Abstract
The
subject of this research concerns the concept of merging companies as envisaged
by the Jordanian companies' law draft via a comparative study.
I
was extremely interested to study the whole concept by dividing it into four
main chapters. The first one defines
merging as a contract between the representatives of the constituent companies.
I've outlined its characterstics to distinguish it from other stock
amalgamation phenomenon in addition to its categories.
The
second related to the evaluation of merging i.e. outlining its advantages,
disadvantages, and incentives.
The
third discusses the steps of merging starting from preliminary stage
ratification of the competent authority and settling down the disputes.
Finally:
the research was entailed without lining the effects of merging being
classified into three main categories:
the first pertains to the cession of consolidating companies, the second
in the merging companies, while the third category concerns the merging
companies that succeed the absorbed.
ملخص
ينصب موضوع هذا البحث على فكرة اندماج الشركات
كما يراها مشروع قانون الشركات الاردني مقارنة بما يفضل ان تكون عليه وما هي عليه
فعلا في القوانين المقارنة، ولقد حرصت ان ادرس فيه الفكرة متكاملة، فقسمته الى
اربعة فصول، وتعلق الفصل الاول بتعريف الاندماج من حيث كونه عقدا بين ممثلي
الشركات اطراف الاندماج، وبينت خصائصه ليتم تميزه عما يشتبه به من الظواهر الاخرى
لتركز رؤوس الاموال، واستعرضت صوره سواء كان اندماجا اتفاقيا او بحكم القانون،
اندماجا افقيا او راسيا، اندماجا وطنيا ام اجنبيا اندماجا بالضم او بالمزج .
وتعلق الفصل الثاني بتقدير الاندماج اي بيان
فوائده ومضاره من جهة وحوافزه من جهة اخرى ويتحدث الفصل الثالث عن شروط الاندماج
تلك الشروط التي تبدأ بمرحلة تحضيرية تتضمن مجموعة من الاجراءات ابرزها تحضير
مشروع عقد الاندماج وموافقة الهيئة العامة غير العادية للمساهمين ثم فتح باب
الاعتراض لرافضي الاندماج وبيان اثار ذلك الاعتراض .
واخيرا اختتمت هذا البحث ببيان اثار الاندماج
التي تم تصنيفها في فئات رئيسية ثلاث تعلقت الفئة الاولى بانقضاء الشركة المندمجة،
والثانية بقيام الشركة الدامجة، والاخيرة
باعتبار الشركة الداخلة خلفا عاما للشركة المندمجة .
المقدمة
كما كانت البيئة والضروات التجارية سبب وجود
القانون التجاري، كذلك كان تركز رؤوس الاموال واحتدام المنافسة التجارية من بين
اسباب وجود التنظيم القانوني لاندماج الشركات، الذي يعتبر احد انظمة ذلك القانون،
ذلك انه بالاندماج، تتكون المشروعات الاقتصادية الكبيرة، وهو احد وسائل تكوين
الشركات القابضة، ومن خلاله يمكن ان تتسرب رؤوس الاموال استيرادا وتصديرا،
وبواسطته تخلق الاحتكارات الاقتصادية الضخمة، ولذلك كان محلا لدراسة اهتمام
القانون والاقتصاد([1]).
وتتمتع معالجة ظاهرة الاندماج بأهمية قانونية
كبيرة، لا للتعرف على اطارها القانوني فحسب، وانما لان لها ابعاد قانونية متشعبة
تمس حقوق ومصالح الكثير من الاشخاص، وترتب التزامات عديدة في ذممهم، اذ للاندماج
اثر حاسم على الشركات المندمجة وخصوصا على شخصيتها القانونية، واثر واضح على
المساهمين والدائنين، وعلى التنافس بالحد منه عن طريق اتحاد الشركات المتماثلة او
متكاملة الغرض او بتقويته عن طريق اتحاد الشركات الوطنية للوقوف امام المنافسة
الشديدة التي تمارسها الشركات الاجنبية .
ثم ان تشريع الاندماج يوفر للدولة وسيلة مراقبة
قانونية لحركة رؤوس الاموال عبر حدودها، وتشجع او تقيد بواسطتها الاستثمارات
الاجنبية، وتنظم التنافس وتحد من الاحتكارات التي قد يخلقها الاندماج([2]).
والاندماج فكرة قانونية معقدة نظرا لتعدد
جوانبها وتنوع القواعد التي تنظمها، فهو عقد فريد من نوعه له شروطه، ويمر انجازه
وتنفيذه في مراحل عديدة، اذ يبرمه ممثلو شركتين او اكثر، يؤدي الى ضم شركة اخرى،
فتزول به الاولى وتبقى الثانية، او تزول
الاثنتان معا لتكوين شركة واحدة جديدة على انقاضهما، وهذا يستتبع اما استيفاء
اجراءات زيادة رأسمال الشركة الدامجة كما هو شأن الحالة الاولى، او التقيد
بأجراءات تأسيس شركة جديدة، ويترتب على ذلك ضم ذمة مالية (ذمة الشركة المندمجة)
الى ذمة مالية اخرى (ذمة الشركة الدامجة) او انهاء ذمتين لخلق ذمة مالية جديدة.
واجراء بحث في هذا الموضوع الهام يتطلب وجود
نصوص قانونية يمكن الاستناد اليها في معالجته، الا ان المشرع الاردني – ولعذر واضح
– لم يول عنايته لاندماج الشركات، ويكمن عذره في ان الاردن دولة نامية، لم يشهد
الازدهار الاقتصادي والتجاري الا في الربع الثالث من هذا القرن، وعلى وجه التحديد
في السنوات العشر الاخيرة .
ولذلك انعكس الوضع التجاري والاقتصادي السابق
على التشريعات التجارية السائدة، فجاء قانون الشركات الحالي رقم 12 لسنة 1964 خلوا
تقريبا من اي احكام تجيز او تنظم عملية الاندماج بصورة مباشرة، اللهم الا من
اشارات عرضية يفهم منها مجرد السماح به، وذلك مثل المادة 28/ و التي تعتبر الدمج
احدى وسائل تصفية الشركات، والمادة 156 / ب، الواردة ضمن احكام الهيئة العامة غير
العادية، والمادة 79/4 التي اعتبرت الاسهم العينية المترتبة على الاندماج قابلة
للتداول فور تمام الاندماج، اذا كانت هذه الاسهم قابلة للتداول قبل ذلك، كذلك ورد
في قانون البنوك الاردني رقم 24 لعام 1971 في المادة 10 / ب منه ضمن احكام ترخيص
البنوك والشركات المالية .
واخيرا اهتم قانون مراقبة اعمال التأمين
الاردني رقم (7) لعام 1984، بالاندماج لحماية حقوق المستأمينين والمستفيدين من
عقود التأمين في المادتين 42، 43 منه([3]).
غير انه بالنظر الى تزايد عدد الشركات التجارية،
وخصوصا المساهمة العامة منها ([4])،
وتماثل الكثير منها في الغرض، وضيق السوق الاردنية، ورغبة الدولة في المحافظة على
الثروة الوطنية، وفي السماح بدخول الاستثمارات الاجنبية، وفي تكوين شركات اقليمية
كبرى، اخذ المشرع الاردني بمراجعة شاملة لقانون الشركات المطبق، والسعي اما الى
تعديله او الى استبداله بقانون جديد يتفادى عيوب القانون الحالي، ويستكمل نواقصه،
ويستجلي غموضه، ويساير التطور التجاري والاقتصادي في البلاد، ويحقق الانسجام في
اصول الفكر والصياغة القانونية بين التشريع الاردني وتشريعات الدول المجاورة الا
ان الجهود المنوه عنها سابقا لم تؤد – حتى الان – الى سن التشريع المقصود، وما زال
الامر متوقفا عند مشروع قانون للشركات، يخضع حتى حينه للدراسة والتمحيص المتأني،
وبالرجوع الى نصوصه نجده قد عني بموضوع اندماج الشركات في المواد الواقعة بين 283 –
290 منه، تلك المواد التي ستكون عدتنا في هذا البحث الى جانب ما صدر عن وزارة
التجارة والصناعة الاردنية من تعليمات واجراءات تخص اندماج الشركات المساهمة ([5])،
استوجبتها الحاجة الملحة، وهي على اي حال موافقة لما ورد في نصوص مشروع قانون
الشركات وما يلزم من نصوص القوانين الاخرى المتعذر الاستغناء عنها، كالنصوص النافذة
المتعلقة بالجمعية العمومية غير العادية، واحكام الاسهم العينية، وقواعد
الاستثمارات الاجنبية، ونصوص القانون المدني الخاصة بالاستخلاق والتخارج وحوالة
الدين، الى غير ذلك من القواعد اللازم استعراض احكامها.
ولا يفوتنا في هذا الجهد المتواضع، اللجوء الى
قوانين الدول الاسبق منا في هذا المضمار للافادة من تجاربها ومن المبادئ القانونية
التي اسفرت عنها تلك التجارب كالقانون الامريكي والانجليزي والفرنسي والمصري، لنتمكن
في النهاية من محاولة اغناء جهد المشرع ووضع دراسة قانونية تحت يد المختصين، آملين
الوصول الى صورة واضحة المعالم والجزيئات لنظام الاندماج .
خطة
البحث
الفصل الاول : ما هية الاندماج وخصائصه
- المطلب
الاول : بيان ما هية الاندماج .
- المطلب
الثاني : خصائص الاندماج .
- المطلب
الثالث : صورة الاندماج .
الفصل الثني : تقييم الاندماج
- المطلب
الاول : ايجابيات الاندماج وسلبياته .
- المطلب
الثاني : حوافز الاندماج .
الفصل الثالث : مراحل انجاز الاندماج .
- المطلب
الاول : المرحلة التحضيرية .
- المطلب
الثاني : مرحلة الموافقة .
- المطلب
الثالث : مرحلة تسوية الاعتراضات .
الفصل الرابع : اثار الاندماج
- المطلب
الاول : انقضاء الشركة المندمجة
- المطلب
الثاني : تحقيق الاندماج
- المطلب
الثالث : الشركة الدامجة خلف للشركة المندمجة
الفصل
الاول
ماهية
الاندماج وخصائصه
تمهيد
:
يتطلب تعريف الاندماج بيان معناه، وتمييز فكرته
عما قد يشتبه بها من انظمة قانونية اخرى تشكل في النهاية مثله مشروعا اقتصاديا
كبيرا من خلال تركيز رؤوس الاموال، واخيرا لا بد من تقديم لمحة سريعة لانواع وصور
الاندماج .
المطلب الاول : بيان ما هية الاندماج :
سنقدم في هذا المطلب بيان ما هية الاندماج من
خلال دراسة تعريفه، ومن خلال بيان مدى مشروعيته، وتحديد طبيعته .
اولا :
تعريف الاندماج :
لقد ادى غموض فكرة الاندماج وتعقيدها الى
اختلاف وجهة نظر الفقهاء، حول تعريفها فمنهم من يعرف الاندماج من خلال اثره، ومنهم
من يتبع طريقة اسهل فيعرفه ببيان صوره، ومنهم من يتصدى لجوهر الفكرة وما هيتها .
أ- تعريف
الاندماج ببيان اثره : ليس
هناك من تعريف واحد ثابت المعالم لفكرة الاندماج، وما نجده في هذا المجال محاولات
اما لتعريفه ببيان اثره وليس ببيان ما هيته وعناصره، واما ببيان عناصره دون اثره .
هكذا نجد التعريف بالاندماج من خلال بيان اثره
في التعريفات الاتية ( هو تدبير يقصد منه توحيد عدة شركات مستقلة عن بعضها في شخص
اعتباري واحد، سواء عن طريق شخصية اعتبارية جديدة او عن طريق ادغام شركة او اكثر
في شركة قائمة ([6])
او انه " ضم شركتين او اكثر، قائمتين من قبل، اما بادماج احداهما في الاخرى
او بتأليف شركة جديدة تندمج فيها الشركات القائمة ([7])،
وهذا ايضا موقف القضاء المصري من تعريف الاندماج، فهو لا يبتعد عن ذلك فيما صدر
عنه من احكام قليلة تخص الاندماج بين الشركات، واعتاد على استخدام عبارة معينة وهي
" ادماج الشركات يؤدي الى انقضاء الشركة المندمجة وتحل محلها الشركة الدامجة
في حقوقها والتزاماتها "([8])
ب-تعريف الاندماج
ببيان صوره : وابتعد بعض الشراح عن النهج السابق وعرف الاندماج من خلال بيان صورته
بقوله " ويتم الاندماج باحدى صورتين، اما بضم الشركة المغفلة الى شركة اخرى
فتؤلف معها شركة واحدة واما بمزج الشركتين
فتتألف منهما شركة جديدة وتعتبران منقضيتين من جراء ذلك ([9]).
ج- تعريف
الاندماج ببيان ما هيته : ويذهب جانب اخر الى التركيز على ما هية الفكرة من حيث
بيان انه اتفاق بين شركتين او اكثر، وهنا يقرر البعض ان " الضم consolidation" يقع عندما تتفق شركتان او اكثر على تكوين شركة واحدة جديدة
اثر توقف الشركات السابقة كما تتحمل ديون والتزامات تلك الشركات "، ويقرر
ايضا ان " المزج merger " كالضم يستلزم موافقة مجالس الادارة في الشركات المعينة
بالاضافة الى موافقة ثلثي المساهمين في تلك الشركات ([10]).
ويذهب فقيه الى القول بأن الامتزاج بين
الشركتين أ، ب يحدث عندما يدخل مدير الشركة الاولى في مفاوضات مع مدير الشركة
الثانية، فيناقشان شروط الاندماج، ويتفقان على سعر تبادلي ثم يستخدم مديرا
الشركتين المعنيتين نفوذهما وما يتمتعان به من وكالات لاقناع المساهمين بالموافقة
على الامتزاج، وباختصار فان الاندماج يحدث باتفاق تبادلي بين الشركات الممتزجة "
([11]):
ويصل فقيه ثالثا الى اعتبار الاندماج اتفاقا من خلال استعراضه للعديد من السوابق
القضائية التي تتلخص احداها في اتفاق تبادلي بين شركتي ( Crestviewو Bay Iron) تبدل بمقتضاه اسهم الاخيرة بأسمه الاولى، ولمساهمين شركة "Bay
Iron " اما استبدال
اسهمهم بأسهم شركة (crestview)
او ان يدفع لهم ثمنها نقدا، وتتوقف شركة "Bay Iron" عن ممارسة نشاطها كشركة منفصلة حيث ستمزج مع شركة " crestview".
ولا تقتصر العملية السابقة على المزج وانما
تنطبق على الضم ايضا، ذلك ان المزج والضم عمليتان متشابهتان وتؤديان الى نتيجة
واحدة تقريبا وهي ان الشركة القائمة ستصدر اسهما تقابل أسهم الشركات المندمجة
ويكون لها جميع اصول الشركات المندمجة ([12]).
ورأي اخر يعبر بطريقة صريحة ومحددة في اعتبار
الاندماج عقدا (traite de fuion) يبرم بين الشركات المندمجة، وتقوم مجالس ادارة هذه الشركات
بإعداد العقد والاتفاق على شروطه، ثم يعرضه كل مجلس على الجمعية العمومية غير
العادية في شركته للتصديق عليه ([13]).
ولقد اكدت المادة 289 من اللائحة التنفيذية
لقانون الشركات المصري رقم 159 لعام 1981 الصفة التعاقدية للاندماج حين قررت انه
" يعد مشروع عقد الاندماج مجلس الادارة او المديرين اومن له حق الادارة من
الشركاء بحسب الاحوال في كل من الشركات الداخلة في الاندماج ويجب ان يتضمن مشروع
العقد ما يأتي :
أ-
دواعي الاندماج واغراضه والشروط التي
يتم بناء عليها .
ب- التاريخ
الذي يتخذ اساسا لحساب اصول وخصم الشركات المندمجة .
ج- التقدير
المبدئي لقيمة اصول وخصوم الشركات المندمجة، مع مراعاة القيمة الفعلية للاصول"
.
واذا كان مشروع قانون الشركات الاردني لم يأت
على تعريف الاندماج بهذا القدر من الصراحة والتفصيل، الا اذا ذلك لا يعني انكاره
الصفة التعاقدية للاندماج، فالمادة 286/أ من المشروع المذكور تقرر هذه الصفة حيث
تنص على انه " تعد الشركات الراغبة في الاندماج فيما بينها مشروعا بقصد
الاندماج يتضمن على وجه الخصوص ما يلي :
د-
تقدير الاراء السابقة
:
لا شك في راينا في
رجحان الاراء الاخيرة، لان تجاهل الصفة التعاقدية للاندماج او اعتباره تدبيرا،
يعني انه يمكن ان يتم بقرار اداري مثلا، وهذا يخالف حق المساهم في ان يبقى مساهما
في الشركة التي بدأ استثماره فيها، هذا مبدأ يشكل اساسا للصفة التعاقدية ولحق
المساهم في الاعتراض على الاندماج ([14]).
كما ان انكار الصفة التعاقدية امر يخالف الواقع،
فقد تجد الدولة ان التنافس بين عدد من الشركات قد اصبح انتحاريا وانه بذلك اصبح
يهدد احداها بالافلاس، وتسريح اعداد غفيرة من العمال مما يلحق الضرر بالاقتصاد
الوطني، ومع ذلك لا تستطيع الدولة ان تفعل شيئا لا لعدم رغبتها وانما لانها تدرك
ان الاندماج مسألة لا بد من ان تبدأ وتنجز باتفاق ارادي بين الشركات الراغبة في
الاندماج .
ومن ناحية اخرى، صحيح انه يمكن معرفة الاشياء
من اثارها ولكن يبقى السؤال ما هو العمل القانوني الذي تم القيام به حصل ان تبتلع
شركة شركة اخرى، او ان تفنى شركتان او اكثر لتنشأ على انقاضهما شركة جديدة .
فالاندماج اتفاق مستوفي للشروط القانونية يتم
بين شركتين او اكثر متماثلتين او متكاملتين في الغرض على الاتحاد فيما بينهما، اما
بالضم : فتزول المندمجة وتبقى الدامجة او
بالمزج فتختفي الشركات جميعا وتنشأ شركة جديدة بدلا منها، مقابل اسهم عينية تعطيها الشركة القائمة لمساهمي الشركات
المنقضية .
ثانيا :
مدى مشروعيته : بالرغم من ان
الاندماج عقد، الا انه يختلف عن العقود الاخرى، من حيث ان الشركات المعينة لا
تمتلك ابرام عقد الضم او المزج مع شركة اخرى، الا اذا نص قانون الشركات على
امكانية الاندماج، وتبقى ضرورة توافر هذا النص قائمة بالرغم من ان الاندماج يعتبر
واحدا من طرق حل الشركات وانهائها الذي يكفي في شأنه مجرد اتفاق الشركاء واذا
ابرمت شركتان مثلا عقد اندماج دون وجود قانون يسمح به، فأن العقد يكون باطلا ([15]).
ونتصور ان صدور قانون يسمح بالاندماج واعطاء
جهة الادارة في الدولة سلطة الموافقة عليه من عدمه تفرضه عدة اسباب :
أ- ان
الاندماج يقيد حرية التنافس، وبالتالي حرية التجارة، مما قد يؤدي الى خلق
الاحتكارات الاقتصادية في الدولة، ولذلك فكل اندماج يؤدي الى هذه النتيجة يعتبر
باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته هذا الاصل الدستوري .
ب-
قد يلحق الاندماج الضرر بالاقتصاد الوطني اذا سمح به بغير حدود،
خصوصا اذا كان باب اندماج الشركات الاجنبية بالوطنية مفتوحا على مصراعية، لان ذلك
سيجعل من الشركات الوطنية، شركات تابعة لشركات قائمة في الخارج تملك القرار الاستراتيجي
بالنسبة لشركاتها التابعة، مما يدخل الدولة في صراعات لا نهاية لها، وبالمقابل فأن
من شأن الاندماج الاجنبي – اذا سمع به على اطلاقه – هجرة رؤوس الاموال الوطنية .
ج- يلحق
الاندماج الضرر بالشركاء الرافضين له، خصوصا انه لا يجوز الاتفاق على حرمان اي
شريك من الشركة التي استثمر امواله فيها .
د- يضر
الاندماج بدائني الشركة المندمجة، اذا كانت الشركة الدامجة ضعيفة الى حد يتضرر معه
ضمانهم العام او ضمانهم الخاص، اذا كانوا مرتهنين لاسهم في الشركة المندمجة ستهبط
قيمتها نتيجة لهذا الاندماج .
هـ - قد يلحق الاندماج الضرر بمساهمي الشركة
الدامجة، لاحتمال انخفاض مستوى نسبة الارباح القابلة للتوزيع فيها، كما قد يغير
الاندماج من الاتجاه العام المسيطر عليها نتيجة لتغير الاغلبية .
ثالثا : طبيعة عقد الاندماج :
الاندماج ليس بيعا او مقايضة لان ايا من هذين
العقدين لا يؤدي بحال الى اختفاء البائع او المقايض، وما يؤديان اليه انما هو
مبادلة مال بمال ( النقود اذا كان بيعا )، ثم ان الاندماج يؤدي الى انتقال ذمة
الشركة المندمجة بكاملها الى الشركة الدامجة، في حين ان البيع او المقايضة ينصب
على مال محدد .
فالاندماج ليس بيعا او مقايضة وانما هو ضم لكل
من ملكية شركة ما وسلطاتها وحقوقها وتسهلاتها الى شركة اخرى ([16]).
الاندماج – في رأينا – عقد ذو طبيعة خاصة،
يحتوي على عمليات قانونية متعددة، فهو في بدايته مجرد مشروع عقد ([17])
ويبقى بهذا الوصف حتى يتم انجاز جميع مراحلة وصدور موافقة جهة الادارة المختصة
عليه، وينبغي في جميع مراحلة مراعاة ما يستلزمه القانون من اوضاع كحصول مجلس الادارة
في الشركة المعنية على تفويض من الجمعية العمومية للدخول في مفاوضات حول الاندماج،
ثم موافقة الجمعية العمومية غير العادية التي يجب ان تنعقد بنصاب معين وان تصدر
قراراتها بأغلبية معينة، ثم السماح لذوي المصلحة بالاعتراض ... الخ .
ومما يثبت طبيعته الخاصة ايضا انه يعتبر واحدا
من طرق انهاء الشركات، لان الاندماج يؤدي الى انقضاء الشخصية القانونية للشركة
المندمجة ([18])،
ومن ناحية اخرى لا يتغير الوضع القانوني لمساهمي الشركة المندمجة ولا نوع
استثمارهم وكل ما في الامر ان اسهمهم التي كانت صادرة من شركة معينة قد استبدلت
بأسهم في شركة اخرى لها ذات الغرض هي الشركة الدامجة، فما زال للمساهم ذات الحق
الاحتمالي في الربح الذي كان يوفره سهمه القديم .
وبعبارة اخرى، ان السهم الصادر لصالح مساهمي
الشركات المندمجة من الشركة الدامجة لا يعتبر مقابلا لشيء باعه شخص لاخر، ولكنه
يترتب على عملية بيان المصالح الخاصة بالاشخاص المستفيدين من الشركة الجديدة نتيجة
لعملية الدمج ([19]).
المطلب الثاني : خصائص الاندماج :
راينا فيما تقدم ان الاندماج اتفاق يتم بين
شركتين او اكثر متماثلتين او متكاملتين في الغرض، يبرم بواسطة ممثليها على الاتحاد
فيما بينها بالمزج او بالضم، فتختفي الشركات اطراف العقد جميعا وتنشأ شركة جديدة
بدلا منها او تزول الشركة المندمجة وتبقى الدامجة حسب طريقة الضم.
ولعل دراسة تمييز الاندماج، اي بيان حدوده من
خلال شرح عناصر هذا التعريف تستلزم منا بحث النقاط التالية :
1. الاندماج
اتفاق بين شركتين .
2. تماثل
او تكامل الغرض في الشركات اطراف الاتفاق .
3. اختفاء
الشركات المندمجة .
4. انتقال
ذمة الشركة المندمجة الى الشركة القائمة .
5. الشركات
القابلة للاندماج .
اولا :
الاندماج اتفاق بين شركتين :
اي لكل منهما شخصية معنوية مستقلة ومتميزة عن
اشخاص الشركاء فيها، وعليه لا يعتبر اندماجا اتفاق تاجرين على شراء احدهما لمتجر
اخر، لانه ليس للمحل التجاري شخصية معنوية وانما هو اداة المشروع التجاري([20])،
ولنفس السبب لا يختلف الحكم لو ان التاجرين قد ابرما فيما بينهما عقد شركة رتب
زوال استقلال متجريهما، وكان كل منهما حصة عينية قدمها كل تاجر شريك الى الشركة.
ولما كان فرع الشركة ليس اكثر من وكيل وبالتالي
ليس له اية شخصية معنوية مستقلة([21])،
فأن ضمه الى شركة اخرى لا يعتبر اندماجا لان زواله لا يستتبع زوال الشخصية
المعنوية للشركة التي يمثلها، ثم ان زواله لا يؤدي الى حرمان تلك الشركة – ما دامت
قائمة – من افتتاح فرع اخر، وبغير ذلك فإن ضم فرع ما الى شركة اخرى، لا يعتبر اكثر
من حصول الشركة الاصل على اسهم عينية في رأسمال الشركة التي تم ضم الفرع اليها .
كذلك لا يعتبر اندماجا لو اتحدت شركة محاصة مع
شركة اخرى لانه ليس للشركة الاولى شخصية معنوية ([22])،
ولا يخرج الامر حينئذ عن تعديل في الاخيرة بزيادة عدد الشركاء وراس المال فيها،
ونتصور ان هذا القول يصدق على ما يسمى في الفقه السكسوني (partnership) مع مثيلة لها او مع شركة محدودة (Limited
Company)، ذلك لان الاولى لا
تتمتع بشخصية معنوية منفصلة عن شخصية الشركاء، بل لا تعدو ان تكون اتحاد شركاء،
ولذلك يدرس الفقه السكسوني الاندماج باعتباره وسيلة لانهاء الشركات المحدودة ([23]). وبالعكس يعتبر اندماجا بين شركات، ولو كانت
احداها في مرحلة التأسيس او في مرحلة التصفية، ذلك ان الشركة في مرحلة تأسيسها
تتمتع بالشخصية المعنوية اللازمة لذلك، عملا بالمادة 52 / 1 من قانون الشركات
الاردني التي تتطلب فتح حساب باسم الشركة اثناء مرحلة تأسيسها على ان تكون هذه
المرحلة قد استوفت شروطها . والشركة في
مرحلة التصفية تتمتع بالشخصية المعنوية طبقا لنص المواد 29/3، 158 /3 شركات اردني،
م 607 مدني اردني ([24])
مع مراعاة ان التصفية المقصودة انما هي التصفية الارادية وليس القضائية، هذا ما
قررته م287 من قانون الشركات العام الانجليزي لعام 1948، حيث يمكن بموجب هذه
المادة لاعضاء الشركة ان يفوضوا المصفي بقرار خاص، ان يقدم اعمال الشركة واصولها
الى شركة اخرى مقابل اسهم فيها، ويكون العمل سليما اذا كانت الاسهم المسلمة قد
اعطيت مباشرة الى مساهمي الشركة تحت التصفية، او الى المصفي الذي يقوم بتوزيعها
عليهم ([25])،
اما اذا كانت التصفية اجبارية (Compulsory winding – up)، فأن ذلك التصرف يكون ممنوعا الا اذا صادقت المحكمة عليه، كما ان
المادة 288/هـ من اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري تجيز الاندماج ولو كانت
الشركات في مرحلة التصفية شريطة الغاء حالة التصفية .
غير ان هناك رايا يقرر انه لا يعد اندماجا
تقديم مصفي الشركة المنحلة موجودات هذه الشركة الى شركة اخرى، بمقولة ان بيع هذه
الموجودات امر ضروري لتسهيل عملية التصفية، ثم يعود ليقول اما اذا قدم المصفي
موجودات الشركة المنحلة الى شركة قيد التأسيس كحصة في رأسمالها وتلقى مقابل ذلك
اسهما قام ببيعها او توزيعها بين مساهمي الشركة المنحلة، فأن ذلك يعتبر اندماجا
للشركة المنحلة بالشركة الجديدة ([26]).
واخيرا فأن المادة 283 الواردة في احدى مسودات
مشروع قانون الشركات الاردني تقبل بالاندماج بين شركة تحت التصفية وشركة اخرى، وفي
تصورنا، ان مثل هذا العمل يعتبر اندماجا اذا توافر ثلاثة شروط :
1. ان
تكون التصفية ارادية اي تتم باتفاق الشركاء .
2. ان
تزول حالة التصفية.
3. ان
يعطى مساهمو الشركة – تحت التصفية – اسهما عينية في الشركة الاخرى لا ثمنا نقديا.
[1])) انظر: A.
Koutsoyiannis – Non-Price Decisions – London
. J, B , C, E. 1982 P. 230, 231.
(([2] انظر: Cynthia
Day Sallce , Legal Control of the Multinational Enterprise – London, Martinus
Nijhoff, 1982, p.177.
([3]) راجع في ذلك ، ابراهيم بكر – سلسلة ابحاث في
قانون الشركات الاردني – مجلة نقابة المحامين الاردنية ، الملحق رقم (15) لعام
1983 ، ص 57.
([4]) حيث يتضح من
تقرير صادر عن سوق عمان المالي السنوي السادس لعام 1983 ، في الصفحتين 25، 26 منه
، انه قد انشئ خلال السبعينات واوائل الثمانينات من هذا ا لقرن عشرات الشركات
المساهمة العامة برؤوس اموال ضخمة حيث بلغ عدد المدرج منها في سوق عمان المالي
النظامي خلال عام 1983 خمسا وتسعين شركة ، رؤوس اموالها (496) مليون دينار اردني
كما بلغ عدد الشركات المدرجة في السوق الموازي لنفس العام اربع عشرة شركة ، رؤوس
اموالها (42) مليون دينار اردني.
([5]) راجع جريدة
الدستور الاردنية – عدد 6452 ، والسنة التاسعة عشرة ، ص 7 – الاعمادة من 1 – 5.
([6]) راجع
د. رزق الله الانطاكي ونهاد السباعي – موسوعة الحقوق التجارية (الشركات التجارية)
دمشق – دار الانشاء – 1962 ص335.
([7]) راجع د. مصطفى طه- شركات الاموال – المؤسسة
الثقافية الجامعية / الاسكندرية ، ص 221
([8]) طعن
مصري رقم 113 سنة 28 ق جلسة 18/12/1973 س 24 ص 1280 ، مذكور في كتاب د. احمد حسني –
قضاء النقض التجاري – منشأة المعارف – الاسكندرية ص 269.
طعن
مصري رقم 288 سنة 38 ق جلسة 12/5/1974 س 25 ص 859 ، مذكور في كتاب د – احمد حسني
السابق الاشارة اليه
طعن
مصري رقم 679 سنة 40 ق جلسة 19/4/1976 س 27 ص 977 ، مذكور في كتاب د احمد حسني
السابق الاشارة اليه
([9]) راجع د. ادوار عيد – الشركات التجارية 1970. ص
754
([10]) راجع Burt
A. Leete, Business Law, New York
– Macmillan Publishing co Inc. 2nd ed. P.872
([11]) راجع A-
koutsoyiannis- المرجع السابق ، ص 229
([12]) راجع purver , farber , Tinsley ,
Bjorklund – Business Law – Newyork – Hacourt brace Jovanvich P.813, 814, 815
[13])) راجع د. محسن شفيق – الوسيط في القانون التجاري
المصري – مكتب النهضة المصري ، ط 3 ص 664 ، 1957.
([14]) راجع Burt.
A. leete – المرجع السابق – ص 872 ، حيث يقول :
(The rational for this right is that
the shareholder should not be forced to become an owner a new corporation that
is different from the one in which he originally invested)
([15]) انظر في ذلك السابقة: Tex
Whalcy v. banker Union of the World P. 1384.
Metioned in Corpus Juris Secundum Vol. 19، راجع ايضا الصفحتان 1605 ، 1606 من الموسوعة الاميركية السابقة
الذكر.
([16]) راجع الموسوعة الامريكية C.J.S ، عدد 19 ، ص
1386 حيث ورد فيها:
(Merger
is not a sale or liquidation of corporate propery, but consolidation of
property , powers and facilities)
([17]) وردت عبارة " مشروع عقد " صراحة في
المواد 289 ، 290، 291 ، من اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري رقم 59 لسنة
1981 ، كما وردت في المادة 286 / أ من مشروع قانون الشركات الاردني.
([18]) راجع د. سمير الشرقاوي – المشروع متعدد القوميات
– مجلة القانون والاقتصاد – الصادرة عن كلية الحقوق بجامعة القاهرة ، ع3 4س 45
لعام 1975 ، ص 72 ويستشهد بنص م 15 من نظام الشركات السعودي ، راجع ايضا.
Ronald A. Anerson – Business
Law – South Western Publishing Co. 11th Ed. P. 638.
راجع ايضا المادة 28/و من قانون الشركات
الاردني، والمادتان 287/ أ ، 1 ، 284 من مشروع قانون الشركات الاردني.
([19]) راجع الموسوعة السابقة الذكر C.J.S عدد 19 ، ص 1378.
([20]) راجع كتابنا – القانوني التجاري الاردني – دار
عمار – عمان – 1985 ص 177 ، 178
([21]) راجع د. مصطفى طه – شركات الاموال – ص 227 ،
ايضا د . محسن شفيق – المشروع ذو القوميات المتعددة – مجلة القانون والاقتصاد –
الصادرة عن كلية الحقوق بجامعة القاهرة ، ع 1 ، 2 س 47 لعام 1977 ، ص 282
([22]) راجع د . مصطفى
طه – القانون التجاري اللبناني – مطابع منيمنه الحديثة - - بيروت – 1968 ، ط 1 ص
367 ، حيث يوضح ان ( شركة المحاصة هي شركة مستترة ليس لها شخصية معنوية تنعقد بين
شخصين او اكثر لاقتسام الارباح والخسائر الناشئة عن عمل تجاري واحد او اكثر يقوم
به احد الشركاء باسمه الخاص )
([23]) راجع E.R
Hardy Ivamy. Underhills Principles of the Law of Partnership – Butterworths –
1981 – 11th ed. p. 12-
(The property of the partnership
belongs to all the partners in common, where as a limited company has a
separate personality and its property belongs to the compay alone.
راجع ايضا د . محمد
حموري – مسؤولية الشريك العام ومركزه القانوني في الشركات العادية في الاردن ، بحث
له منشور في ملحق مجلة المحامين الاردنية رقم (9) لعام 1981 ص 117 ، ايضا :
Ronald A. Anderson – Business
Law – P. 586. mentions the case , Allgeier V martin and associates (Moa pp)
508, swzd 524
([24]) راجع
تمييز اردني رقم 204 / 64 مجلة نقابة المحامين ع6 ، 7 ، 1984 ، ص 1100.
([25]) راجع L.H.
Leight V.H Joffe . Introduction to Company Law- London, Jordan
Book Center
([26]) راجع
د. ادوار عيد – المرجع السابق ، ص 755.
The
subject of this research concerns the concept of merging companies as envisaged
by the Jordanian companies' law draft via a comparative study.
I
was extremely interested to study the whole concept by dividing it into four
main chapters. The first one defines
merging as a contract between the representatives of the constituent companies.
I've outlined its characterstics to distinguish it from other stock
amalgamation phenomenon in addition to its categories.
The
second related to the evaluation of merging i.e. outlining its advantages,
disadvantages, and incentives.
The
third discusses the steps of merging starting from preliminary stage
ratification of the competent authority and settling down the disputes.
Finally:
the research was entailed without lining the effects of merging being
classified into three main categories:
the first pertains to the cession of consolidating companies, the second
in the merging companies, while the third category concerns the merging
companies that succeed the absorbed.
ملخص
ينصب موضوع هذا البحث على فكرة اندماج الشركات
كما يراها مشروع قانون الشركات الاردني مقارنة بما يفضل ان تكون عليه وما هي عليه
فعلا في القوانين المقارنة، ولقد حرصت ان ادرس فيه الفكرة متكاملة، فقسمته الى
اربعة فصول، وتعلق الفصل الاول بتعريف الاندماج من حيث كونه عقدا بين ممثلي
الشركات اطراف الاندماج، وبينت خصائصه ليتم تميزه عما يشتبه به من الظواهر الاخرى
لتركز رؤوس الاموال، واستعرضت صوره سواء كان اندماجا اتفاقيا او بحكم القانون،
اندماجا افقيا او راسيا، اندماجا وطنيا ام اجنبيا اندماجا بالضم او بالمزج .
وتعلق الفصل الثاني بتقدير الاندماج اي بيان
فوائده ومضاره من جهة وحوافزه من جهة اخرى ويتحدث الفصل الثالث عن شروط الاندماج
تلك الشروط التي تبدأ بمرحلة تحضيرية تتضمن مجموعة من الاجراءات ابرزها تحضير
مشروع عقد الاندماج وموافقة الهيئة العامة غير العادية للمساهمين ثم فتح باب
الاعتراض لرافضي الاندماج وبيان اثار ذلك الاعتراض .
واخيرا اختتمت هذا البحث ببيان اثار الاندماج
التي تم تصنيفها في فئات رئيسية ثلاث تعلقت الفئة الاولى بانقضاء الشركة المندمجة،
والثانية بقيام الشركة الدامجة، والاخيرة
باعتبار الشركة الداخلة خلفا عاما للشركة المندمجة .
المقدمة
كما كانت البيئة والضروات التجارية سبب وجود
القانون التجاري، كذلك كان تركز رؤوس الاموال واحتدام المنافسة التجارية من بين
اسباب وجود التنظيم القانوني لاندماج الشركات، الذي يعتبر احد انظمة ذلك القانون،
ذلك انه بالاندماج، تتكون المشروعات الاقتصادية الكبيرة، وهو احد وسائل تكوين
الشركات القابضة، ومن خلاله يمكن ان تتسرب رؤوس الاموال استيرادا وتصديرا،
وبواسطته تخلق الاحتكارات الاقتصادية الضخمة، ولذلك كان محلا لدراسة اهتمام
القانون والاقتصاد([1]).
وتتمتع معالجة ظاهرة الاندماج بأهمية قانونية
كبيرة، لا للتعرف على اطارها القانوني فحسب، وانما لان لها ابعاد قانونية متشعبة
تمس حقوق ومصالح الكثير من الاشخاص، وترتب التزامات عديدة في ذممهم، اذ للاندماج
اثر حاسم على الشركات المندمجة وخصوصا على شخصيتها القانونية، واثر واضح على
المساهمين والدائنين، وعلى التنافس بالحد منه عن طريق اتحاد الشركات المتماثلة او
متكاملة الغرض او بتقويته عن طريق اتحاد الشركات الوطنية للوقوف امام المنافسة
الشديدة التي تمارسها الشركات الاجنبية .
ثم ان تشريع الاندماج يوفر للدولة وسيلة مراقبة
قانونية لحركة رؤوس الاموال عبر حدودها، وتشجع او تقيد بواسطتها الاستثمارات
الاجنبية، وتنظم التنافس وتحد من الاحتكارات التي قد يخلقها الاندماج([2]).
والاندماج فكرة قانونية معقدة نظرا لتعدد
جوانبها وتنوع القواعد التي تنظمها، فهو عقد فريد من نوعه له شروطه، ويمر انجازه
وتنفيذه في مراحل عديدة، اذ يبرمه ممثلو شركتين او اكثر، يؤدي الى ضم شركة اخرى،
فتزول به الاولى وتبقى الثانية، او تزول
الاثنتان معا لتكوين شركة واحدة جديدة على انقاضهما، وهذا يستتبع اما استيفاء
اجراءات زيادة رأسمال الشركة الدامجة كما هو شأن الحالة الاولى، او التقيد
بأجراءات تأسيس شركة جديدة، ويترتب على ذلك ضم ذمة مالية (ذمة الشركة المندمجة)
الى ذمة مالية اخرى (ذمة الشركة الدامجة) او انهاء ذمتين لخلق ذمة مالية جديدة.
واجراء بحث في هذا الموضوع الهام يتطلب وجود
نصوص قانونية يمكن الاستناد اليها في معالجته، الا ان المشرع الاردني – ولعذر واضح
– لم يول عنايته لاندماج الشركات، ويكمن عذره في ان الاردن دولة نامية، لم يشهد
الازدهار الاقتصادي والتجاري الا في الربع الثالث من هذا القرن، وعلى وجه التحديد
في السنوات العشر الاخيرة .
ولذلك انعكس الوضع التجاري والاقتصادي السابق
على التشريعات التجارية السائدة، فجاء قانون الشركات الحالي رقم 12 لسنة 1964 خلوا
تقريبا من اي احكام تجيز او تنظم عملية الاندماج بصورة مباشرة، اللهم الا من
اشارات عرضية يفهم منها مجرد السماح به، وذلك مثل المادة 28/ و التي تعتبر الدمج
احدى وسائل تصفية الشركات، والمادة 156 / ب، الواردة ضمن احكام الهيئة العامة غير
العادية، والمادة 79/4 التي اعتبرت الاسهم العينية المترتبة على الاندماج قابلة
للتداول فور تمام الاندماج، اذا كانت هذه الاسهم قابلة للتداول قبل ذلك، كذلك ورد
في قانون البنوك الاردني رقم 24 لعام 1971 في المادة 10 / ب منه ضمن احكام ترخيص
البنوك والشركات المالية .
واخيرا اهتم قانون مراقبة اعمال التأمين
الاردني رقم (7) لعام 1984، بالاندماج لحماية حقوق المستأمينين والمستفيدين من
عقود التأمين في المادتين 42، 43 منه([3]).
غير انه بالنظر الى تزايد عدد الشركات التجارية،
وخصوصا المساهمة العامة منها ([4])،
وتماثل الكثير منها في الغرض، وضيق السوق الاردنية، ورغبة الدولة في المحافظة على
الثروة الوطنية، وفي السماح بدخول الاستثمارات الاجنبية، وفي تكوين شركات اقليمية
كبرى، اخذ المشرع الاردني بمراجعة شاملة لقانون الشركات المطبق، والسعي اما الى
تعديله او الى استبداله بقانون جديد يتفادى عيوب القانون الحالي، ويستكمل نواقصه،
ويستجلي غموضه، ويساير التطور التجاري والاقتصادي في البلاد، ويحقق الانسجام في
اصول الفكر والصياغة القانونية بين التشريع الاردني وتشريعات الدول المجاورة الا
ان الجهود المنوه عنها سابقا لم تؤد – حتى الان – الى سن التشريع المقصود، وما زال
الامر متوقفا عند مشروع قانون للشركات، يخضع حتى حينه للدراسة والتمحيص المتأني،
وبالرجوع الى نصوصه نجده قد عني بموضوع اندماج الشركات في المواد الواقعة بين 283 –
290 منه، تلك المواد التي ستكون عدتنا في هذا البحث الى جانب ما صدر عن وزارة
التجارة والصناعة الاردنية من تعليمات واجراءات تخص اندماج الشركات المساهمة ([5])،
استوجبتها الحاجة الملحة، وهي على اي حال موافقة لما ورد في نصوص مشروع قانون
الشركات وما يلزم من نصوص القوانين الاخرى المتعذر الاستغناء عنها، كالنصوص النافذة
المتعلقة بالجمعية العمومية غير العادية، واحكام الاسهم العينية، وقواعد
الاستثمارات الاجنبية، ونصوص القانون المدني الخاصة بالاستخلاق والتخارج وحوالة
الدين، الى غير ذلك من القواعد اللازم استعراض احكامها.
ولا يفوتنا في هذا الجهد المتواضع، اللجوء الى
قوانين الدول الاسبق منا في هذا المضمار للافادة من تجاربها ومن المبادئ القانونية
التي اسفرت عنها تلك التجارب كالقانون الامريكي والانجليزي والفرنسي والمصري، لنتمكن
في النهاية من محاولة اغناء جهد المشرع ووضع دراسة قانونية تحت يد المختصين، آملين
الوصول الى صورة واضحة المعالم والجزيئات لنظام الاندماج .
خطة
البحث
الفصل الاول : ما هية الاندماج وخصائصه
- المطلب
الاول : بيان ما هية الاندماج .
- المطلب
الثاني : خصائص الاندماج .
- المطلب
الثالث : صورة الاندماج .
الفصل الثني : تقييم الاندماج
- المطلب
الاول : ايجابيات الاندماج وسلبياته .
- المطلب
الثاني : حوافز الاندماج .
الفصل الثالث : مراحل انجاز الاندماج .
- المطلب
الاول : المرحلة التحضيرية .
- المطلب
الثاني : مرحلة الموافقة .
- المطلب
الثالث : مرحلة تسوية الاعتراضات .
الفصل الرابع : اثار الاندماج
- المطلب
الاول : انقضاء الشركة المندمجة
- المطلب
الثاني : تحقيق الاندماج
- المطلب
الثالث : الشركة الدامجة خلف للشركة المندمجة
الفصل
الاول
ماهية
الاندماج وخصائصه
تمهيد
:
يتطلب تعريف الاندماج بيان معناه، وتمييز فكرته
عما قد يشتبه بها من انظمة قانونية اخرى تشكل في النهاية مثله مشروعا اقتصاديا
كبيرا من خلال تركيز رؤوس الاموال، واخيرا لا بد من تقديم لمحة سريعة لانواع وصور
الاندماج .
المطلب الاول : بيان ما هية الاندماج :
سنقدم في هذا المطلب بيان ما هية الاندماج من
خلال دراسة تعريفه، ومن خلال بيان مدى مشروعيته، وتحديد طبيعته .
اولا :
تعريف الاندماج :
لقد ادى غموض فكرة الاندماج وتعقيدها الى
اختلاف وجهة نظر الفقهاء، حول تعريفها فمنهم من يعرف الاندماج من خلال اثره، ومنهم
من يتبع طريقة اسهل فيعرفه ببيان صوره، ومنهم من يتصدى لجوهر الفكرة وما هيتها .
أ- تعريف
الاندماج ببيان اثره : ليس
هناك من تعريف واحد ثابت المعالم لفكرة الاندماج، وما نجده في هذا المجال محاولات
اما لتعريفه ببيان اثره وليس ببيان ما هيته وعناصره، واما ببيان عناصره دون اثره .
هكذا نجد التعريف بالاندماج من خلال بيان اثره
في التعريفات الاتية ( هو تدبير يقصد منه توحيد عدة شركات مستقلة عن بعضها في شخص
اعتباري واحد، سواء عن طريق شخصية اعتبارية جديدة او عن طريق ادغام شركة او اكثر
في شركة قائمة ([6])
او انه " ضم شركتين او اكثر، قائمتين من قبل، اما بادماج احداهما في الاخرى
او بتأليف شركة جديدة تندمج فيها الشركات القائمة ([7])،
وهذا ايضا موقف القضاء المصري من تعريف الاندماج، فهو لا يبتعد عن ذلك فيما صدر
عنه من احكام قليلة تخص الاندماج بين الشركات، واعتاد على استخدام عبارة معينة وهي
" ادماج الشركات يؤدي الى انقضاء الشركة المندمجة وتحل محلها الشركة الدامجة
في حقوقها والتزاماتها "([8])
ب-تعريف الاندماج
ببيان صوره : وابتعد بعض الشراح عن النهج السابق وعرف الاندماج من خلال بيان صورته
بقوله " ويتم الاندماج باحدى صورتين، اما بضم الشركة المغفلة الى شركة اخرى
فتؤلف معها شركة واحدة واما بمزج الشركتين
فتتألف منهما شركة جديدة وتعتبران منقضيتين من جراء ذلك ([9]).
ج- تعريف
الاندماج ببيان ما هيته : ويذهب جانب اخر الى التركيز على ما هية الفكرة من حيث
بيان انه اتفاق بين شركتين او اكثر، وهنا يقرر البعض ان " الضم consolidation" يقع عندما تتفق شركتان او اكثر على تكوين شركة واحدة جديدة
اثر توقف الشركات السابقة كما تتحمل ديون والتزامات تلك الشركات "، ويقرر
ايضا ان " المزج merger " كالضم يستلزم موافقة مجالس الادارة في الشركات المعينة
بالاضافة الى موافقة ثلثي المساهمين في تلك الشركات ([10]).
ويذهب فقيه الى القول بأن الامتزاج بين
الشركتين أ، ب يحدث عندما يدخل مدير الشركة الاولى في مفاوضات مع مدير الشركة
الثانية، فيناقشان شروط الاندماج، ويتفقان على سعر تبادلي ثم يستخدم مديرا
الشركتين المعنيتين نفوذهما وما يتمتعان به من وكالات لاقناع المساهمين بالموافقة
على الامتزاج، وباختصار فان الاندماج يحدث باتفاق تبادلي بين الشركات الممتزجة "
([11]):
ويصل فقيه ثالثا الى اعتبار الاندماج اتفاقا من خلال استعراضه للعديد من السوابق
القضائية التي تتلخص احداها في اتفاق تبادلي بين شركتي ( Crestviewو Bay Iron) تبدل بمقتضاه اسهم الاخيرة بأسمه الاولى، ولمساهمين شركة "Bay
Iron " اما استبدال
اسهمهم بأسهم شركة (crestview)
او ان يدفع لهم ثمنها نقدا، وتتوقف شركة "Bay Iron" عن ممارسة نشاطها كشركة منفصلة حيث ستمزج مع شركة " crestview".
ولا تقتصر العملية السابقة على المزج وانما
تنطبق على الضم ايضا، ذلك ان المزج والضم عمليتان متشابهتان وتؤديان الى نتيجة
واحدة تقريبا وهي ان الشركة القائمة ستصدر اسهما تقابل أسهم الشركات المندمجة
ويكون لها جميع اصول الشركات المندمجة ([12]).
ورأي اخر يعبر بطريقة صريحة ومحددة في اعتبار
الاندماج عقدا (traite de fuion) يبرم بين الشركات المندمجة، وتقوم مجالس ادارة هذه الشركات
بإعداد العقد والاتفاق على شروطه، ثم يعرضه كل مجلس على الجمعية العمومية غير
العادية في شركته للتصديق عليه ([13]).
ولقد اكدت المادة 289 من اللائحة التنفيذية
لقانون الشركات المصري رقم 159 لعام 1981 الصفة التعاقدية للاندماج حين قررت انه
" يعد مشروع عقد الاندماج مجلس الادارة او المديرين اومن له حق الادارة من
الشركاء بحسب الاحوال في كل من الشركات الداخلة في الاندماج ويجب ان يتضمن مشروع
العقد ما يأتي :
أ-
دواعي الاندماج واغراضه والشروط التي
يتم بناء عليها .
ب- التاريخ
الذي يتخذ اساسا لحساب اصول وخصم الشركات المندمجة .
ج- التقدير
المبدئي لقيمة اصول وخصوم الشركات المندمجة، مع مراعاة القيمة الفعلية للاصول"
.
واذا كان مشروع قانون الشركات الاردني لم يأت
على تعريف الاندماج بهذا القدر من الصراحة والتفصيل، الا اذا ذلك لا يعني انكاره
الصفة التعاقدية للاندماج، فالمادة 286/أ من المشروع المذكور تقرر هذه الصفة حيث
تنص على انه " تعد الشركات الراغبة في الاندماج فيما بينها مشروعا بقصد
الاندماج يتضمن على وجه الخصوص ما يلي :
د-
تقدير الاراء السابقة
:
لا شك في راينا في
رجحان الاراء الاخيرة، لان تجاهل الصفة التعاقدية للاندماج او اعتباره تدبيرا،
يعني انه يمكن ان يتم بقرار اداري مثلا، وهذا يخالف حق المساهم في ان يبقى مساهما
في الشركة التي بدأ استثماره فيها، هذا مبدأ يشكل اساسا للصفة التعاقدية ولحق
المساهم في الاعتراض على الاندماج ([14]).
كما ان انكار الصفة التعاقدية امر يخالف الواقع،
فقد تجد الدولة ان التنافس بين عدد من الشركات قد اصبح انتحاريا وانه بذلك اصبح
يهدد احداها بالافلاس، وتسريح اعداد غفيرة من العمال مما يلحق الضرر بالاقتصاد
الوطني، ومع ذلك لا تستطيع الدولة ان تفعل شيئا لا لعدم رغبتها وانما لانها تدرك
ان الاندماج مسألة لا بد من ان تبدأ وتنجز باتفاق ارادي بين الشركات الراغبة في
الاندماج .
ومن ناحية اخرى، صحيح انه يمكن معرفة الاشياء
من اثارها ولكن يبقى السؤال ما هو العمل القانوني الذي تم القيام به حصل ان تبتلع
شركة شركة اخرى، او ان تفنى شركتان او اكثر لتنشأ على انقاضهما شركة جديدة .
فالاندماج اتفاق مستوفي للشروط القانونية يتم
بين شركتين او اكثر متماثلتين او متكاملتين في الغرض على الاتحاد فيما بينهما، اما
بالضم : فتزول المندمجة وتبقى الدامجة او
بالمزج فتختفي الشركات جميعا وتنشأ شركة جديدة بدلا منها، مقابل اسهم عينية تعطيها الشركة القائمة لمساهمي الشركات
المنقضية .
ثانيا :
مدى مشروعيته : بالرغم من ان
الاندماج عقد، الا انه يختلف عن العقود الاخرى، من حيث ان الشركات المعينة لا
تمتلك ابرام عقد الضم او المزج مع شركة اخرى، الا اذا نص قانون الشركات على
امكانية الاندماج، وتبقى ضرورة توافر هذا النص قائمة بالرغم من ان الاندماج يعتبر
واحدا من طرق حل الشركات وانهائها الذي يكفي في شأنه مجرد اتفاق الشركاء واذا
ابرمت شركتان مثلا عقد اندماج دون وجود قانون يسمح به، فأن العقد يكون باطلا ([15]).
ونتصور ان صدور قانون يسمح بالاندماج واعطاء
جهة الادارة في الدولة سلطة الموافقة عليه من عدمه تفرضه عدة اسباب :
أ- ان
الاندماج يقيد حرية التنافس، وبالتالي حرية التجارة، مما قد يؤدي الى خلق
الاحتكارات الاقتصادية في الدولة، ولذلك فكل اندماج يؤدي الى هذه النتيجة يعتبر
باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته هذا الاصل الدستوري .
ب-
قد يلحق الاندماج الضرر بالاقتصاد الوطني اذا سمح به بغير حدود،
خصوصا اذا كان باب اندماج الشركات الاجنبية بالوطنية مفتوحا على مصراعية، لان ذلك
سيجعل من الشركات الوطنية، شركات تابعة لشركات قائمة في الخارج تملك القرار الاستراتيجي
بالنسبة لشركاتها التابعة، مما يدخل الدولة في صراعات لا نهاية لها، وبالمقابل فأن
من شأن الاندماج الاجنبي – اذا سمع به على اطلاقه – هجرة رؤوس الاموال الوطنية .
ج- يلحق
الاندماج الضرر بالشركاء الرافضين له، خصوصا انه لا يجوز الاتفاق على حرمان اي
شريك من الشركة التي استثمر امواله فيها .
د- يضر
الاندماج بدائني الشركة المندمجة، اذا كانت الشركة الدامجة ضعيفة الى حد يتضرر معه
ضمانهم العام او ضمانهم الخاص، اذا كانوا مرتهنين لاسهم في الشركة المندمجة ستهبط
قيمتها نتيجة لهذا الاندماج .
هـ - قد يلحق الاندماج الضرر بمساهمي الشركة
الدامجة، لاحتمال انخفاض مستوى نسبة الارباح القابلة للتوزيع فيها، كما قد يغير
الاندماج من الاتجاه العام المسيطر عليها نتيجة لتغير الاغلبية .
ثالثا : طبيعة عقد الاندماج :
الاندماج ليس بيعا او مقايضة لان ايا من هذين
العقدين لا يؤدي بحال الى اختفاء البائع او المقايض، وما يؤديان اليه انما هو
مبادلة مال بمال ( النقود اذا كان بيعا )، ثم ان الاندماج يؤدي الى انتقال ذمة
الشركة المندمجة بكاملها الى الشركة الدامجة، في حين ان البيع او المقايضة ينصب
على مال محدد .
فالاندماج ليس بيعا او مقايضة وانما هو ضم لكل
من ملكية شركة ما وسلطاتها وحقوقها وتسهلاتها الى شركة اخرى ([16]).
الاندماج – في رأينا – عقد ذو طبيعة خاصة،
يحتوي على عمليات قانونية متعددة، فهو في بدايته مجرد مشروع عقد ([17])
ويبقى بهذا الوصف حتى يتم انجاز جميع مراحلة وصدور موافقة جهة الادارة المختصة
عليه، وينبغي في جميع مراحلة مراعاة ما يستلزمه القانون من اوضاع كحصول مجلس الادارة
في الشركة المعنية على تفويض من الجمعية العمومية للدخول في مفاوضات حول الاندماج،
ثم موافقة الجمعية العمومية غير العادية التي يجب ان تنعقد بنصاب معين وان تصدر
قراراتها بأغلبية معينة، ثم السماح لذوي المصلحة بالاعتراض ... الخ .
ومما يثبت طبيعته الخاصة ايضا انه يعتبر واحدا
من طرق انهاء الشركات، لان الاندماج يؤدي الى انقضاء الشخصية القانونية للشركة
المندمجة ([18])،
ومن ناحية اخرى لا يتغير الوضع القانوني لمساهمي الشركة المندمجة ولا نوع
استثمارهم وكل ما في الامر ان اسهمهم التي كانت صادرة من شركة معينة قد استبدلت
بأسهم في شركة اخرى لها ذات الغرض هي الشركة الدامجة، فما زال للمساهم ذات الحق
الاحتمالي في الربح الذي كان يوفره سهمه القديم .
وبعبارة اخرى، ان السهم الصادر لصالح مساهمي
الشركات المندمجة من الشركة الدامجة لا يعتبر مقابلا لشيء باعه شخص لاخر، ولكنه
يترتب على عملية بيان المصالح الخاصة بالاشخاص المستفيدين من الشركة الجديدة نتيجة
لعملية الدمج ([19]).
المطلب الثاني : خصائص الاندماج :
راينا فيما تقدم ان الاندماج اتفاق يتم بين
شركتين او اكثر متماثلتين او متكاملتين في الغرض، يبرم بواسطة ممثليها على الاتحاد
فيما بينها بالمزج او بالضم، فتختفي الشركات اطراف العقد جميعا وتنشأ شركة جديدة
بدلا منها او تزول الشركة المندمجة وتبقى الدامجة حسب طريقة الضم.
ولعل دراسة تمييز الاندماج، اي بيان حدوده من
خلال شرح عناصر هذا التعريف تستلزم منا بحث النقاط التالية :
1. الاندماج
اتفاق بين شركتين .
2. تماثل
او تكامل الغرض في الشركات اطراف الاتفاق .
3. اختفاء
الشركات المندمجة .
4. انتقال
ذمة الشركة المندمجة الى الشركة القائمة .
5. الشركات
القابلة للاندماج .
اولا :
الاندماج اتفاق بين شركتين :
اي لكل منهما شخصية معنوية مستقلة ومتميزة عن
اشخاص الشركاء فيها، وعليه لا يعتبر اندماجا اتفاق تاجرين على شراء احدهما لمتجر
اخر، لانه ليس للمحل التجاري شخصية معنوية وانما هو اداة المشروع التجاري([20])،
ولنفس السبب لا يختلف الحكم لو ان التاجرين قد ابرما فيما بينهما عقد شركة رتب
زوال استقلال متجريهما، وكان كل منهما حصة عينية قدمها كل تاجر شريك الى الشركة.
ولما كان فرع الشركة ليس اكثر من وكيل وبالتالي
ليس له اية شخصية معنوية مستقلة([21])،
فأن ضمه الى شركة اخرى لا يعتبر اندماجا لان زواله لا يستتبع زوال الشخصية
المعنوية للشركة التي يمثلها، ثم ان زواله لا يؤدي الى حرمان تلك الشركة – ما دامت
قائمة – من افتتاح فرع اخر، وبغير ذلك فإن ضم فرع ما الى شركة اخرى، لا يعتبر اكثر
من حصول الشركة الاصل على اسهم عينية في رأسمال الشركة التي تم ضم الفرع اليها .
كذلك لا يعتبر اندماجا لو اتحدت شركة محاصة مع
شركة اخرى لانه ليس للشركة الاولى شخصية معنوية ([22])،
ولا يخرج الامر حينئذ عن تعديل في الاخيرة بزيادة عدد الشركاء وراس المال فيها،
ونتصور ان هذا القول يصدق على ما يسمى في الفقه السكسوني (partnership) مع مثيلة لها او مع شركة محدودة (Limited
Company)، ذلك لان الاولى لا
تتمتع بشخصية معنوية منفصلة عن شخصية الشركاء، بل لا تعدو ان تكون اتحاد شركاء،
ولذلك يدرس الفقه السكسوني الاندماج باعتباره وسيلة لانهاء الشركات المحدودة ([23]). وبالعكس يعتبر اندماجا بين شركات، ولو كانت
احداها في مرحلة التأسيس او في مرحلة التصفية، ذلك ان الشركة في مرحلة تأسيسها
تتمتع بالشخصية المعنوية اللازمة لذلك، عملا بالمادة 52 / 1 من قانون الشركات
الاردني التي تتطلب فتح حساب باسم الشركة اثناء مرحلة تأسيسها على ان تكون هذه
المرحلة قد استوفت شروطها . والشركة في
مرحلة التصفية تتمتع بالشخصية المعنوية طبقا لنص المواد 29/3، 158 /3 شركات اردني،
م 607 مدني اردني ([24])
مع مراعاة ان التصفية المقصودة انما هي التصفية الارادية وليس القضائية، هذا ما
قررته م287 من قانون الشركات العام الانجليزي لعام 1948، حيث يمكن بموجب هذه
المادة لاعضاء الشركة ان يفوضوا المصفي بقرار خاص، ان يقدم اعمال الشركة واصولها
الى شركة اخرى مقابل اسهم فيها، ويكون العمل سليما اذا كانت الاسهم المسلمة قد
اعطيت مباشرة الى مساهمي الشركة تحت التصفية، او الى المصفي الذي يقوم بتوزيعها
عليهم ([25])،
اما اذا كانت التصفية اجبارية (Compulsory winding – up)، فأن ذلك التصرف يكون ممنوعا الا اذا صادقت المحكمة عليه، كما ان
المادة 288/هـ من اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري تجيز الاندماج ولو كانت
الشركات في مرحلة التصفية شريطة الغاء حالة التصفية .
غير ان هناك رايا يقرر انه لا يعد اندماجا
تقديم مصفي الشركة المنحلة موجودات هذه الشركة الى شركة اخرى، بمقولة ان بيع هذه
الموجودات امر ضروري لتسهيل عملية التصفية، ثم يعود ليقول اما اذا قدم المصفي
موجودات الشركة المنحلة الى شركة قيد التأسيس كحصة في رأسمالها وتلقى مقابل ذلك
اسهما قام ببيعها او توزيعها بين مساهمي الشركة المنحلة، فأن ذلك يعتبر اندماجا
للشركة المنحلة بالشركة الجديدة ([26]).
واخيرا فأن المادة 283 الواردة في احدى مسودات
مشروع قانون الشركات الاردني تقبل بالاندماج بين شركة تحت التصفية وشركة اخرى، وفي
تصورنا، ان مثل هذا العمل يعتبر اندماجا اذا توافر ثلاثة شروط :
1. ان
تكون التصفية ارادية اي تتم باتفاق الشركاء .
2. ان
تزول حالة التصفية.
3. ان
يعطى مساهمو الشركة – تحت التصفية – اسهما عينية في الشركة الاخرى لا ثمنا نقديا.
[1])) انظر: A.
Koutsoyiannis – Non-Price Decisions – London
. J, B , C, E. 1982 P. 230, 231.
(([2] انظر: Cynthia
Day Sallce , Legal Control of the Multinational Enterprise – London, Martinus
Nijhoff, 1982, p.177.
([3]) راجع في ذلك ، ابراهيم بكر – سلسلة ابحاث في
قانون الشركات الاردني – مجلة نقابة المحامين الاردنية ، الملحق رقم (15) لعام
1983 ، ص 57.
([4]) حيث يتضح من
تقرير صادر عن سوق عمان المالي السنوي السادس لعام 1983 ، في الصفحتين 25، 26 منه
، انه قد انشئ خلال السبعينات واوائل الثمانينات من هذا ا لقرن عشرات الشركات
المساهمة العامة برؤوس اموال ضخمة حيث بلغ عدد المدرج منها في سوق عمان المالي
النظامي خلال عام 1983 خمسا وتسعين شركة ، رؤوس اموالها (496) مليون دينار اردني
كما بلغ عدد الشركات المدرجة في السوق الموازي لنفس العام اربع عشرة شركة ، رؤوس
اموالها (42) مليون دينار اردني.
([5]) راجع جريدة
الدستور الاردنية – عدد 6452 ، والسنة التاسعة عشرة ، ص 7 – الاعمادة من 1 – 5.
([6]) راجع
د. رزق الله الانطاكي ونهاد السباعي – موسوعة الحقوق التجارية (الشركات التجارية)
دمشق – دار الانشاء – 1962 ص335.
([7]) راجع د. مصطفى طه- شركات الاموال – المؤسسة
الثقافية الجامعية / الاسكندرية ، ص 221
([8]) طعن
مصري رقم 113 سنة 28 ق جلسة 18/12/1973 س 24 ص 1280 ، مذكور في كتاب د. احمد حسني –
قضاء النقض التجاري – منشأة المعارف – الاسكندرية ص 269.
طعن
مصري رقم 288 سنة 38 ق جلسة 12/5/1974 س 25 ص 859 ، مذكور في كتاب د – احمد حسني
السابق الاشارة اليه
طعن
مصري رقم 679 سنة 40 ق جلسة 19/4/1976 س 27 ص 977 ، مذكور في كتاب د احمد حسني
السابق الاشارة اليه
([9]) راجع د. ادوار عيد – الشركات التجارية 1970. ص
754
([10]) راجع Burt
A. Leete, Business Law, New York
– Macmillan Publishing co Inc. 2nd ed. P.872
([11]) راجع A-
koutsoyiannis- المرجع السابق ، ص 229
([12]) راجع purver , farber , Tinsley ,
Bjorklund – Business Law – Newyork – Hacourt brace Jovanvich P.813, 814, 815
[13])) راجع د. محسن شفيق – الوسيط في القانون التجاري
المصري – مكتب النهضة المصري ، ط 3 ص 664 ، 1957.
([14]) راجع Burt.
A. leete – المرجع السابق – ص 872 ، حيث يقول :
(The rational for this right is that
the shareholder should not be forced to become an owner a new corporation that
is different from the one in which he originally invested)
([15]) انظر في ذلك السابقة: Tex
Whalcy v. banker Union of the World P. 1384.
Metioned in Corpus Juris Secundum Vol. 19، راجع ايضا الصفحتان 1605 ، 1606 من الموسوعة الاميركية السابقة
الذكر.
([16]) راجع الموسوعة الامريكية C.J.S ، عدد 19 ، ص
1386 حيث ورد فيها:
(Merger
is not a sale or liquidation of corporate propery, but consolidation of
property , powers and facilities)
([17]) وردت عبارة " مشروع عقد " صراحة في
المواد 289 ، 290، 291 ، من اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري رقم 59 لسنة
1981 ، كما وردت في المادة 286 / أ من مشروع قانون الشركات الاردني.
([18]) راجع د. سمير الشرقاوي – المشروع متعدد القوميات
– مجلة القانون والاقتصاد – الصادرة عن كلية الحقوق بجامعة القاهرة ، ع3 4س 45
لعام 1975 ، ص 72 ويستشهد بنص م 15 من نظام الشركات السعودي ، راجع ايضا.
Ronald A. Anerson – Business
Law – South Western Publishing Co. 11th Ed. P. 638.
راجع ايضا المادة 28/و من قانون الشركات
الاردني، والمادتان 287/ أ ، 1 ، 284 من مشروع قانون الشركات الاردني.
([19]) راجع الموسوعة السابقة الذكر C.J.S عدد 19 ، ص 1378.
([20]) راجع كتابنا – القانوني التجاري الاردني – دار
عمار – عمان – 1985 ص 177 ، 178
([21]) راجع د. مصطفى طه – شركات الاموال – ص 227 ،
ايضا د . محسن شفيق – المشروع ذو القوميات المتعددة – مجلة القانون والاقتصاد –
الصادرة عن كلية الحقوق بجامعة القاهرة ، ع 1 ، 2 س 47 لعام 1977 ، ص 282
([22]) راجع د . مصطفى
طه – القانون التجاري اللبناني – مطابع منيمنه الحديثة - - بيروت – 1968 ، ط 1 ص
367 ، حيث يوضح ان ( شركة المحاصة هي شركة مستترة ليس لها شخصية معنوية تنعقد بين
شخصين او اكثر لاقتسام الارباح والخسائر الناشئة عن عمل تجاري واحد او اكثر يقوم
به احد الشركاء باسمه الخاص )
([23]) راجع E.R
Hardy Ivamy. Underhills Principles of the Law of Partnership – Butterworths –
1981 – 11th ed. p. 12-
(The property of the partnership
belongs to all the partners in common, where as a limited company has a
separate personality and its property belongs to the compay alone.
راجع ايضا د . محمد
حموري – مسؤولية الشريك العام ومركزه القانوني في الشركات العادية في الاردن ، بحث
له منشور في ملحق مجلة المحامين الاردنية رقم (9) لعام 1981 ص 117 ، ايضا :
Ronald A. Anderson – Business
Law – P. 586. mentions the case , Allgeier V martin and associates (Moa pp)
508, swzd 524
([24]) راجع
تمييز اردني رقم 204 / 64 مجلة نقابة المحامين ع6 ، 7 ، 1984 ، ص 1100.
([25]) راجع L.H.
Leight V.H Joffe . Introduction to Company Law- London, Jordan
Book Center
([26]) راجع
د. ادوار عيد – المرجع السابق ، ص 755.