مقدمة
التقادم كسبب لانقضاء
الالتزامات دون وفاء أو ما يعبر عنه " بالتقادم المسقط " يعنى أن مضى مدة
معينة من الزمن دون أن يطالب الدائن مدينه بالدين الذي له فى ذمة هذا
المدين يترتب على مضى هذه المدة أن ينقضي التزام هذا المدين بالوفاء لذلك
الدائن ولا يحق له المطالبة بهذا الدين بعد ذلك .
• ويرتكز هذا النوع
من التقادم على عدة اعتبارات الغرض منها حماية المصلحة العامة فاستقرار
التعامل يقوم إلى حد كبير على فكرة التقادم ولنضرب مثلا إذا كان الدائن
يستطيع أن يطالب مدينه بالدين مهما طالت المدة التي مضت على استحقاقه وكان
على المدين أن يثبت براءة ذمته من الدين بعد أن يكون قد وفاه فعلا وحصل
على مخالصة به أليس من الإرهاق أن نكلف المدين بالمحافظة على هذه المخالصة
إلى وقت لانهاية له لكي يحتج بها في مواجهة كل من يطلب منه الوفاء بهذا
الدين أليس واجبا لاستقرار التعامل أن يفترض في الدائن الذي سكت مدة طويلة
عن المطالبة بدينه انه قد استوفاه فعلا أو على الأقل قد أبراء ذمة المدين
من هذا الدين
• والتقادم المسقط لا يقوم على قرينة الوفاء اكتر مما
يقوم على وجوب احترام الأوضاع المستقرة التي مضى عليها من الزمن ما يكفى
للاطمئنان إليها .
• وقد اختلفت التشريعات حول المدة التي لا يستطيع بعدها الدائن أن يطالب مدينه بالدين الذي له في ذمته ؟
فيجب
على المشرع حين يختار هذه المدة أن يراعى فيها ألا تكون طويلة إلى الحد
الذي يرهق المدين ولا أن تكون قصيرة بالقدر الذي يباغت الدائن ويسقط حقه
في وقت قصير .
وقد حدد المشرع الفرنسي هذه المدة وجعلها ثلاثين عاما
ألا أن المشرع المصري قد جعلها خمسة عشرة سنة وهى مدة مستقاة من أحكام
الشريعة الإسلامية فهي المدة التي لا يجوز بعدها سماع الدعوى في الفقه
الاسلامى .
فإذا انقضت هذه المدة وادعى المدين براءة ذمته وأصر الدائن
على المطالبة بالدين فأن الأولى بالرعاية هنا هو المدين لا الدائن وان لم
يكن قد استوفى حقه ولم يكن قد أبراء ذمة مدينه منه فلا اقل من انه بسكوته
هذا قد أهمل إهمالا جسيما لا عذر له فيه بسكوته هذه المدة .
• وان كان
الأخذ بالتقادم المسقط في القانون الروماني(1) قد تأخر كثيرا في الظهور
فقد كانت الدعاوى في هذا القانون إلى عهد بعيد أبدية لا تتقادم والدعاوى
التي كانت مؤقتة بمدة معينة هي الدعاوى البريطوريه اذا كان البريطور
يمنحها لمدة سنه واحدة إلى أن أصدر الإمبراطور ثيودوس قانونا معروفا قرر
فيه أن الدعاوى تتقادم في الأصل بثلاثين سنه .
• من اجل هذه
الاعتبارات السابق سردها شرع التقادم وقد أخذت به جميع الشرائع حتى التي
لم تأخذ به بطريق مباشر فتسقط الدين بالتقادم أخذت به بطريق غير مباشر
فتمنع سماع الدعوى بعد انقضاء مدة التقادم .
التعريف بالتقادم وبيان أسس التي يقوم عليها
تعريف التقادم:
التقادم بشكل عام هو انقضاء الحق إذا مضت عليه مدة معينه دون أن يطالب به الدائن أو دون أن يستعمله صاحبه .
والتقادم
بهذا المعنى يشمل الحقوق الشخصية والحقوق العينية ( ماعدا حق الملكية )
فهو بصدد الحقوق الشخصية يعنى انقضاء الالتزام إذا أهمل الدائن المطالبة
به مدة معينة متى تمسك بذلك المدين .
الأسس المختلفة للتقادم:
التقادم
في الواقع لا يقوم على أساس قانوني بحت إذ أن مضى مدة من الزمن لا يؤدى
بذاته إلى إحداث اى تأثير قانوني فهو لا يؤدى إلى إكساب اى حق أو سقوطه
مالم تضاف إليه عناصر أخرى ( كإهمال المطالبة في التقادم المسقط ) .
ولكن
المشرعين لاعتبارات معينة اعتنقوا فكرة أن مضى مدة طويلة من الزمن يجب أن
تؤدى إلى انقضاء حق الدائن أو انقضاء الدعوى التي تحميه إذا ظل ساكتا طوال
هذه الفترة ولم يطالب به فالزمن يجب أن يمحو كل شيء
ومن الاعتبارات التي دعت المشرعين إلى إقرار هذا النظام :-
1) - قرينة براءة ذمة المدين من الدين
قيل
أن التقادم يقوم على قرينه براءة ذمة المدين من الدين سواء لأنه قام
بالوفاء به فعلا [ وهذا ما يسمى بقرينة الوفاء ] أو لان الدائن قد قام
بإبراء المدين من الدين [ وهذا ما يسمى بقرينة الإبراء ] وألا لما سكت
الدائن طوال هذه المدة عن المطالبة بدينه. أليس هذا دليلا على انه إما
استوفاه فعلا أو انه أبراء المدين منه ؟
2) - رغبة المشرع في عدم إرهاق المدين
قيل
أيضا أن أساس التقادم هو رغبة المشرع في عدم إرهاق المدين بمنع تراكم
الديون عليه بحيث إذا تراكمت هذه الديون عليه لسنوات طويلة فأن المشرع
ومنعا للتعسف والعنت يسقط عنها ما مضى عليه من الزمن مدة طويلة .
3) - ضرورة معاقبة الدائن المهمل
قيل أيضا أن التقادم يتأسس على فكرة وجوب معاقبة الدائن المهمل المتخاذل الذي ترك كل هذا الوقت يمضى دون أن يطالب بحقه .
وفى ذلك يجب أن يفضل القانون مصلحة المدين الذي لم يفعل ما يلام عليه على مصلحة الدائن المهمل .
فاستقرار
العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع يستوجب عدم السماح للدائن أن يطالب
مدينه بعد فوات مدة طويلة من الزمن على استحقاق ذلك الدين , كما أن سكوت
الدائن لفترة طويلة من الزمن يثير في الذهن فكرة انه استوفى حقه فعلا أو
تنازل عنه أو أبرء المدين منه .
وإزاء هذه الاعتبارات فأن نظام التقادم
يبدو ضرورة حتمية للمصلحة الاجتماعية " فكما يجب وضع حد للمنازعة في
الحقوق وذلك بتقرير قوة الأمر المقضي , كذلك يجب وضع حد للمطالبة بالحقوق
وذلك بتقرير مبداء التقادم "(2)
إلا أن هناك اعتراضات على نظام
التقادم بدعوى انه قد يتضمن أحيانا تقنينا للنصب لان المدين على الرغم من
انه لم يفي بالدين يستطيع إذا تمسك بالتقادم أن يؤدى إلى إخفاق مطالبة
الدائن بحقه على الرغم من انه لم يستوف هذا الحق فعلا
وقد يبدو هذا
الاعتراض صحيح ظاهريا الا انه ليس من شأنه إهدار كل قيمة للتقادم ذلك أن
الفرض الذي يؤدى فيه التقادم إلى ضياع الحق على صاحبه نادر الحدوث والنادر
لا حكم له .
كما أن من يشكو من ضياع حقه بسبب التقادم يمكن أن يقال له
نفس هذا التقادم هو الذي سينقذه من التزامات يكون قد التزم بها أجداده منذ
مئات السنيين فالغرم بالغنم .
• وعلى الرغم من إقرار المشرعين لفكرة
التقادم إلا أنهم اختلفوا في تحديد هذه المدة والفكرة الهادية لهم في
تحديدها هي ألا تكون أطول من اللازم بحيث ترهق المدين و ألا تكون اقصر من
اللازم حتى لا تباغت الدائن وقد قدرها المشرع المصري في قاعدتها العامة
بخمس عشرة سنه وهى المدة التي لا يجوز بعدها سماع الدعوى بعد فواتها في
الفقه الاسلامى وحددها المشرع الفرنسي بثلاثين سنة كقاعدة عامه .
حساب مــدة التقادم وكيفية حسابها وبدء سريانها
كيفية حساب مدة التقادم وبدء سريانها
أ) كيفية حساب مدة التقادم :
تنص
م / 380 من القانون المدني على انه " تحسب مدة التقادم بالأيام لا
بالساعات ولا يحسب اليوم الأول وتكمل المدة بانقضاء أخر يوم منها "
يخضع
حساب مدة التقادم إلى العديد من القواعد البسيطة في حسابها التي تمثل
القواعد العامة التي يخضع لها حساب المدد أيا كانت اى سواء تعلقت بمدد
تقادم مسقط أو مكسب أو بمواعيد سقوط أو مواعيد مرافعات .
ومن هذه القواعد :-
1-
أن المدة تحسب بالتقويم الميلادي لا الهجري وذلك عملا بالمادة 3 من
التقنين المدني المصري التي تنص على أن " المواعيد تحسب بالتقويم الميلادي
ما لم ينص القانون على غير ذلك "
2- أن المدة تحسب بالأيام لا بالساعات ( م/380 مدني ) لذلك فأن أجزاء اليوم لا تدخل في الحساب .
ومن
هنا كانت القاعدة التي تقضى بأن اليوم الذي يحدث فيه الأمر المعتبر في نظر
القانون هو اليوم الذي يبداء منه سريان التقادم والذي يعتبر نقطة البداية
ولا يدخل في الحساب بل يبداء الحساب من اليوم الذي يليه وبالمقابل فأن
المدة لا تكتمل إلا بانقضاء اليوم الأخير منها وهو يدخل في الحساب بحيث لا
تعتبر المدة قد اكتملت إلا بانقضاء هذا اليوم .
3- عند احتساب مدة
التقادم فأنه لا يعتد بعدد أيام الشهور أو عدد أيام السنين التي تقع خلال
مدة التقادم إذ أن التقادم يحتسب من تاريخ معين دون الاعتداد بعدد الأيام
الفعلية التي تقع خلال هذه المدة .
فإذا كانت مدة التقادم مثلا ثلاث
سنوات وبدء فى السريان من يوم محدد وليكن 27/12/1990 مثلا فأن مدته تكتمل
بانقضاء اللحظة الأخيرة من اليوم المناظر له بعد ثلاث سنوات اى 27/12/1993
دون أن نضع في الاعتبار عدد أيام السنوات التي وقعت خلال هذه المدة .
4-
من المتفق عليه في الفقه والقضاء انه إذا تصادف وكان اليوم الأخير من أيام
التقادم من أيام العطلات أو المواسم أو الأعياد فأن مدة التقادم تمتد إلى
اليوم التالي أو إلى أول يوم يستطيع الدائن أن يتخذ فيه إجراء وهو ما يبرر
بأن هذا الأمر يعد من قبيل القوة القاهرة التي توقف سريان التقادم لحين
زوالها .
5- عند حساب مدة التقادم تضاف مدة الخلف إلى مدة السلف فإذا
سكت الدائن عن المطالبة بحقه لمدة معينة ثم انتقل الحق إلى خلفه العام
بالميراث أو إلى خلف خاص بجوالة حق فلا يتبقى أمام الخلف إلا المدة
المتبقية لاكتمال مدة التقادم ذلك لان مدة الخلف قد ضمت إلى مدة السلف .
ب) مبداء سريان التقادم :
تنص المادة 381 من القانون المدني في شأن تحديد مبداء سريان التقادم على انه :-
1- لا يبداء سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص ألا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء .
2-
وبخاصة لا يسرى التقادم بالنسبة إلى دين معلق على شرط واقف إلا من الوقت
الذي يتحقق فيه الشرط وبالنسبة إلى ضمان الاستحقاق إلا من الوقت الذي يثبت
فيه الاستحقاق الذي يثبت فيه الاستحقاق وبالنسبة إلى الدين المؤجل إلا من
الوقت الذي ينقضي فيه الأجل .
3- إذا كان تحديد ميعاد الوفاء متوقفا على إرادة الدائن سرى التقادم من الوقت الذي يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته .
فالقاعدة
العامة التي تحكم مبداء سريان التقادم هي أن التقادم لا يبداء في السريان
إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء لأنه قبل هذا التاريخ لم
يكن في استطاعة الدائن أن يطالب بالدين ومن ثم لا يكون ممكنا أن يبداء
تقادمه في السريان أما إذا حل هذا التاريخ وأصبح بوسعه المطالبة بالدين
كان من العدل أن يبداء التقادم في السريان .
وهذه القاعدة العامة
تقودنا إلى العديد من الحلول التفصيلية التي لا تعد إلا مجرد تطبيقات لها
والتي حرص المشرع رغم ذلك على النص عليها وهذه التطبيقات هي :-
1-
إذا كان الدين معلقا على شرط واقف فأن تقادمه لا يبداء في السريان الا من
اليوم الذي يتحقق فيه الشرط لانه لايكون معلوما ما اذا كان الشرط سيتحقق
فيصبح الدين مستحقا ام سيتخلف فلا يكون كذلك .
2- اما اذا كان الدين
معلقا على شرط فاسخ فأن تقادمه يبداء في السريان من تاريخ استحقاقه اى قبل
تحقق الشرط الفاسخ لأن هذا الدين يكون مستحق الاداء منذ وجوده إلى أن
يتحقق الشرط فأذا تحقق الشرط زال الالتزام بأثر رجعى ولذلك فأنه اذا
اكتملت مدة التقادم قبل تحقق الشرط سقط الالتزام بالتقادم سواء تحقق الشرط
ام لم يتحقق .
3- واذا كان الدين مضافا إلى اجل واقف فأن تقادمه
لايبداء في السريان الا منذ حلول الاجل بانقضائه أو بسقوطه أو بالنزول عنه
ممن له مصلحة فيه .
4- واذا كان الدين الدين مقسطا فأن كل قسط فيما يتعلق بالتقادم يعتبر دينا مستقلا ويسرى تقادمه من وقت حلول اجله .
وكذلك الحال بالنسبة للديون الدورية المتجددة كالفوائد والأجرة فكل دين يحل منها و يبداء تقادمه في السريان من وقت حلوله .
التقادم كسبب لانقضاء
الالتزامات دون وفاء أو ما يعبر عنه " بالتقادم المسقط " يعنى أن مضى مدة
معينة من الزمن دون أن يطالب الدائن مدينه بالدين الذي له فى ذمة هذا
المدين يترتب على مضى هذه المدة أن ينقضي التزام هذا المدين بالوفاء لذلك
الدائن ولا يحق له المطالبة بهذا الدين بعد ذلك .
• ويرتكز هذا النوع
من التقادم على عدة اعتبارات الغرض منها حماية المصلحة العامة فاستقرار
التعامل يقوم إلى حد كبير على فكرة التقادم ولنضرب مثلا إذا كان الدائن
يستطيع أن يطالب مدينه بالدين مهما طالت المدة التي مضت على استحقاقه وكان
على المدين أن يثبت براءة ذمته من الدين بعد أن يكون قد وفاه فعلا وحصل
على مخالصة به أليس من الإرهاق أن نكلف المدين بالمحافظة على هذه المخالصة
إلى وقت لانهاية له لكي يحتج بها في مواجهة كل من يطلب منه الوفاء بهذا
الدين أليس واجبا لاستقرار التعامل أن يفترض في الدائن الذي سكت مدة طويلة
عن المطالبة بدينه انه قد استوفاه فعلا أو على الأقل قد أبراء ذمة المدين
من هذا الدين
• والتقادم المسقط لا يقوم على قرينة الوفاء اكتر مما
يقوم على وجوب احترام الأوضاع المستقرة التي مضى عليها من الزمن ما يكفى
للاطمئنان إليها .
• وقد اختلفت التشريعات حول المدة التي لا يستطيع بعدها الدائن أن يطالب مدينه بالدين الذي له في ذمته ؟
فيجب
على المشرع حين يختار هذه المدة أن يراعى فيها ألا تكون طويلة إلى الحد
الذي يرهق المدين ولا أن تكون قصيرة بالقدر الذي يباغت الدائن ويسقط حقه
في وقت قصير .
وقد حدد المشرع الفرنسي هذه المدة وجعلها ثلاثين عاما
ألا أن المشرع المصري قد جعلها خمسة عشرة سنة وهى مدة مستقاة من أحكام
الشريعة الإسلامية فهي المدة التي لا يجوز بعدها سماع الدعوى في الفقه
الاسلامى .
فإذا انقضت هذه المدة وادعى المدين براءة ذمته وأصر الدائن
على المطالبة بالدين فأن الأولى بالرعاية هنا هو المدين لا الدائن وان لم
يكن قد استوفى حقه ولم يكن قد أبراء ذمة مدينه منه فلا اقل من انه بسكوته
هذا قد أهمل إهمالا جسيما لا عذر له فيه بسكوته هذه المدة .
• وان كان
الأخذ بالتقادم المسقط في القانون الروماني(1) قد تأخر كثيرا في الظهور
فقد كانت الدعاوى في هذا القانون إلى عهد بعيد أبدية لا تتقادم والدعاوى
التي كانت مؤقتة بمدة معينة هي الدعاوى البريطوريه اذا كان البريطور
يمنحها لمدة سنه واحدة إلى أن أصدر الإمبراطور ثيودوس قانونا معروفا قرر
فيه أن الدعاوى تتقادم في الأصل بثلاثين سنه .
• من اجل هذه
الاعتبارات السابق سردها شرع التقادم وقد أخذت به جميع الشرائع حتى التي
لم تأخذ به بطريق مباشر فتسقط الدين بالتقادم أخذت به بطريق غير مباشر
فتمنع سماع الدعوى بعد انقضاء مدة التقادم .
التعريف بالتقادم وبيان أسس التي يقوم عليها
تعريف التقادم:
التقادم بشكل عام هو انقضاء الحق إذا مضت عليه مدة معينه دون أن يطالب به الدائن أو دون أن يستعمله صاحبه .
والتقادم
بهذا المعنى يشمل الحقوق الشخصية والحقوق العينية ( ماعدا حق الملكية )
فهو بصدد الحقوق الشخصية يعنى انقضاء الالتزام إذا أهمل الدائن المطالبة
به مدة معينة متى تمسك بذلك المدين .
الأسس المختلفة للتقادم:
التقادم
في الواقع لا يقوم على أساس قانوني بحت إذ أن مضى مدة من الزمن لا يؤدى
بذاته إلى إحداث اى تأثير قانوني فهو لا يؤدى إلى إكساب اى حق أو سقوطه
مالم تضاف إليه عناصر أخرى ( كإهمال المطالبة في التقادم المسقط ) .
ولكن
المشرعين لاعتبارات معينة اعتنقوا فكرة أن مضى مدة طويلة من الزمن يجب أن
تؤدى إلى انقضاء حق الدائن أو انقضاء الدعوى التي تحميه إذا ظل ساكتا طوال
هذه الفترة ولم يطالب به فالزمن يجب أن يمحو كل شيء
ومن الاعتبارات التي دعت المشرعين إلى إقرار هذا النظام :-
1) - قرينة براءة ذمة المدين من الدين
قيل
أن التقادم يقوم على قرينه براءة ذمة المدين من الدين سواء لأنه قام
بالوفاء به فعلا [ وهذا ما يسمى بقرينة الوفاء ] أو لان الدائن قد قام
بإبراء المدين من الدين [ وهذا ما يسمى بقرينة الإبراء ] وألا لما سكت
الدائن طوال هذه المدة عن المطالبة بدينه. أليس هذا دليلا على انه إما
استوفاه فعلا أو انه أبراء المدين منه ؟
2) - رغبة المشرع في عدم إرهاق المدين
قيل
أيضا أن أساس التقادم هو رغبة المشرع في عدم إرهاق المدين بمنع تراكم
الديون عليه بحيث إذا تراكمت هذه الديون عليه لسنوات طويلة فأن المشرع
ومنعا للتعسف والعنت يسقط عنها ما مضى عليه من الزمن مدة طويلة .
3) - ضرورة معاقبة الدائن المهمل
قيل أيضا أن التقادم يتأسس على فكرة وجوب معاقبة الدائن المهمل المتخاذل الذي ترك كل هذا الوقت يمضى دون أن يطالب بحقه .
وفى ذلك يجب أن يفضل القانون مصلحة المدين الذي لم يفعل ما يلام عليه على مصلحة الدائن المهمل .
فاستقرار
العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع يستوجب عدم السماح للدائن أن يطالب
مدينه بعد فوات مدة طويلة من الزمن على استحقاق ذلك الدين , كما أن سكوت
الدائن لفترة طويلة من الزمن يثير في الذهن فكرة انه استوفى حقه فعلا أو
تنازل عنه أو أبرء المدين منه .
وإزاء هذه الاعتبارات فأن نظام التقادم
يبدو ضرورة حتمية للمصلحة الاجتماعية " فكما يجب وضع حد للمنازعة في
الحقوق وذلك بتقرير قوة الأمر المقضي , كذلك يجب وضع حد للمطالبة بالحقوق
وذلك بتقرير مبداء التقادم "(2)
إلا أن هناك اعتراضات على نظام
التقادم بدعوى انه قد يتضمن أحيانا تقنينا للنصب لان المدين على الرغم من
انه لم يفي بالدين يستطيع إذا تمسك بالتقادم أن يؤدى إلى إخفاق مطالبة
الدائن بحقه على الرغم من انه لم يستوف هذا الحق فعلا
وقد يبدو هذا
الاعتراض صحيح ظاهريا الا انه ليس من شأنه إهدار كل قيمة للتقادم ذلك أن
الفرض الذي يؤدى فيه التقادم إلى ضياع الحق على صاحبه نادر الحدوث والنادر
لا حكم له .
كما أن من يشكو من ضياع حقه بسبب التقادم يمكن أن يقال له
نفس هذا التقادم هو الذي سينقذه من التزامات يكون قد التزم بها أجداده منذ
مئات السنيين فالغرم بالغنم .
• وعلى الرغم من إقرار المشرعين لفكرة
التقادم إلا أنهم اختلفوا في تحديد هذه المدة والفكرة الهادية لهم في
تحديدها هي ألا تكون أطول من اللازم بحيث ترهق المدين و ألا تكون اقصر من
اللازم حتى لا تباغت الدائن وقد قدرها المشرع المصري في قاعدتها العامة
بخمس عشرة سنه وهى المدة التي لا يجوز بعدها سماع الدعوى بعد فواتها في
الفقه الاسلامى وحددها المشرع الفرنسي بثلاثين سنة كقاعدة عامه .
حساب مــدة التقادم وكيفية حسابها وبدء سريانها
كيفية حساب مدة التقادم وبدء سريانها
أ) كيفية حساب مدة التقادم :
تنص
م / 380 من القانون المدني على انه " تحسب مدة التقادم بالأيام لا
بالساعات ولا يحسب اليوم الأول وتكمل المدة بانقضاء أخر يوم منها "
يخضع
حساب مدة التقادم إلى العديد من القواعد البسيطة في حسابها التي تمثل
القواعد العامة التي يخضع لها حساب المدد أيا كانت اى سواء تعلقت بمدد
تقادم مسقط أو مكسب أو بمواعيد سقوط أو مواعيد مرافعات .
ومن هذه القواعد :-
1-
أن المدة تحسب بالتقويم الميلادي لا الهجري وذلك عملا بالمادة 3 من
التقنين المدني المصري التي تنص على أن " المواعيد تحسب بالتقويم الميلادي
ما لم ينص القانون على غير ذلك "
2- أن المدة تحسب بالأيام لا بالساعات ( م/380 مدني ) لذلك فأن أجزاء اليوم لا تدخل في الحساب .
ومن
هنا كانت القاعدة التي تقضى بأن اليوم الذي يحدث فيه الأمر المعتبر في نظر
القانون هو اليوم الذي يبداء منه سريان التقادم والذي يعتبر نقطة البداية
ولا يدخل في الحساب بل يبداء الحساب من اليوم الذي يليه وبالمقابل فأن
المدة لا تكتمل إلا بانقضاء اليوم الأخير منها وهو يدخل في الحساب بحيث لا
تعتبر المدة قد اكتملت إلا بانقضاء هذا اليوم .
3- عند احتساب مدة
التقادم فأنه لا يعتد بعدد أيام الشهور أو عدد أيام السنين التي تقع خلال
مدة التقادم إذ أن التقادم يحتسب من تاريخ معين دون الاعتداد بعدد الأيام
الفعلية التي تقع خلال هذه المدة .
فإذا كانت مدة التقادم مثلا ثلاث
سنوات وبدء فى السريان من يوم محدد وليكن 27/12/1990 مثلا فأن مدته تكتمل
بانقضاء اللحظة الأخيرة من اليوم المناظر له بعد ثلاث سنوات اى 27/12/1993
دون أن نضع في الاعتبار عدد أيام السنوات التي وقعت خلال هذه المدة .
4-
من المتفق عليه في الفقه والقضاء انه إذا تصادف وكان اليوم الأخير من أيام
التقادم من أيام العطلات أو المواسم أو الأعياد فأن مدة التقادم تمتد إلى
اليوم التالي أو إلى أول يوم يستطيع الدائن أن يتخذ فيه إجراء وهو ما يبرر
بأن هذا الأمر يعد من قبيل القوة القاهرة التي توقف سريان التقادم لحين
زوالها .
5- عند حساب مدة التقادم تضاف مدة الخلف إلى مدة السلف فإذا
سكت الدائن عن المطالبة بحقه لمدة معينة ثم انتقل الحق إلى خلفه العام
بالميراث أو إلى خلف خاص بجوالة حق فلا يتبقى أمام الخلف إلا المدة
المتبقية لاكتمال مدة التقادم ذلك لان مدة الخلف قد ضمت إلى مدة السلف .
ب) مبداء سريان التقادم :
تنص المادة 381 من القانون المدني في شأن تحديد مبداء سريان التقادم على انه :-
1- لا يبداء سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص ألا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء .
2-
وبخاصة لا يسرى التقادم بالنسبة إلى دين معلق على شرط واقف إلا من الوقت
الذي يتحقق فيه الشرط وبالنسبة إلى ضمان الاستحقاق إلا من الوقت الذي يثبت
فيه الاستحقاق الذي يثبت فيه الاستحقاق وبالنسبة إلى الدين المؤجل إلا من
الوقت الذي ينقضي فيه الأجل .
3- إذا كان تحديد ميعاد الوفاء متوقفا على إرادة الدائن سرى التقادم من الوقت الذي يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته .
فالقاعدة
العامة التي تحكم مبداء سريان التقادم هي أن التقادم لا يبداء في السريان
إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء لأنه قبل هذا التاريخ لم
يكن في استطاعة الدائن أن يطالب بالدين ومن ثم لا يكون ممكنا أن يبداء
تقادمه في السريان أما إذا حل هذا التاريخ وأصبح بوسعه المطالبة بالدين
كان من العدل أن يبداء التقادم في السريان .
وهذه القاعدة العامة
تقودنا إلى العديد من الحلول التفصيلية التي لا تعد إلا مجرد تطبيقات لها
والتي حرص المشرع رغم ذلك على النص عليها وهذه التطبيقات هي :-
1-
إذا كان الدين معلقا على شرط واقف فأن تقادمه لا يبداء في السريان الا من
اليوم الذي يتحقق فيه الشرط لانه لايكون معلوما ما اذا كان الشرط سيتحقق
فيصبح الدين مستحقا ام سيتخلف فلا يكون كذلك .
2- اما اذا كان الدين
معلقا على شرط فاسخ فأن تقادمه يبداء في السريان من تاريخ استحقاقه اى قبل
تحقق الشرط الفاسخ لأن هذا الدين يكون مستحق الاداء منذ وجوده إلى أن
يتحقق الشرط فأذا تحقق الشرط زال الالتزام بأثر رجعى ولذلك فأنه اذا
اكتملت مدة التقادم قبل تحقق الشرط سقط الالتزام بالتقادم سواء تحقق الشرط
ام لم يتحقق .
3- واذا كان الدين مضافا إلى اجل واقف فأن تقادمه
لايبداء في السريان الا منذ حلول الاجل بانقضائه أو بسقوطه أو بالنزول عنه
ممن له مصلحة فيه .
4- واذا كان الدين الدين مقسطا فأن كل قسط فيما يتعلق بالتقادم يعتبر دينا مستقلا ويسرى تقادمه من وقت حلول اجله .
وكذلك الحال بالنسبة للديون الدورية المتجددة كالفوائد والأجرة فكل دين يحل منها و يبداء تقادمه في السريان من وقت حلوله .