الطعن رقم 5879 لسنة 54 بتاريخ 27/10/1987
 الوقائع
اتهمت الدائرة بمحكمة ............ القاهرة الابتدائية الطاعن بأنه حال انعقاد جلستها لنظر القضية رقم .... أهان هيئة المحكمة بأن وجه لشقيق المجني عليها في القضية المذكورة اعتداء بأن دفعه بيده ووجه إليه عبارات بصوت مرتفع الأمر المنطبق على عقابه بالمادة 133 /2 من قانون العقوبات. ومحكمة ..... الابتدائية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
حيث أن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إهانة أعضاء محكمة قضائية قد اعتراه القصور في التسبيب فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون وشابه البطلان، ذلك بأن الحكم اعتبر الواقعة المسندة إليه - وهي اعتدائه على شقيق المجني عليها في القضية الأصلية - جريمة إهانة معاقبا عليها مع أنه لم يكن يقصدها وقد تمسك أمام المحكمة بهذا الدفاع ولكنها - أغفلت الرد عليه كما أن المحكمة حركت الدعوى الجنائية قبله على خلاف ما تقضي به المادة 106 من قانون المرافعات المدنية والتجارية فيما يوجبه من تحرير محضر بالواقعة وإحالته إلى النيابة العامة لتتخذ ما تراه، هذا إلى أن الحكم - على خلاف الواقع - أورد في أسبابه أن النيابة طلبت تطبيق مواد الاتهام. وذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه أثناء انعقاد جلسة الهيئة الاستئنافية بمحكمة ........ القاهرة الابتدائية وحال نظر القضية رقم ....... مستأنف ........... القاهرة اعتدى الطاعن على شقيق المجني عليها في القضية المذكورة بأن دفعه بيديه وصاح فيه بصوت مرتفع بقوله (ابعد أنت من هنا) ثم حاول الإمساك به. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لتوافر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمد توجيه أفعال أو ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها فمتى ثبت للمحكمة صدور الأفعال أو الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإهانة أو الإساءة، وكانت الأفعال والعبارات التي أثبت الحكم صدورها من الطاعن لهيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة تفيد بذاتها قصد إهانة فإن هذه الجريمة تكون قد توافرت أركانها وقامت في حقه بصرف النظر عن باعثه على صدور تلك العبارات منه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك كله لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المادة 244 /1 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم عليه بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم" فقد دل الشارع بذلك على أن من حق المحكمة الجنائية أن تحرك الدعوى وتحكم في جميع الجنح والمخالفات التي تقع في جلساتها بشرط أن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بما قضى به من إدانة الطاعن عن جنحة وقعت منه أثناء انعقاد الجلسة يكون قد أصاب صحيح القانون، أما ما يتحدى به الطاعن من أن المحكمة حركت الدعوى قبل الطاعن بالمخالفة لنص المادة 106 من قانون المرافعات المدنية والتجارية فمردود بأن المحاكم الجنائية تطبق على جرائم الجلسات أحكام قانون الإجراءات الجنائية الأمر الذي أصاب بشأنه الحكم المطعون فيه صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أثبت أن النيابة العامة طلبت تطبيق مواد الاتهام. وكان من المقرر أن ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من طلب النيابة العامة تطبيق مواد الاتهام إلا بالطعن - بالتزوير وهو ما لم يفعله فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً