - أن يقع تعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن ما أتاه الطاعنان من أفعال على المجني عليه، كان بمناسبة اتهامه في القضية رقم ..........، وأن إيقاعهما تلك الأفعال إنما كان بقصد حمله على الاعتراف، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بقالة القصور في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعنان بشأن عدم اختصاصهما الوظيفي بالجريمة التي وقعت من المجني عليه وإجراءات التحقيق المتعلقة بها وانتفاء العلاقة بين وظيفتهما وارتكاب الجريمة المسندة إليهما، وأطرحه في قوله "ومن حيث أنه عن الدفع بعدم توافر صفة الموظف العام المختص التي يستلزمها تطبيق نص المادة 126 عقوبات في حق كل من المتهمين الخمس الأول، فمردود بأنه لما كانت جريمة التعذيب المنصوص عليها في تلك المادة هي جريمة السلطة ضد الأفراد، فإنه لا يشترط لتوافر هذه الصفة في مرتكبها، أن يكون القائم بالتعذيب مختصا باستجواب المجني عليه فيها، وإنما يكفي وجود علاقة بين ارتكاب الجريمة ومباشرة الوظيفة، أي أن يكون الجاني أثناء ارتكابها قائما بأعمال وظيفته، وأن يستخدم سلطة وظيفته في اقترافها، وأن يكون له بحكم هذه الوظيفة اتصالا بالمجني عليه، والثابت من أوراق الدعوى أن هذه الشروط الثلاثة متوافرة في حق كل من المتهمين الخمس، مما يشكل قناعة المحكمة إلى توافر الصفة الوظيفية التي يستلزمها تطبيق نص المادة 126 عقوبات لدى كل منهم، وأن جريمتهم قد وقعت استنادا إلى سلطة وظيفة كل منهم، سيما وأن المجني عليه كان مقيد الحرية بداخل السجن الذي يعمل به كل منهم وقت ارتكاب الحادث". لما كان ذلك، وكان لا يشترط لتطبيق نص المادة 126 من قانون العقوبات، أن يكون الموظف العام الذي قام بتعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف، مختصا بإجراءات الاستدلال أو التحقيق بشأن الواقعة المؤثمة التي ارتكبها المتهم أو تحوم حوله شبهة ارتكابها أو اشتراكه في ذلك. وإنما يكفي أن تكون للموظف العام سلطة بموجب وظيفته العامة تسمح له بتعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف، وأيا ما كان الباعث له على ذلك، وبالتالي فإن ما ساقه الحكم - على النحو السالف بيانه - يكون كافيا في التدليل على توافر الاختصاص الوظيفي للطاعنين وصلته بأفعال التعذيب التي وقعت منهما على المجني عليه بقصد حمله على الاعتراف، ويتفق والتطبيق القانوني الصحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى كما استقرت في وجدان المحكمة، أن الطاعنين وباقي المتهمين قاموا بتعذيب المجني عليه بقصد حمله على الاعتراف، والذي أدى إلى موته وساقت المحكمة من الأدلة السائغة وسائر العناصر الأخرى التي كانت مطروحة عليها، ما يؤيد اقتناعها بالصورة الصحيحة لواقعة الدعوى على النحو المار بيانه، كما عرضت المحكمة لما أثاره الدفاع عن الطاعنين والمتهمين الثالث والرابع والخامس من أن الواقعة بفرض صحتها تشكل جريمة استعمال القسوة المنصوص عليها في المادة 129 من قانون العقوبات، وأطرحته تأسيسا على ما ثبت لها من الأوراق، أن الاعتداء على المجني عليه قد وقع عليه بصفته متهما في الجناية رقم ..........، ولم يكن ذلك الاعتداء لمجرد إلحاق الأذى به وإنما كان بهدف حمله على الاعتراف بما أسند إليه من اتهام في تلك القضية، ويجاوز الأفعال المعاقب عليها بالمادة 129 من قانون العقوبات، ويندرج تحت طائلة العقاب بالمادة 126 من القانون ذاته، بما يكشف عن اقتناع المحكمة بتوافر كافة العناصر القانونية للواقعة المؤثمة والمعاقب عليها بالمادة سالفة الذكر والتي دانت الطاعنين بها، وبالتالي فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في شأن اختصاصهما الوظيفي وصلته بالجريمة التي وقعت منهما، وفي الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل مؤدى التقرير الطبي الشرعي في قوله "وقد انتهى تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه ..........، أنه وجد بها حروق متعددة بعضها تقيح منتشرة بالوجه والذراعين والظهر والبطن والإليتين والساقين مستديرة الشكل قطرها حوالي نصف سم، وأيضا حروق متعددة بعضها تقيح منتشرة بالذراعين والبطن والظهر والإليتين والساقين طولية الشكل تتراوح أطوالها ما بين أربعة إلى ثمانية سم وعرضها يتراوح ما بين واحد إلى اثنين سم وكدمات بالجبهة الوحشية من العضد الأيسر والأيمن وبظهر اليدين وببطن القدمين وبالجهة الأنسية من الفخذ الأيسر وانسكابات غزيرة شاملة لأنسجة فروة الرأس، وأن هذه الحروق حيوية من الدرجات الثلاث الأول ذات طبيعة نارية تحدث من ملامسة الجسم لسطح جسم ساخن، وقد مضى عليها بضعة أيام وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الواقعة، وانتهى التقرير إلى أنه لا يوجد ما يتعارض فنيا وإمكان حدوثها نتيجة ملامسة الجسم لأسياخ حديدية ساخنة ولفافات تبغ مشتعلة، وأن الكدمات الموجودة ذات طبيعة رضية وتحدث من المصادمة بجسم صلب راض أيا كان نوعه وقد مضى عليها بضعة أيام وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الواقعة، وخلص التقرير إلى أن وفاة المجني عليه ناشئة من تسمم دموي توكسيمي والتهابي رئوي مضاعف لتقيح الأنسجة بمواضع الإصابات المتقيحة الموصوفة بالجثة وما صاحب ذلك من صدمة". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه ولئن أشار في مدوناته أن الدفاع عن المتهمين قام بمناقشة الطبيب الشرعي واضع تقرير الصفة التشريحية، وأن أقواله لم تخرج عما أثبته بالتقرير، إلا أنه لم يعول على تلك الأقوال، أو يحصل منها ما لا يتفق وما قرره الطبيب الشرعي بمحضر جلسة المحاكمة، أو يتعارض مع ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - على النحو المار بيانه - ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدا، وهذه العلاقة مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتا أو نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، مادام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين توافر علاقة السببية بين أفعال التعذيب التي وقعت منهما وبين النتيجة التي أدت إليها هذه الأفعال وهي وفاة المجني عليه في قوله "ومن حيث أنه عما أثاره الدفاع من عدم توافر رابطة السببية بين الأفعال التي بدرت من المتهمين وبين وفاة المجني عليه، فإن هذه الرابطة قد توافرت استنادا لما قطع به الدليل الفني في الدعوى وهو تقرير الصفة التشريحية من أن الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه تحدث على التصوير الذي قرره شهود الإثبات في خصوص كيفية اعتداء المتهمين على المجني عليه وعلى النحو وبالآلات التي ذكر الشهود أن المتهمين الخمس الأوائل استخدموها في الاعتداء على المجني عليه، وأن إصابات الحروق هي التي أدت إلى إصابة المجني عليه بالتسمم الدموي التوكسيمي وبالالتهابات الرئوية لتقيح بعضها مما أفضى إلى موته، الأمر الدال على أن ما ارتكبه المتهمون من خطأ تمثل في تعذيب المجني عليه وإحداث إصابات به أثناء التعذيب هو الذي تسبب وأفضى إلى موته". وهو تدليل سائغ يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم في شأن توافر علاقة السببية بين الأفعال التي اقترفها الطاعن والتي نشأ عنها إصابة المجني عليه بالحروق النارية التي أدت إلى حدوث النتيجة وهي وفاته، وبما يتفق وصحيح القانون، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن إصابات المجني عليه جميعها قد مضى عليها بضعة أيام وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الواقعة، فإن ما عولت عليه من أقوال شهود الإثبات بشأن تحديد تاريخ الواقعة يكون متفقا مع الدليل الفني المستمد من تقرير الصفة التشريحية - على النحو السالف بيانه - إذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم ينازعا في تاريخ الواقعة أو يدفعا بقيام التناقض بين أقوال الشهود - في هذا الخصوص - والتقرير الطبي الشرعي، فإنه لا تقبل منهما المجادلة في ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى، وما ساقه من الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ثبوتها في حق الطاعنين، إنما يفصح عن اقتناع المحكمة بصحة الواقعة، فإنه لا تثريب عليها إن هي لم تعرض بالرد على دفاع الطاعنين بشأن عدم صحتها، إذ لا يعدو أن يكون دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بالرد عليه ردا صريحا وإنما يكفي أن يكون الرد مستفادا من أدلة الثبوت السائغة التي عولت عليها المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين بشأن انقطاع رابطة السببية بين الأفعال المسندة إليهما ووفاة المجني عليه، وأطرحه بما يسوغ به إطراحه، على النحو الذي سبق تناوله بالرد عند معالجة وجه الطعن المتعلق بذلك، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي المتطلب في الجريمة المنصوص عليها في المادة 126 من قانون العقوبات، يتحقق كلما عمد الموظف أو المستخدم إلى تعذيب متهم لحمله على الاعتراف أيا كان الباعث له على ذلك، وكان توافر هذا القصد مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع والتي تنأى عن رقابة محكمة النقض، متى كان استخلاصها سليما مستمدا من أوراق الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى من الطاعنين بشأن انتفاء القصد الجنائي لديهما وأطرحه استنادا إلى ما استظهرته المحكمة بأسباب سائغة من الظروف التي أحاطت بالواقعة، والدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات، وما قرره المتهم الثاني بتحقيقات النيابة العامة أن تعديا وقع على المجني عليه، وأن الاعتداء لم يكن بقصد إيذائه، وإنما تجاوز نشاطهما في الاعتداء على المجني عليه إلى قصد إجباره وحمله على الاعتراف بالجريمة التي اتهم فيها، ومن ثم يكون الحكم قد دلل على توافر القصد الجنائي للجريمة المنصوص عليها في المادة 126 من قانون العقوبات في حق الطاعنين، ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعنان بأسباب طعنهما من افتراض حصول الاعتداء على المجني عليه بغرض إجباره على الالتزام بتنفيذ القوانين والقرارات الصادرة بشأن تنظيم السجون، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون دفاعا لم تر فيه المحكمة ما يغير من وجه الرأي الذي انتهت إليه، أو يؤثر في عقيدتها بشأن واقعة الدعوى التي اقتنعت بها، والأدلة التي اطمأنت إليها فالتفتت عنه، أما ما يثيره الطاعنان بشأن انقطاع صلتهما بالوقائع المسندة إلى المجني عليه أو بالجهة المنوط بها التحقيق بشأنها، فمردود بما سبق تناوله بالرد على وجه الطعن المتعلق بذلك، وبالتالي فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر في مدوناته من وقائع الدعوى وأدلتها، أن الطاعنين والمتهمين الثالث والرابع والخامس، وهم من الضباط وصف الضباط والجنود العاملين بسجن ..........، كانوا موجودين على مسرح الجريمة داخل ذلك السجن، وأن الطاعنين والمتهم الثالث تعدوا على المجني عليه بالضرب وقاموا بتعذيبه بإطفاء لفافات التبغ المشتعلة في جسمه، وكيه بأسياخ حديدية محماة في النار، وأن المتهمين الرابع والخامس أحضرا الأسياخ الحديدية وقاما بتسخينها بطاقة النار الخاصة بمخبز السجن وتسليمها للطاعنين لكي المجني عليه بها، كما أن المتهم الرابع تعدى على المجني عليه بالضرب، وأن ذلك الضرب والتعذيب كان بقصد حمله على الاعتراف بالجريمة التي اتهم بارتكابها، وقد أدى التعذيب إلى موت المجني عليه، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق المتقدم - يعد كافيا في استظهار اتفاق المتهمين جميعا على ضرب وتعذيب المجني عليه، من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهم في الزمان والمكان، وصدور الجريمة عن باحث واحد واتجاههم جميعا وجهة واحدة في تنفيذها، وأن كلا منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية تعذيب المجني عليه بقصد حمله على الاعتراف والذي أدى إلى موته، ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامنا في المسئولية الجنائية، سواء عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف، وهو ما لم يخطئه الحكم، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ثانيا: أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الثالث:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف أدى إلى موته، قد شابه تناقض وقصور في التسبيب وبطلان في الإجراءات وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم عول - ضمن ما عول - في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات برغم تناقض أقوالهم، إذ أن ما شهد به الشاهد ..........، يناقض ما قرره الشاهد ..........، وأن أقوال الشاهد .......... تتعارض مع أقوال الشاهد ..........، وشهد بعض الشهود بأن الطاعن حضر بعد الانتهاء من اعتداء المتهمين على المجني عليه، وشهد البعض الآخر بأن الطاعن تعدى على المجني عليه بيده وبقطعة من الجلد وأخرى من الخشب، كما شهد فريق من الشهود بأنه كان يحمل أسياخ حديدية محماة ويناولها للمتهمين الأول والثاني، وهو ما يتعذر معه استخلاص الصورة الحقيقية للواقعة المنسوبة إليه، ودفع الطاعن بقيام التناقض بين الدليلين القولي والفني، إذ قرر المتهم الخامس بأن الطاعن تعدى على المجني عليه بقطعة من الخشب، وقرر شاهدان آخران بأنه تعدى عليه بقطعة من الجلد، وهو ما يتعارض مع تقرير الصفة التشريحية، إذ خلا ذلك التقرير من بيان وجود إصابات رضية بكتف المجني عليه الأيمن وأن باقي الإصابات حدثت من استعمال أجسام صلبة راضة، بما لا يتفق والقول بأنه اعتدى على المجني عليه بجلدة، ولم يعرض الحكم لهذا الدفع أو يعنى برفض التناقض بين الدليلين القولي والفني، برغم أنه تمسك بانتفاء علاقة السببية بين ما نسب إليه من فعل وحدوث النتيجة وهي وفاة المجني عليه، كما تمسك بطلب إجراء المحكمة معاينة لسجن ..........، إلا أنها ندبت النيابة العامة لإجراء تلك المعاينة وهو ما لا يجوز طبقا للقانون، وعول الحكم في إدانة الطاعن على اعتراف المتهم الخامس ..........في حين أنه لا يصح الأخذ باعتراف متهم على متهم آخر، ودفع الطاعن بانعدام مسئوليته الجنائية لأنه لم تكن لديه الفرصة للتفكير والتروي بشأن الأوامر التي صدرت إليه من رؤسائه في العمل مما أفقده إرادته، ولم يعرض الحكم لهذا الدفع إيرادا وردا، كما أغفل الرد على دفاعه بشأن انتفاء القصد الجنائي لديه استنادا إلى أن صفته الوظيفية لا تخوله الحق في تعذيب المجني عليه، ودون أن تتجه إرادته إلى اقتراف فعل من أفعال التعذيب ولا مصلحة له في تحقيق الغرض من تلك الأفعال وهو الحصول على اعتراف من المجني عليه - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم، مادام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما استخلصته من أقوال الشهود وسائر عناصر الإثبات الأخرى المطروحة عليها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يتمخض جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن التعارض بين الدليلين القولي والفني، وانتفاء علاقة السببية بين ما نسب إليه من فعل وحدوث النتيجة وهي وفاة المجني عليه، مردود بما سبق الرد عليه بأوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الأول والثاني، من أن ما ساقه الحكم المطعون فيه في مدوناته، كافيا في استظهار قيام الاتفاق بين المتهمين جميعا على ضرب المجني عليه وتعذيبه بقصد حمله على الاعتراف، وقد أدى ذلك إلى موته، وقد دلل الحكم على مساهمة الطاعن في أفعال الضرب والتعذيب التي وقعت على المجني عليه والتي أدت إلى وفاته، وأنه كان فاعلا أصليا في ارتكاب تلك الجريمة، ومن ثم فإن الطاعن يكون مسئولا عن موت المجني عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، وبالتالي فإن منعاه على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على نتيجة المعاينة التي تمت بواسطة النيابة العامة تنفيذا للقرار الصادر من المحكمة بندبها للقيام بذلك الإجراء، وإنما عول على المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الحادث أثناء التحقيقات فإنه لا جدوى للنعي على الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع، فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال المحكوم عليه الخامس، لا تعدو أن تكون جدلا موضوعيا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على مرءوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان مما لا يستأهل من المحكمة ردا. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن الرد على الدفع بانتفاء القصد الجنائي لديه، مردود بما سبق الرد عليه بأوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الأول والثاني، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ثالثا: أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الخامس:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف أدى إلى موته، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على الدفع بامتناع مسئوليته طبقا للمادتين 61، 63 من قانون العقوبات، لوقوعه تحت تأثيره إكراه معنوي، وأنه قام بتنفيذ أمر رئيسه اعتقادا منه بمشروعيته باعتبار أنه جندي مجند واجب عليه إطاعة أوامر رؤسائه، إلا أن المحكمة أغفلت الرد على الدفع بتوافر حالة الإكراه المعنوي، وأطرحت الدفع بانطباق المادة 63 من قانون العقوبات بما لا يسوغ به إطراحه، وعول الحكم في إدانة الطاعن على شهادة الشرطي .......... واعترافه، في حين أن ما قرره ذلك الشاهد هو مجرد سرد لواقعة مادية ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من توافر أركان الجريمة في حقه، كما أن ما أدلى به من أقوال لا يعد اعترافا صريحا بما نسب إليه من اتهام، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه عرض للدفع المبدى من الطاعن بشأن انعدام مسئوليته استنادا إلى أن ما اقترفه من أفعال كان تنفيذا لأوامر رؤسائه وأطرحه في قوله "فإن هذا الدفع يستند إلى نص المادة 63 عقوبات، ولما كانت الشروط التي يستلزمها هذا النص لعدم تجريم أفعال المتهم تستلزم أن يعتقد أن أوامر رؤسائه الصادرة له واجبة النفاذ، أو أنه ينقذ ما أمرت به القوانين أو ينفذ فعلا يعتقد بمشروعيته، فتأسيسا على ذلك وعلى ضوء بشاعة الأفعال الصادرة من المتهمين قبل المجني عليه، فيبدو من الواضح عقلا ومنطقا أن أي من هذه الحالات لا تتوافر للمتهم سيما وأن البين من وقائع الدعوى أنه اقترف ما ارتكبه دون أن يحاول أن يتثبت من مشروعيته أو أن يتحرى عن سلامته، وبالتالي لا يمكن أن يستفيد المتهم من النص القانوني المتقدم، وتقضي المحكمة برفض هذا الدفع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلى الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله، ويشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به، كما أنه من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - يستفاد منه الرد على دفاع الطاعن من أنه كان مكرها على تنفيذ أوامر رؤسائه وإتيان الأفعال التي يؤثمها القانون، ويسوغ به إطراحه لدفعه بارتكاب الواقعة صدوعا لتلك الأوامر، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة القصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن تكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشاهد .......... في بيان واف يتلاءم مع ما أورده من أقوال باقي شهود الإثبات، والتي من شأنها في مجموعها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت للواقعة في حق الطاعن بعناصرها القانونية كافة، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم متى أطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم، أن تلتزم نصه وظاهره، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ولا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع - في أسباب طعنه - أن ما حصله الحكم من اعترافه بتحقيقات النيابة له أصله الثابت بالأوراق، ولم يحد عن نص ما أدلى به من أقوال بتلك التحقيقات، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ذلك الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
رابعاً: أسباب الطعن المقدمة من الطاعن السادس:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التزوير في محرر رسمي واستعماله مع العلم بتزويره، قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان أمر الإحالة استنادا إلى أنه سئل بتحقيقات النيابة العامة باعتباره شاهدا بعد حلف اليمين القانونية، ولم يوجه إليه اتهام بالتزوير، مما حال دون إبداء دفاعه بشأن ما أسند إليه من اتهام، وبرغم ذلك أثبت الحكم في مدوناته - على خلاف الثابت بالأوراق - أنه سئل بتحقيقات النيابة العامة وأنكر ما أسند إليه من اتهامات، وأغفلت المحكمة إثبات إطلاعها على التقرير الطبي موضوع جريمتي التزوير المسندة إليه، ولم تعرض ذلك المحرر على الطاعن والمدافع عنه للاطلاع عليه، وتمسك الطاعن في دفاعه بأنه لم يتعمد عدم إثبات الحروق النارية التي أصيب المجني عليه بها بالتقرير الطبي الذي قام بتحريره أو أن ذلك كان من قبيل النسيان كما جاء بأمر الإحالة وورد بأدلة الثبوت، وإنما ذكر بالتحقيقات ما مفاده أنه غم عليه الأمر فلم يتمكن من تحديد نوع الجروح التي أثبتها بتقريره عند الكشف الطبي الظاهري على المجني عليه، إذ أن تلك الجروح كانت مغطاة بمادة الميكروكروم ولم يكن لديه من الأجهزة العلمية التي تساعد في الكشف عن نوع الجروح، وقد قرر الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة أن الحروق هي نوع من الجروح، وأن ما خلص إليه الحكم في مدوناته من أن تعليل الطاعن بأنه سهى عليه إثبات الحروق، يخالف الثابت بأقواله في الأوراق، ولم يعن الحكم باستظهار القصد الجنائي لدى الطاعن، برغم أن دفاعه بتحقيقات النيابة بشأن عدم استطاعته تحديد ماهية الجروح التي وضعها بالتقرير الطبي، مفاده أن ما وقع منه لا يعدو أن يكون مجرد إهمال لا يتوافر به القصد الجنائي لجريمة التزوير في المحرر الرسمي، وهو ما لم يعرض له الحكم إيرادا وردا، كما أغفل الرد على دفاعه بشأن انتفاء جريمة التزوير بالترك، وأن ما أورده الحكم في أسبابه بشأن ارتكاب الطاعن لجريمتي التزوير في التقرير الطبي واستعماله، يتناقض مع استناده إلى ذلك التقرير في إدانة المتهمين الآخرين بشأن ما تضمنه من الإصابات التي وجدت بالمجني عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة سألت الطاعن عن التهمة المسندة إليه فأنكرها، ولم يطلب منها مناقشته في الاتهام المسند إليه والأدلة القائمة عليه، وهو إجراء وإن كان يحظر على المحكمة القيام به طبقا للفقرة الأولى من المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أنه يصح بناء على طلب المتهم نفسه يبديه بالجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على اعتبار الإحالة من مراحل التحقيق وأن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي، ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأنها أمامها، فإنه لا محل للقول بوجود ضرر يستدعي بطلان أمر الإحالة، وإلا ترتب على البطلان إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح الدفع ببطلان أمر الإحالة، يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا وجه للنعي عليه في هذا الخصوص، كما لا ينال من سلامة الحكم في هذا الشأن ما أثبته في مدوناته من أن الطاعن أنكر ما أسند إليه من اتهامات عند سؤاله بتحقيقات النيابة العامة، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ لا تأثير له على عقيدة المحكمة فيما اقتنعت به بشأن صحة الواقعة المسندة إلى الطاعن، والأدلة التي ساقتها على ثبوتها في حقه، لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن إغفال المحكمة الاطلاع على المحرر محل جريمة التزوير عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة، لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى اعتبارا بأن تلك الورقة هي الدليل الذي يكمل شواهد التزوير، ومن ثم فإن عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور المدافع عن الطاعن لإبداء رأيه فيها وليطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي دارت مرافعته عليها، إلا أنه لما كان الثابت من المفردات المضمومة أن التقرير الطبي المؤرخ ........ - مجموع جريمة التزوير - مرفق بالأوراق دون تحريز، وهو ما يتأدى منه أن ذلك التقرير كان معروضا على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون صحيحا. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت جريمة التزوير في المحرر الرسمي - التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه - وتوافر القصد الجنائي لدى الطاعن في قوله "وحيث إنه عما أسند للمتهم السادس، فإن الثابت من الاطلاع على ما سطره بتقرير الكشف الطبي على المجني عليه أنه أغفل تماما إثبات إصابات الحروق المتعددة والكثيرة التي أصيب بها، وهذه الإصابات التي أغفلها هي غالبية إصاباته، وهي إصابات جسيمة لأنها وليدة حروق من الدرجات الثلاث ومنتشرة بجميع أجزاء الجسم كاشفة عن بشاعة التعذيب الذي تعرض له المجني عليه، مصورة بصدق كم هذا التعذيب ومداه، ومن ثم فإن تعليل المتهم أنه سهى عليه إثباتها بالتقرير الطبي تعلل لا يتسم بالصدق، فلا يقبل السهو في عدم إثبات غالبية إصابات المصاب، وهي إصابات من نوع لا يخفى على الشخص العادي، وبالتالي لا يمكن أن يخفى على الطبيب الدارس، ومن هذه الأمارات والمظاهر الخارجية، فإن المحكمة تستدل من عدم إثبات المتهم لغالبية إصابات المجني عليه أنه توافر له قصد تزوير ذلك التقرير بإثبات إصابات المجني عليه على نحو غير الحقيقة أي إثبات وقائع مزورة به في صورة وقائع صحيحة، ولما كان القصد الجنائي هو أمر يضمره الجاني في سريرته، فإن المحكمة بحدسها القانوني وتقديرها للمظاهر الخارجية التي أحاطت بما ارتكبه المتهم تستشف منها أنه قد تعمد عدم إثبات الإصابات الكاملة للمجني عليه بالتقرير الرسمي، وتحرير هذا التقرير على نحو مزور واستعماله بعد ذلك، ما تطمئن معه لثبوت الاتهام المسند إليه في حقه، ودفاع محاميه بأن التقرير بالصورة التي حرر بها يضمن وصفا إجماليا يشمل كافة الإصابات على اعتبار أنها جميعا من قبيل الجروح، وهو محاولة للإفلات بالمتهم من العقاب لا وزن له في التقدير القانوني السليم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية، تتحقق معه جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها، متى كان المقصود به تغيير مضمون المحرر بحيث يخالف حقيقته النسبية وبدون أن يتحقق ضرر خاص يلحق شخصا بعينه من وقوعها، وأن هذا التغيير ينتج عنه حتما احتمال حصول ضرر بالمصلحة العامة، إذ يترتب على العبث بالورقة الرسمية مما لها من القيمة في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ بما فيه، كما أنه من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من أركان جريمة التزوير، مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية، متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة، وليس أمرا لازما التحدث صراحة واستقلالا في الحكم عن توافر هذا الركن مادام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وإيراده لأدلتها وفي مقام التدليل على ثبوت جريمة التزوير في المحرر الرسمي في حق الطاعن - على السياق المتقدم - كافيا في إثبات تزوير الطاعن للتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه وأنه تعمد عدم إثبات إصابات الأخير الناشئة عن الحروق النارية، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في المحرر الرسمي التي دانه بها، كما أفصح الحكم في هذا المقام عن عدم اطمئنان المحكمة لكافة الاعتبارات التي ساقها الطاعن في دفاعه بشأن عدم استطاعته تحديد الجروح النارية التي كان المجني عليه مصابا بها، ولا ينال من سلامة الحكم في هذا الخصوص ما يثيره الطاعن بشأن خطأ المحكمة في تأويل وتفسير العبارات أو الألفاظ التي بني عليها دفاعه بعدم توافر القصد الجنائي لديه، إذ أن ذلك الخطأ - بفرض حصوله - لا تأثير له على وجدان المحكمة وتكوين عقيدتها بشأن توافر القصد الجنائي في حق الطاعن، وبالتالي فلا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص بقالتي القصور في التسبيب والفساد في التدليل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم، هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما برئ منه الحكم، إذ أن تدليل الحكم على تزوير التقرير الطبي الذي حرره الطاعن لعدم إثباته الجروح النارية التي أصيب بها المجني عليه، لا يتعارض مع أخذ الحكم بذلك التقرير في خصوص ما ورد به من إصابات حدثت بالمجني عليه عند توقيع الكشف الطبي الظاهري عليه، باعتبار أن ذلك التقرير كان من بين عناصر الدعوى المطروحة على المحكمة، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن بدعوى التناقض في التسبيب لا يكون له محل. لما كان ما تقدم. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد