مقدمة
بارتكاب
الفرد للجريمة يكون قد زعزع مركزه القانوني ووضع كل حقوقه في ميزان الخطر، وأعطى
للدولة ما تتذرّع به اتجاهه للمساس بحريته، واتخاذ إجراءات ضده بداية من إجراءات
الاستدلال والتحقيق والمحاكمة للوصول في النهاية إلى صدور حكم في الدعوى، هذا
الأخير الذي يعد عنوانا للحقيقة لتأكيده للواقعة المرتكبة وإسنادها إلى مرتكبها،
وتقرير جزاء له، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه إلى تجسيد وتحقيق منطوقه
على أرض الواقع بأن ينال المدان جزاءه وبذلك يقتص المجتمع حقه في العقاب وهذا ما
يعرف بالتنفيذ العقابي (1) .
ولا شك أن تنفيذ الأحكام الجزائية – والمدنية على حد سواء – يشكل أسمى صور العدالة، إذ لا يجب أن ننظر إليه بأنه انتقام شرعي
ضد شخص معين، وإنما باعتباره حسب ما أقرته المادة الأولى من قانون تنظيم السجون
وإعادة تربية المساجين من أنه وسيلة للدفاع الاجتماعي، وهو يصون النظام العام
ومصالح الدولة، ويحقق أمن الأشخاص وأموالهم، ويساعد الأفراد الجانحين على إعادة تربيتهم
وتكييفهم بقصد إعادة إدراجهم في بيئتهم العائلية والمهنية والإجتماعية، هذا من جهة
ومن جهة أخرى، يعكس تنفيذ الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية مدى قوة الدولة
ووجودها وبسط سيادتها باعتبارها تصدر باسم الشعب(2)، فمن زاوية مدى إمكانية تنفيذ الأحكام القضائية،
نستطيع الحكم ما إن كانت دولة ما دولة قانون، تتمتع بنظام قضائي قوي، يضمن لكل ذي
حق حقه ونيل كل مدان جزاءه ليس فقط بمجرد الحكم به وإنما بالتمكين بما قضى به من
الناحية الفعلية والواقعية.
ولخطورة هذه المرحلة نظرا لمساسها بحريات
الأفراد المضمونة دستوريا أخضعها المشرع إلى مجموعة من الإجراءات والقواعد، وأوجب
الحرص كل الحرص على احترامها ومن جهة أخرى خول سلطة التنفيذ إلى هيئة قضائية مختصة
دون غيرها ولم يتركها للأفراد، إذ لا يجوز للمحكوم عليه تنفيذ العقوبة بإرادته
واختياره لأن الحكم الصادر بإدانته لا يخاطبه هو، وإنما ينصرف الأمر الذي ينطوي
عليه إلى الأجهزة المنوط بها اقتضاء حق الدولة في العقاب، وهذا ما يميز التنفيذ
العقابي عن تنفيذ الحكم الصادر عن القضاء المدني الذي لا يستلزم تمامه القوة
الجبرية إلا بعد استنفاذ وسائل التنفيذ الاختياري.
وبالرغم من صدور الحكم وصيرورته واجب
التنفيذ باستنفاذه طرق الطعن أو كان كذلك، إلا أنه قد يعترض تنفيذه عوائق تحول دون
التمكن من تحقيق الهدف المبتغى منه، منها ما يتعلق بالعقوبة الواردة في الحكم
القاضي بالإدانـة ذاتها كسقوطها بالتقـادم، أو انقضائها بالعفو، أو استغراقهـا بما
(1)عبد الحميد الشواربي: التنفيذ
الجنائي في ضوء القضاء والفقه، منشأة المعارف الإسكندرية ص3.
(2)المادة 141 من دستور 1996.
يعرف
بجب العقوبات. ومنها ما يتعلق بالمحكوم عليه كوفاته بعد صيرورة الحكم واجب
التنفيذ، أو إصابته بمرض أو جنون
يفقده الأهلية لأن يكون صالحا للتنفيذ، أو ينازع في أنه غير المحكوم عليه، ومتى
قامت إحدى هذه العوائق، وجب على الهيئة المكلفة بالتنفيذ أن تشل يدها عن التنفيذ
إن كان هذا العائق منهيا له، أو أنها تؤجل التنفيذ مؤقتا، ويكون هذا من تلقاء
نفسها أو بطلب من المحكوم عليه الذي قد ينازع في التنفيذ، غير أنه قد يحدث أن تنكر
النيابة الادعاءات التي يبديها المحكوم عليه، وتواصل التنفيذ رافضة بذلك طلبه
فتنشأ منازعة بينهما، ولضمان درء ما قد يلحق بالمحكوم عليه حال التنفيذ عليه من
ضرر سنّ المشرع مادة إشكالات التنفيذ أو ما سماه في المادة التاسعة من قانون تنظيم
السجون بالنزاعات العارضة، فلو صحت لأثرت سلبا أو إيجابا إذ يترتب عن الحكم في
النزاع أن يكون التنفيذ جائزا أو غير جائز يمكن الاستمرار فيه أو يجب وقفه.
وبناء على ما سبق تتجلى أهمية الموضوع من
ناحيتين:
-الناحية النظرية: وتتمثل
في ضرورة احترام الهيئة المكلفة بالتنفيذ إجراءات التنفيذ انطلاقا من تبليغ
الأحكام الجزائية لصيرورتها قابلة للتنفيذ، والإجراءات المتعلقة بكيفية تنفيذ
العقوبات المحكوم بها.
-الناحية
العملية: وتتمثل في كيفية إعمال وتطبيق القواعد التي يتضمنها قانون
الإجراءات الجزائية وقانون تنظيم السجون، والتي تمثل قيودا وضعت اتجاه السلطة
المنوط بها التنفيذ لتلزم حدودها عند القيام بوظيفتها المخولة لها، وفي نفس الوقت
تمثل الضمانات التي تتطلبها حرية الإنسان عند خضوعه للعقوبة احتراما لمبدأ شرعية
التنفيذ العقابي.
وأهمية الموضوع هاته هي التي دفعتنا إلى
البحث فيه، وخاصة وأن المشرع الجزائري لم ينظم مسألة تنفيذ الأحكام الجزائية من
الناحية الإجرائية بشكل دقيق وواضح، كونه وزعها على قانون تنظيم السجون وإعادة
تربية المساجين، وقانون الإجراءات الجزائية، وهذا الأخير تناولها في مواد مبعثرة
ومتفرقة وأكثر من ذلك قليلة لم تلم بالموضوع بما فيه الكفاية، وهو الأمر الذي أدى
إلى بروز مشاكل عديدة في الميدان العملي عند محاولة وضع القواعد القانونية قيد
التطبيق وهذا لانعدام الانسجام بين النصوص القانونية، وكذا سكوت المشرع وعدم
التطرق لبعض المسائل التي تثار عند التنفيذ، وهذا ما جعلنا نطرح التساؤلات
التالية:
-ما هي
الإجراءات الواجب اتباعها من طرف الهيئة القائمة بالتنفيذ من صدور الحكم القاضي
بالإدانة إلى غاية بداية التنفيذ الفعلي للعقوبة المحكوم بها؟
-ما هي العوائق التي
يمكن أن تحول دون تنفيذ الأحكام الجزائية رغم صيرورتها قابلة للتنفيذ ؟ وما هي
الضمانات الممنوحة للمحكوم عليه أو للغير لدرء تنفيذ غير قانوني ؟
ولمعالجة الموضوع على ضوء الأسئلة
المطروحة ستقتصر دراستنا على تنفيذ الأحكام الجزائية من الناحية الإجرائية والتي
تختص بها النيابة العامة، دون الخوض في التنفيذ المادي أو ما يعرف بتطبيق الأحكام
الجزائية الذي هو من صميم صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات، ولا في نظام إدارة
المؤسسات العقابية وإخضاع المحكوم عليه لنوع من المعاملة العقابية. وسنتّبع في ذلك أسلوب المنهج التحليلي الذي يقوم على
أساس دراسة النصوص القانونية التي تحكم إجراءات وقواعد التنفيذ وعوائقه والآراء
الفقهية التي قيلت، والأحكام القضائية التي صدرت في هذا المجال وذلك من أجل بيان
أوجه القصور التي يجب تداركها واقتراح القواعد التي تكفل التنفيـذ الأمثــل
القانوني وبناء عليه ستكون دراستنا وفقا
للخطة المبينة على النحو التالي:
-الفصل الأول: إجراءات
تنفيذ الأحكام الجزائية.
المبحث الأول: القواعد العامة لتنفيذ الأحكام الجزائية.
المطلب-1-: الأحكام الجزائية الواجبة التنفيذ.
المطلب-2-: الهيئة المكلفة بالتنفيذ.
المطلب-3-: مقدمات التنفيذ.
المبحث الثاني: القواعد الخاصة لتنفيذ الأحكام الجزائية.
المطلب-1-: تنفيذ العقوبات الأصلية.
المطلب-2-: تنفيذ العقوبات التبعية.
المطلب-3-: تنفيذ العقوبات التكميلية.
-الفصل الثاني: عوائق
تنفيذ الأحكام الجزائية والفصل فيها.
المبحث الأول: عوائق تنفيذ الأحكام الجزائية.
المطلب-1-: عوائق متعلقة بالعقوبة.
المطلب-2-: عوائق متعلقة بالمحكوم عليه.
المبحث الثاني: الفصل في عوائق التنفيذ.
المطلب-1-: رفع النزاع أمام القضاء.
المطلب-2-: أثر رفع النزاع والحكم فيه.
الخاتمة.
الفصل الأول :إجراءات تنفيذ الأحكام
الجزائية
الأحكام
الجزائية هي الأحكام الفاصلة في الدعوى العمومية التي حركتها النيابة العامة،
والتي بموجبها توقع الجهات القضائية العقوبات المقررة قانونا للجرائم المرتكبة، إذ
لا عقوبة بدون حكم بالإدانة، وبذلك تؤصل إلزامية القاعدة القانونية. وينصرف
مفهومها إلى الأحكام التي تصدر عن المحكمة درجة أولى، أو عن محكمة الجنايات، وإلى
القرارات الجزائية التي تصدر عن الغرفة الجزائية (الجنح، المخالفات، الأحداث)
بالمجلس القضائي كدرجة استئناف.
والأحكام الجزائية تبقى مجرد حبر على ورق
لا طائل يرجى منها إذا لم تجسد على أرض الواقع عن طريق تنفيذها من جهة وتنفيذ
العقوبات التي تتضمنها من جهة أخرى، وهذا ما يدعم سلطة القانون و يضفي الفعالية
المتوخاة من القانون الجزائي ويؤكد مصداقية العدالة لدى المتقاضين، وعليه إرتأينا
تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في الأول القواعد العامة لتنفيذ الأحكام
الجزائية من خلال تبيان الأحكام الجزائية الواجبة التنفيذ والهيئة المكلفة بذلك
ومختلف الإجراءات التي تقوم بها مصلحة تنفيذ العقوبات تحت إشراف النيابة العامة
لوضع الأحكام الجزائية قيد التنفيذ، ونخصص المبحث الثاني للقواعد الخاصة
والإجراءات التي وضعها المشرع لتنفيذ العقوبات بمختلف أنواعها من عقوبات أصلية
وعقوبات تبعية وعقوبات تكميلية.
المبحث الأول: القواعد العامة لتنفيذ
الأحكام الجزائية
نتناول في هذا المبحث الأحكام الجزائية التي تكون سندا للتنفيذ مبينين
أنواعها ومتى تكون واجبة التنفيذ في مطلب أول، ثم الهيئة المكلفة بالتنفيذ في مطلب
ثاني، وأخيرا مقدمات التنفيذ في مطلب ثالث.
المطلب الأول: الأحكام الجزائية الواجبة
التنفيذ
تختلف الأحكام الجزائية الصادرة عن الجهات
القضائية سواء كانت المحكمة بمختلف أقسامها (المخالفات، الجنح، الأحداث) أو المجلس
القضائي (الغرفة الجزائية، غرفة الأحداث، محكمة الجنايات) من حيث صدورها بالنسبة
للمتهم (حضورية، غيابية، حضورية اعتبارية) ومدى قابليتها للطعن بالمعارضة. وكذا
تختلف من حيث كونها فاصلة في الموضوع أو سابقة على ذلك، ومن حيث قابليتها للطعن
فيها (ابتدائية، نهائية، وباته). ولمعرفة الأحكام الواجبة التنفيذ كان لزاما علينا
التطرق أولا إلى هذه الأنواع المختلفة
الفرع الأول: أنواع الأحكام الجزائية
أولا: من حيث حضور المتهم وغيابه:
تنقسم إلى أحكام حضورية وغيابية،
وحضورية اعتبارية كذا الأحكام الغيابية بالتكرار(1)
*فالحكم
الحضوري: هو الحكم الذي يكون فيه المتهم ماثلا بشخصه أمام القاضي عند النطق
بالحكم الجزائي، سواء في نفس جلسة المحاكمة أو بعد المداولة، وفي حالة تخلف المتهم
ساعة النطق بالحكم رغم حضوره جلسة المرافعات وتم استجوابه، فيصدرالحكم حضوري غير
وجاهي، وهو ما يستشف من استقراء المادة 355/3
من قانون الإجراءات الجزائية.
*الحكم الحضوري اعتباري: اعتبر القانون بعض الأحكام التي تصدر- في الحقيقة
والواقع- في غيبة المتهم أحكاما حضورية بهدف درأ التسويف في نظر الدعوى، والتقليل
من مساوئ المعارضة. فكأن هذه الأحكام مبناها حيلة قانونية مصدرها مخالفة القانون
للواقع (2) وتكون كذلك في الأحوال التالية:
-إذا تخلف
المتهم عن حضور جلسة المحاكمة دون عذر مقبول رغم تبليغه بالتكليف بالحضور شخصيا
(المادة 345 ق.إ.ج) (3).
(1)ع.حاجي:
محاضرة حول تبليغ الأحكام والقرارات الجزائية: الإيام الدراسية حول تنفيذ العقوبات
من 28 إلى30 جويلية 2002، 418 ق.ا.ج
(2)د.جلال ثروت: نظم الإجراءات الجزائية، دار الجامعة الجديدة للنشر
1997 ص 595.
(3)قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 13 فبراير 1990 في الطعن رقم 61392 غرفة
الجنح والمخالفات المجلة القضائية العدد 3 لسنة 1992 ص 227.
-إذا ما كان المتهم
في إحدى الحالات التي أوردتها المادة 347 ق.إ.ج ورغم أن الحكم يصدر حضوريا حسب نص
المادة إلا أنه وجب تبليغه طبقا لنص المادة 418/2 ق.إ.ج.
-إذا حضر
وكيل عنه في الأحوال التي يجيزها القانون(1).
-في الأحوال
المنصوص عليها في المادة 350 ق.إ.ج.
*الحكم
الغيابي: هو الحكم الذي يصدر في غيبة المتهم وتبين أنه لا يوجد بالملف ما يفيد
ويثبت أن المتهم قد توصل بالتكليف بالحضور أو علم بذلك.
وتتجلى أهمية التفرقة بين الحكم الحضوري
والحكم الغيابي من حيث قبوله الطعن فيه بالمعارضة، إذ الحكم الغيابي قابل للطعن
بالمعارضة خلال 10 أيام من تاريخ التبليغ في حين الحكم الحضوري قابل للطعن فيه
بالإستئناف دون المعارضة. أما التفرقة بين الحكم الحضوري والحكم حضوري اعتباري أو
غير وجاهي فتظهر أهميتها في كون الأخير تسري مواعيد استئنافه من تاريخ تبليغه
للمحكوم عليه بإحدى الطرق المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 418 ق.إ.ج بخلاف
الحكم الحضوري الذي تسري مواعيده من يوم النطق به.
ثانيا: الأحكام الفاصلة في الموضوع والسابقة على الفصل
فيه:
الأحكام الفاصلة في الموضوع هي التي تقضي
في التهمة المنسوبة إلى المتهم بالإدانة سواء كان بالحبس أو الغرامة أو كلاهما
معا، مع وقف التنفيذ أو نافذة، بعقوبة الإعدام أو السجن أو الحبس، أو بالبراءة،
وكذا الأحكام التي تقضي بانقضاء الدعوى العمومية (2)، والحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن
والذي يكون في حالة عدم حضور المتهم الجلسة التي تنظر فيها معارضته التي سجلها بعد
تبليغه بحكم غيابي صادر ضده (413/3 ق.إ.ج).
أما الأحكام السابقة على الفصل في الموضوع
فلا تفصل في موضوع التهمة المنسوبة للمتهم سواء كانت قد أنهت الخصومة كالحكم بعدم
الاختصاص أو لم تنهها، وفي هذه الحالة
يميز الفقه بين أربعة أنواع من الأحكام:
-الحكم
التحضيري: الذي يهدف إلى اتخاذ
إجراء لازم لتحضير نظر الدعوى دون أن يشف عن اتجاه رأي المحكمة، ودون أن تولد أية
حقوق لأحد أطرافه، ولا تتقيد به المحكمة فلها العدول عنه إذا رأت مقتض لذلك، ومن أمثلته الحكم بإجراء تحقيق تكميلي(3).
(1)المادة
348 ق.إ.ج تجيز مثول المتهم بواسطة محاميه إذا كانت المرافعة لا تنصب إلا على الحقوق
المدنية فيكون هنا الحكم حضوري اعتباري بالنسبة للمتهم.
(2)المادة
6 ق.إ.ج تنص" تنقضي الدعوى العمومية الرامية إلى تطبيق العقوبة بوفاة المتهم،
وبالتقادم، والعفو الشامل وبإلغاء قانون العقوبات، وبصدور حكم حائز لقوة الشيء
المقضي.
(3) المادة 356 من قانون 01-08
المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل لـ قانون الإجراءات الجزائية.
-الحكم الوقتي: هو الذي يفصل في طلب وقتي ويكون الغرض منه الأمر بإجراء تحفظي أو تحديد
مركز الخصوم بالنسبة لموضوع النزاع تحديدا مؤقتا إلى أن يتم الفصل في الخصومة بحكم
يصدر في موضوعها (1) ومثاله الحكم بالإفراج المؤقت عن المتهم المحبوس رهن الحبس المؤقت.
-الحكم
التمهيدي: الذي يصدر باتخاذ إجراءات معينة يتوقف عليها مباشرة الحكم في
الموضوع، ويشف عن اتجاه رأي المحكمة في الموضوع كالحكم بانتداب طبيب شرعي لتحديد
سبب الوفاة ومقارنته بما اعترف به المتهم.
-الحكم
القطعي: يفصل في موضوع مسألة أولية ومن أمثلته الحكم بعدم الإختصاص.
ثالثا: الأحكام الإبتدائية والنهائية والباتة:
الحكم الإبتدائي هو الحكم الصادر من محكمة
أول درجة سواء كان من قسم الجنح
أو المخالفات أو الأحداث وتكون قابلة للطعن فيها بالإستئناف، أما الحكم
النهائي فيصدر من جهة الإستئناف الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي أو الحكم الصادر
من محكمة الجنايات، وقد يكون حكما صادرا من الدرجة الأولى واكتسب صفة النهائية
لفوات مواعيد الطعن العادية وعدم ممارستها أو أنه صدر من الدرجة الأولى قسم
المخالفات في حدود ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 416 ق.إ.ج وهذا النوع من
الأحكام يجوز حجية الشيء المقضي فيه.إذا كان فاصلا في الموضوع كما سبق وأن ذكرناه،
بحيث لا يجوز متابعة المحكوم عليه مرة أخرى على نفس الوقائع المحكوم بها عليه،
والحكم البات هو الحكم الذي استنفذ طرق الطعن العادية وغير العادية إما بممارستها
أو فوات أجلها فلا يجوز فقط حجية الشيء المقضي فيه وإنما قوة الشيء المقضي فيه.
الفرع الثاني :
التنفيذ لا يكون إلا عندما يصبح الحكم باتا
تنص المادة 8
من الأمر 72-02 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة تربية المساجين على أنه " لا
تنفذ الأحكام الجزائية ما لم تكتسب الدرجة النهائية …" بمعنى أن المشرع حصر الأحكام الجزائية الواجبة التنفيذ في الأحكام النهائية
فقط، غير أن الحكم النهائي غير كاف ليكون قابلا للتنفيذ، لأن الحكم يصبح نهائيا
بانقضاء ميعاد المعارضة والإستئناف دون رفعهما أو الحكم فيهما إذا رفعا، أو صدر
الحكم كذك، فرغم أنه فصل في النقطة محل النزاع وبصدوره يصبح القاضي متخل عن القضية
ولا يجوز عرض نفس القضية عليه لمعالجتها مرة أخرى وإلا حكم بسبق الفصل، إلا أنه لا
يكون قابلا للتنفيذ لأنه مازال يقبل الطعن بالنقض وهذا الأخير يوقف التنفيذ حتى في
خلال ميعاد رفعه ولو لم يرفع طبقا للمادة 499 من ق.إ.ج، وبذلك نرى أن المشرع قد
أخطأ ولم يوفق في إستعماله لفظ "النهائية" وكان الأجدر به أن يستعمل لفظ
"بات" لأن الحكم البات هو الحكم الذي استنفذ كل طرق الطعن العادية وغير
العادية ويحوز قوة الشيء المقضي فيه هذا من جهـة ومن جهة أخرى نجد بعض الأحكـام
تنفذ
(1) د. جلال ثروت: المرجع السابق ص 621.
مباشرة بعد صدورها دون انتظار انقضاء مواعيد الاستئناف وحتى ولو استأنف أحد أطراف الدعوى العمومية (النيابة،الطرف المدني، وحتى المتهم). كما هو الحال في نص
المادة 365 ق.إ.ج وكذا المادة 499/2،3 ق.إ.ج عندما يقضي الحكم بالبراءة أو الإعفاء
من العقوبة أو الحكم بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة، أو الحكم بعقوبة الحبس
مدتها أقل أو تساوي مدة الحبس المؤقت التي قضاها المحكوم عليه. ففي هذه الحالات
ينفذ الحكم الجزائي مباشرة بعد صدور الحكم ويخلى سبيل المتهم الموقوف بموجب صحيفة
الجلسة التي يحررها أمين ضبط الجلسة، ويؤشر عليها وكيل الجمهورية وهذا استثناء بنص
صريح من القاعدة العامة الواردة في المادة 425 ق.إ.ج التي مفادها أن تنفيذ الحكم
يوقف أثناء مهل الاستئناف وأثناء دعوى الاستئناف، وبمعنى آخر استثناء من أن الحكم
لا ينفذ إلا إذا كان باتا.
وبناء على ما سبق يمكن القول أنه كان على المشرع
الجزائري في هذا المجال أن ينص على: " لا تنفذ الأحكام الجزائية ما لم تكن
باتة مالم ينص القانون على خلاف ذلك ".
ومن جهةثالثة عبارة الأحكام
الجزائية جاءت بصفة عامة دون تحديد أي نوع منها تكون قابلة للتنفيذ، والأحكام
الجزائية كما سبق أن تطرقنا له آنفا أنواع، والأحكام المعنية بنص المادة 8 من
الأمر 72-02 هي الأحكام الفاصلة في الموضوع والتي تقضي بالإدانة وتقرير الجزاء،
وكون الجزاء ينصرف إما إلى العقوبة وإما إلى التدابير، هذه الأخيرة قد تكون تدابير
أمن هدفها الوقاية ومواجهة الخطورة الإجرامية لدى الأشخاص وتطبق حتى قبل ارتكاب
الجريمة. ومن خصائصها أنها متجردة من الايلام وغير محددة المدة تدوم بدوام الخطورة
الإجرامية وتزول بانقضائها، ويمكن مراجعتها باستمرار أثناء تنفيدها بقصد ملاءمة
التدبير لتطور حالة الخطورة الإجرامية التي يواجهها الجاني. وقد تكون التدابير تلك
المتعلقة بمراقبة وحماية الأحداث والمنصوص عليها في المادة 444 ق.إ.ج وهي الأخرى قابلة للتعديل والمراجعة
في كل وقت من طرف قاضي الأحداث طبقا للمادة 482 ق.إ.ج فلا تكون نهائية. وعليه
سنستبعد من دراستنا الأحكام القاضية بالتدابير، ونخصصها فقط للأحكام الجزائية
القاضية بعقوبة.
المطلب الثاني : الهيئة المكلفة بالتنفيذ
تنص
المادة 29 ق.إ.ج : " تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية … كما تتولى العمل على تنفيذ أحكام القضاء… " وتنص المادة 8/2 من
الأمر 72-02 على أنه: " تختص النيابة العامة دون سواها بملاحقة تنفيذ
الأحكام الجزائية، وإنّ الملاحقات الرامية لتحصيل الغرامات أو مصادرة الأموال يقوم
بها على وجه الترتيب قابض الضرائب أو سلطة أملاك الدولة بطلب من النيابة العامة
".
يستشف
من استقراء هذه المادة أن حق تنفيذ الأحكام الجزائية يعود للنيابة العامة فيما يخص
العقوبة السالبة للحرية والمقيدة لها، في حين الغرامات ومصادرة الأموال تعود لقابض
الضرائب وسلطة أملاك الدولة على وجه الترتيب
وبطلب من النيابة العامة، وعليه سنتطرق في الفرع الأول للنيابة العامة، وللهيئات
الأخرى في فرع ثاني.
الفرع الأول: النيـابة العامـة
حق تنفيذ الأحكام الجزائية من صلاحيات النيابة العامة المكلفة
برعاية الحق العام عن طريق تحريك ومباشرة الدعوى العمومية ضد كل شخص يقترف فعلا
مجرما قانونا وتقديمه للمحاكمة، ويكون من اختصاص وكيل الجمهورية لدى المحكمة تنفيذ
الأحكام الجزائية الصادرة عن المحاكم. ويتكفل النائب العام بملاحقة تنفيذ القرارات
الصادرة عن الغرفة الجزائية بالمجلس وأحكام محكمة الجنايات وهذا لا يمنع النائب
العام من تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم كون النيابة العامة وحدة لا تتجزأ طبقا
للمبادئ الأساسية التي تحكمها. وتقوم النيابة من أجل تنفيذ الأحكام الجزائية
بتوجيه أوامرها مباشرة إلى القوة العمومية، طبقا لما تقضي به المادة 8 من الأمر
72/02. وهذا لتذليل العقبات المادية التي يمكن أن تعترض التنفيذ.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري
أحدث منصب قاضي تطبيق الأحكام الجزائية الذي ينحصر دوره في متابعة تنفيذ الأحكام
الجزائية، وتشخيص العقوبات وأنواع العلاج، ويبدأ دوره من لحظة إتمام النيابة
إجراءات التنفيذ بدخول المحكوم عليه المؤسسة العقابية وإعطاء له رقم السجن بموجب
مستخرج حكم أو قرار نهائي.
وتباشر النيابة العامة إجراءات التنفيذ عن طريق مصلحة تدعى
مصلحة تنفيذ العقوبات توجد على مستوى المحكمة وكذا المجلس القضائي وتعتبر من أهم
المصالح التي تنطلق منها إجراءات التنفيذ والتي سنتعرض لها في المطلب الموالي.
الفرع الثاني :الهيئـات الأخـرى
خرج المشرع الجزائري عن القاعدة العامة التي أوردها في نص
المادة السالفة الذكر والتي مفادها أن النيابة العامة مختصة دون سواها بملاحقة
تنفيذ الأحكام الجزائية، وخول الملاحقات الرامية لتحصيل الغرامات ومصادرة الأموال
لهيئات أخرى، مع تقييد ذلك بطلب من النيابة العامة. وعليه تختص مديرية الضرائب
ممثلة في قابض الضرائب في تحصيل الغرامات، أما مصادرة الأموال فخولها لمديرية
أملاك الدولة، ويبقى الأمر غامض بالنسبة لإدارة الجمارك، ذلك أنه طبقا للمادة 597
من قانون الإجراءات الجزائية والمادة 293 من قانون الجمارك فإن إدارة الجمارك هي
المكلفة بتحصيل الغرامات الجمركية. وسبب الغموض يرجع إلى الطبيعة القانونية
للغرامة الجمـركية التي سكت عنها المشرع في التعديل الأخير لقانون الجمارك (1)
فلو اعتبرناها غرامة جزائية فإن المادة الثامنة من الأمر 72/02 ناقصة إذ يجب إدراج إدارة الجمارك في نص
المادة الثامنة إلى جانب إدارة الضرائب
ومديرية أملاك الدولة، أما إذ
اعتبرناها تعويضا مدينا فلا يطرح إشكال.
(1)
سنتطرف لهذه المسألة في المطلب الخاص بتنفيذ
العقوبات المالية.
المطلب الثالث : مقدمات التنفيذ
كون الأحكام الجزائية القاضية بالعقوبات لها أثر بالغ على حياة
وحرية الشخص وذمته المالية، وجب على النيابة العامة باعتبارها الهيئة المكلفة
بالتنفيذ، أخذ كل الحيطة والحذر والحرص لتفادي أي خطأ في التنفيذ، ويكون ذلك
بإسناد مهام مصلحة تنفيذ العقوبات لأمناء ضبط مؤهلين قانونا، ولهم دراية كافية بإجراءات
التنفيذ، والحرص على مسك هذه الهيئة كل السجلات الضرورية لحسن سير عمل المصلحة من
حيث الفعالية والسرعة.
ولتنفيذ الأحكام الجزائية يقوم أمين الضبط المكلف بهذه المصلحة
بتبليغها حتى تكتسب الدرجة النهائية والباتة ثم يشرع في تحرير الوثائق وكل هذا تحت
إشراف النيابة العامة.
الفرع الأول : التبليغ
عقب كل جلسة يتلقى أمين الضبط الملفات
المحكوم فيها بعد تحييثها وطبعها وإمضائها من طرف القاضي، أين يقوم بتسجيلها في
سجل تنفيذ العقوبات (حسب الحالة: جنح، مخالفات، أحداث)، والذي يكون مطابقا لسجل
الفهرس، ويسجل فيه كل الأحكام الصادرة مهما كان نوعها، وبعدها يفصل بين الملفات
المحكوم فيها غيابيا، حضوريا.
أولا
-الأحكام الحضورية:
إذا كانت إبتدائية تنفذ مباشرة بعد انقضاء
ميعاد الاستئناف دون أن يقع استئنافها، أما إذا كانت نهائية (أحوال المادة 416/2
من ق.إ.ج) أو صدرت من الدرجة الثانية تنفذ بعد فوات ميعاد الطعن دون رفعه ودون
حاجة لتبليغها لأن الغاية من تبليغها انتفت بصدورها حضوريا.
ثانيا-الأحكام
الغيابية:
إذا صدر الحكم غيابيا أو حضوريا اعتباريا
أو في غير مواجهة المتهم فلا يجوز تنفيذه إلا بعد تبليغه للمحكوم عليه، وهنا يقوم
أمين الضبط بإجراءات التبليغ بداية:
1-استدعاء
المحكوم عليهم غيابيا للحضور إلى المصلحة لتبليغهم شخصيا بالحكم، لكن غالبا هذه
الإجراء غير مجدي ولم يعد يعمل به على مستوى المحاكم.
2-تحرير
محضر التبليغ على نسختين تحفظ واحدة بالملف وترسل الثانية إلى الجهات الأمنية
(الدرك، الشرطة) للتبليغ إذا كان المتهم المدان يسكن في دائرة اختصاص المحكمة أو
المجلس القضائي مصدر الحكم، وإلا ترسل إلى نيابات الجمهورية حسب الإختصاص لأجل
التبليغ، ويجب أن يتضمن المحضر الهوية الكاملة للمعني، وطبيعة الجريمة، والنصوص
القانونية المعاقب عليها ومنطوق الحكم مع التنويه فيما إذا كان الحكم غيابي أو
حضوري اعتباري كون هذا الأخير لا يقبل الطعن فيه بالمعارضة، وإنما يسري من تاريخ
التبليغ ميعاد الإستئناف، في حين الحكم الغيابي يسري ميعاد المعارضة من تاريخ
التبليغ، وإذا لم يعارض في الآجال المحددة قانونا فتسري بعد ذلك مهلة 10 أيام
للإستئناف دون حاجة لتبليغ جديد، ويؤشر على محضر التبليغ وكيل الجمهورية
ويوقعه أمين الضبط المحرر.
لكن وفي كثير من الحالات نلاحظ رجوع ملفات التبليغ بعدم
الإنجاز، وهذا راجع لعدم العثور على المعني بالأمر بسبب تغيير عنوان إقامته إلى
مكان مجهول، أولعدم وجوده بالإقليم الذي كان يقيم فيه، وهنا تقوم النيابة العامة
واعتمادا على المعلومات القليلة الواردة في نتائج الأبحاث السلبية لإعادة التبليغ
من جديد باستعمال كل الوسائل القانونية قصد الوصول إلى المعني بالتبليغ، وإذا باءت
بالفشل تلجأ النيابة للإجراء الموالي.
3-التبليغ
عن طريق التعليق (1)، وتلجأ إليه النيابة لضمان تنفيذ الأحكام الغيابية وعدم تركها
تتراكم، مما يؤدي ذلك إلى أن تكون عرضة للسقوط لتقادم العقوبة المحكوم بها، ويكون
التعليق على لوح الإعلانات ببلدية إقامة المحكوم عليه، ولوح إعلانات الجهة
القضائية المصدرة للحكم، وإذا كان الحكم صادرا عن محكمة الجنايات فيعلق إضافة إلى
ذلك على باب آخر محل إقامة له، وعلى باب مقر المجلس الشعبي البلدي الذي ارتكبت
الجناية بدائرتها، ويجب نشر مستخرج من الحكم في أقصر مهلة بإحدى الجرائد اليومية
الوطنية (2)، وبعد انقضاء مهلة 15 يوما من تاريخ التعليق (3) يقوم المكلف بالمصلحة
بمباشرة التنفيذ، وتجدر الإشارة إلى أنه ولتفادي التأخير في تنفيذ الأحكام وضعت
وزارة العدل كإجراء تنظيمي مذكرة تحدد آجال ذلك صدرت في 27/08/1996 تحت رقم 96/17
لم تلغها مراسلة السيد وزير العدل المؤرخة في 29/10/2000 تحـت رقم 06/00 وهذه الآجال
هي:
-بالنسبة
للأحكام الحضورية فور إنتهاء أجل الإستئناف.
-بالنسبة
للأحكام الغيابية، حضوري إعتباري، حضوري غير وجاهي: 4 أشهر من تاريخ النطق بالحكم.
4-
لجوء النيابة العامة إلى تطبيق أحكام المادة 637
ق.إ.ج في حالة عدم التوصل إلى تبليغ المحكوم عليه، بأن تخطر كاتب المحكمة
الكائن بدائرتها محل ميلاد المعني أو القاضي المكلف بمصلحة صحيفة السوابق القضائية
المركزية، بأوامر القبض وبالأحكام الصادرة بعقوبات مقيدة للحرية حضورية كانت أو
غيابية، والتي لم يجر تنفيذها، وتحفظ هذه الإخطارات بملف صحيفة السوابق القضائة
ليعاد إرسالها ومعها كافة الإيضاحات الموصلة إلى تنفيذ الأوامر والأحكام إلى
السلطات القضائية التي أصدرتها وذلك كلما طلب أصحاب الشأن نسخة من القسيمة رقم 3،
وبالتالي يكون هذا الإخطار وسيلة لتبليغ الأحكام الغيابية.
(1) المواد
412، 418، 439 من ق.إ.ج والمادة 22 من ق.إ.م.
(2) المادة 321 من القانون 01-08
المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية.
(3) المادة
624-2 من ق.إ.ج.
أما المحكوم عليه المقيم بالخارج يبلغ عن طريق وزارة العدل
ووزارة الشؤون الخارجية.
وتثير مسألة تبليغ الأحكام الغيابية للمحكومم عليه منذ صدور
قانون 08/01/1991 الذي ينظم مهنة المحضر والذي خوله مهام تبليغ الأحكام الصادرة عن
الجهات القضائية عدة إشكالات: فهل أن تبليغ الطرف المدني للمحكوم عليه الشق المدني
للحكم الجزائي يعتبر تبليغا قانونيا للحكم ككل ؟ باعتبار أن الدعوى المدنية مرتبطة
بالدعوى الجزائية، ومن ثم لا يجوز تجزئتها. وهل أن هذا التبليغ يسقط حق المحكوم
عليه في المعارضة بفوات مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الشق المدني دون المعارضة فيه
؟ وخاصة وأن سريان ميعاد المعارضة يكون من تاريخ التبليغ، والتبليغ من الصلاحيات المخولة
للنيابة العامة.
وهل يمكن للطرف المدني الحصول على الصيغة
التنفيذية للحكم الجزائي في شقه المدني بفوات مواعيد المعارضة والاستئناف اعتبارا
من تاريخ تبليغ الطرف المدني للمحكوم عليه دون ممارستهما ؟ ونحن نعلم أن المعارضة
الصادرة عن المتهم تلغي الحكم الصادر غيابيا حتى بالنسبة لما قضى به في شأن طلب
المدعي المدني طبق للفقرة الأولى من المادة 413 من ق.إ.ج. لذلك نرى ضرورة تدخل
المشرع وحسم الأمر.
بارتكاب
الفرد للجريمة يكون قد زعزع مركزه القانوني ووضع كل حقوقه في ميزان الخطر، وأعطى
للدولة ما تتذرّع به اتجاهه للمساس بحريته، واتخاذ إجراءات ضده بداية من إجراءات
الاستدلال والتحقيق والمحاكمة للوصول في النهاية إلى صدور حكم في الدعوى، هذا
الأخير الذي يعد عنوانا للحقيقة لتأكيده للواقعة المرتكبة وإسنادها إلى مرتكبها،
وتقرير جزاء له، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه إلى تجسيد وتحقيق منطوقه
على أرض الواقع بأن ينال المدان جزاءه وبذلك يقتص المجتمع حقه في العقاب وهذا ما
يعرف بالتنفيذ العقابي (1) .
ولا شك أن تنفيذ الأحكام الجزائية – والمدنية على حد سواء – يشكل أسمى صور العدالة، إذ لا يجب أن ننظر إليه بأنه انتقام شرعي
ضد شخص معين، وإنما باعتباره حسب ما أقرته المادة الأولى من قانون تنظيم السجون
وإعادة تربية المساجين من أنه وسيلة للدفاع الاجتماعي، وهو يصون النظام العام
ومصالح الدولة، ويحقق أمن الأشخاص وأموالهم، ويساعد الأفراد الجانحين على إعادة تربيتهم
وتكييفهم بقصد إعادة إدراجهم في بيئتهم العائلية والمهنية والإجتماعية، هذا من جهة
ومن جهة أخرى، يعكس تنفيذ الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية مدى قوة الدولة
ووجودها وبسط سيادتها باعتبارها تصدر باسم الشعب(2)، فمن زاوية مدى إمكانية تنفيذ الأحكام القضائية،
نستطيع الحكم ما إن كانت دولة ما دولة قانون، تتمتع بنظام قضائي قوي، يضمن لكل ذي
حق حقه ونيل كل مدان جزاءه ليس فقط بمجرد الحكم به وإنما بالتمكين بما قضى به من
الناحية الفعلية والواقعية.
ولخطورة هذه المرحلة نظرا لمساسها بحريات
الأفراد المضمونة دستوريا أخضعها المشرع إلى مجموعة من الإجراءات والقواعد، وأوجب
الحرص كل الحرص على احترامها ومن جهة أخرى خول سلطة التنفيذ إلى هيئة قضائية مختصة
دون غيرها ولم يتركها للأفراد، إذ لا يجوز للمحكوم عليه تنفيذ العقوبة بإرادته
واختياره لأن الحكم الصادر بإدانته لا يخاطبه هو، وإنما ينصرف الأمر الذي ينطوي
عليه إلى الأجهزة المنوط بها اقتضاء حق الدولة في العقاب، وهذا ما يميز التنفيذ
العقابي عن تنفيذ الحكم الصادر عن القضاء المدني الذي لا يستلزم تمامه القوة
الجبرية إلا بعد استنفاذ وسائل التنفيذ الاختياري.
وبالرغم من صدور الحكم وصيرورته واجب
التنفيذ باستنفاذه طرق الطعن أو كان كذلك، إلا أنه قد يعترض تنفيذه عوائق تحول دون
التمكن من تحقيق الهدف المبتغى منه، منها ما يتعلق بالعقوبة الواردة في الحكم
القاضي بالإدانـة ذاتها كسقوطها بالتقـادم، أو انقضائها بالعفو، أو استغراقهـا بما
(1)عبد الحميد الشواربي: التنفيذ
الجنائي في ضوء القضاء والفقه، منشأة المعارف الإسكندرية ص3.
(2)المادة 141 من دستور 1996.
يعرف
بجب العقوبات. ومنها ما يتعلق بالمحكوم عليه كوفاته بعد صيرورة الحكم واجب
التنفيذ، أو إصابته بمرض أو جنون
يفقده الأهلية لأن يكون صالحا للتنفيذ، أو ينازع في أنه غير المحكوم عليه، ومتى
قامت إحدى هذه العوائق، وجب على الهيئة المكلفة بالتنفيذ أن تشل يدها عن التنفيذ
إن كان هذا العائق منهيا له، أو أنها تؤجل التنفيذ مؤقتا، ويكون هذا من تلقاء
نفسها أو بطلب من المحكوم عليه الذي قد ينازع في التنفيذ، غير أنه قد يحدث أن تنكر
النيابة الادعاءات التي يبديها المحكوم عليه، وتواصل التنفيذ رافضة بذلك طلبه
فتنشأ منازعة بينهما، ولضمان درء ما قد يلحق بالمحكوم عليه حال التنفيذ عليه من
ضرر سنّ المشرع مادة إشكالات التنفيذ أو ما سماه في المادة التاسعة من قانون تنظيم
السجون بالنزاعات العارضة، فلو صحت لأثرت سلبا أو إيجابا إذ يترتب عن الحكم في
النزاع أن يكون التنفيذ جائزا أو غير جائز يمكن الاستمرار فيه أو يجب وقفه.
وبناء على ما سبق تتجلى أهمية الموضوع من
ناحيتين:
-الناحية النظرية: وتتمثل
في ضرورة احترام الهيئة المكلفة بالتنفيذ إجراءات التنفيذ انطلاقا من تبليغ
الأحكام الجزائية لصيرورتها قابلة للتنفيذ، والإجراءات المتعلقة بكيفية تنفيذ
العقوبات المحكوم بها.
-الناحية
العملية: وتتمثل في كيفية إعمال وتطبيق القواعد التي يتضمنها قانون
الإجراءات الجزائية وقانون تنظيم السجون، والتي تمثل قيودا وضعت اتجاه السلطة
المنوط بها التنفيذ لتلزم حدودها عند القيام بوظيفتها المخولة لها، وفي نفس الوقت
تمثل الضمانات التي تتطلبها حرية الإنسان عند خضوعه للعقوبة احتراما لمبدأ شرعية
التنفيذ العقابي.
وأهمية الموضوع هاته هي التي دفعتنا إلى
البحث فيه، وخاصة وأن المشرع الجزائري لم ينظم مسألة تنفيذ الأحكام الجزائية من
الناحية الإجرائية بشكل دقيق وواضح، كونه وزعها على قانون تنظيم السجون وإعادة
تربية المساجين، وقانون الإجراءات الجزائية، وهذا الأخير تناولها في مواد مبعثرة
ومتفرقة وأكثر من ذلك قليلة لم تلم بالموضوع بما فيه الكفاية، وهو الأمر الذي أدى
إلى بروز مشاكل عديدة في الميدان العملي عند محاولة وضع القواعد القانونية قيد
التطبيق وهذا لانعدام الانسجام بين النصوص القانونية، وكذا سكوت المشرع وعدم
التطرق لبعض المسائل التي تثار عند التنفيذ، وهذا ما جعلنا نطرح التساؤلات
التالية:
-ما هي
الإجراءات الواجب اتباعها من طرف الهيئة القائمة بالتنفيذ من صدور الحكم القاضي
بالإدانة إلى غاية بداية التنفيذ الفعلي للعقوبة المحكوم بها؟
-ما هي العوائق التي
يمكن أن تحول دون تنفيذ الأحكام الجزائية رغم صيرورتها قابلة للتنفيذ ؟ وما هي
الضمانات الممنوحة للمحكوم عليه أو للغير لدرء تنفيذ غير قانوني ؟
ولمعالجة الموضوع على ضوء الأسئلة
المطروحة ستقتصر دراستنا على تنفيذ الأحكام الجزائية من الناحية الإجرائية والتي
تختص بها النيابة العامة، دون الخوض في التنفيذ المادي أو ما يعرف بتطبيق الأحكام
الجزائية الذي هو من صميم صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات، ولا في نظام إدارة
المؤسسات العقابية وإخضاع المحكوم عليه لنوع من المعاملة العقابية. وسنتّبع في ذلك أسلوب المنهج التحليلي الذي يقوم على
أساس دراسة النصوص القانونية التي تحكم إجراءات وقواعد التنفيذ وعوائقه والآراء
الفقهية التي قيلت، والأحكام القضائية التي صدرت في هذا المجال وذلك من أجل بيان
أوجه القصور التي يجب تداركها واقتراح القواعد التي تكفل التنفيـذ الأمثــل
القانوني وبناء عليه ستكون دراستنا وفقا
للخطة المبينة على النحو التالي:
-الفصل الأول: إجراءات
تنفيذ الأحكام الجزائية.
المبحث الأول: القواعد العامة لتنفيذ الأحكام الجزائية.
المطلب-1-: الأحكام الجزائية الواجبة التنفيذ.
المطلب-2-: الهيئة المكلفة بالتنفيذ.
المطلب-3-: مقدمات التنفيذ.
المبحث الثاني: القواعد الخاصة لتنفيذ الأحكام الجزائية.
المطلب-1-: تنفيذ العقوبات الأصلية.
المطلب-2-: تنفيذ العقوبات التبعية.
المطلب-3-: تنفيذ العقوبات التكميلية.
-الفصل الثاني: عوائق
تنفيذ الأحكام الجزائية والفصل فيها.
المبحث الأول: عوائق تنفيذ الأحكام الجزائية.
المطلب-1-: عوائق متعلقة بالعقوبة.
المطلب-2-: عوائق متعلقة بالمحكوم عليه.
المبحث الثاني: الفصل في عوائق التنفيذ.
المطلب-1-: رفع النزاع أمام القضاء.
المطلب-2-: أثر رفع النزاع والحكم فيه.
الخاتمة.
الفصل الأول :إجراءات تنفيذ الأحكام
الجزائية
الأحكام
الجزائية هي الأحكام الفاصلة في الدعوى العمومية التي حركتها النيابة العامة،
والتي بموجبها توقع الجهات القضائية العقوبات المقررة قانونا للجرائم المرتكبة، إذ
لا عقوبة بدون حكم بالإدانة، وبذلك تؤصل إلزامية القاعدة القانونية. وينصرف
مفهومها إلى الأحكام التي تصدر عن المحكمة درجة أولى، أو عن محكمة الجنايات، وإلى
القرارات الجزائية التي تصدر عن الغرفة الجزائية (الجنح، المخالفات، الأحداث)
بالمجلس القضائي كدرجة استئناف.
والأحكام الجزائية تبقى مجرد حبر على ورق
لا طائل يرجى منها إذا لم تجسد على أرض الواقع عن طريق تنفيذها من جهة وتنفيذ
العقوبات التي تتضمنها من جهة أخرى، وهذا ما يدعم سلطة القانون و يضفي الفعالية
المتوخاة من القانون الجزائي ويؤكد مصداقية العدالة لدى المتقاضين، وعليه إرتأينا
تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في الأول القواعد العامة لتنفيذ الأحكام
الجزائية من خلال تبيان الأحكام الجزائية الواجبة التنفيذ والهيئة المكلفة بذلك
ومختلف الإجراءات التي تقوم بها مصلحة تنفيذ العقوبات تحت إشراف النيابة العامة
لوضع الأحكام الجزائية قيد التنفيذ، ونخصص المبحث الثاني للقواعد الخاصة
والإجراءات التي وضعها المشرع لتنفيذ العقوبات بمختلف أنواعها من عقوبات أصلية
وعقوبات تبعية وعقوبات تكميلية.
المبحث الأول: القواعد العامة لتنفيذ
الأحكام الجزائية
نتناول في هذا المبحث الأحكام الجزائية التي تكون سندا للتنفيذ مبينين
أنواعها ومتى تكون واجبة التنفيذ في مطلب أول، ثم الهيئة المكلفة بالتنفيذ في مطلب
ثاني، وأخيرا مقدمات التنفيذ في مطلب ثالث.
المطلب الأول: الأحكام الجزائية الواجبة
التنفيذ
تختلف الأحكام الجزائية الصادرة عن الجهات
القضائية سواء كانت المحكمة بمختلف أقسامها (المخالفات، الجنح، الأحداث) أو المجلس
القضائي (الغرفة الجزائية، غرفة الأحداث، محكمة الجنايات) من حيث صدورها بالنسبة
للمتهم (حضورية، غيابية، حضورية اعتبارية) ومدى قابليتها للطعن بالمعارضة. وكذا
تختلف من حيث كونها فاصلة في الموضوع أو سابقة على ذلك، ومن حيث قابليتها للطعن
فيها (ابتدائية، نهائية، وباته). ولمعرفة الأحكام الواجبة التنفيذ كان لزاما علينا
التطرق أولا إلى هذه الأنواع المختلفة
الفرع الأول: أنواع الأحكام الجزائية
أولا: من حيث حضور المتهم وغيابه:
تنقسم إلى أحكام حضورية وغيابية،
وحضورية اعتبارية كذا الأحكام الغيابية بالتكرار(1)
*فالحكم
الحضوري: هو الحكم الذي يكون فيه المتهم ماثلا بشخصه أمام القاضي عند النطق
بالحكم الجزائي، سواء في نفس جلسة المحاكمة أو بعد المداولة، وفي حالة تخلف المتهم
ساعة النطق بالحكم رغم حضوره جلسة المرافعات وتم استجوابه، فيصدرالحكم حضوري غير
وجاهي، وهو ما يستشف من استقراء المادة 355/3
من قانون الإجراءات الجزائية.
*الحكم الحضوري اعتباري: اعتبر القانون بعض الأحكام التي تصدر- في الحقيقة
والواقع- في غيبة المتهم أحكاما حضورية بهدف درأ التسويف في نظر الدعوى، والتقليل
من مساوئ المعارضة. فكأن هذه الأحكام مبناها حيلة قانونية مصدرها مخالفة القانون
للواقع (2) وتكون كذلك في الأحوال التالية:
-إذا تخلف
المتهم عن حضور جلسة المحاكمة دون عذر مقبول رغم تبليغه بالتكليف بالحضور شخصيا
(المادة 345 ق.إ.ج) (3).
(1)ع.حاجي:
محاضرة حول تبليغ الأحكام والقرارات الجزائية: الإيام الدراسية حول تنفيذ العقوبات
من 28 إلى30 جويلية 2002، 418 ق.ا.ج
(2)د.جلال ثروت: نظم الإجراءات الجزائية، دار الجامعة الجديدة للنشر
1997 ص 595.
(3)قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 13 فبراير 1990 في الطعن رقم 61392 غرفة
الجنح والمخالفات المجلة القضائية العدد 3 لسنة 1992 ص 227.
-إذا ما كان المتهم
في إحدى الحالات التي أوردتها المادة 347 ق.إ.ج ورغم أن الحكم يصدر حضوريا حسب نص
المادة إلا أنه وجب تبليغه طبقا لنص المادة 418/2 ق.إ.ج.
-إذا حضر
وكيل عنه في الأحوال التي يجيزها القانون(1).
-في الأحوال
المنصوص عليها في المادة 350 ق.إ.ج.
*الحكم
الغيابي: هو الحكم الذي يصدر في غيبة المتهم وتبين أنه لا يوجد بالملف ما يفيد
ويثبت أن المتهم قد توصل بالتكليف بالحضور أو علم بذلك.
وتتجلى أهمية التفرقة بين الحكم الحضوري
والحكم الغيابي من حيث قبوله الطعن فيه بالمعارضة، إذ الحكم الغيابي قابل للطعن
بالمعارضة خلال 10 أيام من تاريخ التبليغ في حين الحكم الحضوري قابل للطعن فيه
بالإستئناف دون المعارضة. أما التفرقة بين الحكم الحضوري والحكم حضوري اعتباري أو
غير وجاهي فتظهر أهميتها في كون الأخير تسري مواعيد استئنافه من تاريخ تبليغه
للمحكوم عليه بإحدى الطرق المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 418 ق.إ.ج بخلاف
الحكم الحضوري الذي تسري مواعيده من يوم النطق به.
ثانيا: الأحكام الفاصلة في الموضوع والسابقة على الفصل
فيه:
الأحكام الفاصلة في الموضوع هي التي تقضي
في التهمة المنسوبة إلى المتهم بالإدانة سواء كان بالحبس أو الغرامة أو كلاهما
معا، مع وقف التنفيذ أو نافذة، بعقوبة الإعدام أو السجن أو الحبس، أو بالبراءة،
وكذا الأحكام التي تقضي بانقضاء الدعوى العمومية (2)، والحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن
والذي يكون في حالة عدم حضور المتهم الجلسة التي تنظر فيها معارضته التي سجلها بعد
تبليغه بحكم غيابي صادر ضده (413/3 ق.إ.ج).
أما الأحكام السابقة على الفصل في الموضوع
فلا تفصل في موضوع التهمة المنسوبة للمتهم سواء كانت قد أنهت الخصومة كالحكم بعدم
الاختصاص أو لم تنهها، وفي هذه الحالة
يميز الفقه بين أربعة أنواع من الأحكام:
-الحكم
التحضيري: الذي يهدف إلى اتخاذ
إجراء لازم لتحضير نظر الدعوى دون أن يشف عن اتجاه رأي المحكمة، ودون أن تولد أية
حقوق لأحد أطرافه، ولا تتقيد به المحكمة فلها العدول عنه إذا رأت مقتض لذلك، ومن أمثلته الحكم بإجراء تحقيق تكميلي(3).
(1)المادة
348 ق.إ.ج تجيز مثول المتهم بواسطة محاميه إذا كانت المرافعة لا تنصب إلا على الحقوق
المدنية فيكون هنا الحكم حضوري اعتباري بالنسبة للمتهم.
(2)المادة
6 ق.إ.ج تنص" تنقضي الدعوى العمومية الرامية إلى تطبيق العقوبة بوفاة المتهم،
وبالتقادم، والعفو الشامل وبإلغاء قانون العقوبات، وبصدور حكم حائز لقوة الشيء
المقضي.
(3) المادة 356 من قانون 01-08
المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل لـ قانون الإجراءات الجزائية.
-الحكم الوقتي: هو الذي يفصل في طلب وقتي ويكون الغرض منه الأمر بإجراء تحفظي أو تحديد
مركز الخصوم بالنسبة لموضوع النزاع تحديدا مؤقتا إلى أن يتم الفصل في الخصومة بحكم
يصدر في موضوعها (1) ومثاله الحكم بالإفراج المؤقت عن المتهم المحبوس رهن الحبس المؤقت.
-الحكم
التمهيدي: الذي يصدر باتخاذ إجراءات معينة يتوقف عليها مباشرة الحكم في
الموضوع، ويشف عن اتجاه رأي المحكمة في الموضوع كالحكم بانتداب طبيب شرعي لتحديد
سبب الوفاة ومقارنته بما اعترف به المتهم.
-الحكم
القطعي: يفصل في موضوع مسألة أولية ومن أمثلته الحكم بعدم الإختصاص.
ثالثا: الأحكام الإبتدائية والنهائية والباتة:
الحكم الإبتدائي هو الحكم الصادر من محكمة
أول درجة سواء كان من قسم الجنح
أو المخالفات أو الأحداث وتكون قابلة للطعن فيها بالإستئناف، أما الحكم
النهائي فيصدر من جهة الإستئناف الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي أو الحكم الصادر
من محكمة الجنايات، وقد يكون حكما صادرا من الدرجة الأولى واكتسب صفة النهائية
لفوات مواعيد الطعن العادية وعدم ممارستها أو أنه صدر من الدرجة الأولى قسم
المخالفات في حدود ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 416 ق.إ.ج وهذا النوع من
الأحكام يجوز حجية الشيء المقضي فيه.إذا كان فاصلا في الموضوع كما سبق وأن ذكرناه،
بحيث لا يجوز متابعة المحكوم عليه مرة أخرى على نفس الوقائع المحكوم بها عليه،
والحكم البات هو الحكم الذي استنفذ طرق الطعن العادية وغير العادية إما بممارستها
أو فوات أجلها فلا يجوز فقط حجية الشيء المقضي فيه وإنما قوة الشيء المقضي فيه.
الفرع الثاني :
التنفيذ لا يكون إلا عندما يصبح الحكم باتا
تنص المادة 8
من الأمر 72-02 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة تربية المساجين على أنه " لا
تنفذ الأحكام الجزائية ما لم تكتسب الدرجة النهائية …" بمعنى أن المشرع حصر الأحكام الجزائية الواجبة التنفيذ في الأحكام النهائية
فقط، غير أن الحكم النهائي غير كاف ليكون قابلا للتنفيذ، لأن الحكم يصبح نهائيا
بانقضاء ميعاد المعارضة والإستئناف دون رفعهما أو الحكم فيهما إذا رفعا، أو صدر
الحكم كذك، فرغم أنه فصل في النقطة محل النزاع وبصدوره يصبح القاضي متخل عن القضية
ولا يجوز عرض نفس القضية عليه لمعالجتها مرة أخرى وإلا حكم بسبق الفصل، إلا أنه لا
يكون قابلا للتنفيذ لأنه مازال يقبل الطعن بالنقض وهذا الأخير يوقف التنفيذ حتى في
خلال ميعاد رفعه ولو لم يرفع طبقا للمادة 499 من ق.إ.ج، وبذلك نرى أن المشرع قد
أخطأ ولم يوفق في إستعماله لفظ "النهائية" وكان الأجدر به أن يستعمل لفظ
"بات" لأن الحكم البات هو الحكم الذي استنفذ كل طرق الطعن العادية وغير
العادية ويحوز قوة الشيء المقضي فيه هذا من جهـة ومن جهة أخرى نجد بعض الأحكـام
تنفذ
(1) د. جلال ثروت: المرجع السابق ص 621.
مباشرة بعد صدورها دون انتظار انقضاء مواعيد الاستئناف وحتى ولو استأنف أحد أطراف الدعوى العمومية (النيابة،الطرف المدني، وحتى المتهم). كما هو الحال في نص
المادة 365 ق.إ.ج وكذا المادة 499/2،3 ق.إ.ج عندما يقضي الحكم بالبراءة أو الإعفاء
من العقوبة أو الحكم بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة، أو الحكم بعقوبة الحبس
مدتها أقل أو تساوي مدة الحبس المؤقت التي قضاها المحكوم عليه. ففي هذه الحالات
ينفذ الحكم الجزائي مباشرة بعد صدور الحكم ويخلى سبيل المتهم الموقوف بموجب صحيفة
الجلسة التي يحررها أمين ضبط الجلسة، ويؤشر عليها وكيل الجمهورية وهذا استثناء بنص
صريح من القاعدة العامة الواردة في المادة 425 ق.إ.ج التي مفادها أن تنفيذ الحكم
يوقف أثناء مهل الاستئناف وأثناء دعوى الاستئناف، وبمعنى آخر استثناء من أن الحكم
لا ينفذ إلا إذا كان باتا.
وبناء على ما سبق يمكن القول أنه كان على المشرع
الجزائري في هذا المجال أن ينص على: " لا تنفذ الأحكام الجزائية ما لم تكن
باتة مالم ينص القانون على خلاف ذلك ".
ومن جهةثالثة عبارة الأحكام
الجزائية جاءت بصفة عامة دون تحديد أي نوع منها تكون قابلة للتنفيذ، والأحكام
الجزائية كما سبق أن تطرقنا له آنفا أنواع، والأحكام المعنية بنص المادة 8 من
الأمر 72-02 هي الأحكام الفاصلة في الموضوع والتي تقضي بالإدانة وتقرير الجزاء،
وكون الجزاء ينصرف إما إلى العقوبة وإما إلى التدابير، هذه الأخيرة قد تكون تدابير
أمن هدفها الوقاية ومواجهة الخطورة الإجرامية لدى الأشخاص وتطبق حتى قبل ارتكاب
الجريمة. ومن خصائصها أنها متجردة من الايلام وغير محددة المدة تدوم بدوام الخطورة
الإجرامية وتزول بانقضائها، ويمكن مراجعتها باستمرار أثناء تنفيدها بقصد ملاءمة
التدبير لتطور حالة الخطورة الإجرامية التي يواجهها الجاني. وقد تكون التدابير تلك
المتعلقة بمراقبة وحماية الأحداث والمنصوص عليها في المادة 444 ق.إ.ج وهي الأخرى قابلة للتعديل والمراجعة
في كل وقت من طرف قاضي الأحداث طبقا للمادة 482 ق.إ.ج فلا تكون نهائية. وعليه
سنستبعد من دراستنا الأحكام القاضية بالتدابير، ونخصصها فقط للأحكام الجزائية
القاضية بعقوبة.
المطلب الثاني : الهيئة المكلفة بالتنفيذ
تنص
المادة 29 ق.إ.ج : " تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية … كما تتولى العمل على تنفيذ أحكام القضاء… " وتنص المادة 8/2 من
الأمر 72-02 على أنه: " تختص النيابة العامة دون سواها بملاحقة تنفيذ
الأحكام الجزائية، وإنّ الملاحقات الرامية لتحصيل الغرامات أو مصادرة الأموال يقوم
بها على وجه الترتيب قابض الضرائب أو سلطة أملاك الدولة بطلب من النيابة العامة
".
يستشف
من استقراء هذه المادة أن حق تنفيذ الأحكام الجزائية يعود للنيابة العامة فيما يخص
العقوبة السالبة للحرية والمقيدة لها، في حين الغرامات ومصادرة الأموال تعود لقابض
الضرائب وسلطة أملاك الدولة على وجه الترتيب
وبطلب من النيابة العامة، وعليه سنتطرق في الفرع الأول للنيابة العامة، وللهيئات
الأخرى في فرع ثاني.
الفرع الأول: النيـابة العامـة
حق تنفيذ الأحكام الجزائية من صلاحيات النيابة العامة المكلفة
برعاية الحق العام عن طريق تحريك ومباشرة الدعوى العمومية ضد كل شخص يقترف فعلا
مجرما قانونا وتقديمه للمحاكمة، ويكون من اختصاص وكيل الجمهورية لدى المحكمة تنفيذ
الأحكام الجزائية الصادرة عن المحاكم. ويتكفل النائب العام بملاحقة تنفيذ القرارات
الصادرة عن الغرفة الجزائية بالمجلس وأحكام محكمة الجنايات وهذا لا يمنع النائب
العام من تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم كون النيابة العامة وحدة لا تتجزأ طبقا
للمبادئ الأساسية التي تحكمها. وتقوم النيابة من أجل تنفيذ الأحكام الجزائية
بتوجيه أوامرها مباشرة إلى القوة العمومية، طبقا لما تقضي به المادة 8 من الأمر
72/02. وهذا لتذليل العقبات المادية التي يمكن أن تعترض التنفيذ.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري
أحدث منصب قاضي تطبيق الأحكام الجزائية الذي ينحصر دوره في متابعة تنفيذ الأحكام
الجزائية، وتشخيص العقوبات وأنواع العلاج، ويبدأ دوره من لحظة إتمام النيابة
إجراءات التنفيذ بدخول المحكوم عليه المؤسسة العقابية وإعطاء له رقم السجن بموجب
مستخرج حكم أو قرار نهائي.
وتباشر النيابة العامة إجراءات التنفيذ عن طريق مصلحة تدعى
مصلحة تنفيذ العقوبات توجد على مستوى المحكمة وكذا المجلس القضائي وتعتبر من أهم
المصالح التي تنطلق منها إجراءات التنفيذ والتي سنتعرض لها في المطلب الموالي.
الفرع الثاني :الهيئـات الأخـرى
خرج المشرع الجزائري عن القاعدة العامة التي أوردها في نص
المادة السالفة الذكر والتي مفادها أن النيابة العامة مختصة دون سواها بملاحقة
تنفيذ الأحكام الجزائية، وخول الملاحقات الرامية لتحصيل الغرامات ومصادرة الأموال
لهيئات أخرى، مع تقييد ذلك بطلب من النيابة العامة. وعليه تختص مديرية الضرائب
ممثلة في قابض الضرائب في تحصيل الغرامات، أما مصادرة الأموال فخولها لمديرية
أملاك الدولة، ويبقى الأمر غامض بالنسبة لإدارة الجمارك، ذلك أنه طبقا للمادة 597
من قانون الإجراءات الجزائية والمادة 293 من قانون الجمارك فإن إدارة الجمارك هي
المكلفة بتحصيل الغرامات الجمركية. وسبب الغموض يرجع إلى الطبيعة القانونية
للغرامة الجمـركية التي سكت عنها المشرع في التعديل الأخير لقانون الجمارك (1)
فلو اعتبرناها غرامة جزائية فإن المادة الثامنة من الأمر 72/02 ناقصة إذ يجب إدراج إدارة الجمارك في نص
المادة الثامنة إلى جانب إدارة الضرائب
ومديرية أملاك الدولة، أما إذ
اعتبرناها تعويضا مدينا فلا يطرح إشكال.
(1)
سنتطرف لهذه المسألة في المطلب الخاص بتنفيذ
العقوبات المالية.
المطلب الثالث : مقدمات التنفيذ
كون الأحكام الجزائية القاضية بالعقوبات لها أثر بالغ على حياة
وحرية الشخص وذمته المالية، وجب على النيابة العامة باعتبارها الهيئة المكلفة
بالتنفيذ، أخذ كل الحيطة والحذر والحرص لتفادي أي خطأ في التنفيذ، ويكون ذلك
بإسناد مهام مصلحة تنفيذ العقوبات لأمناء ضبط مؤهلين قانونا، ولهم دراية كافية بإجراءات
التنفيذ، والحرص على مسك هذه الهيئة كل السجلات الضرورية لحسن سير عمل المصلحة من
حيث الفعالية والسرعة.
ولتنفيذ الأحكام الجزائية يقوم أمين الضبط المكلف بهذه المصلحة
بتبليغها حتى تكتسب الدرجة النهائية والباتة ثم يشرع في تحرير الوثائق وكل هذا تحت
إشراف النيابة العامة.
الفرع الأول : التبليغ
عقب كل جلسة يتلقى أمين الضبط الملفات
المحكوم فيها بعد تحييثها وطبعها وإمضائها من طرف القاضي، أين يقوم بتسجيلها في
سجل تنفيذ العقوبات (حسب الحالة: جنح، مخالفات، أحداث)، والذي يكون مطابقا لسجل
الفهرس، ويسجل فيه كل الأحكام الصادرة مهما كان نوعها، وبعدها يفصل بين الملفات
المحكوم فيها غيابيا، حضوريا.
أولا
-الأحكام الحضورية:
إذا كانت إبتدائية تنفذ مباشرة بعد انقضاء
ميعاد الاستئناف دون أن يقع استئنافها، أما إذا كانت نهائية (أحوال المادة 416/2
من ق.إ.ج) أو صدرت من الدرجة الثانية تنفذ بعد فوات ميعاد الطعن دون رفعه ودون
حاجة لتبليغها لأن الغاية من تبليغها انتفت بصدورها حضوريا.
ثانيا-الأحكام
الغيابية:
إذا صدر الحكم غيابيا أو حضوريا اعتباريا
أو في غير مواجهة المتهم فلا يجوز تنفيذه إلا بعد تبليغه للمحكوم عليه، وهنا يقوم
أمين الضبط بإجراءات التبليغ بداية:
1-استدعاء
المحكوم عليهم غيابيا للحضور إلى المصلحة لتبليغهم شخصيا بالحكم، لكن غالبا هذه
الإجراء غير مجدي ولم يعد يعمل به على مستوى المحاكم.
2-تحرير
محضر التبليغ على نسختين تحفظ واحدة بالملف وترسل الثانية إلى الجهات الأمنية
(الدرك، الشرطة) للتبليغ إذا كان المتهم المدان يسكن في دائرة اختصاص المحكمة أو
المجلس القضائي مصدر الحكم، وإلا ترسل إلى نيابات الجمهورية حسب الإختصاص لأجل
التبليغ، ويجب أن يتضمن المحضر الهوية الكاملة للمعني، وطبيعة الجريمة، والنصوص
القانونية المعاقب عليها ومنطوق الحكم مع التنويه فيما إذا كان الحكم غيابي أو
حضوري اعتباري كون هذا الأخير لا يقبل الطعن فيه بالمعارضة، وإنما يسري من تاريخ
التبليغ ميعاد الإستئناف، في حين الحكم الغيابي يسري ميعاد المعارضة من تاريخ
التبليغ، وإذا لم يعارض في الآجال المحددة قانونا فتسري بعد ذلك مهلة 10 أيام
للإستئناف دون حاجة لتبليغ جديد، ويؤشر على محضر التبليغ وكيل الجمهورية
ويوقعه أمين الضبط المحرر.
لكن وفي كثير من الحالات نلاحظ رجوع ملفات التبليغ بعدم
الإنجاز، وهذا راجع لعدم العثور على المعني بالأمر بسبب تغيير عنوان إقامته إلى
مكان مجهول، أولعدم وجوده بالإقليم الذي كان يقيم فيه، وهنا تقوم النيابة العامة
واعتمادا على المعلومات القليلة الواردة في نتائج الأبحاث السلبية لإعادة التبليغ
من جديد باستعمال كل الوسائل القانونية قصد الوصول إلى المعني بالتبليغ، وإذا باءت
بالفشل تلجأ النيابة للإجراء الموالي.
3-التبليغ
عن طريق التعليق (1)، وتلجأ إليه النيابة لضمان تنفيذ الأحكام الغيابية وعدم تركها
تتراكم، مما يؤدي ذلك إلى أن تكون عرضة للسقوط لتقادم العقوبة المحكوم بها، ويكون
التعليق على لوح الإعلانات ببلدية إقامة المحكوم عليه، ولوح إعلانات الجهة
القضائية المصدرة للحكم، وإذا كان الحكم صادرا عن محكمة الجنايات فيعلق إضافة إلى
ذلك على باب آخر محل إقامة له، وعلى باب مقر المجلس الشعبي البلدي الذي ارتكبت
الجناية بدائرتها، ويجب نشر مستخرج من الحكم في أقصر مهلة بإحدى الجرائد اليومية
الوطنية (2)، وبعد انقضاء مهلة 15 يوما من تاريخ التعليق (3) يقوم المكلف بالمصلحة
بمباشرة التنفيذ، وتجدر الإشارة إلى أنه ولتفادي التأخير في تنفيذ الأحكام وضعت
وزارة العدل كإجراء تنظيمي مذكرة تحدد آجال ذلك صدرت في 27/08/1996 تحت رقم 96/17
لم تلغها مراسلة السيد وزير العدل المؤرخة في 29/10/2000 تحـت رقم 06/00 وهذه الآجال
هي:
-بالنسبة
للأحكام الحضورية فور إنتهاء أجل الإستئناف.
-بالنسبة
للأحكام الغيابية، حضوري إعتباري، حضوري غير وجاهي: 4 أشهر من تاريخ النطق بالحكم.
4-
لجوء النيابة العامة إلى تطبيق أحكام المادة 637
ق.إ.ج في حالة عدم التوصل إلى تبليغ المحكوم عليه، بأن تخطر كاتب المحكمة
الكائن بدائرتها محل ميلاد المعني أو القاضي المكلف بمصلحة صحيفة السوابق القضائية
المركزية، بأوامر القبض وبالأحكام الصادرة بعقوبات مقيدة للحرية حضورية كانت أو
غيابية، والتي لم يجر تنفيذها، وتحفظ هذه الإخطارات بملف صحيفة السوابق القضائة
ليعاد إرسالها ومعها كافة الإيضاحات الموصلة إلى تنفيذ الأوامر والأحكام إلى
السلطات القضائية التي أصدرتها وذلك كلما طلب أصحاب الشأن نسخة من القسيمة رقم 3،
وبالتالي يكون هذا الإخطار وسيلة لتبليغ الأحكام الغيابية.
(1) المواد
412، 418، 439 من ق.إ.ج والمادة 22 من ق.إ.م.
(2) المادة 321 من القانون 01-08
المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية.
(3) المادة
624-2 من ق.إ.ج.
أما المحكوم عليه المقيم بالخارج يبلغ عن طريق وزارة العدل
ووزارة الشؤون الخارجية.
وتثير مسألة تبليغ الأحكام الغيابية للمحكومم عليه منذ صدور
قانون 08/01/1991 الذي ينظم مهنة المحضر والذي خوله مهام تبليغ الأحكام الصادرة عن
الجهات القضائية عدة إشكالات: فهل أن تبليغ الطرف المدني للمحكوم عليه الشق المدني
للحكم الجزائي يعتبر تبليغا قانونيا للحكم ككل ؟ باعتبار أن الدعوى المدنية مرتبطة
بالدعوى الجزائية، ومن ثم لا يجوز تجزئتها. وهل أن هذا التبليغ يسقط حق المحكوم
عليه في المعارضة بفوات مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الشق المدني دون المعارضة فيه
؟ وخاصة وأن سريان ميعاد المعارضة يكون من تاريخ التبليغ، والتبليغ من الصلاحيات المخولة
للنيابة العامة.
وهل يمكن للطرف المدني الحصول على الصيغة
التنفيذية للحكم الجزائي في شقه المدني بفوات مواعيد المعارضة والاستئناف اعتبارا
من تاريخ تبليغ الطرف المدني للمحكوم عليه دون ممارستهما ؟ ونحن نعلم أن المعارضة
الصادرة عن المتهم تلغي الحكم الصادر غيابيا حتى بالنسبة لما قضى به في شأن طلب
المدعي المدني طبق للفقرة الأولى من المادة 413 من ق.إ.ج. لذلك نرى ضرورة تدخل
المشرع وحسم الأمر.