الجمهورية الجزائرية
الديمقراطية الشعبية
المركز
الجامعي زيان عاشور
معهد العلوم
القانونية و الإدارية
السنة الثالثة فوج :01
مقياس المسؤولية
الإدارية
عنوان البحث
أعضاء البحث: أستاذ المادة:
حبيب عاشورة.
جعفر
صفية. محديد
بوشنافة علاء الدين .
الموسم
الجامعي :
2004- 2005
المقدمة
إن الأخطاء الصادرة من
الفنيين كالأطباء و الصيادلة هي من طبيعة خاصة مما يثير النقاش حول كيفية تحديدها
و ماهيتها و ما يترتب عليها من نتائج ، فمسؤولية الأطباء بكافة أنواعهم و الصيادلة
أثارت جدلا كبيرا في ساحات القضاء .
و تبدو حساسية الميدان
الطبي من خلال اتصاله بالجسم الإنساني و ما يقتضيه ذلك من
احترام و تقدير فالقضاء في حيرة بين أمرين:
1- حماية المرضى مما قد
يصدر من الأطباء من أخطاء تكون لعا أثار سلبية ، ضمان توفير العناية الطبية اللازمة
من خلال تأكيد مسؤولية الأطباء أو الصيادلة .
2- توفير الحرية اللازمة
للأطباء في معالجة مرضاهم ، فالطبيب الذي يخشى إرهاب المسؤولية سيتردد عن فحص
المريض و تبنى الطرق اللازمة التي تستدعيها حالته فعمل
الأطباء يجب أن يكون في جو كاف من الثقة و الاطمئنان .
و لعلى أول و أهم ما
يبرز المسؤولية الطبية هي طبيعة الخطأ المرتكب و كيفية تصنيفه لما ينطوي عليه من
عمل فني و تعقيد علمي دقيق و لهذا حاولنا تكييف المسؤولية الطبية و ذلك بالتعرف على طبيعتها القانونية ، و على
طبيعة التزام الطبيب إن كانت التزام ببذل العناية أم بتحقيق النتيجة .
و على ضوء هذا الطرح
سنجيب على الإشكالية التالية:
على أي أساس تصنف
مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن القطاع العام والخاص ؟.
خطة البحث :
المبحث
الأول : مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن القطاع العام .
*/ المطلب الأول : مسؤولية الطبيب ضمن القطاع الصحي
العام.
*/ المطلب الثاني : مسؤولية الصيدلي ضمن القطاع
الصحي العام .
المبحث
الثاني : مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن القطاع الصحي الخاص .
*/
المطلب الأول :مسؤولية الطبيب في عيادته .
*/
المطلب الثاني : مسؤولية الصيدلي
في صيدليته .
الخاتمة:
المبحث
الأول : مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن القطاع العام .
يعتبر
المستشفى من المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية حسب ما ينص عليه القانون العام
الخاص بتنظيم و سير هذا المرفق و يعرف هذا الأخير بجانب نشاطاته الإدارية و
التنظيمية نشاطا أساسيا أسس من أجله و هو النشاط الطبي .
و لهذا
سنتناول مسؤولية الطبيب و الصيدلي التابعين لمرفق المستشفى العمومي ضمن مطلبين
منفصلين .
المطلب
الأول : مسؤولية الطبيب ضمن القطاع الصحي العام .
يتميز
النشاط الطبي بأعمال مختلفة يقوم بها تقنيون مختلفون وعليه فإن للطبيب علاقات
مختلفة تربطه بهذا القطاع.
علاقة
الطبيب بالمستشفى :
يعتبر
الطبيب تابعا للمستشفى الذي يعمل به و أن علاقة التبعية القائمة بين الطبيب و
المستشفى و لو كانت علاقة تبعية إدارية فإنها تكفي لأن يتحمل المستشفى خطا الطبيب.
و علاقة
التبعية تقوم كلما كان للمتبوع سلطة فعلية على التابع في الرقابة و التوجيه و لو
كانت هذه الرقابة قاصرة على الرقابة الإدارية فمناط علاقة التبعية أن يكون للمتبوع
سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة عمله و في الرقابة عليه و
محاسبته و لا يلزم لقيام رابطة التبعية أن تجتمع للمتبوع سلطة الإشراف الفني و
الإداري على التابع معا
علاقة
الطبيب بالمريض :
قي المستشفى العام هي علاقة شخص مكلف بأداء خدمة عامة و
تتحدد بمقتضى اللوائح المنظمة لنشاط المرفق الصحي العام.فهي ليست علاقة عقدية بل
هي من طبيعة إدارية أو لائحية و من ثم لا يمكن إقامة مسؤولية المستشفى على أساس
المسؤولية العقدية إن ما يقع من أخطاء خلال العمل الطبي أي ما يقوم به الطبيب من
عمل فني كالتشخيص و العلاج و الجراحة و العناية و المتابعة إلى غير ذالك يقع على عاتقه
وحده و يتحمل عبئه النهائي .
فارتكاب
الطبيب لخطأ طبي يمكن أن يوقع عليه عدة مسؤوليات هذا بطبيعة الحال إذا توفرت شروط
كل منها فهناك المسؤولية الجنائية التي تتبع بتوقيع العقاب الجنائي و هناك
المسؤولية المدنية التي تستوجب الحكم بالتعويض و هناك المسؤولية التأديبية التي
ترتب الجزاء التأديبي من نقابة الأطباء أو الجهة الإدارية التابع لها .
و تؤكد
المحكمة الإدارية في هذا الصدد مبدأين هامين :
1- تعرض
الطبيب للجزاء التأديبي الإداري عن الأخطاء الطبية التي يرتكبها خارج نطاق عمله .
2- جواز
توقيع الجزاء الإداري بالإضافة إلى الجزاء التأديبي الذي توقعه النقابة .
الاختصاص
القضائي بدعوى المسؤولية :
المبدأ
العام هو أن الأخطاء التي يرتكبها الطبيب العامل بمستشفى عام خلال قيامه بعمله
تدخل في اختصاص القضاء الإداري بشرط ألا تشكل أخطاء شخصية منفصلة عن أداء الخدمة
الصحية المكلف بأدائها .
يختص القضاء
الإداري وحده بدعاوى المسؤولية المرفوعة على طبيب المستشفى العام بسبب خطأه الطبي
المرتكب أثناء قيامه بعمله و لكن بشرط ألا ينفصل ذلك الخطأ عن الخدمة الصحية
المطلوب أداؤها ، و لا يعتبر منفصلا عن تلك الخدمة الخطأ المرتكب أثناء قيام
الطبيب بعمله الفني فهو ليس خطأ شخصي رغم أنه يظهر الإنسان بكل ما ينطوي عليه من
ضعف و هفوات .
فالهدف من
هذا هو حمل الإدارة على تغطية الأخطار الصادرة من تابعيها أثناء قيامهم بأعمال
المرفق ، فالمضرور ضمانا لحصوله على حقه ينبغي عليه اختصام المتبوع أمام القضاء
الإداري .
و لكن الأمر
يختلف بطبيعة الحال إذا كان الخطأ الذي ارتكبه الطبيب غريبا عن عمله داخل المرفق
الصحي ، فهو هنا يخضع للقضاء العادي فتنطبق القواعد في المسؤولية المدنية و ذلك
مثل الأخطاء التي يرتكبها أطباء المستشفيات العامة خلال اشتغالهم لحسابهم الشخصي
أي أثناء قيامهم بالكشف الخاص لحسابهم .
المطلب
الثاني : مسؤولية الصيدلي ضمن القطاع الصحي العام :
كم سبق و أن
تناولنا مسؤولية الطبيب ضمن القطاع العام فإن مسؤولية الصيدلي ضمن نفس القطاع لا
تخرج عن علاقة التابع و المتبوع .
غير أن
الأضرار التي تلحق المريض بسب الأدوية التي يتعاطاها قد تثير مسؤولية الطبيب أو
الصيدلي أو الصانع لها أو مسؤوليتهم معا فالطبيب عند كتابة و صفة العلاج يخضع للالتزام
ببذل العناية في أن يكون الدواء ناجعا و لكنه لا يلتزم بشفاء المريض.
أما الصيدلي
فالقاعدة العامة هي إلزامه بنتيجة فهو مدين بالتزام محدد يتمثل في تقديم أو بيع
أدوية صالحة و سليمة و لا تشكل بطبيعتها خطرا على حياة المرضى الذين يتعاطونها و
إذا كان يضمن سلامة الأدوية التي يبيعها أو يركبها إلا أنه لا يضمن فعالية تلك
الأدوية و مدى نجاحها في العلاج فهو التزام بعناية يلتزم بصدده بتقديم الدواء المتفق مع الأصول العلمية القائمة
بهدف شفاء المريض و هو يشترك في هذا المجال مع الطبيب في التزامه بالعناية ، لذا
فإن الخطأ الناجم عن مسؤولية الصيدلي في القطاع العام تباشر فيه الدعوى ضمن القضاء
الإداري ليتحمل المتبوع أعباء التعويض للمريض المتضرر و يوقع من جهته العقاب على
التابع له في نفس الوقت .
المبحث الثاني : مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن
القطاع الصحي الخاص :
على عكس
الحال بالنسبة للمستشفيات العامة فإن التجاء المريض إلى المستشفيات أو العيادات
الخاصة لا يكون عادة إلا بناءا على عقد و لو ضمني بينه و بين إدارتها فعقد
الاستشفاء هو الذي يحكم العلاقة التعاقدية بينهما خالف الأمر في العلاقة اللائحية
التي تربط المريض بالمستشفى العام و عليه سنرى مسؤولية الطبيب في عيادته الخاصة و
كذا مسؤولية الصيدلي في صيدليته أو مخبره
المطلب
الأول : مسؤولية الطبيب في عيادته .
إن الأمر
يختلف عند لجوء المريض إلى عيادة أو مستشفى خاص فإذا كان العقد مع إدارة المستشفى
موضوعه تقديم الخدمات العادية للمريض أثناء علاجه و إقامته كم سنرى بالتفصيل إلا
أن العقد الطبي يكون محله الأعمال الطبية بكل ما تحمله من فن طبي .
و مع ذلك قد يبرم المريض العقدين مع شخص واحد يكون
طبيبا يملك المستشفى الخاصة أو يستقل بإدارتها بناءا على عقد مع مالكها.
و كم سبق أن
ذكرنا بصدد المستشفيات العامة أن الراجح هو أن الطبيب يعتبر تابعا للمستشفى أو
الجهة التي يعمل فيها و لا ينفي قيام علاقة التبعية و بالتالي مسؤولية المستشفى عن
أخطاء الطبيب ، و بطبيعة الحال تتحمل الإدارة نصيبها في التعويض إذا كان الخطأ
مشتركا أم بالنسبة للعيادات و المستشفيات الخاصة لا تعد مسئولة عن أعمال الطبيب أو
الجراح المهنية حيث يتمتع كل واحد منهم بالاستقلال في عمله الفني و لكن القضاء يتحفظ
بالنسبة للطبيب الأجير الذي تربطه بالعيادة أو المستشفى علاقة عمل ، و يقرر
مسؤولية المستشفى عن خطأ الطبيب نظرا لوجود عقد طبي بين المريض و المستشفى أو
العيادة التي يعمل فيها الطبيب حيث يعتبر المستشفى مسئولا عن كل خطأ يصدر من
العاملين فيه .
و إذا كان
خطأ الطبيب قد اتضح لنا من خلال العرض السابق فإن خطأ المستشفى يمكن أن يبدو من
خلال تقديم الخدمات التي يحتاجها المريض أثناء إقامته فيه و بصفة خاصة تنفيذ
تعليمات الطبيب فيما يتعلق بتلك الخدمات كنظام الطعام و النظافة و تقديم العلاج
بصفة منتظمة من أدوية و حقن إلى غير ذالك .
كم يقوم خطأ
المستشفى عند عدم توفير التجهيزات الخاصة اللازمة لاستقبال المرضى و علاجهم و
رعايتهم و لا يكفي توفرها بل لابد من سلامتها و قد تقوم مسؤولية العيادة أو
المستشفى الخاص عند إخلاله بتوفير العدد الكافي من العاملين و الممرضات لحسن أداء
المستشفى للخدمات الطبية و يشترط في العاملين و بصفة خاصة الممرضات حيازتهم على
الشهادات المطلوبة و أن يكونوا على درجة كافية من التخصص و الكفاءة .
المطلب
الثاني : مسؤولية الصيدلي في صيدليته .
يمكن أن
تثور مسؤولية الصيدلي إذا ما قام ببيع الدواء مباشرة للمريض دون أمر من الطبيب و
يستوي في هذا الصدد أن يكون الصيدلي قد قام من نفسه باختيار الدواء أو إعطائه
للمريض دون أن يكون المريض قد طلب هذا النوع من الدواء بالذات ، و لا يتابع
الصيدلي إذا ما استمر في بيع دواء معين حتى يتم اكتشاف دواء آخر أكثر فعالية ، إذ
يتعلق الأمر بالتقدم و التطور الطبي .
و يعتبر
الصيدلي تابعا لصاحب الصيدلية باعتباره متبوعا لأنه هو الذي اختار الصيدلي و عليه
رقابته ، إلا أن قيام المسؤولية يشترط توفر القواعد العامة أي وقوع الخطأ بمناسبة
الوظيفة أو بسببها .
و يخرج عن
نطاق مسؤولية المتبوع ما يرتكبه التابع من خطأ لم يكن بينه وبين ما يؤدي من أعمال
الوظيفة ارتباط مباشر و لم تكن هي ضرورية فيما وقع من خطأ و لا داعية إليه فإذا
دخل عامل بصيدلية منزل المجني عليه بعد منتصف الليل بحجة إسعافه من مغص مفاجئ ثم
قتله فلا يسأل صاحب الصيدلية بصفته مسئولا عن أعمال تابعه ( العامل بالصيدلية )
لأنه لم يكن وقت ارتكاب الجريمة يؤدي عملا من أعمال وظيفته و إنما وقعت الجريمة
منه خارج زمان الوظيفة و مكانها و نطاقها و يغير أدواتها و من ثم فلا تلحقه
مسؤولية المتبوع .
الخاتمة :
من خلال السرد الذي تناول مسؤولية
الطبيب و الصيدلي ضمن القطاعين العام والخاص
فإننا نخلص إلى أن قيام المسؤولية
لكليهما يعود على أساس تصنيف الخطأ المرتكب
ما إذا كان خطأ شخصيا أو مرفقيا و كذا علاقة
الطبيب و الصيدلي بوصفه تابعا
أو متبوعا و من هنا فإن اختصاص القضاء
يتحدد حسب العلاقة التي تربط الطبيب
و الصيدلي بالقطاعين و كذا تصنيف الخطأ
لتحديد المسؤولية و توقيع الجزاء.
المراجع :
* رشيد خلوفي : قانون
المسؤولية الإدارية طبعة 2001.
*طاهيري حسني : الخطأ
الطبي و الخطأ العلاجي في المستشفيات العامة
طبعة 2002.
* عمار عوابدي : نظرية
المسؤولية الإدارية طبعة 1998.
* محمد حسني منصور : المسؤولية الطبية .
الديمقراطية الشعبية
المركز
الجامعي زيان عاشور
معهد العلوم
القانونية و الإدارية
السنة الثالثة فوج :01
مقياس المسؤولية
الإدارية
عنوان البحث
أعضاء البحث: أستاذ المادة:
حبيب عاشورة.
جعفر
صفية. محديد
بوشنافة علاء الدين .
الموسم
الجامعي :
2004- 2005
المقدمة
إن الأخطاء الصادرة من
الفنيين كالأطباء و الصيادلة هي من طبيعة خاصة مما يثير النقاش حول كيفية تحديدها
و ماهيتها و ما يترتب عليها من نتائج ، فمسؤولية الأطباء بكافة أنواعهم و الصيادلة
أثارت جدلا كبيرا في ساحات القضاء .
و تبدو حساسية الميدان
الطبي من خلال اتصاله بالجسم الإنساني و ما يقتضيه ذلك من
احترام و تقدير فالقضاء في حيرة بين أمرين:
1- حماية المرضى مما قد
يصدر من الأطباء من أخطاء تكون لعا أثار سلبية ، ضمان توفير العناية الطبية اللازمة
من خلال تأكيد مسؤولية الأطباء أو الصيادلة .
2- توفير الحرية اللازمة
للأطباء في معالجة مرضاهم ، فالطبيب الذي يخشى إرهاب المسؤولية سيتردد عن فحص
المريض و تبنى الطرق اللازمة التي تستدعيها حالته فعمل
الأطباء يجب أن يكون في جو كاف من الثقة و الاطمئنان .
و لعلى أول و أهم ما
يبرز المسؤولية الطبية هي طبيعة الخطأ المرتكب و كيفية تصنيفه لما ينطوي عليه من
عمل فني و تعقيد علمي دقيق و لهذا حاولنا تكييف المسؤولية الطبية و ذلك بالتعرف على طبيعتها القانونية ، و على
طبيعة التزام الطبيب إن كانت التزام ببذل العناية أم بتحقيق النتيجة .
و على ضوء هذا الطرح
سنجيب على الإشكالية التالية:
على أي أساس تصنف
مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن القطاع العام والخاص ؟.
خطة البحث :
المبحث
الأول : مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن القطاع العام .
*/ المطلب الأول : مسؤولية الطبيب ضمن القطاع الصحي
العام.
*/ المطلب الثاني : مسؤولية الصيدلي ضمن القطاع
الصحي العام .
المبحث
الثاني : مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن القطاع الصحي الخاص .
*/
المطلب الأول :مسؤولية الطبيب في عيادته .
*/
المطلب الثاني : مسؤولية الصيدلي
في صيدليته .
الخاتمة:
المبحث
الأول : مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن القطاع العام .
يعتبر
المستشفى من المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية حسب ما ينص عليه القانون العام
الخاص بتنظيم و سير هذا المرفق و يعرف هذا الأخير بجانب نشاطاته الإدارية و
التنظيمية نشاطا أساسيا أسس من أجله و هو النشاط الطبي .
و لهذا
سنتناول مسؤولية الطبيب و الصيدلي التابعين لمرفق المستشفى العمومي ضمن مطلبين
منفصلين .
المطلب
الأول : مسؤولية الطبيب ضمن القطاع الصحي العام .
يتميز
النشاط الطبي بأعمال مختلفة يقوم بها تقنيون مختلفون وعليه فإن للطبيب علاقات
مختلفة تربطه بهذا القطاع.
علاقة
الطبيب بالمستشفى :
يعتبر
الطبيب تابعا للمستشفى الذي يعمل به و أن علاقة التبعية القائمة بين الطبيب و
المستشفى و لو كانت علاقة تبعية إدارية فإنها تكفي لأن يتحمل المستشفى خطا الطبيب.
و علاقة
التبعية تقوم كلما كان للمتبوع سلطة فعلية على التابع في الرقابة و التوجيه و لو
كانت هذه الرقابة قاصرة على الرقابة الإدارية فمناط علاقة التبعية أن يكون للمتبوع
سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة عمله و في الرقابة عليه و
محاسبته و لا يلزم لقيام رابطة التبعية أن تجتمع للمتبوع سلطة الإشراف الفني و
الإداري على التابع معا
علاقة
الطبيب بالمريض :
قي المستشفى العام هي علاقة شخص مكلف بأداء خدمة عامة و
تتحدد بمقتضى اللوائح المنظمة لنشاط المرفق الصحي العام.فهي ليست علاقة عقدية بل
هي من طبيعة إدارية أو لائحية و من ثم لا يمكن إقامة مسؤولية المستشفى على أساس
المسؤولية العقدية إن ما يقع من أخطاء خلال العمل الطبي أي ما يقوم به الطبيب من
عمل فني كالتشخيص و العلاج و الجراحة و العناية و المتابعة إلى غير ذالك يقع على عاتقه
وحده و يتحمل عبئه النهائي .
فارتكاب
الطبيب لخطأ طبي يمكن أن يوقع عليه عدة مسؤوليات هذا بطبيعة الحال إذا توفرت شروط
كل منها فهناك المسؤولية الجنائية التي تتبع بتوقيع العقاب الجنائي و هناك
المسؤولية المدنية التي تستوجب الحكم بالتعويض و هناك المسؤولية التأديبية التي
ترتب الجزاء التأديبي من نقابة الأطباء أو الجهة الإدارية التابع لها .
و تؤكد
المحكمة الإدارية في هذا الصدد مبدأين هامين :
1- تعرض
الطبيب للجزاء التأديبي الإداري عن الأخطاء الطبية التي يرتكبها خارج نطاق عمله .
2- جواز
توقيع الجزاء الإداري بالإضافة إلى الجزاء التأديبي الذي توقعه النقابة .
الاختصاص
القضائي بدعوى المسؤولية :
المبدأ
العام هو أن الأخطاء التي يرتكبها الطبيب العامل بمستشفى عام خلال قيامه بعمله
تدخل في اختصاص القضاء الإداري بشرط ألا تشكل أخطاء شخصية منفصلة عن أداء الخدمة
الصحية المكلف بأدائها .
يختص القضاء
الإداري وحده بدعاوى المسؤولية المرفوعة على طبيب المستشفى العام بسبب خطأه الطبي
المرتكب أثناء قيامه بعمله و لكن بشرط ألا ينفصل ذلك الخطأ عن الخدمة الصحية
المطلوب أداؤها ، و لا يعتبر منفصلا عن تلك الخدمة الخطأ المرتكب أثناء قيام
الطبيب بعمله الفني فهو ليس خطأ شخصي رغم أنه يظهر الإنسان بكل ما ينطوي عليه من
ضعف و هفوات .
فالهدف من
هذا هو حمل الإدارة على تغطية الأخطار الصادرة من تابعيها أثناء قيامهم بأعمال
المرفق ، فالمضرور ضمانا لحصوله على حقه ينبغي عليه اختصام المتبوع أمام القضاء
الإداري .
و لكن الأمر
يختلف بطبيعة الحال إذا كان الخطأ الذي ارتكبه الطبيب غريبا عن عمله داخل المرفق
الصحي ، فهو هنا يخضع للقضاء العادي فتنطبق القواعد في المسؤولية المدنية و ذلك
مثل الأخطاء التي يرتكبها أطباء المستشفيات العامة خلال اشتغالهم لحسابهم الشخصي
أي أثناء قيامهم بالكشف الخاص لحسابهم .
المطلب
الثاني : مسؤولية الصيدلي ضمن القطاع الصحي العام :
كم سبق و أن
تناولنا مسؤولية الطبيب ضمن القطاع العام فإن مسؤولية الصيدلي ضمن نفس القطاع لا
تخرج عن علاقة التابع و المتبوع .
غير أن
الأضرار التي تلحق المريض بسب الأدوية التي يتعاطاها قد تثير مسؤولية الطبيب أو
الصيدلي أو الصانع لها أو مسؤوليتهم معا فالطبيب عند كتابة و صفة العلاج يخضع للالتزام
ببذل العناية في أن يكون الدواء ناجعا و لكنه لا يلتزم بشفاء المريض.
أما الصيدلي
فالقاعدة العامة هي إلزامه بنتيجة فهو مدين بالتزام محدد يتمثل في تقديم أو بيع
أدوية صالحة و سليمة و لا تشكل بطبيعتها خطرا على حياة المرضى الذين يتعاطونها و
إذا كان يضمن سلامة الأدوية التي يبيعها أو يركبها إلا أنه لا يضمن فعالية تلك
الأدوية و مدى نجاحها في العلاج فهو التزام بعناية يلتزم بصدده بتقديم الدواء المتفق مع الأصول العلمية القائمة
بهدف شفاء المريض و هو يشترك في هذا المجال مع الطبيب في التزامه بالعناية ، لذا
فإن الخطأ الناجم عن مسؤولية الصيدلي في القطاع العام تباشر فيه الدعوى ضمن القضاء
الإداري ليتحمل المتبوع أعباء التعويض للمريض المتضرر و يوقع من جهته العقاب على
التابع له في نفس الوقت .
المبحث الثاني : مسؤولية الطبيب و الصيدلي ضمن
القطاع الصحي الخاص :
على عكس
الحال بالنسبة للمستشفيات العامة فإن التجاء المريض إلى المستشفيات أو العيادات
الخاصة لا يكون عادة إلا بناءا على عقد و لو ضمني بينه و بين إدارتها فعقد
الاستشفاء هو الذي يحكم العلاقة التعاقدية بينهما خالف الأمر في العلاقة اللائحية
التي تربط المريض بالمستشفى العام و عليه سنرى مسؤولية الطبيب في عيادته الخاصة و
كذا مسؤولية الصيدلي في صيدليته أو مخبره
المطلب
الأول : مسؤولية الطبيب في عيادته .
إن الأمر
يختلف عند لجوء المريض إلى عيادة أو مستشفى خاص فإذا كان العقد مع إدارة المستشفى
موضوعه تقديم الخدمات العادية للمريض أثناء علاجه و إقامته كم سنرى بالتفصيل إلا
أن العقد الطبي يكون محله الأعمال الطبية بكل ما تحمله من فن طبي .
و مع ذلك قد يبرم المريض العقدين مع شخص واحد يكون
طبيبا يملك المستشفى الخاصة أو يستقل بإدارتها بناءا على عقد مع مالكها.
و كم سبق أن
ذكرنا بصدد المستشفيات العامة أن الراجح هو أن الطبيب يعتبر تابعا للمستشفى أو
الجهة التي يعمل فيها و لا ينفي قيام علاقة التبعية و بالتالي مسؤولية المستشفى عن
أخطاء الطبيب ، و بطبيعة الحال تتحمل الإدارة نصيبها في التعويض إذا كان الخطأ
مشتركا أم بالنسبة للعيادات و المستشفيات الخاصة لا تعد مسئولة عن أعمال الطبيب أو
الجراح المهنية حيث يتمتع كل واحد منهم بالاستقلال في عمله الفني و لكن القضاء يتحفظ
بالنسبة للطبيب الأجير الذي تربطه بالعيادة أو المستشفى علاقة عمل ، و يقرر
مسؤولية المستشفى عن خطأ الطبيب نظرا لوجود عقد طبي بين المريض و المستشفى أو
العيادة التي يعمل فيها الطبيب حيث يعتبر المستشفى مسئولا عن كل خطأ يصدر من
العاملين فيه .
و إذا كان
خطأ الطبيب قد اتضح لنا من خلال العرض السابق فإن خطأ المستشفى يمكن أن يبدو من
خلال تقديم الخدمات التي يحتاجها المريض أثناء إقامته فيه و بصفة خاصة تنفيذ
تعليمات الطبيب فيما يتعلق بتلك الخدمات كنظام الطعام و النظافة و تقديم العلاج
بصفة منتظمة من أدوية و حقن إلى غير ذالك .
كم يقوم خطأ
المستشفى عند عدم توفير التجهيزات الخاصة اللازمة لاستقبال المرضى و علاجهم و
رعايتهم و لا يكفي توفرها بل لابد من سلامتها و قد تقوم مسؤولية العيادة أو
المستشفى الخاص عند إخلاله بتوفير العدد الكافي من العاملين و الممرضات لحسن أداء
المستشفى للخدمات الطبية و يشترط في العاملين و بصفة خاصة الممرضات حيازتهم على
الشهادات المطلوبة و أن يكونوا على درجة كافية من التخصص و الكفاءة .
المطلب
الثاني : مسؤولية الصيدلي في صيدليته .
يمكن أن
تثور مسؤولية الصيدلي إذا ما قام ببيع الدواء مباشرة للمريض دون أمر من الطبيب و
يستوي في هذا الصدد أن يكون الصيدلي قد قام من نفسه باختيار الدواء أو إعطائه
للمريض دون أن يكون المريض قد طلب هذا النوع من الدواء بالذات ، و لا يتابع
الصيدلي إذا ما استمر في بيع دواء معين حتى يتم اكتشاف دواء آخر أكثر فعالية ، إذ
يتعلق الأمر بالتقدم و التطور الطبي .
و يعتبر
الصيدلي تابعا لصاحب الصيدلية باعتباره متبوعا لأنه هو الذي اختار الصيدلي و عليه
رقابته ، إلا أن قيام المسؤولية يشترط توفر القواعد العامة أي وقوع الخطأ بمناسبة
الوظيفة أو بسببها .
و يخرج عن
نطاق مسؤولية المتبوع ما يرتكبه التابع من خطأ لم يكن بينه وبين ما يؤدي من أعمال
الوظيفة ارتباط مباشر و لم تكن هي ضرورية فيما وقع من خطأ و لا داعية إليه فإذا
دخل عامل بصيدلية منزل المجني عليه بعد منتصف الليل بحجة إسعافه من مغص مفاجئ ثم
قتله فلا يسأل صاحب الصيدلية بصفته مسئولا عن أعمال تابعه ( العامل بالصيدلية )
لأنه لم يكن وقت ارتكاب الجريمة يؤدي عملا من أعمال وظيفته و إنما وقعت الجريمة
منه خارج زمان الوظيفة و مكانها و نطاقها و يغير أدواتها و من ثم فلا تلحقه
مسؤولية المتبوع .
الخاتمة :
من خلال السرد الذي تناول مسؤولية
الطبيب و الصيدلي ضمن القطاعين العام والخاص
فإننا نخلص إلى أن قيام المسؤولية
لكليهما يعود على أساس تصنيف الخطأ المرتكب
ما إذا كان خطأ شخصيا أو مرفقيا و كذا علاقة
الطبيب و الصيدلي بوصفه تابعا
أو متبوعا و من هنا فإن اختصاص القضاء
يتحدد حسب العلاقة التي تربط الطبيب
و الصيدلي بالقطاعين و كذا تصنيف الخطأ
لتحديد المسؤولية و توقيع الجزاء.
المراجع :
* رشيد خلوفي : قانون
المسؤولية الإدارية طبعة 2001.
*طاهيري حسني : الخطأ
الطبي و الخطأ العلاجي في المستشفيات العامة
طبعة 2002.
* عمار عوابدي : نظرية
المسؤولية الإدارية طبعة 1998.
* محمد حسني منصور : المسؤولية الطبية .