بسم الله
الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس
الدولة
المحكمة
الإدارية العليا
بالجلسة
المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس
مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير وفاروق على عبد
القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.
* إجراءات
الطعن
في
يوم الأربعاء الموافق 26/6/1985 أودع الأستاذ/محمد الفولي المحامي المقبول أمام
المحكمة الإدارية العليا، تقرير هذا الطعن، نيابة عن السيد /…………………… بموجب توكيل
خاص رقم 3074 لسنة 1985 توثيق الإسكندرية ضد شركة النيل لتصدير الحاصلات الزراعية،
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 27/4/1985 في الدعوى رقم
80 لسنة 27 ق المقامة من الطاعن على الشركة المطعون ضدها، والذي قضى برفض الدعوى
موضوعا.
وطلب
الطاعن في ختام تقرير الطعن – للأسباب الواردة به – الحكم بقبول الطعن شكلا وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الشركة
المطعون ضدها بالمصروفات.
وقد
تم إعلان تقرير الطعن إلى الشركة المطعون ضدها بتاريخ 11/7/1985.
ثم
أحيل إلى هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريرا بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون
فيه المتضمن مجازاة الطاعن بالإنذار وبخصم نصف يوم من راتبه.
وقد
تحدد النظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1/10/1986 وفيها قررت الوزارة
إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة
21/10/1986. وفي هذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 2/12/1986.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد
الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن
حيث أنه عون شكل الطعن فإنه لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة
27/4/1985 وأودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 26/6/1985
أي خلال ميعاد الستين يوما المنصوص عليه في المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972
بشأن مجلس الدولة، ولما كان الطعن قد استوفى سائر الشروط المقررة قانونا فإنه نم
ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن
حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أن
الطاعن سبق أن أقام الدعوى رقم 80 لسنة 26 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة
التأديبية بالإسكندرية بتاريخ 26/12/1983 ضد الشركة المطعون ضدها، وقد جاء بهذه
الصحيفة أنه يعمل بخدمة الشركة المذكورة في وظيفة محام أول للإدارة القانونية،
وبتاريخ 5/1/1983 تسلم صورة من قرار الجزاء رقم 105 لسنة 1983 المتضمن الآتي:
مجازاته
بعقوبة الإنذار لتركه العمل والانصراف بدون إذن يوم 3/10/1983.
خصم
نصف يوم من راتبه لعدم تواجده أثناء التفتيش المفاجئ الساعة 11 صباحا يوم
4/10/1983. ثم استطرد الطاعن في صحيفة دعواه أمام المحكمة التأديبية قائلا إن
القرار المشار إليه مخالف للقانون وإنه كان مكلفا بمهام رسمية في الأوقات آنفة
الذكر ولم تجر الشركة أي تحقيق معه بشأن ما أنسب إليه،وفضلا عن ذلك، فإنه كان
يتعين تطبيق أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية في خصوص
تأديب عضو الإدارة القانونية. ثم خلص الطاعن إلى طلب الحكم بإلغاء قرار الجزاء
المشار إليه. وقد نظرت المحكمة التأديبية بالإسكندرية الدعوى بجلسة 17/3/1984 وما
تلاها من الجلسات، على النحو المبين بمحاضرها، حيث قدم الطاعن ثلاث حوافظ مستندات
اشتملت على القرار المطعون فيه وصورا لبعض الأوراق، كما قدم مذكرة بدفاعه التمس
فيها الحكم بالطلبات المشار إليها.
وقدمت
الشركة المطعون ضدها حافظتي مستندات تضمنتا صورة من لائحة المخالفات والجزاءات
الخاصة بالشركة وصورا لبعض المكافآت. كما قدمت مذكرتين بدفاعها التمست فيها الحكم
برفض الدعوى استنادا إلى ثبوت المخالفتين المنسوبتين للطاعن. كما ردت الشركة على
ما آثاره الطاعن بخصوص عدم إجراء تحقيق معه، بأنه سبق لها أن دعت الطاعن للاستجواب
بصدد كل مخالفة يرتكبها إلا أنه كان على مدار أربع سنوات لا يهتم بالرد مما حدى
بها إلى نزال حكم القانون ومجازاته بالجزاءين المشار إليهما.
وبجلسة
27/4/1985 قضت المحكمة التأديبية بالإسكندرية برفض دعوى الطاعن وجاء بأسباب حكمها
أنه بخصوص الاعتراض على قيام الشركة بمجازاة المدعي، فإن المادة 23 من القانون رقم
47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية تقضي بأنه:
لا
يجوز توقيع أية عقوبة على شاغلي وظائف المدير العام ومدير إدارة قانونية إلا بحكم تأديبي وفيما عدا عقوبتي
الإنذار والخصم من المرتب لا يجوز توقيع أية عقوبة أخرى على شاغلي الوظائف الأخرى
إلا بحكم تأديبي. ومفاد ذلك أن الحظر الخاص بعدم توقيع الجزاء إلا بحكم تأديبي
إنما يقتصر على العقوبات الأخرى غير عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب والتي توقع
على شاغلي الوظائف الأخرى، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي لا يشغل
وظيفة مدير عام أو مدير إدارة قانونية وإن الجزاء الموقع عليه في حدود الإنذار
وخصم نصف يوم من راتبه الاختصاص بتوقيع هذه الجزاءات يكون للسلطة الرئاسية التي
يتبعها، ويتفرع عن ذلك أيضا اختصاصها بإجراء التحقيق المتعلق بهذه الجزاءات، وذلك
عملا وبالقواعد الواردة بقانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978، واستنادا
إلى حكم المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1973 التي تقضي بأنه يعمل فيما لم يرد
فيه نص في القانون بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو
بالقطاع العام على حساب الأحوال وإنه بالنسبة لما يدفع به المدعي من عدم إجراء
تحقيق معه، فإن المدعي – كما يبين من دفاعه – لا يعترف باختصاص الشركة بإجراء
التحقيق معه، ولذلك فإن المحكمة تطمئن إلى ما أورده الدفاع الشركة من أن المدعي لا
يستجيب للمكاتبات العديدة التي أرسلت إليه من إدارة الشركة عند كل مخالفة يرتكبها،
وبذلك فإنه بإصرار المدعي على عدم اختصاص الشركة بالتحقيق معه يكون قد فوت على
نفسه فرصة الدفاع ومن ثم فإنه يحوز مجازاته بغير حاجة إلى سماع أقواله – وأن
الثابت من مستندات الشركة أن هناك تعليمات مؤرخة 7/8/1983، 16/3/1983 توجب الحصول
على تصريح كتابي من مدير الإدارة المختص قبل مغادرة العامل لمكتبه، وأنه في حالة
مغادرة مكان العمل بدون تصريح، فإن ذلك يعتبر مخالفة تقع تحت طائلة الجزاءات وأن
المدعي لم يحصل على تصريح كتابي من مدير الإدارة القانونية قبل مغادرة مكتبة في
3/10/1983، 4/10/1983، فإنه يكون بذلك قد أرتكب مخالفة للتعليمات المشار
إليها، مما يشكل في حقه ذنبا إداريا
يستوجب مجازاته، وبذلك يكون القرار المطعون فيه قائما على سببه ويتعين القضاء برفض
الدعوى.
ومن
حيث أن تقدير الطعن يستند إلى أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أنه التفت
عن المستندات المقدمة من الطاعن والتي تفيد أنه لم يخالف التعليمات الصادرة من
الشركة بل إنه كان في مهام رسمية تتعلق بعمل الشركة، كما أنه لم يعول على عدم
إجراء تحقيق مع الطاعن وأخذ بما جاء بدفاع الشركة الغير مؤيد بدليل، وفصلا عن ذلك
فقد خالف أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 التي تقضي بأن التحقيق وتوقيع الجزاء على
أعضاء الإدارات القانونية بوحدات القطاع العام معقود قط للنيابة الإدارية والتفتيش
الفني بوزارة العدل.
وبجلسة
1/10/1986 وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أودع الطاعن تأييدا لطعنه حافظة
مستندات طويت على:
1-
صورة ضوئية من تقرير مفوضو الدولة في الطعن رقم 2721 لسنة 31 ق المقام من نفس
الطاعن ضد الشركة المطعون ضدها.
2-
صورة ضوئية من الحكم الصادر من الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا بالطعن
رقم 2721 لسنة 31ق المشار إليه بجلسة 30/6/1986 والذي يقضي بقبول الطعن شكلا وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من
مجازاة الطاعن بخصم يومين من أجره.
ومن
حيث أنه وجه الطعن الذي يتمثل في مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون رقم 47 لسنة
1973 في شأن الإدارات القانونية للقطاع العام، فإنه بالرجوع إلى أحكام هذا القانون
تبين أن المادة 6 منه تنص على أن "تمارس الإدارات القانونية اختصاصاتها
الفنية في استقلال.. ولا يخضع مديرو وأعضاء هذه الإدارات في مباشرتهم الفنية إلا
لرؤسائهم المتدرجين وفقا لأحكام هذا القانون. ولا يخل ذلك بسلطة رئيس مجلس إدارة
الجهة المنشأة فيها الإدارة القانونية في الإشراف والمتابعة لسرعة إنجاز الأعمال
المحالة إليها وفي تقرير استمرار السير في الدعاوى والصلح فيها والتنازل عنها
وممارسة اختصاصاته الأخرى طبقا للقواعد المقررة في هذا القانون".
وتقضي
المادة 2 من القانون المذكور على أن : تشكل إدارة للتفتيش الفني على أعمال
الإدارات القانونية وعلى نشاط مديريها وأعضائها.. وتكون تابعة لوزير العدل.
كما
تنص المادة 10 على أن يخضع لنظام التفتيش وتقارير الكفاية كافة مديري وأعضاء
الإدارات القانونية فيما عدا شاغلي وظيفة مدير عام إدارة قانونية، ويجب أن يتم
التفتيش مرة على الأقل كل سنتين. ومفاد هذه النصوص جميعا أن المشرع جعل للإدارة
القانونية داخل جهة القطاع العام المنشأة بها استقلالا في ممارستها لاختصاصها
الفنية التي حددها القانون، كما أنه خول لإدارة التفتيش الفني المشار إليها في
المادة 9 سلطة التفتيش على أعضاء الإدارة القانونية الذين حددتهم المادة 10 من هذا
القانون وبينت المدة المقررة لإجرائه وظاهر من هذه النصوص جميعا أن هذا الاستقلال
ينصرف فقط إلى الأعمال الفنية التي تخضع للتفتيش المشار إليه، ولذلك حرص المشرع
على النص في عجز المادة 6 من القانون رقم 47 لسنة 1973 سالف الذكر على أنه لا يخل
ذلك بسلطة رئيس مجلس إدارة الجهة المنشأة فيها الإدارة القانونية في الإشراف
والمتابعة لسرعة إنجاز الأعمال المحالة إليها. ومن البديهي أن سلطة رئيس مجلس
الإدارة في الإسراف والمتابعة تشتمل الإشراف علي الإدارة القانونية من الناحية
الإدارية بما يندرج فيها من متابعة حضور
وانصراف أعضائها إلى مقر العمل والجدية في ممارسة اختصاصاتهم بما يحقق مصلحة الجهة
وكيف كسب قضاياها أراء باقي الاختصاصات الفنية الأخرى الموكولة إليهم بالكيفية وفي
الحدود والتنظيم المعمول بهما داخل هذه الجهة ولا يخل بذلك ما تنص عليه اللائحة
الخاصة بالتفتيش الفني علي الإدارات القانونية الصادرة بقرار وزير العدل رقم 721
لسنة 1977 حيث انه وكما سبق البيان فان اختصاص اللجنة المشار إليها في المادة 12
من تلك اللائحة ينصب فقط علي الأعمال الفنية التي يباشرها أعضاء الإدارة القانونية
فقط، أما المخالفات الإدارية أو المسلكية التي تنسب إلى أعضاء هذه الإدارة فإنها
تفحص بواسطة اللجنة المشار إليها إلا إذا قدمت إليها شكوى في العضو المنسوبة إليه المخالفة
ويقتصر دورها عند حد فحصها وتحقيقها ويظل الاختصاص في توقيع الجزاء عنها للجنة
المختصة سواء داخل الجهة التي يتبعها العضو أو بواسطة المحكمة التأديبية بحسب
الأحوال طبقا لما تنص عليه المادة من اللائحة المشار إليها.
ومن
حيث أنه عن أحكام التحقيق ونظام تأديب أمناء الإدارات القانونية فقد نصت المادة 20
من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه على أن تنظم الأحكام الخاصة بالتحقيق
وبالنظام التأديبي لمديري الإدارات القانونية وبأعضائها وبإجراءات ومواعيد التظلم
مما قد يوقع عليهم من جزاءات لائحة يصدرها وزير العدل بعد موافقة اللجنة المنصوص
عليها في المادة 7 من هذا القانون، ويجوز أن تتضمن هذه اللائحة بيانا بالمخالفات
الفنية والإدارية التي تقع من مديري الإدارات القانونية وأعضائها،والجزاءات
المقررة لكل منها والسلطة المختصة بتوقيعها. والثابت أن اللائحة المشار إليها لم
تصدر بعد ومن صم فإن أحكام التحقيق ونظام تأديب أعضاء الإدارات القانونية تطبق في
شأنها القواعد الواردة في القانون رقم 47 لسنة 1973 (المادتان 22، 23) وفيما لم
يرد بشأنه نص في هذا القانون يعمل بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين
المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام على حسب الأحوال ولذلك بالقواعد والنظم المعمول
بها في الجهات المنشأة بها الإدارات القانونية وذلك بالتطبيق لنص المادة 24 من
القانون رقم 47 لسنة 1973 في شأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات
والوحدات التابعة لها.
ومن
حيث أن المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1973 سالفة الذكر تنص على أنه "لا
يجوز توقيع أي عقوبة على شاغلي وظائف مدير عام ومدير إدارة قانونية، إلا بحكم
تأديبي، وفيما عدا عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب، لا يجوز توقيع أية عقوبة على
شاغلي الوظائف الأخرى إلا بحكم تأديبي ومع ذلك يجوز في جميع الأحوال لرئيس مجلس
الإدارة المختص التنبيه كتابة على مديري وأعضاء الإدارات القانونية، كما بجوز
لمديري الإدارة القانونية المختص التنبيه كتابة على أعضاء الإدارة بمراعاة حسن
أداء واجباتهم.. ومفاد هذا النص أن السلطة المختصة بتوقيع العقوبات التأديبية التي
حددتها المادة 22من القانون رقم 47 لسنة 1973 على مدير عام ومدير الإدارة
القانونية هي المحكمة التأديبية المختصة وبالنسبة لأعضاء الإدارة القانونية من
شاغلي الوظائف الأخرى فإن الاختصاص بتوقيع العقوبات التأديبية المشار إليها في هذه
المادة أيضا هو بصفة عامة للمحكمة التأديبية أيضا فيما عدا عقوبتي الإنذار والخصم
من المرتب فإن توقيع أي منها يكون للسلطة المختصة بالجهة المنشأة بها الإدارة
القانونية طالما لم تصدر بعد اللائحة المشار إليها في المادة 21 من القانون رقم 47
لسنة 1973 سالف الذكر ، ومن ثم وفي ضوء هذا الوضع تتحدد هذه السلطة طبقا لقواعد
نظام العاملين بالقطاع الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وقد بينت المادة 82 من
هذا القانون الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين بالقطاع العام ومن
بينها الخصم من الأجر لمدة لا تجاوز شهرين في السنة، كما حددت المادة 84 من هذا
القانون السلطات المختصة بتوقيع الجزاءات التأديبية فجعلت الاختصاص بتوقيع أي من
الجزاءات الواردة في المادة 82 منه لمجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة
الثانية فما فوقها معا أعضاء مجلس الإدارة المعينين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة
التشكيلات النقابية.
ومن
حيث أن الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أن الطاعن بشغل الدرجة الثانية وقد صدر
القرار المطعون فيه بمجازاته بالإنذار وبخصم نصف يوم من راتبه وأن مصدر هذا القرار
هو المندوب المفوض لإدارة الشركة والذي خول سلطات مجلس الإدارة بمقتضى قرار وزير
الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 231 لسنة 1983 ومن ثم يكون قرار الجزاء قد صدر ضد
الطاعن ممن يملك إصداره وطبقا للقواعد المقررة في هذا الشأن مما يتعين معه
الالتفات عن الوجه من أوجه الطعن.
ومن
حيث أنه عما ينعاه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه لم بعول على إجراء تحقيق مع
الطاعن وأخذ بدفاع الشركة الغير مؤيد بليل فإنه باستعراض أحكام القانون رقم 48
لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام تبين أن المادة 81 من هذا القانون تنص
على أنه لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد تحقيق معه كتابة وسماع أقواله
وتحقيق دفاعه ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع العقوبة مسببا ومع ذلك يجوز
بالنسبة إلى جزائي الإنذار والخصم مع المرتب عن مدة لا تجاوز ثلاثة أيام والوقف عن
العمل لمدة لا تجاوز ثلاثة أيام أن يكون الاستجواب أو التحقيق فيها شفاهة على أن
يثبت مضمونه في المحضر الذي يحوي الجزاء،
هذا وإثبات مضمون التحقيق في هذه الحالة يعني إثبات حصول التحقيق أو الاستجواب في
شأن ثبوت الذنب الإداري قبل العامل باعتبار أن هذا الذنب الإداري هو الذي يكون ركن
السبب في القرار التأديبي مما يمكن السلطة الفضائية من بسط رقابتها القانونية على
صحة قيام هذه الوقائع صحة تكييفها القانوني. إن المستقر عليه وفقا لقضاء المحكمة
الإدارية العليا أنه إذا خلا القرار التأديبي من أية إشارة تفيد إجراء أي تحقيق
ولم تقدم الإدارة ما يدل على حصوله تحقيق شفهي أو كتابي فإن القرار الصادر في هذا
الشأن يعتبر مخالفا للقانون جديرا بالإلغاء لتخلف إجراء جوهري يتعلق بتوفير
الضمانات اللازمة للاطمئنان إلى صحة الوقائع الموجبة للجزاء بما يمكن القضاء من
تسليط رقابته على قيامها وعلى مدى سلامة تقدير الإدارة لها وبالتالي فإنه ينبني
على إغفاله هذا الإجراء بطلان القرار التأديبي.
ومن
حيث أنه على هدى ما تقدم وإذ لم يضم في أوراق الطعن الماثل ما يفيد أن الشركة
المطعون ضدها قبل إصدارها القرار التأديبي رقم 105 لسنة 1983 المطعون فيه أجرت ثمة
تحقيق كتابي أو شفهي مع الطاعن بشأن ما هو منسوب إليه، كما أن الشركة المذكورة لم
تقدم ما يفيد أنها قد أعلنت الطاعن لاستجوابه وأنه (الطاعن) قد تقاعس عن حضور
التحقيق أو امتنع عن الإجابة أو تمسك بطلب إحالة التحقيق إلى جهة أخرى، ومن ثم
فإنه لا يكون ثمة مجال للتعويل على ما جاء بمذكرة دفاع الشركة المشار إليها من أنه
قد سبق لها أن دعت الطاعن للاستجواب بصدد كل مخالفة يرتكبها إلا أنه كان على مدار أربع
سنوات لا يهتم بالرد مما أدى بالشركة إلى إنزال حكم القانون ومجازاته بالجزاءين
المطعون فيهما وبالتالي يكون القرار رقم 105 لسنة 1983 المطعون فيه وقد صدر بغير
تحقيق مع الطاعن قد جاء على نحو مخالف للقانون مما تعتين معه الحكم بإلغائه وإذ
ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قائما على غير سند جديرا
بالإلغاء.
* فلهذه
الأسباب
حكمت
المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار
رقم 105 لسنة 1983 المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالإنذار وبخصم نصف
يوم من أجره.
الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس
الدولة
المحكمة
الإدارية العليا
بالجلسة
المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس
مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير وفاروق على عبد
القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.
* إجراءات
الطعن
في
يوم الأربعاء الموافق 26/6/1985 أودع الأستاذ/محمد الفولي المحامي المقبول أمام
المحكمة الإدارية العليا، تقرير هذا الطعن، نيابة عن السيد /…………………… بموجب توكيل
خاص رقم 3074 لسنة 1985 توثيق الإسكندرية ضد شركة النيل لتصدير الحاصلات الزراعية،
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 27/4/1985 في الدعوى رقم
80 لسنة 27 ق المقامة من الطاعن على الشركة المطعون ضدها، والذي قضى برفض الدعوى
موضوعا.
وطلب
الطاعن في ختام تقرير الطعن – للأسباب الواردة به – الحكم بقبول الطعن شكلا وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الشركة
المطعون ضدها بالمصروفات.
وقد
تم إعلان تقرير الطعن إلى الشركة المطعون ضدها بتاريخ 11/7/1985.
ثم
أحيل إلى هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريرا بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون
فيه المتضمن مجازاة الطاعن بالإنذار وبخصم نصف يوم من راتبه.
وقد
تحدد النظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1/10/1986 وفيها قررت الوزارة
إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة
21/10/1986. وفي هذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 2/12/1986.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد
الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن
حيث أنه عون شكل الطعن فإنه لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة
27/4/1985 وأودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 26/6/1985
أي خلال ميعاد الستين يوما المنصوص عليه في المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972
بشأن مجلس الدولة، ولما كان الطعن قد استوفى سائر الشروط المقررة قانونا فإنه نم
ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن
حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أن
الطاعن سبق أن أقام الدعوى رقم 80 لسنة 26 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة
التأديبية بالإسكندرية بتاريخ 26/12/1983 ضد الشركة المطعون ضدها، وقد جاء بهذه
الصحيفة أنه يعمل بخدمة الشركة المذكورة في وظيفة محام أول للإدارة القانونية،
وبتاريخ 5/1/1983 تسلم صورة من قرار الجزاء رقم 105 لسنة 1983 المتضمن الآتي:
مجازاته
بعقوبة الإنذار لتركه العمل والانصراف بدون إذن يوم 3/10/1983.
خصم
نصف يوم من راتبه لعدم تواجده أثناء التفتيش المفاجئ الساعة 11 صباحا يوم
4/10/1983. ثم استطرد الطاعن في صحيفة دعواه أمام المحكمة التأديبية قائلا إن
القرار المشار إليه مخالف للقانون وإنه كان مكلفا بمهام رسمية في الأوقات آنفة
الذكر ولم تجر الشركة أي تحقيق معه بشأن ما أنسب إليه،وفضلا عن ذلك، فإنه كان
يتعين تطبيق أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية في خصوص
تأديب عضو الإدارة القانونية. ثم خلص الطاعن إلى طلب الحكم بإلغاء قرار الجزاء
المشار إليه. وقد نظرت المحكمة التأديبية بالإسكندرية الدعوى بجلسة 17/3/1984 وما
تلاها من الجلسات، على النحو المبين بمحاضرها، حيث قدم الطاعن ثلاث حوافظ مستندات
اشتملت على القرار المطعون فيه وصورا لبعض الأوراق، كما قدم مذكرة بدفاعه التمس
فيها الحكم بالطلبات المشار إليها.
وقدمت
الشركة المطعون ضدها حافظتي مستندات تضمنتا صورة من لائحة المخالفات والجزاءات
الخاصة بالشركة وصورا لبعض المكافآت. كما قدمت مذكرتين بدفاعها التمست فيها الحكم
برفض الدعوى استنادا إلى ثبوت المخالفتين المنسوبتين للطاعن. كما ردت الشركة على
ما آثاره الطاعن بخصوص عدم إجراء تحقيق معه، بأنه سبق لها أن دعت الطاعن للاستجواب
بصدد كل مخالفة يرتكبها إلا أنه كان على مدار أربع سنوات لا يهتم بالرد مما حدى
بها إلى نزال حكم القانون ومجازاته بالجزاءين المشار إليهما.
وبجلسة
27/4/1985 قضت المحكمة التأديبية بالإسكندرية برفض دعوى الطاعن وجاء بأسباب حكمها
أنه بخصوص الاعتراض على قيام الشركة بمجازاة المدعي، فإن المادة 23 من القانون رقم
47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية تقضي بأنه:
لا
يجوز توقيع أية عقوبة على شاغلي وظائف المدير العام ومدير إدارة قانونية إلا بحكم تأديبي وفيما عدا عقوبتي
الإنذار والخصم من المرتب لا يجوز توقيع أية عقوبة أخرى على شاغلي الوظائف الأخرى
إلا بحكم تأديبي. ومفاد ذلك أن الحظر الخاص بعدم توقيع الجزاء إلا بحكم تأديبي
إنما يقتصر على العقوبات الأخرى غير عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب والتي توقع
على شاغلي الوظائف الأخرى، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي لا يشغل
وظيفة مدير عام أو مدير إدارة قانونية وإن الجزاء الموقع عليه في حدود الإنذار
وخصم نصف يوم من راتبه الاختصاص بتوقيع هذه الجزاءات يكون للسلطة الرئاسية التي
يتبعها، ويتفرع عن ذلك أيضا اختصاصها بإجراء التحقيق المتعلق بهذه الجزاءات، وذلك
عملا وبالقواعد الواردة بقانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978، واستنادا
إلى حكم المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1973 التي تقضي بأنه يعمل فيما لم يرد
فيه نص في القانون بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو
بالقطاع العام على حساب الأحوال وإنه بالنسبة لما يدفع به المدعي من عدم إجراء
تحقيق معه، فإن المدعي – كما يبين من دفاعه – لا يعترف باختصاص الشركة بإجراء
التحقيق معه، ولذلك فإن المحكمة تطمئن إلى ما أورده الدفاع الشركة من أن المدعي لا
يستجيب للمكاتبات العديدة التي أرسلت إليه من إدارة الشركة عند كل مخالفة يرتكبها،
وبذلك فإنه بإصرار المدعي على عدم اختصاص الشركة بالتحقيق معه يكون قد فوت على
نفسه فرصة الدفاع ومن ثم فإنه يحوز مجازاته بغير حاجة إلى سماع أقواله – وأن
الثابت من مستندات الشركة أن هناك تعليمات مؤرخة 7/8/1983، 16/3/1983 توجب الحصول
على تصريح كتابي من مدير الإدارة المختص قبل مغادرة العامل لمكتبه، وأنه في حالة
مغادرة مكان العمل بدون تصريح، فإن ذلك يعتبر مخالفة تقع تحت طائلة الجزاءات وأن
المدعي لم يحصل على تصريح كتابي من مدير الإدارة القانونية قبل مغادرة مكتبة في
3/10/1983، 4/10/1983، فإنه يكون بذلك قد أرتكب مخالفة للتعليمات المشار
إليها، مما يشكل في حقه ذنبا إداريا
يستوجب مجازاته، وبذلك يكون القرار المطعون فيه قائما على سببه ويتعين القضاء برفض
الدعوى.
ومن
حيث أن تقدير الطعن يستند إلى أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أنه التفت
عن المستندات المقدمة من الطاعن والتي تفيد أنه لم يخالف التعليمات الصادرة من
الشركة بل إنه كان في مهام رسمية تتعلق بعمل الشركة، كما أنه لم يعول على عدم
إجراء تحقيق مع الطاعن وأخذ بما جاء بدفاع الشركة الغير مؤيد بدليل، وفصلا عن ذلك
فقد خالف أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 التي تقضي بأن التحقيق وتوقيع الجزاء على
أعضاء الإدارات القانونية بوحدات القطاع العام معقود قط للنيابة الإدارية والتفتيش
الفني بوزارة العدل.
وبجلسة
1/10/1986 وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أودع الطاعن تأييدا لطعنه حافظة
مستندات طويت على:
1-
صورة ضوئية من تقرير مفوضو الدولة في الطعن رقم 2721 لسنة 31 ق المقام من نفس
الطاعن ضد الشركة المطعون ضدها.
2-
صورة ضوئية من الحكم الصادر من الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا بالطعن
رقم 2721 لسنة 31ق المشار إليه بجلسة 30/6/1986 والذي يقضي بقبول الطعن شكلا وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من
مجازاة الطاعن بخصم يومين من أجره.
ومن
حيث أنه وجه الطعن الذي يتمثل في مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون رقم 47 لسنة
1973 في شأن الإدارات القانونية للقطاع العام، فإنه بالرجوع إلى أحكام هذا القانون
تبين أن المادة 6 منه تنص على أن "تمارس الإدارات القانونية اختصاصاتها
الفنية في استقلال.. ولا يخضع مديرو وأعضاء هذه الإدارات في مباشرتهم الفنية إلا
لرؤسائهم المتدرجين وفقا لأحكام هذا القانون. ولا يخل ذلك بسلطة رئيس مجلس إدارة
الجهة المنشأة فيها الإدارة القانونية في الإشراف والمتابعة لسرعة إنجاز الأعمال
المحالة إليها وفي تقرير استمرار السير في الدعاوى والصلح فيها والتنازل عنها
وممارسة اختصاصاته الأخرى طبقا للقواعد المقررة في هذا القانون".
وتقضي
المادة 2 من القانون المذكور على أن : تشكل إدارة للتفتيش الفني على أعمال
الإدارات القانونية وعلى نشاط مديريها وأعضائها.. وتكون تابعة لوزير العدل.
كما
تنص المادة 10 على أن يخضع لنظام التفتيش وتقارير الكفاية كافة مديري وأعضاء
الإدارات القانونية فيما عدا شاغلي وظيفة مدير عام إدارة قانونية، ويجب أن يتم
التفتيش مرة على الأقل كل سنتين. ومفاد هذه النصوص جميعا أن المشرع جعل للإدارة
القانونية داخل جهة القطاع العام المنشأة بها استقلالا في ممارستها لاختصاصها
الفنية التي حددها القانون، كما أنه خول لإدارة التفتيش الفني المشار إليها في
المادة 9 سلطة التفتيش على أعضاء الإدارة القانونية الذين حددتهم المادة 10 من هذا
القانون وبينت المدة المقررة لإجرائه وظاهر من هذه النصوص جميعا أن هذا الاستقلال
ينصرف فقط إلى الأعمال الفنية التي تخضع للتفتيش المشار إليه، ولذلك حرص المشرع
على النص في عجز المادة 6 من القانون رقم 47 لسنة 1973 سالف الذكر على أنه لا يخل
ذلك بسلطة رئيس مجلس إدارة الجهة المنشأة فيها الإدارة القانونية في الإشراف
والمتابعة لسرعة إنجاز الأعمال المحالة إليها. ومن البديهي أن سلطة رئيس مجلس
الإدارة في الإسراف والمتابعة تشتمل الإشراف علي الإدارة القانونية من الناحية
الإدارية بما يندرج فيها من متابعة حضور
وانصراف أعضائها إلى مقر العمل والجدية في ممارسة اختصاصاتهم بما يحقق مصلحة الجهة
وكيف كسب قضاياها أراء باقي الاختصاصات الفنية الأخرى الموكولة إليهم بالكيفية وفي
الحدود والتنظيم المعمول بهما داخل هذه الجهة ولا يخل بذلك ما تنص عليه اللائحة
الخاصة بالتفتيش الفني علي الإدارات القانونية الصادرة بقرار وزير العدل رقم 721
لسنة 1977 حيث انه وكما سبق البيان فان اختصاص اللجنة المشار إليها في المادة 12
من تلك اللائحة ينصب فقط علي الأعمال الفنية التي يباشرها أعضاء الإدارة القانونية
فقط، أما المخالفات الإدارية أو المسلكية التي تنسب إلى أعضاء هذه الإدارة فإنها
تفحص بواسطة اللجنة المشار إليها إلا إذا قدمت إليها شكوى في العضو المنسوبة إليه المخالفة
ويقتصر دورها عند حد فحصها وتحقيقها ويظل الاختصاص في توقيع الجزاء عنها للجنة
المختصة سواء داخل الجهة التي يتبعها العضو أو بواسطة المحكمة التأديبية بحسب
الأحوال طبقا لما تنص عليه المادة من اللائحة المشار إليها.
ومن
حيث أنه عن أحكام التحقيق ونظام تأديب أمناء الإدارات القانونية فقد نصت المادة 20
من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه على أن تنظم الأحكام الخاصة بالتحقيق
وبالنظام التأديبي لمديري الإدارات القانونية وبأعضائها وبإجراءات ومواعيد التظلم
مما قد يوقع عليهم من جزاءات لائحة يصدرها وزير العدل بعد موافقة اللجنة المنصوص
عليها في المادة 7 من هذا القانون، ويجوز أن تتضمن هذه اللائحة بيانا بالمخالفات
الفنية والإدارية التي تقع من مديري الإدارات القانونية وأعضائها،والجزاءات
المقررة لكل منها والسلطة المختصة بتوقيعها. والثابت أن اللائحة المشار إليها لم
تصدر بعد ومن صم فإن أحكام التحقيق ونظام تأديب أعضاء الإدارات القانونية تطبق في
شأنها القواعد الواردة في القانون رقم 47 لسنة 1973 (المادتان 22، 23) وفيما لم
يرد بشأنه نص في هذا القانون يعمل بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين
المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام على حسب الأحوال ولذلك بالقواعد والنظم المعمول
بها في الجهات المنشأة بها الإدارات القانونية وذلك بالتطبيق لنص المادة 24 من
القانون رقم 47 لسنة 1973 في شأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات
والوحدات التابعة لها.
ومن
حيث أن المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1973 سالفة الذكر تنص على أنه "لا
يجوز توقيع أي عقوبة على شاغلي وظائف مدير عام ومدير إدارة قانونية، إلا بحكم
تأديبي، وفيما عدا عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب، لا يجوز توقيع أية عقوبة على
شاغلي الوظائف الأخرى إلا بحكم تأديبي ومع ذلك يجوز في جميع الأحوال لرئيس مجلس
الإدارة المختص التنبيه كتابة على مديري وأعضاء الإدارات القانونية، كما بجوز
لمديري الإدارة القانونية المختص التنبيه كتابة على أعضاء الإدارة بمراعاة حسن
أداء واجباتهم.. ومفاد هذا النص أن السلطة المختصة بتوقيع العقوبات التأديبية التي
حددتها المادة 22من القانون رقم 47 لسنة 1973 على مدير عام ومدير الإدارة
القانونية هي المحكمة التأديبية المختصة وبالنسبة لأعضاء الإدارة القانونية من
شاغلي الوظائف الأخرى فإن الاختصاص بتوقيع العقوبات التأديبية المشار إليها في هذه
المادة أيضا هو بصفة عامة للمحكمة التأديبية أيضا فيما عدا عقوبتي الإنذار والخصم
من المرتب فإن توقيع أي منها يكون للسلطة المختصة بالجهة المنشأة بها الإدارة
القانونية طالما لم تصدر بعد اللائحة المشار إليها في المادة 21 من القانون رقم 47
لسنة 1973 سالف الذكر ، ومن ثم وفي ضوء هذا الوضع تتحدد هذه السلطة طبقا لقواعد
نظام العاملين بالقطاع الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وقد بينت المادة 82 من
هذا القانون الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين بالقطاع العام ومن
بينها الخصم من الأجر لمدة لا تجاوز شهرين في السنة، كما حددت المادة 84 من هذا
القانون السلطات المختصة بتوقيع الجزاءات التأديبية فجعلت الاختصاص بتوقيع أي من
الجزاءات الواردة في المادة 82 منه لمجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة
الثانية فما فوقها معا أعضاء مجلس الإدارة المعينين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة
التشكيلات النقابية.
ومن
حيث أن الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أن الطاعن بشغل الدرجة الثانية وقد صدر
القرار المطعون فيه بمجازاته بالإنذار وبخصم نصف يوم من راتبه وأن مصدر هذا القرار
هو المندوب المفوض لإدارة الشركة والذي خول سلطات مجلس الإدارة بمقتضى قرار وزير
الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 231 لسنة 1983 ومن ثم يكون قرار الجزاء قد صدر ضد
الطاعن ممن يملك إصداره وطبقا للقواعد المقررة في هذا الشأن مما يتعين معه
الالتفات عن الوجه من أوجه الطعن.
ومن
حيث أنه عما ينعاه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه لم بعول على إجراء تحقيق مع
الطاعن وأخذ بدفاع الشركة الغير مؤيد بليل فإنه باستعراض أحكام القانون رقم 48
لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام تبين أن المادة 81 من هذا القانون تنص
على أنه لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد تحقيق معه كتابة وسماع أقواله
وتحقيق دفاعه ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع العقوبة مسببا ومع ذلك يجوز
بالنسبة إلى جزائي الإنذار والخصم مع المرتب عن مدة لا تجاوز ثلاثة أيام والوقف عن
العمل لمدة لا تجاوز ثلاثة أيام أن يكون الاستجواب أو التحقيق فيها شفاهة على أن
يثبت مضمونه في المحضر الذي يحوي الجزاء،
هذا وإثبات مضمون التحقيق في هذه الحالة يعني إثبات حصول التحقيق أو الاستجواب في
شأن ثبوت الذنب الإداري قبل العامل باعتبار أن هذا الذنب الإداري هو الذي يكون ركن
السبب في القرار التأديبي مما يمكن السلطة الفضائية من بسط رقابتها القانونية على
صحة قيام هذه الوقائع صحة تكييفها القانوني. إن المستقر عليه وفقا لقضاء المحكمة
الإدارية العليا أنه إذا خلا القرار التأديبي من أية إشارة تفيد إجراء أي تحقيق
ولم تقدم الإدارة ما يدل على حصوله تحقيق شفهي أو كتابي فإن القرار الصادر في هذا
الشأن يعتبر مخالفا للقانون جديرا بالإلغاء لتخلف إجراء جوهري يتعلق بتوفير
الضمانات اللازمة للاطمئنان إلى صحة الوقائع الموجبة للجزاء بما يمكن القضاء من
تسليط رقابته على قيامها وعلى مدى سلامة تقدير الإدارة لها وبالتالي فإنه ينبني
على إغفاله هذا الإجراء بطلان القرار التأديبي.
ومن
حيث أنه على هدى ما تقدم وإذ لم يضم في أوراق الطعن الماثل ما يفيد أن الشركة
المطعون ضدها قبل إصدارها القرار التأديبي رقم 105 لسنة 1983 المطعون فيه أجرت ثمة
تحقيق كتابي أو شفهي مع الطاعن بشأن ما هو منسوب إليه، كما أن الشركة المذكورة لم
تقدم ما يفيد أنها قد أعلنت الطاعن لاستجوابه وأنه (الطاعن) قد تقاعس عن حضور
التحقيق أو امتنع عن الإجابة أو تمسك بطلب إحالة التحقيق إلى جهة أخرى، ومن ثم
فإنه لا يكون ثمة مجال للتعويل على ما جاء بمذكرة دفاع الشركة المشار إليها من أنه
قد سبق لها أن دعت الطاعن للاستجواب بصدد كل مخالفة يرتكبها إلا أنه كان على مدار أربع
سنوات لا يهتم بالرد مما أدى بالشركة إلى إنزال حكم القانون ومجازاته بالجزاءين
المطعون فيهما وبالتالي يكون القرار رقم 105 لسنة 1983 المطعون فيه وقد صدر بغير
تحقيق مع الطاعن قد جاء على نحو مخالف للقانون مما تعتين معه الحكم بإلغائه وإذ
ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قائما على غير سند جديرا
بالإلغاء.
* فلهذه
الأسباب
حكمت
المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار
رقم 105 لسنة 1983 المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالإنذار وبخصم نصف
يوم من أجره.