مدى مسؤولية الوزراء
في النظم أو الدول الديمقراطية
تعريف الوزير
يوجد تعريفان للفظ الوزير، أحدهما لغوي، والآخر
اصطلاحي قانوني.
1- المعنى
اللغوي: إن كلمة أو لفظ وزير مشتق من الحروف الثلاثة و - ز - ر أي الوزر بمعنى
الثقل، فالوزير يتحمل عن الحاكم أثقاله وأعباءه.
وذهب رأي آخر
إلى أن كلمة وزير بمعنى الملجأ أو المعتصم، فالحاكم يلجأ إلى رأي الوزير وتدبيره. ويستعين
بمشورته في أمور الحكم. كما تلجأ إليه الرعية في قضاء أمورها.
وذهب رأي
ثالث إلى أن لفظ وزير مشتق من الإزر أي الظهر، فالحاكم يقوى بوزيره كقوة البدن بالظهر.
وقد ورد في معاجم اللغة العربية أن الوزير: رجل
الدولة يختاره رئيس الحكومة للمشاركة في إدارة شئون الدولة مختصا بجانب منها مجمع اللغة العربية: المعجم الوجيز -
الطبعة الأولى 1980.
وجاء في
القرآن الكريم: واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري طه: 29. وكذلك: ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا
الفرقان: 35.
المعنى
الاصطلاحي الفقهي القانوني
يوجد رأيان
هما:
1- الرأي الأول يرى أن لفظ وزير في مدلوله العام
يدخل في عموم مدلول الموظف العام، لأنه يكون على رأس الوظيفة الإدارية في وزارته على رغم أن له أيضا وظيفة سياسية
وعلى رغم تعيينه بقواعد خاصة
وكذلك عزله وتحديد مسئوليته فهو موظف عام سياسي.
2- الرأي الثاني
من الفقهاء: يرى أن الوزير ليس موظفا عاما ولا تسري عليه أحكام الموظف العام، لأن الموظف العام يعهد إليه عمل
دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام.
وان
المسئولية قد حددها قانون خاص بمسئولية الوزراء في النظم الديمقراطية، موضحا فيه إجراءات التحقيق والمحاكم والعقوبات
التأديبية الخاصة بالوزراء.
الطبيعة
القانونية لعمل الوزير
يمارس الوزير
أعمال منصبه من خلال صفته وزيرا في الحكومة وتكون صلاحياته مستمدة من أحكام الدستور بأنه
يشارك مع الوزراء الآخرين في
الحكومة في رسم وتنفيذ السياسة العامة للحكومة، ويشرف على شئون وزارته.
فالوزير
يتحمل مسئولية جماعية أو تضامنية مع زملائه الوزراء الآخرين في الحكومة باعتباره عضوا في مجلس الوزراء، ويناقش ما يعرض على المجلس من
أمور ويصوت عليها... الخ.
ويتحمل
الوزير أيضا مسئولية فردية عن تنفيذ السياسة العامة للحكومة من خلال اشرافه على وزارته، وباعتباره الرئيس الإداري
الأعلى على قمة الهرم الإداري للوزارة، فهو يحدد الإجراءات اللازمة لتيسير وتسيير
العمل في وزارته ويعين كبار
موظفيها ويصدر اللوائح والقرارات اللازمة ويعد مشروعات الموازنة والاعتمادات الخاصة بها ويمنح الموظفين
الحوافز والعلاوات... الخ. كما تكون للوزير سلطة وصائية رقابة إدارية وفقا لبعض القوانين التي تنظم بعض القطاعات في
وزارته.
الطبيعة القانونية
لمن يحمل لقب أو درجة وزير
أولا: الأصل
التاريخي لاصطلاح وزير دولة:
عرف نظام
تعيين وزير دولة في مطلع القرن التاسع عشر في فرنسا مع عودة الملكية البوربونية العام 1815م، إذ تم تعيين وزير بلا حقيبة لتسيير
العلاقات بين السلطتين
التشريعة والتنفيذية. وفي عهد نابليون الثالث عين وزراء دولة بموجب مراسيم امبراطورية العامين 1860 و1863
وكانت مهماتهم الرئيسية هي التعبير عن إرادة الحاكم فأطلق عليهم وزراء الكلمة.
ثم حدث تطور
تاريخي لفكرة اعتماد وزراء دولة من أجل الحصول على ثقة البرلمان أو لإرضاء عدد من الأحزاب أو القوى
السياسية أو لتدعيم الحكومة
ببعض الكفاءات والمؤهلات الخاصة أو العلمية التكنوقراط لإنجاح برامج الحكومة.
كما أصبح
يشترط في وزير الدولة أن يكون محدد الصلاحيات لذلك أصبحت تصدر مراسيم بتعيينهم محددا فيها صلاحيات وزير الدولة، ولكن لا
يحضر اجتماعات مجلس الوزراء الحكومة إلا إذا دعي إليها.
كذلك عرف
النظام السياسي الانجليزي فكرة وزراء بلا حقيبة ولكن انطلقت من خلفية سياسية مختلفة عن النظام
السياسي الفرنسي، فالوزراء
بلا حقيبة في بريطانيا يعتبرون بمثابة وزراء منسقين بين سلطتين التشريعية والتنفيذية ولكن لهم دور اجتماعي
وإداري وسياسي أيضا.
بينما في النظام الفرنسي يلعب وزير الدولة دور
مستشار سياسي للحكومة، له مكانته المميزة الخاصة، وقد استقر الفقه في فرنسا على اعتبار وزير الدولة فيها وزيرا ذا
مكانة سياسية وبروتوكولية
مميزة تجعله في مقام متقدم على الوزير ذي الحقيبة الإدارية، بحيث يلي مكانة دستورية وسياسية متوسطة بين مكانة رئيس الحكومة وبين
الوزراء ذوي الحقائب.
ثانيا:
الطبيعة القانونية لوزير الدولة:
يرى الفقه الدستوري أن الطبيعة القانونية لوزير
الدولة أو الوزير بلا حقيبة أنه لا يتمتع بأية صلاحيات إدارية، فليست له سلطة تسلسلية أو سلطة رقابة ولكن لا يمنع هذا
من أن يفوض وزراء الدولة ببعض الصلاحيات الإدارية الخاصة بوزارة معينة، فيتحول بذلك
من وزير من دون حقيبة إلى وزير مكلف يمارس جانبا من مهمات الوزراء كما عهدت إليه،
على أن يبقى خاضعا لنوع من التبعية تجاه الوزير الأصيل مثل: وزير الدولة للشئون
الخارجية فهو وزير بلا حقيبة ويتبع الوزير الأصيل وزير الخارجية.
ثالثا: الوضع
القانوني لحاملي لقب وزير:
قد يتم تعيين
موظفين كبار في درجة وزير أو يتم ترقية أحد الموظفين ويكون على درجة وزير ويرأس جهازا إداريا معينا وهو جهاز عام.
فقد استقر الفقه الدستوري على أن من يعين
بدرجة وزير على رأس جهاز عام فإنه يتبع الوزير الأصيل، ويأخذ تعليماته منه، فهو مجرد وظيفة إدارية عليا وليست له صفة
سياسية، إذ انه لا يشارك في رسم سياسة الحكومة، وإن كان يقوم بتنفيذها في جهازه، كما
أنه ليس عضوا في مجلس
الوزراء الحكومة على رغم أنه على درجة وزير.
والأمر يختلف
عن الأجهزة الحكومية
الأخرى التي يعين لرئاستها وزير دولة ولكن ليس عضوا في مجلس الوزراء، مثل: وزير الديوان الملكي - وزير شئون رئاسة الجمهورية.
ولكن يذكر هنا أنه وفقا للدستور في كل من الكويت
ومملكة البحرين لم يفرق بين وزير دولة بلا حقيبة ووزير آخر.
مسئولية
الوزير عن أعمال وزارته
أولا: أصل
المسئولية السياسية:
يعود الأصل
في مسئولية الوزراء إلى القرن الرابع عشر الميلادي حينما كان الملك في انجلترا لا يكون مسئولا عن أعماله - أي لا يخطئ ولكن
تكون المسئولية على الوزراء
أمام البرلمان، بطريق الاتهام الجنائي Impeachment، ومن هنا ظهر أول تطبيق للمسئولية وان كانت مسئولية
جنائية وكان المقصود بها نقل عبء المسئولية عن أعمال السلطة التنفيذية من الملك غير المسئول إلى مستشاريه
ووزاراته، حتى بعد انحسار
نظرية التفويض الإلهي المباشر للحكام الذين كانوا يحكمون شعوبهم بدعوى أنهم مفوضون من الله في ذلك وبتأييد
الكنيسة.
فأصبح
الاتهام الجنائي Impeachment هو إجراء جنائي يستطيع مجلس العموم أن يضع الوزراء ومستشاري الملك موضع الاتهام إذا ارتأى أنهم ارتكبوا جريمة في
حق البلاد ثم يحيلهم مجلس العموم إلى مجلس اللوردات لمحاكمتهم، ويصدر مجلس اللوردات حكمه بالإدانة إذا ثبت خطأ
الوزير، وتكون العقوبة بدءا من الغرامة إلى مصادرة أمواله وقد تصل إلى السجن والنفي بل والإعدام.
ثم أخذت
وسيلة الاتهام صورة جديدة هي المسئولية الجنائية السياسية، فأصبح البرلمان لا يستخدم الاتهام فقط ضد الأعمال التي تكون
جنائية أو جنحة بل أيضا ضد كل
الأخطاء الفادحة حتى ولو لم يكن منصوصا عليها في قانون العقوبات، وأصبحت لمجلس اللوردات سلطة مطلقة في تكييف الجريمة وتحديد العقوبة.
وبمرور الزمن
وفي مطلع القرن الثامن عشر بدأ البرلمان يلطف الاتهام ويبتعد عن الطابع الجنائي، بأن يتم توجيه الاتهام الجنائي من البرلمان
لإبعاد الوزراء عن
مناصبهم، فأصبحت العقوبة تقتصر على العزل من دون أن يتم تجريد الوزير من ثروته أو سجنه، فتحولت وظيفة الاتهام
الجنائي من جنائية إلى سياسية، وهكذا نشأت المسئولية السياسية الوزارية الفردية والتضامنية وبنشوئها نشأ في الوقت
ذاته النظام البرلماني.
وأخذت النظم
الديمقراطية بهذه الوسيلة وانتشرت في العالم، وبذلك أصبح تحريك المسئولية السياسية لا يتم إلا بمبادرة من أعضاء المجلس
النيابي عن طريق طلب سحب الثقة، بمعنى أن الوزير أو الحكومة تظل في الحكم أو المنصب طالما
تتمتع بثقة البرلمان.
وفي نظم
سياسية أخرى تطبق الديمقراطية الرئاسية كما في فرنسا ومصر وغيرهما يوجد أيضا تحريك للمسئولية السياسية من قبل رئيس الجمهورية،
لأن الحكومة مدينة
بوجودها إليه ووظيفتها تقتصر على وضع سياسة رئيس الجمهورية موضع التنفيذ، ولذلك لا يمكن أن تظل الحكومة في
الحكم إلا إذا كانت تتمتع بثقة رئيس الجمهورية.
ولذلك فإن
الحكومة والوزير تكون عليهما ضغوط عدة من واقع المسئولية التضامنية والفردية، ووسائل الضغط تتعدد بدءا من رئيس
الجمهورية ورئيس الحكومة كمسئولية مباشرة للوزير أمامهما إلى المسئولية غير المباشرة أمام
البرلمان والرأي العام
والصحافة وقوى الضغط السياسي المتعددة.
ثانيا:
المسئولية أمام البرلمان:
يكون الوزير
مسئولا أمام البرلمان أيا كان المسمى للبرلمان، مجلس نواب أو مجلس العموم أو مجلس الشعب... إلخ، وتكون المسئولية وفقا لما نص
عليه الدستور عن أعمال
الوزارة التي يتولى الإشراف عليها بصفتيه السياسية والإدارية وهو ما نص عليه أيضا دستور مملكة البحرين في
المادة 66 فقرة أ كل وزير مسئول لدى مجلس النواب عن أعمال وزارته وهو نص مكرر في الكثير من دساتير النظم
الديمقراطية في العالم.
لماذا إذن
هذه المسئولية؟ لأنها انطلاقا من إشرافه - أي الوزير - على شئون وزارته، هذا أولا، وثانيا لأنه يقوم بتنفيذ السياسة العامة
للحكومة فيها، وثالثا لأنه يرسم اتجاهات وزارته، ويشرف على تنفيذها. وهو ما ورد أيضا في
حكم المادة 48 فقرة أ
من دستور مملكة البحرين الصادر العام .2002
ثالثا: مسئولية الوزير عن أعمال الهيئات
والمؤسسات العامة التابعة له:
أثار هذا الموضوع مشكلات فقهية لدى فقهاء القانون
الدستوري على اعتبار أن الدستور نص على أن الوزير مسئول عن أعمال وزارته، ولم ينص على أن الهيئات والمؤسسات التابعة
له أو لوزارته يكون
مسئولا عنها.
بل ثار جدل
فقهي عن تبعية الهيئات والمؤسسات العامة، هل تتبع الوزير أم تتبع وزارته التي يشرف عليها، ولكن هذا الجدل
ليس له محل كبير من العناية لأن المعيار هو نص الدستور الذي لم ينص على أن الهيئة أو
المؤسسة العامة تابعة
للوزارة أو للوزير، فالنص لم يرد على الاطلاق ولم يحدد أيا منهما.
فقد ذهب رأي
من الفقه الدستوري إلى أن الهيئة أو المؤسسة العامة لها استقلالية عن الوزارة وبالتالي لو أنها اتبعت الوزارة لأصبح مسئولا عنها
الوزير حتما فهي تتبع
الوزير وليست الوزارة، لأنه لا توجد هيئات أو مؤسسات عامة لا تتبع بالضرورة وزيرا معينا أو وزارة محددة بل
يمكن أن تتبع مجلس الوزراء أو تتبع البرلمان أو الديوان الملكي أو رئاسة الجمهورية مثل: ديوان الرقابة والمحاسبة.
واتجاه فقهي
آخر يرى أن البرلمان يمكنه أن يحاسب سياسيا المسئولين عن الهيئات والمؤسسات العامة بأن يتم استدعاء هؤلاء أمام
البرلمان وسماع أقوالهم، ولكن لا توجد أية سلطة للبرلمان على هؤلاء المسئولين ولا يملك
المجلس توقيع أية عقوبة
عليهم احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات، وبالتالي فإن المسئول الحقيقي هو الوزير الذي تتبعه الهيئة أو
المؤسسة العامة.
واعترض على
ذلك عدد من الفقهاء بأن
الوزير لا يملك أية سلطة حقيقية تجاه من يعمل في تلك الهيئة أو المؤسسة العامة بل السلطة الفعلية
للقائمين عليها مباشرة، وبالتالي لا يسأل الوزير عن أعمال الهيئة أو المؤسسة العامة أو حتى أخطاء العاملين فيها.
إلا أن الرأي الراجح فقها والذي نميل إليه أن
القراءة السريعة لنص الدستور وليكن مثلا عن المادة 66 فقرة أ من دستور مملكة البحرين أو المادة 101 من دستور دولة
الكويت والذي ينص على أن كل وزير مسئول لدى مجلس النواب عن أعمال وزارته قد يعطي
انطباعا للوهلة الأولى عن عدم مسئولية الوزير عن الهيئة أو المؤسسة العامة أمام البرلمان
مجلس النواب، ولكن لكون
عمل الوزير هو عمل سياسي في المقام الأول، فهو يكون مسئولا عن أعمال وزارته والهيئات والمؤسسات التي
تنطوي تحت مسئوليته ومسماه كوزير أو تشرف عليها وزارته بموجب أي نص قانوني.
ولو قلنا غير
ذلك فمن يكون مسئولا؟ هل تقع المسئولية على مدير تلك الجهة وتكون بالتالي محصنة وفقا لقراءة النص الدستوري؟
لاشك أن غلبة
للرأي القائل إن الهيئة أو المؤسسة العامة كجهاز أو مرفق مستقل وتبعيته للوزير تبعية شكلية لكن أيضا يسأل الوزير عنها طالما أن له
سلطة عليها، وبما أنه
توجد سلطة توجد ما يقابلها من المسئولية.
فالمعيار إذن
إن الوزير وإن كان
يرأس شكليا الهيئة أو المؤسسة العامة ولكن يستطيع أن يتخذ قرارا معينا، فيجب أن تتم مساءلته ولا يجوز إعفاؤه
من تحمل المسئولية.
كما أن مسئولية الحكومة المركزية قائمة عموما على
تصرفاتها، وبما أن الهيئة أو المؤسسة العامة تمارس وظيفة إدارية كانت أصلا معقودة للسلطة التنفيذية ولكن بعيدا
عن المركزية، فإن
الحكومة تكون مسئولة عن أعمال تابعيها حتى ولو كانوا شخصيات اعتبارية مستقلة وذوي موازنات مستقلة، ولكنها جزء
من موازنة الدولة ككل.
لذلك فإن طلب البرلمان تجديد أو سحب الثقة من الوزير
بسبب مسئوليته السياسية هو ممارسة لوسيلة رقابية للبرلمان عن عدم استقامة حال الوزارة أو هيئة أو مؤسسة عامة تابعة
لها، وأن هذا الإجراء من البرلمان
ما هو إلا أثر للرقابة البرلمانية ونتيجة لها وليس وسيلة للممارسة.
وعلى كل حال
فإن أي استجواب موجه إلى الوزير لا يؤدي دائما إلى إثارة المسئولية الوزارية، وإنما قد يؤدي إلى أمور أخرى كثيرة منها على
سبيل المثال تشكيل لجان تقصي حقائق.
في النظم أو الدول الديمقراطية
تعريف الوزير
يوجد تعريفان للفظ الوزير، أحدهما لغوي، والآخر
اصطلاحي قانوني.
1- المعنى
اللغوي: إن كلمة أو لفظ وزير مشتق من الحروف الثلاثة و - ز - ر أي الوزر بمعنى
الثقل، فالوزير يتحمل عن الحاكم أثقاله وأعباءه.
وذهب رأي آخر
إلى أن كلمة وزير بمعنى الملجأ أو المعتصم، فالحاكم يلجأ إلى رأي الوزير وتدبيره. ويستعين
بمشورته في أمور الحكم. كما تلجأ إليه الرعية في قضاء أمورها.
وذهب رأي
ثالث إلى أن لفظ وزير مشتق من الإزر أي الظهر، فالحاكم يقوى بوزيره كقوة البدن بالظهر.
وقد ورد في معاجم اللغة العربية أن الوزير: رجل
الدولة يختاره رئيس الحكومة للمشاركة في إدارة شئون الدولة مختصا بجانب منها مجمع اللغة العربية: المعجم الوجيز -
الطبعة الأولى 1980.
وجاء في
القرآن الكريم: واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري طه: 29. وكذلك: ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا
الفرقان: 35.
المعنى
الاصطلاحي الفقهي القانوني
يوجد رأيان
هما:
1- الرأي الأول يرى أن لفظ وزير في مدلوله العام
يدخل في عموم مدلول الموظف العام، لأنه يكون على رأس الوظيفة الإدارية في وزارته على رغم أن له أيضا وظيفة سياسية
وعلى رغم تعيينه بقواعد خاصة
وكذلك عزله وتحديد مسئوليته فهو موظف عام سياسي.
2- الرأي الثاني
من الفقهاء: يرى أن الوزير ليس موظفا عاما ولا تسري عليه أحكام الموظف العام، لأن الموظف العام يعهد إليه عمل
دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام.
وان
المسئولية قد حددها قانون خاص بمسئولية الوزراء في النظم الديمقراطية، موضحا فيه إجراءات التحقيق والمحاكم والعقوبات
التأديبية الخاصة بالوزراء.
الطبيعة
القانونية لعمل الوزير
يمارس الوزير
أعمال منصبه من خلال صفته وزيرا في الحكومة وتكون صلاحياته مستمدة من أحكام الدستور بأنه
يشارك مع الوزراء الآخرين في
الحكومة في رسم وتنفيذ السياسة العامة للحكومة، ويشرف على شئون وزارته.
فالوزير
يتحمل مسئولية جماعية أو تضامنية مع زملائه الوزراء الآخرين في الحكومة باعتباره عضوا في مجلس الوزراء، ويناقش ما يعرض على المجلس من
أمور ويصوت عليها... الخ.
ويتحمل
الوزير أيضا مسئولية فردية عن تنفيذ السياسة العامة للحكومة من خلال اشرافه على وزارته، وباعتباره الرئيس الإداري
الأعلى على قمة الهرم الإداري للوزارة، فهو يحدد الإجراءات اللازمة لتيسير وتسيير
العمل في وزارته ويعين كبار
موظفيها ويصدر اللوائح والقرارات اللازمة ويعد مشروعات الموازنة والاعتمادات الخاصة بها ويمنح الموظفين
الحوافز والعلاوات... الخ. كما تكون للوزير سلطة وصائية رقابة إدارية وفقا لبعض القوانين التي تنظم بعض القطاعات في
وزارته.
الطبيعة القانونية
لمن يحمل لقب أو درجة وزير
أولا: الأصل
التاريخي لاصطلاح وزير دولة:
عرف نظام
تعيين وزير دولة في مطلع القرن التاسع عشر في فرنسا مع عودة الملكية البوربونية العام 1815م، إذ تم تعيين وزير بلا حقيبة لتسيير
العلاقات بين السلطتين
التشريعة والتنفيذية. وفي عهد نابليون الثالث عين وزراء دولة بموجب مراسيم امبراطورية العامين 1860 و1863
وكانت مهماتهم الرئيسية هي التعبير عن إرادة الحاكم فأطلق عليهم وزراء الكلمة.
ثم حدث تطور
تاريخي لفكرة اعتماد وزراء دولة من أجل الحصول على ثقة البرلمان أو لإرضاء عدد من الأحزاب أو القوى
السياسية أو لتدعيم الحكومة
ببعض الكفاءات والمؤهلات الخاصة أو العلمية التكنوقراط لإنجاح برامج الحكومة.
كما أصبح
يشترط في وزير الدولة أن يكون محدد الصلاحيات لذلك أصبحت تصدر مراسيم بتعيينهم محددا فيها صلاحيات وزير الدولة، ولكن لا
يحضر اجتماعات مجلس الوزراء الحكومة إلا إذا دعي إليها.
كذلك عرف
النظام السياسي الانجليزي فكرة وزراء بلا حقيبة ولكن انطلقت من خلفية سياسية مختلفة عن النظام
السياسي الفرنسي، فالوزراء
بلا حقيبة في بريطانيا يعتبرون بمثابة وزراء منسقين بين سلطتين التشريعية والتنفيذية ولكن لهم دور اجتماعي
وإداري وسياسي أيضا.
بينما في النظام الفرنسي يلعب وزير الدولة دور
مستشار سياسي للحكومة، له مكانته المميزة الخاصة، وقد استقر الفقه في فرنسا على اعتبار وزير الدولة فيها وزيرا ذا
مكانة سياسية وبروتوكولية
مميزة تجعله في مقام متقدم على الوزير ذي الحقيبة الإدارية، بحيث يلي مكانة دستورية وسياسية متوسطة بين مكانة رئيس الحكومة وبين
الوزراء ذوي الحقائب.
ثانيا:
الطبيعة القانونية لوزير الدولة:
يرى الفقه الدستوري أن الطبيعة القانونية لوزير
الدولة أو الوزير بلا حقيبة أنه لا يتمتع بأية صلاحيات إدارية، فليست له سلطة تسلسلية أو سلطة رقابة ولكن لا يمنع هذا
من أن يفوض وزراء الدولة ببعض الصلاحيات الإدارية الخاصة بوزارة معينة، فيتحول بذلك
من وزير من دون حقيبة إلى وزير مكلف يمارس جانبا من مهمات الوزراء كما عهدت إليه،
على أن يبقى خاضعا لنوع من التبعية تجاه الوزير الأصيل مثل: وزير الدولة للشئون
الخارجية فهو وزير بلا حقيبة ويتبع الوزير الأصيل وزير الخارجية.
ثالثا: الوضع
القانوني لحاملي لقب وزير:
قد يتم تعيين
موظفين كبار في درجة وزير أو يتم ترقية أحد الموظفين ويكون على درجة وزير ويرأس جهازا إداريا معينا وهو جهاز عام.
فقد استقر الفقه الدستوري على أن من يعين
بدرجة وزير على رأس جهاز عام فإنه يتبع الوزير الأصيل، ويأخذ تعليماته منه، فهو مجرد وظيفة إدارية عليا وليست له صفة
سياسية، إذ انه لا يشارك في رسم سياسة الحكومة، وإن كان يقوم بتنفيذها في جهازه، كما
أنه ليس عضوا في مجلس
الوزراء الحكومة على رغم أنه على درجة وزير.
والأمر يختلف
عن الأجهزة الحكومية
الأخرى التي يعين لرئاستها وزير دولة ولكن ليس عضوا في مجلس الوزراء، مثل: وزير الديوان الملكي - وزير شئون رئاسة الجمهورية.
ولكن يذكر هنا أنه وفقا للدستور في كل من الكويت
ومملكة البحرين لم يفرق بين وزير دولة بلا حقيبة ووزير آخر.
مسئولية
الوزير عن أعمال وزارته
أولا: أصل
المسئولية السياسية:
يعود الأصل
في مسئولية الوزراء إلى القرن الرابع عشر الميلادي حينما كان الملك في انجلترا لا يكون مسئولا عن أعماله - أي لا يخطئ ولكن
تكون المسئولية على الوزراء
أمام البرلمان، بطريق الاتهام الجنائي Impeachment، ومن هنا ظهر أول تطبيق للمسئولية وان كانت مسئولية
جنائية وكان المقصود بها نقل عبء المسئولية عن أعمال السلطة التنفيذية من الملك غير المسئول إلى مستشاريه
ووزاراته، حتى بعد انحسار
نظرية التفويض الإلهي المباشر للحكام الذين كانوا يحكمون شعوبهم بدعوى أنهم مفوضون من الله في ذلك وبتأييد
الكنيسة.
فأصبح
الاتهام الجنائي Impeachment هو إجراء جنائي يستطيع مجلس العموم أن يضع الوزراء ومستشاري الملك موضع الاتهام إذا ارتأى أنهم ارتكبوا جريمة في
حق البلاد ثم يحيلهم مجلس العموم إلى مجلس اللوردات لمحاكمتهم، ويصدر مجلس اللوردات حكمه بالإدانة إذا ثبت خطأ
الوزير، وتكون العقوبة بدءا من الغرامة إلى مصادرة أمواله وقد تصل إلى السجن والنفي بل والإعدام.
ثم أخذت
وسيلة الاتهام صورة جديدة هي المسئولية الجنائية السياسية، فأصبح البرلمان لا يستخدم الاتهام فقط ضد الأعمال التي تكون
جنائية أو جنحة بل أيضا ضد كل
الأخطاء الفادحة حتى ولو لم يكن منصوصا عليها في قانون العقوبات، وأصبحت لمجلس اللوردات سلطة مطلقة في تكييف الجريمة وتحديد العقوبة.
وبمرور الزمن
وفي مطلع القرن الثامن عشر بدأ البرلمان يلطف الاتهام ويبتعد عن الطابع الجنائي، بأن يتم توجيه الاتهام الجنائي من البرلمان
لإبعاد الوزراء عن
مناصبهم، فأصبحت العقوبة تقتصر على العزل من دون أن يتم تجريد الوزير من ثروته أو سجنه، فتحولت وظيفة الاتهام
الجنائي من جنائية إلى سياسية، وهكذا نشأت المسئولية السياسية الوزارية الفردية والتضامنية وبنشوئها نشأ في الوقت
ذاته النظام البرلماني.
وأخذت النظم
الديمقراطية بهذه الوسيلة وانتشرت في العالم، وبذلك أصبح تحريك المسئولية السياسية لا يتم إلا بمبادرة من أعضاء المجلس
النيابي عن طريق طلب سحب الثقة، بمعنى أن الوزير أو الحكومة تظل في الحكم أو المنصب طالما
تتمتع بثقة البرلمان.
وفي نظم
سياسية أخرى تطبق الديمقراطية الرئاسية كما في فرنسا ومصر وغيرهما يوجد أيضا تحريك للمسئولية السياسية من قبل رئيس الجمهورية،
لأن الحكومة مدينة
بوجودها إليه ووظيفتها تقتصر على وضع سياسة رئيس الجمهورية موضع التنفيذ، ولذلك لا يمكن أن تظل الحكومة في
الحكم إلا إذا كانت تتمتع بثقة رئيس الجمهورية.
ولذلك فإن
الحكومة والوزير تكون عليهما ضغوط عدة من واقع المسئولية التضامنية والفردية، ووسائل الضغط تتعدد بدءا من رئيس
الجمهورية ورئيس الحكومة كمسئولية مباشرة للوزير أمامهما إلى المسئولية غير المباشرة أمام
البرلمان والرأي العام
والصحافة وقوى الضغط السياسي المتعددة.
ثانيا:
المسئولية أمام البرلمان:
يكون الوزير
مسئولا أمام البرلمان أيا كان المسمى للبرلمان، مجلس نواب أو مجلس العموم أو مجلس الشعب... إلخ، وتكون المسئولية وفقا لما نص
عليه الدستور عن أعمال
الوزارة التي يتولى الإشراف عليها بصفتيه السياسية والإدارية وهو ما نص عليه أيضا دستور مملكة البحرين في
المادة 66 فقرة أ كل وزير مسئول لدى مجلس النواب عن أعمال وزارته وهو نص مكرر في الكثير من دساتير النظم
الديمقراطية في العالم.
لماذا إذن
هذه المسئولية؟ لأنها انطلاقا من إشرافه - أي الوزير - على شئون وزارته، هذا أولا، وثانيا لأنه يقوم بتنفيذ السياسة العامة
للحكومة فيها، وثالثا لأنه يرسم اتجاهات وزارته، ويشرف على تنفيذها. وهو ما ورد أيضا في
حكم المادة 48 فقرة أ
من دستور مملكة البحرين الصادر العام .2002
ثالثا: مسئولية الوزير عن أعمال الهيئات
والمؤسسات العامة التابعة له:
أثار هذا الموضوع مشكلات فقهية لدى فقهاء القانون
الدستوري على اعتبار أن الدستور نص على أن الوزير مسئول عن أعمال وزارته، ولم ينص على أن الهيئات والمؤسسات التابعة
له أو لوزارته يكون
مسئولا عنها.
بل ثار جدل
فقهي عن تبعية الهيئات والمؤسسات العامة، هل تتبع الوزير أم تتبع وزارته التي يشرف عليها، ولكن هذا الجدل
ليس له محل كبير من العناية لأن المعيار هو نص الدستور الذي لم ينص على أن الهيئة أو
المؤسسة العامة تابعة
للوزارة أو للوزير، فالنص لم يرد على الاطلاق ولم يحدد أيا منهما.
فقد ذهب رأي
من الفقه الدستوري إلى أن الهيئة أو المؤسسة العامة لها استقلالية عن الوزارة وبالتالي لو أنها اتبعت الوزارة لأصبح مسئولا عنها
الوزير حتما فهي تتبع
الوزير وليست الوزارة، لأنه لا توجد هيئات أو مؤسسات عامة لا تتبع بالضرورة وزيرا معينا أو وزارة محددة بل
يمكن أن تتبع مجلس الوزراء أو تتبع البرلمان أو الديوان الملكي أو رئاسة الجمهورية مثل: ديوان الرقابة والمحاسبة.
واتجاه فقهي
آخر يرى أن البرلمان يمكنه أن يحاسب سياسيا المسئولين عن الهيئات والمؤسسات العامة بأن يتم استدعاء هؤلاء أمام
البرلمان وسماع أقوالهم، ولكن لا توجد أية سلطة للبرلمان على هؤلاء المسئولين ولا يملك
المجلس توقيع أية عقوبة
عليهم احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات، وبالتالي فإن المسئول الحقيقي هو الوزير الذي تتبعه الهيئة أو
المؤسسة العامة.
واعترض على
ذلك عدد من الفقهاء بأن
الوزير لا يملك أية سلطة حقيقية تجاه من يعمل في تلك الهيئة أو المؤسسة العامة بل السلطة الفعلية
للقائمين عليها مباشرة، وبالتالي لا يسأل الوزير عن أعمال الهيئة أو المؤسسة العامة أو حتى أخطاء العاملين فيها.
إلا أن الرأي الراجح فقها والذي نميل إليه أن
القراءة السريعة لنص الدستور وليكن مثلا عن المادة 66 فقرة أ من دستور مملكة البحرين أو المادة 101 من دستور دولة
الكويت والذي ينص على أن كل وزير مسئول لدى مجلس النواب عن أعمال وزارته قد يعطي
انطباعا للوهلة الأولى عن عدم مسئولية الوزير عن الهيئة أو المؤسسة العامة أمام البرلمان
مجلس النواب، ولكن لكون
عمل الوزير هو عمل سياسي في المقام الأول، فهو يكون مسئولا عن أعمال وزارته والهيئات والمؤسسات التي
تنطوي تحت مسئوليته ومسماه كوزير أو تشرف عليها وزارته بموجب أي نص قانوني.
ولو قلنا غير
ذلك فمن يكون مسئولا؟ هل تقع المسئولية على مدير تلك الجهة وتكون بالتالي محصنة وفقا لقراءة النص الدستوري؟
لاشك أن غلبة
للرأي القائل إن الهيئة أو المؤسسة العامة كجهاز أو مرفق مستقل وتبعيته للوزير تبعية شكلية لكن أيضا يسأل الوزير عنها طالما أن له
سلطة عليها، وبما أنه
توجد سلطة توجد ما يقابلها من المسئولية.
فالمعيار إذن
إن الوزير وإن كان
يرأس شكليا الهيئة أو المؤسسة العامة ولكن يستطيع أن يتخذ قرارا معينا، فيجب أن تتم مساءلته ولا يجوز إعفاؤه
من تحمل المسئولية.
كما أن مسئولية الحكومة المركزية قائمة عموما على
تصرفاتها، وبما أن الهيئة أو المؤسسة العامة تمارس وظيفة إدارية كانت أصلا معقودة للسلطة التنفيذية ولكن بعيدا
عن المركزية، فإن
الحكومة تكون مسئولة عن أعمال تابعيها حتى ولو كانوا شخصيات اعتبارية مستقلة وذوي موازنات مستقلة، ولكنها جزء
من موازنة الدولة ككل.
لذلك فإن طلب البرلمان تجديد أو سحب الثقة من الوزير
بسبب مسئوليته السياسية هو ممارسة لوسيلة رقابية للبرلمان عن عدم استقامة حال الوزارة أو هيئة أو مؤسسة عامة تابعة
لها، وأن هذا الإجراء من البرلمان
ما هو إلا أثر للرقابة البرلمانية ونتيجة لها وليس وسيلة للممارسة.
وعلى كل حال
فإن أي استجواب موجه إلى الوزير لا يؤدي دائما إلى إثارة المسئولية الوزارية، وإنما قد يؤدي إلى أمور أخرى كثيرة منها على
سبيل المثال تشكيل لجان تقصي حقائق.