موضوع بعنوان:
دور كاتب الضبط
مقدمة:لا أحد ينازع اليوم أو يشكك في الدور الحيوي الذي تضطلع به كتابة الضبط داخل المحكمة، حيث أصبح الاعتراف بمثل هذه الحقيقة واقع يفرض نفسه على كل متعامل مع هذه المؤسسة، بل إن إصلاح القضاء كما جاء في خطاب جلالة الملك : 29 يناير2003 يقتضي النهوض بكتابة الضبط وذلك بوضع نظام أساسي محفز وحماية موظفيها من كل اعتداء أو إهانة.
إن تحقيق العدالة وتسهيل مهمة القضاء يقتضي تدخل جهاز كتابة الضبط، فالقاضي وحده لا يستطيع أن يقوم بجميع الأعمال التي يتطلبها السير في الدعوى والتحقيق فيها، وتنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها.
في خضم هذه الأهمية التي تحتلها مؤسسة كتابة الضبط، ونظرا لأهمية الموضوع المتمثل في عمل كاتب الجلسة قبل وأثناء وبعد الجلسة، فإننا سنحاول دراسته من خلال التقسيم التالي:
القسم الأول: دور كاتب الضبط قبل وأثناء وبعد الجلســة:
المبحـــث الأول: المهام المنوطة بكاتب الضبط قبل الجلسة:
i. المطلب الأول: تقييد الدعاوى التي ترد على المحكمة (المادة 31 من ق م م)
ii. المطلب الثاني: توجيه استدعاءات الجلسة (الفصل 36 ق م م)
iii. المطلب الثالث: إعداد جدول الجلسات (الفصل 46 من ق م م)
المبحث الثاني: المهام المنوطة بكاتب الضبط خلال الجلسة وبعدها:
iv. المطلب الأول: عمل كاتب الضبط خلال الجلسة
v.المطلب الثاني: عمل كاتب الضبط بعد الجلسة (ق 50 و51 من ق م م)
القسم الثاني: الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد:
المبحث الثالث: الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء ق م ج قبل صدور الحكم أو القرار:
vi. المطلب الأول: تلقي الشكايات
vii. المطلب الثاني: فتح الملفات و الإجراءات المواكبة له
viii. المطلب الثالث: الإجراءات المسطرية المتعلقة بالجلسة
المبحث الرابع: الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء ق م ج بعد صدور الحكم أو القرار:
ix. المطلب الأول : تبليغ الأحكام و القرارات
x. المطلب الثاني : تلقي الطعون و توجيهها للمحكمة المختصة
xi. المطلب الثالث : تسليم النسخ العادية و التنفيذية
xii. المطلب الرابع : التنفيذ الزجري للأحكام أو القرارات الزجرية
القسم الأول: دور كاتب الضبط قبل وأثناء وبعد الجلســة:
إن كتابة الضبط تسهر على تسجيل الدعاوى المرفوعة إلى المحكمة وتوجيه استدعاءات الحضور وإجراء التبليغات المتطلبة وتصنيف ملفات الدعوى، وحفظ الوثائق إلى غير ذلك من الأعمال.
فيما يعود لدينا من اعتقاد متواضع فإنه لا يمكن تحقيق عدالة بمعناها الحقيقي وقضاء نزيه وفعال وصدور أحكام عادلة ومنصفة دون الانفتاح على هذه المؤسسة لأنها هيأت بالأساس لتكملة عمله والمساهمة في تفعيله وسعيا وراء تحقيق حماية أكبر للحقوق والحريات.
المبحث الأول: المهام المنوطة بكاتب الضبط قبل الجلسة:المطلب الأول: تقييد الدعاوي التي ترد على المحكمة (المادة 31 من ق م م):
حسب الفصل 31 من ق م م فإن الدعوى تفتتح بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعى أو من وكيله أو بتصريح شفوي يدلي به المدعي إلى كاتب الضبط الذي يحرره في محضر خاص، ويوقع عليه المدعي، إذا كان يحسن التوقيع، وإلا أشار إلى ذلك ويبصمه ببصمته ويؤدى عنه الرسوم القضائية.
ويسجل المقال في سجل معد لذلك يرقم، ثم يفتح لـه ملف ويحال على السيد رئيس المحكمة ليعين القاضي المقرر إذا كان النزاع يدخل ضمن القضاء الجماعي أو قاضيا مكلفا بالقضية إذا كان النزاع يتعلق بالقضاء الفردي ليعين تاريخ أول جلسة.
إن كاتب الضبط خلال هذه المرحلة يعمل على تصنيف الدعاوي مراعيا في ذلك موضوعها وسببها من أجل إظهار موضوعها بواجهة الملف، كما يتأكد من أطراف الدعوى وعددهم من أجل المطالبة بنسخ من المقال بعدد الأطراف مع إنذارهم، وفي حالة عدم الاستجابة يخبر رئيس الجلسة للتشطيب على الدعوى (ف 142).
المطلب الثاني : توجيه استدعاءات الجلسة (الفصل 36 ق م م):
الاستدعاء حسب الفصل 36 من ق م م هو وسيلة اتصال الأطراف بالمحكمة، ويقع الاستدعاء في نموذج هيأته وزارة العدل يشمل الاسم العائلي والشخصي للأطراف وعناوينهم واسم القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية وموضوع الدعوى ورقم القضية مع اسم المحكمة التي تبث فيها وتاريخ الجلسة ورقم قاعة الجلسات.
وهذا الاستدعاء يبلغ إما بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط أو العون القضائي أو الطريقة الإدارية أو البريد المضمون أو عن الطريق الدبلوماسي.
هـذا وقـد حـدد المشرع المغربي آجالا لهذه الاستدعاءات وفق الفصلين 40 و41 من ق م م، وقد راعى المشرع في هذه الآجال (خمسة أيام على الأقل إذا كان يسكن في نفس المدينة التي توجد بها المحكمة أو قريبا منها، أما إذا كان بعيدا فإن المدة تزيد إلى 15 يوما) إعطاء فرصة للمدعى عليه ليهيئ دفاعه وليتدبر أمره.
لكن ما الحكم إذا حضر المدعى عليه في الجلسة المعينة في الاستدعاء ودفع بمخالفة الاستدعاء للفصل 40 أي عدم احترام الآجال المنصوص عليها في الفصل السالف الذكر ؟
في هذه الحالة يتعين على القاضي تأخير القضية لجلسة أخرى يشعر لها المدعى عليه.
المطلب الثالث: إعداد جدول الجلسات (الفصل 46 من ق م م):يقوم كاتب الضبط بيوم على الأقل قبل انعقاد الجلسة بتضمين القضايا بسجل الجلسات بدء بقضايا المداولة التي ستبث فيها المحكمة متبوعا بقضايا المناقشة حسب نموذج السجلات المعدة من طرف وزارة العدل.
وتظهر أهمية هذا السجل أثناء مراقبة القضايا وتتبع مآلها وهو ما أكده الفصل 46 من ق م م بحيث يتعين على كاتب الضبط أو كاتب الجلسة عموما توثيق تواريخ التأخير ومآل المداولات كما يساعد هذا السجل في ضبط عدد القضايا المحكومة والمؤخرة وقضايا المداولة التي تم تمديد المداولة بشأنها، ويتم التوقيع على هذا السجل عند حصر كل جلسة من طرف رئيس الجلسة وكاتب الجلسة.
المبحث الثاني: المهام المنوطة بكاتب الضبط خلال الجلسة وبعدها:
المطلب الأول: عمل كاتب الضبط خلال الجلسة:
أولا: كاتب الجلسة:
سواء تعلق الأمر بقانون المسطرة المدنية أو المسطرة الجنائية فإن تشكيلة الهيئات القضائية تتضمن كاتبا للجلسة، وأثناء انعقاد الجلسة يجلس كاتب الضبط على يسار الرئيس مرتديا بذلته النظامية المحددة وفق قرار السيد وزير العدل رقم 1.505.91 الصادر بتاريخ 12 جمادى الأولى 1412 موافق 20 نونبر 1991 الذي يحدد بموجبه المميزات الخاصة ببذلة كاتب ضبط الجلسات ويضم هذا القرار أربعة مواد أولها مجانية البذلة وثانيها مميزات البذلة ذات اللون الأسود والوشاح الأبيض. هذا ولا يؤدى كاتب الجلسة وظيفته إلا بعد أداء اليمين القانونية المنصوص عليه وفق ظهير 16/12/57 أو المنشور الوزاري رقم 22 المؤرخ في 08/08/1960 بشأن استيفاء اليمين القانونية من طرف كتاب الضبط.
[b]والمهمة الأساسية لكاتب ضبط الجلسة الذي يوصف بالشاهد الشريف هي تدوين ما راج في الجلسة في محضر قانوني يسمى بمحضر الجلسة، هذا الأخير الذي تترتب عنه أثارا قانونية من حيث صحته وقانونية وخطورة ما يضمن به وهذا ما أكده الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه أن مسؤولية كاتب الضبط لا تقل مسؤولية عن القاضي إذ يتعين أن يكون كاتب الجلسة على قدر من الثقافة والإلمام بالقواعد الإجرائية ومعروف بالسلوك القويم حتى يتأتى له تحرير محضر يوصف بالقانوني.
ثانيا: محضر الجلسة وحجيته:إن محضر الجلسة المعد من طرف كاتب ضبط لجلسة، يصلح بالفعل لتكوين حجة قانونية تشهد على احترام بعض مقومات المرافعات، كما أنه يستعمل كوسيلة لترشيد الأحكام.
[b]إن محضر الجلسة تقرير خطي يدون وفق النموذج المعد من طرف وزارة العدل الذي يتضمن في ديباجيته اسم المحكمة ورقم القضية وتاريخ الجلسة وأسماء الهيئة الحاكمة بما فيها كاتب الضبط.
ومن بين الأسس القانونية التي يجب أن يتضمنها محضر الجلسة :
* رقم القضية وتاريخ الجلسة ومكان انعقادها.
* أسماء القضاء المشاركين بحضور النيابة العامة أو عدمه وكذا اسم كاتب الجلسة.
* حضور أطراف القضية أو دفاعهم أو غيابه وكيفية توصله بالاستدعاء.
* اسم المحكمة المعروض عليها القضية.
* بيان طبيعة النزاع.
* تسجيل المناداة على القضية وأطرافها.
* تسجيل علنية الجلسة أو سريتها.
* تسجيل دفوع الأطراف وموقف المحكمة منها.
* تسجيل مآل القضية (تأخير – مداولة) أسباب التأخير.
* تسجيل تلاوة التقرير من طرف المقرر أو إعفاؤه من طرف الرئيس وعدم معارضة الأطراف.
* تسجيل تبادل المذكرات بين الأطراف.
* تسجيل المرافعات الشفوية.
* تسجيل تصريحات الشهود والتراجمة في القضايا التي تتطلب ذلك.
* تسجيل الأحكام والأوامر الصادرة من طرف المحكمة.
* توقيع المحضر من طرف رئيس الجلسة وكاتب الجلسة.
* ومما يجب مراعاته في كتابة محضر الجلسة هو الدقة وتجاوز التشطيب أو المحو أو الإضافة بين السطور لأن كل عمل مثل هذا من شانه أن يثير الشك في قانونية وصدق هذه المحاضر.
هذا ومحضر الجلسة من خلال قانون المسطرة الجنائية يضطلع بامتياز هام يتمثل في تمتعه بدرجة الحجية المطلقة شريطة أن يكون صحيحا من الناحية الشكلية وأن يضمن في كاتب الجلسة وهو ما يزاول مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في شأن الأمور الراجعة لاختصاصه.
ونظرا لأهمية محضر الجلسة اهتم القضاء كثيرا بهذا الجانب واعتبر أن حضور كاتب الضبط وعدم تحرير المحضر يؤدي إلى بطلان الإجراء الذي قام به القاضي، كما قرر إبطال المحضر الذي يحتوي على تصريحات مغفلة.
هذا ويجب على كاتب الجلسة أن يتقيد بتاريخ المحضر، حيث اعتبرت محكمة النقض الفرنسية بأن إهمال هذا التاريخ يترتب عنه نقض الحكم والإجراءات بل واعتبرت أن أجل توقيع المحاضر من النظام العام، ومن تم يجب الالتزام به وذهبت إلى أن هناك مساسا بحقوق المحكوم عليه إذا لم يتمكن دفاعه من الإطلاع على المحضر في خمسة أيام بعد النطق بالحكم.
المطلب الثاني: عمل كاتب الضبط بعد الجلسة (ق 50 و51 من ق م م):
بعد انتهاء الجلسة ورفعه بالطريقة القانونية فإن كاتب الضبط وبعد الالتحاق بمكتبه يقوم بتصفية الجلسة أي تضمين مآل القضايا المعروضة للمناقشة أو المداولة بسجل الجلسة وترقيم الأحكام أو القرارات أو الأوامر التمهيدية وحصر الجلسة وإحصاء عدد القضايا المحكومة نهائيا أو ابتدائيا أو تمهيديا والتوقيع على ذلك بمعية الرئيس.
وإذا كان الفصل 50 من ق م م ينص على أن الأحكام يجب أن تصدر في جلسة علنية، فإن الممارسة العملية وخاصة في الميدان المدني أثبتت أنه لا يمكن التوصل إلى ذلك نظرا لكثرة الملفات الرائجة والسرعة التي تتم بها تلاوة المنطوق وهو ما يجعل كل كتاب الجلسات بمحاكم المغرب يلجؤون إلى القيام بذلك بعد الجلسة والتوقيع على المحضر بمعية رئيس الجلسة وفق الفصل 51.
وقد حدد الفصل 50 من ق م م البيانات الإلزامية التي يجب أن يشتمل عليها كل حكم قضائي تحت طائلة البطلان، ومن هذه البيانات صدوره في جلسة علنية حتى ولو كانت المناقشة تمت بقرار من المحكمة في جلسة سرية وتحمل في رأسها (المملكة المغربية) و(باسم جلالة الملك) باعتبار جلالته رأس السلطة القضائية التي هي مظهر من مظاهر الإمامة العظمى المنوطة بأمير المؤمنين.
ومن البيانات الإلزامية كذلك، التي أوجب المشرع ضرورة النص عليها في الحكم، ذكر اسم القاضي أو القضاة الذين أصدروه، واسم كاتب الضبط، وأسماء المستشارين في قرارات محاكم الاستئناف أو المجلس الأعلى والإشارة إلى حضور ممثل النيابة العامة إن كان ضروريا وملخص مطالبه.
هذا وإذا عاق الرئيس أو القاضي المقرر عائق أصبح معه غير قادر على التوقيع وقع من طرف رئيس المحكمة بعد إشهاد من طرف كاتب ضبط الجلسة على أن منطوق الحكم مطابق للصيغة التي صدر عيها.
وإذا حصل مانع لرئيس المحكمة وقع بالنيابة عليه أقدم القضاة، وإذا حصل مانع لكاتب الجلسة ذكر القاضي ذلك في الحكم دون أن يوقع من طرف كاتب آخر.
وإذا حصل مانع لكل من القاضي والكاتب اعتبر الحكم كأن لم يكن وأعيدت القضية للمناقشة من جديد، وكأن الحكم لم يقع مطلقا، ولا يمكن لمن صدر الحكم لصالحه أن يحتج به لأن الحكم لا يكتمل إلا بتوقيعه ممن يجب.
إن غاية المشرع من توقيع الأحكام وترقيمها هو ضبطها وترتيبها من أجل الرجوع إليها كل ما دعت الضرورة إلى ذلك تسهيلا لإمكانية التتبع وتسليم النسخ وحفظ الملفات والاحتفاظ بأصول الأحكام والقرارات والأوامر وفق ترتيب معين، هذا بالإضافة إلى تيسير عملية الإحصاء الأسبوعي والشهري والدوري والسنوي.
القسم الثاني: الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد:
منذ فجر الاستقلال، عرف المغرب مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية الهدف منها ضمان السيادة على مجموع التراب الوطني، وبناء دولة الحق والقانون وكسب رهان الديمقراطية والتنمية.
إن ترسيخ مبدأ السيادة على جميع التراب الوطني لا يمكن تحقيقه إلا بإقامة العدل وتقريب القضاء من المتقاضين وإنشاء مؤسسات قضائية تسهر على الفصل بين المتنازعين أيا كان موضوع النزاع المعروض عليها.
وإذا كان المشرع خلال هذه الفترة عمل على تحديث مؤسساته القضائية بهدف مغربة القضاء وإقرار مبدأ العدل والمساواة أمامه فإنه عمل بالمقابل على سن وتعديل مجموعة من القوانين كقانون الجنسية وقانون الحريات العامة وقانون المسطرة الجنائية ومدونة الأحوال الشخصية (مدونة الأسرة حاليا) ...
وعليه وفي ظل هذه الإصلاحات التي عرفتها الترسانة القانونية، واستجابة لمطالب المؤسسات والمنظمات الحقوقية وطنيا ودوليا التي ظلت تناضل لمدة أربع عقود من الزمن أسفر عن تعديل ق م ج بمقتضى قانون رقم 01-22 بهدف إقرار إجراءات تكفل الحفاظ على حق الفرد والجماعة وحماية الإنسان وإقرار حق الدفاع وضمان محاكمة عادلة.
في ضوء هذه الإصلاحات التي عرفها ق م ج، ونظرا لأهمية الموضوع فإننا نتساءل : أي دور لكتابة الضبط في قانون المسطرة الجنائية الجديد ؟
الجواب عن هذا السؤال يقتضي منا معالجة المبحثين التاليين:
المبحث الثالث: الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء ق م ج قبل صدور الحكم أو القرار:
المطلب الأول: تلقي الشكايات:
يقدم الشكوى المتضرر نفسه أو من يوكله، ما لم ينص القانون على إمكانية تقديم الشكاية بواسطة غيره، كما هو الشأن بالنسبة للمادة 71 من قانون الصحافة التي تنص على أنه في حالة السب أو القذف الموجه ضد أعضاء الحكومة فإن وزير الداخلية يتقدم بشكوى إلى وزير العدل، وإذا كان المتضرر قاصرا أو محجوزا عليه لسفه أو خلل عقلي، فإن الذي يقدم الشكاية هو حاجره القانوني...
هذا وتقدم الشكايات إلى السيد وكيل الملك طبقا للمواد من 39 إلى 47 من ق م ج أو الوكيل العام للملك طبقا للمواد من 48 إلى 51 أو قاضي التحقيق طبقا للمواد من 52 إلى 55 من ق م ج.
وإذا كانت الشكاية المباشرة التي يتقدم بها المتضرر إلى السيد قاضي التحقيق مرفقة بتنصيبه كمطالب بالحق المدني تقدم مباشرة إلى السيد قاضي التحقيق، فإن الممارسة العملية وأمام غياب نص قانوني وفي إطار الصلاحيات التي يخولها القانون للسيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أو السيد رئيس المحكمة الابتدائية، فإن الشكاية تحال على المسؤول القضائي داخل المحكمة بواسطة كتابة الضبط لكي يعين قاضيا للتحقيق مكلف بالقضية في حالة تعدد قضاة التحقيق، لتحال بعد ذلك على كتابة ضبط الغرفة المختصة بالتحقيق لتعمل على فتح ملف التحقيق و تضمينها بالسجل العام للتحقيق و عرضها على قاضي التحقيق لاتخاذ المتعين.
المطلب الثاني : فتح الملفات و الإجراءات المواكبة له
أولا: فتح الملفات أمام غرفة التحقيق والإجراءات المواكبة لها:
تتجلى أهمية كتابة الضبط لدى غرفة التحقيق في تتبع الإجراءات التي يصدرها قاضي التحقيق أثناء عملية التحقيق في شكل أوامر كالأمر بإحضار الشاهد بواسطة القوة العمومية طبقا للمادة 128 من ق م ج و الأمر بالحضور أو الإحضار أو الأمر بالإيداع في السجن أو الأمر بإلقاء القبض طبقا للمادة 142 من ق م ج و كذا الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية طبقا للمادة 160 من ق م ج إلخ
هذا و يحال الملف سواء من طرف النيابة العامة أو من طرف السيد الرئيس الأول أو رئيس المحكمة أو عن طريق شكاية مباشرة على قاضي التحقيق و هو يحتوي على رقم النيابة و كذا محضر الضابطة القضائية ثم مطالبة إجراء تحقيق موقع من طرف السيد الوكيل العام للملك أو وكيل الملك حيث تضم هذه المطالبة اسم المتهم و التهمة المنسوبة إليه و كذا هويته ـ ثم يلتمس السيد الوكيل العام للملك أو وكيل الملك من السيد قاضي التحقيق إما بإيداعه بالسجن أو ما يراه مناسبا أو لتطبيق القانون.
بعد إحالة الملف على غرفة التحقيق تفتح له كتابة الضبط ملفا جديدا لديها في السجل العام الذي يضمن فيه الرقم الترتيبي للملف ثم تاريخ تسجيله و كذا رقم الملف بالنيابة واسم المتهم و كذا اسم المطالب بالحق المدني و كذا التهمة المنسوبة للمتهم، ثم تاريخ المطالبة بإجراء تحقيق بالإضافة إلى تهيئ الملف الأصلي و كذا تهيئ نسخة من الملف حتى تبقى لدى كتابة الضبط و ذلك بمجرد إنهاء البحث في القضية.
هذا و بمجرد إصدار قاضي التحقيق قرار بإنهاء البحث، فإن كتابة الضبط تعمل على توجيه الملف إلى النيابة العامة للإطلاع ووضع ملتمسها النهائي و ذلك داخل أجل أقصاه 08 أيام من توصلها بالملف استنادا لمقتضيات المادة 214 من ق م ج بعدها يمكن لقاضي التحقيق أن يصدر أمرا إما بإحالة القضية على غرفة الجنايات أو على المحكمة الابتدائية المختصة أو يصدر أمرا بعدم المتابعة أو غير ذلك.
و عليه فبمجرد إصدار قاضي التحقيق قراره فإن كتابة الضبط تعمل على تضمين القرار في سجل القرارات النهائية و تعطيه رقما ترتيبيا وتاريخ صدوره و مضمون القرار، على أن يوقع قاضي التحقيق على هذا القرار، هذا وتقوم كتابة الضبط بتبليغ هذا القرار للأطراف بواسطة إعلام بصدور أمر قضائي مرفوقا بشهادة التسليم على أن تقوم بتبليغ المتهم داخل السجن إذا كان معتقلا.
و في حالة ما إذا أصدر قاضي التحقيق قرارا مخالفا لملتمس النيابة العامة فإن كتابة الضبط تعمل على إخبار النيابة العامة حتى يتسنى لها الطعن بالاستئناف.
إن هذه الأهمية التي يحتلها جهاز كتابة الضبط تلقي على عاتق كاتب الضبط مسؤولية كبيرة إذ أن أي إغفال أو إهمال أو خرق مسطري من شأنه أن يمس حقوق الدفاع وخاصة حق المتهم و قد يؤدي إلى بطلان الإجراءات.
ثانيا: فتح الملفات أمام الغرفة الجنحية " ابتدائيا– استئنافيا "و الإجراءات المواكبة لها:
بعد إحالة القضايا من طرف النيابة العامة على الكتابة الخاصة لرئيس المحكمة أو ديوان السيد الرئيس الأول، تحال على السيد رئيس المحكمة أمام المحكمة الابتدائية أو السيد الرئيس الأول أمام محكمة الاستئناف، لتعيين القاضي المقرر إذا كنا أمام قضاء جماعي أو قاضيا مكلفا بالقضية إذا كنا أمام قضاء فردي.
هذا و بعد تعيين القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية يحال الملف على القسم الجنحي لتضمينه في السجل العام للقضايا الجنحية، حيث يضم هذا السجل المعلومات المتعلقة بالملف من رقم ترتيبي بكتابة الضبط و كذا رقمه في النيابة العامة وهوية المتهم والتهمة المنسوبة إليه وكذا رقم المحضر وحالة المتهم هل معتقل أو في حالة سراح أو فرار، و رقم الاعتقال إذا كان معتقلا، و الملاحظ خلال الآونة الأخيرة هو أنه و في إطار التنسيق والتكامل بين كتابة النيابة العامة و مصلحة كتابة الضبط، فإن نفس الرقم الترتيبي الذي يحمله الملف لدى النيابة العامة تعتمده كتابة ضبط الرئاسة.
لكن من هي الجهة التي تعمل على توجيه استدعاءات أول جلسة ؟
حيث إن النيابة العامة هي التي تعين تاريخ أول جلسة فإن كتابة النيابة العامة هي التي تتولى أمر توجيه الاستدعاء الأول الموجه إلى الأطراف، على أن تباشر كتابة الضبط الإجراءات اللاحقة بناء على الأوامر والقرارات الصادرة عن المحكمة.
ثالثا: فتح الملفات أمام الغرفة الجنائية « ابتدائي-استئنافي » والإجراءات المواكبة لها:
هي نفس الإجراءات التي تحدثنا عليها في الفقرة السابقة، كل ما هنالك هو أن القضايا الجنائية تبث فيها محكمة الاستئناف ابتدائيا واستئنافيا بينما القضايا الجنحية تبث فيها المحكمة الابتدائية ابتدائيا ومحكمة الاستئناف استئنافيا.
المطلب الثالث: الإجراءات المسطرية المتعلقة بالجلسة:
أولا: الإجراءات المتخذة قبل الجلسة:
تعمل كتابة الضبط قبل تاريخ الجلسة على تضمين القضايا في سجل الجلسة، ويتم تضمين هذه القضايا حسب أقدمية الملف ابتداء من قضايا المداولة ثم بعد ذلك قضايا المناقشة، هذا ويتم إعداد جدول الجلسات الذي يتم تعليقه على باب قاعة الجلسات ويسهل معرفة القضايا الرائجة في الجلسة، إضافة إلى جدول جلسات أشهر السنة القضائية الذي يوضع رهن إشارة رئيس الجلسة الذي يعتمده لتعيين تاريخ التأخيرات والمداولات.
ثانيا: الإجراءات المسطرية أثناء انعقاد الجلسة:
يحضر كاتب الجلسة إلى جانب هيأة الحكم وممثل النيابة العامة، وبهذا يمثل كاتب الضبط قانونا هيئة ثالثة مستقلة بجلسة المحاكمة.
إن محضر الجلسة المعد من طرف كاتب الضبط، يصلح لتكوين الحجة الكتابية داخل الجلسة ويستعمل كوسيلة لترشيد الأحكام شريطة أن يكون صحيحا في الشكل وان يضمن فيه واضعه وهو يزاول مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في شان الأمور الراجعة إلى اختصاصه، كما استوجب القانون ضرورة توقيع المحضر من طرف القاضي رئيس الجلسة أو قاضي التحقيق وكاتب الضبط.
ثالثا: الإجراءات المتخذة بعد الجلسة:
إن كاتب الضبط بعد انتهائه من الجلسة يعمل على تضمين نتائج الملفات من تأخيرات ومداولات وأحكام فاصلة في الموضوع وأحكام تمهيدية وترقيمها ووصفها حضورية أو غيابية أو بمثابة حضورية بسجل الجلسة، هذا ويوقع كاتب الجلسة وكذا رئيسها على سجل الجلسة، ثم بعد ذلك ينطلق كاتب الضبط إلى تنفيذ الإجراءات المضمنة بمحضر الجلسة كإعادة استدعاء الأطراف أو محاميهم وكذلك الشهود إن اقتضى الأمر ذلك وكذا الخبراء والتراجمة.
المبحث الرابع: الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء ق م ج بعد صدور الحكم أو القرار:
المطلب الأول: تبليغ الأحكام و القرارات:
أولا: المبدأ - خضوع جميع الأحكام و القرارات للتبليغ:
حسب ق م ج فإن جميع الأحكام و القرارات الصادرة في المادة الجنحية الجنائية غيابيا أو اعتباريا يستوجب تبليغها إلى المحكوم عليه و لا يمكن سلوك مسطرة التنفيذ بشأنها إلا بعد استيفاء مسطرة التبليغ طبقا للمادة 521 من ق م ج.
ثانيا: الاستثناء من خضوع الأحكام و القرارات للتبليغ:
إذا كان المبدأ هو أن جميع الأحكام و القرارات الصادرة في المادة الجنحية أو الجنائية تخضع لمسطرة التبليغ فإنه تستثني من هذه المبدأ الأحكام الحضورية التي يمكن سلوك مسطرة التنفيذ بشأنها بمجرد انتهاء أجل الطعن الذي يبتدئ من تاريخ الحكم أو القرار الذي يعتبر بمثابة تاريخ التبليغ.
المطلب الثاني: تلقي الطعون و توجيهها للمحكمة المختصة:
أولا: الإجراءات المتخذة عند الطعن بالتعرض:
في حالة صدور القرار أو الحكم غيابيا يكون لكل من صدر الحكم في حقه غيابيا الحق في الطعن بالتعرض في أجل عشرة أيام و هي آجال كاملة تبتدئ منذ تاريخ توصله بتبليغ الحكم أو القرار حسب ما جاءت به المسطرة الجنائية.
هذا و يتم التصريح بالتعرض في سجل معد لذلك ، حيث يحرر به صك التعرض الذي يأخذ رقما ترتيبيا وكذا تاريخ التصريح بالتعرض ورقم الملف ونوعه وتاريخ الحكم ورقم القرار و كذا اسم كاتب الضبط المحرر لهذا الصك مع تسجيل التصريح بالتعرض المتضمن لتاريخ التبليغ و اسم المتعرض و توقيعه أو بصمته.
ثانيا: الإجراءات المتخذة عند الطعن بالنقض:
عند صدور القرار أو الحكم النهائي حضوريا يكون لكل طرف في الدعوى الحق في النقض داخل أجل عشرة أيام من تاريخ صدور القرار هذا و يحرر التصريح بالنقض ويدون بهذا الصك رقم الملف و تاريخ التصريح بالنقض و تاريخ صدور القرار، هذا و إذا كان المصرح معتقلا فإن التصريح بالنقض يتم لدى كتابة ضبط السجن الذي تعمل على توجيهه للمحكمة مصدرة القرار ليضمن بسجل التصريح بالنقض.
هذا و يجب توقيع التصريح بالنقض من طرف المصرح و كاتب الضبط.
ثالثا: الإجراءات المتخذة عند الطعن بالاستئناف:
الاستئناف طريق من طرق الطعن العادية يقدم أمام المحكمة مصدرة الحكم أو القرار داخل الأجل المحدد قانونا ،و هو طعن يمارس في مواجهة الأحكام الجنحية الابتدائية أو القرارات الجنائية الابتدائية طبقا للفصل 157 من ق م ج من طرف المتهم أو النيابة العامة أو المسؤول عن الحقوق المدنية.
أما بخصوص المسطرة المتبعة فما قيل عن التعرض والنقض يقال عن الطعن بالاستئناف.
المطلب الثالث: تسليم النسخ العادية و التنفيذية:
لتسليم النسخ التنفيذية يجب أن يكون الحكم نهائيا و النسخة التنفيذية يجب أن تكون مختومة و موقعة من طرف كاتب ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو القرار وحاملة العبارة التالية " سلمت طبقا للأصل و لأجل التنفيذ " عملا بالفصل428 ق.م.م وتاريخ التبليغ، وكذا الصيغة التنفيذية.
هذا و يجب إثبات تسليم النسخة التنفيذية في سجل معد لتسليم النسخ التنفيذية و كذا توقيع المتسلم لهاته النسخة في السجل و في غلاف الملف حتى لا يتم سحبها مرة ثانية لأن التنفيذ يكون مرة واحدة فقط، و إذا ما ضاعت النسخة التنفيذية فإن الطالب يتعين عليه أن يتقدم بطلب للسيد رئيس المحكمة الابتدائية للحصول على أمر قضائي يرمي إلى تمكينه من نسخة تنفيذية أخرى.
هذا و لا يمكن طلب سحب النسخة التنفيذية إلا للشخص المستفيد من الحكم عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 428 ق.م.ج التي تنص على أنه "لكل محكوم له يرغب في تنفيذ الحكم حق الحصول على نسخة تنفيذية منه".
أما بخصوص النسخة العادية فتسلم لكل طرف في الدعوى بناء على طلب يتم إيداعه بمكتب الضبط، و يتقدم به الطالب في اسم السيد رئيس مصلحة كتابة الضبط، و يؤدي عنه تنبر من فئة 5 دراهم لكل صفحة من القرار، و يتم ختم هذه النسخة من طرف كاتب الضبط و تتم الإشارة على أنها نسخة عادية.
المطلب الرابع: التنفيذ الزجري للأحكام أو القرارات الزجري:
أولا: فتح ملفات التنفيذ الزجري:
يفتح ملف التنفيذ الزجري بناء على مختصر وكذا نظير البطاقة رقم 1 في سجل المختصرات ويتضمن البيانات التالية :
رقم المختصر وتاريخه ؛
رقم بيان التحملات وتاريخه ؛
رقم القضية ونوعها ؛
رقم الحكم أو القرار وتاريخه ؛
الاسم الكامل للمحكوم عليه وعنوانه ؛
المبلغ المحكوم به ؛
الصوائر المحكوم بها.
هذا ويسلم ملف التنفيذ إلى مأمور إجراءات التنفيذ إذا كان المنفذ عليه يقطن داخل المدار الحضاري قصد تبليغه مع الاحتفاظ بالمقتطع من شهادة التسليم داخل ملف التنفيذ، أما إذا كان خارج المدار الحضاري أو الدائرة القضائية فإنه يتم توجيهه في إطار إنابة قضائية.
ثانيا: الإنابة القضائية:
يمسك سجل الإنابات القضائية من طرف مكتب التنفيذ الزجري، ويتضمن هذا السجل الرقم الترتيبي للملف وتاريخ تسجيله ثم رقم المختصر وهو نفس الرقم الذي يضم في السجل العام للتنفيذ الزجري وتاريخه ثم رقم القضية وكذا الاسم الكامل للمحكوم عليه وعنوانه وبيان التحملات والمبلغ المحكوم به وكذا اسم المرسل إليه ورقم المضمون وتاريخ توجيه الإنابة وتاريخ إرجاع الإنابة.
ثالثا: ملفات الإكراه البدني:
بعد انتهاء شهر من تبليغ المنفذ عليه للاستدعاء بمثابة إنذار قانوني ينتقل مأمور الإجراءات إلى عنوان المنفذ عليه قصد حثه على الأداء مرة أخرى وعند عدم استجابته يحرر محضر الحجز إن كان له ما يحجز أو محضر بعدم ما يحجز إن لم يوجد ما يحجز لـه، وفي هذه الحالة الأخيرة يفتح ملف الإكراه البدني في سجل الإكراهات البدنية حيث يأخذ هذا الملف رقم ترتيبي من هذا السجل ويضمن به تاريخ التسجيل، ورقم المختصر ورقم القرار وتاريخ صدوره والمبلغ المحكوم به واسم المنفذ عيه وتاريخ إنذاره.
ومن تم فبمجرد فتح ملف الإكراه البدني يحرر مطبوع الإكراه البدني الذي يوجه إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية مرفقا بما يلي :
ما يفيد توجيه وتبليغ إنذار بالأداء إلى الشخص المنفذ عليه ؛
تقديم طلب كتابي من طالب الإكراه البدني يرمي إلى الإيداع في السجن ؛
الإدلاء بما يفيد عدم إمكانية التنفيذ على أموال المدين من خلال تحرير محضر بعدم وجود ما يحجز.
هذا وبعد توجيه طلب الإكراه البدني مرفقا بالوثائق المشار إليها في الفصل 640 من ق م ج إلى السيد وكيل الملك على أن لا يأمر هذا الأخير أعوان القوة العمومية بإلقاء القبض على المكره إلى حين صدور قرار بالموافقة على ذلك من طرف السيد قاضي تطبيق العقوبات.