مقدمـة:
من
المعلوم أن الحماية التي تقررها قوانين الملكية الفكرية لأصحاب الحقوق على اختلاف
صورها تتضمن منحهم حقوقا استئثارية exclusive rights – وهي حقوق احتكارية بطبيعتها يؤدي منحها بصدد الغذاء إلي إعاقة الحصول
عليه وارتفاع أسعاره([1])
– لذلك فقد اتجهت تشريعات كثير من بلدان العالم إلى استبعاد النباتات والحيوانات
من نطاق الحماية المقررة عن طريق براءة الاختراع باعتبارهما المصدران الرئيسيان
للغذاء.
وقد
بدأ هذا الوضع في التغير في السنوات العشرين الأخيرة من القرن العشرين نتيجة
للضغوط التي تمارسها الشركات العملاقة متعددة القوميات على مختلف الدول لرفع
مستويات حماية حقوق الملكية الفكرية بغرض توفير المزيد من الحماية لابتكاراتها
واختراعاتها بما يمكنها من إحكام قبضتها وسيطرتها على مختلف مجالات التكنولوجيا
بما في ذلك تكنولوجيا الغذاء والزراعة. ولذلك سعت الدول الكبرى إلى توفير درجة
عالية من الحماية للابتكارات والاختراعات على المستوى الدولي وتدعيمها في مختلف
مجالات التكنولوجيا بما في ذلك تلك المتصلة بالغذاء والزراعة، وطالبت بذلك في
الجولة الثامنة للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف التي عقدت في الفترة من
1986-1993 تحت مظلة الجات (جولة أورجواي).
وقد
استجابت اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (اتفاقية
التربس) ـ وهي من أهم الاتفاقيات التي أسفرت عنها جولة أورجواى ـ لمطالب الدول
المتقدمة، فأوجبت على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية توفير درجة عالية
من الحماية للاختراعات في مختلف مجالات التكنولوجيا دون تمييز بين مجال تكنولوجي
وآخر، كما أوجبت عليها توفير حماية فعالة للأصناف النباتية الجديدة. وقد بلغ عدد
الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية 153 دولة حتى الان وهى جميعا ملتزمة
بأحكام اتفاقية التربس وعليها تعديل تشريعاتها بما يتوافق مع نصوصها، ويوجد من بين
هذه الدول 12 دولة عربية هى البحرين ، جمهورية مصر العربية، الكويت، قطر، تونس،
المغرب، دولة الامارات العربية، موريتانيا، المملكة الأردنية الهاشمية، المملكة
العربية السعودية، سلطنة عمان، جيبوتي.
ولم
تتوقف الدول الكبرى عند هذا الحد، بل عملت على رفع مستويات الحماية من جديد بما
يتجاوز مستويات الحماية المنصوص عليها في اتفاقية التربس، عن طريق الضغوط
والتهديدات الذى تمارسها على الدول النامية تارة، وعن طريق الاتفاقيات الثنائية bilateral
agreements تارة أخرى.
وسوف
نعالج في هذا البحث آثار الاتفاقيات الدولية في مجال الملكية الفكرية على الغذاء
والزراعة في ستة مباحث كالآتي:
المبحث الأول: الحق في الغذاء ومعايير حماية حقوق الملكية
الفكرية السائدة قبل إنشاء منظمة التجارة العالمية.
المبحث الثانـي: موقف اتفاقية التربس من حماية الابتكارات في مجال
الغذاء والزراعة عن طريق براءة الاختراع.
المبحث الثالـث: ظاهرة القرصنة البيولوجية، والتكنولوجيا المانعة
لاستخدام التقاوى الناتجة عن زراعة الصنف في إعادة الزراعة.
المبحث الرابـع: حماية الأصناف
النباتية في القانون المصري
المبحث الخامس: سعي الدول المتقدمة لرفع مستويات الحماية بما
يتجاوز التربس Trips plus
*
* *
المبحث الأول
الحق فى
الغذاء ومعايير حماية حقوق الملكية الفكرية
السائدة قبل إنشاء منظمة التجارة العالمية
الحق فى الغذاء من حقوق الانسان الأساسية:
يعتبر
الحق فى الغذاء من حقوق الانسان الأساسية التى قننتها المواثيق والاتفاقيات
الدولية فضلاً عن دساتير كثير من دول العالم. وقد أكد الاعلان العالمى لحقوق
الانسان ([2])
The
Universal Declaration of Human Rights أن لكل شخص الحق فى أن يعيش هو وعائلته فى
مستوى يكفيه للمحافظة على الصحة والرفاهية،
ويشمل ذلك الغذاء والملبس والمسكن والعناية الطبية. وهذا ما قررته أيضا المادة 11
من العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ([3])
The
International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights . وقد أصدر مؤتمر القمة العالمى للغذاء World
Food Summit المنعقد تحت مظلة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)
فى 17 نوفمبر 1996 بالإجماع إعلان روما بشأن الأمن الغذائى العالمى Rome
Declaration on World Food Security ، كما اعتمد خطة عمل وضعت طريقا لتأمين
الغذاء لمختلف شعوب العالم، وتعهدت الدول التى شاركت فى المؤتمر بالعمل على تحقيق
هذا الغرض.
استبعاد
النباتات والحيوانات من نطاق الحماية المقررة عن طريق البراءة فى قوانين الملكية
الفكرية قبل اتفاقية التربس:
وتجنباً
لاحتكار الغذاء وحرصاً على توفيره دون قيود فقد استبعدت قوانين معظم دول العالم
الحيوانات والنباتات من نطاق الحماية عن طريق البراءة، كما قررت النظم القانونية
المختلفة استبعاد كافة الكائنات الحية على اختلاف أشكالها من الحماية عن طريق
البراءة منذ زمن بعيد.
ولم
يقتصر تطبيق مبدأ استبعاد الكائنات الحية من الحماية عن طريق البراءة على النباتات
والحيوانات بل شمل هذا الاستبعاد أيضا ـ قبل اتفاقية التربس ـ الكائنات الدقيقة micro
organisms .
والمقصود
بالكائنات الدقيقة هى تلك الكائنات المتناهية فى الصغر ولا ترى بالعين المجردة
وتشمل البكترياbacteria والفطريات fungi
والطحالب algae، والكائنات وحيدة الخلية protozoa،
والفيروسات viruses ([4])
وهى تستخدم على نطاق واسع فى كثير من الصناعات على
رأسها الصناعات الغذائية والصناعات الدوائية.
وفى
فرنسا لم يعالج قانون البراءات الفرنسي الصادر سنة 1968 مسألة قابلية الكائنات
الدقيقة للحصول على البراءة شأنه فى ذلك شأن تشريعات غالبية الدول. غير أن أحكام القضاء
الفرنسي قررت حماية الطرق البيولوجية الدقيقة - مثل طريقة التخمير fermentation - عن
طريق البراءة، على اعتبار أنها تعد بمثابة تطبيق جديد لوسيلة صناعية معروفة une
application nouvelle da moyen connus
كما
قررت احكام القضاء الامريكي منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين قابلية
المنتجات التى تسخدم الكائنات الدقيقة فى انتاجها للحصول على البراءة. ومن أهم
القضايا التى أرست هذا المبدأ قضية Merck & Co.v.Olin Mathieson
Chem. Corp . وقد قضت الدائرة الرابعة لمحكمة الاستئناف الفيدرالية فى هذه
القضية بصحة براءة اختراع منتج عبارة عن دواء يحتوي على عناصر لها فاعلية فيتامين
ب 12، يستخدم فى علاج الانيميا الحادة ويتم تحضيره باستخدام نوع من الفطريات يتم
الحصول عليها بطريق التخمير لاستخلاص المواد التى تدخل فى تركيب الدواء.
وتناولت
اتفاقية البراءة الأوروبية (اتفاقية ميونخ 1973) ([5])
هذا الموضوع، ونصت المادة 53 من الاتفاقية على أنه:
"لا
تمنح براءات الاختراع الأوروبية عن:
أ.
……..
ب.
أصناف النباتات أو أجناس الحيوانات،
وكذلك الطرق البيولوجية فى معظمها لإنتاج النباتات والحيوانات. ولا يسرى هذا الحكم
على الطرق البيولوجية الدقيقة، والمنتجات التى يتم الحصول عليها باستخدام هذه
الطرق".([6])
وقد نقلت تشريعات الدول الأوروبية هذا الحكم عن
اتفاقية ميونيخ. ففى سنة 1978 عدلت المادة 7 من قانون براءات الاختراع الفرنسى
الصادر سنة 1968 وقررت الفقرة (جـ) من المادة المذكورة بأن الاستثناء المتعلق
بأجناس الحيوانات والطرق البيولوجية فى معظمها لإنتاج النباتات والحيوانات من
قابلية الحصول على البراءة لا يسرى على الطرق البيولوجية الدقيقة والمنتجات التى
يتم الحصول عليها باستخدام هذه الطرق.([7])
(القانون رقم 68 – 742 الصادر فى 13 يوليو 1978 مادة 5) وكذلك
فعلت تشريعات الدول الأوروبية الموقعة على اتفاقية ميونيخ.
وقد
أسبغت النصوص التشريعية المتقدمة الحماية عن طريق البراءة على طرق استخدام
الكائنات الدقيقة، وعلى المنتجات التى يتم الحصول عليها باستخدام هذه الطرق،
ولكنها لم تعالج مسألة حماية الكائنات الدقيقة ذاتها عن طريق البراءة، وذلك لأن
حماية هذه الكائنات تصطدم بالمبادئ التقليدية الراسخة التى كان يقوم عليها نظام
براءات الاختراع، والتى تقضى باستبعاد الكائنات الحية بكافة أشكالها وأنواعها من
دائرة الحماية عن طريق البراءة.
دور القضاء الامريكي فى إرساء
مبدأ حماية الكائنات الحية:
وفى
سنة 1980 بدأت المبادئ التقليدية التى تقضى باستبعاد الكائنات الحية من الحماية عن
طريق البراءة فى التراجع عندما أصدرت المحكمة العليا فى الولايات المتحدة
الأمريكية Supreme Court of the United States The حكمها الشهير فى قضية Diamond v.
Chakrabarty([8])،
وقضت بصحة منح البراءة عن ابتكار نوع من البكتيريا لها قدره على إذابة المخلفات
البترولية، تم استنباطها عن طريق تغيير الجينات الوراثية. وقد أحدث هذا الحكم
تعديلاً جذرياً فى المبادئ التى يرتكز عليها النظام القانونى لبراءات الاختراع، إذ
قرر حماية الكائنات الدقيقة ذاتها عن طريق البراءة وليس مجرد طريقة استنباطها. وقد
تأثرت الأنظمة القانونية المقارنة إلى حد بعيد بهذا الحكم وبدأت فى الاتجاه نحو
اسباغ الحماية على الكائنات الدقيقة ذاتها عن طريق البراءة.
توفير
الحماية للنباتات المبتكرة:
لم
تكن التشريعات المقارنة تهتم بتوفير حماية للاصناف النباتية المبتكرة إلا حديثا،
إذ لم يكن توفير حماية للأصناف النباتية الجديدة يشغل بال الدول المتقدمة حتى وقت
قريب، غير ان الثورة التى أحدثتها التكنولوحيا الحيوية فى مجال الانتاج الزراعى
وما صاحب ذلك من تخصيص استثمارات ضخمة من أجل ابتكار نباتات جديدة تتميز بخصائص
فريدة من حيث وفرة الانتاج وموعد الحصاد وتحمل الجفاف والقدرة على مقاومة الافات
وغير ذلك من الخصائص الفريدة، فضلا عن ظهور شركات عملاقة متعددة القوميات تسيطر
سيطرة شبه كاملة على إنتاج التقاوي، كل هذه العوامل أدت إلى سعى الدول الكبرى نحو
توفير حماية كافية للأصناف النباتية الجديدة على المستوى الدولى وتدعيمها. ولم
يمنع مبدأ استبعاد الكائنات الحية من نطاق الحماية عن طريق براءة الاختراع الدول
المتقدمة من العمل على وضع أنظمة خاصة لتوفير نوع من الحماية للنباتات المبتكرة
الجديدة.
وقد
سعت عدة دول أوروبية الى وضع نظام قانوني لتوفير حماية للاصناف النباتية الجديدة
على المستوى الدولى وأسفرت الجهود التى بذلتها عن إبرام أول اتفاقية دولية فى هذا
المجال فى 2 ديسمبر 1961وهى الاتفاقية الدولية لحماية الاصناف النباتية الجديدة ([9])
International
Convention for the Protection of New Varieties of Plants .وقد
انشأت الاتفاقية اتحادا دوليا يضم الدول الأطراف فى الاتفاقية سمي بالفرنسية.
gétalesédes
Obtention V Union Pour la Protection ويعرف هذا الاتحاد باسم اليوبوف (UPOV)
نسبة الى الأحرف الأولى من تسميته باللغة الفرنسية وهو منظمة دولية مستقلة يقع
مقرها الرئيسي فى مدينة جنيف بسويسرا.
وقد
أدخلت على الاتفاقية الدولية لحماية الاصناف النباتية الجديدة (اتفاقية اليوبوف)
منذ إبرامها سنة 1961 عدة تعديلات لاحقة فى 10 نوفمبر 1972، 23 أكتوبر 1978،
وأخيراً فى 19 مارس 1991، وقد دخل هذا التعديل الاخير حيز التنفيذ فى 24 ابريل سنة
1998.
أما
فى الولايات المتحدة الامريكية فقد تم تعديل قانون براءات الاختراع فى سنة 1930 لإتاحة
حماية النباتات الجديدة عن طريق نوع خاص من براءات الاختراع سمي براءة الاختراع
النباتية Plant Patent ووفقا للقسم 161 من الجزء 35 من تقنين
الولايات المتخدة الامريكية (بعد التعديل) بمنح مبتكر النبات الجديد البراءة
النباتية اذا توافرت شروط الحماية. وتقتصر الحماية على النباتات الجديدة والمميزة
التى يتم اعادة انتاجها بغير طريق التكاثر الجنسي asexually
reproduction ومن ثم لا يسمح القانون الأمريكي يمنح البراءة النباتية للنباتات
الجديدة التى يتم اعادة انتاجها بطريق التكاثر الجنسي sexually
reproduction. وفى سنة 1970 صدر قانون حماية الاصناف النباتية Plant
Variet Protection Act,1970 وأضفى الحماية على أصناف النباتات الجديدة
التى يتم اعادة انتاجها بطريق التكاثر الجنسي([10])
وهى حماية أقل فى مستواها من الحماية المدعمة التى تمنح لاصحاب براءات الاختراع
وذلك لأن المبالغة فى تدعيم حماية الأصناف النباتية تؤثر سلبا على الانتاج الزراعى
ومصالح المزارعين. ويختلف نظام الحماية الخاص بالأصناف النباتية عن نظام البراءة
اذ يقرر حق المربين فى استخدام الصنف المحمى والاعتماد عليه فى استحداث صنف نباتي
جديد دون حاجة الى الحصول على ترخيص من صاحب الصنف النباتى المحمى، وهذا ما يعرف
بامتياز المربي breeders privilege . كما يعترف نظام حماية الاصناف النباتية
ضمنا بحق المزارع فى استخدام مواد التكاثر مثل البذور والتقاوى الناتجة من محصول
الصف المحمى الذى قام بزراعته فى إعادة زراعة الصنف من جديد وهذا ما يعرف بامتياز
المزارع famer's
privilege . ولذلك فإن النظام القانوني لحماية الاصناف النباتية لا يصل من
حيث المستوى الى مستوى الحماية المدعمة التى تمنحها قوانين براءات الاختراع
للمخترع، فهو أقل درجة من مستوى الحماية المقررة لبراءة الاختراع. ومن الجدير
بالذكر ان النباتات المبتكرة التى يتم اختراعها باستخدام علم الهندسة الوراثية
تحمى فى الولايات المتحدة الامريكية عن طريق براءة الاختراع Letter
Patent شأنها فى ذلك شأن الاختراعات التى تنتمى الى مجالات التكنولوجيا
الأخرى، اذا توافرت شروط الحماية.
وقد
توسعت الولايات المتحدة الامريكية فى حماية الاختراعات المتعلقة بالهندسة الوراثية،
ويخشى أن يؤدي هذا التوسع إلى حلول أصناف من الحيوانات والنباتات التى استنبطت
باستخدام الهندسة الوراثية محل الاصناف الأصلية مما يهدد بقاء التوع البيولوجي
ويسبب أضراراً جسيمة للبيئة([11])
ولقد أثارت بعض البراءات التى منحت فى الولايات المتحدة الأمريكية جدلاً يتعلق بأثرها
على سلامة البيئة والغذاء، مثل البراءة التى منحت على جميع أصناف القطن المعالج
وراثياً all
genetically engineered cotton varieties، وخولت للشركة مالكة البراءة بالتالى احتكار
جميع أنواع نباتات وبذور القطن المعالج وراثيا. وكذلك الأمر بشأن البراءة التى
منحها مكتب البراءة الاوروبية The European Patent Office
لشركة Agracetus عن
فول الصويا المعالح وراثيا، حيث شملت البراءة جميع أنواع فول الصويا التى يتم
انتاجها باستخدام البكتريا([12]).
موقف الدول النامية من حماية أصناف النباتات
الجديدة:
وبإلقاء
نظره على مواقف الدول النامية ـ قبل تطبيق اتفاقية التربس ـ نجد أن تشريعاتها لا
توفر أى حماية للاصناف النباتية الجديدة لا عن طريق براءة الاختراع ولا عن طريق أى
نظام قانوني خاص.
فعلى
سبيل المثال أوضحت المذكرة الايضاحية لقانون براءات الاختراع والرسوم النماذج
الصناعية المصري رقم 132 لسنة 1949(الملغي) فى التعليق على نص المادة الأولى من
القانون التى تقرر شروط منح براءة الاختراع أن النباتات ليست من قبيل الاختراعات
التى يشملها القانون بالحماية، وفى ذلك تقول: "لا يتناول النص المنتجات
الزراعية فى ذاتها كاستنبات نوع جديد من البذور أو الحاصلات فإن هذا لا يعتبر اختراعا
يشمله القانون بالحماية"، كما قررت المحاكم المختلطة ـ قبل صدور هذا القانون ـ
استبعاد المزروعات من الحماية عن طريق البراءة وقضت بأن بذور القطن المنتخبة لا
تشملها الحماية المقررة للاختراعات([13])
كما قررت المادة الثانية فقرة (ب) من ذات القانون صراحة ألا تمنح براءة اختراع
للاختراعات الكيميائية المتعلقة بالاغذية. وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون أن
الحكمة من استبعاد الاختراعات التي أشار إليها القانون من نطاق الحماية عن طريق
براءة الاختراع هي تجنب الأضرار التي يسببها احتكار هذه المواد للمجتمع.
المبحث
الثاني
موقف اتفاقية التربس من حماية الابتكارات
في مجال
الغذاء
والزراعة عن طريق براءة الاختراع
تمهيد: أوجبت
اتفاقية التربس على الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية إتاحة إمكانية الحصول
على براءات اختراع لكافة الاختراعات كقاعدة عامة. غير أنها أجازت للدول الأعضاء أن
تستثنى الحيوانات والنباتات من القابلية للحماية عن طريق البراءة. ومع ذلك فقد
ألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بتوفير حماية فعالة
للأصناف النباتية الجديدة. ونوضح ذلك في مطالب ثلاثة كالآتي:
المطلب
الأول
قابلية
جميع الاختراعات للحصول على البراءة
مبدأ قابلية كافة الاختراعات للحصول على
البراءة:
ألزمت
اتفاقية التربس الدول الأعضاء بأن تتيح إمكانية الحصول على براءات إختراع لكافة
الاختراعات سواء أكانت منتجات أم عمليات صناعية فى كافة ميادين التكنولوجيا([14]). وقد
أوجب هذا الحكم على جميع الدول الأعضاء حماية كافة طوائف الاختراعات عن طريق
البراءة أيا كان المجال التكنولوجى الذى ينتمى إليه الاختراع.
ويلزم
هذا الحكم الدول الأعضاء التى تستبعد تشريعاتها الاختراعات الدوائية والكيميائية
والغذائية من نطاق الحماية عن طريق البراءة، أو الدول التي تقصر منح البراءة على
الاختراعات المتعلقة بالطرق الصناعية دون الاختراعات المتعلقة بالمنتجات بتعديل
قوانينها بما يتوافق مع أحكام الاتفاقية([15]).
وهذا يقتضى تعديل تشريعاتها لإتاحة منح براءة المنتج وبراءة الطريقة الصناعية عن
الاختراعات الغذائية، شأنها فى ذلك شأن الاختراعات التى تنتمى إلى المجالات
التكنولوجية الأخرى.
مبدأ
عدم التمييز بين الاختراعات:
كما
أوجبت المادة 27/1 من الاتفاقية على الدول الأعضاء عدم التمييز بين الاختراعات
فيما يتعلق بمنح البراءة أو التمتع بحقوق ملكيتها على أساس مكان الاختراع، أو
المجال التكنولوجى الذى ينتمى إليه، أو ما إذا كانت المنتجات مستوردة أم منتجة
محلياً.
ومن
ثم لا يجوز للدول الأعضاء أن تميز فى المعاملة بين الاختراعات التى ابتكرت فى داخل
إقليمها والاختراعات التى تم التوصل إليها فى الخارج سواء فيما يتعلق بإمكانية
الحصول على البراءة، أو الحقوق التى تمنح لأصحابها وسواء كان المخترع وطنيا أم
أجنبياً، ([16])
كما لا يجوز التفرقة فى المعاملة بين الاختراعات على أساس المجال التكنولوجى الذى
ينتمى إليه الاختراع. ولا يقتصر تطبيق مبدأ المساواة فى المعاملة بين الاختراعات
على المساواة فيما بينها من حيث إمكانية الحصول على البراءة، بل يمتد تطبيق مبدأ
المساواة، إلى التمتع بحقوق ملكية البراءة.
كما
أوجبت اتفاقية التربس في المادة 27 فقرة 1 على الأعضاء في منظمة التجارة العالمية
أن تتيح إمكانية الحصول على براءات اختراع لكافة الاختراعات سواء أنصب الاختراع
على منتج أو عملية صناعية في كافة ميادين التكنولوجيا.
ومن
ثم فقد ألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء التى تميز بين الاختراعات التى تنتمى إلى
مجالات تكنولوجية مختلفة بأن تعدل هذا الحكم لتقرير المساواة فى المعاملة بين
طوائف الاختراعات المختلفة من حيث شروط منح البراءة، والتمتع بحقوق ملكيتها، سواء
كانت البراءة تنصب على منتج جديد أو على طريقة صناعية جديدة، وسواء كان المخترع
وطنيا أم أجنبيا مؤهلا للحماية.
ومن
الجدير بالذكر أن التفرقة فى المعاملة بين الاختراعات من حيث مدة الحماية كانت مقررة
فى تشريعات كثير من الدول النامية. ففى مصر كان قانون براءات الاختراع والرسوم
والنماذج الصناعية القديم رقم 132 لسنة 1949 يحدد فى المادة 12 مدة البراءة بخمسة
عشر سنه تبدأ من تاريخ طلب البراءة ، ويجوز تجديدها مرة واحدة لمدة لا تتجاوز خمس
سنوات، غير أن البراءة التى تمنح عن الاختراعات الكيميائية المتعلقة بالأغذية أو
العقاقير الطبية أو المركبات الصيدلية ـ وهى براءة الطريقة الصناعية دون براءة
المنتج ـ مدتها عشر سنوات غير قابلة للتجديد.([17])
وفى الهند كان قانون براءات الاختراع الهندى الصادر سنة 1970يحدد مدة البراءة
كقاعدة عامة بـ 14 سنة، غير أن القانون حدد مدة البراءة التى تمنح للأدوية
والأغذية ـ وهى براءة الطريقة الصناعية دون براءة المنتج ـ بـ 5 سنوات من تاريخ
القرار النهائى بمنح البراءة أو 7 سنوات من تاريخ طلب الحصول على البراءة أيهما أقصر ([18]).
وحيث أن المادة 27/1 من اتفاقية التربس تلزم الدول الأعضاء بعدم التفرقة فى
المعاملة بين الاختراعات فقد أوجب هذا الحكم على جميع الدول الأعضاء التى تتضمن
تشريعاتها أحكاماً تماثل ما تضمنه القانون المصرى والقانون الهندى من أحكام إلغاء
التفرقة فى المعاملة بين الاختراعات الدوائية والكيميائية والغذائية وغيرها من طوائف
الاختراعات الأخرى.
([1]
) وينطبق ذلك أيضا على كافة المنتجات الأخرى وأهمها المنتجات الدوائية .
(2) أعتمد الاعلان
العالمى لحقوق الإنسان بقرار من الجمعية العامة للامم المتحدة فى 10 ديسمبر 1948
(3) اعتمد العهد الدولى
للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى
16 ديسمبر 1996
(4) راجع فى المعنى
العلمى للأحياء الدقيقة قاموس :
Coombs J. Macmillan Dictionary of biotechnology, Macmillan, London,
1986.
([5]) The European Patent Convention(EPC),1973
(6) حظرت تشريعات معظم
الدول الاوروبية منح براءة اختراع للحيوانات والنباتات. ومعظم هذه الدول منضمة الى اتفاقية البراءة
الاوروبية لسنة 1973 The
European Patent Convention (EPC) . وجدير بالذكر ان الاتفاقية وضعت نظاما لإصدار براءة
إقليمية فى الدول الاوروبية المنضمة اليها .
7) المادة 7 من قانون براءات الاختراع الفرنسى
الصادر سنة 1968كانت تحمل رقم. 611-17 L.فى تقنين الملكية الصناعية الفرنسى الصادر بالقانون رقم
92-597 فى أول يوليه1992 (عدلت بالقانون رقم 94-653 فى 29 يوليه 1994) ،
وكانت تنص على أنه :
“ Ne sont pas brevetables:
………………………………………………… .
c) les races animales
ainsi que les procedes essentiellement biologiques d’obtention de vegetaux ou
d’animaux, cette disposition ne s’appliquant pas aux procedes microbiologiques
et aux produits obtenus par ces procedes.”
وقد
عدلت هذه المادة فى سنة 2004 وحلت محلها
المادة 19-611
فى تقنين الملكية الفكرية
الفرنسى الجديد.
( انظر : Francis & Collins, “ Cases and Materials on Patent
Law “,1995 p. 516 .
(9) وقد سنت بعض الدول
تشريعات وطنية لتوفير حماية من نوع خاص للاصناف النباتية استرشادا بأحكام اتفاقية اليوبوف.
([10])أنظر : Francis & Collins,
Cases and Materials on Patent law including Trade Secrets- Copyrights-
Trademarks. Fourth edition (1995) .p.692
([11]) انظر لمزيد من
التفاصيل فى أثر اتفاقية التربس على الزراعة فى الدول النامية والاضرار التى قد
تلحق بالبيئة.
Carliene Brenner, Intellectual Property Rights
and Technology Transfer in Developing Country Agriculture: Rhetoric and Reality
,Paris, 1998,
OECD Publications.
([12]) البراءة الأوربية ) EP 0310749 B1
)
([13]) استئناف مختلط 13
نوفبر 1929 ، بلتان، ص 33
(14) وقد نصت المادة 27/1 من الاتفاقية على ذلك
بقولها : " مع مراعاة أحكام الفقرتين 2،3 ، تتاح إمكانية الحصول على براءات
اختراع لأى اختراعات ، سواء أكانت منتجات أم عمليات صناعية ، فى كافة ميادين
التكنولوجيا ، شريطة كونها جديدة وتنطوى على "خطوة إبداعية " وقابلة
للاستخدام فى الصناعة . ومع مراعاة أحكام الفقرة 4 من المادة 65، والفقرة 8 من
المادة 70 ، والفقرة 3 من هذه المادة، تمنح براءات الاختراع ويتم التمتع بحقوق
ملكيتها دون تمييز فيما يتعلق بمكان الاختراع أو المجال التكنولوجى أو ما إذا كانت
المنتجات مستوردة أم منتجة محلياً ".
(15) ومن هذه التشريعات قانون براءات الاختراع
والنماذج الصناعية المصرى القديم رقم 132
لسنة 1949، حيث أن المادة الثانية (ب) من القانون كانت لاتجيز منح البراءة عن
الاختراعات الكيميائية المتعلقة بالأغذية أو العقاقير الطبية أو المركبات الصيدلية
إلا إذا كانت هذه المنتجات تصنع بطريق عمليات كيميائية خاصة وفى هذه الحالة
الأخيرة لاتنصرف البراءة إلى المنتجات ذاتها بل تنصرف إلى طريقة صنعها .
(16) اقرت اتفاقية التربس مبدأ المعاملة الوطنية
وبموجب هذا المبدأ لا يجوز التمييز بين الوطنى والاجنبي. ومن الجدير بالذكر أن بعض
التشريعات المعمول بها قبل تطبيق اتفاقية التربس كانت تمنح بعض حقوق الملكية
الفكرية للوطنيين دون الأجانب. ومن الأمثلة على ذلك قانون كوريا الجنوبية الذى
يمنح براءة الاختراع عن المنتجات الدوائية المبتكرة للوطنيين ويحظر ذلك على
الأجانب. وقد حظرت اتفاقية التربس التمييز فى المعاملة بين الوطنى والأجنبى وأقرت
مبدأ المعاملة الوطنية بمقتضى المادة الثانية من الاتفاقية . وهذا المبدأ كان
معمولا به بموجب اتفاقية باريس فى الملكية الصناعية لسنة 1883قبل اتفاقية التربس.
(
17) وقد تأثرت قوانين براءات الاختراع فى
الدول العربية إلى حد كبير بأحكام قانون براءات الاختراع المصرى رقم 132 لسنة
1949، ونقلت كثيراً من أحكامه . فعلى سبيل المثال نقل قانون براءات الاختراع
والرسوم والنماذج الصناعية الكويتى القديم رقم 4 لسنة 1962 فى مادته 12 ذات حكم
المادة 12 من القانون المصرى . ومن الجدير بالذكر أن القانون رقم 4 لسنة 1999 بتعديل بعض أحكام قانون
براءات الاختراع الكويتي قد ألغى التفرقة بين طوائف الاختراعات المختلفة بما
يتوافق مع أحكام اتفاقية التربس .
(18) وهذه المدة تقل عن المدة التى
حددتها اتفاقية التربس، إذ وضعت المادة 33 من الاتفاقية حداً أدنى لمدة البراءة
وهو 20 ،سنة تحسب اعتباراً من تاريخ التقدم بطلب الحصول على البراءة ، ويسرى هذا
الحكم على كافة طوائف الاختراعات بدون تمييز.
من
المعلوم أن الحماية التي تقررها قوانين الملكية الفكرية لأصحاب الحقوق على اختلاف
صورها تتضمن منحهم حقوقا استئثارية exclusive rights – وهي حقوق احتكارية بطبيعتها يؤدي منحها بصدد الغذاء إلي إعاقة الحصول
عليه وارتفاع أسعاره([1])
– لذلك فقد اتجهت تشريعات كثير من بلدان العالم إلى استبعاد النباتات والحيوانات
من نطاق الحماية المقررة عن طريق براءة الاختراع باعتبارهما المصدران الرئيسيان
للغذاء.
وقد
بدأ هذا الوضع في التغير في السنوات العشرين الأخيرة من القرن العشرين نتيجة
للضغوط التي تمارسها الشركات العملاقة متعددة القوميات على مختلف الدول لرفع
مستويات حماية حقوق الملكية الفكرية بغرض توفير المزيد من الحماية لابتكاراتها
واختراعاتها بما يمكنها من إحكام قبضتها وسيطرتها على مختلف مجالات التكنولوجيا
بما في ذلك تكنولوجيا الغذاء والزراعة. ولذلك سعت الدول الكبرى إلى توفير درجة
عالية من الحماية للابتكارات والاختراعات على المستوى الدولي وتدعيمها في مختلف
مجالات التكنولوجيا بما في ذلك تلك المتصلة بالغذاء والزراعة، وطالبت بذلك في
الجولة الثامنة للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف التي عقدت في الفترة من
1986-1993 تحت مظلة الجات (جولة أورجواي).
وقد
استجابت اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (اتفاقية
التربس) ـ وهي من أهم الاتفاقيات التي أسفرت عنها جولة أورجواى ـ لمطالب الدول
المتقدمة، فأوجبت على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية توفير درجة عالية
من الحماية للاختراعات في مختلف مجالات التكنولوجيا دون تمييز بين مجال تكنولوجي
وآخر، كما أوجبت عليها توفير حماية فعالة للأصناف النباتية الجديدة. وقد بلغ عدد
الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية 153 دولة حتى الان وهى جميعا ملتزمة
بأحكام اتفاقية التربس وعليها تعديل تشريعاتها بما يتوافق مع نصوصها، ويوجد من بين
هذه الدول 12 دولة عربية هى البحرين ، جمهورية مصر العربية، الكويت، قطر، تونس،
المغرب، دولة الامارات العربية، موريتانيا، المملكة الأردنية الهاشمية، المملكة
العربية السعودية، سلطنة عمان، جيبوتي.
ولم
تتوقف الدول الكبرى عند هذا الحد، بل عملت على رفع مستويات الحماية من جديد بما
يتجاوز مستويات الحماية المنصوص عليها في اتفاقية التربس، عن طريق الضغوط
والتهديدات الذى تمارسها على الدول النامية تارة، وعن طريق الاتفاقيات الثنائية bilateral
agreements تارة أخرى.
وسوف
نعالج في هذا البحث آثار الاتفاقيات الدولية في مجال الملكية الفكرية على الغذاء
والزراعة في ستة مباحث كالآتي:
المبحث الأول: الحق في الغذاء ومعايير حماية حقوق الملكية
الفكرية السائدة قبل إنشاء منظمة التجارة العالمية.
المبحث الثانـي: موقف اتفاقية التربس من حماية الابتكارات في مجال
الغذاء والزراعة عن طريق براءة الاختراع.
المبحث الثالـث: ظاهرة القرصنة البيولوجية، والتكنولوجيا المانعة
لاستخدام التقاوى الناتجة عن زراعة الصنف في إعادة الزراعة.
المبحث الرابـع: حماية الأصناف
النباتية في القانون المصري
المبحث الخامس: سعي الدول المتقدمة لرفع مستويات الحماية بما
يتجاوز التربس Trips plus
*
* *
المبحث الأول
الحق فى
الغذاء ومعايير حماية حقوق الملكية الفكرية
السائدة قبل إنشاء منظمة التجارة العالمية
الحق فى الغذاء من حقوق الانسان الأساسية:
يعتبر
الحق فى الغذاء من حقوق الانسان الأساسية التى قننتها المواثيق والاتفاقيات
الدولية فضلاً عن دساتير كثير من دول العالم. وقد أكد الاعلان العالمى لحقوق
الانسان ([2])
The
Universal Declaration of Human Rights أن لكل شخص الحق فى أن يعيش هو وعائلته فى
مستوى يكفيه للمحافظة على الصحة والرفاهية،
ويشمل ذلك الغذاء والملبس والمسكن والعناية الطبية. وهذا ما قررته أيضا المادة 11
من العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ([3])
The
International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights . وقد أصدر مؤتمر القمة العالمى للغذاء World
Food Summit المنعقد تحت مظلة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)
فى 17 نوفمبر 1996 بالإجماع إعلان روما بشأن الأمن الغذائى العالمى Rome
Declaration on World Food Security ، كما اعتمد خطة عمل وضعت طريقا لتأمين
الغذاء لمختلف شعوب العالم، وتعهدت الدول التى شاركت فى المؤتمر بالعمل على تحقيق
هذا الغرض.
استبعاد
النباتات والحيوانات من نطاق الحماية المقررة عن طريق البراءة فى قوانين الملكية
الفكرية قبل اتفاقية التربس:
وتجنباً
لاحتكار الغذاء وحرصاً على توفيره دون قيود فقد استبعدت قوانين معظم دول العالم
الحيوانات والنباتات من نطاق الحماية عن طريق البراءة، كما قررت النظم القانونية
المختلفة استبعاد كافة الكائنات الحية على اختلاف أشكالها من الحماية عن طريق
البراءة منذ زمن بعيد.
ولم
يقتصر تطبيق مبدأ استبعاد الكائنات الحية من الحماية عن طريق البراءة على النباتات
والحيوانات بل شمل هذا الاستبعاد أيضا ـ قبل اتفاقية التربس ـ الكائنات الدقيقة micro
organisms .
والمقصود
بالكائنات الدقيقة هى تلك الكائنات المتناهية فى الصغر ولا ترى بالعين المجردة
وتشمل البكترياbacteria والفطريات fungi
والطحالب algae، والكائنات وحيدة الخلية protozoa،
والفيروسات viruses ([4])
وهى تستخدم على نطاق واسع فى كثير من الصناعات على
رأسها الصناعات الغذائية والصناعات الدوائية.
وفى
فرنسا لم يعالج قانون البراءات الفرنسي الصادر سنة 1968 مسألة قابلية الكائنات
الدقيقة للحصول على البراءة شأنه فى ذلك شأن تشريعات غالبية الدول. غير أن أحكام القضاء
الفرنسي قررت حماية الطرق البيولوجية الدقيقة - مثل طريقة التخمير fermentation - عن
طريق البراءة، على اعتبار أنها تعد بمثابة تطبيق جديد لوسيلة صناعية معروفة une
application nouvelle da moyen connus
كما
قررت احكام القضاء الامريكي منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين قابلية
المنتجات التى تسخدم الكائنات الدقيقة فى انتاجها للحصول على البراءة. ومن أهم
القضايا التى أرست هذا المبدأ قضية Merck & Co.v.Olin Mathieson
Chem. Corp . وقد قضت الدائرة الرابعة لمحكمة الاستئناف الفيدرالية فى هذه
القضية بصحة براءة اختراع منتج عبارة عن دواء يحتوي على عناصر لها فاعلية فيتامين
ب 12، يستخدم فى علاج الانيميا الحادة ويتم تحضيره باستخدام نوع من الفطريات يتم
الحصول عليها بطريق التخمير لاستخلاص المواد التى تدخل فى تركيب الدواء.
وتناولت
اتفاقية البراءة الأوروبية (اتفاقية ميونخ 1973) ([5])
هذا الموضوع، ونصت المادة 53 من الاتفاقية على أنه:
"لا
تمنح براءات الاختراع الأوروبية عن:
أ.
……..
ب.
أصناف النباتات أو أجناس الحيوانات،
وكذلك الطرق البيولوجية فى معظمها لإنتاج النباتات والحيوانات. ولا يسرى هذا الحكم
على الطرق البيولوجية الدقيقة، والمنتجات التى يتم الحصول عليها باستخدام هذه
الطرق".([6])
وقد نقلت تشريعات الدول الأوروبية هذا الحكم عن
اتفاقية ميونيخ. ففى سنة 1978 عدلت المادة 7 من قانون براءات الاختراع الفرنسى
الصادر سنة 1968 وقررت الفقرة (جـ) من المادة المذكورة بأن الاستثناء المتعلق
بأجناس الحيوانات والطرق البيولوجية فى معظمها لإنتاج النباتات والحيوانات من
قابلية الحصول على البراءة لا يسرى على الطرق البيولوجية الدقيقة والمنتجات التى
يتم الحصول عليها باستخدام هذه الطرق.([7])
(القانون رقم 68 – 742 الصادر فى 13 يوليو 1978 مادة 5) وكذلك
فعلت تشريعات الدول الأوروبية الموقعة على اتفاقية ميونيخ.
وقد
أسبغت النصوص التشريعية المتقدمة الحماية عن طريق البراءة على طرق استخدام
الكائنات الدقيقة، وعلى المنتجات التى يتم الحصول عليها باستخدام هذه الطرق،
ولكنها لم تعالج مسألة حماية الكائنات الدقيقة ذاتها عن طريق البراءة، وذلك لأن
حماية هذه الكائنات تصطدم بالمبادئ التقليدية الراسخة التى كان يقوم عليها نظام
براءات الاختراع، والتى تقضى باستبعاد الكائنات الحية بكافة أشكالها وأنواعها من
دائرة الحماية عن طريق البراءة.
دور القضاء الامريكي فى إرساء
مبدأ حماية الكائنات الحية:
وفى
سنة 1980 بدأت المبادئ التقليدية التى تقضى باستبعاد الكائنات الحية من الحماية عن
طريق البراءة فى التراجع عندما أصدرت المحكمة العليا فى الولايات المتحدة
الأمريكية Supreme Court of the United States The حكمها الشهير فى قضية Diamond v.
Chakrabarty([8])،
وقضت بصحة منح البراءة عن ابتكار نوع من البكتيريا لها قدره على إذابة المخلفات
البترولية، تم استنباطها عن طريق تغيير الجينات الوراثية. وقد أحدث هذا الحكم
تعديلاً جذرياً فى المبادئ التى يرتكز عليها النظام القانونى لبراءات الاختراع، إذ
قرر حماية الكائنات الدقيقة ذاتها عن طريق البراءة وليس مجرد طريقة استنباطها. وقد
تأثرت الأنظمة القانونية المقارنة إلى حد بعيد بهذا الحكم وبدأت فى الاتجاه نحو
اسباغ الحماية على الكائنات الدقيقة ذاتها عن طريق البراءة.
توفير
الحماية للنباتات المبتكرة:
لم
تكن التشريعات المقارنة تهتم بتوفير حماية للاصناف النباتية المبتكرة إلا حديثا،
إذ لم يكن توفير حماية للأصناف النباتية الجديدة يشغل بال الدول المتقدمة حتى وقت
قريب، غير ان الثورة التى أحدثتها التكنولوحيا الحيوية فى مجال الانتاج الزراعى
وما صاحب ذلك من تخصيص استثمارات ضخمة من أجل ابتكار نباتات جديدة تتميز بخصائص
فريدة من حيث وفرة الانتاج وموعد الحصاد وتحمل الجفاف والقدرة على مقاومة الافات
وغير ذلك من الخصائص الفريدة، فضلا عن ظهور شركات عملاقة متعددة القوميات تسيطر
سيطرة شبه كاملة على إنتاج التقاوي، كل هذه العوامل أدت إلى سعى الدول الكبرى نحو
توفير حماية كافية للأصناف النباتية الجديدة على المستوى الدولى وتدعيمها. ولم
يمنع مبدأ استبعاد الكائنات الحية من نطاق الحماية عن طريق براءة الاختراع الدول
المتقدمة من العمل على وضع أنظمة خاصة لتوفير نوع من الحماية للنباتات المبتكرة
الجديدة.
وقد
سعت عدة دول أوروبية الى وضع نظام قانوني لتوفير حماية للاصناف النباتية الجديدة
على المستوى الدولى وأسفرت الجهود التى بذلتها عن إبرام أول اتفاقية دولية فى هذا
المجال فى 2 ديسمبر 1961وهى الاتفاقية الدولية لحماية الاصناف النباتية الجديدة ([9])
International
Convention for the Protection of New Varieties of Plants .وقد
انشأت الاتفاقية اتحادا دوليا يضم الدول الأطراف فى الاتفاقية سمي بالفرنسية.
gétalesédes
Obtention V Union Pour la Protection ويعرف هذا الاتحاد باسم اليوبوف (UPOV)
نسبة الى الأحرف الأولى من تسميته باللغة الفرنسية وهو منظمة دولية مستقلة يقع
مقرها الرئيسي فى مدينة جنيف بسويسرا.
وقد
أدخلت على الاتفاقية الدولية لحماية الاصناف النباتية الجديدة (اتفاقية اليوبوف)
منذ إبرامها سنة 1961 عدة تعديلات لاحقة فى 10 نوفمبر 1972، 23 أكتوبر 1978،
وأخيراً فى 19 مارس 1991، وقد دخل هذا التعديل الاخير حيز التنفيذ فى 24 ابريل سنة
1998.
أما
فى الولايات المتحدة الامريكية فقد تم تعديل قانون براءات الاختراع فى سنة 1930 لإتاحة
حماية النباتات الجديدة عن طريق نوع خاص من براءات الاختراع سمي براءة الاختراع
النباتية Plant Patent ووفقا للقسم 161 من الجزء 35 من تقنين
الولايات المتخدة الامريكية (بعد التعديل) بمنح مبتكر النبات الجديد البراءة
النباتية اذا توافرت شروط الحماية. وتقتصر الحماية على النباتات الجديدة والمميزة
التى يتم اعادة انتاجها بغير طريق التكاثر الجنسي asexually
reproduction ومن ثم لا يسمح القانون الأمريكي يمنح البراءة النباتية للنباتات
الجديدة التى يتم اعادة انتاجها بطريق التكاثر الجنسي sexually
reproduction. وفى سنة 1970 صدر قانون حماية الاصناف النباتية Plant
Variet Protection Act,1970 وأضفى الحماية على أصناف النباتات الجديدة
التى يتم اعادة انتاجها بطريق التكاثر الجنسي([10])
وهى حماية أقل فى مستواها من الحماية المدعمة التى تمنح لاصحاب براءات الاختراع
وذلك لأن المبالغة فى تدعيم حماية الأصناف النباتية تؤثر سلبا على الانتاج الزراعى
ومصالح المزارعين. ويختلف نظام الحماية الخاص بالأصناف النباتية عن نظام البراءة
اذ يقرر حق المربين فى استخدام الصنف المحمى والاعتماد عليه فى استحداث صنف نباتي
جديد دون حاجة الى الحصول على ترخيص من صاحب الصنف النباتى المحمى، وهذا ما يعرف
بامتياز المربي breeders privilege . كما يعترف نظام حماية الاصناف النباتية
ضمنا بحق المزارع فى استخدام مواد التكاثر مثل البذور والتقاوى الناتجة من محصول
الصف المحمى الذى قام بزراعته فى إعادة زراعة الصنف من جديد وهذا ما يعرف بامتياز
المزارع famer's
privilege . ولذلك فإن النظام القانوني لحماية الاصناف النباتية لا يصل من
حيث المستوى الى مستوى الحماية المدعمة التى تمنحها قوانين براءات الاختراع
للمخترع، فهو أقل درجة من مستوى الحماية المقررة لبراءة الاختراع. ومن الجدير
بالذكر ان النباتات المبتكرة التى يتم اختراعها باستخدام علم الهندسة الوراثية
تحمى فى الولايات المتحدة الامريكية عن طريق براءة الاختراع Letter
Patent شأنها فى ذلك شأن الاختراعات التى تنتمى الى مجالات التكنولوجيا
الأخرى، اذا توافرت شروط الحماية.
وقد
توسعت الولايات المتحدة الامريكية فى حماية الاختراعات المتعلقة بالهندسة الوراثية،
ويخشى أن يؤدي هذا التوسع إلى حلول أصناف من الحيوانات والنباتات التى استنبطت
باستخدام الهندسة الوراثية محل الاصناف الأصلية مما يهدد بقاء التوع البيولوجي
ويسبب أضراراً جسيمة للبيئة([11])
ولقد أثارت بعض البراءات التى منحت فى الولايات المتحدة الأمريكية جدلاً يتعلق بأثرها
على سلامة البيئة والغذاء، مثل البراءة التى منحت على جميع أصناف القطن المعالج
وراثياً all
genetically engineered cotton varieties، وخولت للشركة مالكة البراءة بالتالى احتكار
جميع أنواع نباتات وبذور القطن المعالج وراثيا. وكذلك الأمر بشأن البراءة التى
منحها مكتب البراءة الاوروبية The European Patent Office
لشركة Agracetus عن
فول الصويا المعالح وراثيا، حيث شملت البراءة جميع أنواع فول الصويا التى يتم
انتاجها باستخدام البكتريا([12]).
موقف الدول النامية من حماية أصناف النباتات
الجديدة:
وبإلقاء
نظره على مواقف الدول النامية ـ قبل تطبيق اتفاقية التربس ـ نجد أن تشريعاتها لا
توفر أى حماية للاصناف النباتية الجديدة لا عن طريق براءة الاختراع ولا عن طريق أى
نظام قانوني خاص.
فعلى
سبيل المثال أوضحت المذكرة الايضاحية لقانون براءات الاختراع والرسوم النماذج
الصناعية المصري رقم 132 لسنة 1949(الملغي) فى التعليق على نص المادة الأولى من
القانون التى تقرر شروط منح براءة الاختراع أن النباتات ليست من قبيل الاختراعات
التى يشملها القانون بالحماية، وفى ذلك تقول: "لا يتناول النص المنتجات
الزراعية فى ذاتها كاستنبات نوع جديد من البذور أو الحاصلات فإن هذا لا يعتبر اختراعا
يشمله القانون بالحماية"، كما قررت المحاكم المختلطة ـ قبل صدور هذا القانون ـ
استبعاد المزروعات من الحماية عن طريق البراءة وقضت بأن بذور القطن المنتخبة لا
تشملها الحماية المقررة للاختراعات([13])
كما قررت المادة الثانية فقرة (ب) من ذات القانون صراحة ألا تمنح براءة اختراع
للاختراعات الكيميائية المتعلقة بالاغذية. وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون أن
الحكمة من استبعاد الاختراعات التي أشار إليها القانون من نطاق الحماية عن طريق
براءة الاختراع هي تجنب الأضرار التي يسببها احتكار هذه المواد للمجتمع.
المبحث
الثاني
موقف اتفاقية التربس من حماية الابتكارات
في مجال
الغذاء
والزراعة عن طريق براءة الاختراع
تمهيد: أوجبت
اتفاقية التربس على الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية إتاحة إمكانية الحصول
على براءات اختراع لكافة الاختراعات كقاعدة عامة. غير أنها أجازت للدول الأعضاء أن
تستثنى الحيوانات والنباتات من القابلية للحماية عن طريق البراءة. ومع ذلك فقد
ألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بتوفير حماية فعالة
للأصناف النباتية الجديدة. ونوضح ذلك في مطالب ثلاثة كالآتي:
المطلب
الأول
قابلية
جميع الاختراعات للحصول على البراءة
مبدأ قابلية كافة الاختراعات للحصول على
البراءة:
ألزمت
اتفاقية التربس الدول الأعضاء بأن تتيح إمكانية الحصول على براءات إختراع لكافة
الاختراعات سواء أكانت منتجات أم عمليات صناعية فى كافة ميادين التكنولوجيا([14]). وقد
أوجب هذا الحكم على جميع الدول الأعضاء حماية كافة طوائف الاختراعات عن طريق
البراءة أيا كان المجال التكنولوجى الذى ينتمى إليه الاختراع.
ويلزم
هذا الحكم الدول الأعضاء التى تستبعد تشريعاتها الاختراعات الدوائية والكيميائية
والغذائية من نطاق الحماية عن طريق البراءة، أو الدول التي تقصر منح البراءة على
الاختراعات المتعلقة بالطرق الصناعية دون الاختراعات المتعلقة بالمنتجات بتعديل
قوانينها بما يتوافق مع أحكام الاتفاقية([15]).
وهذا يقتضى تعديل تشريعاتها لإتاحة منح براءة المنتج وبراءة الطريقة الصناعية عن
الاختراعات الغذائية، شأنها فى ذلك شأن الاختراعات التى تنتمى إلى المجالات
التكنولوجية الأخرى.
مبدأ
عدم التمييز بين الاختراعات:
كما
أوجبت المادة 27/1 من الاتفاقية على الدول الأعضاء عدم التمييز بين الاختراعات
فيما يتعلق بمنح البراءة أو التمتع بحقوق ملكيتها على أساس مكان الاختراع، أو
المجال التكنولوجى الذى ينتمى إليه، أو ما إذا كانت المنتجات مستوردة أم منتجة
محلياً.
ومن
ثم لا يجوز للدول الأعضاء أن تميز فى المعاملة بين الاختراعات التى ابتكرت فى داخل
إقليمها والاختراعات التى تم التوصل إليها فى الخارج سواء فيما يتعلق بإمكانية
الحصول على البراءة، أو الحقوق التى تمنح لأصحابها وسواء كان المخترع وطنيا أم
أجنبياً، ([16])
كما لا يجوز التفرقة فى المعاملة بين الاختراعات على أساس المجال التكنولوجى الذى
ينتمى إليه الاختراع. ولا يقتصر تطبيق مبدأ المساواة فى المعاملة بين الاختراعات
على المساواة فيما بينها من حيث إمكانية الحصول على البراءة، بل يمتد تطبيق مبدأ
المساواة، إلى التمتع بحقوق ملكية البراءة.
كما
أوجبت اتفاقية التربس في المادة 27 فقرة 1 على الأعضاء في منظمة التجارة العالمية
أن تتيح إمكانية الحصول على براءات اختراع لكافة الاختراعات سواء أنصب الاختراع
على منتج أو عملية صناعية في كافة ميادين التكنولوجيا.
ومن
ثم فقد ألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء التى تميز بين الاختراعات التى تنتمى إلى
مجالات تكنولوجية مختلفة بأن تعدل هذا الحكم لتقرير المساواة فى المعاملة بين
طوائف الاختراعات المختلفة من حيث شروط منح البراءة، والتمتع بحقوق ملكيتها، سواء
كانت البراءة تنصب على منتج جديد أو على طريقة صناعية جديدة، وسواء كان المخترع
وطنيا أم أجنبيا مؤهلا للحماية.
ومن
الجدير بالذكر أن التفرقة فى المعاملة بين الاختراعات من حيث مدة الحماية كانت مقررة
فى تشريعات كثير من الدول النامية. ففى مصر كان قانون براءات الاختراع والرسوم
والنماذج الصناعية القديم رقم 132 لسنة 1949 يحدد فى المادة 12 مدة البراءة بخمسة
عشر سنه تبدأ من تاريخ طلب البراءة ، ويجوز تجديدها مرة واحدة لمدة لا تتجاوز خمس
سنوات، غير أن البراءة التى تمنح عن الاختراعات الكيميائية المتعلقة بالأغذية أو
العقاقير الطبية أو المركبات الصيدلية ـ وهى براءة الطريقة الصناعية دون براءة
المنتج ـ مدتها عشر سنوات غير قابلة للتجديد.([17])
وفى الهند كان قانون براءات الاختراع الهندى الصادر سنة 1970يحدد مدة البراءة
كقاعدة عامة بـ 14 سنة، غير أن القانون حدد مدة البراءة التى تمنح للأدوية
والأغذية ـ وهى براءة الطريقة الصناعية دون براءة المنتج ـ بـ 5 سنوات من تاريخ
القرار النهائى بمنح البراءة أو 7 سنوات من تاريخ طلب الحصول على البراءة أيهما أقصر ([18]).
وحيث أن المادة 27/1 من اتفاقية التربس تلزم الدول الأعضاء بعدم التفرقة فى
المعاملة بين الاختراعات فقد أوجب هذا الحكم على جميع الدول الأعضاء التى تتضمن
تشريعاتها أحكاماً تماثل ما تضمنه القانون المصرى والقانون الهندى من أحكام إلغاء
التفرقة فى المعاملة بين الاختراعات الدوائية والكيميائية والغذائية وغيرها من طوائف
الاختراعات الأخرى.
([1]
) وينطبق ذلك أيضا على كافة المنتجات الأخرى وأهمها المنتجات الدوائية .
(2) أعتمد الاعلان
العالمى لحقوق الإنسان بقرار من الجمعية العامة للامم المتحدة فى 10 ديسمبر 1948
(3) اعتمد العهد الدولى
للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى
16 ديسمبر 1996
(4) راجع فى المعنى
العلمى للأحياء الدقيقة قاموس :
Coombs J. Macmillan Dictionary of biotechnology, Macmillan, London,
1986.
([5]) The European Patent Convention(EPC),1973
(6) حظرت تشريعات معظم
الدول الاوروبية منح براءة اختراع للحيوانات والنباتات. ومعظم هذه الدول منضمة الى اتفاقية البراءة
الاوروبية لسنة 1973 The
European Patent Convention (EPC) . وجدير بالذكر ان الاتفاقية وضعت نظاما لإصدار براءة
إقليمية فى الدول الاوروبية المنضمة اليها .
7) المادة 7 من قانون براءات الاختراع الفرنسى
الصادر سنة 1968كانت تحمل رقم. 611-17 L.فى تقنين الملكية الصناعية الفرنسى الصادر بالقانون رقم
92-597 فى أول يوليه1992 (عدلت بالقانون رقم 94-653 فى 29 يوليه 1994) ،
وكانت تنص على أنه :
“ Ne sont pas brevetables:
………………………………………………… .
c) les races animales
ainsi que les procedes essentiellement biologiques d’obtention de vegetaux ou
d’animaux, cette disposition ne s’appliquant pas aux procedes microbiologiques
et aux produits obtenus par ces procedes.”
وقد
عدلت هذه المادة فى سنة 2004 وحلت محلها
المادة 19-611
فى تقنين الملكية الفكرية
الفرنسى الجديد.
( انظر : Francis & Collins, “ Cases and Materials on Patent
Law “,1995 p. 516 .
(9) وقد سنت بعض الدول
تشريعات وطنية لتوفير حماية من نوع خاص للاصناف النباتية استرشادا بأحكام اتفاقية اليوبوف.
([10])أنظر : Francis & Collins,
Cases and Materials on Patent law including Trade Secrets- Copyrights-
Trademarks. Fourth edition (1995) .p.692
([11]) انظر لمزيد من
التفاصيل فى أثر اتفاقية التربس على الزراعة فى الدول النامية والاضرار التى قد
تلحق بالبيئة.
Carliene Brenner, Intellectual Property Rights
and Technology Transfer in Developing Country Agriculture: Rhetoric and Reality
,Paris, 1998,
OECD Publications.
([12]) البراءة الأوربية ) EP 0310749 B1
)
([13]) استئناف مختلط 13
نوفبر 1929 ، بلتان، ص 33
(14) وقد نصت المادة 27/1 من الاتفاقية على ذلك
بقولها : " مع مراعاة أحكام الفقرتين 2،3 ، تتاح إمكانية الحصول على براءات
اختراع لأى اختراعات ، سواء أكانت منتجات أم عمليات صناعية ، فى كافة ميادين
التكنولوجيا ، شريطة كونها جديدة وتنطوى على "خطوة إبداعية " وقابلة
للاستخدام فى الصناعة . ومع مراعاة أحكام الفقرة 4 من المادة 65، والفقرة 8 من
المادة 70 ، والفقرة 3 من هذه المادة، تمنح براءات الاختراع ويتم التمتع بحقوق
ملكيتها دون تمييز فيما يتعلق بمكان الاختراع أو المجال التكنولوجى أو ما إذا كانت
المنتجات مستوردة أم منتجة محلياً ".
(15) ومن هذه التشريعات قانون براءات الاختراع
والنماذج الصناعية المصرى القديم رقم 132
لسنة 1949، حيث أن المادة الثانية (ب) من القانون كانت لاتجيز منح البراءة عن
الاختراعات الكيميائية المتعلقة بالأغذية أو العقاقير الطبية أو المركبات الصيدلية
إلا إذا كانت هذه المنتجات تصنع بطريق عمليات كيميائية خاصة وفى هذه الحالة
الأخيرة لاتنصرف البراءة إلى المنتجات ذاتها بل تنصرف إلى طريقة صنعها .
(16) اقرت اتفاقية التربس مبدأ المعاملة الوطنية
وبموجب هذا المبدأ لا يجوز التمييز بين الوطنى والاجنبي. ومن الجدير بالذكر أن بعض
التشريعات المعمول بها قبل تطبيق اتفاقية التربس كانت تمنح بعض حقوق الملكية
الفكرية للوطنيين دون الأجانب. ومن الأمثلة على ذلك قانون كوريا الجنوبية الذى
يمنح براءة الاختراع عن المنتجات الدوائية المبتكرة للوطنيين ويحظر ذلك على
الأجانب. وقد حظرت اتفاقية التربس التمييز فى المعاملة بين الوطنى والأجنبى وأقرت
مبدأ المعاملة الوطنية بمقتضى المادة الثانية من الاتفاقية . وهذا المبدأ كان
معمولا به بموجب اتفاقية باريس فى الملكية الصناعية لسنة 1883قبل اتفاقية التربس.
(
17) وقد تأثرت قوانين براءات الاختراع فى
الدول العربية إلى حد كبير بأحكام قانون براءات الاختراع المصرى رقم 132 لسنة
1949، ونقلت كثيراً من أحكامه . فعلى سبيل المثال نقل قانون براءات الاختراع
والرسوم والنماذج الصناعية الكويتى القديم رقم 4 لسنة 1962 فى مادته 12 ذات حكم
المادة 12 من القانون المصرى . ومن الجدير بالذكر أن القانون رقم 4 لسنة 1999 بتعديل بعض أحكام قانون
براءات الاختراع الكويتي قد ألغى التفرقة بين طوائف الاختراعات المختلفة بما
يتوافق مع أحكام اتفاقية التربس .
(18) وهذه المدة تقل عن المدة التى
حددتها اتفاقية التربس، إذ وضعت المادة 33 من الاتفاقية حداً أدنى لمدة البراءة
وهو 20 ،سنة تحسب اعتباراً من تاريخ التقدم بطلب الحصول على البراءة ، ويسرى هذا
الحكم على كافة طوائف الاختراعات بدون تمييز.