إلغاء القرار الإداري لحياده عن الهدف المخصص لإصداره
تمهيد و تقسيم :
للقرار الإداري هدفان أولهما تحقيق المصلحة العامة و ثانيهما تحقيق الهدف الذي
خصصه المشرع لإصدار هذا القرار 0
فإذا حاد مصدر القرار عن هما غدا قراره باطلا لكونه مشوبا بالانحراف في استعمال
السلطة ذلك العيب الهام من عيوب قرار الإداري الموجب لإلغائه والمتمثل في استخدام
رجل الإدارة لسلطاته بغية تحقيق غاية غير مشروعة لتعارضها مع المصلحة العامة أو مع
الهدف الذي حدده القانون لإصدار القرار 0
و نظرا لما يتسم به الانحراف عن الهدف المخصص من أهمية و غموض سبه اتسامه بالدقة ,
ففيه يكون القرار باطلا حتى لو ابتغى مصدره تحقيق مصلحة عامة 0
و تنظرا لأن كتب الفقه على كثرتها لم تعني بهذا الموضوع برغم أهميته البالغة في
الحفاظ على حقوق الأفراد و حرياتهم تجاه تعسف الإرادة 0
لذا فقد آثارنا إلقاء الضوء – على هذا الموضوع من خلال مبحثين في أولهما نضع
تحديدا لمفهوم قاعدة تخصيص الأهداف و في ثانيهما نحصر أوجه الانحراف عن قاعدة
تخصيص الأهداف و في ثانيهما نحصر أوجه الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف المتمثلة
في الخطأ في تحدي الأهداف المنوط برجل الإدارة تحقيقها و الخطأ في استعماله لوسائل
تحقيق هذه الأهداف 0
المبحث الأول
تحدي مفهوم قاعدة تخصيص الأهداف
إذا كانت القاعدة أن القرارات الإدارية جميعها و بغير استثناء يجب أن تستهدف تحقيق
المصلحة العامة فإن هناك أيضا قاعدة أخرى تضاف إلى هذه القاعدة و تكملها و تقضي
بوجوب استهداف القرارات الإدارية تحقيق الأهداف الذاتية المتخصصة التي عينها
المشرع في المجالات المحددة لها 0
و يكون القرار الإداري مشوبا بالانحراف في السلطة في هذه الحالة , كلما كان الباعث
على اتخاذه هو تحقيق هدف غير الذي أراده المشرع حين منح الإدارة السلطة في اتخاذ
هذا القرار بالذات و و لا يهم بعد ذلك أن يثبت إن الإدارة كانت تهدف من القرار
الذي اتخذته تحقيق مصلحة عامة , ما دامت هذه المصلحة غير المصلحة التي حددها
المشرع 0
فالفرق بين الانحراف عن المصلحة العامة و الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف أنه في
حالة انحراف عن مبدأ تخصص الأهداف يكون العضو الإداري حسن النية لا يبغي إلا تحقيق
الصالح العام , و لكنه يستخدم ما بين يديه من وسائل لتحقيق أغراض مما لا يجوز
تتحقق بتلك الوسائل أو مما لا يختص بتحقيقها 0
و معنى ذلك أن لكل قرار إداري هدفين , أحدهما خاص و هو الذي حدده القانون أو
يستفاد من طبيعة الاختصاص و هذا الهدف تختلف و درجة تحديده من حالة إلى حالة أخرى
كما أن له دائما هدفا عاما و هو المصلحة العامة 0
و التخصيص قد يستفاد من صراحة النص حيث حدد المشرع هدفا خاصا لقرارات وزير التموين
هو توفير المواد التموينية للمواطنين و تحقيق العدالة في توزيعها فإذا استهدفت هذه
القرارات تحقيق أكبر عائد اقتصادي للدولة فإنها تكون مشوبة بالانحراف بالسلطة و
كذلك القرار الصادر بوقف العامل المحال للتحقيق عن العمل , يجب أن يكون الهدف منه
هو تحقيق صالح التحقيق فإذا كان الهدف منه إسناد عمله إلى أخر كفء فإن هذا القرار
يكون مشوبا بالانحراف في استعمال السلطة 0
و قد يستخلص الهدف المخصص من روح التشريع أو طبيعة الاختصاص فقد حدد المشرع مثلا
لسلطات الضبط الإداري هدفا محددا , و هو المحتفظة على النظام العام فإذا استعملت
الإدارة سلطاتها في هذا الخصوص لغير هذا الهدف كان قرارها مشوبا بعيب الانحراف
بالسلطة حتى و لو كان الهدف لا بجانب الصالح العام 0
و في حالة عدم تحديد المشرع للهدف لخاص الذي يتعين أن يحققه القرار يكون تحديد هذا
الهدف متروكا لتفسير القاضي و استخلاصه لمراد المشرع و قصده , حيث يستعمل سلطته
التقديرية في تحدي الأهداف الخاصة للقرار بكل الوسائل المكنة كالرجوع إلى الأعمال
التحضيرية و المذكرات التفسيرية و تتبع المناقشات التي دارت حول القانون 0
و مفاد ذلك أنه لا يكون للقاضي أي دور أو اجتهاد في تحديدي الهدف الخاص إذا ما كشف
عنه المشرع صراحة و إنما يتعين عليه أن يعمل على تحقيقه و على العكس من ذلك يكون
له دور بارز في استخلاصه على نحو ما رأينا إذا لم يكشف عنه المشرع 0
و علة تطبيق قاعدة تخصيص الأهداف أن الجهاز الإداري بمختلف فروعه و تعدد أطرافه و
تكاثر مسئولياته لا يمكن أن يتيح لأي فرد من أعضاء هذه النظام الضخم أن يأخذ على
عاتقه تحقيق طائفة خاصة من المصالح العامة دون الطوائف الأخرى حيث إن التنظيم
الهيكلي للإدارة الذي يترتب عليه أن السلطة الممنوحة للموظف يقابلها مجال معين من
المصلحة العامة يتعين عليه تحقيقه و عدم خلطه مع مجالات المصلحة العامة الأخرى 0
فالقانون هنا عين له الهدف وحدده و الذي من أجل بلوغه منحه السلطة فإن هو استخدم
هذه السلطة للوصول إلى هدف أخر و لو كان يحقق مصلحة عامة فإن قراره يكون مشوبا
بالانحراف بالسلطة 0
و يرى جانب من الفقه أن ضرورة الانحراف بالسلطة المتمثلة في مخالفة قاعدة تخصيص
الهداف أقل خطورة من صورته المتمثلة في مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف أقل خطورة من
صورته المتمثلة في مجانية المصلحة العامة لأن رجب الإدارة في الحالة الأولى لم
يتجاوز نطاق الصالح العام ليعمل على تحقيق صالح شخصي و إنما اقتصر على مخالفة
الهدف الذي حدده له المشرع و جعل قراراته مرصودة على تحقيقه كما إنه في حالة
الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف يكون العنصر الإداري حسن النية لا يبغي إلا تحقيق
الصالح العام و إن استخدم ما بين يديه من وسائل لتحقيق أغراض مما لا يجوز أن تتحقق
بتلك الوسائل أو مما لا يختص تحقيقها 0
إلا أن هناك جانب أخر من الفقه ذهب بحق إلى أن ذلك لا ينفي خطورة الانحراف عن
قاعدة تخصيص الأهداف و ذلك بالنظر إلى الآثار المترتبة عليها من اعتداء على حقوق
الأفراد لا يعنيهم أن كون الهدف المبتغي من تصرف الإدارة قصدت به تحقيق مصلحة عامة
أم لا إنما يعنيهم ما موقع عليه من اعتداء سبه خروج الإدارة عن قاعدة تخصيص
الأهداف 0
و قد وجدت هذه القاعدة تطبيقا لها في قضاء مجلس الدولة الفرنسي حيث دأب على إلغاء
قرارات الإدارة التي يثبت لديه خروجها عن تحقيق الهدف المخصص 0
حيث قضى بإلغاء قرار المحافظ و الصادر بتقرير المنفعة العامة لقطعة أرض مملوكة
للسيد BARON و ذلك
للانحراف بالسلطة حيث تبين للمجلس من الظروف المحيطة بالدعوى أن ما أعلنته البلدية
من ضرورة المحافظة على الطابع الهادئ للمنطقة السكنية المجاورة للأرض المذكورة ليس
من الأهداف التي لأجلها يتقرر نزع الملكية للمنفعة العامة 0
كما قضى بإلغاء قرار المحافظ الصادر بتقرير المنفعة العامة للأرض المملوكة للسيد SCHEWARTZ لإنشاء ملاهي و حمام سباحة , ذلك أن
القرار لا هدف إلى المحافظة على صحة العامة و إنما يهدف إلى تطوير أنشطة الترفيه
الخاصة بالبلدية 0
و قد كان إلغاء مجلس الدولة لقرار المحافظ في القضيتين سبه خروج المحافظ على الهدف
المخصص لتقرير المنفعة العامة و هو المحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاثة و
كان إلغاء مجلس الدولة للقرارين بالرغم من ابتغائهم تحقيق مصلحة عامة 0
و قد كان لمجلس الدولة المصري ذات الموقف الذي يؤكد ضرورة احترام قرارات الإدارة
للهدف الذي حدده المشرع لإصدارها و إلا قضى بإلغائها لخروجها على قاعدة تخصيص
الأهداف 0
فقد كان لمحكمة القضاء الإداري منذ البداية موقف واضح في هذا الشأن حيث ذهبت إلى
أنه " لا يجوز اتخاذ أي من التدابير أو الإجراءات التي يجيزها الشارع ,
لتحقيق هدف أخر مغاير للهدف الأساسي الذي قصد إليه الشارع و لو كان هذا الهدف
محققا للصالح العام بمعناه لشامل , و ذلك تطبيقا لقاعدة أصولية هي المصطلح على
تسميتها قاعدة تخصيص الأهداف و جزاء مخالفة تلك القاعدة بطلان تلك القرارات لكونها
مشوبة بالانحراف بالسلطة و الذي يتمثل في عدم احترام الإدارة لركن الغاية من
التشريع 0
و إذا كان قضاء محكمة القضاء الإداري قد اتسم منذ البداية بإدخال مخالفة قاعدة
تخصيص الأهداف ضمن حالات الانحراف بالسلطة فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد مر
في هذا الشأن بمرحلتين ففي البداية لم تسلم المحكمة الإدارية العليا بما ذهبت إليه
محكمة القضاء الإداري , و قدمت أحكام تضييق فيها من نطاق الانحراف بالسلطة بحيث تقتصره
على حالة استهداف مصلحة خاصة فقط دون حالة مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف حيث كانت
تشترط لقيام الانحراف بالسلطة توافر سوء النية لدى مصدر القرار الإداري و لذلك قضت
بأنه " إذا لم يكن لدى الإدارة هذا القصد , بدافع من هوى أو تعد " أو
انتقام فلا قيام لعيب إساءة استعمال السلطة 0
غير أن الفقه انتقد هذا التطبيق لعيب الانحراف بالسلطة حيث لم يلق استجابة لديه
استنادا لعيب الانحراف بالسلطة يقوم مع حسن النية إذا خالفت الإدارة قاعدة تخصيص
الأهداف 0
و قد عدلت المحكمة الإدارة العليا في أحكامها اللاحقة لحكم السابق عن مذهبها في
التضييق من نطاق عيب الانحراف بالسلطة آخذة بوضوح بقاعدة تخصيص الأهداف حيث قضت
بأنه " ‘ذا ما عين المشرع غاية محددة , فإنه لا يجوز لمصدر القرار أن يستهدف
غيرها و لو كانت هذه الغاية تحقيق مصلحة عامة "
و قضت أيضا بعدم شرعية قرار ضبط بإغلاق سوق خاصة يوم الاثنين من كل أسبوع ليحقق
رواج سوق مجلس قروي الوسطي الذي أصابه الركود 0
و أخيرا قضت بانعدام قرار ضبط تضمنه ترخيص سوق عمومي يستهدف مصلحة مالية بتخويل
المرخص له تحصيل مقابل إشغال الطريق العام للمجلس المحلي 0
و الواقع أن ما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا من عدم اشتراط سوء نية مصدر
القرار للقضاء بالانحراف بالسلطة هو قضاء محمود فإلى جانب ما يترتب عليه من إدخال
مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف ضمن حالات الانحراف بالسلطة فإن فيه تشديدا لقبضة
القضاء على رجل الإدارة الذي ينحرف بسلطته حيث أنه في ظل القضاء السابق و الذي
يشترط سوء النية يوسع رجل الإدارة الإفلات من إلغاء قراراه لمجرد إثباته أنه كان
حسن النية حين أصدر و يترتب على ذلك الهروب من الإلغاء مما يؤدي إلى الإضرار
بمصلحة من اعتدى القرار المشوب بالانحراف على حقوقه و حرياته و الذي كل ما يصبو
إليه هو إلغاء هذا القرار الخاطئ و التعويض عن الأضرار التي مني بها من جرائه , و
لا يعنيه في سيئ ما إذا كان رجل الإدارة سيئا أو حسن النية 0
و مما ساعد على انتشار الانحراف بالسلطة المتمثل في الانحراف عن قاعدة تخصيص
الأهداف قيام نظام لا مركزي تتمتع فيه السلطات الإقليمية و المركزية بجانب كبير من
الاستقلال في استعمال سلطتها فعيب الانحراف يستلزم قيام سلطة تقديرية و من الطبيعي
ألا يخطئ العضو الإداري خطأ من هذا القبيل إلا إذا تنوعت السلطات التي تحت يديه و
كان له بعض الحرية في استعمالها 0
و للانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف وجهان يضمان صورا عديدة سوف تكون موضوع المبحث
التالي :
المبحث الثاني :
أوجه الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف
تمهيد و تقسيم :
قد يقدم رجل الإدارة نتيجة لخطأ فني وقع فيه على إصدار قرار لتحقيق مصلحة عامة لم
يوكل إليه أمر لتحقيقها و قد يقدم على تحقيق مسلحة عامة مكلف بتحقيقها و لكنه
استخدم في ذلك وسائل غير تلك التي قررها لمشرع لتحقيق هذه المصلحة
و في تلك الحالتين يرتكب رجل الإدارة انحرافا بالسلطة ممثلا في قاعدة مخالفة تخصيص
الأهداف 0
و لإيضاح ما أجملناه سوف نتناول أوجه الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف و ذلك في
مطلبين على النحو الآتي :
المطلب الأول :
الخطأ في تحديد مدى الأهداف المنوط بالموظف تحقيقها 0
المطلب الثاني :
الخطأ في استعمال رجل الإدارة لوسائل تحقيق الهداف 0
المطلب الأول
الخطأ في تحديد مدى الأهداف المنوط
بالموظف تحقيقها 0
تمهيد و تقسيم :
في هذه الصورة يستعمل رجل الإدارة سلطته التقديرية في تحقيق أهداف عامة غير منوط
به في تحقيقها حيث إن القانون لم يجعلها من بين الأهداف التي يتعين على رجل
الإدارة أن يحققها باستعمال ما بين يديه من سلطات 0
و في هذه الصورة من صور الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف يتصف عيب الانحراف
بالسلطة بعيب عدم الاختصاص لأن عضو الإدارة يحاول أن يحقق غرضا قد جعله القانون من
اختصاص عضو إداري أخر 0
و تظهر تطبيقات هذه الصورة بمناسبة استعمال الإدارة لسلطاتها المقررة في الاستيلاء
أو في استعمالها لسلطتها بقصد فض نزاع ذي صبغة خاصة أو قيام إحدى الهيئات بمنع
خدماتها عن أحد المواطنين لإجباره على القيام بتصرف معين 0
و سوف نفصل ذلك في الفروع التالية :
الفرع الأول : الانحراف في استعمال سلطة الاستيلاء 0
الفرع الثاني : استعمال السلطة الإدارية لفض نزاع ذي صبغة مدنية 0
الفرع الثالث : منع خدمات الإدارية عن أحد الأفراد لإجباره على إتيان تصرف معين 0
الفرع الأول
الانحراف في استعمال سلطة الاستيلاء
يعد الاستيلاء من الممكنات الخطيرة التي تملكها الإدارية و التي يمكن أن تهدد
ملكية الأفراد و حقوقهم المالية و بالتالي فإنه من المحتم أن ينفذ تنفيذا دقيقا في
حدود القانون و دواعيه و البواعث المشروعة لدى الإدارة لإعمال هذا الامتياز على
خطورته يمكن أن تجد تبريرها في أن الإدارة مكلفة بإقامة و رعاية الصالح العام , و
قد يكون الاستيلاء وسيلة لحصول الإدارة على بعض احتياجاتها التي أعوزتها الوسائل
العادية في الحصول عليها و قد كون وسيلة لمواجهة ظروف طارئة قد تهدد الأمن الداخلي
أو الخارجي لمواجهة كارثة عامة و نحو ذلك 0
و قد عرف بعض الفقهاء الاستيلاء بأنه عملية تقوم بها السلطة الإدارية من جانب واحد
و بإرادتها المنفردة في مواجهة شخص طبيعي أو معنوي يلزم هذا الأخير بموجبها بأن
يقدم لها أو للغير خدمة معينة أو عقارا معينا لاستخدامه أو منقولا لاستخدامه أو
تملكه و ذلك من أجل إشباع احتياجات طارئة و مؤقتة تتعلق بالمصلحة العامة في ظل
الشروط المقررة قانونا 0
و إذا كان المشرع يمنح الإدارة سلطة الاستيلاء على المواد الغذائية و الأولية و
المساكن و غيرها فإن هي حادت عن تلك الأغراض مبتغية تحقيق غيرها فإنها تكون قد
انحرفت بتلك السلطة عن غاياتها مما يستتبع إلغاء قرار الإدارة لانحرافها بسلطتها
في إصداره و مبرر إلغاء
القرار في هذه الحالة أن الإدارة لانحرافها بسلطتها في إصداره و مبرر إلغاء القرار
في هذه الحالة أن الإدارة انحرفت عن الهدف المخصص لقرارها و الذي بموجبه منحت سلطة
الاستيلاء حيث إنها استعملت أحكام القانون في غير ما أعدت له 0
و قد استقر قضاء مجلس الدولة المصري و الفرنسي على إلغاء قرارات الإدارة التي
تنحرف فيها عن الهدف الذي حدده لها المشرع من استعمال سلطة الاستيلاء حيث قضت
المحكمة الإدارية العليا أنه " 000 حيث يستفاد من دفاع الوزارة 00 أنها تقرر
بأن ذلك الاستيلاء الذي خصت به معصرة المدعي دون معاصر البلاد إنما قررته بسبب
الشكاوى لم تسفر عن إدانة المدعي إذ انتهت جمعا إلى الحفظ إلا أن الوزارة لم تسلم
بذلك , و قرت الاستيلاء و نفذته قبل أن يتم التحقيق نهائيا في تلك الشكاوى إذن
فيكون الاستيلاء و الحالة هذه جزاء قصدت الإدارة توقيعه على المدعي بتسخير أحكام
المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بالاستيلاء في غير ما أعد له و تكون الوزارة
بتصرفها هذا قد أساءت استعمال سلطتها و انحرفت عن الغاية التي وضعت لها مما يعيب
القرار المطعون فيه و يوجب إلغائه 0
و هذا الحكم يؤكد إن إلغاء قرار الاستيلاء على المعصرة موضوع الدعوى يجد سنده في
أن قرار الاستيلاء فقد مبرره في تأمين تمويل البلاد من التلاعب و الجشع بعد ما
أثبتت التحقيقات عدم صحة الشكاوى المقدمة ضد صاحب المعصرة بل إن الإدارة لم تنظر
على ما سوف تسفر عنه تلك التحقيقات مما جعل المحكمة تستشف من ذلك وجود نية مسبقة
لدى الإدارة في الاستيلاء بغض النظر عن توافر شروطه مسخرة في ذلك أحكام القانون في
غير ما قصدت إليه و من ثم كان قرار الاستيلاء مشوبا بالانحراف بالسلطة مستوجبا
الإلغاء 0
و الاستيلاء باعتباره قيد على حق الملكية فإنه يشترط لمشروعيته أن يكون قد تقرر
لضرورة قصوى و يسقط الاستيلاء بانتهائها باعتباره إجراء مؤقت بطبيعته و يلزم هذا
الإجراء أيضا تحقيق الهدف الذي تغياه المشرع منه و قد أرست هذه المبادئ المحكمة
الإدارية العليا في أحدث أحكامها و الذي ذهبت فيه إلى أنه لا يجوز للجهة الإدارية
المختصة اللجوء إلى الاستيلاء على عقارات الأفراد لحاجة التموين إلا في حالة
الضرورة القصوى و التي يتعذر معها على الإدارة تدبير احتياجاتها بالطريق الطبيعي و
من ثم يكون بهذه المثابة ذو طبيعة مؤقتة 000 كما أنه
يلزم لمشروعية قرار الاستيلاء وسيلة استثنائية , تتضمن قيدا على حق الملكية عبثا
عليها لا يبره إلى الصالح العام الذي يحدده المشرع صراحة في القانون و من ثم لا
يجوز لوزير التموين اللجوء إليها إلا إذا استنفذت جميع الوسائل العادية المتاحة و
لم يجد بعدها إلى هذه الوسيلة الاستثنائية لتحقيق الهدف الذي تغياه المشرع من ضمان
تزويد البلاد بالمواد التموينية و تحقيق العدالة في توزيعها فيكون في هذه الحالة
ضرورة ملحة اقتضاها الصالح العام , شريطة أن تدر هذه الضرورة بقدرها و ألا تجاوز
حدودها "
و قد أصدرت المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن حكما هاما حين قضت عدم دستورية
المادة الأولى من القانون رقم 52 لسنة 1955 بتخويل وزير التعليم سلطة الاستيلاء
على العقارات اللازمة للوزارة و معاهد التعليم و من بين ما استندت إليه المحكمة في
حكمها أن البين من النصوص التي تضمنها القانون المطعون فيه أن الاستيلاء وفقا
للأحكام التي تضمنته مادته الأولة ليس موقوتا بل متراخيا إلى غير حد و موكول
انتهاؤه إلى السلطة التقديرية لوزير التعليم و تخرج بذلك الأموال من السلطة
الفعلية لأصحابها 000 مما يعتبر غصبا لها يحيل أصلها عدما بل إن اغتيالها على هذا
النحو يمثل أسوأ صور العدوان عليها لاتخاذه الشرعية ثوبا و إطارا و انحرافه عنها
قصدا و معنى فلا تكون الملكية التي كفل الدستور صونها إلا سرابا و وهما 0
و في هذا الحكم إلهام للمحكمة الدستورية العليا اعتبرت أن الاستيلاء المؤقت يخرج
عن مضمونه إذا فقد صفة التأقيت , و ذهبت إلى أن في ذلك انحرافا عن المشروعية أي
انحرافا في استعمال السلطة 0
و قد استعملت الإدارة الفرنسية سلطة الاستيلاء مدفوعة في ذلك بظروف الحرب و ما
خلفته من
مشكلات تمتد إلى نعظم نواحي الحياة لا سيما ما تعلق منها بالغذاء و المسكن إلا أن
هذه السلطة باعتبارها سلطة استثنائية كانت محددة دائما بالغرض الذي من أجله منحت و
قد عني المشرع الفرنسي بتحديد تلك الأغراض فإذا ما غفلت عنها الإدارة سهوا أو عمدا
ألغي مجلس الدولة قراراها لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء القرار الإداري
الصادر بالاستيلاء على كمية جبن مملوكة للطاعن لأنه قام بتصدير كمية جبن غير
مشروعة و قد قرر مجلس الدولة في هذا الحكم " و حيث إن قرار مدير التموين
بالاستيلاء على كمية جبن مملوكة للطاعن إنما من أجل توقيع جزاء عليه لقيامه بتصدير
كمية جبن بطريقة غير مشروعة و بالتالي فإن الإدارة تكون قد استعملت حقها في
الاستيلاء من أجل غرض أخر يختلف عن الغرض الذي تقرر هذا الحق من أجله و بناء عليه
فإن قرار الاستيلاء يكون مشوبا بالانحراف بالسلطة "
الفرع الثاني :
استعمال الإدارة سلطتها في فض نزاع مدني
لكل سلطة من سلطات الدولة الثلاثة اختصاص ثابت يتعين عليها التزام حدوده ليكون
عملها مشروع 0
و إذا كان المشرع قد خص السلطة القضائية بالفصل فيما ينشأ بين الأفراد من نزاع و
حسمه بحكم قضائي تنفيذه ملزم للكافة , فإن محاولة اسلطة الإدارية الإطلاع بهذا
الدور يجعل ما يصدر عنها من قرارات في هذا الشأن خارجة عن نطاق المشروعية مشوبة
بالانحراف بالسلطة و ذلك بالرغم من نبل الغاية و استهدافها تحقيق صالح عام متمثل
في تحقيق السلام الاجتماعي 0
و ترجع عدم مشروعة عمل الإدارة في هذه الخصوص إلا إن الإدارة استعملت سلطتها في
غير ما أعهدت له بالإضافة إلى اعتدائها على السلطة القضائية الأصيل في فض ما ينشأ
بين الأفراد من نزاعات كما أن الإدارة بحكم تكوينها و طبيعة أداءها لنشاطها غير
مؤهلة أصلا لفض النزاعات التي ذات الصيغة المبينة التي تنشأ بين الأفراد حيث أن القضاء
هو الأولى بممارسة هذا الدور لما يتمتع به من حيدة و نزاهة و استقلال 0
من أجل ذلك كان ما تصدره الإدارة من قرارات مستعملة فها سلطتها قاصدة فض نزاع ذي
صبغة مدنية يكون مصيرها دوما الإلغاء القضائي 0
و هذا النوع من الانحراف كثيرا ما يرتكبه المحافظون و غيرهم من رجال الإدارة فتأتي
قراراتهم مشوبة بعيب الانحراف بالسلطة حيث استعملت الإدارة الصلاحية المخولة لها
قانونا من أجل تحقيق هدف يختص به القضاء العاجي 0
و بالرغم من أن هذا العمل يدخل في إطار الأعمال الخيرية الجليلة إلا أن مجلس
الدولة الفرنسي رفض أن يعترف للإدارة بإجراءاته و الانحراف بسلطتها في سبيله حيث
قضى بعدم مشروعيته قرار ضبط قصد به حل نزاع بين الأفراد 0
و قد سار مجلس الدولة المصري على ذات الدرب حيث أعلنت محكمة القضاء الإداري عن
موقفها في هذا الشأن بوضوح في حكم لها ذهبت إلى أنه " قد بان للمحكمة أن المصلحة
العامة اقتضت إنشاء خط تنظيم في الشارع الواقع عليه منزل المدعي و حيث إن هذا
التنظيم قد تخلفت عنه القطعة موضوع النزاع فأصبحت من الأملاك الخاصة التي يصح
التصرف فيها و يكون للمالك المجاور لها حق الشفعة العادي , المقرر في القانون
المدني للجار الملاصق و من حيث إن البلدية قد صدر عنها فعلا للمدعي وعدا بالبيع
بعد أنه هذا الوعد زاحمته عائلة أخرى و انتهى المر بصدور القرار المطعون فيه
بإلغاء زوائد التنظيم المذكورة و إعادتها للشارع مما يحدث فيه فجوة و انبعاجا لا
يتفق مع التنظيم و من حيث إن هذا التصرف قد يؤدي إلى فض المنازعة و التزاحم بين
جارين بشأن شراء أرض أو الانتفاع بها إلا أنه لا يدخل ضمن وظيفة البلدية فض
المنازعات الخاصة أو صيانة المن بل أن وظيفتها هي التنظيم الهندسي للمدينة "
و انتهت المحكمة في حكمها بالإلغاء القرار الذي قصدت به الإدارة فض نزاع ذي صبغة
خاصة 0
تمهيد و تقسيم :
للقرار الإداري هدفان أولهما تحقيق المصلحة العامة و ثانيهما تحقيق الهدف الذي
خصصه المشرع لإصدار هذا القرار 0
فإذا حاد مصدر القرار عن هما غدا قراره باطلا لكونه مشوبا بالانحراف في استعمال
السلطة ذلك العيب الهام من عيوب قرار الإداري الموجب لإلغائه والمتمثل في استخدام
رجل الإدارة لسلطاته بغية تحقيق غاية غير مشروعة لتعارضها مع المصلحة العامة أو مع
الهدف الذي حدده القانون لإصدار القرار 0
و نظرا لما يتسم به الانحراف عن الهدف المخصص من أهمية و غموض سبه اتسامه بالدقة ,
ففيه يكون القرار باطلا حتى لو ابتغى مصدره تحقيق مصلحة عامة 0
و تنظرا لأن كتب الفقه على كثرتها لم تعني بهذا الموضوع برغم أهميته البالغة في
الحفاظ على حقوق الأفراد و حرياتهم تجاه تعسف الإرادة 0
لذا فقد آثارنا إلقاء الضوء – على هذا الموضوع من خلال مبحثين في أولهما نضع
تحديدا لمفهوم قاعدة تخصيص الأهداف و في ثانيهما نحصر أوجه الانحراف عن قاعدة
تخصيص الأهداف و في ثانيهما نحصر أوجه الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف المتمثلة
في الخطأ في تحدي الأهداف المنوط برجل الإدارة تحقيقها و الخطأ في استعماله لوسائل
تحقيق هذه الأهداف 0
المبحث الأول
تحدي مفهوم قاعدة تخصيص الأهداف
إذا كانت القاعدة أن القرارات الإدارية جميعها و بغير استثناء يجب أن تستهدف تحقيق
المصلحة العامة فإن هناك أيضا قاعدة أخرى تضاف إلى هذه القاعدة و تكملها و تقضي
بوجوب استهداف القرارات الإدارية تحقيق الأهداف الذاتية المتخصصة التي عينها
المشرع في المجالات المحددة لها 0
و يكون القرار الإداري مشوبا بالانحراف في السلطة في هذه الحالة , كلما كان الباعث
على اتخاذه هو تحقيق هدف غير الذي أراده المشرع حين منح الإدارة السلطة في اتخاذ
هذا القرار بالذات و و لا يهم بعد ذلك أن يثبت إن الإدارة كانت تهدف من القرار
الذي اتخذته تحقيق مصلحة عامة , ما دامت هذه المصلحة غير المصلحة التي حددها
المشرع 0
فالفرق بين الانحراف عن المصلحة العامة و الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف أنه في
حالة انحراف عن مبدأ تخصص الأهداف يكون العضو الإداري حسن النية لا يبغي إلا تحقيق
الصالح العام , و لكنه يستخدم ما بين يديه من وسائل لتحقيق أغراض مما لا يجوز
تتحقق بتلك الوسائل أو مما لا يختص بتحقيقها 0
و معنى ذلك أن لكل قرار إداري هدفين , أحدهما خاص و هو الذي حدده القانون أو
يستفاد من طبيعة الاختصاص و هذا الهدف تختلف و درجة تحديده من حالة إلى حالة أخرى
كما أن له دائما هدفا عاما و هو المصلحة العامة 0
و التخصيص قد يستفاد من صراحة النص حيث حدد المشرع هدفا خاصا لقرارات وزير التموين
هو توفير المواد التموينية للمواطنين و تحقيق العدالة في توزيعها فإذا استهدفت هذه
القرارات تحقيق أكبر عائد اقتصادي للدولة فإنها تكون مشوبة بالانحراف بالسلطة و
كذلك القرار الصادر بوقف العامل المحال للتحقيق عن العمل , يجب أن يكون الهدف منه
هو تحقيق صالح التحقيق فإذا كان الهدف منه إسناد عمله إلى أخر كفء فإن هذا القرار
يكون مشوبا بالانحراف في استعمال السلطة 0
و قد يستخلص الهدف المخصص من روح التشريع أو طبيعة الاختصاص فقد حدد المشرع مثلا
لسلطات الضبط الإداري هدفا محددا , و هو المحتفظة على النظام العام فإذا استعملت
الإدارة سلطاتها في هذا الخصوص لغير هذا الهدف كان قرارها مشوبا بعيب الانحراف
بالسلطة حتى و لو كان الهدف لا بجانب الصالح العام 0
و في حالة عدم تحديد المشرع للهدف لخاص الذي يتعين أن يحققه القرار يكون تحديد هذا
الهدف متروكا لتفسير القاضي و استخلاصه لمراد المشرع و قصده , حيث يستعمل سلطته
التقديرية في تحدي الأهداف الخاصة للقرار بكل الوسائل المكنة كالرجوع إلى الأعمال
التحضيرية و المذكرات التفسيرية و تتبع المناقشات التي دارت حول القانون 0
و مفاد ذلك أنه لا يكون للقاضي أي دور أو اجتهاد في تحديدي الهدف الخاص إذا ما كشف
عنه المشرع صراحة و إنما يتعين عليه أن يعمل على تحقيقه و على العكس من ذلك يكون
له دور بارز في استخلاصه على نحو ما رأينا إذا لم يكشف عنه المشرع 0
و علة تطبيق قاعدة تخصيص الأهداف أن الجهاز الإداري بمختلف فروعه و تعدد أطرافه و
تكاثر مسئولياته لا يمكن أن يتيح لأي فرد من أعضاء هذه النظام الضخم أن يأخذ على
عاتقه تحقيق طائفة خاصة من المصالح العامة دون الطوائف الأخرى حيث إن التنظيم
الهيكلي للإدارة الذي يترتب عليه أن السلطة الممنوحة للموظف يقابلها مجال معين من
المصلحة العامة يتعين عليه تحقيقه و عدم خلطه مع مجالات المصلحة العامة الأخرى 0
فالقانون هنا عين له الهدف وحدده و الذي من أجل بلوغه منحه السلطة فإن هو استخدم
هذه السلطة للوصول إلى هدف أخر و لو كان يحقق مصلحة عامة فإن قراره يكون مشوبا
بالانحراف بالسلطة 0
و يرى جانب من الفقه أن ضرورة الانحراف بالسلطة المتمثلة في مخالفة قاعدة تخصيص
الهداف أقل خطورة من صورته المتمثلة في مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف أقل خطورة من
صورته المتمثلة في مجانية المصلحة العامة لأن رجب الإدارة في الحالة الأولى لم
يتجاوز نطاق الصالح العام ليعمل على تحقيق صالح شخصي و إنما اقتصر على مخالفة
الهدف الذي حدده له المشرع و جعل قراراته مرصودة على تحقيقه كما إنه في حالة
الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف يكون العنصر الإداري حسن النية لا يبغي إلا تحقيق
الصالح العام و إن استخدم ما بين يديه من وسائل لتحقيق أغراض مما لا يجوز أن تتحقق
بتلك الوسائل أو مما لا يختص تحقيقها 0
إلا أن هناك جانب أخر من الفقه ذهب بحق إلى أن ذلك لا ينفي خطورة الانحراف عن
قاعدة تخصيص الأهداف و ذلك بالنظر إلى الآثار المترتبة عليها من اعتداء على حقوق
الأفراد لا يعنيهم أن كون الهدف المبتغي من تصرف الإدارة قصدت به تحقيق مصلحة عامة
أم لا إنما يعنيهم ما موقع عليه من اعتداء سبه خروج الإدارة عن قاعدة تخصيص
الأهداف 0
و قد وجدت هذه القاعدة تطبيقا لها في قضاء مجلس الدولة الفرنسي حيث دأب على إلغاء
قرارات الإدارة التي يثبت لديه خروجها عن تحقيق الهدف المخصص 0
حيث قضى بإلغاء قرار المحافظ و الصادر بتقرير المنفعة العامة لقطعة أرض مملوكة
للسيد BARON و ذلك
للانحراف بالسلطة حيث تبين للمجلس من الظروف المحيطة بالدعوى أن ما أعلنته البلدية
من ضرورة المحافظة على الطابع الهادئ للمنطقة السكنية المجاورة للأرض المذكورة ليس
من الأهداف التي لأجلها يتقرر نزع الملكية للمنفعة العامة 0
كما قضى بإلغاء قرار المحافظ الصادر بتقرير المنفعة العامة للأرض المملوكة للسيد SCHEWARTZ لإنشاء ملاهي و حمام سباحة , ذلك أن
القرار لا هدف إلى المحافظة على صحة العامة و إنما يهدف إلى تطوير أنشطة الترفيه
الخاصة بالبلدية 0
و قد كان إلغاء مجلس الدولة لقرار المحافظ في القضيتين سبه خروج المحافظ على الهدف
المخصص لتقرير المنفعة العامة و هو المحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاثة و
كان إلغاء مجلس الدولة للقرارين بالرغم من ابتغائهم تحقيق مصلحة عامة 0
و قد كان لمجلس الدولة المصري ذات الموقف الذي يؤكد ضرورة احترام قرارات الإدارة
للهدف الذي حدده المشرع لإصدارها و إلا قضى بإلغائها لخروجها على قاعدة تخصيص
الأهداف 0
فقد كان لمحكمة القضاء الإداري منذ البداية موقف واضح في هذا الشأن حيث ذهبت إلى
أنه " لا يجوز اتخاذ أي من التدابير أو الإجراءات التي يجيزها الشارع ,
لتحقيق هدف أخر مغاير للهدف الأساسي الذي قصد إليه الشارع و لو كان هذا الهدف
محققا للصالح العام بمعناه لشامل , و ذلك تطبيقا لقاعدة أصولية هي المصطلح على
تسميتها قاعدة تخصيص الأهداف و جزاء مخالفة تلك القاعدة بطلان تلك القرارات لكونها
مشوبة بالانحراف بالسلطة و الذي يتمثل في عدم احترام الإدارة لركن الغاية من
التشريع 0
و إذا كان قضاء محكمة القضاء الإداري قد اتسم منذ البداية بإدخال مخالفة قاعدة
تخصيص الأهداف ضمن حالات الانحراف بالسلطة فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد مر
في هذا الشأن بمرحلتين ففي البداية لم تسلم المحكمة الإدارية العليا بما ذهبت إليه
محكمة القضاء الإداري , و قدمت أحكام تضييق فيها من نطاق الانحراف بالسلطة بحيث تقتصره
على حالة استهداف مصلحة خاصة فقط دون حالة مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف حيث كانت
تشترط لقيام الانحراف بالسلطة توافر سوء النية لدى مصدر القرار الإداري و لذلك قضت
بأنه " إذا لم يكن لدى الإدارة هذا القصد , بدافع من هوى أو تعد " أو
انتقام فلا قيام لعيب إساءة استعمال السلطة 0
غير أن الفقه انتقد هذا التطبيق لعيب الانحراف بالسلطة حيث لم يلق استجابة لديه
استنادا لعيب الانحراف بالسلطة يقوم مع حسن النية إذا خالفت الإدارة قاعدة تخصيص
الأهداف 0
و قد عدلت المحكمة الإدارة العليا في أحكامها اللاحقة لحكم السابق عن مذهبها في
التضييق من نطاق عيب الانحراف بالسلطة آخذة بوضوح بقاعدة تخصيص الأهداف حيث قضت
بأنه " ‘ذا ما عين المشرع غاية محددة , فإنه لا يجوز لمصدر القرار أن يستهدف
غيرها و لو كانت هذه الغاية تحقيق مصلحة عامة "
و قضت أيضا بعدم شرعية قرار ضبط بإغلاق سوق خاصة يوم الاثنين من كل أسبوع ليحقق
رواج سوق مجلس قروي الوسطي الذي أصابه الركود 0
و أخيرا قضت بانعدام قرار ضبط تضمنه ترخيص سوق عمومي يستهدف مصلحة مالية بتخويل
المرخص له تحصيل مقابل إشغال الطريق العام للمجلس المحلي 0
و الواقع أن ما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا من عدم اشتراط سوء نية مصدر
القرار للقضاء بالانحراف بالسلطة هو قضاء محمود فإلى جانب ما يترتب عليه من إدخال
مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف ضمن حالات الانحراف بالسلطة فإن فيه تشديدا لقبضة
القضاء على رجل الإدارة الذي ينحرف بسلطته حيث أنه في ظل القضاء السابق و الذي
يشترط سوء النية يوسع رجل الإدارة الإفلات من إلغاء قراراه لمجرد إثباته أنه كان
حسن النية حين أصدر و يترتب على ذلك الهروب من الإلغاء مما يؤدي إلى الإضرار
بمصلحة من اعتدى القرار المشوب بالانحراف على حقوقه و حرياته و الذي كل ما يصبو
إليه هو إلغاء هذا القرار الخاطئ و التعويض عن الأضرار التي مني بها من جرائه , و
لا يعنيه في سيئ ما إذا كان رجل الإدارة سيئا أو حسن النية 0
و مما ساعد على انتشار الانحراف بالسلطة المتمثل في الانحراف عن قاعدة تخصيص
الأهداف قيام نظام لا مركزي تتمتع فيه السلطات الإقليمية و المركزية بجانب كبير من
الاستقلال في استعمال سلطتها فعيب الانحراف يستلزم قيام سلطة تقديرية و من الطبيعي
ألا يخطئ العضو الإداري خطأ من هذا القبيل إلا إذا تنوعت السلطات التي تحت يديه و
كان له بعض الحرية في استعمالها 0
و للانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف وجهان يضمان صورا عديدة سوف تكون موضوع المبحث
التالي :
المبحث الثاني :
أوجه الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف
تمهيد و تقسيم :
قد يقدم رجل الإدارة نتيجة لخطأ فني وقع فيه على إصدار قرار لتحقيق مصلحة عامة لم
يوكل إليه أمر لتحقيقها و قد يقدم على تحقيق مسلحة عامة مكلف بتحقيقها و لكنه
استخدم في ذلك وسائل غير تلك التي قررها لمشرع لتحقيق هذه المصلحة
و في تلك الحالتين يرتكب رجل الإدارة انحرافا بالسلطة ممثلا في قاعدة مخالفة تخصيص
الأهداف 0
و لإيضاح ما أجملناه سوف نتناول أوجه الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف و ذلك في
مطلبين على النحو الآتي :
المطلب الأول :
الخطأ في تحديد مدى الأهداف المنوط بالموظف تحقيقها 0
المطلب الثاني :
الخطأ في استعمال رجل الإدارة لوسائل تحقيق الهداف 0
المطلب الأول
الخطأ في تحديد مدى الأهداف المنوط
بالموظف تحقيقها 0
تمهيد و تقسيم :
في هذه الصورة يستعمل رجل الإدارة سلطته التقديرية في تحقيق أهداف عامة غير منوط
به في تحقيقها حيث إن القانون لم يجعلها من بين الأهداف التي يتعين على رجل
الإدارة أن يحققها باستعمال ما بين يديه من سلطات 0
و في هذه الصورة من صور الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف يتصف عيب الانحراف
بالسلطة بعيب عدم الاختصاص لأن عضو الإدارة يحاول أن يحقق غرضا قد جعله القانون من
اختصاص عضو إداري أخر 0
و تظهر تطبيقات هذه الصورة بمناسبة استعمال الإدارة لسلطاتها المقررة في الاستيلاء
أو في استعمالها لسلطتها بقصد فض نزاع ذي صبغة خاصة أو قيام إحدى الهيئات بمنع
خدماتها عن أحد المواطنين لإجباره على القيام بتصرف معين 0
و سوف نفصل ذلك في الفروع التالية :
الفرع الأول : الانحراف في استعمال سلطة الاستيلاء 0
الفرع الثاني : استعمال السلطة الإدارية لفض نزاع ذي صبغة مدنية 0
الفرع الثالث : منع خدمات الإدارية عن أحد الأفراد لإجباره على إتيان تصرف معين 0
الفرع الأول
الانحراف في استعمال سلطة الاستيلاء
يعد الاستيلاء من الممكنات الخطيرة التي تملكها الإدارية و التي يمكن أن تهدد
ملكية الأفراد و حقوقهم المالية و بالتالي فإنه من المحتم أن ينفذ تنفيذا دقيقا في
حدود القانون و دواعيه و البواعث المشروعة لدى الإدارة لإعمال هذا الامتياز على
خطورته يمكن أن تجد تبريرها في أن الإدارة مكلفة بإقامة و رعاية الصالح العام , و
قد يكون الاستيلاء وسيلة لحصول الإدارة على بعض احتياجاتها التي أعوزتها الوسائل
العادية في الحصول عليها و قد كون وسيلة لمواجهة ظروف طارئة قد تهدد الأمن الداخلي
أو الخارجي لمواجهة كارثة عامة و نحو ذلك 0
و قد عرف بعض الفقهاء الاستيلاء بأنه عملية تقوم بها السلطة الإدارية من جانب واحد
و بإرادتها المنفردة في مواجهة شخص طبيعي أو معنوي يلزم هذا الأخير بموجبها بأن
يقدم لها أو للغير خدمة معينة أو عقارا معينا لاستخدامه أو منقولا لاستخدامه أو
تملكه و ذلك من أجل إشباع احتياجات طارئة و مؤقتة تتعلق بالمصلحة العامة في ظل
الشروط المقررة قانونا 0
و إذا كان المشرع يمنح الإدارة سلطة الاستيلاء على المواد الغذائية و الأولية و
المساكن و غيرها فإن هي حادت عن تلك الأغراض مبتغية تحقيق غيرها فإنها تكون قد
انحرفت بتلك السلطة عن غاياتها مما يستتبع إلغاء قرار الإدارة لانحرافها بسلطتها
في إصداره و مبرر إلغاء
القرار في هذه الحالة أن الإدارة لانحرافها بسلطتها في إصداره و مبرر إلغاء القرار
في هذه الحالة أن الإدارة انحرفت عن الهدف المخصص لقرارها و الذي بموجبه منحت سلطة
الاستيلاء حيث إنها استعملت أحكام القانون في غير ما أعدت له 0
و قد استقر قضاء مجلس الدولة المصري و الفرنسي على إلغاء قرارات الإدارة التي
تنحرف فيها عن الهدف الذي حدده لها المشرع من استعمال سلطة الاستيلاء حيث قضت
المحكمة الإدارية العليا أنه " 000 حيث يستفاد من دفاع الوزارة 00 أنها تقرر
بأن ذلك الاستيلاء الذي خصت به معصرة المدعي دون معاصر البلاد إنما قررته بسبب
الشكاوى لم تسفر عن إدانة المدعي إذ انتهت جمعا إلى الحفظ إلا أن الوزارة لم تسلم
بذلك , و قرت الاستيلاء و نفذته قبل أن يتم التحقيق نهائيا في تلك الشكاوى إذن
فيكون الاستيلاء و الحالة هذه جزاء قصدت الإدارة توقيعه على المدعي بتسخير أحكام
المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بالاستيلاء في غير ما أعد له و تكون الوزارة
بتصرفها هذا قد أساءت استعمال سلطتها و انحرفت عن الغاية التي وضعت لها مما يعيب
القرار المطعون فيه و يوجب إلغائه 0
و هذا الحكم يؤكد إن إلغاء قرار الاستيلاء على المعصرة موضوع الدعوى يجد سنده في
أن قرار الاستيلاء فقد مبرره في تأمين تمويل البلاد من التلاعب و الجشع بعد ما
أثبتت التحقيقات عدم صحة الشكاوى المقدمة ضد صاحب المعصرة بل إن الإدارة لم تنظر
على ما سوف تسفر عنه تلك التحقيقات مما جعل المحكمة تستشف من ذلك وجود نية مسبقة
لدى الإدارة في الاستيلاء بغض النظر عن توافر شروطه مسخرة في ذلك أحكام القانون في
غير ما قصدت إليه و من ثم كان قرار الاستيلاء مشوبا بالانحراف بالسلطة مستوجبا
الإلغاء 0
و الاستيلاء باعتباره قيد على حق الملكية فإنه يشترط لمشروعيته أن يكون قد تقرر
لضرورة قصوى و يسقط الاستيلاء بانتهائها باعتباره إجراء مؤقت بطبيعته و يلزم هذا
الإجراء أيضا تحقيق الهدف الذي تغياه المشرع منه و قد أرست هذه المبادئ المحكمة
الإدارية العليا في أحدث أحكامها و الذي ذهبت فيه إلى أنه لا يجوز للجهة الإدارية
المختصة اللجوء إلى الاستيلاء على عقارات الأفراد لحاجة التموين إلا في حالة
الضرورة القصوى و التي يتعذر معها على الإدارة تدبير احتياجاتها بالطريق الطبيعي و
من ثم يكون بهذه المثابة ذو طبيعة مؤقتة 000 كما أنه
يلزم لمشروعية قرار الاستيلاء وسيلة استثنائية , تتضمن قيدا على حق الملكية عبثا
عليها لا يبره إلى الصالح العام الذي يحدده المشرع صراحة في القانون و من ثم لا
يجوز لوزير التموين اللجوء إليها إلا إذا استنفذت جميع الوسائل العادية المتاحة و
لم يجد بعدها إلى هذه الوسيلة الاستثنائية لتحقيق الهدف الذي تغياه المشرع من ضمان
تزويد البلاد بالمواد التموينية و تحقيق العدالة في توزيعها فيكون في هذه الحالة
ضرورة ملحة اقتضاها الصالح العام , شريطة أن تدر هذه الضرورة بقدرها و ألا تجاوز
حدودها "
و قد أصدرت المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن حكما هاما حين قضت عدم دستورية
المادة الأولى من القانون رقم 52 لسنة 1955 بتخويل وزير التعليم سلطة الاستيلاء
على العقارات اللازمة للوزارة و معاهد التعليم و من بين ما استندت إليه المحكمة في
حكمها أن البين من النصوص التي تضمنها القانون المطعون فيه أن الاستيلاء وفقا
للأحكام التي تضمنته مادته الأولة ليس موقوتا بل متراخيا إلى غير حد و موكول
انتهاؤه إلى السلطة التقديرية لوزير التعليم و تخرج بذلك الأموال من السلطة
الفعلية لأصحابها 000 مما يعتبر غصبا لها يحيل أصلها عدما بل إن اغتيالها على هذا
النحو يمثل أسوأ صور العدوان عليها لاتخاذه الشرعية ثوبا و إطارا و انحرافه عنها
قصدا و معنى فلا تكون الملكية التي كفل الدستور صونها إلا سرابا و وهما 0
و في هذا الحكم إلهام للمحكمة الدستورية العليا اعتبرت أن الاستيلاء المؤقت يخرج
عن مضمونه إذا فقد صفة التأقيت , و ذهبت إلى أن في ذلك انحرافا عن المشروعية أي
انحرافا في استعمال السلطة 0
و قد استعملت الإدارة الفرنسية سلطة الاستيلاء مدفوعة في ذلك بظروف الحرب و ما
خلفته من
مشكلات تمتد إلى نعظم نواحي الحياة لا سيما ما تعلق منها بالغذاء و المسكن إلا أن
هذه السلطة باعتبارها سلطة استثنائية كانت محددة دائما بالغرض الذي من أجله منحت و
قد عني المشرع الفرنسي بتحديد تلك الأغراض فإذا ما غفلت عنها الإدارة سهوا أو عمدا
ألغي مجلس الدولة قراراها لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء القرار الإداري
الصادر بالاستيلاء على كمية جبن مملوكة للطاعن لأنه قام بتصدير كمية جبن غير
مشروعة و قد قرر مجلس الدولة في هذا الحكم " و حيث إن قرار مدير التموين
بالاستيلاء على كمية جبن مملوكة للطاعن إنما من أجل توقيع جزاء عليه لقيامه بتصدير
كمية جبن بطريقة غير مشروعة و بالتالي فإن الإدارة تكون قد استعملت حقها في
الاستيلاء من أجل غرض أخر يختلف عن الغرض الذي تقرر هذا الحق من أجله و بناء عليه
فإن قرار الاستيلاء يكون مشوبا بالانحراف بالسلطة "
الفرع الثاني :
استعمال الإدارة سلطتها في فض نزاع مدني
لكل سلطة من سلطات الدولة الثلاثة اختصاص ثابت يتعين عليها التزام حدوده ليكون
عملها مشروع 0
و إذا كان المشرع قد خص السلطة القضائية بالفصل فيما ينشأ بين الأفراد من نزاع و
حسمه بحكم قضائي تنفيذه ملزم للكافة , فإن محاولة اسلطة الإدارية الإطلاع بهذا
الدور يجعل ما يصدر عنها من قرارات في هذا الشأن خارجة عن نطاق المشروعية مشوبة
بالانحراف بالسلطة و ذلك بالرغم من نبل الغاية و استهدافها تحقيق صالح عام متمثل
في تحقيق السلام الاجتماعي 0
و ترجع عدم مشروعة عمل الإدارة في هذه الخصوص إلا إن الإدارة استعملت سلطتها في
غير ما أعهدت له بالإضافة إلى اعتدائها على السلطة القضائية الأصيل في فض ما ينشأ
بين الأفراد من نزاعات كما أن الإدارة بحكم تكوينها و طبيعة أداءها لنشاطها غير
مؤهلة أصلا لفض النزاعات التي ذات الصيغة المبينة التي تنشأ بين الأفراد حيث أن القضاء
هو الأولى بممارسة هذا الدور لما يتمتع به من حيدة و نزاهة و استقلال 0
من أجل ذلك كان ما تصدره الإدارة من قرارات مستعملة فها سلطتها قاصدة فض نزاع ذي
صبغة مدنية يكون مصيرها دوما الإلغاء القضائي 0
و هذا النوع من الانحراف كثيرا ما يرتكبه المحافظون و غيرهم من رجال الإدارة فتأتي
قراراتهم مشوبة بعيب الانحراف بالسلطة حيث استعملت الإدارة الصلاحية المخولة لها
قانونا من أجل تحقيق هدف يختص به القضاء العاجي 0
و بالرغم من أن هذا العمل يدخل في إطار الأعمال الخيرية الجليلة إلا أن مجلس
الدولة الفرنسي رفض أن يعترف للإدارة بإجراءاته و الانحراف بسلطتها في سبيله حيث
قضى بعدم مشروعيته قرار ضبط قصد به حل نزاع بين الأفراد 0
و قد سار مجلس الدولة المصري على ذات الدرب حيث أعلنت محكمة القضاء الإداري عن
موقفها في هذا الشأن بوضوح في حكم لها ذهبت إلى أنه " قد بان للمحكمة أن المصلحة
العامة اقتضت إنشاء خط تنظيم في الشارع الواقع عليه منزل المدعي و حيث إن هذا
التنظيم قد تخلفت عنه القطعة موضوع النزاع فأصبحت من الأملاك الخاصة التي يصح
التصرف فيها و يكون للمالك المجاور لها حق الشفعة العادي , المقرر في القانون
المدني للجار الملاصق و من حيث إن البلدية قد صدر عنها فعلا للمدعي وعدا بالبيع
بعد أنه هذا الوعد زاحمته عائلة أخرى و انتهى المر بصدور القرار المطعون فيه
بإلغاء زوائد التنظيم المذكورة و إعادتها للشارع مما يحدث فيه فجوة و انبعاجا لا
يتفق مع التنظيم و من حيث إن هذا التصرف قد يؤدي إلى فض المنازعة و التزاحم بين
جارين بشأن شراء أرض أو الانتفاع بها إلا أنه لا يدخل ضمن وظيفة البلدية فض
المنازعات الخاصة أو صيانة المن بل أن وظيفتها هي التنظيم الهندسي للمدينة "
و انتهت المحكمة في حكمها بالإلغاء القرار الذي قصدت به الإدارة فض نزاع ذي صبغة
خاصة 0