الطعن رقم 616 لسنة 46 بتاريخ 01/11/1976
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة كل من: 1- ... ... و2- ... ... (الطاعن) و3- ... ... بأنهم في يومي 24 و26 يونيه سنة 1971 بدائرة مركز قنا محافظتها: أولا - المتهمين جميعا: 1- استعملوا القوة والعنف مع موظفين عموميين هم النقيب ... ... رئيس وحدة البحث الجنائي بمركز قنا والشرطة السريين ... ... و... ... و... ... ليحملوهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم هو منعهم من تنفيذ قرار النيابة الصادر بضبط المتهم الأول وذلك بأن قبضوا على المجني عليهم واحتجزوهم في غير الأحوال المصرح بها قانونا وتعدى المتهم الثاني على الشرطي السري ... ... وأحدث إصابته المبينة بالتقرير الطبي ولم يبلغوا من ذلك مقصدهم. 2- قبضوا على المجني عليهم سالفي الذكر واحتجزوهم بدون وجه حق وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا. ثانيا- المتهم الأول أيضا - أهان بالقول على النحو المبين بالأوراق موظفا عموميا هو الملازم أول ... ... رئيس نقطة المحروسة أثناء تأديته لعمله وبسببه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 133/1 و137/1 مكررا من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات قنا قضت غيابيا للأول وحضوريا للثاني والثالث عملا بمواد الاتهام أولا - بمعاقبة ... ... عن التهمتين الأولى والثانية المسندتين إليه بالسجن ثلاث سنوات، ومعاقبته عن التهمة الثالثة المسندة إليه (الإهانة) بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر. ثانيا- بمعاقبة ... ... لما أسند إليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ثالثا- ببراءة ... مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه ... ... في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
من حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة استعمال القوة والعنف مع رجال الشرطة لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم - قد شابه فساد في الاستدلال وقصور وتناقض في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن الحكم المطعون فيه قد عول على أقوال شهود الإثبات رغم عدم صحتها وتعارضها مع ماديات الدعوى إذ جاء بأقوال الشاهدين الأول الثاني أنهما توجها إلى منزل المتهم الأول وهو ما يؤيد دفاع الطاعن في أنه لم يكن موجوداً وقت الحادث الذي وقع من المتهم وحده ولم يسهم في ارتكابه كما ثبت أن إصابة الجندي ....... الذي قيل على لسان الشهود أن الطاعن عضه وحاول انتزاع سلاحه أنه أصيب بسحج في أصبعه وكان بالراحة يوم الحادث وقد أغفل الحكم الرد على التعارض بين الدليل القولي والدليل الفني هذا بالإضافة إلى أن الحكم لم يتفطن إلى أنه قد ثبت من معاينة مكان الحادث عدم وجود آثار للحجارة التي يزعم الشهود أن أهالي القرية قذفوهم بها بتربص من المتهم الأول - وفضلاً عن ذلك فقد اعتمد الحكم في إدانة الطاعن على أقوال الشاهد الأول النقيب ....... ثم أطرح هذه الأقوال في شأن المتهم الثالث الذي انتهى إلى القضاء ببراءته. وأخيراً فإن الحكم أدان الطاعن بالجريمة المنصوص عليها في المادة 137/1 مكرراً "أ" من قانون العقوبات دون أن يستظهر الركن المادي الواجب توافره لتطبيق أحكام هذه المادة, ومع تخلف ركن الصفة إذ كان الشرطيان السريان ........ و....... في وقت الراحة إبان وقوع الحادث وبذلك يصيران وقتئذ من آحاد الناس فلا يمكن اعتبارهما موظفين عموميين, وكذلك انتفاء الركن المادي وهو المقاومة باستجابة المتهم الأول لطلب النقيب .... والملازم أول .... تناول طعام الإفطار واحتساء الشاي والتدخين والأمر الذي لا تتوافر معه أركان جريمة استعمال القوة والعنف في حق موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال الشهود والتقرير الطبي الموقع على الشرطي ..... وما تبين من وجود تمزق بفتحة جلبابه المواجهة لمكان احتفاظه بسلاحه وهي أدلة مستمدة من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات وعول عليها فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في هذه الأقوال وباقي أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وما ساقه من قرائن كثيرة إلى تلفيق التهمة إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض ويضحى منعاه في هذا الخصوص غير سديد, لما كان ذلك وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن من قالة التناقض بين الدليلين الفني والقولي فلا يسوغ له أن يثير مثل هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفال الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها لما كان ذلك, وكان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب الحكم ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها فإن قضاء الحكم المطعون فيه ببراءة المتهم الثالث لعدم اطمئنان المحكمة لأقوال الشاهد الأول - النقيب ..... في حقه لا يتناقض مع ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن أخذاً بأقوال الشاهد في حقه والتي تأيدت بأدلة أخرى ساقها الحكم ووثق بها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن عرض الطاعن قد انصرف إلى منع المجني عليهم من أداء عمل من أعمال وظيفتهم بعدم تنفيذ قرار النيابة العامة الصادر بضبط وإحضار المتهم الأول ومن ثم فقد توافر في حقه الركن الأدبي لهذه الجريمة إذ يتحقق متى توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يدخل في أعمال الوظيفة كل عمل يرد عليه تكليف صحيح صادر من الرؤساء ولو كان في غير أوقات العمل الرسمية, ومن ثم فإن القول بأن الشرطيين .......... و.......... كانا في وقت الراحة مردود بأنهما كلفا بمرافقة النقيب .... أثناء قيامه لضبط المتهم الأول ومن ثم فقد وقع الاعتداء عليهما أثناء تأدية وظيفتهما وبسببها. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أورد وقائع المقاومة المنسوب إلى الطاعن ارتكابها وهي المساهمة في احتجاز النقيب ............. وعض الشرطي ....... ومحاولة انتزاع سلاحه بما يكفي لتوافر العنصر المادي للجريمة. ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قالة الخطأ في تطبيق القانون لتخلف أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 137/1 مكرراً "أ" من قانون العقوبات غير سليم لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً