قد يتفق المتعاقدان عند التعاقد على عربون يدفعه المشترى للبائع فإذا امتنع المشتري عن إبرام البيع النهائي في الميعاد المحدد، خسر العربون الذي دفعه للبائع، وسقط البيع الابتدائي، وإذا كان الذي امتنع عن إبرام البيع النهائي هو البائع، ترتب على امتناعه نفس الجزاء المتقدم، فيسقط البيع الابتدائي، ويخسر البائع قيمة العربون بأن يرد للمشتري العربون الذي أخذه منه ومعه مثله. وقد ورد نص في التعاقد بالعربون بوجه عام، فقد نصت المادة 103 من التقنين المدني على أنه : "دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك، فإذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه رد ضعفه، وهذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر" فتبين من نص هذه المادة أن المشروع قد خول من قام بدفع هذا المبلغ حق العدول عن التعاقد مقابل احتفاظ المتعاقد الآخر بهذا المبلغ الذي تسلمه، بدون حاجة إلى إعذار، ويجوز في هذه الحالة للمتعاقد الآخر العدول عن التعاقد على أن يرد ما قبضه ومثله وهذا هو الأصل، وقد يتفق الطرفان على أن لكل منهما حق العدول إذا كان العدول من جانب من دفع المبلغ سقط حقه فيه، أما إن كان العدول من جانب من تسلم المبلغ التزم برده ومثله للمتعاقد الآخر وقد يشترط أن حق العدول لمن دفع المبلغ وحده دون المتعاقد الآخر وفي هذه الحالة الأخيرة يكون لمن دفع أن يجبر من قبض على التنفيذ العيني إن كان ممكناً دون تدخله وليس له أن يتحلل من التزامه بدفع المبلغ الذي قبضه ومثله للمتعاقد الآخر إذ أن ذلك قاصر على من له حق العدول وقد تضمن العقد إسقاطه عنه، وهو شرط جائز، أما إن كان التنفيذ العيني غير ممكن بدون تدخل المدين، كما في بيع الأشياء التي سوف تصنع، فإن للطرف الآخر أن يطلب الفسخ مع التعويض وفقاً للقواعد العامة، وقد يجاوز التعويض المبلغ المدفوع، ففي هذه الحالات يكون المبلغ سالف الذكر بمثابة عربون مقابل حق العدول عن التعاقد . (أنور طلبه ص 58)
وقد قضت محكمة النقض بأن "النص في الفقرة الأولى من المادة 103 من القانون المدني على أن دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك يدل – وعلى ما جرى قضاء محكمة النقض – على أنه وإن كان لدفع العربون دلالة العدول إلا أن شروط التعاقد قد تقضي بغير ذلك، والمرجع في بيان هذه الدلالة هو بما تستقر عليه نية المتعاقدين من ظروف الدعوى ووقائعها لتبين ما إذا كان المبلغ المدفوع هو بعض الثمن الذي انعقد به البيع باتاً أم أنه عربون في بيع مصحوب بخيار العدول إذ أن ذلك يدخل في سلطتها التقديرية التي لا تخضع فيها لرقابة محكمة النقض طالما أن قضاءها يقوم على أسباب سائغة" (الطعن 618 لسنة 70 ق جلسة 4/1/2001،الطعن 72 لسنة 55 ق جلسة 11/5/1988،الطعن 1637 لسنة 53 ق جلسة 31/3/1987،الطعن 816 لسنة 46 ق س 31 ص 1992 جلسة 2/12/1980) وبأنه "مطالبة المشترى برد ضعف العربون الوارد في الاتفاق لتخلف البائع عن تنفيذ صفقة البيع المتفق عليها، تكون بطريق الدعوى العادية، وليس عن طريق أمر الأداء لأن المطالبة به ليس ثابتا كله في الاتفاق" (مجموعة أحكام النقض السنة 26 ص 1593 جلسة 9/12/1975)
 
ولكن إذا كان المتعاقدان قد قصدا من دفع العربون تأكيد التعاقد لم يجزي لأي منهما الرجوع في البيع ، واعتبر العربون المدفوع جزءاً من الثمن وجاز لأي من الطرفين إلزام الطرف الآخر بإبرام البيع النهائي :
وقد قضت محكمة النقض بأن "اتجاه نية المتعاقدين إلى الأخذ بقرينة المادة 103 من القانون المدني بأن دفع العربون لتأكيد حق كل منهما في العدول عن الصفقة، فيستطيع العدول المشترى العدول فيخسر العربون الذي دفعه للبائع نظير هذا العدول، وكذلك يستطيع البائع أن يرجع عن البيع، ويكون الجزاء في هذه الحالة هو رد ضعف العربون الذي قبضه، وذلك بغض النظر عن الضرر الذي يكون قد أصاب الطرف الآخر من جراء هذا العدول إعمالاً لصريح نص الفقرة الثانية من المادة 103 سالفة الذكر أما إذا تبين أن العربون كان للبت والتأكيد على تمام العقد فلا يجوز لأي من الطرفين العدول عن البيع، ويعتبر العربون المدفوع جزءاً من الثمن، وجاز لأي من الطرفين إلزام الطرف الآخر بتنفيذ العقد ويجري على العقد القواعد العامة من جواز المطالبة بالتنفيذ العيني أو بالتعويض أو بالفسخ مع التعويض إذا كان له وجه" (الطعن 618 لسنة 70 ق جلسة 4/1/2001،الطعن 1637 لسنة 53 جلسة 31/3/1987، جلسة الطعن 816 لسنة 46 ق س 31 ص 1992 جلسة 2/12/1980) .

التميز بين العربون والشرط الجزائي :
ويختلف العربون عن الشرط الجزائي، فالأول وسيلة لإثبات خيار العدول بينما الثاني جزاء عن عدم التنفيذ أو للتأخير فيه، ويستحق العربون ولو لم يترتب أي ضرر بسبب الرجوع بينما الشرط الجزائي تعويض اتفاقي أساسه الضرر فيخضع لتقدير القاضي فله أن يقضى به أو يخفضه أو يلغيه إن انتفى الضرر . (أنور طلبه ص 58)
وقد قضت محكمة النقض بأن "العربون هو ما يقدمه أحد العاقدين إلى الآخر عند إنشاء العقد، وقد يريد العاقدان بالاتفاق عليه أن يجعلا عقدهما مبرماً بينهما على وجه نهائي وقد يريدان أن يجعلا لكل منهما الحق في إمضاء العقد أو نقضه ونية العاقدين هي وحدها التي يجب التعويل عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني" (طعن 6 س 36 ق جلسة 30/4/1970) ، وبأنه "لمحكمة الموضوع أن تستظهر نية المتعاقدين من ظروف الدعوى ووقائعها من نصوص العقد لتتبين ما إذا كان المبلغ المدفوع هو بعض الثمن الذي انعقد به البيع باتاً أم أنه عربون في بيع مصحوب بخيار العدول إذ أن ذلك مما يدخل في سلطتها الموضوعية متى كان ذلك مقاماً على أسباب سائغة" (طعن 307 س 22 ق جلسة 22/3/1956) ، وبأنه "متى نص في عقد البيع صراحة على أن المشترى دفع عربوناً وحدد مقداره والحالة التي تبيح للمشترى استرداده، وتلك التي تبيح للبائع الاحتفاظ به كما حدد في العقد موعد الوفاء بباقي الثمن وشرط استحقاقه فإن تكييف محكمة الموضوع لهذا العقد بأنه بيع بالعربون يحوى خيار العدول هو تكييف سليم، ولا يعيب الحكم عدم تعرضه للعبارة التي ختم بها العقد من أنه "عقد بيع نافذ المفعول" ما دامت هذه العبارة لا تعني أكثر من نفاذ العقد بشروطه ومن بينها أن حق المشترى في العدول عن العقد لا يسقط إلا عند تمام الواقعة التي حددها الطرفان لانتهاء خيار العدول" (طعن 327 س 22 ق جلسة 5/4/1956) ، وبأن "العربون هو ما يقدمه أحد العاقدين إلى الآخر عند إنشاء العقد، وقد يريد العاقدان بالاتفاق عليه أن يجعلا عقدهما مبرماً بينهما على وجه نهائي وقد يريدان أن يجعلا لكل منهما الحق في إمضاء العقد أو نقضه ونية العاقدين هي وحدها التي يجب التعويل عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني. وعلى ذلك فإذا استخلص الحكم من نصوص العقد أن نية عاقديه انعقدت على تمامه، وأن المبلغ الذي وصف فيه بأن عربون ما هو في الواقع إلا قيمة التعويض الذي اتفقا على استحقاقه عند الفسخ المسبب عن تقصير أحد المتعاقدين في الوفاء بما التزم به، وكان ما استظهرته محكمة الموضوع من نية المتعاقدين على هذا النحو تفسيراً للعقد تحتمله عباراته، فذلك يدخل في سلطتها التقديرية التي لا تخضع فيها لرقابة محكمة النقض" (طعن 62 س 15 ق جلسة 21/3/1946) ، وبأنه "إذا كانت المحكمة قد انتهت من حكمها إلى القول بأن المتعاقدين قد قصدا بالعقد العرفي المحرر بينهما أن يكون البيع باتاً خالياً من خيار الفسخ، مستخلصة ذلك مما لاحظته من أن العقد خلواً من ذكر عربون، ومما هو ثابت به من أن كل ما دفعه المشترى، سواء أكان للبائع أم لدائنيه المسجلين على العقار المبيع، إنما هو من الثمن المتفق عليه لا مجرد عربون يضيع عند اختيار الفسخ، ومن أن المتعاقدين أكدا نيتهما هذه بتصرفاتهما التالية للعقد بما جاء في الإقرار الصادر من البائع من قوله "حيث أني بعت... ولم يوقع على العقد النهائي في ... فأقرر بهذا نفاذ هذا البيع نهائياً بين الطرفين مع استعدادي للتوقيع النهائي بالبيع أمام أية جهة قضائية، ...الخ"، فإن ما استخلصته من ذلك تسوغه المقدمات التي بني عليها الحكم، ولا يتجافى مع ما جاء في ذلك العقد من أنه إذا عدل أحد الطرفين عن إتمام العقد وتنفيذه كان ملزماً بدفع مبلغ كذا وبدون تنبيه ولا إنذار" (طعن 88 س 13 ق جلسة 20/4/1944) وبأنه "استظهار نية العاقدين من ظروف الدعوى ووقائعها مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع، ولا رقابة لمحكمة النقض عليه فيه. فله ان يستخلص من نص عقد البيع ومن ظروف الدعوى وأحوالها أن العاقدين قصدا به أن يكون البيع بيعاً تاماً منجزاً بشرط جزائي، ولم يقصدا أن يكون بيعاً بعربون أو بيعاً معلقاً على شرط فاسخ" (طعن 53،48 س 2 ق جلسة 5/1/1933) ، وبأنه "إذا كانت المحكمة لم تبين في أسباب حكمها في خصوص المبلغ المدفوع للبائع بموجب عقد البيع إن كان عربوناً فينقده المشترى كفدية يتحلل بها عند نكوله عن إتمام ما اتفق عليه مع البائع أم كان جزءاً من الثمن لا يحكم به للبائع كتعويض إلا متى ثبت خطأ المشترى وحاق ضرر بالبائع، بل قررت أن المشترى قد فقد المبلغ الذي دفعه نتيجة تقصيره في إتمام العقد سواء اعتبر المبلغ المدفوع عربوناً أم جزءاً من الثمن دون أن تمحص دفاع المشترى ومؤداه أن عدوله عن إتمام الصفقة كان بسبب عيب خفي في المنزل المبيع سلم به البائع وبسببه اتفق وإياه على التفاسخ وعرض المنزل على المشترى آخر، وكان هذا الدفاع جوهرياً يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه كان لزاماً على المحكمة أن تتعرض له وتفصل فيه وتبين ما إذا كان المبلغ المدفوع هو المشترى هو في حقيقته عربون أو جزء من الثمن لاختلاف الحكم في الحالتين وإذ هي لم تفعل يكن حكمها قد شابه قصور يبطله ويستوجب نقضه" (طعن 421 س 21 ق جلسة 12/2/1953) ، وبأنه "إذا طالب المدعى المدعى عليه بتعويض عن صفقة من الجنيهات الذهب يقول أنه عقدها معه ثم نكل المدعى عليه عن إتمامها مع دفعه عربوناً فيها، فرد المدعى عليه بأنه بفرض عقد هذه الصفقة بالشروط التي ادعاها المدعى فإنه دفع العربون منه يفيد خيار نقض البيع من جانبه فلا يلزم عند نكوله بأكثر من العربون الذي دفعه وقدم شهادة من بعض تجار الذهب تؤيد هذا الدفاع، فرد الحكم على قوله هذا بأنه غير صحيح لأن التعامل في الذهب كالتعامل بالعقود في القطن لا يعتبر العربون المدفوع فيه كالعربون في بيع الأشياء المعينة بل هو مبلغ يدفع سلفاً من أحد الفريقين لتغطية الحساب عند تقلب الأسعار، وذلك دون أن يبين سنده في هذا التقرير فإنه يكون حكماً قاصراً قصوراً يستوجب نقضه" (طعن 128 س 19 ق جلسة 27/12/1951) ، وبأنه " النص في المادة 103 من التقنين المدني على أن "دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك" يدل على قيلم قرينة قانونية – قابلة لإثبات العكس – تقضى بأن الأصل في دفع العربون أن تكون له دلالة جواز العدول عن البيع، إلا إذا اتفق الطرفان صراحة أو ضمناً على أن دفع العربون معناه البت والتأكيد والبدء في تنفيذ العقد" (طعن 816 س 46 ق جلسة 2/12/1980) ، وبأنه "إذا كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن العقد موضوع الدعوى هو بيع بالعربون فإنه لا يقبل التحدي بهذا الدفاع الأول مرة أمام محكمة النقض" (طعن 663 س 44 ق جلسة 18/4/1978) ، وبأن "نص الفقرة الأولى مكن المادة 103 من القانون المدني على أنه "دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه إلا إذا قضي الاتفاق بغير ذلك" يدل على أنه وإن كان لدفع العربون دلالة العدول، إلا أن شروط التعاقد قد تقضي بغير ذلك والمرجع في بيان هذه الدلالة هو بما تستقر عليه نية المتعاقدين وإعطاء العربون حكمه القانوني، وإذا كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نص البندين ...،.... من عقد البيع – وقد جاء صريحا في أن ما دفعه المشتريان هو "عربون" – والذي ينص أولهما على موعد محدد للتوقيع على العقد النهائي ويتضمن الثاني الشرط الفاسخ الصريح انتهى إلى نية المتعاقدين استقرت على أن يكون العقد باتاً – وهو استخلاص موضوعي سائغ – ثم رتب الحكم على ذلك رفض دفاع الطاعنين البائعين بأن لهما الحق في خيار العدول فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيق" (طعن 5 س 39 ق،طعن 286 س 38 ق جلسة 23/2/1975) ، وبأنه "تشترط المادة 851 من قانون المرافعات السابق معدله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 والتي رفعت الدعوى وقت سريانها لسلوك طريق استصدار أمر الأداء، أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة ومعين المقدار وحال الأداء، ومقتضى ذلك أن هذا الطريق لا يتبع إلا إذا كان كل مطلوب الدائن هو دين تتوافر فيه شروط استصدار الأمر أما إذا كان بعض ما يطالب به مما لا تتوافر فيه هذه الشروط فإن سبيله في المطالبة يكون هو الطريق العادي لرفع الدعاوى، ولا يجوز له في هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق استصدر أمر أداء، لأنه استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه. ولما كان الثابت أن مورث المطعون عليهم التسعة الأول قد أقام دعواه للمطالبة بمبلغ 1100 جنية تأسيساً على أن المطعون عليه العاشر ومورث الطاعنين لم ينفذا صفقة البيع المتفق عليها" ، وبأن "من حق المطالبة بضعف العربون الوارد في الاتفاق المبرم بينه وبينهما، فإن ما يطالب به لا يكون كله ثابتاً في هذه الورقة ولا تكون المطالبة به إلا بطريق الدعوى العادية وإذ رفع دعواه بالطريق العادي فإنها تكون قد رفعت بالطريق لقانوني" (طعن 674 س 40 ق جلسة 9/12/1975) وبأنه "مقتضى نص المادة 103 من القانون المدني، أن دفع العربون وقت إبرام العقد، يدل على جواز العدول عن البيع، إلا إذا اتفق الطرفان صراحة أو ضمناً على أن دفع العربون قصد به تأكيد العقد، فيعتبر المدفوع تنفيذاً له وجزءاً من الثمن" (طعن 556 س 35 ق جلسة 26/2/1970)