الطعن رقم 2467 لسنة 24 بتاريخ 05/04/1955
الوقائع
اتهمت النيابة العامة: 1 - الأومباشي ................. (الطاعن الأول) و2 - ................. . و3 - اليوزباشي ................. . و4 - البكباشي ........... ................. . و5 - وكيل أومباشي ................. . و6 - الأومباشي ................. . و7 - باشجاويش ................. (الطاعن الثاني). و8 - الأميرالاي ................. (الطاعن الثالث). و9 - البكباشي ................. (الطاعن الرابع). المتهمان الأول والثاني - قتلا عمدا ومع سبق الإصرار والترصد الشيخ ................. المرشد العام للإخوان المسلمين, وشرعا في قتل الأستاذ ................. المحامي عمدا ومع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن بيتا النية على قتل المجني عليه الأول ولبثا منتظرين خروجه من دار جمعية الشبان المسلمين التي علما بوجوده فيها حتى إذا ما ظفرا به تقدما منه يطلقان عليه الرصاص من مسدسيهما قاصدين بذلك قتله فأصاباه وأصابا المجني عليه الثاني بالجروح الموصوفة بالتقارير الطبية الشرعية والتي أودت بحياة المجني عليه الأول, وقد أوقف اثر الجريمة بالنسبة للمجني عليه الثالث والرابع والخامس والسادس والثامن. اشتركوا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في الجريمة التي وقعت منهما وذلك بأن اتفقوا وإياهما على قتل المرحوم الشيخ ......... ................. عمدا مع سبق الإصرار والترصد كما حرضهما المتهم الثامن الأميرالاي ................. على ارتكاب الفعل المكون لهذه الجريمة وساعدهما المتهمون الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع في الأعمال المجهزة والمسهلة والمتممة لارتكابها إذ ذهب الأربعة الأولون منهم إلى مكان الحادث يشدون أزر المتهمين الأول والثاني ويردون عنهما من يتصدى لهما أو يحاول ضبطهما أو يحول بينهما وبين إتمام الجريمة, بينما وقف المتهم السابع بالسيارة التي يقودها على مقربة منهما وفي نطاق مسرح الجريمة, فيسر لهما بذلك سبيل فرارهما بعد إتمام جريمتهما, وكان أن وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق والمساعدة. والمتهم التاسع - علم بوقوع جناية القتل العمد المسندة إلى المتهمين المعاقب عليها بالإعدام فأعان الجناة المتهمون بالجناية على الفرار من وجه القضاء بإخفاء أدلة الجريمة وتقديم معلومات تتعلق بها وهو يعلم بعدم صحتها وذلك بأن اتصل بالشاهد ................. الذي عرف رقم السيارة التي استعملت في تهريب الجناة وحمله على أن يدلي في التحقيق بمعلومات مضللة يعلم عدم صحتها وذلك بقصد تجهيل رقم تلك السيارة, وإبعاد الشبهة عن الجناة, وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالة هؤلاء المتهمين جميعا على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 45 و46 و230 و231 و232 من ذلك القانون بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني, وبالمواد 40/1- 2 - 3 و41 و230 و231 و232 , والمادتين 45 و46 من نفس القانون بالنسبة للمتهمين من الثالث إلى الثامن , وبالمادة 145/1 - 2 منه بالنسبة الى المتهم التاسع, فقررت الغرفة بذلك. وقد ادعى بحق مدني: 1 - السيدة ................. "زوجة المجني عليه الشيخ حسن البنا" وأولاده القصر الستة المشمولون بولاية جدهم الشيخ ................. وهم : ................. , و ................. , و ................. , و ................. , و ................. , واستشهاد بمبلغ ثلاثين ألفا من الجنيهات تعويضا. و2 - والدا المجني عليه الشيخ حسن البنا وهما - الشيخ ................. والسيدة أم ................., بقرش صاغ تعويضا مؤقتا و3 - الأستاذ ................. ................. المحامي (المجني عليه) بمبلغ ثلاثين ألفا من الجنيهات. وهذه الدعاوى المدنية الثلاث موجهة ضد المتهمين جميعا بطريق التضامن والتكافل مع الحكومة المصرية "بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية". ومحكمة جنايات القاهرة قضت فيها حضوريا - عملا بالمواد 230 و231 و232 و45 و46 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول "الأومباشي ................. " (الطاعن الأول) و230 و231 و232 و40 و41 و45 و46 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهمين السابع " ................. والثامن ................. " (الطاعنين الثاني والثالث) مع تطبيق المادتين 32 فقرة ثانية و17 من قانون العقوبات للمتهمين الثلاثة والمادة 145/1 - 2 منه بالنسبة إلى المتهم التاسع "البكباشي ........ ................. " (الطاعن الرابع) أولا - بمعاقبة ................. بالأشغال الشاقة المؤبدة وكل من الباشجاويش ................. والأميرالاي .................. بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامهم بطريق التضامن والتكافل مع الحكومة "المسئولة عن الحقوق المدنية" (أ) بان يدفعوا عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض للسيدة ................. زوجة المرحوم الشيخ ................. وأولاده القصر منها وهم - ................., و.................. , و ................. , و ................. , و ............... - والمشمولين بولاية جدهم الشيخ ....... ................. . (ب) وبأن يدفعوا للشيخ ................. والسيدة ......... ................. "والدي القتيل" قرشا صاغا واحدا على سبيل التعويض المؤقت. (ج) وبأن يدفعوا للأستاذ ................. مبلغ ألفي جنيه على سبيل التعويض وألزمت المتهمين المذكورين بالمصروفات المدنية المناسبة وثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة للفريقين الأول والثاني من المدعين بالحق المدني وعشرين جنيها للثالث. وثانيا - بمعاقبة البكباشي ................. بالحبس مع الشغل لمدة سنة ورفض الدعاوى المدنية قبله. وثالثا - ببراءة كل من ................. واليوزباشي ................. والبكباشي ................. والجاويش ................. والأومباشي ................. مما أسند إليهم مع رفض الدعاوى المدنية الموجهة لهم.
فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
المحكمة
من حيث إن الطاعن الثاني ................, وإن كان قد قرر الطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم لطعنه أسباباً فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
عن طعن الطاعن الأول "..................":
وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن. هو التناقض والاضطراب في أسباب الحكم, ذلك بأن الحكم بعد أن أورد شهادة ............ وأقوال المتهم ................ ذكر أن الشطر الصحيح من هذه الأقوال يؤيد رواية ............. في تصوير كيفية هروب الجناة بالسيارة, مع أن ............. استعرف في التحقيق على .............. وزعم أنه هو القاتل الذي كان يحمل المسدس وقاد السيارة عقب ارتكاب الجريمة, بينما جاء في الشطر الذي اعتمدته المحكمة من أقوال .............. أن القاتل هو الطاعن, وأنه ركب السيارة عقب الحادث في المقعد الخلفي, وقادها .............., فكان يتعين على المحكمة إما إطراح هاتين الروايتين المتناقضتين, أو بيان العلة في هذا التناقض.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المحكمة بينت في واقعة الدعوى ما مؤداه أنه "ما أن خرج الشيخ ............ وصهره الأستاذ ............... من باب الجمعية وصعدا إلى السيارة, وبدأ سائقها في إدارة محركها للسير بها حتى هاجمهما المتهم الأول .............. (الطاعن) وآخر لم يسفر التحقيق عن معرفته على وجه اليقين, وأخذا يطلقان النار على من فيها بأسلحة نارية أوتوماتيكية كانا قد أعداها لذلك بعد أن بيتا النية على قتل مرشد الإخوان وتربصا له بالقرب من دار الجمعية التي علما بوجوده فيها قاصدين من ذلك إزهاق روحه, فأحدثا به وبصهره المجني عليه الثاني الأستاذ ........... الإصابات والجروح الموصوفة بالتقارير الطبية الشرعية, والتي أودت بحياة الأول, وخاب أثر الجريمة بالنسبة للثاني لسبب لا دخل لإرادة الجانبين فيه وهو إسعافه بالعلاج, وقد اشترك المتهمان السابع الباشجاويش ............ والثامن الأميرالاي ............. مع هذين الفاعلين الأصليين في قتل الشيخ ............... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة بأن اتفقا معهما على ارتكاب الفعل المكون للجريمة وحرضهما المتهم الثامن على مقارفة هذا الفعل, كما ساعدهما هو والمتهم السابع في الأعمال المجهزة والمسهلة والمتممة لارتكابه بأن حملهما السابع تنفيذاً لأمر الثامن في السيارة التي يقودها إلى مكان الجريمة ووقف في انتظارهما على مقربة منه فيسر لهما سبيل الفرار بعد إتمامها, وكان أن وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق وتلك المساعدة". ثم أورد الحكم الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت ارتكاب الطاعن لجريمتي القتل والشروع فيه اللتين دانته بهما, ومن بين هذه الأدلة التي أوردتها ما تضمنه اعتراف المتهم السابع ............. في بعض مراحل التحقيق بأن الطاعن هو بذاته أحد القاتلين اللذين قدما إليه من مكان الحادث يلهثان واستقلا السيارة التي كان يقودها, والتي كان ينتظر بها على مقربة من ذلك المكان ثم فر بهما إلى فندق إيدن حيث كان ............... الطاعن الثالث في انتظارهما, وأورد الحكم شهادة ................. بما محصله أنه كان في ليلة الحادث متجهاً إلى كشك التليفون بدار جمعية الشبان المسلمين, وقبل أن يصل إليه سمع صوت أعيرة نارية في الخارج فأسرع يتبين الأمر, فوجد على بعد ستة أمتار من شخصاً نحيف الجسم قمحي اللون لم يتبين ملامحه بالضبط ممسكاً بيده مسدساً يطلق منه النار على السيارة التي بها المجني عليهما فصرخ الشاهد مستنجداً, وعندئذ أطلق نحوه هذا الشخص عيارين ناريين لم يصيباه, وأبصر الشاهد وقتئذ شخصاً آخر يجري في أثر الجاني الذي كان يطلق الرصاص, وركب الاثنان سيارة كانت تنتظرهما في الجهة المقابلة لدار الجمعية ثم أسرعت بالفرار, وبعد أن أورد الحكم الأدلة التي حصلتها المحكمة والتي جاءت مؤيدة لاعتراف المتهم .............. بالنسبة إلى واقعة هروب الطاعن وزميله عقب ارتكاب الجريمة بالسيارة التي كان يقودها, عقب الحكم على ذلك بقوله إن المحكمة لا تعول على كل ما خالف هذه الأدلة التي أخذت بها, فإذا صح ما يدعيه الطاعن في طعنه من أن الشاهد ............. استعرف في التحقيق على ............ زاعماً أنه هو الذي كان يحمل المسدس وباشر القتل بنفسه وقاد السيارة عقب ارتكاب الجريمة, فإن مفاد ما ساقه الحكم فيما تقدم أن المحكمة أطرحت هذا الزعم ولم تأخذ به. لما كان ذلك, وكان لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد, فتأخذ ببعضهما وتطرح البعض الآخر ما دام تقدير الدليل موكولاً إليها وحدها وما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في شطر من أقواله وغير صادق في شطر آخر, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه, لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو أن الحكم ذكر أن الخلاف بين الشهود في شأن الفتى الذي أبلغ عن رقم السيارة التي فرت بالجناة مقصور على التعريف عن سنه وملابسه مع أن هذا الخلاف شمل أيضاً طريقة التبليغ عن رقم السيارة وموعد ظهور هذا الفتى, ومكان التقائه بالشاهد ............., هذا فضلاً عن اضطراب هذا الشاهد في بيان مصدر علمه برقم السيارة, ولم يعن الحكم بالرد على هذه الخلافات مما جعله قاصراً قصوراً يعيبه ويبطله, يضاف إلى ذلك أن الحكم أغفل الرد على ما أثاره الدفاع بشأن أقوال .........(أخي القتيل) عن السيارة التي استعملت في ارتكاب الجريمة وكان يركبها .......... وآخر وكذا شهادة السيدة .............. من أن ............ أخبرها بأنه هو الذي شاهد رقم السيارة, وليس الفتى الأسمر, وأنه حرضها على أن تشهد بغير ما حدثها به كذلك أغفل الحكم الرد على ما أثاره الدفاع من عدم قيام الدليل على صحة رواية الفتى الأسمر وعدم إمكانه رؤية رقم السيارة, وتخاذل الحكم في الرد على ما أثاره الدفاع من أن مفاوضات الصلح بين القتيل والحكومة والتي عاصرت الحادث كانت ناجحة, وأن ذلك يؤدي إلى استخلاص وقوع الجريمة بتدبير من السراي وحدها, هذا فضلاً عن أن رئيس الطاعن, وهو .................., منقطع الصلة بالسراي, يضاف إلى ما تقدم أن الحكم سكت عن الرد على ما أثاره الدفاع استناداً إلى تجربة الطبيب الشرعي من أن السلاح الذي استعمل في الجريمة هو غير المسدسين اللذين قالت المحكمة إنهما استعملا في ارتكابها وأن نسبة السيارة التي أخذ رقمها إلى ................... لم تعلم إلا في اليوم التالي كما شهد بذلك شهود عديدون, هذا إلى أن الحكم اعتمد ما قاله المتهم .................. من أنه نقل الجناة إلى الفندق عقب الحادث على الرغم من أن الشهود نفوا صحة هذه الواقعة, وعلى الرغم من أن الحكم جرى على عدم الأخذ بإقرارات ................. إلا بما يكون مؤبداً بدلائل أخرى أو بشهادة الشهود.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما يثيره الطاعن بصدد الفتى الذي التقط رقم السيارة فقال: "ولقد ذهب الدفاع في تفصيل رده على الدليل المستمد من التعرف على رقم السيارة إلى التشكيك في وجود الفتى الأسمر الذي كان هو مصدر الإدلاء بهذا الرقم في ليلة الحادث, فيقول إن هذا الفتى لم يظهر له وجود رغم الأدوار الطويلة التي مر بها التحقيق ولو كان موجوداً حقاً لتقدم للشهادة وهذا الشك ينفيه أن واقعة ظهور هذا الشاب عقب الحادث مباشرة أمام دار جمعية الشبان المسلمين وإدلائه برقم السيارة التي فر بها الجناة قد شهد بها عدة شهود عدول من أعضاء الجمعية لم يثبت أن لهم أية مصلحة في تغيير الحقيقة أو الإيقاع بالمتهمين وهؤلاء الشهود هم الأساتذة الموظفون ............... و.............., فلم تكن رواية ........... الشاهد الرئيسي في القضية هي الرواية الوحيدة عن ظهور هذا الشاب وتعرفه منه على رقم السيارة, أما عدم ظهوره بعد ذلك فقد يكون مرجعه خشية من التنكيل أو القبض عليه أو أن يكون قد تعرض لما تعرض له ............. على يد البكباشي الجزار من عوامل الإكراه أو الإغراء ليبعده عن التحقيق ويحمله على عدم الإدلاء بشهادته وليس ذلك ببعيد بعد أن ثبت من شهادة ............. صاحب المقهى المقابل لدار جمعية الشبان في التحقيقات من أن المخبرين كانوا يتعقبون هذا الفتى الأسمر بدليل أن أحدهم حضر إليه عقب الحادث وسأله عنه فأجاب بأنه لا يعرفه ومتى ثبت أن الفتى الأسمر كان له وجود وأنه أدلى برقم السيارة فعلاً وتبين أنها لضابط كبير في الحكومة التي كان بينها وبين الإخوان ما سلف ذكره من خصومة وثأر, كان في ذلك الكفاية للتدليل على أنه عرف هذا الرقم فلا محل بعد ذلك للمناقشة في كيف تمكن الفتى المذكور من معرفة نمرة السيارة وهل هو ملم بالقراءة ويحسن الرؤية إلى غير ذلك مما يثيره الدفاع ما دام أنه لم يمكن العثور عليه بعد ذلك للأسباب المتقدمة, أما الفروق الطفيفة بين الشهود المذكورين في تقدير سن الفتى أو في بيان أوصاف ملابسه فلا أهمية لها ما دام الجميع قد اتفقوا على وصفه العام بأنه أسمر, وأنه صغير السن بما يدور حول العشرين سنة, وأنه كان يرتدي الملابس البلدية" - وعرض الحكم أيضاً لما يثيره الطاعن في شأن السلاح الذي استعمل في ارتكاب الجريمة, فأثبت نقلاً عن تقرير الطبيب الشرعي أن الأظرف المطلوقة التي وجدت في مكان الحادث هي سبعة وجد في ستة منها علامات ثانوية تشير إلى إطلاقها من آلة واحدة والظرف السابع لم تشاهد به هذه العلامة مما قد يشير إلى إطلاقه من آلة أخرى, وأن هذه الأظرف جميعاً ليست من ذخيرة الريفولفرات ولكنها من ذخيرة المسدسات الأوتوماتيكية وأنه أمكن إطلاق مثل هذه الأظرف السبعة من الريفولفرات المضبوطة بمنازل المتهمين ............. والأميرالاي .................. والمسدس ماركة كولت الذي كان في عهدة المتهم ............... ثم سلم للمتهم ............ قبل الحادث, وذلك بالكيفية الواردة في التجارب التي أجراها الطبيب الشرعي, لما كان ذلك, وكان الحكم لم يذكر أن هذه الأسلحة التي ضبطت لم يستعمل كلها أو بعضها في ارتكاب الجريمة, وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد على كل ما يثره الدفاع من شبه أو أوجه دفاع موضوعية إذا الحقائق التي أثبتتها وجعلت منها قواماً لحكمها تكفي رداً على ما يخالفها, فإن ما ينعاه الطاعن في هذين الوجهين ليس في حقيقته إلا جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به.
عن طعن الثالث الأميرالاي ...............:
وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني هو إخلال الحكم المطعون فيه بحجية الحكم الصادر بتاريخ 10 من أبريل سنة 1954 في قضية مقتل ............... رقم 183 سنة 1953 جنايات مصر القديمة, وتناقضه مع الدليل الذي استمده من هذه القضية الأخيرة, وبيان ذلك أن الحكم في قضية مقتل .................., إذ قضي ببراءة الطاعن وبراءة كل من اتهم بأنه حرضهم على القتل أصبح حجة لا تقبل الدليل العكسي للبراءة, غير أن محكمة الجنايات المطعون في حكمها حين أعوزها الدليل رأت في سبيل إثبات اشتراك الطاعن في جريمة مقتل الشيخ .......... أنها بحاجة إلى إثبات اشتراكه في قتل ............., فأعادت البحث في قضيته وناقشت أدلتها وأولتها تأويلاً يخالف الحكم الصادر فيها ويهدره, مع أن تلك القضية لم تكن معروضة عليها ولا كان مضموماً منها سوى الحكم الصادر فيها وأقوال الطاعن, وقد دعتها هذه الحاجة إلى أن لا تفلت القول الذي رواه .............. عن .................. بأنه سيستخدم الجناة الذين قتلوا........... في قتل ................ لتحصل من ذلك أن قتلة .............. هم قتله ..........., كما نبشت المحكمة من جديد قصة المذكرة المؤرخة في 19 من فبراير سنة 1952 الخاصة بندب ضابطين وثلاثة من المخبرين قبيل مقتل ............., مع أن دليل الاتهام الرئيسي في قضية ................ كان مستمداً من هذه المذكرة, وأطرحته المحكمة التي نظرت تلك القضية وكان ردها على هذا الدليل هو دعامة البراءة, وإذن فما كان يجوز للمحكمة أن تتخذ من هذه المذكرة التي هي جزء من حكم البراءة الذي اكتسب قوة الشيء المقضي دليلاً على الإدانة, هذا فضلاً عن وجود التناقض في الحكم إذ أنه مع تقريره بصحة رواية ............... قضى ببراءة أربعة من المتهمين الخمسة الذين سلف ذكرهم من تهمة قتل الشيخ.............., كما قضى الحكم في قضية .................. ببراءتهم جميعاً ونعي الحكم على الطاعن تخبطه في تعليل سبب الندب, وترتب على ذلك أن الندب كان لغرض إجرامي, وذلك على الرغم من أن الحكم الآخر الذي قضى بالبراءة هو القول الفصل في واقعة الندب وتفسيرها وفي بيان ما إذا كان المقصود بها تدبير قتل .............., أم لا, هذا إلى بطلان الحكم لاعتماده في الثبوت على التماثل بين القضيتين, إذ الدليل المستمد من التماثل بين ظروفها باطل قانوناً لأنه لا تماثل بين قضية حكم فيها ببراءة المتهمين, وبين قضية أخرى يطلب فيها إدانتهم إلا أن يكون التماثل دليلاً على البراءة في القضية الأخرى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه, أثبت أن قضية مقتل الضابط .............. كانت مضمومة إلى قضية مقتل الشيخ .............., ومعروضة على بساط البحث خلافاً لما يدعيه الطاعن في طعنه, ولما كانت القضيتان تختلفان في السبب والخصوم والموضوع, إذ لكل منهما ذاتية خاصة وظروف مستقلة عن الأخرى بزمانها ومكانها وبشخص المجني عليه فيها مما تتحقق به المغايرة التي يمتنع معها التمسك بحجية الشيء المقضي, وكان الأصل في الأحكام ألا ترد هذه الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا لما كان مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به, وكان يبين من الحكم الصادر في قضية مقتل ................ المضمومة للقضية الحالية التي أمرت هذه المحكمة بضم مفرداتها تحقيقاً لوجه الطعن أن محكمة الجنايات حين عرضت للمذكرة المحررة بخط الطاعن المؤرخة في 19 من فبراير سنة 1952, لم تقطع في أمر تفسيرها برأي جازم وإنما قالت في ذلك, أنه من المحتمل جداً إن لم يكن من الراجح أن يكون ............ لجأ إلى .............. لترشيح الأشخاص الذين وردت أسماؤهم فيها لندبهم إلى وزارة الداخلية لتعزيز حرس الوزارات فتقدم هذا الأخير للوزارة بهذا الترشيح لاستصدار أمر الندب, وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد أولت الغرض من هذا الندب تأويلاً آخر بقولها "إن الذي تستخلصه المحكمة وتأخذ به من وقائع قضية ............. وما أفضى به ............... في تحقيقاتها وتحقيقات القضية الحالية ومن المذكرة المؤرخة في 19 من فبراير سنة 1952 سالفة الذكر المحرر بخط الأميرالاي .................. هو أن الضابط والعساكر الذين عاونوا في قتل ........... واللذين أشار إليهم ............. في حديثه مع ........... و............ وإن كان لم يصرح بأسمائهم ليسوا سوى الأميرالاي ................. ومن استحضرهم من الصعيد للاستعانة ببعضهم في الظروف التي سلفت الإشارة إليها, وقد ثبت بالأدلة القاطعة أنه استعمل أحدهم على الأقل هو ............ في قتل الشيخ ........... كما ثبت أن................ كان معه آخر قد يكون أحد زميليه المتهمين الخامس والسادس, وإن كانت لم تقم الأدلة المقنعة على ذلك ولم يكشف التحقيق عن حقيقة القاتل الثاني, وترى المحكمة أن مجرد التعبير بلفظ يدل على الاستقبال كثيراً ما يأتي عرضاً في الحديث للإفادة عن عمل كان ينتويه الشخص ثم أتمه وقد ثبت باعتراف .............. نفسه في التحقيقات أنه إنما حرر مذكرة 19 من فبراير سنة 1952 بناء على طلب................ كما لم يثبت أن عساكر أو مخبرين آخرين انتدبهم ........... قبل أو بعد ذلك الوقت حتى مقتل ............. بخلاف هؤلاء الذين تضمنتهم مذكرة..............., كما ثبت فيما تقدم مدى العلاقة القوية والصداقة التي كانت تربط هذا الضابط بزميله ............., والمحكمة إذ تأخذ في حكمها بهذه النتيجة إنما تبنيها على الوقائع التي ثبتت لديها ودون أن تتعرض بخير أو شر للحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات في قضية ..............., والذي له حجية في خصوصية تلك القضية". لما كان ذلك وكان التأويل الذي أول به الحكم الصادر في قضية ............... الغرض المقصود من الندب بأنه من المحتمل أن يكون لغرض بريء ليس في واقعه إلا استنتاجاً استنبطته المحكمة من الظروف والملابسات التي أحاطت به في تلك الدعوى, وهذا الاستنتاج ليست له حجية الشيء المحكوم فيه في الدعوى الحالية فلا يمنع المحكمة المطعون في حكمها من أن تخالفه وأن تستنتج من واقعة الندب الأخرى التي ثبتت في القضية المطروحة أمامها من حيث ظروفها والأشخاص المنتدبين وطريقة ندبهم أن الندب في هذه القضية الأخيرة لم يكن لتنفيذ غرض جنائي, متى كانت ظروف ووقائع الدعوى المطروحة عليها تؤيد ذلك كما قرر الحكم, لما كان ما تقدم فإن المحكمة حين اتخذت من تماثل واقعة ندب ............... في قضية .................. لواقعة ندبه في القضية موضوع الطعن قرينة توافر الغرض الجنائي من الندب فإن ذلك من حقها ولا تكون قد خالفت القانون في شيء.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو أن الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في الثبوت على حكم محكمة الثورة ضد الأستاذ .................. قد خالف القانون, إذ يفهم منه أن محكمة الجنايات جعلت في اعتبارها أن حكم محكمة الثورة حجة على أن الجريمة وقعت باشتراك الحكومة وبواسطة أعوانها أي موظفيها, ومعنى هذا أن احتمال وقوع الجريمة من غير موظفين ولغير حساب الحكومة وبغير اشتراكها كان احتمالاً ممتنعاً على محكمة الجنايات أن تواجهه لمخالفته حكم محكمة الثورة, وهذا القيد الذي قيدت به محكمة الجنايات نفسها بتصورها خطأ أن حكم محكمة الثورة قد أثبت وقوع الجريمة من موظفين لحساب الحكومة وباشتراكها قد أثر حتماً في عقيدة المحكمة, هذا إلى أن حكم محكمة الثورة لا يقيد قانوناً محكمة الجنايات بأي حال, لأن من شرائط حجية الشيء المقضي به توافر وحدة الخصوم ووحدة السبب في الدعويين ولأن محكمة الثورة لا تخضع لضوابط هذه الحجية, ولأن الادعاء الذي وجه إلى الأستاذ ................ هو إدعاء سياسي إداري بعيد عن الناحية الجنائية التي يحكمها قانون العقوبات, ولأن محكمة الثورة لم تسمع قضية مقتل الشيخ ................. يضاف إلى ذلك أنه ما كان يجوز لمحكمة الجنايات أن تحيل على حكم محكمة الثورة في إثبات الدعوى قبل الطاعن وهو حكم غير مسبب.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حين أشار إلى الحكم الصادر من محكمة الثورة قال "أصدرت محكمة الثورة في القضية رقم 1 محكمة الثورة سنة 1953 المقامة ضد الأستاذ ........... رئيس الوزارة الأسبق حكماً بتاريخ أول أكتوبر سنة 1953 قضت فيه بإدانته بالنسبة لجميع الادعاءات المقامة عليه وبمعاقبته عنها بإعدامه شنقاً ومصادرة كل ما زاد من أمواله وممتلكاته عما ورثه شرعاً لصالح الشعب, وصدق مجلس قيادة الثورة على هذا الحكم بتاريخ 4 من أكتوبر سنة 1953 مع تخفيفه بالنسبة لعقوبة الإعدام وإبدال السجن المؤبد بها, وكان من ضمن الادعاءات الست التي وجهت إليه الإدعاءان الثالث والرابع ويتضمن أولهما أنه أتى أفعالاً من شأنها إفساد أداة الحكم وذلك أنه في خلال الفترة بين 28 من ديسمبر سنة 1948 و25 يوليه سنة 1949 بوصفه رئيساً للوزارة ووزيراً للداخلية أشاع حكم الإرهاب بأن اعتدى على الحريات العامة وتزعم حملة اعتقالات واسعة النطاق للتنكيل بالمواطنين بأن أمر أعوانه بتعذيب طائفة كبيرة منهم وأشرف بنفسه على تنفيذ أوامره وكلها إجراءات لم يكن يقتضيها أمن أو سلامة اللهم إلا دافع الانتقام والتشفي مخالفاً بذلك أحكام الدستور الذي كان قائماً وقتئذ, ويتضمن الادعاء الثاني أنه أتى أفعالاً من شأنها إفساده أداة الحكم وذلك أنه في خلال عام 1949 هيأ لأعوانه الأسباب التي يسرت لهم قتل المرحوم الشيخ ............ وعمل على تضليل التحقيق بقصد إفلات الجناة من العقاب". واستطرد الحكم يقول: "إنه مما لا شك فيه أن حكم محكمة الثورة لا يمتد أثره إلى المتهمين الحاليين بداءة ولا يصح أن يتخذ دليلاً على أنهم هم الذين ارتكبوا الحادث لأن حجيته قاصرة على ما جاء به وعلى شخص المتهم فيه إلا أنه متى ثبت لهذه المحكمة أن بعض المتهمين في هذه القضية هم الذين قتلوا واشتركوا في قتل المرحوم الأستاذ ........... فإن الرابطة تقوم من تلك اللحظة بين ما تقضي به هذه المحكمة وبين ما قضت به محكمة الثورة من اعتبار الأستاذ .............. مسئولاً عن تهيئة الأسباب التي يسرت لهم القتل إذ أنه بهذا الحكم تكون قد تحددت شخصية هؤلاء الذين قصدتهم محكمة الثورة في حكمها وترى المحكمة أن حكم محكمة الثورة إذ أثبت على رئيس الحكومة أنه هيأ لأعوانه الأسباب التي يسرت لهم قتل المرحوم الشيخ ..........., فإن هذا الحكم يعد دليلاً بذاته في خصوصية الحجية المستفادة منه على مسئولية الحكومة عن هذه الجريمة معززاً للأدلة التي سبق أن أوردتها المحكمة في هذا الصدد تأييداً لهذه المسئولية وأن الجريمة تمت لحسابها ولحساب الملك السابق معاً".
الوقائع
اتهمت النيابة العامة: 1 - الأومباشي ................. (الطاعن الأول) و2 - ................. . و3 - اليوزباشي ................. . و4 - البكباشي ........... ................. . و5 - وكيل أومباشي ................. . و6 - الأومباشي ................. . و7 - باشجاويش ................. (الطاعن الثاني). و8 - الأميرالاي ................. (الطاعن الثالث). و9 - البكباشي ................. (الطاعن الرابع). المتهمان الأول والثاني - قتلا عمدا ومع سبق الإصرار والترصد الشيخ ................. المرشد العام للإخوان المسلمين, وشرعا في قتل الأستاذ ................. المحامي عمدا ومع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن بيتا النية على قتل المجني عليه الأول ولبثا منتظرين خروجه من دار جمعية الشبان المسلمين التي علما بوجوده فيها حتى إذا ما ظفرا به تقدما منه يطلقان عليه الرصاص من مسدسيهما قاصدين بذلك قتله فأصاباه وأصابا المجني عليه الثاني بالجروح الموصوفة بالتقارير الطبية الشرعية والتي أودت بحياة المجني عليه الأول, وقد أوقف اثر الجريمة بالنسبة للمجني عليه الثالث والرابع والخامس والسادس والثامن. اشتركوا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في الجريمة التي وقعت منهما وذلك بأن اتفقوا وإياهما على قتل المرحوم الشيخ ......... ................. عمدا مع سبق الإصرار والترصد كما حرضهما المتهم الثامن الأميرالاي ................. على ارتكاب الفعل المكون لهذه الجريمة وساعدهما المتهمون الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع في الأعمال المجهزة والمسهلة والمتممة لارتكابها إذ ذهب الأربعة الأولون منهم إلى مكان الحادث يشدون أزر المتهمين الأول والثاني ويردون عنهما من يتصدى لهما أو يحاول ضبطهما أو يحول بينهما وبين إتمام الجريمة, بينما وقف المتهم السابع بالسيارة التي يقودها على مقربة منهما وفي نطاق مسرح الجريمة, فيسر لهما بذلك سبيل فرارهما بعد إتمام جريمتهما, وكان أن وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق والمساعدة. والمتهم التاسع - علم بوقوع جناية القتل العمد المسندة إلى المتهمين المعاقب عليها بالإعدام فأعان الجناة المتهمون بالجناية على الفرار من وجه القضاء بإخفاء أدلة الجريمة وتقديم معلومات تتعلق بها وهو يعلم بعدم صحتها وذلك بأن اتصل بالشاهد ................. الذي عرف رقم السيارة التي استعملت في تهريب الجناة وحمله على أن يدلي في التحقيق بمعلومات مضللة يعلم عدم صحتها وذلك بقصد تجهيل رقم تلك السيارة, وإبعاد الشبهة عن الجناة, وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالة هؤلاء المتهمين جميعا على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 45 و46 و230 و231 و232 من ذلك القانون بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني, وبالمواد 40/1- 2 - 3 و41 و230 و231 و232 , والمادتين 45 و46 من نفس القانون بالنسبة للمتهمين من الثالث إلى الثامن , وبالمادة 145/1 - 2 منه بالنسبة الى المتهم التاسع, فقررت الغرفة بذلك. وقد ادعى بحق مدني: 1 - السيدة ................. "زوجة المجني عليه الشيخ حسن البنا" وأولاده القصر الستة المشمولون بولاية جدهم الشيخ ................. وهم : ................. , و ................. , و ................. , و ................. , و ................. , واستشهاد بمبلغ ثلاثين ألفا من الجنيهات تعويضا. و2 - والدا المجني عليه الشيخ حسن البنا وهما - الشيخ ................. والسيدة أم ................., بقرش صاغ تعويضا مؤقتا و3 - الأستاذ ................. ................. المحامي (المجني عليه) بمبلغ ثلاثين ألفا من الجنيهات. وهذه الدعاوى المدنية الثلاث موجهة ضد المتهمين جميعا بطريق التضامن والتكافل مع الحكومة المصرية "بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية". ومحكمة جنايات القاهرة قضت فيها حضوريا - عملا بالمواد 230 و231 و232 و45 و46 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول "الأومباشي ................. " (الطاعن الأول) و230 و231 و232 و40 و41 و45 و46 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهمين السابع " ................. والثامن ................. " (الطاعنين الثاني والثالث) مع تطبيق المادتين 32 فقرة ثانية و17 من قانون العقوبات للمتهمين الثلاثة والمادة 145/1 - 2 منه بالنسبة إلى المتهم التاسع "البكباشي ........ ................. " (الطاعن الرابع) أولا - بمعاقبة ................. بالأشغال الشاقة المؤبدة وكل من الباشجاويش ................. والأميرالاي .................. بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامهم بطريق التضامن والتكافل مع الحكومة "المسئولة عن الحقوق المدنية" (أ) بان يدفعوا عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض للسيدة ................. زوجة المرحوم الشيخ ................. وأولاده القصر منها وهم - ................., و.................. , و ................. , و ................. , و ............... - والمشمولين بولاية جدهم الشيخ ....... ................. . (ب) وبأن يدفعوا للشيخ ................. والسيدة ......... ................. "والدي القتيل" قرشا صاغا واحدا على سبيل التعويض المؤقت. (ج) وبأن يدفعوا للأستاذ ................. مبلغ ألفي جنيه على سبيل التعويض وألزمت المتهمين المذكورين بالمصروفات المدنية المناسبة وثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة للفريقين الأول والثاني من المدعين بالحق المدني وعشرين جنيها للثالث. وثانيا - بمعاقبة البكباشي ................. بالحبس مع الشغل لمدة سنة ورفض الدعاوى المدنية قبله. وثالثا - ببراءة كل من ................. واليوزباشي ................. والبكباشي ................. والجاويش ................. والأومباشي ................. مما أسند إليهم مع رفض الدعاوى المدنية الموجهة لهم.
فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
المحكمة
من حيث إن الطاعن الثاني ................, وإن كان قد قرر الطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم لطعنه أسباباً فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
عن طعن الطاعن الأول "..................":
وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن. هو التناقض والاضطراب في أسباب الحكم, ذلك بأن الحكم بعد أن أورد شهادة ............ وأقوال المتهم ................ ذكر أن الشطر الصحيح من هذه الأقوال يؤيد رواية ............. في تصوير كيفية هروب الجناة بالسيارة, مع أن ............. استعرف في التحقيق على .............. وزعم أنه هو القاتل الذي كان يحمل المسدس وقاد السيارة عقب ارتكاب الجريمة, بينما جاء في الشطر الذي اعتمدته المحكمة من أقوال .............. أن القاتل هو الطاعن, وأنه ركب السيارة عقب الحادث في المقعد الخلفي, وقادها .............., فكان يتعين على المحكمة إما إطراح هاتين الروايتين المتناقضتين, أو بيان العلة في هذا التناقض.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المحكمة بينت في واقعة الدعوى ما مؤداه أنه "ما أن خرج الشيخ ............ وصهره الأستاذ ............... من باب الجمعية وصعدا إلى السيارة, وبدأ سائقها في إدارة محركها للسير بها حتى هاجمهما المتهم الأول .............. (الطاعن) وآخر لم يسفر التحقيق عن معرفته على وجه اليقين, وأخذا يطلقان النار على من فيها بأسلحة نارية أوتوماتيكية كانا قد أعداها لذلك بعد أن بيتا النية على قتل مرشد الإخوان وتربصا له بالقرب من دار الجمعية التي علما بوجوده فيها قاصدين من ذلك إزهاق روحه, فأحدثا به وبصهره المجني عليه الثاني الأستاذ ........... الإصابات والجروح الموصوفة بالتقارير الطبية الشرعية, والتي أودت بحياة الأول, وخاب أثر الجريمة بالنسبة للثاني لسبب لا دخل لإرادة الجانبين فيه وهو إسعافه بالعلاج, وقد اشترك المتهمان السابع الباشجاويش ............ والثامن الأميرالاي ............. مع هذين الفاعلين الأصليين في قتل الشيخ ............... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة بأن اتفقا معهما على ارتكاب الفعل المكون للجريمة وحرضهما المتهم الثامن على مقارفة هذا الفعل, كما ساعدهما هو والمتهم السابع في الأعمال المجهزة والمسهلة والمتممة لارتكابه بأن حملهما السابع تنفيذاً لأمر الثامن في السيارة التي يقودها إلى مكان الجريمة ووقف في انتظارهما على مقربة منه فيسر لهما سبيل الفرار بعد إتمامها, وكان أن وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق وتلك المساعدة". ثم أورد الحكم الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت ارتكاب الطاعن لجريمتي القتل والشروع فيه اللتين دانته بهما, ومن بين هذه الأدلة التي أوردتها ما تضمنه اعتراف المتهم السابع ............. في بعض مراحل التحقيق بأن الطاعن هو بذاته أحد القاتلين اللذين قدما إليه من مكان الحادث يلهثان واستقلا السيارة التي كان يقودها, والتي كان ينتظر بها على مقربة من ذلك المكان ثم فر بهما إلى فندق إيدن حيث كان ............... الطاعن الثالث في انتظارهما, وأورد الحكم شهادة ................. بما محصله أنه كان في ليلة الحادث متجهاً إلى كشك التليفون بدار جمعية الشبان المسلمين, وقبل أن يصل إليه سمع صوت أعيرة نارية في الخارج فأسرع يتبين الأمر, فوجد على بعد ستة أمتار من شخصاً نحيف الجسم قمحي اللون لم يتبين ملامحه بالضبط ممسكاً بيده مسدساً يطلق منه النار على السيارة التي بها المجني عليهما فصرخ الشاهد مستنجداً, وعندئذ أطلق نحوه هذا الشخص عيارين ناريين لم يصيباه, وأبصر الشاهد وقتئذ شخصاً آخر يجري في أثر الجاني الذي كان يطلق الرصاص, وركب الاثنان سيارة كانت تنتظرهما في الجهة المقابلة لدار الجمعية ثم أسرعت بالفرار, وبعد أن أورد الحكم الأدلة التي حصلتها المحكمة والتي جاءت مؤيدة لاعتراف المتهم .............. بالنسبة إلى واقعة هروب الطاعن وزميله عقب ارتكاب الجريمة بالسيارة التي كان يقودها, عقب الحكم على ذلك بقوله إن المحكمة لا تعول على كل ما خالف هذه الأدلة التي أخذت بها, فإذا صح ما يدعيه الطاعن في طعنه من أن الشاهد ............. استعرف في التحقيق على ............ زاعماً أنه هو الذي كان يحمل المسدس وباشر القتل بنفسه وقاد السيارة عقب ارتكاب الجريمة, فإن مفاد ما ساقه الحكم فيما تقدم أن المحكمة أطرحت هذا الزعم ولم تأخذ به. لما كان ذلك, وكان لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد, فتأخذ ببعضهما وتطرح البعض الآخر ما دام تقدير الدليل موكولاً إليها وحدها وما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في شطر من أقواله وغير صادق في شطر آخر, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه, لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو أن الحكم ذكر أن الخلاف بين الشهود في شأن الفتى الذي أبلغ عن رقم السيارة التي فرت بالجناة مقصور على التعريف عن سنه وملابسه مع أن هذا الخلاف شمل أيضاً طريقة التبليغ عن رقم السيارة وموعد ظهور هذا الفتى, ومكان التقائه بالشاهد ............., هذا فضلاً عن اضطراب هذا الشاهد في بيان مصدر علمه برقم السيارة, ولم يعن الحكم بالرد على هذه الخلافات مما جعله قاصراً قصوراً يعيبه ويبطله, يضاف إلى ذلك أن الحكم أغفل الرد على ما أثاره الدفاع بشأن أقوال .........(أخي القتيل) عن السيارة التي استعملت في ارتكاب الجريمة وكان يركبها .......... وآخر وكذا شهادة السيدة .............. من أن ............ أخبرها بأنه هو الذي شاهد رقم السيارة, وليس الفتى الأسمر, وأنه حرضها على أن تشهد بغير ما حدثها به كذلك أغفل الحكم الرد على ما أثاره الدفاع من عدم قيام الدليل على صحة رواية الفتى الأسمر وعدم إمكانه رؤية رقم السيارة, وتخاذل الحكم في الرد على ما أثاره الدفاع من أن مفاوضات الصلح بين القتيل والحكومة والتي عاصرت الحادث كانت ناجحة, وأن ذلك يؤدي إلى استخلاص وقوع الجريمة بتدبير من السراي وحدها, هذا فضلاً عن أن رئيس الطاعن, وهو .................., منقطع الصلة بالسراي, يضاف إلى ما تقدم أن الحكم سكت عن الرد على ما أثاره الدفاع استناداً إلى تجربة الطبيب الشرعي من أن السلاح الذي استعمل في الجريمة هو غير المسدسين اللذين قالت المحكمة إنهما استعملا في ارتكابها وأن نسبة السيارة التي أخذ رقمها إلى ................... لم تعلم إلا في اليوم التالي كما شهد بذلك شهود عديدون, هذا إلى أن الحكم اعتمد ما قاله المتهم .................. من أنه نقل الجناة إلى الفندق عقب الحادث على الرغم من أن الشهود نفوا صحة هذه الواقعة, وعلى الرغم من أن الحكم جرى على عدم الأخذ بإقرارات ................. إلا بما يكون مؤبداً بدلائل أخرى أو بشهادة الشهود.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما يثيره الطاعن بصدد الفتى الذي التقط رقم السيارة فقال: "ولقد ذهب الدفاع في تفصيل رده على الدليل المستمد من التعرف على رقم السيارة إلى التشكيك في وجود الفتى الأسمر الذي كان هو مصدر الإدلاء بهذا الرقم في ليلة الحادث, فيقول إن هذا الفتى لم يظهر له وجود رغم الأدوار الطويلة التي مر بها التحقيق ولو كان موجوداً حقاً لتقدم للشهادة وهذا الشك ينفيه أن واقعة ظهور هذا الشاب عقب الحادث مباشرة أمام دار جمعية الشبان المسلمين وإدلائه برقم السيارة التي فر بها الجناة قد شهد بها عدة شهود عدول من أعضاء الجمعية لم يثبت أن لهم أية مصلحة في تغيير الحقيقة أو الإيقاع بالمتهمين وهؤلاء الشهود هم الأساتذة الموظفون ............... و.............., فلم تكن رواية ........... الشاهد الرئيسي في القضية هي الرواية الوحيدة عن ظهور هذا الشاب وتعرفه منه على رقم السيارة, أما عدم ظهوره بعد ذلك فقد يكون مرجعه خشية من التنكيل أو القبض عليه أو أن يكون قد تعرض لما تعرض له ............. على يد البكباشي الجزار من عوامل الإكراه أو الإغراء ليبعده عن التحقيق ويحمله على عدم الإدلاء بشهادته وليس ذلك ببعيد بعد أن ثبت من شهادة ............. صاحب المقهى المقابل لدار جمعية الشبان في التحقيقات من أن المخبرين كانوا يتعقبون هذا الفتى الأسمر بدليل أن أحدهم حضر إليه عقب الحادث وسأله عنه فأجاب بأنه لا يعرفه ومتى ثبت أن الفتى الأسمر كان له وجود وأنه أدلى برقم السيارة فعلاً وتبين أنها لضابط كبير في الحكومة التي كان بينها وبين الإخوان ما سلف ذكره من خصومة وثأر, كان في ذلك الكفاية للتدليل على أنه عرف هذا الرقم فلا محل بعد ذلك للمناقشة في كيف تمكن الفتى المذكور من معرفة نمرة السيارة وهل هو ملم بالقراءة ويحسن الرؤية إلى غير ذلك مما يثيره الدفاع ما دام أنه لم يمكن العثور عليه بعد ذلك للأسباب المتقدمة, أما الفروق الطفيفة بين الشهود المذكورين في تقدير سن الفتى أو في بيان أوصاف ملابسه فلا أهمية لها ما دام الجميع قد اتفقوا على وصفه العام بأنه أسمر, وأنه صغير السن بما يدور حول العشرين سنة, وأنه كان يرتدي الملابس البلدية" - وعرض الحكم أيضاً لما يثيره الطاعن في شأن السلاح الذي استعمل في ارتكاب الجريمة, فأثبت نقلاً عن تقرير الطبيب الشرعي أن الأظرف المطلوقة التي وجدت في مكان الحادث هي سبعة وجد في ستة منها علامات ثانوية تشير إلى إطلاقها من آلة واحدة والظرف السابع لم تشاهد به هذه العلامة مما قد يشير إلى إطلاقه من آلة أخرى, وأن هذه الأظرف جميعاً ليست من ذخيرة الريفولفرات ولكنها من ذخيرة المسدسات الأوتوماتيكية وأنه أمكن إطلاق مثل هذه الأظرف السبعة من الريفولفرات المضبوطة بمنازل المتهمين ............. والأميرالاي .................. والمسدس ماركة كولت الذي كان في عهدة المتهم ............... ثم سلم للمتهم ............ قبل الحادث, وذلك بالكيفية الواردة في التجارب التي أجراها الطبيب الشرعي, لما كان ذلك, وكان الحكم لم يذكر أن هذه الأسلحة التي ضبطت لم يستعمل كلها أو بعضها في ارتكاب الجريمة, وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد على كل ما يثره الدفاع من شبه أو أوجه دفاع موضوعية إذا الحقائق التي أثبتتها وجعلت منها قواماً لحكمها تكفي رداً على ما يخالفها, فإن ما ينعاه الطاعن في هذين الوجهين ليس في حقيقته إلا جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به.
عن طعن الثالث الأميرالاي ...............:
وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني هو إخلال الحكم المطعون فيه بحجية الحكم الصادر بتاريخ 10 من أبريل سنة 1954 في قضية مقتل ............... رقم 183 سنة 1953 جنايات مصر القديمة, وتناقضه مع الدليل الذي استمده من هذه القضية الأخيرة, وبيان ذلك أن الحكم في قضية مقتل .................., إذ قضي ببراءة الطاعن وبراءة كل من اتهم بأنه حرضهم على القتل أصبح حجة لا تقبل الدليل العكسي للبراءة, غير أن محكمة الجنايات المطعون في حكمها حين أعوزها الدليل رأت في سبيل إثبات اشتراك الطاعن في جريمة مقتل الشيخ .......... أنها بحاجة إلى إثبات اشتراكه في قتل ............., فأعادت البحث في قضيته وناقشت أدلتها وأولتها تأويلاً يخالف الحكم الصادر فيها ويهدره, مع أن تلك القضية لم تكن معروضة عليها ولا كان مضموماً منها سوى الحكم الصادر فيها وأقوال الطاعن, وقد دعتها هذه الحاجة إلى أن لا تفلت القول الذي رواه .............. عن .................. بأنه سيستخدم الجناة الذين قتلوا........... في قتل ................ لتحصل من ذلك أن قتلة .............. هم قتله ..........., كما نبشت المحكمة من جديد قصة المذكرة المؤرخة في 19 من فبراير سنة 1952 الخاصة بندب ضابطين وثلاثة من المخبرين قبيل مقتل ............., مع أن دليل الاتهام الرئيسي في قضية ................ كان مستمداً من هذه المذكرة, وأطرحته المحكمة التي نظرت تلك القضية وكان ردها على هذا الدليل هو دعامة البراءة, وإذن فما كان يجوز للمحكمة أن تتخذ من هذه المذكرة التي هي جزء من حكم البراءة الذي اكتسب قوة الشيء المقضي دليلاً على الإدانة, هذا فضلاً عن وجود التناقض في الحكم إذ أنه مع تقريره بصحة رواية ............... قضى ببراءة أربعة من المتهمين الخمسة الذين سلف ذكرهم من تهمة قتل الشيخ.............., كما قضى الحكم في قضية .................. ببراءتهم جميعاً ونعي الحكم على الطاعن تخبطه في تعليل سبب الندب, وترتب على ذلك أن الندب كان لغرض إجرامي, وذلك على الرغم من أن الحكم الآخر الذي قضى بالبراءة هو القول الفصل في واقعة الندب وتفسيرها وفي بيان ما إذا كان المقصود بها تدبير قتل .............., أم لا, هذا إلى بطلان الحكم لاعتماده في الثبوت على التماثل بين القضيتين, إذ الدليل المستمد من التماثل بين ظروفها باطل قانوناً لأنه لا تماثل بين قضية حكم فيها ببراءة المتهمين, وبين قضية أخرى يطلب فيها إدانتهم إلا أن يكون التماثل دليلاً على البراءة في القضية الأخرى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه, أثبت أن قضية مقتل الضابط .............. كانت مضمومة إلى قضية مقتل الشيخ .............., ومعروضة على بساط البحث خلافاً لما يدعيه الطاعن في طعنه, ولما كانت القضيتان تختلفان في السبب والخصوم والموضوع, إذ لكل منهما ذاتية خاصة وظروف مستقلة عن الأخرى بزمانها ومكانها وبشخص المجني عليه فيها مما تتحقق به المغايرة التي يمتنع معها التمسك بحجية الشيء المقضي, وكان الأصل في الأحكام ألا ترد هذه الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا لما كان مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به, وكان يبين من الحكم الصادر في قضية مقتل ................ المضمومة للقضية الحالية التي أمرت هذه المحكمة بضم مفرداتها تحقيقاً لوجه الطعن أن محكمة الجنايات حين عرضت للمذكرة المحررة بخط الطاعن المؤرخة في 19 من فبراير سنة 1952, لم تقطع في أمر تفسيرها برأي جازم وإنما قالت في ذلك, أنه من المحتمل جداً إن لم يكن من الراجح أن يكون ............ لجأ إلى .............. لترشيح الأشخاص الذين وردت أسماؤهم فيها لندبهم إلى وزارة الداخلية لتعزيز حرس الوزارات فتقدم هذا الأخير للوزارة بهذا الترشيح لاستصدار أمر الندب, وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد أولت الغرض من هذا الندب تأويلاً آخر بقولها "إن الذي تستخلصه المحكمة وتأخذ به من وقائع قضية ............. وما أفضى به ............... في تحقيقاتها وتحقيقات القضية الحالية ومن المذكرة المؤرخة في 19 من فبراير سنة 1952 سالفة الذكر المحرر بخط الأميرالاي .................. هو أن الضابط والعساكر الذين عاونوا في قتل ........... واللذين أشار إليهم ............. في حديثه مع ........... و............ وإن كان لم يصرح بأسمائهم ليسوا سوى الأميرالاي ................. ومن استحضرهم من الصعيد للاستعانة ببعضهم في الظروف التي سلفت الإشارة إليها, وقد ثبت بالأدلة القاطعة أنه استعمل أحدهم على الأقل هو ............ في قتل الشيخ ........... كما ثبت أن................ كان معه آخر قد يكون أحد زميليه المتهمين الخامس والسادس, وإن كانت لم تقم الأدلة المقنعة على ذلك ولم يكشف التحقيق عن حقيقة القاتل الثاني, وترى المحكمة أن مجرد التعبير بلفظ يدل على الاستقبال كثيراً ما يأتي عرضاً في الحديث للإفادة عن عمل كان ينتويه الشخص ثم أتمه وقد ثبت باعتراف .............. نفسه في التحقيقات أنه إنما حرر مذكرة 19 من فبراير سنة 1952 بناء على طلب................ كما لم يثبت أن عساكر أو مخبرين آخرين انتدبهم ........... قبل أو بعد ذلك الوقت حتى مقتل ............. بخلاف هؤلاء الذين تضمنتهم مذكرة..............., كما ثبت فيما تقدم مدى العلاقة القوية والصداقة التي كانت تربط هذا الضابط بزميله ............., والمحكمة إذ تأخذ في حكمها بهذه النتيجة إنما تبنيها على الوقائع التي ثبتت لديها ودون أن تتعرض بخير أو شر للحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات في قضية ..............., والذي له حجية في خصوصية تلك القضية". لما كان ذلك وكان التأويل الذي أول به الحكم الصادر في قضية ............... الغرض المقصود من الندب بأنه من المحتمل أن يكون لغرض بريء ليس في واقعه إلا استنتاجاً استنبطته المحكمة من الظروف والملابسات التي أحاطت به في تلك الدعوى, وهذا الاستنتاج ليست له حجية الشيء المحكوم فيه في الدعوى الحالية فلا يمنع المحكمة المطعون في حكمها من أن تخالفه وأن تستنتج من واقعة الندب الأخرى التي ثبتت في القضية المطروحة أمامها من حيث ظروفها والأشخاص المنتدبين وطريقة ندبهم أن الندب في هذه القضية الأخيرة لم يكن لتنفيذ غرض جنائي, متى كانت ظروف ووقائع الدعوى المطروحة عليها تؤيد ذلك كما قرر الحكم, لما كان ما تقدم فإن المحكمة حين اتخذت من تماثل واقعة ندب ............... في قضية .................. لواقعة ندبه في القضية موضوع الطعن قرينة توافر الغرض الجنائي من الندب فإن ذلك من حقها ولا تكون قد خالفت القانون في شيء.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو أن الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في الثبوت على حكم محكمة الثورة ضد الأستاذ .................. قد خالف القانون, إذ يفهم منه أن محكمة الجنايات جعلت في اعتبارها أن حكم محكمة الثورة حجة على أن الجريمة وقعت باشتراك الحكومة وبواسطة أعوانها أي موظفيها, ومعنى هذا أن احتمال وقوع الجريمة من غير موظفين ولغير حساب الحكومة وبغير اشتراكها كان احتمالاً ممتنعاً على محكمة الجنايات أن تواجهه لمخالفته حكم محكمة الثورة, وهذا القيد الذي قيدت به محكمة الجنايات نفسها بتصورها خطأ أن حكم محكمة الثورة قد أثبت وقوع الجريمة من موظفين لحساب الحكومة وباشتراكها قد أثر حتماً في عقيدة المحكمة, هذا إلى أن حكم محكمة الثورة لا يقيد قانوناً محكمة الجنايات بأي حال, لأن من شرائط حجية الشيء المقضي به توافر وحدة الخصوم ووحدة السبب في الدعويين ولأن محكمة الثورة لا تخضع لضوابط هذه الحجية, ولأن الادعاء الذي وجه إلى الأستاذ ................ هو إدعاء سياسي إداري بعيد عن الناحية الجنائية التي يحكمها قانون العقوبات, ولأن محكمة الثورة لم تسمع قضية مقتل الشيخ ................. يضاف إلى ذلك أنه ما كان يجوز لمحكمة الجنايات أن تحيل على حكم محكمة الثورة في إثبات الدعوى قبل الطاعن وهو حكم غير مسبب.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حين أشار إلى الحكم الصادر من محكمة الثورة قال "أصدرت محكمة الثورة في القضية رقم 1 محكمة الثورة سنة 1953 المقامة ضد الأستاذ ........... رئيس الوزارة الأسبق حكماً بتاريخ أول أكتوبر سنة 1953 قضت فيه بإدانته بالنسبة لجميع الادعاءات المقامة عليه وبمعاقبته عنها بإعدامه شنقاً ومصادرة كل ما زاد من أمواله وممتلكاته عما ورثه شرعاً لصالح الشعب, وصدق مجلس قيادة الثورة على هذا الحكم بتاريخ 4 من أكتوبر سنة 1953 مع تخفيفه بالنسبة لعقوبة الإعدام وإبدال السجن المؤبد بها, وكان من ضمن الادعاءات الست التي وجهت إليه الإدعاءان الثالث والرابع ويتضمن أولهما أنه أتى أفعالاً من شأنها إفساد أداة الحكم وذلك أنه في خلال الفترة بين 28 من ديسمبر سنة 1948 و25 يوليه سنة 1949 بوصفه رئيساً للوزارة ووزيراً للداخلية أشاع حكم الإرهاب بأن اعتدى على الحريات العامة وتزعم حملة اعتقالات واسعة النطاق للتنكيل بالمواطنين بأن أمر أعوانه بتعذيب طائفة كبيرة منهم وأشرف بنفسه على تنفيذ أوامره وكلها إجراءات لم يكن يقتضيها أمن أو سلامة اللهم إلا دافع الانتقام والتشفي مخالفاً بذلك أحكام الدستور الذي كان قائماً وقتئذ, ويتضمن الادعاء الثاني أنه أتى أفعالاً من شأنها إفساده أداة الحكم وذلك أنه في خلال عام 1949 هيأ لأعوانه الأسباب التي يسرت لهم قتل المرحوم الشيخ ............ وعمل على تضليل التحقيق بقصد إفلات الجناة من العقاب". واستطرد الحكم يقول: "إنه مما لا شك فيه أن حكم محكمة الثورة لا يمتد أثره إلى المتهمين الحاليين بداءة ولا يصح أن يتخذ دليلاً على أنهم هم الذين ارتكبوا الحادث لأن حجيته قاصرة على ما جاء به وعلى شخص المتهم فيه إلا أنه متى ثبت لهذه المحكمة أن بعض المتهمين في هذه القضية هم الذين قتلوا واشتركوا في قتل المرحوم الأستاذ ........... فإن الرابطة تقوم من تلك اللحظة بين ما تقضي به هذه المحكمة وبين ما قضت به محكمة الثورة من اعتبار الأستاذ .............. مسئولاً عن تهيئة الأسباب التي يسرت لهم القتل إذ أنه بهذا الحكم تكون قد تحددت شخصية هؤلاء الذين قصدتهم محكمة الثورة في حكمها وترى المحكمة أن حكم محكمة الثورة إذ أثبت على رئيس الحكومة أنه هيأ لأعوانه الأسباب التي يسرت لهم قتل المرحوم الشيخ ..........., فإن هذا الحكم يعد دليلاً بذاته في خصوصية الحجية المستفادة منه على مسئولية الحكومة عن هذه الجريمة معززاً للأدلة التي سبق أن أوردتها المحكمة في هذا الصدد تأييداً لهذه المسئولية وأن الجريمة تمت لحسابها ولحساب الملك السابق معاً".