1- التطورات الحديثة في الاقتصادي العالمي :
اتسم الاقتصاد العالمي في الثمانينات بكثرة
التوترات الصعوبات ، فمن ناحية كانت هناك نكسات عملية التنمية، ومشاكل ديون حادة،
وهبوط في أسعار السلع الأساسية، ومنازعات تجارية ودعم استقرار في أسعار الصرف ومن
ناحية أخرى كانت هناك العديد من الجهود التي بذلت لتعزيز السياسية العامة المحلية
والدولية على السواء وبالتالي سنتطرق إلى التغيرات الهيكلية في الاقتصاد العالمي
وبوجه خاص نمو الترابط والآثار المترتبة عليها وانعكاس ذلك على أوضاع الدول
النامية.
تغير
هيكل الاقتصاد العالمي :
لقد
شهد الاقتصاد العالمي حاليا وخاصة منذ السبعينات تغيرات بعيدة المدى أهمها:
أ – التجارة الدولية :
تميزت
التجارة الدولية بسيطرة الاحتكار الأقلية والتجارة البينية فيما بين الشركات
متعددة الجنسيات وفروعها الدولية وكذلك تكثيف التبادل التجاري فيما بين الدول
الصناعية نفسها وازدياد حصتها من التجارة الدولية في السلع الغذائية الأساسية .
ب- التدفقات المالية الدولية .
بفضل الثورة العملية والتكنولوجية وطبيعة الدول
المتزايدة لرأس المال اكتسبت التجارة الدولية أهمية خاصة في عملية التكييف
والتصحيح وتصدير الأزمة إلى البلدان النامية ، فنم جانب يزيد الاعتماد المتبادل
بين و.م.أ و اليابان وأوربا الغربية بحيث أن تقلبات الدورة الاقتصادية وتزامنها في
هذه المراكز قد جعلا ن التجارة الدولية وسيلة هامة لنقل الضخم والركود إلى الدول
النامية ومن جانب أخر فإن الأسواق الدولية التي زادت من دورها في التدفق الصافي
للموارد المالية وخصوصا بين البلدان الصناعية والبلدان النامية قد جعلت المدنيين
يعتمدون منذ السينات على تدفق مالي لا ينقطع وجعلت الدول النامية أكثر عرضة
لتقلبات أسعار الفائدة الدولية وأسعار الصادرات ([1]) والواردات وبالتالي أكدت
من قوة التأثير الذي تمارسه رؤوس الأموال الدولية على التجارة كما جعلت لحركات
أسعار الصرف أهمية كبرى في التجارة والإنتاج والعمالة .
ج- النظام التجاري الدولي :
في الوقت الذي ازدادت فيه عوامل الخلل في
التنبؤ بحركة المتغيرات الاقتصادية الرئيسية مثل أسعار صرف وأسعار الفائدة وأسعار
الخامات عمدت البلدان الصناعية إلى الاستخدام المتزايد للتدابير التجارية الكمية
وشبه الكمية لحماية المنتجين المحليين من الصدمات خارج نطاق الجات.
د- أسعار
النفط والسلع الأساسية.
تمكنت البلدان الصناعية بفضل الثروة العلمية
والتكنولوجية من خلق قاعدة عريضة من الخامات الصناعية البديلة وهكذا تراجع الطلب
على الخدمات الطبيعية في الوحدة الواحدة من الناتج النهائي ، والاستخدام الواسع
للبدائل الصناعية محل الخامات الطبيعية ، ومحاولات البلدان الصناعية الاكتفاء
الذاتي في الزراعة والمعادن ،وهكذا هبطت أهمية البلدان النامية كمصدرة للخامات
والمواد الأولية فيما عدا النفط ، وبالتالي تميزت العلاقات بين البلدان النامية
والبلدان الصناعية بعدم الاستقرار الذي انعكس في صورة تقلبت الطلب على صادرات
البلدان النامية وعدم استقرار أسعار الخامات نفسها. ([2])
السياسات
والأداء :
كانت هناك فروق كبيرة في الأداء
الاقتصادي لشتى البلدان في الثمانينات وذلك كالتالي :
أ-
الدول الصناعية المتقدمة :
لقد شهدت البلدان الصناعية مجموعة من المتغيرات الجوهرية التي شكلت عناصر
اضطرابات قوية على الصعيد العالمي وقد تمثلت أهم هذه المتغيرات فيما يلي :
1- انتهاء عنصر
ثبات أسعار الصرف ، وبحل نظام النقد الدولية بعد أن تخلت و.م.أ عن قابلية تحويل
الدولار إلى ذهب في أوت 1971 والدخول إلى مرحلة التعويم وفوضى أسواق النقد الدولية.
2- قرار مجموعة
الأوبك برفع أسعار النفط وذلك من خلال صدمتين سعريتين في عام 73/74 وعام 79/80
الأمر الذي خلق فائض مالي ضخم سارعت البنوك التجارية دولية النشاط ومعها في ذلك
صندوق النقد الدولي لإعادة تدويره في شكل قروض للدول التي حققت عجزا في موازين
مدفوعاتها.
3- تباين علاقات
النمو اللامتكافئ بين كبريات البلدان الصناعية الرأسمالية وتغير
مواقع القوى النسبية الفاعلة في الاقتصاد العالمي التي كانت تميز عالم ما بعد
الحرب ، فبينما تراجع الوزن النسبي لـ و.م.أ في الاقتصاد العالمي عرفت مجموعة دول
غرب أوربا واليابان تزايد وزنها النسبي.
4- تعاظم
العولمة التي قادتها الشركات العملاقة دولية النشاط وقد نجم عن ذلك نمو واضح
ومستمر في عمليات تكامل الإنتاج والتمويل والتسويق على جبهة العالم كله .
5- اضطراب أحوال
السيولة الدولية بعد نمو الهائل الذي حدث في اندماج وتوسيع أسواق المال العالمية وهو
الأمر الذي كان مصحوبا بتغيرات عميقة في تركيبة التدفقات المالية من هذه الأسواق
مثل تزايد الدور الذي تلعبه البنوك التجارية في الإقراض الدولي .
6- تفاقم علاقات
الحجز والفائض بين مراكز الدول الرأسمالية الصناعية " أمريكا تجاه أوربا
واليابان والنمور الأربعة " ، من ناحية وبين هذه المراكز والبلاد النامية من
ناحية أخرى ، وقد ترتب على ذلك تحول و.م.أ إلى دولة مدينة لأول مرة في تاريخها
المعاصر منذ الحرب العالمية الأولى ونشوء أزمة مديونية خارجية شديدة لمجموعة
البلاد النامية .
7-
النجاح الذي
حققته مجموعة الدول المصنعة حديثا في جنوب أسيا ( هونج ، سنغافورة ، تايوان ،
كوريا الجنوبية ) وغزو منتجاتها للبلدان الصناعية وهو الأمر الذي دفع بهذه البلدان
للإمعان في سياسة الحماية وفرض القيود التعريفية وغيرت الصادرات المصنعة وشبه
المصنعة الآتية من البلدان النامية عموما.([3])
الدول النامية :
إن أوضاع الدول النامية جاءت نتاجا لتفاعل ثلاثة عوامل جوهرية
هي :
1-
فشل أنماط التنمية التي أنتجتها هذه البلاد إذا لم تنجح تلك المحاولات في الشطر
الأعظم من هذه البلاد باستثناء بعض دول في جنوب شرق آسيا في تجاوزات التخلف وتغير
الهياكل الإنتاجية المشوهة وتحسين موقعها في الاقتصاد العالمي وتفعيل القوى
الذاتية للنمو على النحو الذي يضع هذه البلاد على مدرج النمو المتواصل الذي ينمي
باستمرار مصادر الدخل و الإنتاج والإنفاق والتوظيف .
2-
تفاقم مديونيتها الخارجية والآثار التي نجمت عن ذلك وبصفة خاصة استنزاف احتياطات
النقد الأجنبي وتدهور أسعار الصرف فضلا عن إضعاف قدرة البلاد المدينة على
الاستيراد ، وقد ترتب على ذلك تدهور الإنفاق الاستثماري وتعطل قدر كبير من الطاقات
الإنتاجية وانخفاض معدل النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم ، هذا بالإضافة إلى
اضطرار هذه البلاد إلى الذهاب إلى نادي باريس ونادي لندن لإعادة جدولة ديونها
الخارجية وتنفيذها للسياسات الصارمة التي انطوت عليها برامج التثبيت الاقتصادي
والتكيف الهيكلي .
3-
الظروف المضطربة للاقتصاد العالمي وتنامي العولمة الأمر الذي خلق صعوبات شديدة في
عملية التخطيط وصنع القرار الاقتصادي بالنسبة للحكومات والمنتجين والمصدرين
والمستوردين ولعل أبرز منابع هذا الاضطراب تتجسد في انهيار نظام النقد الدولي
وتعويم أسعار الصرف وفوضى السيولة الدولية وتعويم أسعار الفائدة والتقلبات الشديدة
التي تحدث في أسعار المواد الخام التي تصدرها البلاد النامية واتساع نطاق
المضاربات في أسواق الأوراق المالية وفي أسواق المواد الخام وأسواق الصرف الأجنبي
، وتدهور شروط التبادل التجاري في غير مصلحة البلاد النامية ونمو الكتل الاقتصادية
الإقليمية بين البلدان الصناعية في مقابل تفتيت الدول التي كانت اشتراكية والدول
النامية وأخيرا ضعف المعونات الاقتصادية المقدمة للبلاد النامية.([4])
ج- الدول التي كانت اشتراكية :
هذه الدول شأنها شأن باقي المجموعات ، حققت
خلال الفترة 1945-1970 معدلات مرتفعة للاستثمار والنمو والتوظيف في ضوء نموذج
النمو الستاليني الذي قامت عليه تجارب البناء الاشتراكي فيها أضف إلى ذلك أنه بعد
أن اتسع حجم العلاقات الاقتصادية الخارجية من بداية السبعينات مع البلدان
الرأسمالية مما انعكس في تزايد واردات الدول الاشتراكية وحصولها على بعض القروض
الخارجية بات من الضروري مراعاة تأثير الانفتاح في كثير من القضايا والمتغيرات
الهامة مثل أسعار الصرف وتنمية قطاع الصادرات ومراعاة الجودة والمزايا النسبية
وإعادة النظر في حسابات القيمة المركزية الاقتصادية ...إلخ .
بعد أن تعرفنا على آخر
التطورات التي حدثت في الاقتصاد العالمي من خلال التجارة الدولية ، النظام الدولي
المالي ، وموقع الدول ، ولقد لاحظنا أن الثورة العلمية والتكنولوجية التي شهدتها
فترة السبعينات كانت سببا رئيسيا في هذه التطورات والتغيرات التي أعطت نمطا جديدا
في وضع الاقتصاد العالمي .
2- خلفية تاريخية حول الثورة العلمية
والتكنولوجية :
لقد
ظلت التكنولوجيا إلى وقت ليس ببعيد تعد متغيرا خارجيا في دالة الإنتاج بتفسير
الدورات الاقتصادية التي تتسم بالأمد الطويل إلا أن مفهوم التجديد ذلك لم يكن تعني
إغفالا لدور التقنية في التنمية حتى أن مفهوم التجديد التكنولوجي ظهر لأول مرة في
الثلاثينات من القرن الماضي على يد شومبيتر، ومن ناحية أخرى كان الابتكار
التكنولوجي ثمرة الجهود الفردية التي يبادر بها المخترعون إذا لم يكن هناك مختبرات
أو مراكز بحث متخصصة كما أن وظيفة البحث والتطوير لم تكن تحظى بالاهتمام على مستوى
المؤسسات وبالتالي لم تكن هناك موازنة خاصة بها كما هو عليه الحال اليوم، ويرجع
بروز الاهتمام بالتجديد التكنولوجي كمدخل إستراتيجي على مستوى إدارة المؤسسة إلى
منتصف السبعينات إثر الأزمة الاقتصادية التي أصابت قطاع الصناعة من جهة وإلى
التطور الحاصل في مجال المعلوماتية والإلكترونيك، والبيوتكنولوجيا والطاقة مما أدى
إلى تزايد حدة المنافسة على مستوى المؤسسات كما انبثق عن ذلك أيضا تحولا في دورة
حياة المنتجات والمؤسسات حيث تقلصت هذه الدورة إلى بضع سنوات أو حتى إلى بضعة أشهر
وارتفعت كثافة رأس المال بالنسبة إلى العمل وهو ما نتج عنه تسريح للأيدي العاملة
خاصة منها المؤهلة وتزايدت جهود وتكاليف وظيفة البحث والتطوير بعدها أصبحت هذه
الوظيفة المحدد الحاسم لمصير المؤسسة.
([1])
د.زينب حسين عوض الله ، الاقتصاد الدولي "
نظرة عامة على بعض القضايا " ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1998 ، ص 12
([2]) د.زينب حسين عوض الله ، مرجع سابق ، ص 12-13 .
[3]) ) د.زينب حسين عوض الله ،
مرجع سابق ، ص 13-29 .
[4]) ) د. زينب عوض الله ، مرجع
سابق ، ص 36 ، 37.
اتسم الاقتصاد العالمي في الثمانينات بكثرة
التوترات الصعوبات ، فمن ناحية كانت هناك نكسات عملية التنمية، ومشاكل ديون حادة،
وهبوط في أسعار السلع الأساسية، ومنازعات تجارية ودعم استقرار في أسعار الصرف ومن
ناحية أخرى كانت هناك العديد من الجهود التي بذلت لتعزيز السياسية العامة المحلية
والدولية على السواء وبالتالي سنتطرق إلى التغيرات الهيكلية في الاقتصاد العالمي
وبوجه خاص نمو الترابط والآثار المترتبة عليها وانعكاس ذلك على أوضاع الدول
النامية.
تغير
هيكل الاقتصاد العالمي :
لقد
شهد الاقتصاد العالمي حاليا وخاصة منذ السبعينات تغيرات بعيدة المدى أهمها:
أ – التجارة الدولية :
تميزت
التجارة الدولية بسيطرة الاحتكار الأقلية والتجارة البينية فيما بين الشركات
متعددة الجنسيات وفروعها الدولية وكذلك تكثيف التبادل التجاري فيما بين الدول
الصناعية نفسها وازدياد حصتها من التجارة الدولية في السلع الغذائية الأساسية .
ب- التدفقات المالية الدولية .
بفضل الثورة العملية والتكنولوجية وطبيعة الدول
المتزايدة لرأس المال اكتسبت التجارة الدولية أهمية خاصة في عملية التكييف
والتصحيح وتصدير الأزمة إلى البلدان النامية ، فنم جانب يزيد الاعتماد المتبادل
بين و.م.أ و اليابان وأوربا الغربية بحيث أن تقلبات الدورة الاقتصادية وتزامنها في
هذه المراكز قد جعلا ن التجارة الدولية وسيلة هامة لنقل الضخم والركود إلى الدول
النامية ومن جانب أخر فإن الأسواق الدولية التي زادت من دورها في التدفق الصافي
للموارد المالية وخصوصا بين البلدان الصناعية والبلدان النامية قد جعلت المدنيين
يعتمدون منذ السينات على تدفق مالي لا ينقطع وجعلت الدول النامية أكثر عرضة
لتقلبات أسعار الفائدة الدولية وأسعار الصادرات ([1]) والواردات وبالتالي أكدت
من قوة التأثير الذي تمارسه رؤوس الأموال الدولية على التجارة كما جعلت لحركات
أسعار الصرف أهمية كبرى في التجارة والإنتاج والعمالة .
ج- النظام التجاري الدولي :
في الوقت الذي ازدادت فيه عوامل الخلل في
التنبؤ بحركة المتغيرات الاقتصادية الرئيسية مثل أسعار صرف وأسعار الفائدة وأسعار
الخامات عمدت البلدان الصناعية إلى الاستخدام المتزايد للتدابير التجارية الكمية
وشبه الكمية لحماية المنتجين المحليين من الصدمات خارج نطاق الجات.
د- أسعار
النفط والسلع الأساسية.
تمكنت البلدان الصناعية بفضل الثروة العلمية
والتكنولوجية من خلق قاعدة عريضة من الخامات الصناعية البديلة وهكذا تراجع الطلب
على الخدمات الطبيعية في الوحدة الواحدة من الناتج النهائي ، والاستخدام الواسع
للبدائل الصناعية محل الخامات الطبيعية ، ومحاولات البلدان الصناعية الاكتفاء
الذاتي في الزراعة والمعادن ،وهكذا هبطت أهمية البلدان النامية كمصدرة للخامات
والمواد الأولية فيما عدا النفط ، وبالتالي تميزت العلاقات بين البلدان النامية
والبلدان الصناعية بعدم الاستقرار الذي انعكس في صورة تقلبت الطلب على صادرات
البلدان النامية وعدم استقرار أسعار الخامات نفسها. ([2])
السياسات
والأداء :
كانت هناك فروق كبيرة في الأداء
الاقتصادي لشتى البلدان في الثمانينات وذلك كالتالي :
أ-
الدول الصناعية المتقدمة :
لقد شهدت البلدان الصناعية مجموعة من المتغيرات الجوهرية التي شكلت عناصر
اضطرابات قوية على الصعيد العالمي وقد تمثلت أهم هذه المتغيرات فيما يلي :
1- انتهاء عنصر
ثبات أسعار الصرف ، وبحل نظام النقد الدولية بعد أن تخلت و.م.أ عن قابلية تحويل
الدولار إلى ذهب في أوت 1971 والدخول إلى مرحلة التعويم وفوضى أسواق النقد الدولية.
2- قرار مجموعة
الأوبك برفع أسعار النفط وذلك من خلال صدمتين سعريتين في عام 73/74 وعام 79/80
الأمر الذي خلق فائض مالي ضخم سارعت البنوك التجارية دولية النشاط ومعها في ذلك
صندوق النقد الدولي لإعادة تدويره في شكل قروض للدول التي حققت عجزا في موازين
مدفوعاتها.
3- تباين علاقات
النمو اللامتكافئ بين كبريات البلدان الصناعية الرأسمالية وتغير
مواقع القوى النسبية الفاعلة في الاقتصاد العالمي التي كانت تميز عالم ما بعد
الحرب ، فبينما تراجع الوزن النسبي لـ و.م.أ في الاقتصاد العالمي عرفت مجموعة دول
غرب أوربا واليابان تزايد وزنها النسبي.
4- تعاظم
العولمة التي قادتها الشركات العملاقة دولية النشاط وقد نجم عن ذلك نمو واضح
ومستمر في عمليات تكامل الإنتاج والتمويل والتسويق على جبهة العالم كله .
5- اضطراب أحوال
السيولة الدولية بعد نمو الهائل الذي حدث في اندماج وتوسيع أسواق المال العالمية وهو
الأمر الذي كان مصحوبا بتغيرات عميقة في تركيبة التدفقات المالية من هذه الأسواق
مثل تزايد الدور الذي تلعبه البنوك التجارية في الإقراض الدولي .
6- تفاقم علاقات
الحجز والفائض بين مراكز الدول الرأسمالية الصناعية " أمريكا تجاه أوربا
واليابان والنمور الأربعة " ، من ناحية وبين هذه المراكز والبلاد النامية من
ناحية أخرى ، وقد ترتب على ذلك تحول و.م.أ إلى دولة مدينة لأول مرة في تاريخها
المعاصر منذ الحرب العالمية الأولى ونشوء أزمة مديونية خارجية شديدة لمجموعة
البلاد النامية .
7-
النجاح الذي
حققته مجموعة الدول المصنعة حديثا في جنوب أسيا ( هونج ، سنغافورة ، تايوان ،
كوريا الجنوبية ) وغزو منتجاتها للبلدان الصناعية وهو الأمر الذي دفع بهذه البلدان
للإمعان في سياسة الحماية وفرض القيود التعريفية وغيرت الصادرات المصنعة وشبه
المصنعة الآتية من البلدان النامية عموما.([3])
الدول النامية :
إن أوضاع الدول النامية جاءت نتاجا لتفاعل ثلاثة عوامل جوهرية
هي :
1-
فشل أنماط التنمية التي أنتجتها هذه البلاد إذا لم تنجح تلك المحاولات في الشطر
الأعظم من هذه البلاد باستثناء بعض دول في جنوب شرق آسيا في تجاوزات التخلف وتغير
الهياكل الإنتاجية المشوهة وتحسين موقعها في الاقتصاد العالمي وتفعيل القوى
الذاتية للنمو على النحو الذي يضع هذه البلاد على مدرج النمو المتواصل الذي ينمي
باستمرار مصادر الدخل و الإنتاج والإنفاق والتوظيف .
2-
تفاقم مديونيتها الخارجية والآثار التي نجمت عن ذلك وبصفة خاصة استنزاف احتياطات
النقد الأجنبي وتدهور أسعار الصرف فضلا عن إضعاف قدرة البلاد المدينة على
الاستيراد ، وقد ترتب على ذلك تدهور الإنفاق الاستثماري وتعطل قدر كبير من الطاقات
الإنتاجية وانخفاض معدل النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم ، هذا بالإضافة إلى
اضطرار هذه البلاد إلى الذهاب إلى نادي باريس ونادي لندن لإعادة جدولة ديونها
الخارجية وتنفيذها للسياسات الصارمة التي انطوت عليها برامج التثبيت الاقتصادي
والتكيف الهيكلي .
3-
الظروف المضطربة للاقتصاد العالمي وتنامي العولمة الأمر الذي خلق صعوبات شديدة في
عملية التخطيط وصنع القرار الاقتصادي بالنسبة للحكومات والمنتجين والمصدرين
والمستوردين ولعل أبرز منابع هذا الاضطراب تتجسد في انهيار نظام النقد الدولي
وتعويم أسعار الصرف وفوضى السيولة الدولية وتعويم أسعار الفائدة والتقلبات الشديدة
التي تحدث في أسعار المواد الخام التي تصدرها البلاد النامية واتساع نطاق
المضاربات في أسواق الأوراق المالية وفي أسواق المواد الخام وأسواق الصرف الأجنبي
، وتدهور شروط التبادل التجاري في غير مصلحة البلاد النامية ونمو الكتل الاقتصادية
الإقليمية بين البلدان الصناعية في مقابل تفتيت الدول التي كانت اشتراكية والدول
النامية وأخيرا ضعف المعونات الاقتصادية المقدمة للبلاد النامية.([4])
ج- الدول التي كانت اشتراكية :
هذه الدول شأنها شأن باقي المجموعات ، حققت
خلال الفترة 1945-1970 معدلات مرتفعة للاستثمار والنمو والتوظيف في ضوء نموذج
النمو الستاليني الذي قامت عليه تجارب البناء الاشتراكي فيها أضف إلى ذلك أنه بعد
أن اتسع حجم العلاقات الاقتصادية الخارجية من بداية السبعينات مع البلدان
الرأسمالية مما انعكس في تزايد واردات الدول الاشتراكية وحصولها على بعض القروض
الخارجية بات من الضروري مراعاة تأثير الانفتاح في كثير من القضايا والمتغيرات
الهامة مثل أسعار الصرف وتنمية قطاع الصادرات ومراعاة الجودة والمزايا النسبية
وإعادة النظر في حسابات القيمة المركزية الاقتصادية ...إلخ .
بعد أن تعرفنا على آخر
التطورات التي حدثت في الاقتصاد العالمي من خلال التجارة الدولية ، النظام الدولي
المالي ، وموقع الدول ، ولقد لاحظنا أن الثورة العلمية والتكنولوجية التي شهدتها
فترة السبعينات كانت سببا رئيسيا في هذه التطورات والتغيرات التي أعطت نمطا جديدا
في وضع الاقتصاد العالمي .
2- خلفية تاريخية حول الثورة العلمية
والتكنولوجية :
لقد
ظلت التكنولوجيا إلى وقت ليس ببعيد تعد متغيرا خارجيا في دالة الإنتاج بتفسير
الدورات الاقتصادية التي تتسم بالأمد الطويل إلا أن مفهوم التجديد ذلك لم يكن تعني
إغفالا لدور التقنية في التنمية حتى أن مفهوم التجديد التكنولوجي ظهر لأول مرة في
الثلاثينات من القرن الماضي على يد شومبيتر، ومن ناحية أخرى كان الابتكار
التكنولوجي ثمرة الجهود الفردية التي يبادر بها المخترعون إذا لم يكن هناك مختبرات
أو مراكز بحث متخصصة كما أن وظيفة البحث والتطوير لم تكن تحظى بالاهتمام على مستوى
المؤسسات وبالتالي لم تكن هناك موازنة خاصة بها كما هو عليه الحال اليوم، ويرجع
بروز الاهتمام بالتجديد التكنولوجي كمدخل إستراتيجي على مستوى إدارة المؤسسة إلى
منتصف السبعينات إثر الأزمة الاقتصادية التي أصابت قطاع الصناعة من جهة وإلى
التطور الحاصل في مجال المعلوماتية والإلكترونيك، والبيوتكنولوجيا والطاقة مما أدى
إلى تزايد حدة المنافسة على مستوى المؤسسات كما انبثق عن ذلك أيضا تحولا في دورة
حياة المنتجات والمؤسسات حيث تقلصت هذه الدورة إلى بضع سنوات أو حتى إلى بضعة أشهر
وارتفعت كثافة رأس المال بالنسبة إلى العمل وهو ما نتج عنه تسريح للأيدي العاملة
خاصة منها المؤهلة وتزايدت جهود وتكاليف وظيفة البحث والتطوير بعدها أصبحت هذه
الوظيفة المحدد الحاسم لمصير المؤسسة.
([1])
د.زينب حسين عوض الله ، الاقتصاد الدولي "
نظرة عامة على بعض القضايا " ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1998 ، ص 12
([2]) د.زينب حسين عوض الله ، مرجع سابق ، ص 12-13 .
[3]) ) د.زينب حسين عوض الله ،
مرجع سابق ، ص 13-29 .
[4]) ) د. زينب عوض الله ، مرجع
سابق ، ص 36 ، 37.