الوضع
الاقتصادي الدولي وبروز الشركات المتعددة
الجنسيات :
من أبرز الظواهر المميزة للعصر الحديث ,
ظاهرة التكتلات الاقتصادية الناتجة عن تطور علاقات الإنتاج , وزيادة أهمية الوحدات
الاقتصادية الكبيرة فقد أدى التقدم التكنولوجي الحديث والتحول اتجاه تكامل
الاقتصاديات وسيادة آليات السوق و ظواهر الخصوصية أو الخوصصة, بما يتضمنه من حرية
دخول وخروج البضائع والخدمات ورؤوس الأموال عبر الحدود المختلفة دون عوائق أو
إجراءات تنظيمية , إلى تنشيط ظاهرة الاستثمار الدولي , و الذي يوظف من خلال قناتين
.الأولى : يطلق عليها الاستثمار الغير مباشر أي من خلال حيازة محفظة دولية للأوراق
المالية .الثانية : من خلال الاستثمار المباشر , والفرق بينهما يتعلق بمدى السيطرة
على السلطة الاقتصادية والإدارية في المشروع . و يعتبر الاستثمار المباشر الصورة
الطبيعية التي أدت إلى نمو وميلاد الشركات متعددة الجنسيات , والذي كان متزامنا مع
تطور الأزمة التي اجتاحت الاقتصاد الرأسمالي منذ الحرب العالمية الثانية إلى يومنا
هذا . وذلك سنحاول إبراز أهم مراحل تطور الأزمة الاقتصادية وظهور الشركات متعددة
الجنسيات .
الوضع الاقتصادية الدولي خلال سنوات الأزمة : ([1])
لقد مثل الكساد الكبير في 1929 أعمق أزمة عرفها التطور الرأسمالي, وهي أزمة
استمرت عمليا حتى بداية الحرب العالمية الثانية في 1939. أين خرجت الولايات
المتحدة الأمريكية منتصرة وصاحبة أقوى اقتصاد قومي في العالم , في الوقت الذي
انهارت فيه القوى الأمريكية. فقد أدى تدفق الذهب من أوربا الغربية إلى الولايات
المتحدة خلال الثلاثينيات (الناتج عن الاضطرابات السياسية في تلك الفترة , و
العدوان المحتمل لألمانيا النازية على دول المحور)؛ إلى امتلاك الولايات المتحدة
لأكبر رصيد ذهني بين كافة دول العالم بعد نهاية الحرب. وبالتالي أصبحت الدولة
الدائنة لحلفائها الأوربيين, وصاحبة أكبر حجم من التبادل التجاري الخارجي, كما
امتلكت اقتصادا ضخما ذا قاعدة إنتاجية متنوعة وقادرة على تزويد دول العالم الأخرى
بقدر هام من السلع المختلفة التي تلزم للاستهلاك و الإنتاج. و قد كانت هذه الظروف
سببا في دفع الاقتصاد الأمريكي لاحتلال مركز الاقتصاد القائد المسيطر, و انعكس ذلك
على مركز عملتها (الدولار) ليصبح العملة الرئيسية في العالم بجانب الذهب. و على
الجانب الآخر كانت الدول الأوربية صاحبة أضعف اقتصاد قومي بين الدول الصناعية
المتقدمة بسبب الدمار الذي ألحقته الحرب بأصولها الإنتاجية , الأمر الذي زاد من
احتياجاتها التمويلية , وضاعف استيرادها لكميات كبيرة من رؤوس الأموال الإنتاجية
والمواد الخام بغية أن تتمكن صناعاتها القومية من الوقوف على قدمها مرة أخرى . إلا
أن المشكلة الأساسية التي واجهت جهود إعادة بناء الاقتصاد الأوربي , هي عدم قدرتها
على اكتساب الدولارات الأمريكية اللازمة لتمويل احتياجاتها الإستيرادية من
الاقتصاد الأمريكي باعتباره الاقتصاد القائد. لذلك ظهر في هذه الفترة ما يعرف باسم
"الفجوة الدولارية" والتي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن تضطلع
بدورها المنتظر في التخفيف من حدة هذه الفجوة باعتبارها الاقتصاد الموجه , وذلك من
خلال وضع الخطط والبرامج التي من شأنها المساعدة على إحداث الانتعاش الاقتصادي
لدول أوربا الغربية. ولقد كان "مشروع مارشال" الترجمة الحقيقية لبرامج
المساعدات الأمريكية لتنمية اقتصاديات أوربا المهدمة . فلقد تضمن هذا المشروع
تزويد أوربا الغربية بملايير الدولارات لإقامة العديد من مشروعات البنية الأساسية
في المجتمع الأوربي الذي دخل تحت لواء الزعامة السياسية الأمريكية. كما اتجهت
أمريكا لتشجيع استثماراتها المباشرة في أوربا من خلال الشركات متعددة الجنسيات,
والتي لعبت دورا هاما في إعادة بناء أوربا عن طريق إقامة العديد من الفروع
الإنتاجية والتسويقية فيها.
إلا أن هيمنة الولايات المتحدة بدأت تضعف في عقد الخمسينات نتيجة الانتعاش
و النمو الذين حققتهما أوربا الغربية و اليابان. وما إن انتهت
الخمسينات حتى كانت أوربا واليابان قوتين اقتصاديتين هائلتين, ومع بداية الستينات
بدأت موجة الاستقلال السياسي لدول العالم الثالث, وخلال الستينات حققت كل من الدول
الصناعية ودول العالم الثالث معدلات نمو مما زاد من الترابط الاقتصادي العالمي كما
توافر للعالم استقرار كبير في الأسعار([2]),
واستمر التوسع الاقتصادي في البلدان الرأسمالية حتى قرب نهاية الستينات, و معه
إقامة المراكز الثلاثة الكبيرة للهيمنة الرأسمالية العالمية الو.م.أ, السوق
الأوربية المشتركة, واليابان فهي متحدة في النضال ضد الاشتراكية, ومتحالفة في
مواجهة البلدان المتخلفة و مطالبها, ولكنها متنافسة في الصراع على مصادر الطاقة,
والاستفادة من رخص اليد العاملة والمواد الخام, وبيع منتجاتها في الأسواق الدولية.
وفي مارس 1968 تطل الأزمة من جديد ويظهر أول
تعبير لها متمثلا فيما يسمى في تلك الآونة بأزمة الدولار, وما إن بدأت السبعينات
حتى تغيرت الصورة بشكل كبير , إذ اجتاحت الاقتصاد العالمي أزمة عارمة تميزت
باتجاهات تضخمية (ارتفاعات رهيبة في الأثمان ) و اتجاهات انكماشية (انتشار البطالة
و وجود الطاقات الإنتاجية المادية المعطلة) . بالإضافة إلى فشل السياسات الحكومية
المنظمة للعمليات الدورية في الاقتصاد الرأسمالي .
فقد أدت السياسة الاقتصادية
التقشفية غير المنطقية المسماة "شد الأحزمة" والتي تعلن مقاومتها للتضخم
باعتباره السبب الرئيسي للأزمة إلى :
1- الارتفاع الشديد في معدلات الفوائد والذي
شجعته حكومة الولايات المتحدة الأمريكية مما تسبب في نتائج خطيرة , حيث أدى إلى
تدهور ملحوظ في السوق المالي الدولي , وزاد من خدمات الديون الخارجية للعالم
الثالث , وساهم أيضا في جمود التجارة العالمية .
2- انخفاض النفقات الحكومية ,مما تسبب في تقليص
ميزانية البرامج الاجتماعية وتحديد سقف للوظائف العامة مع ما يعنيه ذلك من نتائج
سلبية اجتماعية أو سياسية. ([3])
كما لم تكن هذه السياسات عاملا مساعدا على استمرارية وتفاقم الأزمة فحسب ,
بل المسألة تكمن في انعكاساتها الاقتصادية الوخيمة على البلدان المتخلفة , ومحاولة
حكومات معينة " بطريقة مباشرة أو من خلال بعض الهيئات الدولية "
لتطبيقها في تلك البلدان , وهو ما يزيد من تأثير الأزمة عليها و يخضعها لتوترات
سياسية و اقتصادية و اجتماعية داخلية خانقة وهكذا انتقلت تأثيرات الأزمة إلى
البلدان المتخلفة ففاقمت من وضعها المتزعزع , و قد بدت الأزمة من خلال ([4])
زيادة معدلات التضخم , تدهور في معدلات التجارة , زيادة الأرصدة السلبية في الحساب
الجاري لميزان المدفوعات مما أدى إلى زيادة الديون الخارجية , والتي ظهرت في
البداية كعامل مخفف من نتائج الأزمة على المدى القصير،ولكن على حساب رهن مستقبل
البلدان المتخلفة وتوليد عملية اختناق اقتصادي متزايدة لا يمكن تحملها في الآجال
الطويلة.وهكذا فقد أدت السياسة المطبعة انطلاقا من 1980 إلى تعميق الركود
الاقتصادي في كافة البلدان الرأسمالية وبالتبعية في البلدان النامية.
كما
تفاقمت مشكلة البيئة وتلوثها, وأزمة الطاقة وانهيار نظام النقد الدولي وتعميم
أسعار الصرف وعودة نزعة الحماية إلى العلاقات التجارية الدولية, وهناك الخلافات
بين الدول النامية والدول الرأسمالية في مجال أسعار المواد الأولية وتفاقم مشكلة
المديونية ....([5]).
مفهوم الشركات متعددة الجنسيات وخصائصها :
أ) مفهوم الشركات متعددة الجنسيات :
نظرا للخصائص العديدة التي تميز المنشآت متعددة الجنسية فإنه من الصعب الوصول إلى
تعريف واحد يمكن إن يزودنا بمقياس معين يؤهل شركة ما لأن تكون متعددة الجنسية
وقد اختلف المختصون في وضع
تعريف موحد للشركات متعددة الجنسيات ."وترجع أولى استخدامات تعبير الشركة
متعددة الجنسية إلى عام 1960 حينما أشار إليهE.Lilienthal للدلالة على تلك الشركات
التي تمارس نشاطها الاقتصادي في أكثر من دولة مع تحمل مسؤولية الإدارة المباشرة عن
تلك الأعمال التي تؤديها داخل الدولة الأم وخارجها بإحدى الدول المضيفة. ومنذ هذا
التاريخ والكتاب يتسابقون فيما بينهم على وضع تعريف يلقى قبولا بين مستخدميه ([6])
كما امتد الخلاف ليشمل حتى التسميات التي أعطيت لهذه الكيانات ونذكر منها :
الشركات عابرة الحدود , الشركات الكوكبية , الشركات عبر القومية , الشركات
العملاقة ....
ومن بين التعاريف المذكورة ([7])
تعريف الأستاذ توجندات(TUGENDAHT ) : "هي
عبارة عن الشركات الصناعية التي تنتج وتبيع منتجاتها في أكثر من دولة واحدة
". كما عرفها الأستاذ ماتيوز بأنها :"المؤسسات التي تسيطر على عدد معين
من الوحدات الإنتاجية (عشرة على الأقل ) في عدد معين من الدول (ستة دول على الأقل)
والتي تحقق نسبة هامة من إنتاجها (25% على الأقل ) خارج الدولة الأم.وكل هذا في إطار
استراتيجية إنتاجية موحدة ", أما غرفة التجارة فتعرفها بأنها "الشركة
التي تعمل على نطاق عالمي وتساهم بشكل أساسي في تدفق الاستثمارات" ([8])
وفي الحقيقة التعاريف الموجودة كثيرة ومختلفة
باختلاف المعيار المستخدم* لتمييز
هذه الكيانات كعدد الدول التي تعمل فيها المنشآت ,نسبة الأصول الكلية أو المبيعات
التي تبيعها المنشآت الأجنبية التابعة ...وعموما تعرف الشركات متعددة الجنسيات
بأنها :"منشآت أعمال دولية ذات مراكز إنتاجية تتوطن في أكثر من دولة واحدة
والفروع الأجنبية التابعة للمنشأة متعددة الجنسيات يجب ألا تكون مملوكة فقط ( على
الأقل نسبة كبيرة منها ) للشركة الأم التي يكون مركزها الرئيسي في أرض الوطن ،
ولكن يجب أيضا أن تكون الفروع محكومة بالكامل وموجهة عن طريق الشركة الأم ([9]).
إذ تعتبر الشركة متعددة الجنسية إذا توافرت على ثلاثة خصائص : ([10])
-
أنها شركات ذات طابع وطني ،
تخضع لدولة أو أخرى حسب مكان مقرها الرئيسي
- أنها شركات عبر وطنية بالنسبة لمجال أعمالها .
-
أنها شركات ذات طابع متعدد
الجنسيات بالنسبة لرأس مالها الاجتماعي .
ب) خصائص الشركات المتعددة الجنسيات : تتميز هذه الكيانات الاقتصادية
بمجموعة من الخصائص تتمثل في :
1/ الحجم الكبير : تتميز
هذه الشركات بكبر حجم نشاطها في التجارة الدولية وخاصة في ميادين صناعة السيارات
والمعادن، والمواد الكيماوية والبترولية.
2/ تنوع المنتجات : حيث تخرج الشركات عن دائرة التخصص في
الإنتاج بما ينطوي عليه من الارتباط بقيود سلعة معينة وذلك تفاديا لأخطار تقلبات
السوق . ففي دراسة أجرتها جامعة هارفورد الأمريكية أن الشركات المتعددة الجنسيات
الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية تنتج في المتوسط 22 سلعة من أنواع مختلفة
مثلا : شركة جنرال موتورز
لا تكفي بإنتاج قاطرات السكك الحديدية فحسب، بل تتعداه إلى إنتاج الثلاجات
والسيارات المختلفة الأغراض.
3/ التنوع في النشاطات :
مثل الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية في وقت واحد ، من أجل تفادي
أخطار الكساد الذي قد يلحق بأحد الأنشطة الاقتصادية.
4/ التشتت الجغرافي :
حيث يصل التوزيع بين الدول في المتوسط إلى 12 دولة ، وقد يصل في بعض الحالات إلى
100 دولة ، وهذا التوزيع يعطي الشركة العملاقة إمكانيات ضخمة في التعامل مع حكومات
متعددة ، فضلا عن أن توزع النشاط جغرافيا على العديد من الدول يحد من أثر تأميم أي
فرع للشركة في هذا البلد .
5/ التفوق التكنولوجي :
إن الحجم الضخم والأرباح الكبيرة للشركة متعددة الجنسيات ، يوفران الموارد المالية
والخبرة اللازمة للبحوث العالمية ، كما أن هذه الشركات هي المركز الأساسي لتلقي ما
تنفقه الدول الرأسمالية الكبرى على تطوير الأسلحة فتستفيد من نتائج هذا التطور في
إنتاجها المدني ، ولاشك أن امتلاك مفاتيح التقدم التكنولوجي هو أحد الأسلحة
الأساسية في يد الشركات متعددة الجنسيات في فرض سيطرتها حيث تلجأ هذه الأخيرة إلى
الاتفاقات الخاصة بمنح واستخدام البراءات، والتي غالبا ما تتضمن ضغوطا اقتصادية
وتجارية بشكل يعيق من حرية التصرف ويحد من استخدام وتطوير التكنولوجيا المستوردة .
6/ تركيز الإدارة العليا :
حيث تمارس الشركات سيطرة مركزية كاملة من البلد الأصلي على فروعها المنتشرة في
أنحاء العالم ، وقد ساعد على قيام هذه المركزية التقدم الكبير في استخدام الحسابات
الإلكترونية في جمع وتصنيف المعلومات ومعالجتها رياضيا بالأساليب الحديثة.
تطور الشركات متعددة الجنسيات ودوافع
ظهورها :
أ/ تطورها : ([11])
يزدهر النشاط الاقتصادي الخاص على حساب النشاط الاقتصادي العام حتى في
النطاق الدولي, فعندما تكتمل عناصر حرية التجارة, ويقتصر دور الدولة على التنظيم
والتوجيه و الرقابة, ويترك النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص, وتصبح الأسواق الوطنية
المختلفة سوقا دولية للتجارة والمال , أطرافها المتعاملة هي المشروعات, وتتميز
بالتخصص والمهارات التكنولوجية المختلفة ؛فإن نشاط العلاقات الاقتصادية الدولية
يصبح هو "النشاط الدولي للأعمال", و الذي من أبرز صوره الاستثمار الدولي
المباشر بقيادة الشركات متعددة الجنسيات ([12]).
ومنذ بداية الحرب العالمية الأولى بدأ مفهوم هذه الشركات يتوطد بشكل واضح
خاصة شركات النفط وإنتاج السيارات والكيماويات ، واستمر عدد من الشركات العملاقة
في توسيع مصالحها خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين، وخاصة في الصناعات
الجديدة المتقدمة تكنولوجيا.ومع ذلك فإن الظروف في هذه الفترة لم تكن ملائمة
للتوسع في الاستثمار الدولي المباشر, فقد كان لعاملي "سيكولوجية الحرب"
و "القومية " أثرهما في تثبيط همة التوسع, فبعض الدول وبدافع العامل
القومي أخذت تؤكد على قومية الشركات كما حدث في ألمانيا و الولايات المتحدة
الأمريكية.كما أن الموقف النقدي كان عاملا مساعدا على إحجام الاستثمار الدولي ,
لأن حالة الفوضى التي برزت في هذه الفترة أفقدت الثقة في معظم العملات .
وبعد الحرب العالمية الثانية برزت الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوة
اقتصادية في العالم بمواردها الزراعية والصناعية , وسيطرتها على التكنولوجيا
وبعماتها التي أصبحت عملة الاحتياط الأولى*, وبجهازها الصناعي الذي لم يدمر
وبقدرتها العسكرية المتنامية , فخلال الحرب نمت القدرات الإنتاجية الأمريكية
لتزويد الأطراف المتحاربة بمعدات القتال , إلا أن الطاقات الإنتاجية المخصصة
للقتال تحولت بعد الحرب إلى طاقات عاطلة وكان لابد من إيجاد منافذ لها خارج
الولايات المتحدة الأمريكية , و بما أن الدول الأوربية كانت بحاجة للطاقات
الأمريكية لإعادة تعمير ما دمرته الحرب , فقد وجدت رؤوس الأموال الأمريكية فرصتها
للخروج من الولايات المتحدة الأمريكية ففي الفترة ما بين عام 1946وعام1969 ارتفعت
القيمة الدفترية للاستثمارات الأمريكية في الخارج من 7200 مليون دولار إلى 70763
مليون دولار ,و كان تطور النهضة الاقتصادية في أوربا بعد الحرب العالمية الثانية
ظرفا مناسبا لتطور الاستثمارات الواردة من الخارج وعليه الاستفادة من الزيادة
الكبيرة على الطلب في معظم الأسواق .و من العوامل الموضوعية التي ساعدت على نمو
الشركات متعددة الجنسيات زوال الحماية الجمركية بين الدول الأوربية الذي ابتدأ
تطبيقه منذ عام 1958 بعد قيام السوق الأوربية المشتركة .كما ساهمت الاتفاقية العمة
للتعريفات والتجارة GATT في وضع المبادئ العامة لتنظيم التجارة الدولية لمختلف الدول
وبالتالي فتح الطريق أمام قيام مصانع متداخلة في بلدان مختلفة .وهذا يجدر بنا أن
نشير إلى أن الوضع المسيطر للولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات 1967-1976 قد
تقلص بعض الشيء , حيث نقص نصيبها في الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي من 55% إلى 46% ,وذلك
نتيجة الارتفاع النسبي لمعدل النمو في الاستثمار الأجنبي غير الأمريكي فمثلا
الاستثمار الأجنبي لليابان كان ينمو بمعدل سنوي متوسط 34% وألمانيا الغربية بمعدل سنوي 23% بينما
كان الاستثمار الأجنبي .
المباشر للولايات المتحدة الأمريكية ينمو بمعدل 10% تقريبا وقد يرجع ذلك إلى الزيادة
السريعة في الإنتاجية الصناعية لليابان والدول الأوربية , حيث أصبحت منتجاتها أكثر
تنافسا للمنتجات الأمريكية ([13]).
ونتيجة للموجة العارمة للاستثمار الأجنبي المباشر غير الأمريكي خلال
السبعينات, زاد دور الولايات المتحدة الأمريكية كدولة مضيفة حيث بلغت جملة
الاستثمار الأجنبي إلى أكثر من 52 مليار دولار في نهاية 1979 و قد ساعد على ذلك
مجموعة من العوامل أهمها التدهور الهائل في قيمة الدولار في أواخر السبعينات ([14]),
وبالتالي نقص التكلفة بالعملات الأجنبية التي تكسبها الشركات الأمريكية , وانخفاض
تكاليف الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية .وقد تسبب انحراف تدفق الاستثمار عن
البلدان المتخلفة نحو البلدان المتقدة في تعميق المشاكل الهيكلية للبلدان المتخلفة
, وأوقف إمكانيات تطورها , إذ وضعها في موقف هامشي جدا وسط النمو المتسارع لحركة
رأس المال والبضائع التي ميزت التبادل العالمي .وحتى حركة رأس المال نحو البلدان
المتخلفة والتي مثلت الاستغلال والتبعية الاقتصادية خلال عصر كامل من الزمن على
شكل الاستثمار الخاص المباشر , أخذت تتقلص لتبدل تدفق هذه الرساميل برساميل مصرفية
مرتفعة (البنوك متعددة الجنسيات ) أدت إلى خلق ديون باهظة وضعت فائدتها , اقتصاد
العالم الثالث في أزمة.([15])
وعلى العموم تتحول الشركات إلى دولية ومن ثم إلى متعددة الجنسيات مرورا
بمراحل معينة, قد تكون أولها مرحلة التصدير أين تبتدأ بالمعلومات التي ترد لشركات
الإنتاج من قبل المصدر المحلي الوسيط حول المشتري الأجنبي , وبالتالي تحدد هذه
الشركات المبيعات التي تراها مربحة.وبحسب النتائج المحققة تقوم بتطوير صادراتها من
خلال إنشاء وكالة تصديرية في البلد الأجنبي, ومن ثم إقامة وكالة كاملة للتصدير
بنفس حجم ومكانة فرع المبيعات المحلية, وهنا تستغني تماما عن استعمال الوسيط
المحلي .ثم يبدأ التفكير في النفاذ إلى الأسواق الأجنبية بواسطة إنشاء ترتيبات
تراخيص مع منشآت الدولة الأجنبية, و في ظل هذه الترتيبات قد تبيع المنشآت حق توزيع
السلعة أو باستخدام سلعة هذه المنشآت وعلامتها التجارية, و أخيرا قد تأخذ المنشآت
في اعتبارها إنشاء وحدة إنتاجية في الدولة الأجنبية مع احتفاظها بحق التسيير .و
هنا تسجل بداية الشركات متعددة الجنسيات حيث تصبح الشركة دولية عندما يصبح تسييرها
بحاجة إلى تخطيط , تنظيم ومراقبة لإنتاجها الدولي الواسع النطاق .
ب/ دوافع ظهورها : تتعدد دوافع
ظهور الشركات متعددة الجنسيات بتعدد أنواعها و لكن يبقى هدف تحقيق أعلى ربح بأقل
التكاليف هو الدافع الأساسي لنمو هذه الشركات :" فهي تنتج في البلدان التي
تكون فيها عناصر الإنتاج منخفضة النفقة .ثم تبيع هذه المنتجات في البلاد مرتفعة
الأسعار , فهو نوع من التنظيم الاحتكاري عن طريق الاستفادة من التمايز بين أماكن
الإنتاج وأماكن البيع ([16]).
وتفسير دوافع ظهور الشركات متعددة الجنسيات في القرن العشرين برز في عدة اتجاهات
,فهناك من يرى أن الظروف الاقتصادية الدولية (زيادة نفقات التصدير بسبب ارتفاع
نفقة النقل و وجود الحواجز الجمركية , السياسات الضريبية واختلاف الأوضاع النقدية
حيث من مصلحة الشركات متعددة الجنسيات الاستثمار في الدول التي تعاني من انخفاض
عملاتها بسبب التضخم ومن انخفاض سعر الضريبة على الأعمال وعلى الأرباح التجارية
والصناعية) كانت وراء استثمار الشركات متعددة الجنسيات في الخارج .بينما هناك من
يرجع انتشار الشركات إلى تطور الهيكل الاقتصادي للدول الرأسمالية المختلفة , أي
أنهم يرجعون ظاهرة عالمية الإنتاج إلى وجود التركيز المالي الشديد في المرحلة
الاحتكارية , حيث كان من الصعب على الشركات الاحتكارية أن توسع نطاق سيطرتها على
السوق الداخلي وتحفظ على استمرار نموها بدون القيام بإنشاء وحدات إنتاجية خارج
حدود الدولة التي توجد بها , أما الاتجاه الثالث فيرجع ظاهرة عالمية الإنتاج إلى
عاملين :
1-
انخفاض معدل الربح في الدول الرأسمالية المتطورة .
2-
تباين واختلاف معدل الأجور على المستوى
العالمي .
إن
انتشار الشركات متعددة الجنسيات يعود بالدرجة الأولى إلى الاستفادة من المزايا
التي تتيحها عملية التوطن في أماكن عديدة مثل : القرب من مصادر المواد الأولية
والوصول المباشر إلى سوق المستهلكين والنظم الضريبية والجمركية ومستوى الأجور
والهروب من المقاييس التقنية المتشددة كمقاييس حماية البيئة أو تقليل تلوثها
والحيلولة دون استيلاء المنافس على الأسواق الأجنبية ومصادر المواد الخام .
[1])) سامي عفيف حاتم؛ التأمين الدولي؛ الدار المصرية
اللبنانية؛ الطبعة الأولى 1986؛ ص207.
[2]) ) زينب حسين عوض الله ؛ الاقتصاد الدولي
(نظرة عامة على بعض القضايا ) ؛ دار الجامعة الجديدة للنشر 1999 ص6.
[3]) ) فيديل كاسترو ؛ أزمة العالم
الاقتصادية والاجتماعية ؛ انعكاساتها على البلدان المتخلفة وآفاقها القاتمة وضرورة
النضال إذا أردنا الحياة ؛ التقرير المقدم لمؤتمر القمة السابع للبلدان غير
المنحازة؛ الطبعة الثانية ؛ المؤسسة الوطنية للكتاب ؛ الجزائر ؛ ص 33 .
[4]) ) نفس المرجع السابق ص 35.
[5]) ) زينب حسين عوض الله ؛ مرجع
سابق؛1999؛ ص8.
([6])
سامي عفيفي حاتم ؛مرجع سابق ص202.
([7]) غضبان مبروك؛ المجتمع
الدولي (الأصول و التطور الأشخاص)؛ ديوان المطبوعات الجامعية ؛ الجزائر ؛1994
ص588.
([8])
عدي قصور ؛مشكلات التنمية
ومعوقات التكامل الاقتصادي العربي ؛ ديوان المطبوعات الجامعية ؛الجزائر ؛1983 ص
339.
* أنظر :سامي عفيفي حاتم ؛ مرجع سابق ؛ ص203.
([9])
د/ سلطان محمد سلطان ؛
العلاقات الاقتصادية الدولية ؛ دار المريخ للنشر ؛ الطبعة العربية ؛ 1987 ؛ ص699 .
([10])
د/ غضبان مبروك ؛مرجع سابق
؛ ص590 . (11): د/ عدي قصور؛ مرجع سابق؛ ص340.
([11])
عدي قصور ؛ مرجع سابق ؛
ص34.
[12]) ) زينب حسين عوض الله ؛ الاقتصاد
الدولي (نظرة عامة على بعض القضايا ) ؛ دار الجامعة الجديدة للنشر ؛ 1998 ؛ ص374.
* أي العملة التي تتمتع بخاصية
العمومية أو القبول العام في المبادلات الدولية.
([13])
سلطان محمد سلطان ؛ مرجع
سابق ؛ ص715, 716.
[14]) ) نفس الرجع السابق ؛ ص719 .
[15]) ) فيديل كاسترو ؛ مرجع سابق ؛ ص24.
[16]) ) زينب حسين عوض الله 1998 ؛مرجع سابق ؛ ص397 .
الاقتصادي الدولي وبروز الشركات المتعددة
الجنسيات :
من أبرز الظواهر المميزة للعصر الحديث ,
ظاهرة التكتلات الاقتصادية الناتجة عن تطور علاقات الإنتاج , وزيادة أهمية الوحدات
الاقتصادية الكبيرة فقد أدى التقدم التكنولوجي الحديث والتحول اتجاه تكامل
الاقتصاديات وسيادة آليات السوق و ظواهر الخصوصية أو الخوصصة, بما يتضمنه من حرية
دخول وخروج البضائع والخدمات ورؤوس الأموال عبر الحدود المختلفة دون عوائق أو
إجراءات تنظيمية , إلى تنشيط ظاهرة الاستثمار الدولي , و الذي يوظف من خلال قناتين
.الأولى : يطلق عليها الاستثمار الغير مباشر أي من خلال حيازة محفظة دولية للأوراق
المالية .الثانية : من خلال الاستثمار المباشر , والفرق بينهما يتعلق بمدى السيطرة
على السلطة الاقتصادية والإدارية في المشروع . و يعتبر الاستثمار المباشر الصورة
الطبيعية التي أدت إلى نمو وميلاد الشركات متعددة الجنسيات , والذي كان متزامنا مع
تطور الأزمة التي اجتاحت الاقتصاد الرأسمالي منذ الحرب العالمية الثانية إلى يومنا
هذا . وذلك سنحاول إبراز أهم مراحل تطور الأزمة الاقتصادية وظهور الشركات متعددة
الجنسيات .
الوضع الاقتصادية الدولي خلال سنوات الأزمة : ([1])
لقد مثل الكساد الكبير في 1929 أعمق أزمة عرفها التطور الرأسمالي, وهي أزمة
استمرت عمليا حتى بداية الحرب العالمية الثانية في 1939. أين خرجت الولايات
المتحدة الأمريكية منتصرة وصاحبة أقوى اقتصاد قومي في العالم , في الوقت الذي
انهارت فيه القوى الأمريكية. فقد أدى تدفق الذهب من أوربا الغربية إلى الولايات
المتحدة خلال الثلاثينيات (الناتج عن الاضطرابات السياسية في تلك الفترة , و
العدوان المحتمل لألمانيا النازية على دول المحور)؛ إلى امتلاك الولايات المتحدة
لأكبر رصيد ذهني بين كافة دول العالم بعد نهاية الحرب. وبالتالي أصبحت الدولة
الدائنة لحلفائها الأوربيين, وصاحبة أكبر حجم من التبادل التجاري الخارجي, كما
امتلكت اقتصادا ضخما ذا قاعدة إنتاجية متنوعة وقادرة على تزويد دول العالم الأخرى
بقدر هام من السلع المختلفة التي تلزم للاستهلاك و الإنتاج. و قد كانت هذه الظروف
سببا في دفع الاقتصاد الأمريكي لاحتلال مركز الاقتصاد القائد المسيطر, و انعكس ذلك
على مركز عملتها (الدولار) ليصبح العملة الرئيسية في العالم بجانب الذهب. و على
الجانب الآخر كانت الدول الأوربية صاحبة أضعف اقتصاد قومي بين الدول الصناعية
المتقدمة بسبب الدمار الذي ألحقته الحرب بأصولها الإنتاجية , الأمر الذي زاد من
احتياجاتها التمويلية , وضاعف استيرادها لكميات كبيرة من رؤوس الأموال الإنتاجية
والمواد الخام بغية أن تتمكن صناعاتها القومية من الوقوف على قدمها مرة أخرى . إلا
أن المشكلة الأساسية التي واجهت جهود إعادة بناء الاقتصاد الأوربي , هي عدم قدرتها
على اكتساب الدولارات الأمريكية اللازمة لتمويل احتياجاتها الإستيرادية من
الاقتصاد الأمريكي باعتباره الاقتصاد القائد. لذلك ظهر في هذه الفترة ما يعرف باسم
"الفجوة الدولارية" والتي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن تضطلع
بدورها المنتظر في التخفيف من حدة هذه الفجوة باعتبارها الاقتصاد الموجه , وذلك من
خلال وضع الخطط والبرامج التي من شأنها المساعدة على إحداث الانتعاش الاقتصادي
لدول أوربا الغربية. ولقد كان "مشروع مارشال" الترجمة الحقيقية لبرامج
المساعدات الأمريكية لتنمية اقتصاديات أوربا المهدمة . فلقد تضمن هذا المشروع
تزويد أوربا الغربية بملايير الدولارات لإقامة العديد من مشروعات البنية الأساسية
في المجتمع الأوربي الذي دخل تحت لواء الزعامة السياسية الأمريكية. كما اتجهت
أمريكا لتشجيع استثماراتها المباشرة في أوربا من خلال الشركات متعددة الجنسيات,
والتي لعبت دورا هاما في إعادة بناء أوربا عن طريق إقامة العديد من الفروع
الإنتاجية والتسويقية فيها.
إلا أن هيمنة الولايات المتحدة بدأت تضعف في عقد الخمسينات نتيجة الانتعاش
و النمو الذين حققتهما أوربا الغربية و اليابان. وما إن انتهت
الخمسينات حتى كانت أوربا واليابان قوتين اقتصاديتين هائلتين, ومع بداية الستينات
بدأت موجة الاستقلال السياسي لدول العالم الثالث, وخلال الستينات حققت كل من الدول
الصناعية ودول العالم الثالث معدلات نمو مما زاد من الترابط الاقتصادي العالمي كما
توافر للعالم استقرار كبير في الأسعار([2]),
واستمر التوسع الاقتصادي في البلدان الرأسمالية حتى قرب نهاية الستينات, و معه
إقامة المراكز الثلاثة الكبيرة للهيمنة الرأسمالية العالمية الو.م.أ, السوق
الأوربية المشتركة, واليابان فهي متحدة في النضال ضد الاشتراكية, ومتحالفة في
مواجهة البلدان المتخلفة و مطالبها, ولكنها متنافسة في الصراع على مصادر الطاقة,
والاستفادة من رخص اليد العاملة والمواد الخام, وبيع منتجاتها في الأسواق الدولية.
وفي مارس 1968 تطل الأزمة من جديد ويظهر أول
تعبير لها متمثلا فيما يسمى في تلك الآونة بأزمة الدولار, وما إن بدأت السبعينات
حتى تغيرت الصورة بشكل كبير , إذ اجتاحت الاقتصاد العالمي أزمة عارمة تميزت
باتجاهات تضخمية (ارتفاعات رهيبة في الأثمان ) و اتجاهات انكماشية (انتشار البطالة
و وجود الطاقات الإنتاجية المادية المعطلة) . بالإضافة إلى فشل السياسات الحكومية
المنظمة للعمليات الدورية في الاقتصاد الرأسمالي .
فقد أدت السياسة الاقتصادية
التقشفية غير المنطقية المسماة "شد الأحزمة" والتي تعلن مقاومتها للتضخم
باعتباره السبب الرئيسي للأزمة إلى :
1- الارتفاع الشديد في معدلات الفوائد والذي
شجعته حكومة الولايات المتحدة الأمريكية مما تسبب في نتائج خطيرة , حيث أدى إلى
تدهور ملحوظ في السوق المالي الدولي , وزاد من خدمات الديون الخارجية للعالم
الثالث , وساهم أيضا في جمود التجارة العالمية .
2- انخفاض النفقات الحكومية ,مما تسبب في تقليص
ميزانية البرامج الاجتماعية وتحديد سقف للوظائف العامة مع ما يعنيه ذلك من نتائج
سلبية اجتماعية أو سياسية. ([3])
كما لم تكن هذه السياسات عاملا مساعدا على استمرارية وتفاقم الأزمة فحسب ,
بل المسألة تكمن في انعكاساتها الاقتصادية الوخيمة على البلدان المتخلفة , ومحاولة
حكومات معينة " بطريقة مباشرة أو من خلال بعض الهيئات الدولية "
لتطبيقها في تلك البلدان , وهو ما يزيد من تأثير الأزمة عليها و يخضعها لتوترات
سياسية و اقتصادية و اجتماعية داخلية خانقة وهكذا انتقلت تأثيرات الأزمة إلى
البلدان المتخلفة ففاقمت من وضعها المتزعزع , و قد بدت الأزمة من خلال ([4])
زيادة معدلات التضخم , تدهور في معدلات التجارة , زيادة الأرصدة السلبية في الحساب
الجاري لميزان المدفوعات مما أدى إلى زيادة الديون الخارجية , والتي ظهرت في
البداية كعامل مخفف من نتائج الأزمة على المدى القصير،ولكن على حساب رهن مستقبل
البلدان المتخلفة وتوليد عملية اختناق اقتصادي متزايدة لا يمكن تحملها في الآجال
الطويلة.وهكذا فقد أدت السياسة المطبعة انطلاقا من 1980 إلى تعميق الركود
الاقتصادي في كافة البلدان الرأسمالية وبالتبعية في البلدان النامية.
كما
تفاقمت مشكلة البيئة وتلوثها, وأزمة الطاقة وانهيار نظام النقد الدولي وتعميم
أسعار الصرف وعودة نزعة الحماية إلى العلاقات التجارية الدولية, وهناك الخلافات
بين الدول النامية والدول الرأسمالية في مجال أسعار المواد الأولية وتفاقم مشكلة
المديونية ....([5]).
مفهوم الشركات متعددة الجنسيات وخصائصها :
أ) مفهوم الشركات متعددة الجنسيات :
نظرا للخصائص العديدة التي تميز المنشآت متعددة الجنسية فإنه من الصعب الوصول إلى
تعريف واحد يمكن إن يزودنا بمقياس معين يؤهل شركة ما لأن تكون متعددة الجنسية
وقد اختلف المختصون في وضع
تعريف موحد للشركات متعددة الجنسيات ."وترجع أولى استخدامات تعبير الشركة
متعددة الجنسية إلى عام 1960 حينما أشار إليهE.Lilienthal للدلالة على تلك الشركات
التي تمارس نشاطها الاقتصادي في أكثر من دولة مع تحمل مسؤولية الإدارة المباشرة عن
تلك الأعمال التي تؤديها داخل الدولة الأم وخارجها بإحدى الدول المضيفة. ومنذ هذا
التاريخ والكتاب يتسابقون فيما بينهم على وضع تعريف يلقى قبولا بين مستخدميه ([6])
كما امتد الخلاف ليشمل حتى التسميات التي أعطيت لهذه الكيانات ونذكر منها :
الشركات عابرة الحدود , الشركات الكوكبية , الشركات عبر القومية , الشركات
العملاقة ....
ومن بين التعاريف المذكورة ([7])
تعريف الأستاذ توجندات(TUGENDAHT ) : "هي
عبارة عن الشركات الصناعية التي تنتج وتبيع منتجاتها في أكثر من دولة واحدة
". كما عرفها الأستاذ ماتيوز بأنها :"المؤسسات التي تسيطر على عدد معين
من الوحدات الإنتاجية (عشرة على الأقل ) في عدد معين من الدول (ستة دول على الأقل)
والتي تحقق نسبة هامة من إنتاجها (25% على الأقل ) خارج الدولة الأم.وكل هذا في إطار
استراتيجية إنتاجية موحدة ", أما غرفة التجارة فتعرفها بأنها "الشركة
التي تعمل على نطاق عالمي وتساهم بشكل أساسي في تدفق الاستثمارات" ([8])
وفي الحقيقة التعاريف الموجودة كثيرة ومختلفة
باختلاف المعيار المستخدم* لتمييز
هذه الكيانات كعدد الدول التي تعمل فيها المنشآت ,نسبة الأصول الكلية أو المبيعات
التي تبيعها المنشآت الأجنبية التابعة ...وعموما تعرف الشركات متعددة الجنسيات
بأنها :"منشآت أعمال دولية ذات مراكز إنتاجية تتوطن في أكثر من دولة واحدة
والفروع الأجنبية التابعة للمنشأة متعددة الجنسيات يجب ألا تكون مملوكة فقط ( على
الأقل نسبة كبيرة منها ) للشركة الأم التي يكون مركزها الرئيسي في أرض الوطن ،
ولكن يجب أيضا أن تكون الفروع محكومة بالكامل وموجهة عن طريق الشركة الأم ([9]).
إذ تعتبر الشركة متعددة الجنسية إذا توافرت على ثلاثة خصائص : ([10])
-
أنها شركات ذات طابع وطني ،
تخضع لدولة أو أخرى حسب مكان مقرها الرئيسي
- أنها شركات عبر وطنية بالنسبة لمجال أعمالها .
-
أنها شركات ذات طابع متعدد
الجنسيات بالنسبة لرأس مالها الاجتماعي .
ب) خصائص الشركات المتعددة الجنسيات : تتميز هذه الكيانات الاقتصادية
بمجموعة من الخصائص تتمثل في :
1/ الحجم الكبير : تتميز
هذه الشركات بكبر حجم نشاطها في التجارة الدولية وخاصة في ميادين صناعة السيارات
والمعادن، والمواد الكيماوية والبترولية.
2/ تنوع المنتجات : حيث تخرج الشركات عن دائرة التخصص في
الإنتاج بما ينطوي عليه من الارتباط بقيود سلعة معينة وذلك تفاديا لأخطار تقلبات
السوق . ففي دراسة أجرتها جامعة هارفورد الأمريكية أن الشركات المتعددة الجنسيات
الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية تنتج في المتوسط 22 سلعة من أنواع مختلفة
مثلا : شركة جنرال موتورز
لا تكفي بإنتاج قاطرات السكك الحديدية فحسب، بل تتعداه إلى إنتاج الثلاجات
والسيارات المختلفة الأغراض.
3/ التنوع في النشاطات :
مثل الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية في وقت واحد ، من أجل تفادي
أخطار الكساد الذي قد يلحق بأحد الأنشطة الاقتصادية.
4/ التشتت الجغرافي :
حيث يصل التوزيع بين الدول في المتوسط إلى 12 دولة ، وقد يصل في بعض الحالات إلى
100 دولة ، وهذا التوزيع يعطي الشركة العملاقة إمكانيات ضخمة في التعامل مع حكومات
متعددة ، فضلا عن أن توزع النشاط جغرافيا على العديد من الدول يحد من أثر تأميم أي
فرع للشركة في هذا البلد .
5/ التفوق التكنولوجي :
إن الحجم الضخم والأرباح الكبيرة للشركة متعددة الجنسيات ، يوفران الموارد المالية
والخبرة اللازمة للبحوث العالمية ، كما أن هذه الشركات هي المركز الأساسي لتلقي ما
تنفقه الدول الرأسمالية الكبرى على تطوير الأسلحة فتستفيد من نتائج هذا التطور في
إنتاجها المدني ، ولاشك أن امتلاك مفاتيح التقدم التكنولوجي هو أحد الأسلحة
الأساسية في يد الشركات متعددة الجنسيات في فرض سيطرتها حيث تلجأ هذه الأخيرة إلى
الاتفاقات الخاصة بمنح واستخدام البراءات، والتي غالبا ما تتضمن ضغوطا اقتصادية
وتجارية بشكل يعيق من حرية التصرف ويحد من استخدام وتطوير التكنولوجيا المستوردة .
6/ تركيز الإدارة العليا :
حيث تمارس الشركات سيطرة مركزية كاملة من البلد الأصلي على فروعها المنتشرة في
أنحاء العالم ، وقد ساعد على قيام هذه المركزية التقدم الكبير في استخدام الحسابات
الإلكترونية في جمع وتصنيف المعلومات ومعالجتها رياضيا بالأساليب الحديثة.
تطور الشركات متعددة الجنسيات ودوافع
ظهورها :
أ/ تطورها : ([11])
يزدهر النشاط الاقتصادي الخاص على حساب النشاط الاقتصادي العام حتى في
النطاق الدولي, فعندما تكتمل عناصر حرية التجارة, ويقتصر دور الدولة على التنظيم
والتوجيه و الرقابة, ويترك النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص, وتصبح الأسواق الوطنية
المختلفة سوقا دولية للتجارة والمال , أطرافها المتعاملة هي المشروعات, وتتميز
بالتخصص والمهارات التكنولوجية المختلفة ؛فإن نشاط العلاقات الاقتصادية الدولية
يصبح هو "النشاط الدولي للأعمال", و الذي من أبرز صوره الاستثمار الدولي
المباشر بقيادة الشركات متعددة الجنسيات ([12]).
ومنذ بداية الحرب العالمية الأولى بدأ مفهوم هذه الشركات يتوطد بشكل واضح
خاصة شركات النفط وإنتاج السيارات والكيماويات ، واستمر عدد من الشركات العملاقة
في توسيع مصالحها خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين، وخاصة في الصناعات
الجديدة المتقدمة تكنولوجيا.ومع ذلك فإن الظروف في هذه الفترة لم تكن ملائمة
للتوسع في الاستثمار الدولي المباشر, فقد كان لعاملي "سيكولوجية الحرب"
و "القومية " أثرهما في تثبيط همة التوسع, فبعض الدول وبدافع العامل
القومي أخذت تؤكد على قومية الشركات كما حدث في ألمانيا و الولايات المتحدة
الأمريكية.كما أن الموقف النقدي كان عاملا مساعدا على إحجام الاستثمار الدولي ,
لأن حالة الفوضى التي برزت في هذه الفترة أفقدت الثقة في معظم العملات .
وبعد الحرب العالمية الثانية برزت الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوة
اقتصادية في العالم بمواردها الزراعية والصناعية , وسيطرتها على التكنولوجيا
وبعماتها التي أصبحت عملة الاحتياط الأولى*, وبجهازها الصناعي الذي لم يدمر
وبقدرتها العسكرية المتنامية , فخلال الحرب نمت القدرات الإنتاجية الأمريكية
لتزويد الأطراف المتحاربة بمعدات القتال , إلا أن الطاقات الإنتاجية المخصصة
للقتال تحولت بعد الحرب إلى طاقات عاطلة وكان لابد من إيجاد منافذ لها خارج
الولايات المتحدة الأمريكية , و بما أن الدول الأوربية كانت بحاجة للطاقات
الأمريكية لإعادة تعمير ما دمرته الحرب , فقد وجدت رؤوس الأموال الأمريكية فرصتها
للخروج من الولايات المتحدة الأمريكية ففي الفترة ما بين عام 1946وعام1969 ارتفعت
القيمة الدفترية للاستثمارات الأمريكية في الخارج من 7200 مليون دولار إلى 70763
مليون دولار ,و كان تطور النهضة الاقتصادية في أوربا بعد الحرب العالمية الثانية
ظرفا مناسبا لتطور الاستثمارات الواردة من الخارج وعليه الاستفادة من الزيادة
الكبيرة على الطلب في معظم الأسواق .و من العوامل الموضوعية التي ساعدت على نمو
الشركات متعددة الجنسيات زوال الحماية الجمركية بين الدول الأوربية الذي ابتدأ
تطبيقه منذ عام 1958 بعد قيام السوق الأوربية المشتركة .كما ساهمت الاتفاقية العمة
للتعريفات والتجارة GATT في وضع المبادئ العامة لتنظيم التجارة الدولية لمختلف الدول
وبالتالي فتح الطريق أمام قيام مصانع متداخلة في بلدان مختلفة .وهذا يجدر بنا أن
نشير إلى أن الوضع المسيطر للولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات 1967-1976 قد
تقلص بعض الشيء , حيث نقص نصيبها في الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي من 55% إلى 46% ,وذلك
نتيجة الارتفاع النسبي لمعدل النمو في الاستثمار الأجنبي غير الأمريكي فمثلا
الاستثمار الأجنبي لليابان كان ينمو بمعدل سنوي متوسط 34% وألمانيا الغربية بمعدل سنوي 23% بينما
كان الاستثمار الأجنبي .
المباشر للولايات المتحدة الأمريكية ينمو بمعدل 10% تقريبا وقد يرجع ذلك إلى الزيادة
السريعة في الإنتاجية الصناعية لليابان والدول الأوربية , حيث أصبحت منتجاتها أكثر
تنافسا للمنتجات الأمريكية ([13]).
ونتيجة للموجة العارمة للاستثمار الأجنبي المباشر غير الأمريكي خلال
السبعينات, زاد دور الولايات المتحدة الأمريكية كدولة مضيفة حيث بلغت جملة
الاستثمار الأجنبي إلى أكثر من 52 مليار دولار في نهاية 1979 و قد ساعد على ذلك
مجموعة من العوامل أهمها التدهور الهائل في قيمة الدولار في أواخر السبعينات ([14]),
وبالتالي نقص التكلفة بالعملات الأجنبية التي تكسبها الشركات الأمريكية , وانخفاض
تكاليف الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية .وقد تسبب انحراف تدفق الاستثمار عن
البلدان المتخلفة نحو البلدان المتقدة في تعميق المشاكل الهيكلية للبلدان المتخلفة
, وأوقف إمكانيات تطورها , إذ وضعها في موقف هامشي جدا وسط النمو المتسارع لحركة
رأس المال والبضائع التي ميزت التبادل العالمي .وحتى حركة رأس المال نحو البلدان
المتخلفة والتي مثلت الاستغلال والتبعية الاقتصادية خلال عصر كامل من الزمن على
شكل الاستثمار الخاص المباشر , أخذت تتقلص لتبدل تدفق هذه الرساميل برساميل مصرفية
مرتفعة (البنوك متعددة الجنسيات ) أدت إلى خلق ديون باهظة وضعت فائدتها , اقتصاد
العالم الثالث في أزمة.([15])
وعلى العموم تتحول الشركات إلى دولية ومن ثم إلى متعددة الجنسيات مرورا
بمراحل معينة, قد تكون أولها مرحلة التصدير أين تبتدأ بالمعلومات التي ترد لشركات
الإنتاج من قبل المصدر المحلي الوسيط حول المشتري الأجنبي , وبالتالي تحدد هذه
الشركات المبيعات التي تراها مربحة.وبحسب النتائج المحققة تقوم بتطوير صادراتها من
خلال إنشاء وكالة تصديرية في البلد الأجنبي, ومن ثم إقامة وكالة كاملة للتصدير
بنفس حجم ومكانة فرع المبيعات المحلية, وهنا تستغني تماما عن استعمال الوسيط
المحلي .ثم يبدأ التفكير في النفاذ إلى الأسواق الأجنبية بواسطة إنشاء ترتيبات
تراخيص مع منشآت الدولة الأجنبية, و في ظل هذه الترتيبات قد تبيع المنشآت حق توزيع
السلعة أو باستخدام سلعة هذه المنشآت وعلامتها التجارية, و أخيرا قد تأخذ المنشآت
في اعتبارها إنشاء وحدة إنتاجية في الدولة الأجنبية مع احتفاظها بحق التسيير .و
هنا تسجل بداية الشركات متعددة الجنسيات حيث تصبح الشركة دولية عندما يصبح تسييرها
بحاجة إلى تخطيط , تنظيم ومراقبة لإنتاجها الدولي الواسع النطاق .
ب/ دوافع ظهورها : تتعدد دوافع
ظهور الشركات متعددة الجنسيات بتعدد أنواعها و لكن يبقى هدف تحقيق أعلى ربح بأقل
التكاليف هو الدافع الأساسي لنمو هذه الشركات :" فهي تنتج في البلدان التي
تكون فيها عناصر الإنتاج منخفضة النفقة .ثم تبيع هذه المنتجات في البلاد مرتفعة
الأسعار , فهو نوع من التنظيم الاحتكاري عن طريق الاستفادة من التمايز بين أماكن
الإنتاج وأماكن البيع ([16]).
وتفسير دوافع ظهور الشركات متعددة الجنسيات في القرن العشرين برز في عدة اتجاهات
,فهناك من يرى أن الظروف الاقتصادية الدولية (زيادة نفقات التصدير بسبب ارتفاع
نفقة النقل و وجود الحواجز الجمركية , السياسات الضريبية واختلاف الأوضاع النقدية
حيث من مصلحة الشركات متعددة الجنسيات الاستثمار في الدول التي تعاني من انخفاض
عملاتها بسبب التضخم ومن انخفاض سعر الضريبة على الأعمال وعلى الأرباح التجارية
والصناعية) كانت وراء استثمار الشركات متعددة الجنسيات في الخارج .بينما هناك من
يرجع انتشار الشركات إلى تطور الهيكل الاقتصادي للدول الرأسمالية المختلفة , أي
أنهم يرجعون ظاهرة عالمية الإنتاج إلى وجود التركيز المالي الشديد في المرحلة
الاحتكارية , حيث كان من الصعب على الشركات الاحتكارية أن توسع نطاق سيطرتها على
السوق الداخلي وتحفظ على استمرار نموها بدون القيام بإنشاء وحدات إنتاجية خارج
حدود الدولة التي توجد بها , أما الاتجاه الثالث فيرجع ظاهرة عالمية الإنتاج إلى
عاملين :
1-
انخفاض معدل الربح في الدول الرأسمالية المتطورة .
2-
تباين واختلاف معدل الأجور على المستوى
العالمي .
إن
انتشار الشركات متعددة الجنسيات يعود بالدرجة الأولى إلى الاستفادة من المزايا
التي تتيحها عملية التوطن في أماكن عديدة مثل : القرب من مصادر المواد الأولية
والوصول المباشر إلى سوق المستهلكين والنظم الضريبية والجمركية ومستوى الأجور
والهروب من المقاييس التقنية المتشددة كمقاييس حماية البيئة أو تقليل تلوثها
والحيلولة دون استيلاء المنافس على الأسواق الأجنبية ومصادر المواد الخام .
[1])) سامي عفيف حاتم؛ التأمين الدولي؛ الدار المصرية
اللبنانية؛ الطبعة الأولى 1986؛ ص207.
[2]) ) زينب حسين عوض الله ؛ الاقتصاد الدولي
(نظرة عامة على بعض القضايا ) ؛ دار الجامعة الجديدة للنشر 1999 ص6.
[3]) ) فيديل كاسترو ؛ أزمة العالم
الاقتصادية والاجتماعية ؛ انعكاساتها على البلدان المتخلفة وآفاقها القاتمة وضرورة
النضال إذا أردنا الحياة ؛ التقرير المقدم لمؤتمر القمة السابع للبلدان غير
المنحازة؛ الطبعة الثانية ؛ المؤسسة الوطنية للكتاب ؛ الجزائر ؛ ص 33 .
[4]) ) نفس المرجع السابق ص 35.
[5]) ) زينب حسين عوض الله ؛ مرجع
سابق؛1999؛ ص8.
([6])
سامي عفيفي حاتم ؛مرجع سابق ص202.
([7]) غضبان مبروك؛ المجتمع
الدولي (الأصول و التطور الأشخاص)؛ ديوان المطبوعات الجامعية ؛ الجزائر ؛1994
ص588.
([8])
عدي قصور ؛مشكلات التنمية
ومعوقات التكامل الاقتصادي العربي ؛ ديوان المطبوعات الجامعية ؛الجزائر ؛1983 ص
339.
* أنظر :سامي عفيفي حاتم ؛ مرجع سابق ؛ ص203.
([9])
د/ سلطان محمد سلطان ؛
العلاقات الاقتصادية الدولية ؛ دار المريخ للنشر ؛ الطبعة العربية ؛ 1987 ؛ ص699 .
([10])
د/ غضبان مبروك ؛مرجع سابق
؛ ص590 . (11): د/ عدي قصور؛ مرجع سابق؛ ص340.
([11])
عدي قصور ؛ مرجع سابق ؛
ص34.
[12]) ) زينب حسين عوض الله ؛ الاقتصاد
الدولي (نظرة عامة على بعض القضايا ) ؛ دار الجامعة الجديدة للنشر ؛ 1998 ؛ ص374.
* أي العملة التي تتمتع بخاصية
العمومية أو القبول العام في المبادلات الدولية.
([13])
سلطان محمد سلطان ؛ مرجع
سابق ؛ ص715, 716.
[14]) ) نفس الرجع السابق ؛ ص719 .
[15]) ) فيديل كاسترو ؛ مرجع سابق ؛ ص24.
[16]) ) زينب حسين عوض الله 1998 ؛مرجع سابق ؛ ص397 .